logo
#

أحدث الأخبار مع #ماركبراون،

«الدول الأصغر» تتعلم كيف تتحوط في رهاناتها بعصر ترامب
«الدول الأصغر» تتعلم كيف تتحوط في رهاناتها بعصر ترامب

البيان

time١٥-٠٢-٢٠٢٥

  • سياسة
  • البيان

«الدول الأصغر» تتعلم كيف تتحوط في رهاناتها بعصر ترامب

في الظروف العادية لا تجتذب جزر كوك سوى انتباه الأزواج الجدد، الذين يمضون شهر العسل، والناشطين البيئيين والدبلوماسيين النيوزيلنديين، وذلك لأن الدولة النائية الواقعة في المحيط الهادئ لديها اتفاقية أمنية مع نيوزيلندا (وبالتالي حلفائها الغربيين) ــ وشواطئ خلابة مليئة بأشجار النخيل مهددة بارتفاع مستوى سطح البحر، لكننا لا نعيش في أوقات عادية؛ فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحطم النظام الجيوسياسي، الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية. وفي هذا الأسبوع شرع مارك براون، رئيس وزراء جزر كوك، في إبرام صفقة استثمارية مع الصين، وأطلقت حكومة نيوزيلندا صرخة رعب عالية، خوفاً من انتقام ترامب، لكن يبدو أن سكان جزر كوك لا يمكن ردعهم، وأصبحت هذه البقعة الصغيرة من الأرض في المحيط الهادئ رمزاً قوياً لكيفية تغير الرمال الجيوسياسية. ومع اجتياح إعصار ترامب للعالم أصبح هناك موضوعان رئيسيان واضحان: قادة أمريكا عازمون على تعزيز نمو أمريكا بأي ثمن، سواء كان بيئياً أم اجتماعياً أو دبلوماسياً؛ وهم عازمون بالقدر نفسه على استخدام القوة المهيمنة، وخلط المصالح العسكرية والمالية والتقنية والتجارية معاً. نتيجة لهذا تواجه الدول الأخرى ثلاثة خيارات: إما أن تصبح تابعة للقوة الإمبريالية الأمريكية؛ وإما تعارضها بالتحالف مع منافسي الولايات المتحدة مثل الصين وروسيا؛ أو تقليد جزر كوك ومحاولة التحوط في رهاناتك. والبعض قد اتخذوا خياراهم بالفعل، ولننظر إلى نيكاراجوا، ففي الشهر الماضي وسط تهديدات ترامب بالهجوم على بنما و/أو طرد الصين من قناتها الشهيرة غيرت حكومة نيكاراجوا دستورها للسماح ببناء ممر مائي يربط بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ، وقد يمثل هذا بديلاً لقناة بنما، وهذا يظهر أن نيكاراجوا تضاعف جهودها للوجود في معسكر الصين. وعلى الطرف الآخر من الطيف السياسي انتقل رئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا إلى وضع الإشادة، فخلال زيارة إلى واشنطن الأسبوع الماضي امتدح جهود ترامب لإحلال السلام في العالم، ووعد باستثمار تريليون دولار في الولايات المتحدة وشراء كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي أيضاً. وأنا أتوقع أن تحاول طوكيو قريباً أيضاً تعزيز الين (لتهدئة الشكاوى الأمريكية بشأن خفض قيمة العملة على نحو تنافسي)، وربما تشتري سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل أو الدائمة (لدفع ثمن الحماية العسكرية الأمريكية). وفي الوقت نفسه كان ناريندرا مودي، رئيس الوزراء الهندي، أيضاً في واشنطن هذا الأسبوع، متعهداً بزيادة واردات دولته من الغاز الطبيعي المسال والطائرات الأمريكية، وقد انحازت بريطانيا للتو إلى أمريكا في قمة الذكاء الاصطناعي في باريس. وعندما تحدثت مؤخراً في دافوس مع فام مينه تشينه، رئيس وزراء فيتنام، كان يدرس أيضاً ما هو المديح الذي سيقدمه لترامب، في محاولة لصرف انتباه الرئيس الأمريكي عن حقيقة، مفادها أن فيتنام لديها الآن ثالث أكبر فائض في تجارة السلع الثنائية مع أمريكا (ويرجع هذا إلى حد كبير إلى أن الشركات العالمية نقلت إنتاجها إلى هناك لتجنب العقوبات الأمريكية على الصين). وقال: نحن نسعى لشراء 50 إلى 100 طائرة من الولايات المتحدة، وغيرها من البضائع التكنولوجية المتقدمة، مشيراً إلى أنه سيلعب الجولف طوال اليوم مع ترامب في مار إيه لاجو إذا كان ذلك جيداً للمصالح الوطنية. رغم ذلك فإن المشكلة بالنسبة لفيتنام، مثل أي دولة أخرى، هي أن ترامب أصبح الآن متقلباً لدرجة أن لا أحد يعرف على وجه اليقين ما الذي سيضمن السلامة حقاً. في نظر التجار من المستحيل تسعير الصفقة على المدى البعيد، سواء بالنسبة للحكومات أو المستثمرين على حد سواء. بالتالي هناك أيضاً إغراء متزايد بالانزلاق في استراتيجية الانحناء للحاكم، ثم المضي في الطريق، كما يقول المثل الذي كان مشهوراً بين تجار طريق الحرير. بعبارة أخرى: «قدم إشادات مصطنعة بينما تتحوط في رهاناتك»، والواقع أن هذا ربما يكون الشيء الوحيد المعقول الذي ينبغي لمعظم الدول أن تفعله، وفقاً لمشروع تخصيص رأس المال العالمي (موقع بحثي عن القوة الاقتصادية المهيمنة مليء بالرسوم البيانية المفيدة التي توضح الدول الأكثر عرضة للقوة الأمريكية والصينية المهيمنة). ويشير هذا المشروع إلى أن تنويع المدخلات أمر بالغ الأهمية إذا كانت الدول ترغب في زيادة «الأمن الاقتصادي» في عالم متقلب. اتجاه التحوط هذا له عواقب، أحدها أن التجارة بين الدول غير الأمريكية تتضخم، ما يرفع أحجام التجارة العالمية الإجمالية، بغض النظر عن ترامب، الأخرى هي أن سلاسل التوريد أصبحت أطول، ما قد يؤدي إلى زيادة التكاليف، والسبب الثالث هو أن مجسات النفوذ الصيني تتسلل خلسة، حتى على الشواطئ النائية في المحيط الهادئ، حيث تبدو بكين وكأنها قوة عالمية أكثر قابلية للتنبؤ. وللمفارقة فإن هذا يتعارض مع رغبة ترامب المعلنة في قص أجنحة بكين، والواقع أن المؤرخين في المستقبل قد يصفون استراتيجيته برمتها بأنها هزيمة ذاتية، لكن في الوقت الحالي يبدو أن الرئيس مقتنع بأن نفوذه يعتمد على التصرف بطريقة غير متوقعة وإمبريالية، وربما يدرك في نهاية المطاف أن هذه التكتيكات تخلق أيضاً حاجة إلى التحوط، على وجه التحديد، لأن لا أحد يستطيع «تسعير» السلام، أو الثقة في أمريكا، لكن لا تراهن على ذلك. وفي الوقت الحالي توقع استمرار لغة المديح في التدفق، مصحوبة بابتسامات مزيفة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store