أحدث الأخبار مع #محمودالغزنوي


صحيفة الخليج
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- صحيفة الخليج
آفاق التوتر بين الهند وباكستان
الهند وباكستان، دولتان جارتان، لكن لعنة « الخلافات التاريخية» تلاحق الدولتين، وتهددهما في أي لحظة بانفجار الوضع، واشتعال فتيل المواجهة المسلحة نظراً للعديد من الملفات الشائكة التي تلقي بظلالها بين الفينة والأخرى. لقد نجح الترك المسلمون في حكم الهند والسند مدة ألف عام، وكان السلطان التركي محمود الغزنوي هو أول من دخل بلاد الهند، في أواخر القرن الرابع الهجري، ودمر حواضرها وانتصر على ملوكها، وتواصل من بعده زحف الترك نحو الهند فجاء الغوريون، ومن ثم جاء الملوك العظام من بلاد «فرغانة» في أوزبكستان الحالية، وكان أعظمهم جلال الدين أكبر. ومنذ القرن الثامن عشر بدأ الاستعمار البريطاني في الهند، حتى نجح الإنجليز في القرن الذي يليه في السيطرة على كل أملاك المسلمين في الهند والسند، وأصبحت بلاد الهند درة التاج البريطاني نظراً لاتساعها الذي قارب خمسة ملايين كيلومتر مربع وخصوبة أرضها، وكالعادة مارس البريطانيون لعبة «فرّق تسُد» بين «الهندوس» والمسلمين، ما أدى إلى خلق أحقاد وضغائن تفجرت على شكل مشاهد قتل وترويع نفذها كلا الطرفين بحق الآخر. واستمر الوضع كذلك حتى اضطرت بريطانيا إلى ترك بلاد الهند لمصيرها بعد خسارتها إمبراطوريتها بسبب الحرب العالمية الثانية. وعند ذلك طالب نخب الخوجا «المسلمون» بالاستقلال، وكان على رأسهم محمد علي جناح الذي كان من أتباع الأغا خان. جلس الطرفان إلى مائدة التفاوض، بإشراف لويس مونتباتن الذي كان نائباً للملك البريطاني على بلاد الهند. فتم تقسيم درة التاج البريطاني على أساس الأغلبية، فالأقاليم والولايات ذات الأغلبية المسلمة تم إخراجها من سلطان دولة الهند، وكانت كشمير موضع خلاف كبير بين الطرفين المتفاوضين، وأصرت الهند على بقائها في حوزتها، لأن كشمير ذات رمزية كبيرة للهنود، فمنها المعلم «بياس بن برشر» الذي أعاد تجديد الخط السنسكريتي، وضبط حركاته كما هو عليه الآن، وذلك كما يقول البيروني في كتابه «تحقيق ما للهند من مقولة». وكان يحكم هذه الولاية، آنذاك، المهراجا هاري سينغ حفيد رانبير سينغ، الذي كان أحد أتباع البريطانيين. وقد رفض هذا الحاكم، بتوجيه غير علني من القادة الهنود، الانضمام إلى دولة المسلمين التي قامت عام 1947 تحت اسم «باكستان» أي «الأرض الطاهرة». وعند ذلك شنت باكستان حرب عصابات تهدف إلى تخويف حاكمها وإجباره على الخضوع، ودخل الجيش الهندي كشمير وطرد القوات غير النظامية الباكستانية من قسم كبير من كشمير. وفي أواخر عام 1948، تم الاتفاق على وقف إطلاق النار تحت رعاية الأمم المتحدة. وأصبحت الهند تستحوذ على نصف كشمير، بينما تستحوذ باكستان على الثلث، وأما الباقي في الشمالي الشرقي وممر خيبر، فهو تابع للصين. ومنذ ذلك الوقت توترت العلاقات بين الهند وباكستان، وقامت حربان أخريان بسبب كشمير في عامي 1965 و1999. إضافة إلى حرب ثالثة عام 1971 أدت إلى انفصال الإقليم الشرقي عن باكستان وقيام دولة «بنغلاديش». إن التقسيم لم يحل المشكلة السكانية بين الهند وباكستان، فلا تزال هناك ولايات ذات أغلبية مسلمة داخل الهند، مثل «أوتار براديش» و«حيدر آباد»، وهناك اليوم مئتا مليون مسلم في الهند، وهم أكثر من سكان دولة باكستان. وأي حرب قد تقع بين الدولتين سوف يتضرر منها السكان على اختلاف أديانهم. وقد تزايدت المخاوف، مؤخراً، من اندلاع حرب بين الهند وباكستان بعد مقتل ما لا يقل عن ستة وعشرين هندياً كانوا في حافلة بكشمير، بعد أن أطلق مسلحون النار على الحافلة. وألقت الهند باللوم على باكستان، واصفةً الهجوم بأنه «إرهاب عابر للحدود»، واتخذت إجراءات تشمل إغلاق الحدود البرية الرئيسية بين البلدين، وسحب تأشيرات الدخول للباكستانيين، وإصدار أوامر لجميع الرعايا الباكستانيين بمغادرة البلاد، باستثناء الدبلوماسيين