أحدث الأخبار مع #مركزالقدسللدراساتالسياسية


أخبارنا
٢٩-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- أخبارنا
عريب الرنتاوي يكتب : سوريا الجديدة ومسارات التكيّف والتطويع
أخبارنا : كتب: عريب الرنتاوي، مدير عام مركز القدس للدراسات السياسية منذ الثامن من كانون الأول/ديسمبر الفائت، والإدارة السورية الجديدة، تخضع لواحدة من أبشع حملات الترويض والتطويع والابتزاز وأقساها، متعددة الأطراف والمسارات والأهداف...الإدارة تناور ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، بيد أنه لم يعد خافياً على أحد، أن هذه الحملة بدأت تُعطي أُكلها، ومواقف بعض أركان هذه الإدارة، باتت تثير الشك والريبة. أطراف هذه الحملة، عرب وغربيون، من دون أن ننسى الدور الإسرائيلي المُتصدّر لقيادتها، وبأكثر الأدوات وقاحة ووحشية: احتلال مزيدٍ من الأراضي، وشن مئات الغارات الجوية، وفرض مناطق أمنية بحكم الأمر الواقع، وادعاء حماية "الأقليات"، فضلاً عن إبقاء سيف التهديد مسلطاً على دمشق و"قصر الشعب". تلتقي الأطراف المختلفة عند أهداف ثلاثة تجمعها وتحركها: "كراهية الإسلام السياسي" على اختلاف صنوفه وتلاوينه، ضمان إبقاء إيران وحزب الله خارج المشهد السوري، وحماية "إسرائيل"... وثمة أهداف متفرعة، تحظى بالأولوية عند هذا الفريق أكثر من ذاك... أوروبا على سبيل المثال، تهتم أكثر من غيرها، بإنهاء الوجود الروسي في سوريا، وهذا بخلاف ما ترغب به دول عربية عدة، وتتوسط "إسرائيل" لضمان ديمومته، ولا تمانع به واشنطن وإن كانت لا تقاتل من أجله. "إسرائيل"، لا تريد لـ"قوس عثماني-سنيّ" بزعامة تركيا، أن يحل محل "هلال شيعي" بزعامة إيران، وهي في سباق مع الزمن، وفي الميدان، لتحجيم التمدد التركي في سوريا وعبرها إلى الإقليم... دول عربية، لا ترغب في ذلك أيضاً، وإن كانت تعتمد مقاربة "التعاون" مع تركيا بدل "الصدام" معها في سوريا وحولها... الإدارة الأميركية، ميّالة إلى تلزيم سوريا لتركيا، مع مراعاة "مطالب الحد الأدنى" لمواطنيها الكرد، و"الشروط العقلانية" لـ"إسرائيل"، والتعبير وفقاً لدونالد ترامب. في الحديث عن "أدوات الحملة ووسائلها"، يمكن الجزم أن سلاحها الأمضى هو "سيف العقوبات" و"قانون قيصر"، وهو "سيف مضّاء"، أثبت جدواه زمن نظام الأسد، ويثبت قدرته على فرض التكيف والاستجابة على إدارة الشرع، لقد ثبت لواشنطن، أن استخدام ورقة "المساعدات" و"التعافي المبكر" وإعادة الإعمار"، قد يكون أشد قوة وتأثيراً من فعل الميدان، ثمة دروس من غزة ولبنان، يجري الاستفادة منها في الحالة السورية...فما لم تنجح الذراع العسكرية الإسرائيلية المدججة بأحدث ما أنتجته الترسانة العسكرية الأميركية في تحقيقه، يجري العمل بنجاح ظاهر، على انتزاعه من المقاومتين اللبنانية والفلسطينية، بضغط "المساعدات" و"التعافي" وإعادة الإعمار...هي أسلحة "الدمار الشامل" الجديدة في الجعبة الأميركية المنتفخة بفائض مشاعر السيطرة والإملاء والهيمنة. على أن العقوبات ليست السلاح الوحيد الذي تلجأ إليه الأطراف في الحالة السورية... التركيبة السورية المعقدة، سياسياً وجغرافياً وعرقياً ودينياً، تلعب دور السيف الذي يمكن إخراجه من غمده في أي وقت، من الأقلية الدرزية في الجنوب إلى الأقلية الكردية في الشمال..."إسرائيل" أوّل من فكّر في استخدام هذا السلاح، لكنها ليست آخر من يلوّح به...هنا، تبدو وحدة سوريا، وحدة الجغرافيا والشعب، دائماً على المحك، وفي القلب من مشاريع الاستهداف، فإن تعثر التقسيم، كان "تقاسم النفوذ" بديلاً، وإن استعصى التقاسم، فلا سبيل من تحريك خيار التقسيم...