#أحدث الأخبار مع #لويز،Independent عربيةمنذ 13 ساعاتأعمالIndependent عربيةزمن السيرة المهنية الواعدة والواحدة... انقضىتقول لويز*، 37 سنة "صراحة، أتساءل إن كان من الضروري أن أحاول شق مسار مهني من الأساس". عملت السيدة جاهدة أكثر من 15 عاماً لتحقيق طموحاتها في مجال التسويق- وقد حققت نجاحات كبيرة في مجالها. عملت طويلاً وبذلت جهداً كبيراً لشق طريقها وتسلق السلم الوظيفي كمخططة استراتيجية لكبرى العلامات التجارية، وشارفت على تولي أول منصب لها كمدير إبداعي- وتقول "هذا كان دائماً هدفي، لكن بعد بلوغي هذه المرحلة، تغير العالم. قد يبدو قولي مزعجاً جداً لكن تحقيق أحلامك في 2025 ما عاد يكفي". أرد عليها بالقول إن هذا يبدو أمراً محزناً فتشرح لي لويز فوراً أنني على حق "إنه فعلاً أمر محزن. بدأت مسيرتي المهنية بعد الجامعة كما الجميع، وكنت أعتقد أنه عليَّ أن أنكب على العمل وسأجني ثمار جهدي- تحملي وتسلقي السلم الوظيفي، وهذا كل ما في الأمر". وتتابع لويز "لكن ذلك غير صحيح. لو تمكنت من جمع الدفعة الأولية لشراء منزل، وهو احتمال ضئيل أساساً، فالأرجح أن تعجز عن دفع الرهن العقاري أساساً، وفي المقابل، تسرح الشركات الموظفين بسرعة البرق [على حين غرة]، ربما لأن الذكاء الاصطناعي قادر على أداء وظيفتك بوقت أسرع وبصورة فضلى. أما كلف الحياة اليومية فباهظة لدرجة ألا أحد قادر على توفير المال لاستثماره في صندوق تقاعد خاص، ومن الغباء الاعتقاد بأن التقاعد الذي تموله الدولة سيستمر بعد 30 عاماً". تتوقف عن الكلام برهة لتلتقط أنفاسها وتقول "حري بالمرء الإمساك بزمام الأمور بنفسه". وهذا يعني في حال بعض الأشخاص أن يحملوا لقب "العامل المتعدد الوظائف"- وهي مجموعة جديدة من الموظفين الذين يتقاضون أجوراً عدة لقاء أداء وظائف عدة، مستغلين ثقافة العمل من المنزل. ظهرت فيديوهات كثيرة على "تيك توك" فضلاً عن مواقع إلكترونية متعددة تعلم الموظفين كيف يعملون وظائف إضافية في السر، وبلغ الأمر درجة دفعت الشرطة إلى وضع يدها بيد أصحاب العمل من أجل القضاء على هذا السلوك الاحتيالي في الشركات، وقبل أسابيع، نفى أحد الموظفين الحكوميين تسعة ادعاءات وجهت إليه بالاحتيال بعد اتهامه بتولي ثلاثة مناصب حكومية مختلفة في الوقت نفسه. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) أما بالنسبة إلى لويز، فذلك يعني أنه عليها إيجاد طرق لتأمين "دخل سلبي"- أو أقله، إيجاد سبل للحفاظ على المدخول أو جني مدخول لا يعتمد على بنية العمل التقليدية. إنه مال تجنيه من دون جهد يذكر- أو ما يسمى كسب المال أثناء النوم. من الناحية الفنية، يشير "الدخل السلبي" إلى أي عمل أو تجارة لا يشارك فيها المرء فعلياً. وهو يختلف عن "العمل الجانبي" في أنه ليس عملاً إضافياً يقوم به المرء - فبعد الجهد الأولي وكلف بداية المشروع، يبدأ المال بالتدفق تدريجاً