logo
#

أحدث الأخبار مع #مملكة_القصب

'مملكة القصب'.. طفلة في مهمة شاقة لإعداد كعكة ميلاد الرئيس
'مملكة القصب'.. طفلة في مهمة شاقة لإعداد كعكة ميلاد الرئيس

الجزيرة

timeمنذ 11 ساعات

  • ترفيه
  • الجزيرة

'مملكة القصب'.. طفلة في مهمة شاقة لإعداد كعكة ميلاد الرئيس

إنه يوم القُرعة في كل أنحاء العراق، نوع من سحب اليانصيب الذي لا يرغب أحد حقا بالفوز به، لكن محبة الرئيس تستوجب على الجميع أن يحتفل ويعلق زينة، وأن يبث أغاني وطنية، ويرسم تعابير ابتهاج، ويختار كلماته بعناية مشددة، للتعبير عن الفرح بمولد رئيس البلاد. لا تتأخر مدرسة التلميذة لميعة في مواكبة الحدث الهام، وعلى الأستاذ البعثي أن يجري سحبا إلزاميا لاختيار الطلاب 'السعداء'، الذين ستوجه لهم مهمة 'تشرفهم' بهذه المناسبة العظيمة. كانت لميعة (9 أعوام) صاحبة 'الحظ السعيد'، وهي يتيمة الأبوين تعيش مع جدتها، وستُكلّف بتحضير كعكة وإحضارها للصف للاحتفال بميلاد الرئيس في عراق صدام حسين. فيلم 'مملكة القصب' هو أول فيلم روائي طويل للعراقي حسن هادي، ويشارك في الدورة 78 من مهرجان 'كان' (بين 13-24 مايو/ أيار 2025)، وتحديدا في قسم 'أسبوعا المخرجين'، وهي تظاهرة موازية لا تمنح الجوائز، ولكنها تكرس جائزة وحيدة يمنحها الجمهور. الفيلم إنتاج مشترك بين العراق وقطر والولايات المتحدة، وعنوانه الأصلي بالعربية 'مملكة القصب'، وبالإنجليزية 'كعكة الرئيس' (The President's Cake)، وهو يختار تاريخا معينا لأحداثه هو عام 1990، حين فرض مجلس الأمن على العراق عقوبات وحظرا، كان لهما تأثير كبير على الحياة السياسية والاجتماعية. ومع أن الفيلم إنساني وسياسي، فإن السرد بُني على تأثير هذه القرارات المباشر على الشعب، ومدى استفادة النظام منها، أكثر من اهتمامه بالنواحي السياسية التي تُركت خلفية للعمل. إنها قصة رئيس يطالب شعبا بتحضير كعكة العيد، وتبدو مستوحاة من قصص حقيقية مرّ بها الشعب العراقي يومئذ، ومن ذكريات طفولة من تاريخ العراق المحاصر، وما قبل حرب 2003، وقد صور الفيلم كله في العراق. كل تفصيل في الفيلم يجسد معاناة إنسانية، قد تكون بسبب الحصار الاقتصادي، أو حتى لأسباب أخرى، سواء أكان موقفا عابرا في محادثة، أو في حدث صغير دالّ، أو في نظرة قلقة أو موقف يائس. تكثيف زمني لرسم صورة المجتمع المدمر لا يتجاوز زمن أحداث الفيلم يومين، وهي مدة مكثفة للتعبير عن أحوال مجتمع دمرته الحروب وأفقرته العقوبات، زمن ينقضي في رحلة، عبور من البيت للمدرسة، ومن البيت للمدينة، ثم العكس. كان المكان أحد أبطال