القيادة السورية الجديدة، كما القديمة، ستظل تسير على هذا الحبل المشدود حتى إشعار آخر، وأي خطأ في السياسة والحساب، سيصب القمح صافياً في طاحونة "المتربصين"، وهذا ما يحدث بين حين وآخر على أي حال. بعض من آيات التكيف ثمة نجاحات ملموسة، أنجزتها حملات الترويض والتطويع التي تحدثنا عن مراميها وأطرافها وأولوياتها... والأرجح أننا سنرى المزيد منها – النجاحات- في قادمات الأيام، ومن آيات هذه النجاحات، نختار بعضاً منها: لا تكفّ الإدارة الجديدة عن توجيه رسائل الطمأنينة والاطمئنان إلى الغرب و"إسرائيل" (وبعض العرب كذلك)، بأنها لا تنوي تهديد جيرانها، بمن فيهم "إسرائيل"، ودائماً يأتي التشديد على "إسرائيل" من قبل الناطقين باسم الحكومة والإدارة، حتى في الوقت الذي تستبيح فيه "تل أبيب" سماء سوريا وأرضها ومياهها، وتحتل مساحات استراتيجية واسعة جديدة من أراضيها (دع عنك الجولان المحتل)، من أعلى قمم جبل الشيخ إلى مساقط المياه في حوض اليرموك، وعلى مشارف دمشق... ردود أفعال النظام الجديد على العربدة الإسرائيلية، أدنى بكثير من ردود أفعال النظام القديم، والتي كانت موضع سخرية كثير من أنصار النظام الجديد في حينه...التزام الصمت، أو الإدانة الخجولة غير المتربطة بأي إجراء دبلوماسي أو سياسي أو حقوقي (لا نتوقع ولا نطالب بإجراء عسكري من منطلق براغماتي وليس من منطلق مبدئي)، هما سمة ردود الأفعال الرسمية السورية، برغم الغضب والرفض الشعبيين للعدوان الإسرائيلي المتمادي على السيادة السورية، وتحديداً في الجنوب. تُبدي الإدارة الجديدة استعداداً لجعل دمشق محطة تالية لقطار التطبيع الإبراهيمي، إرضاء لـ"إسرائيل" وإدارة ترامب، راعية الإبراهيميات، وسط تقارير عن قيام عاصمة إبراهيمية نشطة، بدور الوسيط بين الإدارة الجديدة وكل من "تل أبيب" وواشنطن، على اعتبار أن الطريق لتفكيك العقوبات والحصار ورفع سيف قيصر، يمر حكماً بـ"إسرائيل"...ثمة تقارير أخرى، تربط مساعي هذه العاصمة، بإقدام أحمد العودة على تفكيك فيلقه الثامن، والالتحاق بالجيش السوري الجديد، كجائزة ترضية، ودفعة على الحساب الإبراهيمي. يفتح الرئيس السوري الانتقالي ذراعيه للرئيس الفلسطيني محمود عباس، والسلطة في أرذل العمر والمواقف حيال قضية الاحتلال والمقاومة وغزة، ويتردد في استقبال وفد من قيادة حماس، بحجج وذرائع شتى، فيما تُقدم إدارته الانتقالية، على تشكيل لجنة لمراقبة أداء الفصائل، وتغلق معسكراتها وتصادر أسلحتها (مع الإبقاء على الفردي منها لغايات حراسة المكاتب والشخصيات المتبقية)، وتعمد إلى اعتقال اثنين من قادة الجهاد الإسلامي في سوريا، ربطاً بهدف منع إيران من العودة إلى سوريا، ومعاقبة "المحسوبين" عليها. يحرص النظام الجديد "متطوعاً" على تقديم كل الضمانات، بالأفعال لا بالأقوال فحسب، على ضمان منع إيران من العودة إلى سوريا، وتقطيع شرايين دعم حزب الله، استمراراً لمنهج سياسي وعقائدي ضاربة جذوره في عمق الأيديولوجيا ويوميات الأزمة السورية، علّه بذلك يسترضي خصوم طهران وأعداءها الكثر... وفي هذا السياق أيضاً، يحرص النظام على إبقاء مسافة أمان بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين، التي وإن كانت لا تقيم علاقات متميزة مع إيران والحزب،بيد أنها في عموم فروعها، لا تستعديهما... وهذا ما يفسر إلى حد ما، رفضه فتح مكاتب للجماعة السورية، وحرصه على تجريدها من السلاح، فيما فصائل عديدة أخرى، ما زالت تحتفظ بسلاحها ومسلحيها. هذا الموقف يلتقي مع موجة عربية ضد الإخوان، بوصفها الوعاء الأكبر الحاضن لحماس، ويبدو أن الشرع وصحبه، ماضون في تمييز "سلفيّتهم غير الجهادية" عن المدرسة الإخوانية...