من تلقاء نفسه. في غالب الأحيان، كان الدخل السلبي دائماً مما يعني امتلاك محفظة استثمارية معينة، أو عقار تؤجره ويدر على المرء المال – أي فعلياً أن يكون ثرياً في الأساس. أما الآن، فقد اكتسب هذا الدخل معنى جديداً تماماً. وليس من المستغرب أن تكون سوق الدخل السلبي مشبعة - وليس عليك البحث كثيراً لمعرفة السبب. معظمنا، مثل لويز، قادر على سرد أسباب متعددة تجعل الحياة تبدو في كثير من الأحيان أصعب من المتوقع. ويشعر كثر بأنهم مخدوعون بعض الشيء، وهم محقون في ذلك. وهذا لا يقتصر على أبناء جيل الألفية مثل لويز. فقد وجد جيل إكس نفسه أيضاً في موقف صعب في مرحلة مختلفة من السلم الوظيفي – إذ تبقى لمعظم أبناء هذا الجيل 10 أو 20 عاماً قبل التقاعد من سوق عمل أكثر شباباً يعتمد على الذكاء الاصطناعي، ومثل جيل الألفية، فإن مهاراتهم وأفكارهم قد أصبحت قديمة بشكل أسرع في ظل التطورات التكنولوجية غير المسبوقة. أما الجيل زد، فلم يشك أبداً فعلياً في هشاشة سوق العمل، ولذلك اتبع مساراً مختلفاً. فبدلاً من تسخير كل جهده في العمل من التاسعة صباحاً إلى الخامسة مساءً كما فعلت الأجيال التي سبقته بكل إخلاص، اكتسب هذا الجيل سمعة سيئة باعتباره جيلاً ذا أخلاقيات عمل مشكوك فيها [لا يعول عليه]، لكن هذا ليس صحيحاً بالضرورة: فهو يكد في العمل، ولكن ليس بالضرورة في الوظيفة التي يشغلها من التاسعة صباحاً إلى الخامسة مساءً، كذلك فإن أبناءه يميلون إلى رفض العمل ساعات طويلة في وظائف التاسعة صباحاً إلى الخامسة مساءً لأنها ليست وظيفتهم الوحيدة. والمرونة هي الأساس بالنسبة إليهم لأنهم أدركوا في نشأتهم أن العمل ليس المنتهى بالتأكيد. تقول جين*، صديقتي البالغة من العمر 36 سنة التي تعيش في شرق لندن "لا ألوم الجيل زد على طبعهم السيئ في مكان العمل، كما يقال عنهم. فلماذا يعملون؟ وبماذا يكافؤون على العمل؟". حققت جين نفسها "حلمها" بالعمل في الكتابة بدوام كامل من طريق اللجوء إلى مصادر عدة تدر لها الدخل. وكلما التقينا لتناول العشاء، نتبادل الأفكار التجارية لتمويل تقاعدنا. يستخدم شريكها وهو صانع أفلام وثائقية، تطبيقاً اسمه Getaround، لتأجير سيارته عندما لا يقودها- إذ وضعت فيها الشركة جهازاً يسمح للمستخدمين بفتحها وإغلاقها بواسطة هواتفهم. وهو يؤجر كاميرات بالطريقة نفسها. تضع جين وشريكها المال الذي يجنيانه من موارد الدخل هذه في صناديق استثمارية كل شهر. تخصص جين 200 جنيه من مدخولها تذهب مباشرة إلى صندوق استثمار طويل الأمد عبر تطبيق اسمه "نوتمج". هذه مخاطرة - كما كل صور الاستثمار - وقد منيت ببعض الخسائر في هذا المجال، لكن أحياناً، بلغت أرباحها من مورد دخلها السلبي 30 ألف جنيه تقريباً. إن الحرص على الاستثمار بحكمة - وليس فقط من خلال استخدام حساب التوفير الفردي للأسهم والسندات - هو أكثر طريقة مضمونة ومنتشرة وقليلة