#أحدث الأخبار مع #مملكة_إبلاالجزيرةمنذ 2 أيامأعمالالجزيرةإدلب الخضراء "غزة الشام" و"عاصمة التحرير"تقع شمال غربي سوريا وتلقب بـ"إدلب الخضراء" و"أرض الزيتون" لانتشار أشجار الزيتون فيها، وتعد من بوابات البلاد الشمالية المطلة على تركيا و أوروبا ، وكانت أرضا للحضارات الغابرة منذ الألف الثالثة قبل الميلاد، أبرزها مملكة إبلا، ومرت عليها الآرامية والآشورية والحيثية والرومانية، حتى صارت تختزن في أرضها ثلث معالم وآثار البلاد. كما لقبت بـ"عاصمة التحرير"، إذ انطلقت منها المعارضة السورية المسلحة في عملية " ردع العداون" واستطاعت في 12 يوما إسقاط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد. الموقع تبعد إدلب نحو 60 كيلومترا عن مدينة حلب و132 كيلومترا عن اللاذقية و320 كيلومترا عن دمشق ، وتحتل المرتبة الثامنة بين المدن السورية من حيث المساحة، إذ تبلغ مساحة محافظتها 6100 كيلومتر مربع. وتنقسم محافظة إدلب إداريا إلى 6 مناطق هي إدلب (مركزها) وهي أكبرها، وأريحا و جسر الشغور و معرة النعمان وحارم و خان شيخون ، إضافة إلى 17 مدينة و27 ناحية و475 قرية و603 مزارع، وتتوسط محافظات حلب واللاذقية و حماة و لواء إسكندرون. وتحيط بالمدينة عدد من الجبال منها الزاوية والأعلى وباريشا والدويلي والوسطاني، إضافة إلى سهلين هما إدلب والروج. وكانت طوال تاريخها طريقا وملتقى للقوافل التجارية ومعبرا للجيوش الغازية. وتتميز إدلب بمناخ جاف مشابه لمناخ مناطق البحر الأبيض المتوسط ، إذ تقل الأمطار المتساقطة فيها مقارنة بتلك التي تسقط في المناطق الساحلية، إلا أنها غير كافية لري زراعتها من الحبوب الشتوية وأشجار الزيتون والفاكهة. يقدر عدد سكان المدينة -وفقا لإحصاء عام 2010- بأكثر من 165 ألفا، معظمهم من العرب وعدد قليل من الأكراد والأتراك، وهي بذلك الخامسة من حيث عدد السكان. ارتفع عدد سكان المحافظة بشكل كبير مع انطلاق الثورة السورية ، فلجأ لها ملايين السوريين من كامل المحافظات السورية، منهم عوائل نزحت من بيوتها، ومنهم معارضون نفوا إليها باتفاقيات تسوية، وحتى عام 2019 وصل عدد السكان -في مناطق سيطرة المعارضة- إلى 3 ملايين، بينهم مليون و300 ألف نازح. ووفق إحصائية أجراها فريق منسقي استجابة سوريا بلغ العدد الإجمالي لسكان محافظة إدلب في مناطق سيطرة المعارضة السورية عام 2020 إلى 4186704 نسمة، نصفهم نازحون ومهجرون، ومنهم 6583 لاجئون فلسطينيون وعراقيون. وتنتمي أكثرية السكان إلى المسلمين السنة، إضافة إلى طوائف أخرى من المسيحيين والشيعة وأقليات دينية مختلفة. التسمية والألقاب تعددت الآراء حول أصل اسم إدلب وفقا للمصادر التاريخية المختلفة، وتم توثيق أكثر من 7 روايات. منها ما يقول إن اسم إدلب مركب من الكلمة الآرامية "أدد" وهو الإله المشترك بين الآراميين، والمعروف أيضا باسم "هدد" وهو "إله العاصفة والرعد"، وأما الجزء الثاني من الكلمة "لب"، فيعني في الآرامية والسريانية "مركز الشيء"، ومن ثم يُفهم اسم إدلب بشكل عام على أنه "مركز أدد" أو مكان عبادة هذا الإله. وتذكر آراء أخرى أن أصل الكلمة يعود إلى اللغة الآرامية، وتعني "أد" الهواء و"دَ" أداة بين المضاف والمضاف إليه في اللغة الآرامية، ثم "لب" التي تعني القلب، لتصبح التسمية "هواء القلب"، أي "ينعش القلب والجسد" وهو معنى يرتبط بجو المنطقة ومناخها الجميل. وتشير آراء أخرى إلى أن "إيد لب" في السريانية تعني "يد القلب"، إذ أن "إيد" تعني اليد، و"لب" تعني القلب، ليصبح المعنى "يد القلب" أو "روح اللب"، وبالتالي تكون إشارة إلى روح المكان. وتشتهر إدلب بكثير من الألقاب التي ميزتها عن غيرها من المحافظات والمدن السورية، وأشهر ألقابها "إدلب الخضراء"، إذ تتميز بأرضها الخضراء الخصبة التي تغطي الأشجار نسبة 78% منها، وتنتشر فيها أشجار الزيتون بكثرة، حتى لقبت بـ"أرض الزيتون". ومن الألقاب الفريدة التي ميزتها أيضا "الأم الحنون"، فقد كانت ملجأ للسوريين طوال أيام الثورة السورية، فاستقبلت الملايين منهم من كامل المحافظات السورية، وآوتهم إلى حين استطاعتهم العودة إلى منازلهم عقب إسقاط النظام السوري المخلوع. وشببها الكثير ب قطاع غزة حتى لقبوها "غزة الشام"، لما لاقته من قصف وتدمير واعتداء مستمر وقتل ممنهج من النظام السوري المخلوع والطيران الروسي، وبقيت إدلب تقصف حتى آخر أيام النظام، لأنها كانت معقلا للمعارضة السورية وحاول إعادة السيطرة عليها. كما لقبها السوريون بـ"عاصمة التحرير"، فمنها انطلقت المعارضة السورية التي كانت تجهز فيها للعملية سنين عدة، واستطاعت في أيام السيطرة على مدينة حلب وباقي المدن تباعا، مما مكنها من دخول دمشق في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2025 