logo
#

أحدث الأخبار مع #مارو

"المستعمرة" لمحمد رشاد: كتابة بسيطة وأداء مفاجئ
"المستعمرة" لمحمد رشاد: كتابة بسيطة وأداء مفاجئ

العربي الجديد

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • العربي الجديد

"المستعمرة" لمحمد رشاد: كتابة بسيطة وأداء مفاجئ

الروابط العاطفية والعلاقات المُعقّدة بين الأشخاص، بعيداً عن الصخب، من أهم ما يُميّز "المستعمرة" (2025)، أول روائي طويل للمصري محمد رشاد. علاقات غير حاسمة، في بيئة مُحبطة، تمتلك جماليات رغم شدّة القبح. تبدأ أحداثه بعد الوفاة الغامضة لأب عامل، فتُقرّر إدارة المصنع تشغيل ابنه حسام (أدهم شكري). يُصرّ الابن الأصغر مارو (زياد إسلام) على ترك دراسته، والعمل مع أخيه، مُهدّداً أمه وشقيقه بالانتحار إذا منعوه. ما الذي يدفع الصبي (12 عاماً) إلى ذلك؟ مشهد تهديد مارو بالانتحار يستهلّ الأحداث، وينتهي بلقطة يده حاملة مطواة، يتركها تقع من بين أصابعه، بينما يرقد على السرير في حالة استسلام. بين البداية والنهاية، يبدو أنّ مارو تعلّم درساً قاسياً في الحياة. وإلا، فمن أين تأتي هذه السكينة أو الاستسلام؟ ألأنّه انتُقِم لوالده؟ أم أنّه تخلّص من الخوف بوقوع المحظور؟ أهناك حقاً جريمة أدّت إلى وفاة الأب؟ هل ثأر حسام لوالده، أم أنّ هذا انتقام القدر؟ لا شيء محسوماً. لا إجابة واضحة. هناك غِلالة رقيقة جداً بين مشاعر متناقضة، والأفعال نفسها ليست واضحة تماماً: ما حقيقة مصير المهندس المسؤول عن تحقيق أمان العمل بالآلات؟ ردّة فعل مدير المصنع وخوفه يقولان شيئاً، بينما حسام نفسه، وما يردّده العمال، يقولان شيئاً آخر. هناك عدم يقين، فما تُظهره الشاشة يحتمل هذا وذاك. لكنّ الحقيقة الوحيدة الراسخة أنّ هناك عمالاً يُستَغلَّون، ولا حماية لهم، فيدفعون حياتهم ثمن الإهمال. لا مستقبل لأسرهم، في ظلّ تسويات مجحفة، وابتزاز معجون بتهديد متواز. عنوان الفيلم لا يخلو من تشويق، ويُحيل إلى معانٍ عدّة: عزل مرضى عن المجتمع، منطقة خاضعة لسيطرة سياسية ـ اجتماعية من شخصيات أقوى. العنوان الإنكليزي، the settlement، يحتمل بدوره قراءات عدّة، لكنّ المعنى الأقوى، وفق المضمون: التسوية. ففي مشهد لقاء حسام أصدقاءَه على سطحٍ، يُشاهدون شجاراً عنيفاً يكشف حالة مكانٍ فقير مُنهك ومتهالك يعيشونها، يقول أحدهم، مُنتقداً تصرّف صديق لهم: "لا أدري كيف يقبل إنسان العوض (الفدية) في شخص من عائلته قُتل. فبدلاً من التقدّم بدعوى ضد الشركة، للقبض على المسؤول ومحاكمته، يقبل مالاً لا فائدة منه". هذا يُصيب حسام بمقتل، ويضعه في مواجهة مؤلمة مع نفسه. يشعر أنّه يبني مستقبله على وفاة والده، ويحاول تغيير ماضيه والتصالح مع المجتمع، على حساب الثأر لوالده. ردات أفعال الأصدقاء، التي تلوم المتحدّث، تؤكّد ذلك، فالفيلم إدانة للصمت على الفساد القانوني، وعلى