أحدث الأخبار مع #محمدعبدالقادراليوسفي


يمن مونيتور
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- صحة
- يمن مونيتور
"عطش في عروق الثقافة".. تعز تغوص في أزمـة مائية تهدد وجودها الإنساني (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من محمد عبدالقادر اليوسفي على أطراف حي الضربة وسط مدينة تعز (جنوب غربي اليمن)، تقف أم سليم يوميًا عند زاوية حوش منزلها بقلقٍ مُرهق، تراقب الأفق بحثًا عن أي أثر لصهريج المياه المنقذ. مرّت خمسة أيام عصيبة منذ أن دَفعت 18 ألف ريال – ما يعادل نصف راتب زوجها الشهري – لتعبئة خزان منزلها بصهريجٍ لا تتجاوز سعته ألفي لتر. تقول بصوتٍ يختلط فيه اليأس بالألم: 'صرنا نُنفق على الماء ضعف ما نُنفقه على الطعام، لكن حتى هذه السلعة صارت سرابًا نطارده كل يوم'. في المدينة التي نُعِتت يومًا بـ'عاصمة الثقافة اليمنية'، تتحول مشاهد الانتظار المُذِل خلف صهاريج المياه إلى روتين يومي، وسط أزمة متشعبة الأسباب: جفاف يضرب الأحواض المائية، واستنزافٌ جائر للآبار، وتقاعسٌ مؤسسي مُريب. بينما تُسجل أسعار المياه ارتفاعاتٍ جنونية، يغيب أي تدخل عاجل من الجهات الرسمية، وكأن حياة الآلاف وكرامتهم باتت رهينة سوقٍ سوداء تتحكم بها أيادٍ خفية. ماء أم خبز؟.. معادلة البقاء المستحيلة في حي البعرارة، يقطع علي حسن – عامل بأجر يومي وأب لأربعة أطفال – مسافة كيلومترين يوميًا حاملًا جرارات بلاستيكية فارغة. وجهه المُتعب يختصر معاناةً جماعية: 'أقضي ساعتين يوميًا لأملأ الجرار من خزان مدرسة مهجورة. إذا ذهبت للعمل، نحرم من الماء، وإذا جلبته، نفقد قوت اليوم'. كلماته لا تصف حاله وحده، بل حال آلاف الأسر التي تحوَّل الماء لديها إلى 'هاجس وجودي' يُهدد استقرارها المعيشي. تؤكد لميس الصوفي – إحدى سكان المدينة – أن الأزمة تجاوزت كل التوقعات: 'وصلنا لمرحلةٍ كارثية. لا خدمات أساسية، ولا كهرباء، والماء صار سلعةً نادرة بأسعار خيالية'. وتضيف في حديثٍ لـ'يمن مونيتور': 'خمسة آلاف لتر من الماء تُكلف الآن 40 ألف ريال، بعد أن كانت 20 ألفًا قبل أشهر. حتى المطر صار شحيحًا، وكأن السماء تشارك في حصارنا'. من جانبه، يصف محمد الصبري من حي الجمهوري الوضع بأنه 'حصار مائي مُتعمَّد': 'الماء أضحى أزمة كل بيت. نعيش تحت سطوة سماسرة الصهاريج، بينما الجهات الرسمية تتعامى عن معاناتنا'. المدارس والمستشفيات.. ضحايا غير مباشرة لا تقتصر الكارثة على المنازل، بل تمتد إلى المدارس والمراكز الصحية التي تتحول إلى مساحاتٍ مهددة بالأمراض بسبب انعدام المياه النظيفة. في مدرسة 'النهضة' التي تحوّل فناءها إلى نقطة تجميع للمياه – يقول مدير المدرسة: 'التلاميذ يغيبون أيامًا بسبب أمراض الإسهال. كيف نُعلمهم تحت شمسٍ حارقة وهم عطشى؟'. مؤسسة المياه: غيابٌ في لحظة مصيرية رغم تفاقم الأزمة، تغيب مؤسسة المياه المحلية عن المشهد تمامًا. شبكة الأنابيب في أحياء 'الحوض' و'الحصب' و'بئر باشا' – التي كانت يومًا مصدر فخر – تحوَّلت إلى هياكل صدئة. يقول أحد السكان: 'الأنابيب مجرد ديكور منذ سنوات. كأنها نصب تذكاري لعصرٍ كان الماء فيه حقًا، لا امتيازًا'. عند محاولة التواصل مع مدير المؤسسة، لم يُجب على اتصالات 'يمن مونيتور'. لكن مصدرًا إداريًا – طلب عدم الكشف عن اسمه – برر التقاعس بـ'انعدام الكهرباء والتمويل'. إلا أن مراقبين يُشيرون إلى أن هذه المبررات