logo
#

أحدث الأخبار مع #ليلىمزيان

تطور البحث التاريخي في المغرب المستقل بين سؤال الخصوصية ورهانات التكامل مع الشرط الكوني
تطور البحث التاريخي في المغرب المستقل بين سؤال الخصوصية ورهانات التكامل مع الشرط الكوني

الألباب

time١٧-٠٤-٢٠٢٥

  • علوم
  • الألباب

تطور البحث التاريخي في المغرب المستقل بين سؤال الخصوصية ورهانات التكامل مع الشرط الكوني

الألباب المغربية/ سمير السباعي يشكل الحديث عن واقع البحث التاريخي في المغرب مدخلا مهما ليس فقط لرصد ممكنات التراكم التي حققتها المعرفة التاريخية في بلادنا أن على مستوى الخطاب أو الإنتاج وإنما أيضا محاولة لمعرفة آفاق توظيف البحث التاريخي نفسه في دراسة عدد من البنيات والظواهر داخل المجال المغربي التي لا تزال تطرح العديد من الأسئلة القابلة للاستثمار كمداخل للبحث والتنقيب بحس تنموي يجعل من نتائج هذه الدراسة التاريخية أو تلك قابلة لتكون خطوة للجواب عن أحد أسئلة التنمية بمفهوم المجالي الواسع ببلادنا، خصوصا إذا ما تم الانتباه إلى ضرورات التقاطع المنهجي مع ما تفرضه على المستوى الكوني باقي علوم الإنسان والمجتمع من مفاهيم و مناهج بحثية يصعب اغفال أهمية التكامل معها. ضمن هذا الإطار وفي سياق تفعيل برنامج أكاديمية الدكتواره 2026/2024 HoRéa-Maghreb احتضن الحرم الجامعي لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء يومه الثلاثاء 8 أبريل 2025، لقاء فكريا دوليا شكل لحظة ثقافية لرصد تطور ماهية البحث التاريخي ببلادنا في معالمه الكبرى، مع العمل رفقة عدد من الباحثين من مناطق مختلفة من العالم على استجلاء آفاق التناغم والتكامل بين لغة الكتابة التاريخية المنجزة في بلادنا على امتداد عقود من الزمن وبين ما أنتجته ولا تزال عدد من مدارس واتجاهات البحث في العلوم الإنسانية على المستوى الكوني. ومن أجل ضمان جعل هذه الورقة التوثيقية تنطق بتفاعلية أكبر، أمكن الإمساك بثلاثة محاور يبدو أنها شكلت القاعدة الرئيسية التي حركت نقاشات هذه الندوة الفكرية الجامعية الدولية. أولا، نجد أن الحديث عن موقع الدرس التاريخي في الجامعة المغربية اليوم وأهمية الاهتمام بالجانب التكويني للطلبة والباحثين قد احتل مساحة مهمة في مداخلات اللقاء، حيث تمت الإشارة إلى القيمة النوعية لهكذا لقاءات علمية ليس فقط لفائدتها التكوينية لصالح الطلبة الباحثين و الباحثات وإنما أيضا لكونها تشكل مناسبة قوية لتلاقح التجارب و تعارفها و تكاملها بل والإغناء المشترك للمسارات البحثية للمعنيين من خلال التعارف المتبادل على المقاربات البحثية المنجزة خاصة لدى الباحثين المنتمين لضفتي البحر المتوسط و ذلك لاستجلاء خصائص دينامية المجهود البحثي المبذولة داخل الفضاء المتوسطي والعالمي سواء على مستوى مناهج البحث أو ماهية المقاربة، خصوصا إذا علمنا أن برامج دولية للبحث في التاريخ والعلوم الإنسانية تحاول أن تضطلع بهذا الدور أي في إذكاء وتنشيط قنوات البحث المشتركة معرفيا وموضوعاتيا بين الأنا المغربية والعربية البحثية وبين الآخر الأوروبي الغربي سواء في المغرب أو المشرق.