من يقبض ثمن السكوت، وإنْ كان هزيلاً. حتى إنْ كان الشخص محروماً ومقهوراً ومغلوباً على أمره. إحدى الدلالات المتوارية في إدانة هذا الخنوع تُفسّر بمستويات أخرى، سياسية ـ اجتماعية، يُمكن إعادتها إلى الصمت عن حقوق شهداء ثورة 25 يناير (2011) ، وغيرهم من ذوي الحقوق الضائعة. سينما ودراما التحديثات الحية "أبو صدّام": متعة مُشاهدة وأداء بعد صمت طويل، ينفجر غضب حسام في وجه مارو، الذي لا يعبأ به. فرغم صغر سنه، واغتيال طفولته بسبب الفقر وبشاعة الرأسمالية المتمثلة بالمصنع، يُدرك الكثير. لديه نضج باكر، يُشعره بالمسؤولية إزاء أخيه وأمّه. يقرأ مشاعر الناس ودواخلهم، ويُدرك أنّ العمال في المصنع يخشون حسام ويهابونه، رغم أنّ الأخير يخجل من نفسه، بسبب نظرتهم إليه، والسمعة السيئة التي تلاحقه. مارو أقرب إلى والدته، كأبيه. ورغم ما أشيع عن تصرّفات سيئة لشقيقه، يُحبّه، ويشعر بالمسؤولية تجاهه، فيرافقه لحمايته. في أعماقه، يخشى عليه من مصير والده، وربما يرى فيه أباً بديلاً. اللقطات بينهما جميلة وساحرة، تشي بقوّة هذه العاطفة. علاقة الأم بحسام شديدة الارتباك. لا ترتدي الأسود لوفاة زوجها، بل فقط عند شعورها بفقدانها ابنها، بعد محاولاته اليائسة الاندماج في مجتمع يرفضه، ولا يقبل البدايات الجديدة، فيظلّ يحاكمه على ماضيه. تخشى الأم أنْ تخسره، وألا يعود. تخشى الوفاة الثانية للأب. لذا، تحاول التقرّب منه، وهو يستجيب برهبة وحذر. في مشهد رقيق وبديع، تطلب منه وضع المرهم على ساقها المتورّمة. تتكشّف العلاقات بين الشخصيات تدريجياً، بروِيّة وهدوء، وبمشاهد مُشبعة بالزمن النفسي التأملي المنضبط، الذي يبدو صادقاً وواقعياً. لقطات تزدان بصرياً بجماليات، وإضاءة (تصوير محمود لطفي) تضفي جماليات خاصة على أجواء المصنع، مع صوت الآلات، والرذاذ اللامع الملتهب المتناثر منها، وعلاقة الآلات بالعمال. كأنّ مصيرهما مرتبط. علاقة يتلاشى فيها الفاصل الحاد بين الطرفين، إذْ يبدو حسام مُلتحماً بالآلة، كالآخرين. كأنّهم والآلات واحد. يُحقِّق التصوير والإضاءة تلك الشاعرية، والمونتاج (هبة عثمان) لا يقلّ دوره الإبداعي عن هذا في إكمال الشعور. يكشف محمد رشاد عن مهارة واعدة في الكتابة البسيطة، المُلغّمة بالدلالة غير الزاعقة. يفاجِئ بممثلين غير محترفين، يجعل أداءهم محترفاً، لا يُمكن الاعتقاد معه أنّ بعضهم يقف أمام الكاميرا للمرة الأولى، ما يشي باشتغال طويل معه. غاب رشاد تسع سنوات بعد وثائقيّه الطويل "النسور الصغيرة" (2016، سيرة ذاتية)، منها خمس سنوات أمضاها في إنجاز "المستعمرة" (إنتاج "حصالة" لهالة لطفي، مع جهات إنتاجية أخرى)، وهذا يَدُلّ بوضوح على صعوبة الظروف التي يُواجهها صنّاع السينما المستقلة في مصر ومعاناتهم، لكنّه يؤكد أنّ هناك شباباً وشابات لديهم أمل بقدرتهم على صنع سينما يحبّونها.

