logo
#

أحدث الأخبار مع #مساراللؤلؤ

د.محمد الزكري بوحجي ومسار اللؤلؤ 2008-2009 الثلاثاء 06 مايو 2025
د.محمد الزكري بوحجي ومسار اللؤلؤ 2008-2009 الثلاثاء 06 مايو 2025

البلاد البحرينية

time٠٦-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • البلاد البحرينية

د.محمد الزكري بوحجي ومسار اللؤلؤ 2008-2009 الثلاثاء 06 مايو 2025

من منا لم يستمتع يوماً بالاستماع إلى صوت عبدالعزيز بوحجي، رحمه الله تعالى، بإلقائه الإذاعي الفريد وصوته الدافئ الذي رافقنا عبر أثير الإذاعة في برامج خالدة مثل "مع بوحجي"، و"طريق الأمان"، و"سكة السلامة"؟ لكن ما لا يعرفه كثيرون هو أنني في عام 2008 كنت على موعد مختلف تماماً مع هذه العائلة الكريمة، لقاء جمع بين التراث الحي والعمل الوطني. كنت حينها أحد أفراد الطاقم المشارك في إعداد دوسية ترشيح "مسار اللؤلؤ في المحرق" لتسجيله على قائمة التراث العالمي لدى اليونسكو. المشروع كان بقيادة الخبيرة الألمانية برتا رودلف، وبمساندة الشيخ إبراهيم الخليفة، وإيفا باتيس، وغسان، وألبرتوم، وشخصي المتواضع. كنا نغوص في فرجان المحرق العتيقة، نستقصي حياة تجار اللؤلؤ، نبحث في خرائط الذاكرة والبناء، ونعيد رسم ملامح مدينة بنت مجدها على جوهرة البحر. أحد المشاهد التي لا تزال راسخة في ذاكرتي، كان يوم زرنا مجلس بوحجي العامر في فريج البنعلي العريق الكائن في شرق المحرق. منزل شُيّد عام 1927 فوق أرض مطلة على البحر، وكان يوماً ما ملتقىً لتجار اللؤلؤ وروّاد البحر. لكن المفاجأة لم تكن في جمال المكان فحسب، بل في الشخص الذي استقبلنا وفتح لنا أبواب الذاكرة: عبدالعزيز بن محمد بن يوسف بوحجي، حفيد يوسف بن عيسى بوحجي آل ماضي التميمي (1889 – 1979)، أحد كبار تجار اللؤلؤ في البحرين. دار بيننا حديث طويل ومفعم بالتاريخ، روى لنا فيه عبدالعزيز سيرة جده الذي ترأس لجنة اللؤلؤ في البحرين، والمسؤول عن تصنيف اللؤلؤ الطبيعي بالتعاون مع عائلة دململ الهندية. كان يوسف بوحجي من القلائل الذين تميزوا بقدرتهم الفائقة على تمييز أنواع اللؤلؤ، وقد أسس مع شركائه شركة عرفية جمعت بين المعرفة المحلية والخبرة الخارجية. ومن الذكريات التي رواها لنا عبدالعزيز، أن جده بنى "دكة" إسمنتية خارج المجلس لجلوس الضيوف في ظل غياب المكيفات. وكان لديهم راديو يعمل ببطارية كبيرة، يحملونه حتى في رحلاتهم البحرية ليستمعوا إلى أخبار الحرب العالمية الثانية، في وقت كانت فيه المعلومة أثمن من الذهب. الفقيد عبدالعزيز بن محمد بن يوسف بوحجي، رحمه الله، لم يكن مجرد إعلامي، بل كان مدرسة في التوعية المرورية، وشخصية وطنية كرّست حياتها لخدمة المجتمع، بأسلوب بسيط ومحبب وفعّال. قليلون هم من يتركون بصمة صوتية وإعلامية خالدة في ذاكرة الوطن، والأقل من يواصلون رسالتهم بعد التقاعد بإيمان حقيقي بأهمية ما يقدمونه. ما أود التأكيد عليه في هذه المقالة، أن عبدالعزيز بوحجي كان شاهداً على العصر الجميل، وناقل أخبارٍ من ذاكرة اللؤلؤ. لقد قدّم لنا معلومات توثيقية ثمينة أعانتنا في كتابة التاريخ الاقتصادي للبحرين من خلال سرد شخصي وحيّ. كانت تلك اللحظات من أثمن ما خرجت به من تجربة إعداد الملف، ليس فقط لأننا كنا نؤسس لمسار سيدخل في سجلات التراث العالمي لاحقاً، بل لأننا التقينا بأناس حفظوا ذاكرة البحر ورووا لنا حكاياته بحب ووفاء. إن عملي ضمن مشروع "مسار اللؤلؤ" أتاح لي فرصة لقاء شخصيات وطنية خالدة، وبعد تسجيل الموقع في قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2012، أصبحت هذه الذاكرة جزءاً من سجل الثقافة العالمية. في ذلك المجلس، لم يكن الحديث عن تجارة فحسب، بل عن هوية بحرية، عن حلمٍ بلون البحر، ولؤلؤة اختصرت حكاية أمة كاملة. نسأل الله أن يتغمّده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، وأن يجعل علمه وعطاءه في ميزان حسناته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store