فالسلفية وجدت لنفسها مطرحاً في التحالف العربي والدولي ضد إيران وحلفائها، تحت عنوان "إعادة توجيه" الحركة من مواجهة "الخطر الشيوعي" في ثمانينيات القرن الفائت وتسعينياته، إلى الصدام مع "الخطر الشيعي" منذ مفتتح القرن العشرين...تلكم المدرسة في التفكير الرسمي العربي والغربي، هي ذاتها التي أجازت التعاون مع سلفيي اليمن ضد إخوانه وحوثييه. وفي سياق التكييف والتطويع، يأتي الموقف من "يهود سوريا"، وحقهم في العودة والزيارة وتفقد الممتلكات والديار... لا غبار على هذا الموقف إن صدر عن جهة متشبّعةً بفكرة "المواطنة المتساوية"، وحياد الدولة ووقوفها على مسافة واحدة من مواطنيها ومواطنتها، كياناتها ومكوناتها، لكن أن يصدر عن إدارة نعرف تاريخها وحاضرها (لا نريد أن نرجم بغيب مستقبلها)، فهذا أقرب إلى المهزلة... فالنوايا مفضوحة، وهي لا تخرج عن "أوراق اعتماد" إضافية تقدم للغرب و"إسرائيل" على مذبح البحث عن "شرعية" و"اعتراف"، ودائماً تحت الضغط المركب...لا نريد أن نذهب إلى ما ذهب إليه آخرون، من مقارنات بين موقف الإدارة الجديدة حيال يهود سوريا، ومواقفها من اللاجئين الفلسطينيين، فتلكم قضية ما زالت فصولها لم تكتمل بعد، سواء بالنسبة إلى فلسطينيي سوريا ومخيماتهم، أو لعموم اللاجئين وقضية عودتهم وتقرير مصيرهم. وثمة "إشارات أولية" بأن الإدارة الجديدة قد تكون بصدد إرسال رسائل للقول بأنها ليست "ألعوبة" بيد أنقرة وإردوغان، مع أن القاصي والداني، يدرك أن النظام و"هيئة تحرير الشام" وإمارة إدلب، كانت جميعها "منتوجاً" تركياً، وأنه لولا دعم أنقرة ورعايتها وحمايتها، لما كان لـ"أبو محمد الجولاني" أن يتربع على كرسي الرئاسة في قصر الشعب، وأن يصبح الرئيس أحمد الشرع...لكن ثمة دوائر عربية وغربية، والأهم إسرائيلية، قلقة من التمدد التركي، وربما آن الأوان لبعث بعض الرسائل التي تشي بخلاف ذلك... حكاية التعامل بالمثل مع شركات طيران تركية تستخدم الأجواء والمطارات السورية، ليست سوى أول غيث هذا المسار... وفي تاريخ الحركات السلفية والجهادية، ثمة فصول عن تقلبات هذه الحركات، وسعيها لاستبدال حلفاء جدد بحلفاء قدامى، بل ومناصبتهم العداء حين يصبح ذلك ضرورياً. في سوريا بعد التغيير، انتشر مصطلح "التكويع" في وصف حال كثيرين ممن كانوا من أنصار النظام القديم، وسارعوا إلى نقل بندقيتهم من كتف إلى كتف... ينسى مطلقو هذا المصطلح وناشروه، أن الإدارة ذاتها، هي أول "المكوعين" وأبرزهم، بانقلاباتها المتتالية على مواقف وحلفاء الأمس، وفي تبدل أشكال قادتها ومضامين خطاباتهم وأنماط عيشهم. تنكر وقليل من الحمد في المقابل، "إسرائيل" لا تثق بالنظام حتى وهو يمد يداً إبراهيمية إليها، وتتنكر لتحولاته... وواشنطن لديها "دفتر شروط" سيجعل من سوريا رديفاً لمشروع الهيمنة في الإقليم إن تم الأخذ بها...والاتحاد الأوروبي معني بإعادة بناء مؤسسات إنفاذ القانون لضبط الحدود مع لبنان والعراق، وضبط الهجرة ومكافحة التهريب...والعرب ما زالوا على مقاربة "الخطوة مقابل خطوة"، التي اعتمدوها مع النظام القديم، مع تعديل وتطوير لمواجهة أولويات جديدة... ومشوار سوريا للخروج من شرنقة العقوبات الدولية والاستباحة الإسرائيلية، ما زال طويلاً، ومن دون أوهام بقطاف سريع. وأخيراً، أتمنى لو أن قادة الإدارة الجديدة قد شكلوا من بينهم فريق عمل، لدراسة مآلات الوعود الزائفة التي تغدقها واشنطن وحلفاؤها الغربيون، على من تريد "جرجرتهم" إلى خنادقها...