وإسقاط حكم آل الأسد الذي استمر 54 عاما. الاقتصاد تطور اقتصاد المدينة بالموازاة مع تطورها العمراني والتاريخي، ففي مرحلة الانتداب الفرنسي كانت أولى المناطق السورية التي يزرع فيها القطن. وبعد الاستقلال، أضحت إدلب تشتهر بالتجارة والزراعة، خاصة التين والعنب والقمح والشعير والقطن والبقوليات بأنواعها والتوابل، ويشكل الكرز ثلث إنتاج البلاد والفستق الحلبي خمس إنتاج سوريا ، إضافة إلى السمسم والزيوت وإنتاج الكمون. وتشتهر إدلب وريفها بإنتاج الزيتون والصناعات المرتبطة به، حتى إن الأخوين البريطانيين توماس وجون راسل أطلقا عليها عام 1772 لقب "بلد الزيتون"، وهو محصولها الرئيسي، كما أنها تسيطر على تجارة الزيتون وزيته في عموم سوريا. تتميز إدلب بصناعات قديمة متنوعة، مثل معاصر الزيتون، إذ كانت في عهد العثمانيين تضم 200 منها، لكنها اندثرت جميعها مع مرور الوقت. إضافة إلى ذلك، كانت المدينة معروفة بصناعة الصابون، وكان يوجد بها 36 مصبنة، واشتهرت كذلك بصناعة الدبس والحلاوة والطحينة والأحذية. التاريخ اكشفت بعثة يابانية آثارا تعود إلى عصور ما قبل التاريخ في تل دينيت وتل الكرخ جنوبي شرق المحافظة. ويشير الأرشيف الملكي لمملكة إيبلا إلى أن تاريخ إدلب يعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، إذ وثق تاريخ المنطقة لأكثر من 5 آلاف سنة، وفق ما اكتشفته بعثة إيطالية. وشهدت المنطقة معركة "تل حارم"، التي وقعت في 11 أغسطس/آب 1164م وانتصر فيها المسلمون بقيادة نور الدين الزنكي على الصليبيين، وجاءت ردا على هزيمة الزنكي في معركة البقيعة، فأقسم ألا يستظل بسقف حتى يثأر للإسلام من الصليبيين، وبدأ بتجهيزات مكثفة لفتح حارم وقلعتها الإستراتيجية التي تتحكم في الطريق بين أنطاكيا وحلب، واستطاع إلحاق الهزائم بالإفرنج. وبدأت إدلب معبدا وثنيا ثم صارت ديرا سريانيا حمل اسم "دير دْلبين" منتصف القرن الـ6 الميلادي، وقد تم تحريف اسمه إلى "دير لِبْ" عند العرب المسلمين، ثم تحول إلى جامع في قرية دير ليب، ومع منتصف القرن الـ15 الميلادي، أصبحت المنطقة تعرف باسم "قرية إدليب الصغرى"، أما مدينة إدلب الصغرى" فقد بنيت عام 1512م. كانت تتبع سرمين فيما مضى، ثم بدأت أهميتها بالظهور بعد أن اهتم بها الصدر الأعظم محمد باشا الكوبرلي (1583-1661) فجعل مواردها وقفا على الحرمين الشريفين وأعفاها من الرسوم والضرائب وأقام فيها مباني ما تزال موجودة. ونظم الكوبرلي مدينة إدلب وفق مخطط عمراني اختاره بنفسه فبنى فيها خان الشحادين وخان الرز وغيرها، ونظم أسواقها فجعل لكل حرفة فيها سوقا خاصة، ورصف شوارعها بالحجر. وبدأ التطور الحضري لإدلب بتحولها إلى مدينة تابعة لحلب عام 1700، وتميزت حينذاك -حسبما تشير الدراسات التاريخية- بسوق كبير وحمام شعبي ونزل للمسافرين. من قضاء إلى محافظة في النصف الثاني من القرن الـ18 غدت إدلب تتبع جسر الشغور ثم أتبعت بأريحا ثم صارت مركز قضاء عام 1812م، وكانت تتبع محافظة حلب في تلك الفترة، وظلت تابعة لها حتى عام 1958 حين صارت محافظة إبان الاتحاد المصري السوري ، عقب زيارة رئيس الجمهورية العربية المتحدة آنذاك جمال عبد الناصر. وألحقت بمحافظة إدلب مناطق أريحا وحارم ومعرة النعمان وجسر الشغور، وكلها كانت أقضية تابعة لحلب أيضا. وفي النصف الثاني من القرن الـ19 انتهت إدلب الكبرى الشمالية بعد أن هاجر سكانها إلى إدلب الصغرى التي اقتصر اسمها على "إدلب "مع مرور الزمن. وفي 1883 بدأ التصنيع في إدلب بإقامة 15 مصنعا لصابون زيت الزيتون، وفي القرن التاسع عشر شيد فيها عدد من مصانع الحصير و45 مصنعا للدهانات الملونة الطبيعية، وحتى 1890 كان فيها 14 مسجدا و90 مدرسة لتحفيظ القرآن، وسوق شعبية كبيرة. وإبان مرحلة الانتداب الفرنسي كانت أولى المناطق السورية التي يزرع فيها القطن، وفي 1958 أصبحت محافظة سورية بقرار من المملكة المتحدة. الثورة ضد الاحتلال والأسد شهد جبل الزاوية شمالي إدلب أولى الثورات ضد الاحتلال الفرنسي في 1920، ويعتز أهاليه بتاريخه النضالي، ويعتبرون ثورة 2011 امتدادا لثورة 1920 ضد الاستعمار الفرنسي، خصوصا في ظل ارتباط جد حافظ الأسد بالاحتلال الفرنسي. واندلعت ثورة إبراهيم هنانو ضد الاحتلال الفرنسي نهاية عام 1919م، وكان قد قادها من معقله في جبل الزاوية بحارم وجسر الشغور، اللتان استعصتا على الفرنسيين عامين، بفضل دراية الثوار بطبيعتها. وخاض هنانو 27 معركة، انتصر في معظمها، وأسر فيها عددا من الجنود الفرنسيين. وتمكن من توسيع نفوذه ليعلن عن إقامة دولة حلب وحكومة مستقلة، مما دفع الفرنسيين للتفاوض معه وتقديم تنازلات. وفي الوقت الذي كان الرئيس السوري حافظ الأسد يسعى لاستمالة المدن السورية إلى صفه عبر زياراته الشخصية