الجهد لجني مدخول سلبي، كما يقول أليكس كينغ، مؤسس شركة "جينيريشن ماني". أسس كينغ منصة مهمتها الأساس معالجة القضايا التي أدت إلى ظهور هذا الكم الكبير من الشباب الباحثين عن طرق بديلة لتأمين أنفسهم مالياً. تقدم Generation Money خدمات تثقيف وإرشاد لتعزيز الادخار وتحسين إدارة المال- وهو أمر قلة منا تثق بأنها قادرة عليه، أو تعلمته في الأساس. وكما يقول الشاب البالغ من العمر 35 سنة، الذي قضى أكثر من 10 أعوام في العمل بقطاع المال "أظن أن الاهتمام بالشؤون المالية الفردية ازداد مع الوقت. وهو الآن أكبر مما كان في جيل والدي- في الماضي، إن ارتاد أحدهم الجامعة، تصبح وظيفته مضمونة لمدة 30 عاماً تقريباً وبعد ذلك يتقاعد ويحصل على راتب تقاعدي جيد [مجز]، لكن كل ذلك تغير، ولا سيما منذ الأزمة المالية عام 2008". "والآن أصبح التقاعد غير مضمون والوظائف غير مضمونة والإسكان أغلى ثمناً، والرواتب أكثر ركوداً. ولهذا السبب، ازداد اهتمام الناس بالطرق التي تتيح لهم قدراً أكبر من الاستقلالية المادية، كذلك فإن عقلية أبناء الجيل زد تختلف عن الأجيال السابقة التي كانت تعمل بجد من التاسعة صباحاً حتى الخامسة بعد الظهر. في بعض الحالات، يقال عنهم إنهم يؤدون خدمة للشركة بحضورهم إلى العمل. ولا أخفي أني أجلهم". الجميع يشعر بأن جيله ظلم- لكن الآن، مع حال الاقتصاد العالمي وسوق العمل وتداعيات جائحة كوفيد والحرب الروسية - الأوكرانية والغلاء المعيشي وتخبط الحكومات المتعاقبة بسبب تضاعف الدين القومي، أصبح الجميع محقاً إلى حد ما. ويقول كينغ "يشعر عدد كبير من الناس بأن جيلهم مغبون. لذا، قد يشعرون بأن البحث عن طرق لكسب المال من دون جهد أو أداء وظيفة ثانوية أو تعلم طرق الاستثمار أو التجارة يسمح لهم بتحسين وضعهم وسط ظروف صعبة". وإن أضفنا إلى ما سبق ظهور الذكاء الاصطناعي، لا يعود من الممكن ضمان أي شيء. فالذكاء الاصطناعي قادر على تقليص عدد الوظائف في أي سوق من الأسواق إلى حد كبير، فيما قد يقضي على بعضها كلياً. وقد لا يحصل هذا التغيير في القريب العاجل، غير أنه قادم. وهو يزيد تأكيد فكرة أن الطريق المهني التقليدي بات غير آمن- ويزيد من تقبل فكرة اللجوء إلى موارد سلبية عدة للدخل. لا عجب إذاً في انتشار الاحتيال والتسويق للخدع على أنها مصدر دخل سلبي. إن تابعت "تيك توك" و"يوتيوب" و"إنستغرام"، قد تجد أن جني الأموال الطائلة دونما جهد يذكر أمر بالغ السهولة بصراحة. إذ تضع أعداد كبيرة من المستخدمين منشورات حول خطط عمل تدر الأرباح الوفيرة، زاعمين أنهم يجنون آلاف الجنيهات منها شهرياً- إما عبر بيع الكتب الإلكترونية أو المواد التعليمية المكتوبة مسبقاً، وشراء آلات البيع (نعم حقاً)، أو استخدام أسلوب "دروب شيبينغ" (drop-shipping- حين يكون المورد طرفاً ثالثاً يرسل السلع مباشرة للعميل) لبيع الدفاتر أو القمصان أو الأكواب. وينصح