#أحدث الأخبار مع #مشيرالجزيرةمنذ 21 ساعاتسياسةالجزيرةالمشير وعودة الاعتبار للجيش.. معركة خاطفة تعيد لباكستان هويتهاأن يعلَّق على صدر ضابط رفيع نيشان جديد ليس أمرًا مثيرًا، لكن أن ترافق الترقية زفّة قومية فإنها لا شك رسالة بحد ذاتها.. أقصد هنا ترقية قائد الجيش الباكستاني إلى رتبة مشير، والاحتفاء بها شعبيًا وسياسيًا، ما يعكس إعادة الاعتبار للجيش الذي واجه على مدى عقدين ونصفٍ أزمة ثقة مع شعبه. ولعل المفارقة تكمن في أن من أوصى بترقية الجنرال عاصم منير هو رئيس الوزراء شهباز شريف، وهو شقيق رئيس الوزراء السابق نواز شريف، الذي أهانه الجيش وعائلتَه بانقلاب الجنرال برويز مشرّف عام 1999، ولم تنتهِ محنة العائلة في السجن والإبعاد إلا بعد رحيل الجنرال مشرّف. ولا شك أن مشرّف لم يكن بإمكانه الانقلاب على حكومة منتخبة لولا تراجع شعبية شريف بعد معركة كارغيل مع الهند؛ التي ظهر فيها أن باكستان خسرت على طاولة المفاوضات ما ربحته في المعركة، وذلك بفعل الدور الأميركي الذي أجبر باكستان على الانسحاب من المناطق التي استولت عليها بأعالي كشمير في صيف ساخن. انخرط الجيش في بداية حكم مشرف بأعمال مدنية أثارت حنق الشارع الباكستاني، مثل فرض ضريبة المبيعات البغيضة على الشعب والتجار، لكنها لم تكن كافية للإطاحة به من البرج الذي يعتليه، باعتباره حامي البلاد وقلعتها الحصينة، بل إن قلة قليلة من الشعب الباكستاني كانت قادرة على تحدي دور الجيش في الحياة السياسية، وتحالفه المتين مع الولايات المتحدة، حتى إن ساسةً وكتابًا مقربين من الجيش دأبوا على الترويج لقناعاتهم بأن حياة باكستان مرهونة بثلاث قوى؛ الله والجيش وأميركا، ويختصرونها بالإنجليزية بـ"AAA" (Pakistan survived by triple As: Allah, Army and America). الحرب على الإرهاب إعلان انحدار شعبية الجيش بدأت مع إعلان الجنرال مشرف انضمامه للحرب على "الإرهاب" في أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 في نيويورك وواشنطن، متحديًا المشاعر الشعبية الرافضة للدخول في حرب لا ناقة لباكستان فيها ولا جمل. ولعل مشرف كان يدرك جيدًا محرمات الشارع الباكستاني الثلاث، وهي المساس بالجيش والسلاح النووي وكشمير، والتي استند إليها في التضحية بطالبان ونظامها، وما كان يصفه مفكّرون باكستانيون بالعمق الإستراتيجي لبلادهم في صراعها مع الهند، واستند إلى ثلاثة أسباب لانضمامه للتحالف الأميركي الغربي الجديد، هي وعود أميركية غربية بحل جذري لقضية كشمير، والحفاظ على السلاح النووي، وإنقاذ الاقتصاد. لكن الحرب على "الإرهاب" سرعان ما ارتدّت على الداخل الباكستاني، ووجد الجيش نفسه يخوض حروبًا عبثية، لا سيما في مناطق القبائل المحاذية لأفغانستان، وأصبحت حكومة مشرف تروّج بأن التهديد الذي تتعرض له باكستان داخلي وليس خارجيًا، وعليها تطهير البلاد من المنظمات الإرهابية. وتبين لكثير من الباكستانيين أن ادعاءات التهديد الداخلي لم تكن إلا ذريعة للانحناء أمام العاصفة، وعلى حساب مكانة الجيش ودوره؛ فلم تُحلّ قضية كشمير، ولم يتحسن الاقتصاد، وبقي تهديد التجريد من السلاح النووي قائمًا. لقد اعترف