منذ 12 ساعات
مخرجات "برلين 3" حول ليبيا... حلول جديدة أم شعارات مكررة؟
في محاولة جديدة لحلحلة الجمود السياسي في ليبيا، اجتمعت مساء أمس الأحد بالعاصمة الألمانية برلين، لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا برئاسة مشتركة بين الممثلة الخاصة للأمين العام ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، هانا تيته، والسفير الألماني في ليبيا كريستيان باك، وبمشاركة منظمات إقليمية ومجموعة دول عربية وغربية.
أكد المشاركون في مؤتمر برلين التزامهم بالعملية السياسية التي تسيرها الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، مؤكدين احترامهم لقرارات مجلس الأمن الدولي، ملتزمين بالامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا.
وقال المشاركون إن اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020 وعلى رغم أنه لا يزال صامداً، لكنه لم يُنفذ بالكامل بعد، بخاصة أن التقدم الأول نحو حل سياسي للأزمة الليبية لا يزال متوقفاً ما يمثل خطراً متزايداً على استقرار ليبيا ووحدتها، وذلك بسبب أزمة شرعية المؤسسات الليبية وهياكل الحوكمة المجزأة والتدهور السريع للوضع الاقتصادي والمالي.
وأشاد المشاركون بجهود الأطراف الليبية الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية، مشيدين بدور الاتحاد الأفريقي في هذا الإطار، مؤكدين أهمية عمل اللجنة الاستشارية في تحديد مسارات عملية لمعالجة القضايا الخلافية الحرجة التي تعيق إحراز تقدم في العملية السياسية.
وأجمع الحاضرون على ضرورة تجديد التنسيق الدولي دعماً لجهود البعثة وفق مخرجات اللجنة الاستشارية، داعين جميع الأطراف إلى الامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية الجانب من شأنها تعميق الانقسامات، قائلين إنه ستتم محاسبة من يعرقل العملية السياسية، بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي.
وأكدوا التزامهم بعقد اجتماعات منتظمة بصيغة الجلسة العامة للجنة المتابعة الدولية حول ليبيا لتوجيه الدعم الدولي للعملية السياسية التي تسيرها الأمم المتحدة، موضحين أن ليبيا أضيفت إلى هذه الصيغة في عام 2021.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأقر المشاركون بما وصفوه "العمل المهم" للجنة الاستشارية التي تيسرها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في تحديد مسارات قابلة للتطبيق لمعالجة القضايا الخلافية الجوهرية التي تعيق التقدم في العملية السياسية.
وعقدت لجنة المتابعة الدولية لعملية برلين اجتماعها الأول في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021 بصيغتها العامة كلجنة متابعة دولية معنية بليبيا والتي أنشئت وفقاً لقرارات مؤتمري برلين حول ليبيا المنعقدين في يناير (كانون الثاني) 2020 ويونيو (حزيران) 2021.
اجتماع مكرر
قسمت مخرجات اجتماع برلين حول ليبيا الشارع السياسي الليبي إلى شقين، أحدها يقول إن مؤتمر برلين الحالي هو تكرار لمسار لم يكتمل في إشارة إلى مخرجات مؤتمري برلين 1 و2 والتي نصت على إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب وإجراء الانتخابات وغيرها من النقاط التي لم تطبق إلى حد الآن، بينما يؤكد الشق الآخر أن خريطة توافقية في طريقها إلى فك الجمود السياسي.
ويري الكاتب الليبي عبدالله الكبير أنه لا جديد في بيان اجتماع برلين الذي نشرته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، فمخرجاته لم توضح النقاط الأساسية أو المبادرة التي ستعتمد لتفكيك الأزمة ومن ثم وضع الحلول المناسبة، وعد ما جاء على لسان المشاركين في اجتماع برلين بأنه "مجرد عبارات فضفاضة لا يفهم منها سوى الدعم للبعثة في اعتمادها لأي خيار تراه الأفضل في المقترحات التي وضعتها اللجنة الاستشارية التي رعتها بعثة هانا تيته.