كيف يرى مؤيدو ترامب قراراته خلال مئة يوم في الرئاسة؟
كيف يرى مؤيدو ترامب قراراته خلال مئة يوم في الرئاسة؟

شفق نيوز

time٢٧-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • شفق نيوز

كيف يرى مؤيدو ترامب قراراته خلال مئة يوم في الرئاسة؟

في حدث تاريخي، عاد دونالد ترامب إلى السلطة مطلع هذا العام بمساعدة ناخبين شكّلوا ائتلافاً من خلفيات متنوعة، من سائقي الشاحنات، والمحاربين القدامى، وأصحاب الأعمال، وغيرهم. مثّل هؤلاء مجموعة واسعة من وجهات النظر التي ساعدت في تفسير جاذبية ترامب. ولكن بعد مرور 100 يوم على توليه المنصب، كيف يرى مؤيدو ترامب أداءه؟ "إذا لم ينجح، فسأقول إنه خطأ" يقول لويز أوليفيرا إنه "لا يستطيع مواكبة" التغييرات السريعة في السياسات التي أجراها ترامب خلال أول 100 يوم من ولايته. ففي ملف الهجرة، أبدى أوليفيرا إعجابه بالقيود الجديدة التي فرضت على الحدود، والتركيز على عمليات الترحيل، بما في ذلك إرسال المهاجرين إلى سجن سيئ السمعة في السلفادور. وانخفضت المواجهات بين المهاجرين وعناصر حرس الحدود الأمريكيين على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات. وتُعدّ هذه القضية مهمة للويز، وهو برازيلي دخل الولايات المتحدة بشكل قانوني في ثمانينيات القرن الماضي ويعيش الآن في نيفادا، ويصف الرجل البالغ من العمر 65 عاماً، تدفق المهاجرين في السنوات الأخيرة على أنه "غزو". ويقول لويز إن ترامب يقول للمهاجرين غير المسجلين: "هذا بيتي، حديقتي، ولن تبقوا هنا". ومع ذلك، يشعر بالقلق من نهج ترامب في مجالات أخرى، ففي حين يدعم جهود ترامب لإجبار الدول الأخرى على دفع "حصتها العادلة" من الرسوم الجمركية، عبر عن قلقه من الآثار الاقتصادية قصيرة المدى، والمدة التي قد تستغرقها أمريكا لتختبر فوائدها. ويقول: "سيكون الأمر مؤلماً، ولا أعتقد أنه سيكون بالسرعة التي يتحدث عنها، أنا أدعمه، ولكن في النهاية، إذا لم ينجح هذا، فسأقول إنه خطأ، لقد تسرع في اتخاذ هذه القرارات، وأخاف الأسواق، وأخاف الاقتصاد". إنه "يسحق الخصوم" ويُعيد بناء "مجتمع قائم على الجدارة" Nic Antaya دعمت أماندا سو ماثيس ترامب في انتخابات 2024، لأنها شعرت أنه المرشح الأفضل لمعالجة أكثر المشكلات إلحاحاً في الولايات المتحدة، وبعد مرور 100 يوم، تقول إنه حقق تقدماً ملحوظاً. وتقول المرأة البالغة من العمر 34 عاماً: "كان هناك الكثير ممن اهتموا بالحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا، لكني