( جزء من مداخلات عميدة كلية ابن مسيك للآداب والعلوم الإنسانية ليلى مزيان وأنطوان بيري مدير مركز جاك بيرك للعلوم الإنسانية والاجتماعية بالرباط وإلياس حسن أستاذ بجامعة ليون 3). ومن الملاحظ أن هذا الأفق الكوني الذي انبعث من طبيعة هذا اللقاء لم يكن إلا محددا نحو فتح نقاش بيداغوجي حول طبيعة المساحة التي يحتلها درس التاريخ اليوم في جامعتنا المغربية خصوصا مع وجود هكذا رهان عالمي لجعل معرفتنا التاريخية متناغمة وفي حوار منتج مع ما تنجزه باقي أدبيات البحث الإنساني في مناطق أخرى من المعمور. صحيح أن الإشارات كانت واضحة في الوقوف على الإصلاحات التي همت تدريس شعبة التاريخ بكليات الآداب والعلوم الإنسانية ببلادنا منذ سنتين، إلا أن الملاحظ أن أغلب المداخلات وقفت على الطابع الإجرائي لهذا الإصلاح الذي يبدو أنه مس في العمق هندسة شعبة التاريخ بالحرم الجامعي و الذي حول عدد من المواد الرئيسية التي كان يدرسها الطلبة بالأمس كمتون صلبة عبر وحدات تكوينية محددة في الزمان والمضمون الى مداخل يغلب عليها طابع الاختزال، دون ما انتباه الى الحاجة الى تكوين متين ومتخصص، و هو ما يطرح للتساؤل حسب ما جاء من أحاديث خلال نفس اللقاء مدى حدود إشراك الوزارة الوصية على القطاع لأساتذة التاريخ في الجامعة المغربية اليوم في مشاريع الإصلاح التي بدا أن المتحكم في تنزيلها أكثر هو رؤية إصلاحية رسمية غير منفتحة بشكل كبير على ما تم تقديمه لحدود الساعة من توصيات للإصلاح قدمتها تنسيقية خاصة لرؤساء شعبة التاريخ بعدد من كليات الجامعة المغربية إلى الديوان الوزاري المكلف حسب أحاديث هذا اللقاء والتي كان من شأن تفعيلها بلورة برنامج إصلاحي متكامل يضمن على الأقل حضورا جيدا للدرس التاريخي بكليات الآداب لصالح الطلبة والطالبات . مع العلم أن هذا لا يمنع حسب نفس ما جاء في مداخلات الندوة من الإشادة بالمجهود المبذول حاليا من طرف وزارة التعليم العالي ببلادنا الرامي إلى تأصيل درس التاريخ والثقافة المغربية داخل عدد من الشعب الأدبية بل وحتى في الكليات الأخرى التي كانت شبه معزولة عن درس العلوم الإنسانية ونقصد هنا أساسا كليات العلوم الحقة أو الدقيقة.( جزء من مداخلتي ليلى مزيان وسميرة الركيبي نائبة العميدة المكلفة بالبحث العلمي بكلية الآداب ابن مسيك). وحري بالذكر وحسب ما جاء في نفس الندوة فنظام التكوين بسلك الدكتوراه بالمغرب اليوم خاصة على مستوى جامعة الحسن الثاني يطمح إلى الرفع من جودة وإيقاع هذا النوع من التكوين العالي عبر مراكز تكوينية عالية أحدثت لهذا الغرض، وتهم أغلب علوم البحث الحالية، خصوصا أن دفتر الضوابط العلمية والبيداغوجية المعمول به حاليا يؤطر دينامية الاشتغال لصالح الطلبة الباحثين والأساتذة المشرفين بشكل مضبوط نسبيا سواء على مستوى الإشراف وزمانية الانجاز ومتطلبات مناقشة البحوث مع التنصيص على إلزامية خضوع الباحثين المنتسبين لهذا النظام الجديد للدكتوراه ببلادنا لبرامج تكوينية وانجاز أعمال تطبيقية بحثية تعزز من انخراطهم في منطق الطالب الباحث المنتج والفاعل إن صح القول، مع ضمان أقصى درجات المرونة الممكنة في تنزيل هذا الطموح الإصلاحي. (جزء من مداخلة محمد الحطابي المسؤول عن قطب الدكتوراه في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء). في المقابل نجد أن الحديث عن أهم معالم تطور الكتابة التاريخية المغربية في عقود ما بعد الاستقلال قد شكل محورا ثانيا، حرك بدوره أنفاس هذه الندوة الفكرية من خلال مداخلات نقدية حاولت في عموميتها استثمار ما أنجزه الأستاذ محمد المنصور من قراءة نصية كرنولوجية وموضوعاتية و تتبع للبحث في تاريخ المغرب بين الحصيلة والتقويم – 1986/1956. والملاحظ حسب ما جاء من أحاديث قرائية لمقالة المنصور فالكتابة التاريخية المنجزة من 1956 الى حدود 1975 ببلادنا طغت عليها النزعة الوطنية للباحثين الذين حاولوا عبر عدد من البحوث كسب رهان الرد إن لم نقل تفنيد عدد من الدراسات الكولونيالية، التي أنجزت زمن الاستعمار الفرنسي للمغرب والتي طغت عليها حسب هؤلاء الباحثين المغاربة رغبة في نفي أي وجود تاريخي لذات جمعية مغربية