ويصف مستوى التمثيل في الاجتماع الدولي حول ليبيا بالمنخفض لكل الدول، باعتبار أن السفراء أو الموظفين الكبار في وزارات الخارجية ليسوا صناع قرار، لا سيما أن الظرف الدولي شديد الاضطراب والتوتر، فكل الدول الكبرى والصغرى تتابع الحرب في الشرق الأوسط وتترقب تطوراتها وتداعياتها الخطرة، لذلك ليس من المتوقع أن يكون هناك أي دفع دولي لتحريك الواقع السياسي الليبي وإنهاء حالة الجمود.
ويشير الكبير إلى أنه إزاء هذا الفتور الدولي ستواصل البعثة حرصها على التهدئة وعدم انزلاق الصراع نحو العنف والتوسط بين الأطراف في الأزمات الموقتة، مؤكداً أن نوايا البعثة الأممية للدعم في ليبيا وخططها ستتضح بشكل جلي في الإحاطة المقبلة للمبعوثة تيته أمام مجلس الأمن.
مقترحات جدلية
عضو مجلس الدولة الاستشاري عادل كرموس يقول بدوره إن "البعثة الأممية في ليبيا والمجتمع الدولي لا يريدان حلاً عملياً وسريعاً للأزمة الليبية، واصفاً دور البعثة الأممية بالسلبي باعتبارها أعاقت التوافق بين مجلسي النواب والأعلى للدولة بشأن القوانين الانتخابية، وافترضت أن هناك مسائل خلافية تحتاج إلى مزيد من التوافق، وطرحت ما صاغته لجنة 6 + 6 وذهبت إلى اللجنة الاستشارية التي لم تقدم حلاً عملياً واحداً وإنما اكتفت بطرح مقترحات جدلية".
ويضيف أن "البعثة الأممية بعقدها لاجتماع برلين بالشراكة مع ألمانيا هي بصدد ممارسة العمل نفسه بعرضها لهذه المخرجات لليبيين"، مؤكداً أن "اجتماع برلين لن يحل الأزمة الليبية، فالحل إذا لم يصنعه الليبيون أنفسهم فلن ينتهي هذا الانقسام الداخلي وسيتكرر برلين 3 و 4".
نقطة تحول
يقول أستاذ القانون الدستوري بجامعة طرابلس وعضو المؤتمر الوطني العام سابقاً صالح المخزوم، إنه على رغم اعتقاد البعض أن بيان اجتماع لجنة المتابعة الدولية في برلين لم يأتِ بجديد، إلا أنه يعد نقطة تحوّل عملية تمثل أول خطوة ملموسة نحو تجاوز حالة الجمود التي طال أمدها، مؤكداً أن "البيان لم يكتفِ بتجديد الالتزام اللفظي، بل تبنّى بوضوح مخرجات اللجنة الاستشارية التي رسمت مسارات واقعية للخروج من الأزمة، وكلها تُجمع على أن تشكيل حكومة جديدة موحدة باعتباره شرطاً أساسياً للانطلاق في أي مسار جاد سواء باتجاه الانتخابات أو توحيد المؤسسات أو استكمال العملية السياسية.
ويعتبر المخزوم هذا الإقرار من المجتمع الدولي، وتأكيده على ضرورة وقف الإجراءات الأحادية ومحاسبة المعرقلين، يعكس تحوّلاً من مجرد متابعة الأزمة إلى السعي لإعادة ضبط الإطار السياسي على أسس تنفيذية عملية.
ويري أن الخطوة التالية يجب أن تتمثل في الشروع الفوري في تشكيل الحكومة الجديدة وفق توافق وطني حقيقي تمهيداً لتطبيق خريطة طريق واضحة ضمن جدول زمني كما نص على ذلك بيان برلين، منوهاً أن "أي تأخير في هذه الخطوة سيعيدنا إلى دائرة الفشل التي سئمها الليبيون"، معتبراً مخرجات البيان تأكيداً دولياً على أن المسار السياسي بات يرتكز على أدوات تنفيذية واضحة، لا مجرد شعارات، داعياً الشعب الليبي لحسن استثمار هذا الموقف من أجل توحيد البلاد وإيقاف هدر أموال الدولة الليبية بسبب الانقسام السياسي.