logo
#

أحدث الأخبار مع #ليونيلبريمبل

رحلة فكرية عبر مائة مقال ومئوية كلية العلوم
رحلة فكرية عبر مائة مقال ومئوية كلية العلوم

المصري اليوم

time٢٤-٠٢-٢٠٢٥

  • علوم
  • المصري اليوم

رحلة فكرية عبر مائة مقال ومئوية كلية العلوم

فى إطار الاحتفاء بالوصول إلى المقال رقم مائة فى جريدة «المصرى اليوم»، التى فتحت لى بابًا واسعًا للتعبير عن رأيى فى العديد من الموضوعات المهمة. فناقشت فيها عددًا من الموضوعات الهامة منها مستقبل الجامعة المصرية فى عام ٢٠٤٠، ودور التعليم العالى فى التنمية، وأخلاقيات القيم والمسؤولية فى التعليم، والهوية البصرية للجامعة، والمجمعات العلمية، كما ناقشت أهمية التعليم فى مواجهة التحديات البيئية، ودور الجامعات فى تعزيز الابتكار من خلال نموذج الجامعة والحكومة والصناعة، وكتبت عن الاقتصاد الدائرى ودوره فى التنمية المستدامة، مع التركيز على تجربة فنلندا، وناقشت موضوعات فكرية مثل العلاقة بين العلم والموسيقى، والقضايا الثقافية، وتحديات الذكاء الاصطناعى. أود أن أتحدث عن فصل محورى فى رحلتى المهنية-تجربة أعتز بها كمصدر للفخر. فى ١١ مارس ١٩٢٥، صدر مرسوم تاريخى بتأسيس الجامعة المصرية كإحدى المؤسسات العامة، مكونةً من أربع كليات أساسية: الآداب، العلوم، الطب، والحقوق. فكانت كلية العلوم الناشئة، تتألف فى معظمها من علماء أجانب، وتعمل فى مرحلة انتقالية. لا تزال كلية العلوم تحافظ على «روح الجامعة»: بحوائط وقورة لم ينجح الزمن فى النيل منها ولا أفسدتها حداثة معمارية كاذبة. بمبانيها العريقة التى شبهتها بمبانى جامعة هومبولدت ببرلين حيث يحيط بالمكان روائح الماضى. يشرفنى أن أكون أحد منتسبيها الذين يشاركون بحب واستمتاع فى فعاليات الاحتفاء بها وأدعو كل الأحباء الذين مروا عليها وتعلموا فى جنباتها واستقوا من علومها أن يشاركونى خلال هذا العام «عام مئوية كلية العلوم جامعة القاهرة». فى مقالى الأول عن ١٠٠ سنة من عمر تلك الكلية العريقة هناك تفاصيل كثيرة لم تظهر عن تاريخها ولكن سأحاول أن ألقى الضوء حثيثًا على أهم مراحلها. فى ربيع عام ١٩٤٦ قام عميد كلية العلوم فى ذلك الوقت د. مشرفة باشا بدعوة كل من البروفيسور ماكس بورن وهو واحد من علماء ميكانيكا الكم وبروفيسور ليونيل بريمبل عالم النباتات الإنجليزى المعروف، الذى ترأس تحرير نيتشر، لإلقاء سلسلة من المحاضرات بكلية العلوم حيث قاما بتسجيل رحلتهما العلمية بمقال مهم نشر بمجلة نيتشر تحت عنوان:Science In Egypt، Nature، No. ٤٠٠٢، July ١٣، ١٩٤٦. لقد بين الكاتبان أن كلية العلوم برزت بالجامعة المصرية (جامعة فؤاد الأول) كمنارة للتميز الأكاديمى، تعكس التزامًا عميقًا بالتعليم الجيد. فالتجارب التى رواها بروفيسور بريمبل، وهو واحد من المراجعين الخارجيين الذين كانت تلجأ إليهم الجامعة لفحص رسائل طلاب الكلية، تسلط الضوء على المعايير العالية التى حافظت عليها الكلية، حيث كان يقوم الأكاديميون البريطانيون بتقييم الطلاب المصريين وفقًا لبروتوكولات جامعاتهم الخاصة. لم يضمن هذا النهج تقييمًا مقارنًا للأداء الأكاديمى فحسب، بل يؤكد أيضًا أن خريجى الجامعة المصرية يقفون جنبًا إلى جنب مع نظرائهم فى المؤسسات المرموقة مثل جامعة إدنبرة. ويمثل هذا التقدير شهادة على التقدم الملحوظ الذى تحقق فى غضون عقدين فقط من إنشاء الجامعة. لقد كانت قيادة الأساتذة المتميزين، مثل الدكتور محمد مرسى أحمد، الذى درس تحت إشراف إى. تى. ويتاكر الشهير، تجسد مزيجًا من التأثيرات الأكاديمية المحلية والعالمية. وتؤكد مساهماتهم على أهمية الإرشاد والنسب الفكرى فى رعاية مجتمع علمى مزدهر. أيضًا كان قسم الكيمياء، تحت إشراف الدكتور ألكسندر شوينبيرج، يجسد الروح الإبداعية التى تميزت بها هيئة التدريس. حيث تم دمج البحوث متعددة التخصصات- بالتعاون مع علم الأحياء والزراعة- كما يتضح هذا بشكل أكبر من خلال جهود قسم علم النبات، حيث توجت الأبحاث الرائدة حول الحياة النباتية فى مصر بالنشر فى مجلات مرموقة مثل Science وNature. مثل هذه الإنجازات لا تعمل على تعزيز المعرفة العلمية فحسب، بل إنها تزرع أيضًا شعورًا بالفخر الوطنى والهوية فى المجتمع العلمى. وعلاوة على ذلك، فإن أنشطة قسم الفلك، بقيادة الدكتور محمد مندور، كانت تدل على رؤية طموح للمستقبل. ويعكس إنشاء مرصد فلكى جديد التزامًا بتوسيع آفاق البحث العلمى، بهدف وضع مصر كلاعب مهم فى الخطاب العلمى العالمى. وعندما نتأمل المشهد العلمى لعام ١٩٤٦، فمن الضرورى أن ندرك أن تقدم العلم فى مصر لم يكن مجرد ظاهرة معزولة؛ بل كان مظهرًا من مظاهر الاهتمام المجتمعى الأعمق بالمعرفة والابتكار. ويؤكد الكاتبان أن «تقدم العلم فى مصر كان جادًّا وواضحًا وسريعًا»، وهو الشعور الذى يتردد صداه مع تطلعات أمة على وشك التحول. هكذا مثلت كلية العلوم فى الجامعة المصرية خلال هذه الحقبة تحولًا فلسفيًا نموذجيًا واعترافًا بأن السعى وراء المعرفة تجاوز الحدود الجغرافية والثقافية. كان ذلك شاهدًا على تطور العلوم فى مصر وبمثابة احتفال بالإنجازات الماضية ودعوة لمواصلة تعزيز البيئة التى يمكن أن يزدهر فيها الفضول الفكرى.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store