عقب انقلابه على صلاح جديد عام 1970، استقبلته معظم المدن بالترحاب، رغبة أو رهبة، لكن إدلب تفردّت بفعلها ورشقته بالطماطم عند استقباله، وكاد حذاء موجه نحوه أن يصيبه لولا تدخل حارسه. وتحولت المدينة إلى معقل ل جماعة لإخوان المسلمين في ثمانينيات القرن العشرين بعد أن كانت معقلا للناصرية في الخمسينيات والستينيات، وقادت مظاهرات ضخمة وانتفاضة شعبية ضد حكم الأسد، إلى جانب حلب وحماة. وحاول رجل إدلبي من مدينة كفرنبل، وكان يعمل في الحرس الجمهوري، اغتيال حافظ الأسد في 26 يونيو/حزيران 1980 حين كان يودع نظيره النيجيري حسين كونتشي على باب قصر الضيافة بالعاصمة دمشق، وألقى قنبلتين يدويتين وأطلق عليه النار، إلا أن حارسا شخصيا آخر سارع لحمايته وضحى بنفسه، فنجا الأسد من الاغتيال، وانتقم من هذه المحاولة بمجزرة تدمر. الثورة السورية ومنذ بداية الثورة السورية، برزت منطقة جبل الزاوية مركزا للمقاومة ضد جيش النظام المخلوع، إذ شهدت انشقاق أول ضابطين عن جيش بشار في صيف 2011، هما المقدم حسين هرموش، الذي شكل لواء الضباط الأحرار قبل أن يُختطف ويُعدم، والعقيد رياض الأسعد ، الذي أسس الجيش السوري الحر وقاده. ومع نهايات عام 2011 كان الجيش السوري الحر يتوزع في مناطق مختلفة ويسيطر عليها، في كل من إدلب وريف حلب وريف حماة وحمص و القصير والغوطة وبعض مناطق درعا. وعندما عجز النظام عن إيقاف المظاهرات وفقد السيطرة على المدن الثائرة، انتهج سياسة الأرض المحروقة بحصار المدن وقطع الإمدادات الغذائية والطبية، مع قصف مستمر بالطائرات والمدفعية على المباني السكنية، مما أسفر عن مجازر وسقوط العديد من الشهداء والجرحى. ومع استمرار الحصار، سعى النظام لاقتحام المدن، وكان يحدث مجازر في كل حي يقتحمه. في المقابل، دافع الجيش الحر عن المدن حتى اضطر في كثير من الأحيان للانسحاب أو التفاوض على هدنة، مما أدى إلى ترحيل السكان بالملايين إلى إدلب أو السماح لهم بالبقاء مع شروط. واستطاعت كتائب المعارضة المسلحة بقيادة " جيش الفتح" السيطرة على إدلب، يوم 28 مارس/آذار 2015 بعد صراع دام سنوات مع قوات النظام السوري المخلوع، وتمكّنت أيضا من طرد مقاتلي حزب الله اللبناني. في نهاية عام 2015، دخلت فصائل المعارضة المسلحة في إدلب مرحلة جديدة شهدت تحقيق بعض الانتصارات الكبرى، منها فك الحصار عن حلب مرتين، ثم بدأ ائتلاف "جيش الفتح" بالتفكك عقب انسحاب فصيل "جند الأقصى" الذي اتهم بالانتماء ل تنظيم الدولة الإسلامية ، مما أدى إلى استئصاله في إدلب. ومع إعلان " هيئة تحرير الشام" تشكيل إدارة مدنية للإشراف على إدلب انهار جيش الفتح وانتهى وجوده. وعلى الصعيد الداخلي، شهدت إدلب مواجهات بين جبهة فتح الشام وفصائل المعارضة، انتهت بانصهار بعضها في " حركة أحرار الشام"، لكنها تفككت أيضا عقب انسحاب "جيش الأحرار" منها وانضمامه إلى هيئة تحرير الشام التي شكلتها الجبهة. اندلعت اشتباكات بين الهيئة والحركة مما أضعفها أكثر، وفي تلك الفترة سيطرت الهيئة على معبر باب الهوى الحدودي والمناطق المحيطة به بعد مواجهات مع حركة أحرار الشام. بحلول سبتمبر/أيلول 2017، توصلت الدول الضامنة لمسار أستانا (روسيا وتركيا و إيران) إلى اتفاق لإنشاء منطقة خفض توتر في محافظة إدلب. ونص الاتفاق على نشر مراقبين لضمان وقف إطلاق النار بين المعارضة والنظام، ومع ذلك، استمرت الطائرات الروسية والسورية في شن غارات على إدلب، مما أسفر عن مئات القتلى والجرحى من المدنيين على الرغم من أن المنطقة كانت جزءا من مناطق خفض التصعيد. في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2017، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن عمليات عسكرية جديدة في إدلب بدعم من الجيش التركي والجيش السوري الحر، بينما نددت هيئة تحرير الشام بالعملية العسكرية الروسية التي استهدفت إدلب. وعلى الرغم من محاولات النظام والحليف الروسي لاستعادة السيطرة، بقيت إدلب رمزا للمقاومة، وتحولت إلى مأوى لكل الذين هُجروا من مناطق سيطرة النظام. وفي تلك الفترة تأسست حكومة الإنقاذ السورية على يد أكاديميين ومسؤولين بمبادرة وطنية دعت إلى الإدارة الذاتية، في مناطق سيطرة المعارضة السورية، وامتد نفوذها في أماكن سيطرة هيئة تحرير الشام، التي حصلت منها على التمويل. "ردع العدوان" أنشئت "غرفة عمليات الفتح المبين" في إدلب عام 2019، وكانت مسؤولة عن تنسيق العمليات العسكرية في الشمال السوري وإدارتها في إدلب وأرياف حلب واللاذقية وحماة منذ عام 2020. وفي منتصف عام 2020، أصدرت هيئة تحرير الشام -المكون الأكبر في الغرفة- بيانا عن "توحيد الجهد العسكري"، ومنعت تشكيل أي فصيل عسكري أو غرفة عمليات في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وحصرت