آخرون بتأسيس قنوات عدة على "يوتيوب" واستخدام كلمات مفتاحية لها شعبية كبيرة مثل "ضوضاء بيضاء" أو روابط تسويق لشركات أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي. وللمفارقة فإن المؤثرين الذين يتكلمون عن الدخل السلبي - أو المؤثرين الماليين - يكسبون بسبب هذه الضجة التي يثيرونها، وآلاف المشاهدات التي يتقاضون ثمنها. وفيما يمكن أن يشكل الحضور في الفضاء الإلكتروني مصدراً مشروعاً للدخل السلبي، فإن تأجير الأصول التي يمتلكها المرء بالأصل قد يدر المئات يومياً. يؤجر أحد معارفي مقطورته المركونة في موقف منزله مقابل 45 جنيهاً في اليوم/الليلة (وقد يفاجئك مدى شعبية الفكرة ولا سيما بالنسبة إلى إحدى الجارات التي تستخدمها "للهرب من أطفالها"). يؤجر آخرون موقف السيارات أمام المنزل لجني مدخول إضافي. كذلك يمكن تأجير غرفة الضيوف في المنزل، وجني ما يصل إلى 7500 جنيه سنوياً، من دون دفع ضريبة. وفي بعض المواقع مثل "سويمبل" يعرض الأثرياء حمامات السباحة الخاصة للإيجار. كذلك يلجأ كثر إلى مواقع مثل "كات إن أي فلات" التي قد لا تكون مدخولاً سلبياً تماماً لكنها تسمح لك بتقاضي أجر مقابل البقاء في منزل شخص آخر لرعاية قطته وقد تكسب أكثر من 100 جنيه في عطلة أسبوع واحدة- أو أكثر خلال الأسبوع (وهذا مدخول ممتاز للقادرين على العمل من المنزل). أما "المؤثرون المحتالون على وسائل التواصل الاجتماعي"، كما يسميهم كينغ، الذين غالباً ما يبيعون مواد تعليمية حول جني مدخول سلبي، "فقد يكونون استغلاليين كثيراً"، حسب تحذيره. ويقول كينغ "لا شك أنه يجب توخي الحذر الشديد عند التسجيل بقنواتهم. فإن كانت مصادر الدخل هذه مثل شراء آلات بيع الوجبات الخفيفة وخلافها تكسبهم مالاً وفيراً فعلاً، فهل سيخبرون آلاف الأشخاص عنها؟ لن يفعلوا ذلك". أي ببساطة، فكروا في الأمر واحتكموا إلى المنطق: إن بدا العرض أفضل من أن يصدق، فلا بد من أنه فعلاً كذلك. لكن عند مقاربته بالطريقة الصحيحة، قد يكون الدخل السلبي - وزيادة الوعي بطريقة إنجاحه - أكثر من مؤشر إلى المكانة الاجتماعية بكثير، بل يحتمل أن يجعل الاستقرار المالي أكثر ديمقراطية. بالنسبة إلى معظم الأشخاص، سواء انطلقت للتو في مسيرتك المهنية أو أصبحت على مشارف التقاعد في سوق عمل مستنفدة ولا تبشر بالخير، لا يشكل المدخول السلبي طريقة لجني مزيد من المال فقط بل سبيلاً للشعور بأنك تملك سيطرة أكبر في عالم يمكن وصفه بالمضطرب في أفضل الأحوال. أما لويز، فقد سيطرت على الموضوع عبر أخذ دورة تدريبية قصيرة حول طرق الاستثمار وبناء محفظة استثمارية صغيرة، إضافة إلى تسجيل شقتها على موقع يبحث فيه مخرجو التلفزيون والسينما على مواقع للتصوير. هذا لا يعتبر تماماً كسب المال وأنت نائم "لكن" كما تقول "هذا مكسب يمكنني الوثوق به أكثر من زيادة راتبي المقبلة". وتختم ضاحكة "عاد العالم ملكي من جديد".
