أحدث الأخبار مع #مباركوزمانه


السوسنة
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- السوسنة
عمرو موسى .. رجل كل العصور
لا أريد في هذه العُجالة أن أخوض في تفاصيل حياة السيد عمرو موسى، وزير خارجية مصر الأسبق، والأمين العام الأسبق لما يُسمى بالجامعة العربية؛ ذلك الكيان الذي تحوّل إلى متحف سياسي في أحد أحياء القاهرة، ولم يبقَ منه سوى الاسم.بادئ ذي بدء، نؤكد أن السيد عمرو موسى هو ابن مرحلته، ونتاج مرجعية سياسية أسقطها الشعب المصري في ثورة 25 يناير المجيدة. إنه جزء من مرحلة ما بعد كامب ديفيد، التي انتقصت من مكانة مصر والعرب ولم تُقدِّم شيئًا يُذكر، تمامًا كما فعلت "أوسلو" و"وادي عربة"، وصولًا إلى صفقات مشبوهة مع أنظمة ترفع شعار السلام زورًا، تحت الرعاية الأمريكية – الوجه الآخر للكيان الصهيوني – وكان عمرو موسى أحد أبرز نجوم تلك المرحلة، بما فيها من إخفاقات ومآسي.ولعل بروز اسم عمرو موسى جاء من خلال توليه وزارة الخارجية، حيث أدى دوره ببراعة ضمن حدود النظام، ونجح في تسويق نفسه عبر شعاراتٍ فارغة وعنترياتٍ خطابية ساعده عليها عمله الطويل في الخارجية، التي أكسبته مهارات في قراءة الشارع العربي والمصري ورفضه الظاهري للصفقات السياسية التي أُبرمت خلف ظهر الأمة.كان يخاطب الناس بما يحبون سماعه، وفي الوقت ذاته يؤدي واجبه كوزير في نظام مكروه ومُحتقر من فئات واسعة من الشعب. وسقط القناع عن "الطاووس المنتفش" حين تولى منصب الأمين العام للجامعة العربية، ولن يغفر له التاريخ مشاركته في منح الناتو "الشرعية" لتدمير الدولة الليبية، ما أدى إلى استشهاد العقيد معمر القذافي ورفاقه، ونهب خيرات ليبيا. ومن هذا الموقف المخزي سقطت ورقة عمرو موسى تمامًا.جاءت ثورة 25 يناير لتجعل من النظام الذي مثّله موسى صفحةً سوداء في التاريخ المصري، ومع سقوط النظام مارس عمرو موسى دور "البهلوان السياسي"، رجل كل العصور، وبدأ يسوّق نفسه مجددًا من خلال مذكرات حاول من خلالها النيل من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، بذكر حادثة "الجبنة السويسرية"، وهي رواية لم يصدقها حتى أشد خصوم عبد الناصر.لم تُقرأ مذكراته إلا من قِبل من وُزعت عليهم مجانًا وبعض "أيتام" المرحلة البائدة، لأن للتاريخ ذاكرة لا تخطئ، وعيونًا لا تُخدع، وشعوبًا لا تُزوَّر إرادتها.واليوم، وبعد تجاوزه التسعين من عمره، يخرج علينا عمرو موسى بتصريحات غريبة، يُعلن فيها "كفره السياسي" بعبد الناصر بعد نكسة 67، متجاهلًا أنه كان جزءًا من الأزمة. ويشير بشكل غير مباشر إلى فشل ثورة 23 يوليو، في محاولة بائسة للتقرب من خصوم الثورة، ولفت انتباه السفارة الأمريكية وسفارات بعض دول الخليج، لعلّه يجد لنفسه موطئ قدم بعد أن ألف حياة الأضواء. لكنه لم ينل إلا الانتقادات، حتى من مؤيدي النظام المصري الحالي.وأذكر أنني حضرت محاضرة ألقاها السيد عمرو موسى في مكتبة شومان، بدعوة من صديق مهتم، وكان برفقته دولة الأستاذ طاهر المصري. وخلال مداخلتي، أكدت أن السيد موسى ليس مؤهلًا للحديث عن المستقبل، لأنه ينتمي إلى نظام لفظه الشعب في ثورة 25 يناير.وسألته عن مقالٍ له نُشر في جريدة الأهرام بعنوان "أفلاطونيات الستينات"، وسألته أيّ النظامين أفضل: نظام عبد الناصر الذي اعتمد على قدرات الشعب والأمة، أم نظام السادات الذي صرّح بأن "99% من أوراق الحل في يد أمريكا"، والتي هي الوجه الآخر للعدو الصهيوني؟