لا تُخفف من الجرم المزدوج: إهمال المؤسسة، وتواطؤها الضمني مع شبكات استغلال الأزمة. المبادرات الدولية.. قطرة في محيط العطش في ظل غياب الدولة، تحاول منظمات دولية تقديم حلولٍ ترقيعية، مثل توزيع خزانات أو صيانة آبار مجتمعية. لكن المهندس أحمد الصنوي – منسق مشاريع مياه سابق – يرى أن هذه الجهود 'لا تُغطي 15% من الاحتياج الفعلي'. وأضاف في حديثيه لتقريرنا: 'المشكلة بنيوية. الاعتماد على الصهاريج خلق سوقًا سوداء يهيمن عليها المتنفذون، بينما يُدفع المواطن ثمن الفساد واللامبالاة'. جفافٌ مناخي.. وحربٌ تُجفف الأرض يربط الخبير البيئي عبدالكريم السبئي الأزمة بالتغير المناخي: 'انخفضت معدلات الأمطار 60% خلال عقد، ما أدى لتناقص تغذية الخزانات الجوفية'. ويحذر: 'تعز مُهددة بجفاف شامل خلال 5 سنوات إذا استمر الاستنزاف. نحن أمام خطرٍ وجودي'. من جهته، يُحمِّل الصحفي بلال المريري أطراف الحرب مسؤولية استغلال المياه كسلاح: 'الأحواض الشمالية تحت سيطرة الحوثيين، والآبار المتبقية ملوثة أو جافة بسبب التوسع العشوائي في زراعة القات'. ويشدد على أن الحل الجذري يكمن في 'تنفيذ مشروع محطة تحلية مياه البحر في المخا'، الذي جُمِّد بسبب الحرب. الماء رفاهية.. والحياة انتظارٌ وسط هذا المشهد، يبدو سكان تعز وكأنهم أمام خيارين مريرين: إما دفع نصف دخلهم لشراء الماء، أو الاستسلام لعطشٍ يهدد صحتهم وحياتهم. بينما تغيب خطط الإنقاذ، تترسخ قناعة بأن الماء – ذلك الحق الأساسي – صار هنا سلعةً تُقاس بالدماء، لا بالأموال. و في المدينة ذات الكثافة السكانية العالية والتي طالما ناضلت من أجل البقاء، تُكتب الآن فصولٌ جديدة من المعاناة، حيث يُختزل الإنسان إلى مجرد ظمءٍ يسير على قدمين.


يمن مونيتور
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- أعمال
- يمن مونيتور
كارثة اقتصادية في اليمن.. هل ينقذها رئيس الحكومة الجديد؟
يمن مونيتور/ من محمد عبد القادر اليوسفي تعاني اليمن في الفترة الحالية من أزمة اقتصادية خانقة، حيث تخطى سعر صرف الريال اليمني حاجز 2500 ريال مقابل الدولار الأمريكي و670 ريال مقابل الريال السعودي. وقد كانت الأسعار في الأشهر الماضية لا تتجاوز 250 ريال للدولار و54 ريال للريال السعودي، مما أدى إلى تفاقم معاناة ملايين المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر. في سياق متصل، أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي قرارًا بتعيين سالم بن بريك رئيسًا للوزراء، وسط توقعات من خبراء الاقتصاد بحدوث هدوء حذر في أسواق الصرف على المدى القريب. وأشار الخبراء إلى أن الخلافات السياسية بين الحكومة السابقة ومجلس القيادة ساهمت في هبوط العملة المحلية، معتبرين أن أسعار الصرف أصبحت تستخدم كأداة ضغط سياسي. تظاهرات تعكس الغضب الشعبي وفي ظل هذا الوضع المتدهور، خرجت تظاهرات كبيرة في مدينة عدن، تعبر عن الغضب من تدهور الأوضاع المعيشية. ورفع المتظاهرون مطالب للحكومة بضرورة التدخل العاجل لوقف انهيار العملة وتحسين خدمات البنية التحتية. أسباب الأزمة وموقف الحكومة وأرجعت الحكومة اليمنية أن الأزمة المالية الحالية ناتجة عن توقف تصدير النفط منذ أكتوبر 2022، نتيجة استهداف جماعة الحوثي للموانئ النفطية، والتي تتمسك بتقاسم عائدات النفط لدفع رواتب موظفي الدولة. وأشار الخبير الاقتصادي سلمان المقراني في تصريح ل يمن