بما تحيل عليه العبارة من ثقل تاريخي و مؤسسات ثقافية واجتماعية عريقة، علما أن هذا الأمر ولو كان الأفق الوطني لسياق المرحلة آنذاك في مغرب الاستقلال مبررا موضوعيا للانجاز وتلقي ما أنجز إلا أنه كلف للبحث التاريخي، حسب إشارة البعض20 سنة من المجهود البحثي كان يمكن استثماره في الرفع من جودة هذا البحث نفسه كما وكيفا إن صح التعبير، كما حاولته بعض المشاريع المعدودة وهي أساسا دراسات الراحلين جرمان عياش ومحمد المنوني. قبل أن تأتي فترة أواسط السبعينات من القرن الماضي لتعلن عن بدايات جنينية أولى في تطور أشكال البحث التاريخي ببلادنا مع ما فرضته الظرفية آنذاك، من بداية تلاقح جيل جديد من الباحثين المغاربة مع مناهج أخرى كونية للبحث في التاريخيات خاصة تيار الحوليات الشهير، موازاة مع الحراك الذي شهدته مؤسسات الأرشيف بالمغرب العمومية والخاصة من إعادة التنظيم والهيكلة مثل مديرية الوثائق الملكية بالإضافة إلى ما رافق ذلك من كسر حاجز الرفض الثقافي الذاتي للوثاءق الأجنبية خاصة الأرشيف الفرنسي بما سمح بتمكين هذا الباحث أو ذاك من الوصول إلى عدة أرشيفية وثائقية عبرت عن أجناس متنوعة، وهو ما عزز من بداية انبعاث واضح لاهتمام البحث التاريخي المغربي بالتنقيب والحفر في تاريخية عدد من البنيات والمؤسسات الاجتماعية والاقتصادية مجاليا و جهويا ومحليا (المونوغرافيات) بمنطق أسس نوعا ما لبداية انفتاح بحثي على مفاهيم وأدوات البحث في علوم إنسانية واجتماعية أخرى. مع عدم نسيان ما كان من دور لدراسة لويس مييج الموسوعية ' المغرب وأوروبا' 1894/1830 في التأسيس لشكل من التطور النوعي الذي وجه الكتابة التاريخية المغربية منذ عقد الثمانينات على الأقل من القرن الماضي، خصوصا على مستوى الاهتمام بالتاريخ البحري المغربي عبر مقاربات جديدة حضر فيها تأثير تنقيب مييج النشيط في مواد وثائقية من الأرشيفات الأوروبية التي استطاع بفضلها إنتاج قراءة جديدة لتاريخية عدد من الظواهر والأنشطة ذات الصلة بتاريخ البحر في المغرب، ما مكن عمليا من تجاوز سلطة عدد من سرديات الكتابة التقليدية التي ما انفكت تمجد الدور التاريخي المحلي والإقليمي للنشاط القرصاني على سبيل المثال والذي نشط على امتداد قرون من الزمن انطلاقا من الساحل البحري المغربي قبل أن يصير مؤسسة تابعة لتوجهات المخزن كجهاز تاريخي للحكم ببلادنا في علاقة بتدبير الدولة لعلاقاتها مع الخارج. بالإضافة إلى هذا فدراسة مييج اعتبرت ذات أهمية أيضا، لأنها أماطت اللثام حسب ما جاء في نفس الندوة عن الصعوبة البحثية في تتبع ورصد أدوار عدد من النخب البحرية التي كانت مؤثرة في تشكيل القرار البحري تاريخيا بالمغرب، خاصة رياس الأسطول وعدد من الأسر التي امتهنت نسبيا أنشطة بحرية معينة، والسبب الرئيسي هنا هو فقر المادة الأرشيفية أو صعوبة تجميعها في بعض الحالات خاصة على المستوى الوطني مع الإشارة في هذا الباب الى صعوبة القفز على عدد من الدراسات الكولونيالية في هذا الإطار نظرا لمساهمتها في التأصيل نسبيا للبحث في التاريخ البحري للمغرب خصوصا على مستوى القاموس اللساني لعدد من الكلمات الموروثة التي ما تزال محتفظة بقدرتها التداولية في عدد من المناطق الساحلية البحرية، وهي كلمات يتمازج فيها المكون المغربي المحلي العربي والأمازيغي مع مكونات وافدة ناطقة بظرفيات تاريخية معينة كالاحتلال الإبيري لبعض السواحل المغربية. ما يدل على أهمية الانفتاح بقوة على البحث في تاريخ البحر بالمغرب من أجل الكشف عن البنيات العميقة التي ظلت تؤطر الممارسة البحرية للمغاربة في بلد يجعل من الرهان على البحر حاجة تنموية