أعتقد أن الوقت قد حان لننظر إلى بلدنا ونُعيد الأمور إلى نصابها قبل أن نبادر بإصلاح مشاكل الآخرين". وتطمح أماندا لـ"مجتمع قائم على الجدارة" وتشيد بإلغاء ترامب لسياسات التنوع والمساواة والشمول، التي كانت تهدف إلى تعزيز تمثيل الأقليات ومكافحة التمييز على حد قولها. وينتقد البعض تلك السياسات ويعتبرونها تمييزية، وترى أماندا أنها تجاوزت الحدود في السنوات الأخيرة. وتدعم أماندا الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب والتي تقيد الرعاية الصحية المتعلقة بالنوع الاجتماعي للأشخاص تحت سن 19 عاماً، وتحظر مشاركة النساء المتحولات جنسياً في الرياضات النسائية. وبشكل عام، تعتقد أن الرئيس "متفوق" حتى الآن، وأن أول 100 يوم من ولايته جعلتها "أكثر سعادة بتصويتها له". لكن أماندا سو مستعدة أيضاً لتغيير رأيها، وتقول: "أنا لست من الأشخاص الذين يؤيدون ترامب دائماً. إذا أخطأ، سأكون أول من يتحدث عن ذلك". "ترامب استعاد احترامه" بالرسوم الجمركية Mark Pynes وكان وعد ترامب بفرض رسوم جمركية وإعادة عمليات التصنيع إلى أمريكا سبباً رئيسياً وراء تصويت بن ماور، سائق الشاحنة الذي يبلغ من العمر 39 عاماً من بنسلفانيا، لترامب. ويقول مارو: "اعتقد الكثيرون أنه يخادع في أكثر من أمر". وعبر مارو عن سعادته بفرض ترامب رسوماً جمركية على دول على حلفاء مثل كندا والمكسيك، وخصوم مثل الصين. لكن في سلسلة من الإعلانات المضطربة، رفعت إدارة ترامب الرسوم الجمركية وخفضتها وأجلتها وسحبتها، استجابةً للمفاوضات التجارية وردود فعل سوق الأسهم. أما حالياً، فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 10 في المئة على جميع الواردات، بينما كان نصيب الصين تعرفة بنسبة 145 في المئة على السلع التي تُصدرها إلى أمريكا. وعلى الرغم من مخاوف الاقتصاديين بشأن ارتفاع الأسعار، يعتقد مارو أن الشركات التي يعمل معها ستستفيد على المدى الطويل. ويقول عن سياسات ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية: "ترامب أعاد الاحترام لأمريكا"، مضيفاً: "ما زلنا قوة لا يُستهان بها". وبشكل عام، يشعر مارو أن ترامب كان أكثر إنتاجية في بداية ولايته الثانية، مشيراً إلى أن ترامب كان لديه الوقت الكافي للاستعداد، وهذا واضح على حد وصفه. "إيلون ماسـك شخصية لا أفهمها" لم يتغير رأي جون كاري في دونالد ترامب، لكن الأشهر الأولى من ولايته الثانية لم تكن كما توقعت. تقول الفنانة من كاليفورنيا، إن ترامب "أكثر عدوانية وأكثر تقلباً