الفيلم، وركنا أساسيا في منحه بعدا بصريا ساحرا وأجواء شاعرية، لا سيما في منطقة الأهوار، على ضفاف دجلة والفرات بجنوب العراق، حيث الجزر الصغيرة المتناثرة على النهر، والقوارب التقليدية (المشحوف) التي تمرّ بين نباتات القصب عند الصباح والغسق، في صور أخاذة للمصور 'تيودور فلاديمير باندورو'. تعيش لميعة (الممثلة بنين أحمد نايف) اليتيمة مع جدتها بمنطقة الأهوار، وتوزع وقتها بين المدرسة والعمل اليومي لمساعدة 'بيبي' (لقب الجدة في العراق)، وهي تتوجه يوميا إلى مدرستها بالقارب، مغادرة 'مملكة القصب'، تلك الأكواخ القصبية المتناثرة. ركوب المشاق مع جدة عاطلة عن العمل في اليوم السابق لمولد الرئيس لديها مهمة صعبة، وقد فقدت جدتها عملها الزراعي الشاق بسبب كبر سنها، لذا تغرقها بالنصائح لتجنب المشاركة في السحب بالمدرسة. لكن الخطة فشلت، وانتُخبت مع زميلها سعيد (الممثل سجاد محمد قاسم)، لإعداد مستلزمات الاحتفال المدرسي، فأُجبرت على التوجه للمدينة لشراء مكونات الكعكة مع جدتها و'ديكها الهندي' الجميل المعلق على كتفها، وحقيبتها الجلدية التي تحتوي أغراضا قديمة للبيع، أملا بكسب مال يسمح بشراء ما تحتاجه. تبدأ الرحلة إلى المدينة، وتصادفان سائق أجرة كان له دور إيجابي في يومهما، فتنطلق لميعة بكل إصرار لتحقيق هدفها، وشراء المطلوب للكعكة، في رحلة صعبة سيكون عليها أن تواجه فيها الصدف والأحداث السعيدة والتعيسة. هنا لا بد من أن يستحضر الذهن فيلما آخر عن هذا الواجب الذي يُلزم به طفل، عما يسببه له شعوره بضرورة تنفيذ ما أسند إليه من قلق وتوتر وتصميم متزايد. إنه ليس بفيلم عن صعوبات مادية فرضها وضع سياسي فحسب، بل عن مفهوم الالتزام والشعور بالواجب لدى الإنسان، وهو هنا الطفلة لميعة، ثم موقفه من ذلك الواجب، وكذلك من القواعد الاجتماعية، من حيث نظرة الطفل لها، وهل يجب تغيير القواعد حين تفرض الظروف ذلك؟ أعباء الواجب على العواتق الهشة قد تضطر الصغيرة لميعة إلى الكذب أو السرقة بعد تفكير طويل، في بحثها اليائس عن المكونات من طحين وسكر وبيض، فهي غالية الثمن، ولا تتوفر بسهولة. وكل هذه المفاهيم تعطي الفيلم بعدا آخر أكثر شمولية. إنها الفكرة القائمة على مفهوم 'الواجب'، الذي يسيطر على ذهن طفل، وعن ضرورة تأديته، كما تجلّت في فيلم 'أين منزل الصديق' (1997) للمخرج الإيراني عباس كيارستمي، وإن اختلفت هنا الظروف والأجواء ونوعية الواجب، وقد عالجها المخرج العراقي بحساسية ورهافة ذاتية. هناك أيضا مفهوم التخلي الذي يجبر الإنسان عليه، ويراوده على أنه حل لا مفر منه، فالجدة تجد نفسها عاجزة عن رعاية حفيدتها، فما العمل؟ رحلة استكشاف إنسان المدينة تجابه لميعة بقسوة التخلي والفقد وصعوبة شراء مستلزمات الكعكة، وحينها تبدأ رحلة تيه في المدينة، خلال يوم حافل بالمغامرات، أبطاله الجدة ولميعة، وكذلك شأن سعيد الذي لا يلتزم الدوام المدرسي دائما، لضرورات النشل في المدينة من أجل والده العاجز. تكتشف لميعة وسعيد حقيقة البلدة، من أهلها الطيبين مثل سائق السيارة، والسيئين مثل مغتصب، وهؤلاء هم الذين يشكلون أساس الأنظمة المستبدة، ناهيك عن معلم المدرسة المنافق والاستغلالي، والشرطة بتهاونها ولا مبالاتها، والشريرين والمحتالين والبائعين، وستظهر متع المدينة وأخطارها، أزقتها وشوارعها، في حين تركز لميعة باستمرار على واجبها الثقيل. تصاحب كل ذلك موسيقى منوعة (للتونسي أنور أبراهم)، أضفت عذوبة على السرد وأسلوبا إخراجيا سلسا وبسيطا، لسيناريو (من كتابة المخرج) تحلت أحداثه بالعفوية عامة، لكن بعضها بدا كأنه أضيف أو أقحم في السرد، لإبداء الكثير في زمن قليل، هو يوم في حياة العراق خلال الحصار والعقوبات. فكاهة رقيقة تلاعب خط السرد فكرة الرحلة القصيرة غالبا ما تتداولها السينما، سينما الطريق، وكل ما يصادفه المرء فيها، وما قد يكون له الأثر في تغيرات تطاله وتغني نظرته. إنها فكرة تتطلب نصا سينمائيا غنيا وإخراجا دقيقا، كي لا يفلت خط السرد، وتصبح المتابعة خالية من التشويق. لكن المخرج استطاع تفادي الإخلال بتوازن السرد، برغم تكرار بعض المشاهد، وأسهم اعتماده على ممثلين غير محترفين في مفاجأة المشاهد وتشويقه، مع صعوبة ذلك الخيار وتحدياته الكثيرة. تجلى ذلك بقوة في أداء الفتاة لميعة (الممثلة بنين أحمد نايف)، التي كانت اكتشافا في الأداء الطفولي، بتعابيرها ونظراتها التي عكست الشجن والضياع والخيبة والخوف من تخلي جدتها عنها. إنها شخصية كان لها دور كبير في الانجذاب نحو الفيلم، لأدائها وحضورها الرقيق. فيلم مؤثر في بساطته وحرارته، لا يخلو من فكاهة رقيقة في مكانها دائما، تخفف ثقل الحدث، وتمكن بمونتاج ذكي من الموازنة بين الواقع وبعض مشاهد التاريخ من الرئيس، ومع أن موضوعه عن عمل الأطفال وتأثير العقوبات على الشعب وخلفيته السياسية، فقد كان بعيدا عن كل تقريرية وخطابية. يلوم المخرج في فيلمه 'الدول والهيئات التي تلجأ لهذه الأداة العنيفة، لمعاقبة الحكومات المستبدة، فهي قد تكون أسوأ من الحروب، لأن الضحية هم أفراد الشعب'، ويبدو أن مواقع التصوير شكلت صعوبة للمخرج، لأن بعضها لم يعد موجودا، كما قال في حوار مع الجمهور بعد انتهاء عرض الفيلم.