وأن يتأملوا في تجارب غيرهم، ممن ساروا بعيداً على درب التكيف والتطويع والتكويع والترويض...أتمنى لو أتيحت الفرصة لأحمد الشرع لسؤال الرئيس محمود عباس كيف صار مُنبَتّاً: لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، لا حقوقاً استرد ولا سلاماً أنجز، برغم كل "التقدِيمات" التي وضعها على طبق من فضة بين يدي الاحتلال، مرغماً حيناً وطائعاً أحياناً...أتمنى لو أن فريق الرئاسة يتوقف أمام تجربة السلام والتطبيع، الإبراهيمي وغير الإبراهيمي، وما الذي جاء به للدول المطبعة ذاتها، وليس لفلسطين والفلسطينيين. كما أتمنى لو أن "تقلبات" السيد الشرع، تقف به عند حدود تجربة الإسلام السياسي التركي، فذلكم أهون البلاء، حتى وإن كره قوميونا ويساريونا العرب والسوريين... فما هو معروض عليكم أيها السادة، ليست دولة مدنية – ديمقراطية كما حلمتم، ودمشق ليست معدّة لأن تصبح "هانوي" والقنيطرة لن تكون "سايغون"، في ظل الحكم الجديد...واحرصوا على ألا يتحول بلدكم إلى نمط جديد في تجربة الحكم والسلطة، هو مزيج من سلفية محلية، متساوقة مع أرذل السياسات والاستراتيجيات الغربية والعربية التطبيعية، فلن تخرجوا من مولد كهذا، إلا بالقليل الأقل من الحمص. لا أحد يريد لسوريا أن تكون مدنية وبالأخص ديمقراطية، لا العرب ولا الغرب ولا "إسرائيل" بالطبع، ولا أحد يريد سوريا بـ"طبعة إسلامية مقاومة"، سنيّة كانت أم شيعية، ولا أحد معني بحقوق نساء وأقليات أو بحقوق مدنية، تلكم ذرائع تتخذ لابتزاز النظام الجديد، لكسب الوقت وذر الرماد في العيون، وبالأخص، لتدوير الزوايا الحادة القديمة في مواقفه وسياسته، ومنعه من الانخراط في علاقات طبيعية مع جواره العربي وغير العربي، لتبقى سوريا عارية من كل عناصر القوة وأوراقها، وليبقى نظامها خرقة بالية، تحركها رياح الحلف الغربي الصهيوني كيفما اشتهت سفنه وأينما اتجهت.


وطنا نيوز
٢٢-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- وطنا نيوز
حوارية القدس للدراسات حول تركيا وإسرائيل في سوريا : مسار تعاون أم سكة صدام؟
وطنا اليوم:عقد مركز القدس للدراسات السياسية لقاءً حوارياً تحت عنوان 'تركيا وإسرائيل في سوريا: مسار تعاون أم مسار صدام؟'، وذلك يوم السبت الموافق 19 نيسان/أبريل 2025، بمشاركة نخبة من الخبراء والباحثين في الشأنين التركي والإسرائيلي، تحدث خلالها كل من الدكتور سمير صالحة، أستاذ القانون والعلاقات الدولية، العميد المؤسس لكلية القانون في جامعة غازي عنتاب، والأستاذ الدكتور محمود يزبك، المؤرخ والباحث الفلسطيني، حيث تناولا في مداخلتيهما أبعاد العلاقات التركية الإسرائيلية على الساحة السورية، ومستقبل التوازنات الاستراتيجية في المنطقة. وقد تركزت النقاشات حول الاتجاهات المحتملة لتطور العلاقات بين البلدين، سواء نحو التصعيد والمواجهة أم نحو تقاسم النفوذ والتعاون، ضمن معادلات إقليمية ودولية شديدة التعقيد. في بداية 'الحوارية'، رحب الأستاذ عريب الرنتاوي، مدير عام مركز القدس للدراسات السياسية بالمشاركين، مؤكداً أهمية البحث في هذا الموضوع الذي يشهد اهتماماً متزايداً منذ الثامن من ديسمبر، خاصة من قبل الأوساط الأكاديمية والسياسية في المنطقة والعالم. وأوضح الرنتاوي أن التساؤل المركزي الذي بات يفرض نفسه هو: هل نحن أمام مسار تعاون بحكم الأمر الواقع، أم مسار صدام مفتوح مباشر أم غير مباشر، بين دولتين لكل منهما موقع استراتيجي خاص، تركيا كدولة أطلسية، وإسرائيل التي وصفها بـ'الدولة ذات المكانة الفوق أطلسية'. وأشار في كلمته إلى عدة سيناريوهات مطروحة على الطاولة لفهم ملامح المستقبل السوري في ظل