الأعمال العسكرية في "غرفة عمليات الفتح المبين". وأعلنت الحركة في مؤتمر صحفي عقدته عام 2023 عن ترتيب بناء جديد للقوة العسكرية للفصائل العاملة في المنطقة، وقالت إن هذه الخطوة ساهمت في "تحقيق توازن القوى في المنطقة". وبعدها ظهر تشكيل " إدارة العمليات العسكرية" مع إعلان انطلاق معركة "ردع العدوان" في يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وضمّ الفصائل ذاتها التي كانت تابعة سابقا لـ"الفتح المبين". وقالت إدارة العمليات العسكرية إنها هدفت إلى توجيه "ضربة استباقية لقوات النظام السوري" عبر المعركة التي عدت أول اختراق لخطوط التماس بين الطرفين في المحافظة منذ الاتفاق "التركي الروسي" لوقف إطلاق النار في مارس/آذار 2020. وجاءت العملية في وقت شهدت فيه مناطق ريف حلب الغربي اشتباكات وقصفا عنيفا متبادلا بين الجيش السوري والمليشيات الإيرانية من جهة، والمعارضة السورية في الشمال من جهة أخرى، في ظل تصعيد الجيش قصفه للمناطق المدنية. انطلقت فصائل المعارضة من إدلب باتجاه حلب، وأعلنت السيطرة عليها في الأيام الأولى، ثم باقي المدن السورية تباعا. وفي اليوم الـ12 من المعركة، أعلنت المعارضة السورية سيطرتها على العاصمة دمشق، وإسقاطها حكم عائلة الأسد، وذكرت الصحف الغربية أن الأسد غادر البلاد مع أسرته قبل وصول المعارضة إلى العاصمة. المعالم تعد محافظة إدلب واحدة من أغنى المناطق الأثرية في سوريا، إذ تضم أكثر من ألف موقع أثري يعود لحقب تاريخية مختلفة، تمتد من الألف الثالثة قبل الميلاد إلى العصور الإسلامية، فاحتضنت على أراضيها ثلث آثار سوريا. وتتميز المحافظة بمساجدها المملوكية والعثمانية، وحماماتها الشعبية، ودورها العربية المبنية في القرن السادس عشر، مثل الجامع الكبير ودار الفتح الأهلية ودار العياشي. كما تضم 40 قرية أثرية تشكل 5 منتزهات مسجلة في لائحة التراث العالمي. ومن أبرز مدنها الأثرية مدينة إبلا في تل مرديخ وتقع قرب سراقب، وكانت حاضرة من أقدم الممالك السورية، وازدهرت بين عامي 2400 و2250 قبل الميلاد قبل أن يدمرها الملك الأكدي نارام سين. ومن مدنها الأثرية الأخرى مدينة أريحا ذات الأصول الآرامية التي تعود للألف الثالث قبل الميلاد، وتحتوي على آثار من عصور مختلفة. وتعد معرة النعمان واحدة من أقدم وأشهر مدن إدلب، واسمها مشتق من الكلمة الآرامية "معرتا" التي تعني المغارات. نُسبت إلى الصحابي النعمان بن بشير الأنصاري، وشهدت عددا من الحروب والغزوات منذ العصور الفرعونية حتى الاحتلال الفرنسي، ومن أهم معالمها المسجد الجامع والمدرسة الشافعية وقبر أبي العلاء المعري والقلعة التي بناها المظفر محمد بن المنصور عام 1233م. ومن مدنها البارزة الأخرى مدينة جسر الشغور وهي ملتقى طرق إستراتيجية وممر تجاري وعسكري منذ الألف الثالثة ق.م، واستعادت أهميتها في القرن الـ17 الميلادي. وفيها الموقعان الأثريان قلعتا الشغور وبكاس اللذين يفصل بينهما واد عميق، وكانا يتصلان بجسر قديم. وهناك أيضا بلدة سرمين التي فتحها أبو عبيدة بن الجراح سنة 17هـ (637م)، ودمرها الصليبييون والمغول، واشتهرت بصناعة الصابون والنسيج، فضلا عن نبوغ علمائها في الفقه والتصوف والشعر والطب. وذُكرت مدينة سرمدا القديمة في نصوص تحوتمس الثالث (1490-1436 ق.م)، وتحتوي على مدفن أثري يعود للقرن الثاني الميلادي. وتعد البارة واحدة من أهم المدن الأثرية الرومانية-البيزنطية، احتلها الصليبيون عام 1098م وصارت بطريركية، قبل أن يستعيدها نور الدين محمود بن زنكي عام 1151م. تضم قصورا فخمة وأبراجا وحمامات وأديرة وكنائس وقلعة أبي سفيان ومعاصر زيتون وعنب. ومن المواقع والقرى والقلاع الأثرية الشهرية فيها، قرية رويحة، وهي موقع أثري يضم مباني رومانية-بيزنطية تعود إلى ما قبل القرن الرابع الميلادي، منها كنيستان وأسوار قديمة. وتضم المحافظة مناطق ومعالم أثرية بارزة منها قلعة حارم الحصينة وتتوسط مدينة حارم، وكان لها دور هام في الحروب الصليبية. وتل السلطان الذي يُنسب إلى السلطان ملكشاه السلجوقي، ويحتل موقعا إستراتيجيا على طريق سراقب-أبو الضهور. ويعد تل الطوقان موقعا أثريا، إذ يحوي خرائب أثرية محصنة بأبراج وأسوار بـ3 أبواب، ومن الآثار الأخرى قلب لوزة وهي كنيسة أثرية ذات زخارف غنية تعود إلى القرن الخامس الميلادي، وقصر البنات، وهو كنيسة كبيرة تقع على الحدود بين إدلب ولواء إسكندرون. وتحتضن المحافظة دير الشرقي وهي قرية تقع جنوب شرق معرة النعمان، كانت تُعرف باسم دير سمعان أو دير نقيرة، وبجوارها تل الحصن الذي يضم مدينة رومانية تعود للألف الثالثة ق.م. كما أنها موقع وفاة الخليفة عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ (720م) وضريحه فيها.