مما كنت أتوقع". لكن جون، البالغة من العمر 70 عاماً، لا ترى في ذلك أمراً سلبياً، بل عبرت عن "اندهاشها" من "الهدر" الذي كشفت عنه "وزارة كفاءة الحكومة"، التي يقودها إيلون ماسك. ويقول منتقدو ترامب إن ادعاءات ماسك بشأن التوفير مبالغ فيها، وقد واجه انتقادات شديدة بسبب تخفيض تمويل بعض الوكالات الحكومية، التي تم التراجع عنها لاحقاً، بما في ذلك فصل موظفين اتحاديين بارزين. وتقول جون إنها غير واثقة في ماسك، وأضافت: "ماسـك شخصية لا أفهمها. لكن شعوري هو أنه إذا كان ترامب يثق به إلى هذه الدرجة، فلا بد أنه رجل جيد إلى حد كبير، ويملك الأفكار والأهداف الصحيحة". وكانت جون قد أخبرت بي بي سي في السابق، بأنها قلقة من الإنفاق على الرعاية الاجتماعية، وكانت تأمل أن يدفع ترامب الأمريكيين ليصبحوا أكثر اعتماداً على أنفسهم. وبينما عبرت عن رضاها عن تخفيض الانفاق حتى الآن، تأمل ألّا يتم المساس بالضمان الاجتماعي، وهو الراتب الشهري الذي تعيش عليه جون، و67 مليون أمريكي من المتقاعدين أو ذوي الإعاقة. ويحذر الديمقراطيون من أن الضمان الاجتماعي قد يكون معرضاً لقرارات من ترامب في المستقبل، لكن جون تتساءل: "لماذا يقطعون الضمان الاجتماعي بعدما خفّضوا الكثير من النفقات التي وفّرت لهم ملايين الدولارات؟". الثقة في ترامب وسط "الألم المؤقت" للرسوم الجمركية Allegra Boverman لطالما وقف جيريمي ستيفنز إلى جانب ترامب لسنوات. ويقول إن ترامب "ينجز ما وعد به في حملته الانتخابية بشكل عدواني للغاية". وفي ورشة إصلاح السيارات الذي يملكه في ولاية مين، يُقابل جيريمي بعض العملاء الذين لا يتفقون مع قرارات ترامب الاقتصادية، لكن الرجل البالغ من العمر 45 عاماً يعتقد أن قلقهم بشأن الرسوم الجمركية تحديداً ناتج عن "قلة الفهم". فالرسوم الجمركية هي جزء من رؤية إدارة ترامب التي يعتقد جيريمي أنها ستؤتي ثمارها على المدى الطويل، إذا استطاع منتقدوه الصبر حتى ذلك الحين. ويقول إن "هناك تصوّر عام حول تأثير هذه السياسات الذي يعكس قصر النظر". وكان لتقلبات ترامب في سياسات الرسوم الجمركية ثمن باهظ، حسبما يقول الاقتصاديون، فقد تسببت في انهيار الأسواق حول العالم، كما خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي، وكانت الولايات المتحدة هي الأكثر تضرراً. وحذر البنك الدولي من أن هناك فرصة بنسبة 40 في المئة لحدوث ركود في الولايات المتحدة. لكن جيريمي مقتنع أن الوقت سيثبت صحة قرارات ترامب، ويقول: "إنها ألم مؤقت، وسيمر".

