logo
#

أحدث الأخبار مع #محمودعجّور

جوائز للصمود الصامت
جوائز للصمود الصامت

العربي الجديد

time٠٢-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • العربي الجديد

جوائز للصمود الصامت

تعبّر صورة الفتى الغزّي محمود عجّور (تسع سنوات) مبتور الذراعين عن عجزنا جميعاً، وهي التقطتها الصحافية الفلسطينية سمر أبو العوف لصالح صحيفة نيويورك تايمز، واختارتها "وورلد برس فوتو" صورةَ العام 2025. فقد محمود ذراعيه في غارة جوّية إسرائيلية على مدينة غزّة في مارس/ آذار 2024. نحن مثل محمود مبتورو القدرة على وقف آلة الحرب الإسرائيلية عن جرائمها كلّ يوم. الطفل صامت مثل صورته، مستسلم للقدر الذي شاء أن تُبتر ذراعاه، وأن يعيش هذه الحالة من دون أن يدري لِمَ عليه أن يدفع ثمناً باهظاً بهذه الكُلفة. بين المصوّرة أبو العوف وموضوع صورتها وحدة حال، فهي تعيش في المجمّع السكني نفسه الذي يسكنه الطفل محمود عجّور في الدوحة في قطر، إذ وجد الاثنان ملجأً هرباً من الحرب. وهي (المصوّرة) وثّقت حياة العديد من جرحى غزّة الذين نجوا بعد أن أجليت من غزّة أواخر عام 2023. قالت أبو العوف في تعليق نشره موقع الجزيرة الإنكليزية: "من أصعب الأمور التي شرحتها لي والدة محمود كيف أن أوّل جملة قالها لها عندما أدرك للمرّة الأولى أن ذراعيه قد بترت كانت "كيف سأتمكن من معانقتك؟". غزّة اليوم موطن لأكبر عدد من الأطفال مبتوري الأطراف لكلّ نسمة من السكّان مقارنةً بأيّ مكان آخر في العالم كانت أبو العوف منحت أيضاً جائزةَ أنيا نيدرينغهاوس للشجاعة في التصوير الصحافي التي تقدّم للمصوّرات الصحافيات اللواتي يُظهرن شجاعةً وإنسانيةً فوق العادة في تغطية مناطق النزاعات في العالم، والجائزة منحت لملفّ من 12 صورة تحت عنوان "غزّة تحت الهجوم"، كلّفتها إياها "نيويورك تايمز"، ونشرت هذه الصور التي تنقل تأثير الحرب على النساء والأطفال، وهو المحور الأساس لعمل أبو العوف الصحافي. اختيرت في العام الماضي (2024) صورة العام أيضاً من خزّان الألم في غزّة، ففازت صورة مصوّر "رويترز" الفلسطيني محمد سالم، وهي لامرأة من غزّة (إيناس أبو معمّر) تحتضن جثمان ابنة أختها (سالي) ذات السنوات الخمس، التي قُتلت مع والدتها وشقيقتها بصاروخ إسرائيلي استهدف منزلهم في خانيونس. اعتبر المصوّر أن الصورة "تلخّص المعنى الأوسع لما يحدث" في القطاع، وبحسب اللجنة التي اختارتها، تقدّم تعبيراً واقعياً ومجازياً في الوقت نفسه عن معنى "خسارة لا توصف". في العام نفسه، كرّمت الجمعية الفرنسية فيزا بور ليماج مصوّرَ وكالة فرانس برس الفلسطيني محمود الهمص، بمنحـه جائزة فيزا دور نيوز (المرموقة) لتغطيته الحرب في غزّة. وهو من قلّةٍ تمكّنوا من مغادرة غزّة. قال الهمص: "حافظتُ على هدوئي من أجل عائلتي، ومن أجل تنفيذ مهمّتي حتى اللحظة الأخيرة"، مضيفاً: "آمل أن تُظهر الصور التي نلتقطها للعالم أن هذه الحرب والمعاناة يجب أن ينتهيا". في تعليق على منح