الجزيرةمنذ 2 أيامأعمالالجزيرةإدلب الخضراء "غزة الشام" و"عاصمة التحرير"تقع شمال غربي سوريا وتلقب بـ"إدلب الخضراء" و"أرض الزيتون" لانتشار أشجار الزيتون فيها، وتعد من بوابات البلاد الشمالية المطلة على تركيا و أوروبا ، وكانت أرضا للحضارات الغابرة منذ الألف الثالثة قبل الميلاد، أبرزها مملكة إبلا، ومرت عليها الآرامية والآشورية والحيثية والرومانية، حتى صارت تختزن في أرضها ثلث معالم وآثار البلاد. كما لقبت بـ"عاصمة التحرير"، إذ انطلقت منها المعارضة السورية المسلحة في عملية " ردع العداون" واستطاعت في 12 يوما إسقاط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد. الموقع تبعد إدلب نحو 60 كيلومترا عن مدينة حلب و132 كيلومترا عن اللاذقية و320 كيلومترا عن دمشق ، وتحتل المرتبة الثامنة بين المدن السورية من حيث المساحة، إذ تبلغ مساحة محافظتها 6100 كيلومتر مربع. وتنقسم محافظة إدلب إداريا إلى 6 مناطق هي إدلب (مركزها) وهي أكبرها، وأريحا و جسر الشغور و معرة النعمان وحارم و خان شيخون ، إضافة إلى 17 مدينة و27 ناحية و475 قرية و603 مزارع، وتتوسط محافظات حلب واللاذقية و حماة و لواء إسكندرون. وتحيط بالمدينة عدد من الجبال منها الزاوية والأعلى وباريشا والدويلي والوسطاني، إضافة إلى سهلين هما إدلب والروج. وكانت طوال تاريخها طريقا وملتقى للقوافل التجارية ومعبرا للجيوش الغازية. وتتميز إدلب بمناخ جاف مشابه لمناخ مناطق البحر الأبيض المتوسط ، إذ تقل الأمطار المتساقطة فيها مقارنة بتلك التي تسقط في المناطق الساحلية، إلا أنها غير كافية لري زراعتها من الحبوب الشتوية وأشجار الزيتون والفاكهة. يقدر عدد سكان المدينة -وفقا لإحصاء عام 2010- بأكثر من 165 ألفا، معظمهم من العرب وعدد قليل من الأكراد والأتراك، وهي بذلك الخامسة من حيث عدد السكان. ارتفع عدد سكان المحافظة بشكل كبير مع انطلاق الثورة السورية ، فلجأ لها ملايين السوريين من كامل المحافظات السورية، منهم عوائل نزحت من بيوتها، ومنهم معارضون نفوا إليها باتفاقيات تسوية، وحتى عام 2019 وصل عدد السكان -في مناطق سيطرة المعارضة- إلى 3 ملايين، بينهم مليون و300 ألف نازح. ووفق إحصائية أجراها فريق منسقي استجابة سوريا بلغ العدد الإجمالي لسكان محافظة إدلب في مناطق سيطرة المعارضة السورية عام 2020 إلى 4186704 نسمة، نصفهم نازحون ومهجرون، ومنهم 6583 لاجئون فلسطينيون وعراقيون. وتنتمي أكثرية السكان إلى المسلمين السنة، إضافة إلى طوائف أخرى من المسيحيين والشيعة وأقليات دينية مختلفة. التسمية والألقاب تعددت الآراء حول أصل اسم إدلب وفقا للمصادر التاريخية المختلفة، وتم توثيق أكثر من 7 روايات. منها ما يقول إن اسم إدلب مركب من الكلمة الآرامية "أدد" وهو الإله المشترك بين الآراميين، والمعروف أيضا باسم "هدد" وهو "إله العاصفة والرعد"، وأما الجزء الثاني من الكلمة "لب"، فيعني في الآرامية والسريانية "مركز الشيء"، ومن ثم يُفهم اسم إدلب بشكل عام على أنه "مركز أدد" أو مكان عبادة هذا الإله. وتذكر آراء أخرى أن أصل الكلمة يعود إلى اللغة الآرامية، وتعني "أد" الهواء و"دَ" أداة بين المضاف والمضاف إليه في اللغة الآرامية، ثم "لب" التي تعني القلب، لتصبح التسمية "هواء القلب"، أي "ينعش القلب والجسد" وهو معنى يرتبط بجو المنطقة ومناخها الجميل. وتشير آراء أخرى إلى أن "إيد لب" في السريانية تعني "يد القلب"، إذ أن "إيد" تعني اليد، و"لب" تعني القلب، ليصبح المعنى "يد القلب" أو "روح اللب"، وبالتالي تكون إشارة إلى روح المكان. وتشتهر إدلب بكثير من الألقاب التي ميزتها عن غيرها من المحافظات والمدن السورية، وأشهر ألقابها "إدلب الخضراء"، إذ تتميز بأرضها الخضراء الخصبة التي تغطي الأشجار نسبة 78% منها، وتنتشر فيها أشجار الزيتون بكثرة، حتى لقبت بـ"أرض الزيتون". ومن الألقاب الفريدة التي ميزتها أيضا "الأم الحنون"، فقد كانت ملجأ للسوريين طوال أيام الثورة السورية، فاستقبلت الملايين منهم من كامل المحافظات السورية، وآوتهم إلى حين استطاعتهم العودة إلى منازلهم عقب إسقاط النظام السوري المخلوع. وشببها الكثير ب قطاع غزة حتى لقبوها "غزة الشام"، لما لاقته من قصف وتدمير واعتداء مستمر وقتل ممنهج من النظام السوري المخلوع والطيران الروسي، وبقيت إدلب تقصف حتى آخر أيام النظام، لأنها كانت معقلا للمعارضة السورية وحاول إعادة السيطرة عليها. كما لقبها السوريون بـ"عاصمة التحرير"، فمنها انطلقت المعارضة السورية التي كانت تجهز فيها للعملية سنين عدة، واستطاعت في أيام السيطرة على مدينة حلب وباقي المدن تباعا، مما مكنها من دخول دمشق في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2025 وإسقاط حكم