logo
#

أحدث الأخبار مع #محمد_أشرف_هيرا

الكوفي الفاطمي.. الروح تعانق الحرف
الكوفي الفاطمي.. الروح تعانق الحرف

صحيفة الخليج

timeمنذ 3 أيام

  • نمط الحياة
  • صحيفة الخليج

الكوفي الفاطمي.. الروح تعانق الحرف

الشارقة: رضا السميحيين في عناق أخَّاذ بين المعنى والحرف وبين الروح والخط، تقف لوحة الخط العربي التي تحمل الآيتين الكريمتين من سورة الشرح: «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً»، بوصفها شهادة آسرة على قدرة الفن الإسلامي على ترجمة النص القرآني إلى عمل بصري يفيض بالإيحاء والجمال. في هذه اللوحة للخطاط الباكستاني محمد أشرف هيرا، التي تزاوج بين براعة الكوفي الفاطمي والزخارف الإسلامية الكلاسيكية، تجاوزت عتبات الجمال الفني والبصري، لتغدو لوحته نصا تأويليا ينطق بالطمأنينة عند تعاظم المحن والأزمات، حاملة رسالة قرآنية خالدة عن الرجاء والأمل، مغلفة بإتقان بلغة فنية إسلامية طالما كانت مرآة للعقيدة والهوية. الآيتان الكريمتان تحملان تكراراً مقصوداً يشد الانتباه ويعمق الأثر «مع العسر يسرا»، وكأن النص يريد أن يقول: إن اليسر ملازم للعسر، يتخلله لا يتبعه فقط، هذه البنية اللغوية الفريدة، حين تتجسد في عمل فني، تتطلب حساً رفيعاً بالتوازن والدقة، وهو ما نجده متحققاً في هذه اللوحة التي لا تكتفي بنقل النص، بل تحتضنه وتبنيه بصرياً ومعنوياً. تشكيل اختار الخطاط أسلوب الخط الكوفي الفاطمي وهو من أنماط الخط الكوفي المربع ويتسم بخصائص هندسية واضحة من حيث الزوايا القائمة والخطوط الأفقية والرأسية الغليظة وبوحدات قياس ثابتة تضيف إلى النص إيقاعاً بصرياً صارماً ولكنه باذخ الجمال أيضا، جعلته أقرب إلى الأرابيسك الخطي منه إلى مجرد حروف، فصار الخط جزءاً من الزخرفة والزخرفة جزءاً من المعنى. وظفت اللوحة الآية الكريمة بما يتجاوز بعدها النصي، لتغدو بنية بصرية كاملة، تنهض على نظام دقيق من التكرار والتقابل والتماثل جاءت فيها الحروف لتذكرنا بمعمار القباب والمآذن، إذ ترتفع عمودياً كأنها تنهض من قاعدة وتعلو نحو السماء، في إحالة إلى المعنى الروحي للنص القرآني ويظهر النص محاطاً بتوازن رياضي صارم، فتتقاطع الحروف في تشكيل أقرب إلى البناء المعماري وهو أسلوب لطالما استخدم في المساجد والمدارس القرآنية، لكونه يمنح النص وقاراً وهيبة خاصة، كما أن الحروف ليست منحنية أو لينة كما في خط الثلث أو الديواني، بل تتخذ شكلاً معمارياً هندسياً حاد الزاوية وصلب التكوين، يعكس في رمزيته طبيعة «العسر» ذاته، بينما يكشف انتظامها وتوازنها عن حضور مكثف لرمزية معنى «اليسر». تناظر تمتاز اللوحة بتقسيم ثنائي قائم على المحور العمودي الأوسط، إذ تنقسم إلى جزأين متماثلين يمين ويسار المركز، ما يمنحها صفة التماثل المرآوي وهو من أبرز خصائص الفن الإسلامي، حيث يتكرر الشكل ويتناظر ليحاكي مبدأ الوحدة في التعدد، بحيث إن النص القرآني نفسه يتكرر مرتين في الآية وجاء التكرار البصري موازياً لهذا المعنى النصي. تحيط بالنص زخرفة هندسية ونباتية، تبدأ من الحروف نفسها التي تتفرع لتكوِّن أشكالاً تشبه الأشجار أو السعف المتشابك، في إحالة رمزية مبدعة إلى الشجرة التي تعني الحياة والعطاء بعد الصبر أو النماء بعد الضيق وتستكمل هذه الزخارف في الوسط بأشكال نجمية متعددة النقاط، وقطف نباتية تتخذ مواقعها بدقة لتملأ الفراغات دون أن تطغى على النص. الإطار الخارجي للوحة مزدان بنقوش نباتية دقيقة، كنمنمة معمارية تنبض بروح الفنون الإسلامية، تتكرر دائريا في استدعاء لجمالية السجاد الإيراني أو المصاحف المخطوطة، بينما الأرضية الداخلية للّوحة بلون عاجي محايد يبرز الزرقة القوية للحروف، التي تُماثل لون القباب الزرقاء في المساجد. اعتمد الفنان على ثنائية لونية محكمة، الأزرق الملكي للحروف، في مقابل لون الخلفية العاجية، مع لمسات دقيقة من الذهبي والأحمر القاني في الزخارف المركزية وخدمت هذه الثنائيات اللونية التوازن البصري في اللوحة وعززت التدرج السلس من النص إلى الزخرفة ومن المعنى إلى التجريد، حيث يبدو كل عنصر في اللوحة في مكانه الصحيح. إضاءة ولد محمد هيرا عام 1991، عمل في لاهور معلماً للزخرفة وفن الخط بمركز دراسات الحفظ والترميم (كلية الفنون الوطنية)، شارك في أكثر من 100 معرض ومهرجان دولي للخط في دول العالم المختلفة منذ 1999 ونظم 6 معارض فردية لفن الخط على الصعيدين المحلي والدولي، شارك كعضو لجنة تحكيم في الحلقة الدراسية والمسابقة الدولية في فن الخط عام 2017 وفي المسابقات الوطنية للفنون المرئية وفن الخط منذ عام 2014 حتى عام 2020 لأكثر من 50 مرة بإيران وفي 31 مسابقة دولية لفن الخط منذ عام 2004 حتى عام 2018.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store