الجنرال مشرف في مذكراته "على خط النار" بأن الحرب على الإرهاب والاقتصاد أطاحتا بشعبيته، وجسدهما في اقتحام الجيش للمسجد الأحمر في إسلام آباد وانهيار قطاع الكهرباء، ما تسبب بهروب المستثمرين المحليين والأجانب، وقال إنهما حولاه من بطل إلى لا شيء (From Hero to Zero). وتبدد ادعاء المصلحة الوطنية العليا في الانضمام للحرب على الإرهاب، وثبت أن الانضمام للحرب لم يكن خيارًا، وإنما بسبب تهديدات أميركية صريحة بإعادة باكستان إلى العصر الحجري، وفقًا لم ذكره مشرف في كتاب "على خط النار". كشمير واختبارات بالنار تراجعت المناوشات عبر خط المراقبة الفاصل بين شقي كشمير، وخمدت جذوة حراك الحرية في القسم الذي تسيطر عليه الهند، لكن المواجهات تحولت من الأرض إلى الجو بدءًا من عام 2019، حيث هاجمت مقاتلات هندية في فبراير/ شباط ما وصفته بمعاقل المنظمات الإرهابية، بحسب تصنيفها للمنظمات الكشميرية، بينما قالت باكستان إن سلاح الجو تعقب طائرات هندية وأجبرها على الفرار، وفي يونيو/ حزيران أسقطت المقاتلات الباكستانية طائرة هندية وأسرت قائدها. يبدو أن نيودلهي نجحت في اختبار مدى ردة الفعل الباكستانية، فقررت إلغاء الوضع الخاص بكشمير في 5 أغسطس/ آب، وشطب المادة 73 من الدستور، وفرض إجراءات عززت قبضتها على القسم الذي تسيطر عليه من كشمير وشعبها. وبعد 6 سنوات، كان جيش باكستان على موعد مع مواجهة جديدة في سماء كشمير، قلبت المعادلة وأعادت له مجده الشعبي، كيف لا وقد حسم المعركة بتوجيه ضربة قاضية لسلاح الجو الهندي في 8 مايو/ أيار، إذ قال إنه أسقط خلال ساعة احدة 5 من أحدث الطائرات المقاتلة من صناعة فرنسية وروسية، إضافة إلى تدمير عشرات الطائرات المسيرة من صناعة إسرائيلية. توقفت الحرب بتدخل أميركي، اعتبره الباكستانيون إنقاذًا للهند من هزيمة محققة، وإنقاذًا لسمعة السلاح الفرنسي والإسرائيلي التي أطاحت بها الصناعة الصينية.. واستعاد الجيش هيبته. لا شك أن جزءًا من صراع الساسة والجيش هو انقسام على الهوية، لا سيما أن الجماعات الإسلامية واسعة النفوذ الشعبي تكافح من أجل تحقيق أهداف مبدئية، مرتبطة بفكرة تأسيس باكستان على العقيدة الإسلامية وفق نظرية الأمتين سياسة ودين يبدو أن حسم الجولة الأخيرة مع سلاح الجو الهندي لصالح باكستان جمّد الصراع العلني بين السياسيين والجيش أو أجّله، لا سيما بعد انقسام واسع في المجتمع الباكستاني، خلّفه صراع حركة الإنصاف (حزب عمران خان) مع الجيش والقوى السياسية المتوافقة معه، وانتهى بزج خان في السجن، وتوافق الخصوم السابقين في حكومة واحدة ممثلين بعائلتي شريف وبوتو مع الجيش. ولا شك أن جزءًا من صراع الساسة والجيش هو انقسام على الهوية، لا سيما أن الجماعات الإسلامية واسعة النفوذ الشعبي تكافح من أجل تحقيق أهداف مبدئية، مرتبطة بفكرة تأسيس باكستان على العقيدة الإسلامية وفق نظرية الأمتين، التي ترى أن الأمة الإسلامية في شبه القارة الهندية لا يمكنها القبول بالحياة تحت ثقافة وعقيدة هندوسية، وقد استعاد الجنرال منير نظرية الأمتين في تجييشه للمواجهة الأخيرة. وخلافًا لعهد "الحرب على الإرهاب"، الذي حاول طمس