آل الأسد الذي استمر 54 عاما. الاقتصاد تطور اقتصاد المدينة بالموازاة مع تطورها العمراني والتاريخي، ففي مرحلة الانتداب الفرنسي كانت أولى المناطق السورية التي يزرع فيها القطن. وبعد الاستقلال، أضحت إدلب تشتهر بالتجارة والزراعة، خاصة التين والعنب والقمح والشعير والقطن والبقوليات بأنواعها والتوابل، ويشكل الكرز ثلث إنتاج البلاد والفستق الحلبي خمس إنتاج سوريا ، إضافة إلى السمسم والزيوت وإنتاج الكمون. وتشتهر إدلب وريفها بإنتاج الزيتون والصناعات المرتبطة به، حتى إن الأخوين البريطانيين توماس وجون راسل أطلقا عليها عام 1772 لقب "بلد الزيتون"، وهو محصولها الرئيسي، كما أنها تسيطر على تجارة الزيتون وزيته في عموم سوريا. تتميز إدلب بصناعات قديمة متنوعة، مثل معاصر الزيتون، إذ كانت في عهد العثمانيين تضم 200 منها، لكنها اندثرت جميعها مع مرور الوقت. إضافة إلى ذلك، كانت المدينة معروفة بصناعة الصابون، وكان يوجد بها 36 مصبنة، واشتهرت كذلك بصناعة الدبس والحلاوة والطحينة والأحذية. التاريخ اكشفت بعثة يابانية آثارا تعود إلى عصور ما قبل التاريخ في تل دينيت وتل الكرخ جنوبي شرق المحافظة. ويشير الأرشيف الملكي لمملكة إيبلا إلى أن تاريخ إدلب يعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، إذ وثق تاريخ المنطقة لأكثر من 5 آلاف سنة، وفق ما اكتشفته بعثة إيطالية. وشهدت المنطقة معركة "تل حارم"، التي وقعت في 11 أغسطس/آب 1164م وانتصر فيها المسلمون بقيادة نور الدين الزنكي على الصليبيين، وجاءت ردا على هزيمة الزنكي في معركة البقيعة، فأقسم ألا يستظل بسقف حتى يثأر للإسلام من الصليبيين، وبدأ بتجهيزات مكثفة لفتح حارم وقلعتها الإستراتيجية التي تتحكم في الطريق بين أنطاكيا وحلب، واستطاع إلحاق الهزائم بالإفرنج. وبدأت إدلب معبدا وثنيا ثم صارت ديرا سريانيا حمل اسم "دير دْلبين" منتصف القرن الـ6 الميلادي، وقد تم تحريف اسمه إلى "دير لِبْ" عند العرب المسلمين، ثم تحول إلى جامع في قرية دير ليب، ومع منتصف القرن الـ15 الميلادي، أصبحت المنطقة تعرف باسم "قرية إدليب الصغرى"، أما مدينة إدلب الصغرى" فقد بنيت عام 1512م. كانت تتبع سرمين فيما مضى، ثم بدأت أهميتها بالظهور بعد أن اهتم بها الصدر الأعظم محمد باشا الكوبرلي (1583-1661) فجعل مواردها وقفا على الحرمين الشريفين وأعفاها من الرسوم والضرائب وأقام فيها مباني ما تزال موجودة. ونظم الكوبرلي مدينة إدلب وفق مخطط عمراني اختاره بنفسه فبنى فيها خان الشحادين وخان الرز وغيرها، ونظم أسواقها فجعل لكل حرفة فيها سوقا خاصة، ورصف شوارعها بالحجر. وبدأ التطور الحضري لإدلب بتحولها إلى مدينة تابعة لحلب عام 1700، وتميزت حينذاك -حسبما تشير الدراسات التاريخية- بسوق كبير وحمام شعبي ونزل للمسافرين. من قضاء إلى محافظة في النصف الثاني من القرن الـ18 غدت إدلب تتبع جسر الشغور ثم أتبعت بأريحا ثم صارت مركز قضاء عام 1812م، وكانت تتبع محافظة حلب في تلك الفترة، وظلت تابعة لها حتى عام 1958 حين صارت محافظة إبان الاتحاد المصري السوري ، عقب زيارة رئيس الجمهورية العربية المتحدة آنذاك جمال عبد الناصر. وألحقت بمحافظة إدلب مناطق أريحا وحارم ومعرة النعمان وجسر الشغور، وكلها كانت أقضية تابعة لحلب أيضا. وفي النصف الثاني من القرن الـ19 انتهت إدلب الكبرى الشمالية بعد أن هاجر سكانها إلى إدلب الصغرى التي اقتصر اسمها على "إدلب "مع مرور الزمن. وفي 1883 بدأ التصنيع في إدلب بإقامة 15 مصنعا لصابون زيت الزيتون، وفي القرن التاسع عشر شيد فيها عدد من مصانع الحصير و45 مصنعا للدهانات الملونة الطبيعية، وحتى 1890 كان فيها 14 مسجدا و90 مدرسة لتحفيظ القرآن، وسوق شعبية كبيرة. وإبان مرحلة الانتداب الفرنسي كانت أولى المناطق السورية التي يزرع فيها القطن، وفي 1958 أصبحت محافظة سورية بقرار من المملكة المتحدة. الثورة ضد الاحتلال والأسد شهد جبل الزاوية شمالي إدلب أولى الثورات ضد الاحتلال الفرنسي في 1920، ويعتز أهاليه بتاريخه النضالي، ويعتبرون ثورة 2011 امتدادا لثورة 1920 ضد الاستعمار الفرنسي، خصوصا في ظل ارتباط جد حافظ الأسد بالاحتلال الفرنسي. واندلعت ثورة إبراهيم هنانو ضد الاحتلال الفرنسي نهاية عام 1919م، وكان قد قادها من معقله في جبل الزاوية بحارم وجسر الشغور، اللتان استعصتا على الفرنسيين عامين، بفضل دراية الثوار بطبيعتها. وخاض هنانو 27 معركة، انتصر في معظمها، وأسر فيها عددا من الجنود الفرنسيين. وتمكن من توسيع نفوذه ليعلن عن إقامة دولة حلب وحكومة مستقلة، مما دفع الفرنسيين للتفاوض معه وتقديم تنازلات. وفي الوقت الذي كان الرئيس السوري حافظ الأسد يسعى لاستمالة المدن السورية إلى صفه عبر زياراته الشخصية عقب انقلابه