Independent عربيةمنذ 13 ساعاتأعمالIndependent عربيةزمن السيرة المهنية الواعدة والواحدة... انقضىتقول لويز*، 37 سنة "صراحة، أتساءل إن كان من الضروري أن أحاول شق مسار مهني من الأساس". عملت السيدة جاهدة أكثر من 15 عاماً لتحقيق طموحاتها في مجال التسويق- وقد حققت نجاحات كبيرة في مجالها. عملت طويلاً وبذلت جهداً كبيراً لشق طريقها وتسلق السلم الوظيفي كمخططة استراتيجية لكبرى العلامات التجارية، وشارفت على تولي أول منصب لها كمدير إبداعي- وتقول "هذا كان دائماً هدفي، لكن بعد بلوغي هذه المرحلة، تغير العالم. قد يبدو قولي مزعجاً جداً لكن تحقيق أحلامك في 2025 ما عاد يكفي". أرد عليها بالقول إن هذا يبدو أمراً محزناً فتشرح لي لويز فوراً أنني على حق "إنه فعلاً أمر محزن. بدأت مسيرتي المهنية بعد الجامعة كما الجميع، وكنت أعتقد أنه عليَّ أن أنكب على العمل وسأجني ثمار جهدي- تحملي وتسلقي السلم الوظيفي، وهذا كل ما في الأمر". وتتابع لويز "لكن ذلك غير صحيح. لو تمكنت من جمع الدفعة الأولية لشراء منزل، وهو احتمال ضئيل أساساً، فالأرجح أن تعجز عن دفع الرهن العقاري أساساً، وفي المقابل، تسرح الشركات الموظفين بسرعة البرق [على حين غرة]، ربما لأن الذكاء الاصطناعي قادر على أداء وظيفتك بوقت أسرع وبصورة فضلى. أما كلف الحياة اليومية فباهظة لدرجة ألا أحد قادر على توفير المال لاستثماره في صندوق تقاعد خاص، ومن الغباء الاعتقاد بأن التقاعد الذي تموله الدولة سيستمر بعد 30 عاماً". تتوقف عن الكلام برهة لتلتقط أنفاسها وتقول "حري بالمرء الإمساك بزمام الأمور بنفسه". وهذا يعني في حال بعض الأشخاص أن يحملوا لقب "العامل المتعدد الوظائف"- وهي مجموعة جديدة من الموظفين الذين يتقاضون أجوراً عدة لقاء أداء وظائف عدة، مستغلين ثقافة العمل من المنزل. ظهرت فيديوهات كثيرة على "تيك توك" فضلاً عن مواقع إلكترونية متعددة تعلم الموظفين كيف يعملون وظائف إضافية في السر، وبلغ الأمر درجة دفعت الشرطة إلى وضع يدها بيد أصحاب العمل من أجل القضاء على هذا السلوك الاحتيالي في الشركات، وقبل أسابيع، نفى أحد الموظفين الحكوميين تسعة ادعاءات وجهت إليه بالاحتيال بعد اتهامه بتولي ثلاثة مناصب حكومية مختلفة في الوقت نفسه. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) أما بالنسبة إلى لويز، فذلك يعني أنه عليها إيجاد طرق لتأمين "دخل سلبي"- أو أقله، إيجاد سبل للحفاظ على المدخول أو جني مدخول لا يعتمد على بنية العمل التقليدية. إنه مال تجنيه من دون جهد يذكر- أو ما يسمى كسب المال أثناء النوم. من الناحية الفنية، يشير "الدخل السلبي" إلى أي عمل أو تجارة لا يشارك فيها المرء فعلياً. وهو يختلف عن "العمل الجانبي" في أنه ليس عملاً إضافياً يقوم به المرء - فبعد الجهد الأولي وكلف بداية المشروع، يبدأ المال بالتدفق تدريجاً من تلقاء