التفاعل التركي الإسرائيلي، منها 'سيناريو حروب الوكالة' التي تعيد إنتاج ما شهدته عشرية الربيع العربي، كما يظهر في العلاقة المتوترة بين أنقرة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أو في توازنات الجنوب السوري. كما تحدث عن 'سيناريو التعاون وتقاسم النفوذ'، وهو ما بدا ممكناً بعد الجولة الأولى من محادثات باكو، والتي أعادت إلى الأذهان آلية التنسيق التي توصل إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2015. وأضاف أن سيناريو الصدام المباشر يبدو مستبعداً في الوقت الراهن، لكنه لم يُلغَ من قائمة الاحتمالات، خاصة في ظل تشابك المصالح وتعدد الفاعلين في الملف السوري. وطرح الرنتاوي جملة من الأسئلة كمقدمة للنقاش: ما هي مصالح تركيا في سوريا؟ وما هي أبرز المخاوف التي تسعى لتفاديها؟ وما هي الأدوات التي تعتمد عليها للحفاظ على مصالحها؟ في المقابل، ماذا تريد إسرائيل من سوريا؟ وهل تعمل على تفكيك الدولة السورية من خلال 'حلف الأقليات'؟ وكيف تسعى لحماية مصالحها، لا سيما في ضوء استهدافها المتكرر للبنى التحتية العسكرية السورية؟ وأخيراً، ما موقع سوريا بين هذين القطبين؟ في مداخلته، قال الدكتور سمير صالحة، إن ثمة في أوساط حزب العدالة والتنمية الحاكم بتركيا قناعة متزايدة بأن تركيا مستعدة للمواجهة مع إسرائيل، ليس فقط بسبب التطورات في سوريا، وإنما في ضوء ملفات إقليمية أخرى متعددة. واعتبر أن السؤال الأهم في هذا السياق هو: هل يخدم التوتر مع إسرائيل السياسة الداخلية التركية؟ ليجيب بأن هناك مؤشرات سابقة تُظهر أن ذلك قد حصل فعلاً، وأن هذا التوتر استُخدم أكثر من مرة لتعزيز مواقف داخلية. لكن صالحة شدد في المقابل على أن أي تصعيد إلى مستوى المواجهة العسكرية المباشرة بين تركيا وإسرائيل لا يخدم مصالح أحد، واصفاً هذا السيناريو بأنه غير مرجح بسبب أضراره البالغة على مصالح الطرفين. وأشار إلى أن الولايات المتحدة، رغم اهتمامها المحدود حالياً بالملف السوري لصالح التركيز على إيران ومسارات الاقتصاد والتجارة، قد تدعم في بعض الحالات تصعيداً محدوداً يهدف إلى تذكير الطرفين بأن تكلفة المواجهة ستكون عالية، لكن في المحصلة فإن صداماً مفتوحاً لا يصب في مصلحة واشنطن، التي تتابع انحسار نفوذ بعض الأطراف في سوريا، في إشارة إلى إيران وروسيا. وأكد صالحة أن الولايات المتحدة لا تزال تحتفظ بدور مهم، لكنها تمضي في تنفيذ رؤية جديدة لإعادة التموضع في الشرق الأوسط، ولن تسمح بصدام كبير بين حليفين مثل تركيا وإسرائيل، نظراً لانعكاسات ذلك على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. كما أشار إلى أن الطرفين – التركي والإسرائيلي – يمتلكان العديد من الأوراق لممارسة الضغط المتبادل، لكن حتى الآن لم تخرج أي آلية واضحة للتهدئة أو التنسيق بين الجانبين إلى دائرة الضوء. من جانبه أكد الدكتور محمود يزبك في مداخلة أن ما جرى في سوريا لا يمكن فصله عن التحرك التركي المبكر والمنهجي حيال سوريا واالإقليم، وأن إسرائيل تدرك تمامًا أن أنقرة هي من تتصدر المشهد وليس العكس. وأنه ومنذ اللحظة الأولى لتولي أحمد الشرع السلطة في سوريا، لم تُضِع أنقرة الوقت. وسرعان ما ظهرت إشارات واضحة لتقارب تركي سوري، تمثل في زيارات متكررة لكبار المسؤولين الأتراك إلى دمشق. وبعد ما يقل عن شهرين، عقد الشرع لقاءً مهمًا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ناقشا فيه اتفاق دفاع مشترك شمل بناء نظام دفاع جوي متكامل وهيمنة تركية على تشكيلات الجيش السوري الجديد، وبناء قواعد في وسط سوريا. المفارقة، كما