على صلاح جديد عام 1970، استقبلته معظم المدن بالترحاب، رغبة أو رهبة، لكن إدلب تفردّت بفعلها ورشقته بالطماطم عند استقباله، وكاد حذاء موجه نحوه أن يصيبه لولا تدخل حارسه. وتحولت المدينة إلى معقل ل جماعة لإخوان المسلمين في ثمانينيات القرن العشرين بعد أن كانت معقلا للناصرية في الخمسينيات والستينيات، وقادت مظاهرات ضخمة وانتفاضة شعبية ضد حكم الأسد، إلى جانب حلب وحماة. وحاول رجل إدلبي من مدينة كفرنبل، وكان يعمل في الحرس الجمهوري، اغتيال حافظ الأسد في 26 يونيو/حزيران 1980 حين كان يودع نظيره النيجيري حسين كونتشي على باب قصر الضيافة بالعاصمة دمشق، وألقى قنبلتين يدويتين وأطلق عليه النار، إلا أن حارسا شخصيا آخر سارع لحمايته وضحى بنفسه، فنجا الأسد من الاغتيال، وانتقم من هذه المحاولة بمجزرة تدمر. الثورة السورية ومنذ بداية الثورة السورية، برزت منطقة جبل الزاوية مركزا للمقاومة ضد جيش النظام المخلوع، إذ شهدت انشقاق أول ضابطين عن جيش بشار في صيف 2011، هما المقدم حسين هرموش، الذي شكل لواء الضباط الأحرار قبل أن يُختطف ويُعدم، والعقيد رياض الأسعد ، الذي أسس الجيش السوري الحر وقاده. ومع نهايات عام 2011 كان الجيش السوري الحر يتوزع في مناطق مختلفة ويسيطر عليها، في كل من إدلب وريف حلب وريف حماة وحمص و القصير والغوطة وبعض مناطق درعا. وعندما عجز النظام عن إيقاف المظاهرات وفقد السيطرة على المدن الثائرة، انتهج سياسة الأرض المحروقة بحصار المدن وقطع الإمدادات الغذائية والطبية، مع قصف مستمر بالطائرات والمدفعية على المباني السكنية، مما أسفر عن مجازر وسقوط العديد من الشهداء والجرحى. ومع استمرار الحصار، سعى النظام لاقتحام المدن، وكان يحدث مجازر في كل حي يقتحمه. في المقابل، دافع الجيش الحر عن المدن حتى اضطر في كثير من الأحيان للانسحاب أو التفاوض على هدنة، مما أدى إلى ترحيل السكان بالملايين إلى إدلب أو السماح لهم بالبقاء مع شروط. واستطاعت كتائب المعارضة المسلحة بقيادة " جيش الفتح" السيطرة على إدلب، يوم 28 مارس/آذار 2015 بعد صراع دام سنوات مع قوات النظام السوري المخلوع، وتمكّنت أيضا من طرد مقاتلي حزب الله اللبناني. في نهاية عام 2015، دخلت فصائل المعارضة المسلحة في إدلب مرحلة جديدة شهدت تحقيق بعض الانتصارات الكبرى، منها فك الحصار عن حلب مرتين، ثم بدأ ائتلاف "جيش الفتح" بالتفكك عقب انسحاب فصيل "جند الأقصى" الذي اتهم بالانتماء ل تنظيم الدولة الإسلامية ، مما أدى إلى استئصاله في إدلب. ومع إعلان " هيئة تحرير الشام" تشكيل إدارة مدنية للإشراف على إدلب انهار جيش الفتح وانتهى وجوده. وعلى الصعيد الداخلي، شهدت إدلب مواجهات بين جبهة فتح الشام وفصائل المعارضة، انتهت بانصهار بعضها في " حركة أحرار الشام"، لكنها تفككت أيضا عقب انسحاب "جيش الأحرار" منها وانضمامه إلى هيئة تحرير الشام التي شكلتها الجبهة. اندلعت اشتباكات بين الهيئة والحركة مما أضعفها أكثر، وفي تلك الفترة سيطرت الهيئة على معبر باب الهوى الحدودي والمناطق المحيطة به بعد مواجهات مع حركة أحرار الشام. بحلول سبتمبر/أيلول 2017، توصلت الدول الضامنة لمسار أستانا (روسيا وتركيا و إيران) إلى اتفاق لإنشاء منطقة خفض توتر في محافظة إدلب. ونص الاتفاق على نشر مراقبين لضمان وقف إطلاق النار بين المعارضة والنظام، ومع ذلك، استمرت الطائرات الروسية والسورية في شن غارات على إدلب، مما أسفر عن مئات القتلى والجرحى من المدنيين على الرغم من أن المنطقة كانت جزءا من مناطق خفض التصعيد. في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2017، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن عمليات عسكرية جديدة في إدلب بدعم من الجيش التركي والجيش السوري الحر، بينما نددت هيئة تحرير الشام بالعملية العسكرية الروسية التي استهدفت إدلب. وعلى الرغم من محاولات النظام والحليف الروسي لاستعادة السيطرة، بقيت إدلب رمزا للمقاومة، وتحولت إلى مأوى لكل الذين هُجروا من مناطق سيطرة النظام. وفي تلك الفترة تأسست حكومة الإنقاذ السورية على يد أكاديميين ومسؤولين بمبادرة وطنية دعت إلى الإدارة الذاتية، في مناطق سيطرة المعارضة السورية، وامتد نفوذها في أماكن سيطرة هيئة تحرير الشام، التي حصلت منها على التمويل. "ردع العدوان" أنشئت "غرفة عمليات الفتح المبين" في إدلب عام 2019، وكانت مسؤولة عن تنسيق العمليات العسكرية في الشمال السوري وإدارتها في إدلب وأرياف حلب واللاذقية وحماة منذ عام 2020. وفي منتصف عام 2020، أصدرت هيئة تحرير الشام -المكون الأكبر في الغرفة- بيانا عن "توحيد الجهد العسكري"، ومنعت تشكيل أي فصيل عسكري أو غرفة عمليات في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وحصرت