المتبقين. وقال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إن المسؤولين عن الحادث سيُعاقبون «حتى أقاصي الأرض». وقد نفت باكستان مسؤوليتها، وصرّح وزير الدفاع خواجة آصف، بأن الهند «دبّرت» الهجوم بعملية «زائفة». وأيّاً يكن الفاعل، فإن هذه الأزمة الناشئة بين الدولتين، خطرة للغاية، لأنها تأتي في ظل واقع دولي صعب بسبب تفاقم الصراعات بين القوى العالمية العظمى، ولا سيما بين الولايات المتحدة والصين، ومساعي كل من هاتين الدولتين لمحاصرة الدولة الأخرى. لقد نجحت الهند في تطوير اقتصادها بشكل كبير وأصبحت من أكبر القوى الناشئة في العالم، بينما لا تزال باكستان تعاني مشاكل اقتصادية تعوق تقدمها، ورغم أن الدولتين تملكان أسلحة نووية، لكن هذا السلاح لا يحسم المعارك، بل هو أداة للدمار الشامل فقط، ولا يمكن التعويل عليه في الحروب، بل إن التعويل الأساسي للجيوش ولاقتصاد الدول المتحاربة، ولن تكون الحرب بين هاتين الدولتين أمراً سهلاً، بل قد تؤدي إلى قتل الملايين من شعبيهما، وإلحاق أضرار بالغة بالدول المحيطة والعالم. إن صوت السلام أقوى وأبقى من صوت المدافع، فبالسلام تُبنى الأمم وتزدهر، وتُحفظ دماء الشعوب وكرامتها، فهل يتدخل العقلاء لكبح جماح التطرف وإعلاء صوت العقل، وحقن الدماء؟


الرأي
٢٠-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- الرأي
تهجير غزّة إلى أين؟
مضى قرن من الزمان ولا حياة لمن تنادي لا الحكومات العربية الثورية المتعاقبة! ولا الجامعة العربية المتجمدة! ولا الجامعات العريقة! ولا مراكز البحوث الأمنية والإستراتيجية الراسخة! وما أكثرها في عالمنا العربي! التي فقدت بوصلتها في التوجيه للرأي العام ولم تعد قادرة على فعل شيء؟ ولو حتى التنبيه عما اجتاح العالم مثل «كورونا» وثورات الربيع، حيث إننا شهدنا إرهاصات أنه سيحدث تغيير كبير في العالم ولكن مراكز الأبحاث العلمية لا تعيش الواقع! فهي لا تزال في – سُبات عميق - وعلى حد قول المثل (ليس في الإمكان ابدعْ مما كان)! بينما نجد العالم يتجدد ويقتنِص كل ذكرى لإحياء أمجاده وكنوز ماضيه البعيد والقريب من أجل الاستعداد لكل طارئ، ونحن قطعنا الصلة مع ذلك النبع الصافي من تاريخ الفكر المستنير وأصبحنا أيتام حضارة بإرادتنا! وليس ثمة أمامنا ونحن أمام مفترق طريق سوى أمرين اثنين أحلاهما مُرّ – كما يقال – الأول استمرار مؤامرة ثالوث الغرب على العرب والمسلمين وممارسة التطهير العرقي واستبداد الجينات الشقراء وتحالفاتها التاريخية. والثاني قابلية العرب والمسلمين واستعدادهم المريض لتقبّل ذلك الاستبداد مخالفة منهم لفلسفة تراثهم الأصيل الممتد على مدى 14 قرناً من الزمان وصفحاته البيضاء التي تسنم بها القادة الفاتحون عُرى المجد حتى من غير العرب فأعادوا للإسلام عزه وسلطانه أمثال محمود الغزنوي 971 ميلادي الذي فتح بلاد بخارى وسمرقند إلى الكجرات وقنوج وأفغانستان وسجستان وخراسان وكشمير وطبرستان إلى سنة 1030 ميلادي. وقيام الظاهر بيبرس الذي حكم مصر وبلاد الشام ليكمل المسيرة فدحر المغول في موقعة عين جالوت الذين نكبوا بغداد وتصدى للحملات الصليبية وأعادها خائبة من حيث أتت وأعز الله به الإسلام والمسلمين... فهذا تاريخنا وهذا شرفنا وتلك هي أمتنا أمةٌ واحدةٌ. وهذه هي الحقيقة الكبرى بأن الله جل في علاه أراد أن يجعل مسؤولية الأمة في حمل رسالته الأخيرة وهذه الأمانة حمّلها الرسولُ، صلى الله عليه وسلم، الصحابة في حجة الوداع فقال (ليبلغ الشاهد الغائب) وإذا لم تُحسن الأمة سياسة نفسها أذلها الله لأمة أخرى تحكمها وتقيدها مثلما تفعل الشرائع بإقامة القيّم على القاصر أو السفيه وهذه حكمة ربانية ومتى بلغت الأمة رشدها وعرفت غايتها في الحياة استرجعت عزها الغابر وهذا هو مقتضى العدل والحكمة في تداول الأيام. وعليه سيظل هذا التيه وذاك الضياع في الأمة وتزهق الأرواح وتُسرق الأموال وتستباح الديار وسيلاحقنا التهجير والعار (في ظل ما يتداول حول غزة) حتى نعود من جديد إلى ديننا!