مونيتور إلى أن 'تدهور الاقتصادي يهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي، ولا بد من فتح أفق جديد للفقراء وتنمية الطبقة الوسطى، وإلا فإن الحروب والجريمة ستستمر'. ارتفاع قياسي في أسعار المواد الغذائية على خلفية هذا الانكماش الاقتصادي، شهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعات غير مسبوقة. فقد وصل سعر كيس الدقيق (50 كجم) في تعز إلى نحو 59,000 ريال، بعد أن كان يتراوح بين 47 و51 ألف ريال سابقًا. كما ارتفع سعر عبوة الأرز (10 كجم) إلى 30 ألف ريال، بعد أن كانت 25 ألفًا في الأسبوع السابق. هذه الارتفاعات تفاقم من معاناة الأسر، التي اضطرت لتقليص استهلاكها والاقتصار على الضروريات. شهادات معاناة من المواطنين وتروي نعمة الله محمد، مواطنة من تعز لموقع يمن مونيتور عن معاناتها، قائلة: 'رغم عمل والدي ووالدتي طوال الوقت، إلا أنهما لا يستطيعان شراء جميع المستلزمات، ونكتفي فقط بالضروريات'. وتضيف أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية جعل تلبية الحاجات الأساسية أمرًا صعبًا، مما يزيد من أعباء الأسر ويهدد أمنها الغذائي. معاناة المواطنين في عدن فواز المقطري، معلم تربوي في مدينة عدن، يشكو من صعوبات يومية في تأمين احتياجاته الأساسية. ويشير في حديثه لـ 'يمن مونيتور' إلى أن راتبه لا يتجاوز 80 ألف ريال، ما يعادل 115 ريال سعودي بسعر الصرف الحالي، متسائلاً عن كيفية تدبير أمور حياته بهذا المبلغ، خاصةً بعد أن كان راتبه يتجاوز 1500 ريال سعودي. ويصف المقطري الوضع الاقتصادي بـ 'الكارثي' ويعبر عن قلقه من تفاقم الأزمات الاقتصادية في ظل غياب الحلول الفعالة من الحكومة اليمنية. من جهته، يوضح الناشط المجتمعي عميد عارف، في حديثه لـ 'يمن مونيتور'، أن المساعدات الغذائية من المنظمات أصبحت شبه منقطعة، خصوصاً بعد القرارات الأخيرة التي تؤثر على تلك المنظمات. ويشدد على أن العديد من الأسر تعاني من نقص حاد في الغذاء، حيث يضطر الكثيرون إلى البحث في القمامة عن الطعام. ويطلق عارف نداء استغاثة للتحالف العربي والمجتمع الدولي، مطالباً بتحرك عاجل لدعم اليمن في هذه الظروف الصعبة. حلول تساهم في تخفيف الأزمة في سياق متصل، يفسر الخبير الاقتصادي نور الدين العربي أسباب انهيار العملة اليمنية، مضيفا أن من أهمها نقص العملة الصعبة وتوقف المصادر المستدامة للبنك المركزي. ويضيف أنه يجب على الحكومة سرعة إعادة تفعيل الصادرات النفطية وضبط النظام المصرفي. كما يقترح العربي تشكيل لجان اقتصادية تركز على ملفات حيوية مثل استئناف صادرات النفط وتوحيد السياسة النقدية، حيث إن معالجة هذه القضايا ستساهم في تحسين الوضع الاقتصادي وتعزيز قيمة العملة الوطنية. مهمة صعبة أمام رئيس الحكومة الجديد ويرى مراقبون أن رئيس الحكومة الجديد يواجه تحديات جسيمة لتحقيق الاستقرار، وسط تحذيرات من أن الوقت أصبح عاملاً حاسماً في إنقاذ ما تبقى من مقومات الدولة اليمنية. ويأمل المواطن اليمني أن يتبنى رئيس الحكومة الجديد، خطة إنقاذ طارئة تشمل إصلاح النظام المالي، ومحاربة الفساد، وإعادة هيكلة الدعم، والضغط دولياً لفتح قنوات دعم إنساني واقتصادي. ويذهب الخبراء إلى أن استمرار التردد في معالجة الأزمة سيدفع البلاد إلى مجهولٍ يصعب تداركه، خاصة مع تفاقم الأوضاع الإنسانية حيث يعاني معظم السكان من انعدام الأمن الغذائي ونقص الأدوية.