فيلم "المستعمرة".. وميراث الأسئلة المعلقة
فيلم "المستعمرة".. وميراث الأسئلة المعلقة

الشرق السعودية

time٢٤-٠٢-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الشرق السعودية

فيلم "المستعمرة".. وميراث الأسئلة المعلقة

مع تولي بريشا تاتل خبيرة المهرجانات الدولية، مسؤولية الإدارة الفنية لمهرجان برلين السينمائي هذا العام، ظهر على أجندة البرامج الخاصة للدورة الماسية من البرينالة عنوان مسابقة جديدة تحت مسمى Perspectives أو وجهات نظر، والتي تمنح جائزة لأفضل عمل أول، وهي مسابقة تُقام بالشراكة مع مهرجان جورج واشنطن السينمائي، ويصل عدد الأفلام المشاركة في نسختها الأولى هذا العام 14 فيلماً روائياً، سيفوز واحداً منها بجائزة قيمتها 50 ألف يورو. من بين الـ14 فيلماً المشاركين، يأتي الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج المصري الشاب محمد رشاد "المستعمرة" بعد تجربته الوثائقية الملفتة قبل سنوات "النسور الصغيرة" مع المنتجة هالة لطفي، وكيانها الإنتاجي "حصالة"، وبدعم من مهرجان الجونة السينمائي وصندوق البحر الأحمر. "المستعمرة" لا يقدم قصة بالمعنى التقليدي، الفيلم كله يبدو كقطاع عرضي من حياة شخصيات تؤرقها رغبات سائبة، لا تكاد تستقر أو تعرف التحقق، يمكن اختصار القصة في حكاية الأخوين "حسام" و"مارو" اللذان يذهبان للعمل في المصنع الذي توفى والدهما وهو يعمل به، وهناك تفوح رائحة موت الأب مشبعة بالسر والأسئلة!. حكاية الأسئلة المزيد من الحكايات لا يعني أن لديك فيلماً ملفتاً لديه الحق في أن يبقى في رأسك، ليست الحكايات هي التي تُبقي الأفلام في رؤوسنا بل الأسئلة، وكلما ظلت الأسئلة معلقة كحكايات غير مكتملة، كلما بقي الفيلم كأثر مربك في ذاكرتنا التي تميل إلى الخمول والنسيان. يصنع رشاد في تجربته الروائية الأولى فيلماً عن ميراث الأسئلة المعلقة، هو حكاية الأسئلة، وليست حكاية عبر الأسئلة! محور هذه الأسئلة هو شخصية الأب الغائب، وهو ما يؤكد على كونها ميراث، ويزيد من كونها معلقة!. يبدأ "المستعمرة" صوتياً قبل أن يظهر المشهد الأول، مؤثر صوتي يتكرر في المشهد الأخير أيضاً مع اختلاف السياقات الظاهرية، لكن بنفس وقع السؤال المعلق، نسمع في المشهد الأول صوت الأم المستجيرة من وقوفها بمفردها في مواجهة ولدين هما ميراثها الثقيل إثر رحيل الأب، والذي نظل لا نعرف حتى النهاية هل كان موته بسبب الإهمال أم عن عمد!. ينطلق الشجار قبل بداية المشهد -كأننا ندخل مقطع حياتهما البائسة في لحظة تحول- "حسام" يؤنب أخاه الأصغر "مارو" الذي يرفض الذهاب للمدرسة متمرداً في طفولة، بينما نراه في المشهد التالي، وهو ينزع مطواة قرن الغزال من جنبه دلالة على رغبته ترك طريق الانحراف الذي كان يسير فيه، هذا قوس بداية جيد يمكن تتبعه حتى النهاية، وتحديداً بتأمل عينا "مارو" المعلقتين على سؤال مفتوح، ممسكاً بالمطواة/ميراث أخيه الهارب، بعد اتهامه بالثأر للأب، مفكراً في سؤال المستقبل المعتم كلية. "أنت رميت حاجة أبوك؟".. هكذا يسأل "حسام" أخاه الأصغر عقب عودته للبيت بعد وفاة الأب، يبدأ الفيلم بسؤال الميراث، ميراث الأب الراحل، دولابه المغلق على بقاياه في المصنع، تاريخه الغامض المتقاطع مع تاريخ "حسام" المتلخص