مستمرة في الزمن. وتأتي في هذا السياق دراستي الباحثين مصطفى الزعير حول الصيد البحري بالمغرب خلال الحماية الفرنسية وإبراهيم شهيمي حول مرسى العرائش خلال العصر الحديث كمشاريع بحثية حاول من خلالها الباحثين، استنطاق أرشيفات وطنية وأخرى أجنبية عبر مقاربات كمية و تحليلية و تفسيرية لفهم ورصد ماهية الدور التاريخي سواء الذي لعبه الصيد البحري في المغرب زمن الاستعمار الفرنسي في تشكيل مؤسسات وتوجهات هذا القطاع والتي أرخت بظلالها حتى في مغرب الاستقلال، أو الذي اضطلعت به مرسى العرائش في علاقة بمحيطها الإقليمي والدولي واستنادا لخلفيتها القارية بما دل في العمق على توظيف الزعير وشهيمي الكبير لمنطق الزمن الطويل بمفهومه البنيوي البروديلي داخل الدراستين. (جزء من مداخلة ليلى مزيان والباحثين مصطفى الزعير وابراهيم الشهيمي). يكفي الإشارة هنا وانسجاما مع نفس هذا المحور القرائي للندوة لم يكن ممكنا خلال هذه الأخيرة، بالإمكان تجاوز المنجز الفكري للأستاذ عبد الله العروي وعمله الشهير الموسوم ب 'مجمل تاريخ المغرب' الذي يشكل قفزة نوعية إن لم نقل مؤسسة لاتجاه وطني تركيبي في الكتابة التاريخية ببلادنا، حتى وان اعتبر البعض أن الإمساك بالعروي كفيلسوف يكون أيسر وأجدى من تصنيفه مؤرخا حسب تعبير البعض، مع تركيز آخرين على أن رفع شعار تحرير كتابة التاريخ المغربي يجب أن ينصب بالأساس على سؤال التحليل وأشكال المعالجة الممكنة داخل ما أنجز وما هو قابل للانجاز من بحوث تنهل من ضرورة التكامل بين خطاب المؤرخ و لغات باقي العلوم الإنسانية الأخرى دون أي انزواء في المنهج أو أي قصور في الرؤية إن صح القول. وهو ما حذا بالبعض إلى اعتبار عمل العروي هو كتابة تركيبية استعان فيها المؤلف بإطار مفاهيمي مجرد يهم أساسا توظيف بعض الحمولات الفلسفية لمفاهيم مثل الدولة والحرية دون وضوح للبعد الكرونولوجي الزمني في كلية العمل.(جزء من مداخلات ابراهيم الشهيمي والطالبين الباحثين عبد اللطيف بن علي ومحمد الجطي). على مستوى آخر نجد أن الحديث عن بعض التجارب البحثية في هذا الخضم من تطور الكتابة التاريخية ببلادنا الذي لا يمكن فصله بشكل أو بآخر عن دينامية البحث في العلوم الانسانية والاجتماعية على المستوى الكوني قد شكل محورا ثالثا، أطر بدوره حركية النقاش خلال هذه الندوة الفكرية وهي مساحة قدم فيها عدد من الباحثين المغاربة والأجانب مشاريعهم البحثية الجامعية بلغة شبه وحيدة للتواصل هي اللغة العربية في تجربة فريدة تلاقت فيها ثقافات عدد من هؤلاء القادمين من بلدان عديدة أوروبية وأسيوية إلى جانب نظراءهم من المغرب، و قد انبرى عدد من المتدخلين الشباب هنا إلى استعراض أهم معالم البحوث التي يشتغلون عليها والتي يشكل البحث التاريخي فيها محركا رئيسيا ناظما لمناقشة هذا الموضوع البحثي أو ذاك، و تعبر في نفس الآن عن انفتاح عدد من الأجانب القادمين من جغرافيات ثقافية كونية متعددة على مواضيع لها صلة مباشرة بمؤسسات وبنيات إما بشمال أفريقيا أو المشرق العربي وهو ما يدل على رغبة في جعل العلوم الإنسانية شرطا لبناء معرفة موضوعية متبادلة بين الباحثين داخل هذا الفضاء المتوسطي( تفاعلا مع مداخلات عدد من الباحثين الشباب المغاربة والأجانب). وتبقى هذه اللقاءات الكونية العلمية ممارسة ثقافية محمودة طالما أنها، تسمح بتشكيل قنوات فعالة من التلاقي والتفاعل المنتج بين كل أشكال خطابات العلوم الإنسانية والاجتماعية المنبعثة من هذا الفضاء أو ذاك البلد. للإشارة فقط فالصورة الموثقة للحدث هي بعدسة الجهة المنظمة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store