أشار يزبك، أن إسرائيل لم تكن المبادر في هذا السياق، بل جاءت خطواتها كرد فعل على التحرك التركي. فالتخطيط كان من الجانب التركي، فيما وجدت تل أبيب نفسها تتبع تطورات خارجة عن نطاق سيطرتها، لذلك استغلت إسرائيل مستجدات ما بعد سقوط نظام الأسد فوراً لتعيد تموضعها ميدانيًا، ناقضة اتفاق فض الاشتباك المبرم عام 1974. لتحتل مناطق شرقي خط الهدنة الممتد من جبل الشيخ حتى منابع نهر اليرموك، على مشارف العاصمة دمشق، ثم وتحت ذريعة حماية القرى الدرزية، شرعت في تنفيذ خطط لضمها إداريًا وفتح فرص العمل لسكانها داخل الجولان المحتل…مشدداً على نقطة مركزية في التفكير الإسرائيلي، وتتمثل في 'شرعنة' و'تطبيع' احتلالها للجولان السوري، وضمها إليه، واعتراف ترامب في إدارته الأولى ببسط السيادة الإسرائيلية على الهضبة المحتلة. مضيفاً إلى أن تحول تركيا إلى لاعب رئيسي بديلًا عن إيران بعد سقوط الأسد زاد من قلق إسرائيل. فالاتفاق الدفاعي التركي السوري منح تركيا حرية حركة جوية داخل سوريا، وإمكانية تدريب الجيش السوري الناشئ، وبناء قواعد عسكرية وجوية، بما يشمل مناطق في البادية السورية. كما أتاح الاتفاق للجيش التركي الانتشار في أنحاء سوريا كافة، بما في ذلك مناطق تعتبرها إسرائيل ضمن نطاق حمايتها الأمنية، ما يمثل تحديًا مباشرًا لمصالحها. وأضاف يزبك، أن أنقرة ترى أن السيطرة على دمشق تفتح المجال للتأثير في العراق ولبنان، وتعزز نفوذها أمام القوى العظمى. كما أن تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تحظى بدعم من الولايات المتحدة في إطار مساعي واشنطن لإبعاد روسيا عن الساحة السورية. وضمن هذه الرؤية، يطرح أردوغان نفسه كبديل محتمل للوجود الأميركي في سوريا، بشرط أن تتخلى الولايات المتحدة عن دعمها للأكراد. وقال: إن الانسحابات المتزايدة للوجود الامريكي في سوريا، والذي شكل تخلٍّ عمليًا عن حلفائها الأكراد، والاتفاق المبرم مؤخراً بين الأكراد والنظام السوري، بغطاء تركي وأميركي، الذي نص على دمج القوات الكردية في الجيش السوري، منح أنقرة نفوذًا إضافيًا وقلّص من ورقة الضغط الإسرائيلية في الملف الكردي. وهو ما دفع إسرائيل وفقاً ليزبك، لشن غارات جوية كثيفة على مواقع سورية، مستهدفةً القواعد العسكرية والمنشآت الجوية، في محاولة منها لمنع نشوء تهديد حقيقي على حدودها. ورغم هذه الهجمات، يبدو أن إسرائيل بدأت تدرك تدريجيًا أنها تخسر موقعها داخل سوريا، في ظل تعاظم الدور التركي وتعقّد المشهد الإقليمي. وفي ختام مداخلته، أشار الدكتور يزبك إلى تصريحات وزير الخارجية التركي، التي أكد فيها أن بلاده لا تسعى إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل. إلا أن المعطيات الميدانية تشير إلى تصاعد التوتر بين الطرفين، خاصة في ظل تراجع الدور الأميركي وغياب موقف واضح من إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تبدو منشغلة أكثر بدعم تل أبيب إعلاميًا دون تقديم ضمانات أمنية حقيقية على الأرض. في ختام اللقاء، أشار المشاركون إلى أن العلاقات التركية الإسرائيلية في سوريا لا تزال قيد البحث والتقييم، خاصة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية. فقد تؤدي نتائج المفاوضات الجارية مع إيران إلى سيناريوهين متناقضين، إما التوصل إلى اتفاق مع طهران، أو التصعيد نحو ضربة عسكرية ضدها. وأي من هذين السيناريوهين سيترك تأثيرًا كبيرًا على التحولات الإقليمية، وسينعكس بلا شك على الاصطفافات الاستراتيجية في المنطقة، مما يضاعف من تعقيد العلاقات بين القوى الإقليمية والدولية.