في مطواة قرن الغزال التي يتركها في دولاب منزله قبل الذهاب للمصنع، الكاب الذي يعثرون عليه في دولاب الأب، فيقوم "حسام" بتضييقه ليناسب رأس "مارو"، حكايات الأب الغائب التي يتبادلها زملائه كأنه حاضر بينهم، يتابع الولدين الحكايات، وتعلو وجوههما أسئلة كثيرة عن والدهما وسر رحيله! كأنهما لا يدركان كيف يتجاوبان مع ذكراه المعلقة على سؤال الرحيل المربك والسري. "المستعمرة" "المستعمرة" هو اسم المكان الموجود به المصنع القديم الذي كان يعمل به الأب، وهي منطقة تقع ما بين مدينتي القاهرة والإسكندرية، نرى لافتة تشير إليها في البداية، صفة القدم الملحقة بالمصنع لا تعني الأصالة! بل آثار الزمن المتهالك والمتصدع في كل ركن، يبدو المصنع أقرب للأطلال منه لبيئة عمل نشطة ومنتجة، بل لا يبدو أنه ينتج شيئاً سوى الأسئلة والأسرار، كأنه محط عبودية من دون عمل، أطلال ما بعد الأب وما بعد حتى الأسئلة المعلقة، ما بعد الحياة القصيرة غير المفهومة، التي لم تترك سوى أثر غير طيب يلوح في عيون الزملاء خوفاً من أن يباح به فيتسبب في المزيد من الألم والأسرار المقلقة والسخيفة. حين نرى المصنع بزوايا التصوير العديدة التي قدمها رشاد نتساءل: هل يمكن أن تنتج هذه الأطلال سوى خردة بشرية!، نفوس منهكة وأسرار كامنة وعلاقات مبتورة وعيون لا تنام!. أين تقع "المستعمرة" بالنسبة لمن لا يعرف المكان؟، لا يوجد بحر أو علامة جغرافية مميزة، "المستعمرة" حيث إنتاج مجهول، وطفل يعمل محل أباه! وتمرد مستمر ضد ما هو مستتر، هل مات الأب كمداً. أما انتقاماً؟ إهمالاً من المهندس المسؤول أم تلاعب بالماكينة من أجل رد الاعتبار حسب ما يشاع عن الزميل المتورط في سر الموت!. ثمة تعمد واضح لبعض التجريد، ليس فقط في الجغرافيا، ولكن في الشخصيات نفسها، وفي اللغة القابضة على الصمت أكثر من البوح، حوار الفيلم مقتصد، محتقن، فاتر حتى بين الأم وأبنائها، تطلق الشخصيات الجمل كأنها متعبة، مثقلة بالأسرار والغضب والكبت الطويل. "مارو" "مارو" ينظر إلى "حسام" على اعتبار أنه مثله الأعلى، لا لشيء سوى لأن "حسام" بلغ مرتبة الحرية التي يتمناها، يراوده هاجس التحرر الكامل من سطوة الأم المتمثلة في مرضها (رجل الفيل)، وهو مرض يشوه هيئة الساق، ويجعلها في حاجة لدهانات مستمرة لا يقوم بها سوى الابن الأصغر الراغب في الانفلات من البداية. يرتدي "مارو" تيشيرت "حسام" دون استئذانه، كأنه يقول له أريد أن أكون في حذائك، يراقب سكناته، يتبعه كتلميذ يتعلم، ينتشي داخلياً عندما يصطحبه "حسام" لجلب الحشيش من أجل مهندس المصنع البارد. يبدو "مارو" في مستواه المجازي مثل سؤال ملح، لا يتوقف عن إطلاق علامات الاستفهام، طفولي وراغب في التصالح مع العالم بالعثور على إجابات مريحة، حتى لو لم تكن مقنعة بالنسبة له، يسأل "حسام" عن الثأر لأبيه والجبل -الجبل هو استعارة معروفة تخص إيواء الخارجين عن القانون- وساكنيه. يعيدنا السؤال عن الجبل لحزمة التجريد المتعمدة، "مصنع- بيت- جبل- طريق" رغم ألف ولام التعريف، إلا أن المحددات غائبة، والجغرافيا لا تشغل بال الأسئلة ولا الشخصيات، هي متورطة فيها؛ لأنها واقعها ولا يعنيها تحديده أو تأطيره. نعود لـ"مارو"، نراه يقف على الطريق منتظراً أن "يقضي" حسام