الهوية الإسلامية لأول جمهورية أطلقت على نفسها وصف "الإسلامية"، ظهر مؤخرًا خطاب ديني في السياسة الباكستانية، ابتداءً بتفاخر الجيش بقائده الذي يحفظ القرآن وأنه ابن عالم دين، وتطعيم الجنرال خطاباته بتلاوة قرآنية سليمة، وانتهاءً بتسمية العملية "البنيان المرصوص" في مواجهة عملية "سندور" الهندية. يعود هذا الخطاب الديني بالذاكرة إلى عهد مغازلة قيادة باكستان للولايات المتحدة؛ فقد دشنت حكومة الرئيس مشرف فعاليات واسعة، تشجع النساء على التبرج لإظهار انفتاح المجتمع الباكستاني، وغيرها من البرامج والأنشطة الرياضية والاجتماعية التي تتوافق مع تلك المرحلة. وفي مقابل خطابات قادة باكستانيين (عسكريين ومدنيين) في المواجهة الأخيرة، جسدها ما وُصف بخطاب النصر لشهباز شريف والقول إن بلاده دافعت عن "لا إله إلا الله"، يجدر التذكير بتسجيل فيديو سُرّب من اجتماع للحكومة ترأسه رحمان ملك، وزير الداخلية في حكومة مشرف، وظهر فيه يتلعثم ويخطئ مرات عدة في قراءة سورة الإخلاص، وعندما سألتُ من يعرفون الوزير من قرب أكدوا أنه من أسرة معروفة بتدينها، ويستحيل أن يخطئ بسورة "قل هو الله أحد"، إحدى أقصر السور في القرآن الكريم. قد تكون السياسة اقتضت تضليل القوى الغربية -خاصة الأميركيين- في نفق، كان لا بد لباكستان أن تسلكه في ظل قوة مهيمنة على العالم، وكلفت باكستان وجيشها الكثير.. أما في المواجهة مع الهند، فإن أي قيادة لا يسعها إلا أن تستدعي السياسة التي قامت عليها باكستان في قرار تأسيسها، الذي اتُّخذ باجتماع لاهور في 23 مارس/ آذار 1940.
الجزيرةمنذ 21 ساعاتسياسةالجزيرةالمشير وعودة الاعتبار للجيش.. معركة خاطفة تعيد لباكستان هويتهاأن يعلَّق على صدر ضابط رفيع نيشان جديد ليس أمرًا مثيرًا، لكن أن ترافق الترقية زفّة قومية فإنها لا شك رسالة بحد ذاتها.. أقصد هنا ترقية قائد الجيش الباكستاني إلى رتبة مشير، والاحتفاء بها شعبيًا وسياسيًا، ما يعكس إعادة الاعتبار للجيش الذي واجه على مدى عقدين ونصفٍ أزمة ثقة مع شعبه. ولعل المفارقة تكمن في أن من أوصى بترقية الجنرال عاصم منير هو رئيس الوزراء شهباز شريف، وهو شقيق رئيس الوزراء السابق نواز شريف، الذي أهانه الجيش وعائلتَه بانقلاب الجنرال برويز مشرّف عام 1999، ولم تنتهِ محنة العائلة في السجن والإبعاد إلا بعد رحيل الجنرال مشرّف. ولا شك أن مشرّف لم يكن بإمكانه الانقلاب على حكومة منتخبة لولا تراجع شعبية شريف بعد معركة كارغيل مع الهند؛ التي ظهر فيها أن باكستان خسرت على طاولة المفاوضات ما ربحته في المعركة، وذلك بفعل الدور الأميركي الذي أجبر باكستان على الانسحاب من المناطق التي استولت عليها بأعالي كشمير في صيف ساخن. انخرط الجيش في بداية حكم مشرف بأعمال مدنية أثارت حنق الشارع الباكستاني، مثل فرض ضريبة المبيعات البغيضة على الشعب والتجار، لكنها لم تكن كافية للإطاحة به من البرج الذي يعتليه، باعتباره حامي البلاد وقلعتها الحصينة، بل إن قلة قليلة من الشعب الباكستاني كانت قادرة على تحدي دور الجيش في الحياة السياسية، وتحالفه المتين مع الولايات المتحدة، حتى إن ساسةً وكتابًا مقربين من الجيش