نفسه. في غالب الأحيان، كان الدخل السلبي دائماً مما يعني امتلاك محفظة استثمارية معينة، أو عقار تؤجره ويدر على المرء المال – أي فعلياً أن يكون ثرياً في الأساس. أما الآن، فقد اكتسب هذا الدخل معنى جديداً تماماً. وليس من المستغرب أن تكون سوق الدخل السلبي مشبعة - وليس عليك البحث كثيراً لمعرفة السبب. معظمنا، مثل لويز، قادر على سرد أسباب متعددة تجعل الحياة تبدو في كثير من الأحيان أصعب من المتوقع. ويشعر كثر بأنهم مخدوعون بعض الشيء، وهم محقون في ذلك. وهذا لا يقتصر على أبناء جيل الألفية مثل لويز. فقد وجد جيل إكس نفسه أيضاً في موقف صعب في مرحلة مختلفة من السلم الوظيفي – إذ تبقى لمعظم أبناء هذا الجيل 10 أو 20 عاماً قبل التقاعد من سوق عمل أكثر شباباً يعتمد على الذكاء الاصطناعي، ومثل جيل الألفية، فإن مهاراتهم وأفكارهم قد أصبحت قديمة بشكل أسرع في ظل التطورات التكنولوجية غير المسبوقة. أما الجيل زد، فلم يشك أبداً فعلياً في هشاشة سوق العمل، ولذلك اتبع مساراً مختلفاً. فبدلاً من تسخير كل جهده في العمل من التاسعة صباحاً إلى الخامسة مساءً كما فعلت الأجيال التي سبقته بكل إخلاص، اكتسب هذا الجيل سمعة سيئة باعتباره جيلاً ذا أخلاقيات عمل مشكوك فيها [لا يعول عليه]، لكن هذا ليس صحيحاً بالضرورة: فهو يكد في العمل، ولكن ليس بالضرورة في الوظيفة التي يشغلها من التاسعة صباحاً إلى الخامسة مساءً، كذلك فإن أبناءه يميلون إلى رفض العمل ساعات طويلة في وظائف التاسعة صباحاً إلى الخامسة مساءً لأنها ليست وظيفتهم الوحيدة. والمرونة هي الأساس بالنسبة إليهم لأنهم أدركوا في نشأتهم أن العمل ليس المنتهى بالتأكيد. تقول جين*، صديقتي البالغة من العمر 36 سنة التي تعيش في شرق لندن "لا ألوم الجيل زد على طبعهم السيئ في مكان العمل، كما يقال عنهم. فلماذا يعملون؟ وبماذا يكافؤون على العمل؟". حققت جين نفسها "حلمها" بالعمل في الكتابة بدوام كامل من طريق اللجوء إلى مصادر عدة تدر لها الدخل. وكلما التقينا لتناول العشاء، نتبادل الأفكار التجارية لتمويل تقاعدنا. يستخدم شريكها وهو صانع أفلام وثائقية، تطبيقاً اسمه Getaround، لتأجير سيارته عندما لا يقودها- إذ وضعت فيها الشركة جهازاً يسمح للمستخدمين بفتحها وإغلاقها بواسطة هواتفهم. وهو يؤجر كاميرات بالطريقة نفسها. تضع جين وشريكها المال الذي يجنيانه من موارد الدخل هذه في صناديق استثمارية كل شهر. تخصص جين 200 جنيه من مدخولها تذهب مباشرة إلى صندوق استثمار طويل الأمد عبر تطبيق اسمه "نوتمج". هذه مخاطرة - كما كل صور الاستثمار - وقد منيت ببعض الخسائر في هذا المجال، لكن أحياناً، بلغت أرباحها من مورد دخلها السلبي 30 ألف جنيه تقريباً. إن الحرص على الاستثمار بحكمة - وليس فقط من خلال استخدام حساب التوفير الفردي للأسهم والسندات - هو أكثر طريقة مضمونة ومنتشرة وقليلة الجهد لجني