أبو العوف الجائزة، قالت المديرة التنفيذية لمؤسّسة وورلد برس فوتو جمانة الزين خوري: "هذه صورة هادئة تُعبّر بصوت عالٍ. إنها تروي قصّة صبي واحد، ولكنّها تروي أيضاً قصّة حرب أوسع نطاقاً ستترك أثراً لأجيال". الصورة تروي بالأساس حكايةَ عجزنا عن وقف مأساةٍ بهذا الحجم، كما تروي حكايةَ قدرة هائلة غير مفهومة على الصمود من جانب مجتمع يتعرّض للمحو، كما صحافيين وعاملين صحافيين على اختلاف تخصّصاتهم. بعض هؤلاء بات معروفاً عالمياً، ولكن من دون اعتراف فعلي، لغياب الاعتراف أساساً بواقعة الإبادة، باعتبارها أوّل إبادة من نوعها تُنقل وقائعها مباشرة عبر وسائل التواصل. بعض هذه الصور نقل جزءاً من المأساة في غزّة من دون أن ينجح في نقل الصورة الكاملة. بحسب تقارير وكالات الأمم المتحدة، قتل ما لا يقلّ عن 14 ألفاً و500 طفل في إحصاء قد يكون أقلّ بكثير من العدد الحقيقي للأطفال ضحايا الإبادة، ولعلّ صعوبة الاحتساب الدقيق للضحايا هو مقتل عائلات بكاملها دفعة واحدة بشكل فجائي وفائق العنف، ما يجعل عملية تدقيق عدد القتلى من الأطفال أو الرضّع مهمّةً صعبةً جدّاً، لغياب المصدر القادر على التزويد بالمعلومة. بحسب التقارير نفسها، أصيب ما لا يقل عن 110 آلاف شخص في غزّة، من بينهم 25 ألف طفل على الأقلّ، من بين هؤلاء، ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف طفل بُتر لهم طرف أو أكثر، ما يجعل غزّة اليوم موطناً لأكبر عدد من الأطفال مبتوري الأطراف لكلّ نسمة من السكّان مقارنةً بأيّ مكان آخر في العالم، بحسب التقارير نفسها. غزّة اليوم موطناً لأكبر عدد من الأطفال مبتوري الأطراف لكلّ نسمة من السكّان باتت قصّة معاناة هؤلاء الأطفال الذين فقدوا فرصة الحياة الطبيعية تجسيداً لوحشية الحرب، ومادةً للصحف الكبرى ووسائل الإعلام الغربية التي تجد في قصّة هؤلاء الأطفال التعويض عن غياب التغطية الفعلية لحرب الإبادة على غزّة. بات هؤلاء الأطفال، بأجسادهم المبتورة، مناسبةً لنقل العنف غير المسبوق لإبادةٍ تصوّر (وتنقل) مباشرةً من دون أيّ تأثير أو محاسبة للقاتل، ولا حتى اعتراف بوقوع عنف كهذا. علق أحدهم على منصّة إكس قائلاً: "متى يحرق طفل حيّاً في خيمة لا يشكلّ الحدث خبراً عاجلاً طالما كان فلسطينياً". قد تكون مأساة غزّة مناسبةً للاعتراف الدولي بالصحافة المحلّية، وبعض الصحافيين كان له الحظّ بالخروج من القطاع الذي تحوّل ميداناً للقتل. قد يرغم هذا التكريم بعض الصحافيين والمصوّرين الصحافيين على إعادة النظر في دور هؤلاء باعتبارهم الشاهد على معاناة أهلهم، وناقليها، في حين أنهم في الوقت نفسه جزء منها. يقول معظم هؤلاء، تعليقاً على منحهم جوائزَ، إنهم تمكّنوا من الهدوء ومتابعة العمل نظراً إلى وعيهم بأهمّية دورهم، باعتبارهم الناقلين الوحيدين لهذه المعاناة. مسؤولية هائلة لمن يعرفون أنهم، يوماً ما، قد يشكّلون مادّةً للقتل وصوره.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store