دأبوا على الترويج لقناعاتهم بأن حياة باكستان مرهونة بثلاث قوى؛ الله والجيش وأميركا، ويختصرونها بالإنجليزية بـ"AAA" (Pakistan survived by triple As: Allah, Army and America). الحرب على الإرهاب إعلان انحدار شعبية الجيش بدأت مع إعلان الجنرال مشرف انضمامه للحرب على "الإرهاب" في أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 في نيويورك وواشنطن، متحديًا المشاعر الشعبية الرافضة للدخول في حرب لا ناقة لباكستان فيها ولا جمل. ولعل مشرف كان يدرك جيدًا محرمات الشارع الباكستاني الثلاث، وهي المساس بالجيش والسلاح النووي وكشمير، والتي استند إليها في التضحية بطالبان ونظامها، وما كان يصفه مفكّرون باكستانيون بالعمق الإستراتيجي لبلادهم في صراعها مع الهند، واستند إلى ثلاثة أسباب لانضمامه للتحالف الأميركي الغربي الجديد، هي وعود أميركية غربية بحل جذري لقضية كشمير، والحفاظ على السلاح النووي، وإنقاذ الاقتصاد. لكن الحرب على "الإرهاب" سرعان ما ارتدّت على الداخل الباكستاني، ووجد الجيش نفسه يخوض حروبًا عبثية، لا سيما في مناطق القبائل المحاذية لأفغانستان، وأصبحت حكومة مشرف تروّج بأن التهديد الذي تتعرض له باكستان داخلي وليس خارجيًا، وعليها تطهير البلاد من المنظمات الإرهابية. وتبين لكثير من الباكستانيين أن ادعاءات التهديد الداخلي لم تكن إلا ذريعة للانحناء أمام العاصفة، وعلى حساب مكانة الجيش ودوره؛ فلم تُحلّ قضية كشمير، ولم يتحسن الاقتصاد، وبقي تهديد التجريد من السلاح النووي قائمًا. لقد اعترف الجنرال مشرف في مذكراته "على خط النار" بأن الحرب على الإرهاب والاقتصاد أطاحتا بشعبيته، وجسدهما في اقتحام الجيش للمسجد الأحمر في إسلام آباد وانهيار قطاع الكهرباء، ما تسبب بهروب المستثمرين المحليين والأجانب، وقال إنهما حولاه من بطل إلى لا شيء (From Hero to Zero). وتبدد ادعاء المصلحة الوطنية العليا في الانضمام للحرب على الإرهاب، وثبت أن الانضمام للحرب لم يكن خيارًا، وإنما بسبب تهديدات أميركية صريحة بإعادة باكستان إلى العصر الحجري، وفقًا لم ذكره مشرف في كتاب "على خط النار". كشمير واختبارات بالنار تراجعت المناوشات عبر خط المراقبة الفاصل بين شقي كشمير، وخمدت جذوة حراك الحرية في القسم الذي تسيطر عليه الهند، لكن المواجهات تحولت من الأرض إلى الجو بدءًا من عام 2019، حيث هاجمت مقاتلات هندية في فبراير/ شباط ما وصفته بمعاقل المنظمات الإرهابية، بحسب تصنيفها للمنظمات الكشميرية، بينما قالت باكستان إن سلاح الجو تعقب طائرات هندية وأجبرها على الفرار، وفي يونيو/ حزيران أسقطت المقاتلات الباكستانية طائرة هندية وأسرت قائدها. يبدو أن نيودلهي نجحت في اختبار مدى ردة الفعل الباكستانية، فقررت إلغاء الوضع الخاص بكشمير في 5 أغسطس/ آب، وشطب المادة 73 من الدستور، وفرض إجراءات عززت قبضتها على القسم الذي تسيطر عليه من كشمير وشعبها. وبعد 6 سنوات، كان جيش باكستان على موعد مع مواجهة جديدة في سماء كشمير، قلبت المعادلة وأعادت له مجده الشعبي، كيف لا وقد حسم المعركة بتوجيه ضربة قاضية لسلاح الجو الهندي في 8 مايو/ أيار، إذ قال