جاء رده مرتبكًا، فأشاد بعبد الناصر، ثم عاد ليهاجمه من باب "النكسة"، وأشاد في الوقت ذاته باتفاقية كامب ديفيد، التي كان جزءًا منها. ولم يقرأ على ما يبدو ما كتبه الأستاذ محمد حسنين هيكل في كتابه "مبارك وزمانه: من المنصة إلى الميدان"، بأن مبارك جاء نائبًا للسادات بتوصية من السفير الأمريكي.وقد قوبلت مداخلتي حينها بتصفيق ثلاث مرات، لا لشخصي، بل لكلمة حق قُدّر لي أن أقولها.ويبقى السؤال: ماذا يريد عمرو موسى من هذه الشطحات المتكررة؟ هل هي خَرَفُ نهاية العمر؟ أم رسائل لأنظمة الاعتلال العربي المعروفة بعدائها لسياسات عبد الناصر؟ أم هي رسائل موجهة لأمريكا ليُعيد إنتاج نفسه من جديد بعد التسعين؟ولله في خلقه شؤون


إيطاليا تلغراف
١٧-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- إيطاليا تلغراف
ما أجمل أيام المغرب الماطرة
إيطاليا تلغراف طلحة جبريل كان ذلك الصباح ماطراً، تهاطل مطر غزير بعد فترة انقطاع. يقال في المغرب إن أمطار هذه السنة أنعشت ذاكرة التسعينيات. فضلت أن أمشي تحت المطر واستمع للموسيقي. في الطريق نحو محطة القطار' الرباط أكدال '. شعرت بنشوة. كنت أستمع لأغنية حب جميلة لا أفهم كلماتها للمثل الهندي الراحل شامي كابور. أغنية ترسل رعشة مثيرة مثل قطرات المطر، وتمنح طاقة مدهشة، سرت في دواخلي بهجة، ونسيت الكثير من المنغصات والتفاصيل المملة، ووجدت نفسي أعيش راحة بال إلى حد كبير، وحالة خدر لذيذ. ثم استمعت إلى أغنية أخرى للمغنية الفرنسية نتالي كاردون، وهي تغني بالإسبانية، لم أفهم كلمات الأغنية لكن من الواضح أنها في رثاء أرنستو تشي جيفارا ، عندما تنطق المغنية اسم ذلك الثائر الأسطوري ينهمر صوتها مثل المطر. في القطار نحو الدار البيضاء كانت زخات المطر على النافذة الزجاجية تبعث على الارتياح . كنت أحمل معي خمس صحف يومية، وكتابين. شرعت في قراءة الصحف، بين الفينة والأخرى أتأمل قطرات المطر على زجاج عربة القطار، أفسد هذه الأجواء الجميلة، مسافر يستمع من هاتف محمول إلى مسرحية بالفرنسية، وصوت الهاتف مرتفع إلى حده الأقصى. بادرت سيدة في العربة وطلبت منه أن يستعمل سماعات. عاد الهدوء للعربة، واستمر صوت زخات المطر. كنت أحمل كتابين، وهي عادة وجدتها مفيدة للغاية. الكتاب الأول، بعنوان 'مصر إلى أين .. ما بعد مبارك وزمانه' وهو الكتاب الثالث عن 'مبارك وزمانه'. وفي الكتاب توثيق غير مسبوق. يقول محمد حسنين هيكل' لم أكن أريد لنفسي ولا لغيري من جيلي أن نتدخل، فكلنا الآن في الغروب أو على مشارفه والصبح والظهر والعصر لها أصحابها'. وهي إشارة واضحة إلى أنه لم يكن يريد أن يتحدث عن حسني مبارك وزمانه، لكن وجد نفسه مدفوعاً إلى الكلام. كتاب وثيقة تركه هيكل خلفه بعد أن غادر دنيا الناس هذه في فبراير 2016 . أقول بوضوح إن إعجابي بالصحافي والكاتب محمد حسنين هيكل، يماثل إعجابي بالصحافي الأسطوري بوب وإدوارد، كنت محظوظاً أن التقيهما في لندن وواشنطن . وفي ظني أن هيكل وبوب يمثلان نموذج 'الصحافي الاستقصائي'. إذ أحس أحد من خلال ما أكتب أن إعجابي بهما ظاهر فهذا الإحساس صحيح ولست أداريه. كلاهما صعد بالمهنة إلى أعالي القمم . الكتاب الثاني بالإنجليزية' flowers for Mrs. Harris' (زهور للسيدة هاريس) للكاتب الأميركي بول جاليكو، قرأت منه صفحات على وقع زخات المطر، وهي رواية مشوقة أقرأها للمرة الثانية. يكتب جاليكو بإنجليزية فاخرة عن منظفة تعمل في منازل الطبقة المتوسطة في لندن، ظلت طيلة حياتها تحلم بالسفر إلى باريس لشراء فستان من متجر 'ديور'. كتاب ممتع . ما أجمل الأيام الماطرة. إيطاليا تلغراف