أخبارنا
١١-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- أخبارنا
عريب الرنتاوي يكتب : نتنياهو العائد بسيف "التهجير"...هل يصمد اتفاق وقف النار؟
أخبارنا : كتب: عريب الرنتاوي، مدير عام مركز القدس للدراسات السياسية عاد بنيامين نتنياهو من واشنطن، بسقف أعلى من التوقعات والشروط. الرجل الذي ذهب إلى قمته الأولى مع دونالد ترامب في ولايته الثانية، بعد أن أبرم اتفاقاً من ثلاث مراحل مع حماس، لإنهاء الحرب والانسحاب الشامل، وتبادل الأسرى، وفتح طرق المساعدات والإغاثة والإيواء، وجد لدى محدّثه الُمجلّل بنصر انتخابي يُعمي البصر والبصيرة، ما يفوق سقوف توقعاته، وما يتخطى أكثر أحلامه "ورديةً". وجد رجلاً كارهاً لحماس والفلسطينيين، يسعى في تملّك قطاع غزة بعد تهجير سكانه، وتوزيعهم في شتات الأرض ومنافيها. ما الذي (ومن الذي) سيُقنع نتنياهو وأركان اليمين الفاشي في "إسرائيل" بممارسة "التواضع" في رسم السقوط وتحديد الشروط والمطالب؟ ولماذا يبقى الرجل وحكومته وائتلافه على ما سبق لهم أن تعهدوا الالتزام به، في اتفاق وقف النار، أمام الوسطاء والمجتمع الدولي، بل وأمام الرأي العام الإسرائيلي؟ وقبل أن يعود من رحلته المفعمة بالمفاجآت الصاعقة التي فجّرها مشروع ترامب لتهجير الفلسطينيين، كان الرجل يبعث برسائل إلى الدوحة والقاهرة: تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، تأجيل مفاوضات المرحلة الثانية، إعادة صياغة لائحة الشروط والمطالب الإسرائيلية، بناءً على المعطى الأميركي الجديد ولم ينتظر الرجل طويلاً، إذ باح بما يجول في خاطره: إخراج قيادة حماس من غزة، نزع سلاحها وتدمير منشآتها العسكرية وبناها التحتية، ومنعها من أن تكون جزءاً من أي سلطة في غزة، وهذا غيض من فيض الشروط المستجدة والسقوف الأكثر ارتفاعاً وتلكم، وفقاً للمراقبين، واحدة من أولى وأخطر، تداعيات مشروع ترامب على مفاوضات التهدئة ووقف الحرب. المرحلة الثانية في خطر حتى الآن، لا يبدو أن سيناريو انهيار الاتفاق بات مؤكداً، أو حتى أمراً مرجحاً، ولا سيما أن حماس وفصائل المقاومة، ستظل تحتفظ بعدد كبير نسبياً من الأسرى والمحتجزين لديها... الإفراج عن هؤلاء، أولوية أولى بالنسبة إلى ترامب الذي تعهد مراراً وتكراراً بإطلاق سراحهم. لكن السؤال الذي سيظل عالقاً، كيف يمكن "تحرير" هؤلاء من أسرهم، وما الذي سيقنع حماس بالإفراج عنهم، وما الثمن الذي يتعيّن على حكومة الفاشيين الجدد، أن تدفعه في المقابل؟ حتى الآن، تبدو الصورة غائمة وضبابية إلى حد كبير. فالمرحلة الثانية من الاتفاق، أو بالأحرى المرحلتين الثانية والثالثة، لن تشتملا فقط على تبادل الأسرى وإتمام الانسحاب من غزة ووقف الحرب، لكنها من ضمن أشياء أخرى، ستتوقف مطولاً عند سؤال اليوم التالي، من سيحكم القطاع في المرحلة المقبلة، وما مصير حماس، بنيةً عسكرية وسلطوية سواء بسواء. هذا السؤال ازداد ضغطاً وإلحاحاً على عقل نتنياهو وحليفه في البيت الأبيض، سيما بعد العراضات والاستعراضات التي أجرتها حماس في مراسم تسليم أسرى العدو وتسلم أسرى الفلسطينيين المحررين من سجون الاحتلال. صورة النصر المطلق التي وعد بها نتنياهو، تتمزق يوماً إثر آخر، ومع كل صفقة تبادل، تؤكد حماس "أنها الطوفان وأنها اليوم التالي" فيما صورة نتنياهو ومكانته، تتآكلان صبيحة كل سبت منذ أن دخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، وهذا ما يثير حفيظته، ويدفعه إلى التفكير في تدمير الاتفاق على رؤوس الأسرى والآسرين سواء بسواء. ما كشف عنه نتنياهو من شروط جديدة للاتفاق، لا يمكن أن يكون مقبولاً، لا من قبل حماس ولا من قبل مختلف القوى والفصائل الفلسطينية. هو لا يطلب شيئاً أقل، من أن تصفي حماس نفسها بنفسها، وأن تطلق النار على رأسها وليس على قدميها.. هو يريد بسيف التهجير القسري الذي شهره دونالد ترامب، أن يحصل على ما عجزت "الميركافا" و"الإف 35" وقنابل الألفي رطل عن تحقيقه... هذا ليس خياراً تفاوضياً، تلكم وصفة موثوقة لخراب المسار التفاوضي، وإحباط الوسطاء والوساطات. كيف يمكن لنتنياهو، ومن خلفه ترامب، أن يضمنا إخراج جميع الأسرى المحتجزين لدى المقاومة، في الوقت الذي يطلقان فيه النار على حماس، بدل أن يتفاوضا معها؟.. هل يفترضان أن الحركة ومفاوضيها من السذاجة بحيث تقبل بالتخلي عن "ورقة الأسرى" من دون ضمانات للبقاء والاستمرار، وكرمى لعيون الوفد التفاوضي المعاد تشكيله وفقاً لقواعد الولاء الشخصي لنتنياهو؟ ترامب الذي طالما تبجح بأن إنجاز اتفاق وقف النار، ما كان ممكناً من دون انتخابه ومن دون حزمه وبطشه الشديدين.. ترامب نفسه، بمشروع تهجير الفلسطينيين من غزة، يضع هذا الاتفاق على المحك من جديد، ويتهدد بانقطاع الصلة والتواصل بين مرحلتيه الأولى والثانية، واستتباعاً، يتهدد حياة الأسرى الإسرائيليين، إن ظلوا في قبضة المقاومة، وإن تداعت الأوضاع إلى سيناريو عودة الحرب من جديد. في المقابل، يصعب على نتنياهو أن يكون صهيونياً أقل من ترامب، فالأخير يطالب بـ"تنظيف" و"تطهير" قطاع غزة من أهله وأصحاب الأرض الأصليين، وليس من حماس والمقاومة فحسب، فهل يمكن لنتنياهو أن يهبط بسقفه إلى ما دون سقف ترامب... الهرم مقلوب على رأسه، وبدل أن يعمل زعيم الدولة الأعظم على احتواء غضب وتطرف "زعيم العصابة" الحاكمة في "تل أبيب"، رأينا تاجر العقارات يفكر بجشع يفوق بأضعاف جشع تاجر البندقية لشكسبير. لقد جعل ترامب من مهمة موفده بيتكوف صعبة للغاية والمرجح أن مفاوضات المرحلة الثانية، التي أجمع المراقبون على وصفها بالصعبة، قد أصبحت أكثر صعوبة وتعقيداً، سيما بعد أن أشعلت تصريحات ترامب التهجيرية الخيال الجامح لنتنياهو، فأخذ يطالب السعودية باقتطاع جزء من أراضيها الشاسعة، لتكون وطناً للفلسطينيين يقيمون فوقها دولتهم العتيدة، وبعد أن رأى رفضاً مصرياً وأردنياً لمشروع التهجير واستقبال المزيد منهم. ويتكوف الذي ادعى بأنه عرّاب الاتفاق، سيجد صعوبة في المضي قدماً على طريق تنفيذه. وترامب نفسه، الذي وضع هدف التطبيع بين السعودية و"إسرائيل"، جعل بمقترحه التهجيري هذه المهمة أكثر صعوبة من أي وقت مضى، سيما بعد أن تطوع نتنياهو لتعميق مشروع ترامب وتوسيعه، وضم السعودية إلى قائمة الدول المستهدفة بالتهجير القسري. هو مثال على الكيفية التي يعمل بها ترامب الشيء ونقيضه، وكيف يمكن لآخر كلامه أن يدمر أوله... استمرار وقف النار بات مهدداً وأبعد منالاً... والتطبيع بات أبعد عن خط نهايته منذ أن طرحت الفكرة أول مرة... غريزة المقاول والمطور العقاري، تغلبت على عقلية السياسي لدى ترامب، فكانت النتيجة ما آلت إليه الحال في المنطقة، حيث لم يعد الحراك السياسي والدبلوماسي مدفوعاً بالتضامن والإسناد للفلسطينيين، بل بالدفاع عن الذات، عن الأمن والاستقرار والوجود، في كل من عمان والقاهرة والرياض، وسط تقديرات تذهب في حدها الأقصى للقول بأن عداوة واشنطن قد تكون في بعض الأحيان أقل كلفة من صداقتها. ترامب ليس قدراً ترامب ليس قدراً، وكذا نتنياهو، بمقدور العرب، أن يقلبوا الطاولة على رأسيهما معاً، إذ لم يعد المستهدف بمشاريعهما الفلسطينيين وحدهم، بل الدول العربية في أمنها واستقرارها وهويتها وكيانها ووحدة وسلامة أراضيها وسيادتها واستقلالها. المطلوب من القمة العربية الطارئة المقبلة في القاهرة، وقفة من نوع مغاير تماماً، أقله أن تضع الاتفاقات والمعاهدات المبرمة في المسارين التطبيعي والإبراهيمي في كفّة، والتهجير في كفة أخر ... المعاهدات والاتفاقات في كفّة ووقف الحرب في كفّة أخرى، المعاهدات والاتفاقات في كفّة و"حل الدولتين" في كفّة أخرى. ترامب ليس بحاجة إلى الشرح والتوضيح، ربما يكون من المفيد مخاطبة مؤسسات صنع القرار الأميركي المختلفة، لحشد الدعم للموقف العربي، لكن من دون مبالغة فالرجل عائد إلى البيت الأبيض بقوة الثور الهائج، وهو مصرّ على مشروع على ما يتضح من تصريحاته المتكررة. المطلوب مخاطبته باللغة التي يفهمها، لغة الصفقات وفنونها... فلديه ما يخسره إن خسر علاقاته المتميزة مع حلفائه، والعرب ليس وحدهم من سيخسر في هذه المعادلة، ومن دون أن تتوفر للمجموعة العربية، الجرأة والشجاعة والإرادة للدخول في لعبة "مكاسرة الإرادات"، سينتصر ترامب ويتوّج نتنياهو ملكاً للمنطقة، ويخسر العرب مثلما سيخسر الفلسطينيون، والكرة الآن في ملعب 22 زعيماً عربياً، سيتقاطرون إلى القاهرة عمّا قريب.