إنه أسقط خلال ساعة احدة 5 من أحدث الطائرات المقاتلة من صناعة فرنسية وروسية، إضافة إلى تدمير عشرات الطائرات المسيرة من صناعة إسرائيلية. توقفت الحرب بتدخل أميركي، اعتبره الباكستانيون إنقاذًا للهند من هزيمة محققة، وإنقاذًا لسمعة السلاح الفرنسي والإسرائيلي التي أطاحت بها الصناعة الصينية.. واستعاد الجيش هيبته. لا شك أن جزءًا من صراع الساسة والجيش هو انقسام على الهوية، لا سيما أن الجماعات الإسلامية واسعة النفوذ الشعبي تكافح من أجل تحقيق أهداف مبدئية، مرتبطة بفكرة تأسيس باكستان على العقيدة الإسلامية وفق نظرية الأمتين سياسة ودين يبدو أن حسم الجولة الأخيرة مع سلاح الجو الهندي لصالح باكستان جمّد الصراع العلني بين السياسيين والجيش أو أجّله، لا سيما بعد انقسام واسع في المجتمع الباكستاني، خلّفه صراع حركة الإنصاف (حزب عمران خان) مع الجيش والقوى السياسية المتوافقة معه، وانتهى بزج خان في السجن، وتوافق الخصوم السابقين في حكومة واحدة ممثلين بعائلتي شريف وبوتو مع الجيش. ولا شك أن جزءًا من صراع الساسة والجيش هو انقسام على الهوية، لا سيما أن الجماعات الإسلامية واسعة النفوذ الشعبي تكافح من أجل تحقيق أهداف مبدئية، مرتبطة بفكرة تأسيس باكستان على العقيدة الإسلامية وفق نظرية الأمتين، التي ترى أن الأمة الإسلامية في شبه القارة الهندية لا يمكنها القبول بالحياة تحت ثقافة وعقيدة هندوسية، وقد استعاد الجنرال منير نظرية الأمتين في تجييشه للمواجهة الأخيرة. وخلافًا لعهد "الحرب على الإرهاب"، الذي حاول طمس الهوية الإسلامية لأول جمهورية أطلقت على نفسها وصف "الإسلامية"، ظهر مؤخرًا خطاب ديني في السياسة الباكستانية، ابتداءً بتفاخر الجيش بقائده الذي يحفظ القرآن وأنه ابن عالم دين، وتطعيم الجنرال خطاباته بتلاوة قرآنية سليمة، وانتهاءً بتسمية العملية "البنيان المرصوص" في مواجهة عملية "سندور" الهندية. يعود هذا الخطاب الديني بالذاكرة إلى عهد مغازلة قيادة باكستان للولايات المتحدة؛ فقد دشنت حكومة الرئيس مشرف فعاليات واسعة، تشجع النساء على التبرج لإظهار انفتاح المجتمع الباكستاني، وغيرها من البرامج والأنشطة الرياضية والاجتماعية التي تتوافق مع تلك المرحلة. وفي مقابل خطابات قادة باكستانيين (عسكريين ومدنيين) في المواجهة الأخيرة، جسدها ما وُصف بخطاب النصر لشهباز شريف والقول إن بلاده دافعت عن "لا إله إلا الله"، يجدر التذكير بتسجيل فيديو سُرّب من اجتماع للحكومة ترأسه رحمان ملك، وزير الداخلية في حكومة مشرف، وظهر فيه يتلعثم ويخطئ مرات عدة في قراءة سورة الإخلاص، وعندما سألتُ من يعرفون الوزير من قرب أكدوا أنه من أسرة معروفة بتدينها، ويستحيل أن يخطئ بسورة "قل هو الله أحد"، إحدى أقصر السور في القرآن الكريم. قد تكون السياسة اقتضت تضليل القوى الغربية -خاصة الأميركيين- في نفق، كان لا بد لباكستان أن تسلكه في ظل قوة مهيمنة على العالم، وكلفت باكستان وجيشها الكثير.. أما في المواجهة مع الهند، فإن أي قيادة لا يسعها إلا أن تستدعي السياسة التي قامت عليها باكستان في قرار تأسيسها، الذي اتُّخذ باجتماع لاهور في 23 مارس/ آذار 1940.