الحشيش من صديقه الديلر بعد أن طلب منه المهندس بالأمر المباشر مساعدته في ذلك، بحكم خلفية" حسام" المعروفة بالنسبة للمهندس، أنه ابن ليل ومنحرف حسب ما كان أباه الغائب يحكي. لفهم جانب كبير من الحركة الداخلية في الفيلم، علينا تتبع العلاقة بين لقطات "حسام" و"مارو"، على سبيل المثال حين يسأل صديق الأب الذي ساعد "حسام" في الهروب بعد مقتل المهندس (هتعمل إيه؟) لا نرى رد السؤال على وجه "حسام"! بل نرى "مارو" وهو نائم على الرمل، كأن السؤال موجه له هو وليس لأخيه! أو كأن "حسام" في هذه اللحظة هو "مارو" المستلقي نائماً في تعب وإعياء. التتبع يجعلنا ندرك في مستوى ما، أن "حسام" و"مارو" أقرب لشخص واحد، أحدهما شاب والآخر طفل، لا يجمع بينهما فقط الرغبة في الثأر للأب أو محاكمة غيابه القسري، ولا يجمع بينهما التيشيرت ولا المطواة التي ينتهي الفيلم و"مارو" يحدق في الفراغ ممسكاً إياها، يجمع بينهما كل هذا وأكثر، حتى في علاقتهما بالأم التي يتصالح معها "حسام" بالجلوس أسفل قدمها المصابة بدل "مارو" ودهانه لها. محاكمة الأب في فيلمه الأول "النسور الصغيرة"، يضع محمد رشاد أباه الحرفي -الذي كان عاملاً في مصنع ذات يوم- في دائرة سؤال المحاكمة الوجودية لفكرة الأبوة ومفهومها وسياقتها الملتبسة على الشاب السكندري صاحب الطموح الإبداعي والحالة الطبقية المزعجة وغير المريحة، يقارن بين أباه وآباء أصدقائه، يستحضره ويغيبه عدة مرات مستعيناً بتقنيات البوح والمجاز في الفيلم التسجيلي. وفي تجربته الروائية الأولى يحضرنا الأب مرة أخرى، في غيبته القسرية، كسؤال وجودي جديد! يحاكمه "حسام" من أول مشهد معنفاً أمه عن أسلوب تربية "مارو" المنفلت والمتمرد، ثم يعاود محاكمته عندما يكتشف أن الأب قبل رحيله لم يترك حكاية عن انحراف "حسام" إلا وسردها لزملائه، وهو سبب توجس "حسام" منهم بعدما وجدهم يتبادلون الحكايات بأريحية، من دون خجل أو ذوق نسبي. يظل الأب حاضراً في غيابه حتى النهاية، فلا ندري هل تسببت الماكينة في وفاة مهندس الصيانة، الذي أصبح بالنسبة لـ"مارو" و"حسام" هو المتهم الأساسي في موت الأب بالإهمال أو التراخي المتعمد، أم أن "حسام" قرر أن يستجيب لسؤال "مارو" التأنيبي "جاي تتشطر عليّا ومش عارف تجيب حق أبوك!"، حين يعاتبه "حسام" على اشتباكه مع شاب أكبر منه في المصنع بحكم احتقانه الدائم كطفل فقد أباه من دون سبب مفهوم بالنسبة له. "عبير" أكثر ما يفسده ميراث الأسئلة هو الانشغال عن الحياة بالإجابات التي قد لا تأتي!. تفوح "عبير" -زميلة "حسام" الشابة في المصنع- بقدر من الأمل المحجوب خلف جهامة الواقع، ترصده يوم وفاة الأب، وتشغله بالمكالمات الغامضة إلى أن يحدد شخصيتها. يأمل فيها إلى حد الرغبة في أن ينفلت من دسامة الحزن والغموض بين ذراعيها الرقيقين، واللذان لا تملكان أن تدفع عنه هماً ولا سؤال. نراه وهو يحتضنها وسط رمادية المصنع وبؤس جدرانه، فتضاف إلى حزمة الأسى التي نستشعره، حين نرى "حسام" وهو يستعد للصعود إلى الجبل مرة أخيرة، وربما من دون رجعة، يضاف سؤالها "إيه اللي حصل يا حسام؟" إلى سؤال الأم الذي سوف يظل معلقاً في رأس "مارو" طويلاً "أخوك فين؟". * ناقد فني

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store