مدخول سلبي، كما يقول أليكس كينغ، مؤسس شركة "جينيريشن ماني". أسس كينغ منصة مهمتها الأساس معالجة القضايا التي أدت إلى ظهور هذا الكم الكبير من الشباب الباحثين عن طرق بديلة لتأمين أنفسهم مالياً. تقدم Generation Money خدمات تثقيف وإرشاد لتعزيز الادخار وتحسين إدارة المال- وهو أمر قلة منا تثق بأنها قادرة عليه، أو تعلمته في الأساس. وكما يقول الشاب البالغ من العمر 35 سنة، الذي قضى أكثر من 10 أعوام في العمل بقطاع المال "أظن أن الاهتمام بالشؤون المالية الفردية ازداد مع الوقت. وهو الآن أكبر مما كان في جيل والدي- في الماضي، إن ارتاد أحدهم الجامعة، تصبح وظيفته مضمونة لمدة 30 عاماً تقريباً وبعد ذلك يتقاعد ويحصل على راتب تقاعدي جيد [مجز]، لكن كل ذلك تغير، ولا سيما منذ الأزمة المالية عام 2008". "والآن أصبح التقاعد غير مضمون والوظائف غير مضمونة والإسكان أغلى ثمناً، والرواتب أكثر ركوداً. ولهذا السبب، ازداد اهتمام الناس بالطرق التي تتيح لهم قدراً أكبر من الاستقلالية المادية، كذلك فإن عقلية أبناء الجيل زد تختلف عن الأجيال السابقة التي كانت تعمل بجد من التاسعة صباحاً حتى الخامسة بعد الظهر. في بعض الحالات، يقال عنهم إنهم يؤدون خدمة للشركة بحضورهم إلى العمل. ولا أخفي أني أجلهم". الجميع يشعر بأن جيله ظلم- لكن الآن، مع حال الاقتصاد العالمي وسوق العمل وتداعيات جائحة كوفيد والحرب الروسية - الأوكرانية والغلاء المعيشي وتخبط الحكومات المتعاقبة بسبب تضاعف الدين القومي، أصبح الجميع محقاً إلى حد ما. ويقول كينغ "يشعر عدد كبير من الناس بأن جيلهم مغبون. لذا، قد يشعرون بأن البحث عن طرق لكسب المال من دون جهد أو أداء وظيفة ثانوية أو تعلم طرق الاستثمار أو التجارة يسمح لهم بتحسين وضعهم وسط ظروف صعبة". وإن أضفنا إلى ما سبق ظهور الذكاء الاصطناعي، لا يعود من الممكن ضمان أي شيء. فالذكاء الاصطناعي قادر على تقليص عدد الوظائف في أي سوق من الأسواق إلى حد كبير، فيما قد يقضي على بعضها كلياً. وقد لا يحصل هذا التغيير في القريب العاجل، غير أنه قادم. وهو يزيد تأكيد فكرة أن الطريق المهني التقليدي بات غير آمن- ويزيد من تقبل فكرة اللجوء إلى موارد سلبية عدة للدخل. لا عجب إذاً في انتشار الاحتيال والتسويق للخدع على أنها مصدر دخل سلبي. إن تابعت "تيك توك" و"يوتيوب" و"إنستغرام"، قد تجد أن جني الأموال الطائلة دونما جهد يذكر أمر بالغ السهولة بصراحة. إذ تضع أعداد كبيرة من المستخدمين منشورات حول خطط عمل تدر الأرباح الوفيرة، زاعمين أنهم يجنون آلاف الجنيهات منها شهرياً- إما عبر بيع الكتب الإلكترونية أو المواد التعليمية المكتوبة مسبقاً، وشراء آلات البيع (نعم حقاً)، أو استخدام أسلوب "دروب شيبينغ" (drop-shipping- حين يكون المورد طرفاً ثالثاً يرسل السلع مباشرة للعميل) لبيع الدفاتر أو القمصان أو الأكواب. وينصح آخرون