الأعمال العسكرية في "غرفة عمليات الفتح المبين". وأعلنت الحركة في مؤتمر صحفي عقدته عام 2023 عن ترتيب بناء جديد للقوة العسكرية للفصائل العاملة في المنطقة، وقالت إن هذه الخطوة ساهمت في "تحقيق توازن القوى في المنطقة". وبعدها ظهر تشكيل " إدارة العمليات العسكرية" مع إعلان انطلاق معركة "ردع العدوان" في يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وضمّ الفصائل ذاتها التي كانت تابعة سابقا لـ"الفتح المبين". وقالت إدارة العمليات العسكرية إنها هدفت إلى توجيه "ضربة استباقية لقوات النظام السوري" عبر المعركة التي عدت أول اختراق لخطوط التماس بين الطرفين في المحافظة منذ الاتفاق "التركي الروسي" لوقف إطلاق النار في مارس/آذار 2020. وجاءت العملية في وقت شهدت فيه مناطق ريف حلب الغربي اشتباكات وقصفا عنيفا متبادلا بين الجيش السوري والمليشيات الإيرانية من جهة، والمعارضة السورية في الشمال من جهة أخرى، في ظل تصعيد الجيش قصفه للمناطق المدنية. انطلقت فصائل المعارضة من إدلب باتجاه حلب، وأعلنت السيطرة عليها في الأيام الأولى، ثم باقي المدن السورية تباعا. وفي اليوم الـ12 من المعركة، أعلنت المعارضة السورية سيطرتها على العاصمة دمشق، وإسقاطها حكم عائلة الأسد، وذكرت الصحف الغربية أن الأسد غادر البلاد مع أسرته قبل وصول المعارضة إلى العاصمة. المعالم تعد محافظة إدلب واحدة من أغنى المناطق الأثرية في سوريا، إذ تضم أكثر من ألف موقع أثري يعود لحقب تاريخية مختلفة، تمتد من الألف الثالثة قبل الميلاد إلى العصور الإسلامية، فاحتضنت على أراضيها ثلث آثار سوريا. وتتميز المحافظة بمساجدها المملوكية والعثمانية، وحماماتها الشعبية، ودورها العربية المبنية في القرن السادس عشر، مثل الجامع الكبير ودار الفتح الأهلية ودار العياشي. كما تضم 40 قرية أثرية تشكل 5 منتزهات مسجلة في لائحة التراث العالمي. ومن أبرز مدنها الأثرية مدينة إبلا في تل مرديخ وتقع قرب سراقب، وكانت حاضرة من أقدم الممالك السورية، وازدهرت بين عامي 2400 و2250 قبل الميلاد قبل أن يدمرها الملك الأكدي نارام سين. ومن مدنها الأثرية الأخرى مدينة أريحا ذات الأصول الآرامية التي تعود للألف الثالث قبل الميلاد، وتحتوي على آثار من عصور مختلفة. وتعد معرة النعمان واحدة من أقدم وأشهر مدن إدلب، واسمها مشتق من الكلمة الآرامية "معرتا" التي تعني المغارات. نُسبت إلى الصحابي النعمان بن بشير الأنصاري، وشهدت عددا من الحروب والغزوات منذ العصور الفرعونية حتى الاحتلال الفرنسي، ومن أهم معالمها المسجد الجامع والمدرسة الشافعية وقبر أبي العلاء المعري والقلعة التي بناها المظفر محمد بن المنصور عام 1233م. ومن مدنها البارزة الأخرى مدينة جسر الشغور وهي ملتقى طرق إستراتيجية وممر تجاري وعسكري منذ الألف الثالثة ق.م، واستعادت أهميتها في القرن الـ17 الميلادي. وفيها الموقعان الأثريان قلعتا الشغور وبكاس اللذين يفصل بينهما واد عميق، وكانا يتصلان بجسر قديم. وهناك أيضا بلدة سرمين التي فتحها أبو عبيدة بن الجراح سنة 17هـ (637م)، ودمرها الصليبييون والمغول، واشتهرت بصناعة الصابون والنسيج، فضلا عن نبوغ علمائها في الفقه والتصوف والشعر والطب. وذُكرت مدينة سرمدا القديمة في نصوص تحوتمس الثالث (1490-1436 ق.م)، وتحتوي على مدفن أثري يعود للقرن الثاني الميلادي. وتعد البارة واحدة من أهم المدن الأثرية الرومانية-البيزنطية، احتلها الصليبيون عام 1098م وصارت بطريركية، قبل أن يستعيدها نور الدين محمود بن زنكي عام 1151م. تضم قصورا فخمة وأبراجا وحمامات وأديرة وكنائس وقلعة أبي سفيان ومعاصر زيتون وعنب. ومن المواقع والقرى والقلاع الأثرية الشهرية فيها، قرية رويحة، وهي موقع أثري يضم مباني رومانية-بيزنطية تعود إلى ما قبل القرن الرابع الميلادي، منها كنيستان وأسوار قديمة. وتضم المحافظة مناطق ومعالم أثرية بارزة منها قلعة حارم الحصينة وتتوسط مدينة حارم، وكان لها دور هام في الحروب الصليبية. وتل السلطان الذي يُنسب إلى السلطان ملكشاه السلجوقي، ويحتل موقعا إستراتيجيا على طريق سراقب-أبو الضهور. ويعد تل الطوقان موقعا أثريا، إذ يحوي خرائب أثرية محصنة بأبراج وأسوار بـ3 أبواب، ومن الآثار الأخرى قلب لوزة وهي كنيسة أثرية ذات زخارف غنية تعود إلى القرن الخامس الميلادي، وقصر البنات، وهو كنيسة كبيرة تقع على الحدود بين إدلب ولواء إسكندرون. وتحتضن المحافظة دير الشرقي وهي قرية تقع جنوب شرق معرة النعمان، كانت تُعرف باسم دير سمعان أو دير نقيرة، وبجوارها تل الحصن الذي يضم مدينة رومانية تعود للألف الثالثة ق.م. كما أنها موقع وفاة الخليفة عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ (720م) وضريحه فيها.