خاص "هي" رسالة مهرجان كان 2025- فيلم "مملكة القصب" عن كعكة تساوي الحياة
خاص "هي" رسالة مهرجان كان 2025- فيلم "مملكة القصب" عن كعكة تساوي الحياة

مجلة هي

timeمنذ 2 أيام

  • ترفيه
  • مجلة هي

خاص "هي" رسالة مهرجان كان 2025- فيلم "مملكة القصب" عن كعكة تساوي الحياة

مجرد قراءة قصة فيلم "مملكة القصب" للمخرج حسن هادي، تجعلنا متشوقين لمشاهدته. الفيلم الذي تدور أحداثه في عام 1990 يتابع الطفلة لميعة (بنين أحمد نايف) التي تُكلَّف من المدرسة بصناعة كعكة للاحتفال بعيد ميلاد الرئيس صدام حسين، هذا الذي كان قد أمر جميع المواطنين بالاحتفال بعيد ميلاده رغم ما تعاني منه البلاد من فقر بعد العقوبات التي فرضت عليها نتيجة غزو العراق للكويت. من هذه الفكرة الجذابة والحزينة في الآن ذاته ينطلق الفيلم ويأخذنا في أسلوب سردي ينتمي لنوع فيلم الطريق Road Films لنلقي نظرة واسعة على عراق بداية التسعينيات. أول ما يلفت النظر للفيلم هو الطبيعة اللونية المميزة الي يستخدمها المخرج والتي تجعلنا نشعر كأننا نشاهد الفيلم على شريط فيديو قديم، وهو ما يجعل الانغماس في هذه المرحلة سريعًا وسلسًا. يضيف إلى ذلك الشعور ما جرأة المخرج في اختيار الكثير من أماكن التصوير الخارجية، والجرأة هنا تنبع من قدرته على استجلاب الزمن الماضي من خلال الديكورات أو الأماكن الحقيقية التي صور فيها، والتي يصعب على من لم يذهب إلى العراق من قبل أن يشك للحظة أنها بالفعل الشوارع نفسها وقت وقوع أحداث الفيلم. فيلم "مملكة القصب" للمخرج حسن هادي بدأنا بالحديث عن الديكورات لأن عالم الفيلم هو أحد أبطاله، عنوان الفيلم نفسه، يشير إلى بيوت القصب التي كانت تُبنى على السواحل ويتحرك أهلها إلى المدينة باستخدام القوارب. يبدو الأمر ممتعًا وأشبه بمدينة البندقية (فينيسيا) في العراق، لكن بمجرد الاقتراب من هذه البيوت، فإننا سنشاهد الفقر يطل منها بوقاحة. وهو أول ما يستعرضه الفيلم، مؤسسًا شخصيته الرئيسية لميعة التي تعيش مع جدتها العجوز فقط، وهي كل من تبقى لها من الأسرة. رغم ملامحها البريئة وسنها الذي لم يتجاوز التسع سنوات، فإن ملامح لميعة تحمل همًا واضحًا، ربما لشعورها بالوحدة، وغالبًا للفقر المحيط بها من كل جهة، والذي يعبر عنه المخرج بصريًا ومن خلال السيناريو أيضًا عندما نشاهد الجدة لا تقدر على شراء كل ما تريده من خضراوات. وسط كل هذا يُطلب من لميعة أن تصنع الكعكة! بطلة فيلم "مملكة القصب" للمخرج حسن هادي من خلال محطات مختلفة لجمع مكونات الكعكة تصطحب الفتاة زميلها في المدرسة سعيد (ساجد محمد قاسم) في سباق مع الزمن، إذ المدة المتاحة هي يوم واحد، وفي صراع مع الفقر الذي لا يجعل الكعكة في متناول اليد، وأخيرًا في مواجهة مع المواطنين الذين يحمل كل منهم همومه الخاصة. كما هي العادة في أفلام الطريق، فإن الشخصية الرئيسية تمر بعدة محطات لحين الوصول إلى غايتها، ومن خلال هذه المحطات تتغير الأحداث ومعها الشخصية أيضًا. في الحقيقة نجح المخرج وكاتب السيناريو حسن هادي في جعلنا منجذبين تمامًا إلى محطات رحلة لميعة، بين الدكاكين القديمة، والأزقة الشاحبة، بين من يرغب في مساعدتها ومن يفكر في استغلالها، المتعة والانجذاب كانا حاضرين. فيلم "مملكة القصب" أما ما لم يكن على نفس القدر من القوة هو طبيعة هذه المحطات نفسها، إذ يبدو في عدة مشاهد أن المخرج اهتم بالأكثر باستعراض مواقف مختلفة أكثر مما اهتم بمدى منطقيتها أو ملائمتها للإطار العام للفيلم، فجاءت بعض المشاهد وكأنها مكتوبة لملء الفراغ، أو -وهو الأسوأ- لاستدرار مشاعر بعينها لم يكن المخرج يحتاج إلى دفعنا إليها إذ كانت الكثير من المشاعر حاضرة في الفيلم بالفعل، فيكفي أن نشاهد المظاهرات في حب صدام في الوقت الذي يعاني فيه الطفلين لاستكمال مكونات الكعكة لنشعر بكل شيء يود الفيلم أن يقوله. وفي هذا يجب أن نذكر القدرة الملحوظة للمخرج في التحكم بشكل دقيق في المجمايع الكبيرة، وإخراجه لأداء شديد الصدق من الطفلين. مخرج فيلم "مملكة القصب" لكن كل ما في الفيلم في كفة، وتتابعات النهاية في كفة أخرى. تقدم أفلام الطريق في نهايتها نظرة أخيرة على الشخصية الرئيسية وما آلت إليه بعد الرحلة التي كانت في الفيلم، لكن نظرًا لأن لميعة كانت تخوض رحلة مؤلمة لا ترغبها، فإن النهاية جاءت مالت إلى الواقعية الحزينة، وخاصة مع الاستخدام الذكي للقطات الأرشيفية من تلك الفترة. فيلم "مملكة القصب" هو عمل أول متماسك لمخرجه، يمكن قراءته بما يحمله عن زمن التسعينيات في العراق، كما يمكن قراءته بما يقدمه من نظرة على الأحوال في البلاد المشابهة، بعيدًا عن الزمن.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store