بتأسيس قنوات عدة على "يوتيوب" واستخدام كلمات مفتاحية لها شعبية كبيرة مثل "ضوضاء بيضاء" أو روابط تسويق لشركات أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي. وللمفارقة فإن المؤثرين الذين يتكلمون عن الدخل السلبي - أو المؤثرين الماليين - يكسبون بسبب هذه الضجة التي يثيرونها، وآلاف المشاهدات التي يتقاضون ثمنها. وفيما يمكن أن يشكل الحضور في الفضاء الإلكتروني مصدراً مشروعاً للدخل السلبي، فإن تأجير الأصول التي يمتلكها المرء بالأصل قد يدر المئات يومياً. يؤجر أحد معارفي مقطورته المركونة في موقف منزله مقابل 45 جنيهاً في اليوم/الليلة (وقد يفاجئك مدى شعبية الفكرة ولا سيما بالنسبة إلى إحدى الجارات التي تستخدمها "للهرب من أطفالها"). يؤجر آخرون موقف السيارات أمام المنزل لجني مدخول إضافي. كذلك يمكن تأجير غرفة الضيوف في المنزل، وجني ما يصل إلى 7500 جنيه سنوياً، من دون دفع ضريبة. وفي بعض المواقع مثل "سويمبل" يعرض الأثرياء حمامات السباحة الخاصة للإيجار. كذلك يلجأ كثر إلى مواقع مثل "كات إن أي فلات" التي قد لا تكون مدخولاً سلبياً تماماً لكنها تسمح لك بتقاضي أجر مقابل البقاء في منزل شخص آخر لرعاية قطته وقد تكسب أكثر من 100 جنيه في عطلة أسبوع واحدة- أو أكثر خلال الأسبوع (وهذا مدخول ممتاز للقادرين على العمل من المنزل). أما "المؤثرون المحتالون على وسائل التواصل الاجتماعي"، كما يسميهم كينغ، الذين غالباً ما يبيعون مواد تعليمية حول جني مدخول سلبي، "فقد يكونون استغلاليين كثيراً"، حسب تحذيره. ويقول كينغ "لا شك أنه يجب توخي الحذر الشديد عند التسجيل بقنواتهم. فإن كانت مصادر الدخل هذه مثل شراء آلات بيع الوجبات الخفيفة وخلافها تكسبهم مالاً وفيراً فعلاً، فهل سيخبرون آلاف الأشخاص عنها؟ لن يفعلوا ذلك". أي ببساطة، فكروا في الأمر واحتكموا إلى المنطق: إن بدا العرض أفضل من أن يصدق، فلا بد من أنه فعلاً كذلك. لكن عند مقاربته بالطريقة الصحيحة، قد يكون الدخل السلبي - وزيادة الوعي بطريقة إنجاحه - أكثر من مؤشر إلى المكانة الاجتماعية بكثير، بل يحتمل أن يجعل الاستقرار المالي أكثر ديمقراطية. بالنسبة إلى معظم الأشخاص، سواء انطلقت للتو في مسيرتك المهنية أو أصبحت على مشارف التقاعد في سوق عمل مستنفدة ولا تبشر بالخير، لا يشكل المدخول السلبي طريقة لجني مزيد من المال فقط بل سبيلاً للشعور بأنك تملك سيطرة أكبر في عالم يمكن وصفه بالمضطرب في أفضل الأحوال. أما لويز، فقد سيطرت على الموضوع عبر أخذ دورة تدريبية قصيرة حول طرق الاستثمار وبناء محفظة استثمارية صغيرة، إضافة إلى تسجيل شقتها على موقع يبحث فيه مخرجو التلفزيون والسينما على مواقع للتصوير. هذا لا يعتبر تماماً كسب المال وأنت نائم "لكن" كما تقول "هذا مكسب يمكنني الوثوق به أكثر من زيادة راتبي المقبلة". وتختم ضاحكة "عاد العالم ملكي من جديد".