أحدث الأخبار مع #مهندشونو


مجلة سيدتي
٢٥-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- مجلة سيدتي
الرياض وجهة جديدة لمعرض "فن المملكة" بمشاركة 17 فناناً
افتتحت هيئة المتاحف السعودية معرض «فنّ المملكة» ، في المتحف السعودي للفن المعاصر في جاكس. هذه هي المحطة الثانية للمعرض، بعد نجاحه في أولى محطاته الدولية التي أقيمت في القصر الإمبراطوري بمدينة ريو دي جانيرو في البرازيل، بالتزامن مع قمة مجموعة العشرين في نوفمبر 2024، ويأتي انطلاقاً من التزام هيئة المتاحف بدعم الفنانين السعوديين، وتعزيز حضورهم على الساحة الدولية، كما يعكس دور المتحف السعودي للفن المعاصر في جاكس، في تمكين الفنانين، وعرض أفضل الممارسات الفنية، وترسيخ مكانة المملكة كمركز حيوي للابتكار الفني. تتميّز النسخة الثانية من المعرض، بأعمال فنية جديدة لم تُعرض في البرازيل، صُممت خصيصاً لهذه المحطة. ويستمرّ المعرض في المتحف السعودي للفن المعاصر في جاكس حتى 24 مايو 2025. وبعد اختتام محطته في الرياض، سينتقل إلى المتحف الوطني الصيني في بكين، وذلك ضمن فعاليات الاحتفال بالذكرى الـ25 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية. تغطية وتصوير: عبير بو حمدان مشهد بصري متنوّع يحتفي "فنّ المملكة" بالمشهد الفني السعودي المعاصر، ويشارك فيه 17 فناناً سعودياً بارزاً، هم: مهند شونو. لينا قزاز. منال الضويان. أحمد زيداني. معاذ العوفي. أحمد ماطر. عهد العمودي. شادية عالم. فيصل سمرا. أيمن يسري ديدبان. دانيا الصالح. فلوة ناظر. سارة إبراهيم. أحمد عنقاوي. ناصر السالم. بسمة فلمبان. فاطمة عبدالهادي. تتنوّع الأعمال المعروضة بين: اللوحات الزيتية، والمنحوتات، والأعمال التركيبية، والفيديو، في مشهد فني يعكس التفاعل بين الموروث والحداثة. ويقدّم رؤى إبداعية متنوّعة تعكس ثراء الهوية الثقافية للمملكة؛ إذ ينطلق المعرض من تساؤلات حول دور الفن في عصر التكنولوجيا الحديثة؛ حيث تتدفق الصور والمعلومات من كلّ حدَب وصوْب، في مشهد بصري متسارع، يفتقر أحياناً إلى التماسك والدقة. ومن هذه الخلفية، يحاول «فنّ المملكة» الإجابة عن سؤالين جوهريين: هل يمكن للفن المعاصر أن يُعبّر عن الثقافة؟ وكيف تساهم الفنون البصرية في إعادة بناء السرديات حول المجتمع والذاكرة، وتفكيك الماضي وإعادة تشكيل الحاضر؟ ويستلهم المعرض فكرته من العلاقة المتشابكة بين الفن والهوية؛ حيث يسلّط الضوء على تحولات المشهد الفني في المملكة؛ متتبعاً المسارات التي شكّلت تجرِبة الفنانين السعوديين، من الارتباط بالتراث والتقاليد المحلية، إلى التفاعل مع القضايا الراهنة والتطورات التكنولوجية الحديثة؛ ليقود الزوار في رحلة عبْر قصص الماضي وأحلام المستقبل ورغبات النفس وتخيّلات الفكر. صُمم مسار المعرض بطريقة تُجسّد المشهد الثقافي المشترك بين الفنانين، وفي الوقت نفسه، تعكس: وجهة نظر كلّ فنان، وهويته المتفردة، ودوره في بناء ثقافة بصرية خاصة وسط زخم الفن المعاصر. بأساليب جمالية ومواد متنوّعة، تنسج الأعمال المعروضة حكاية التاريخ والذاكرة والتقاليد الثقافية للمملكة؛ فتعمّق من فهمنا لأفكار متشابكة ومواضيع معقدة، وترتقي بنا إلى آفاق جديدة من المعرفة. ويتناول المعرض موضوعين رئيسيين: الأول يتمحور حول الصحراء، باعتبارها رمزاً للرحابة واللانهاية والحياة، بينما يتناول الثاني خصوصية التقاليد الثقافية وتطوُّر الثقافة البصرية من الماضي إلى الحاضر. يتقاطع هذان الموضوعان مع مفاهيم، مثل: الذاكرة، الوعي البيئي، الأصول، والهوية؛ ليقدّما طيفاً واسعاً من الأسئلة العميقة التي تعكس تاريخ المملكة، وتاريخاً أثْرته الإبداعات الفنية وأغنته القضايا المعاصرة. عودة إلى البلد الأم في حديث خاص لـ«سيدتي» قالت د. جنى جبور، مدير عام التواصل والإعلام بهيئة المتاحف: "اليوم نحن نطلق معرض فن المملكة، وهو أول معرض متجوّل للفن السعودي المعاصر بمبادرة من هيئة المتاحف، تم إطلاق المعرض بنسخته الافتتاحية في مدينة ريو دي جانيرو في البرازيل في نوفمبر 2024 على هامش انعقاد قمة دول الـ20، وطبعاً كان معرضاً ناجحاً جداً؛ لأنه استقطب فيما يَقلّ عن مدة شهرين، أكثر من 26,000 زائر. اليوم أيضاً المعرض يعود إلى بلده الأم المملكة العربية السعودية؛ ليستضيفه المتحف السعودي للفن المعاصر، ومن ثَم بعد مدة ثلاثة أشهر تقريباً في الرياض، سينتقل إلى الصين؛ ليستضيفه المتحف الوطني الصيني في بكين، في إطار الاحتفاء بالذكرى الـ25 على تأسيس العلاقات الدبلوماسية الصينية السعودية". وأضافت: "معرض فن المملكة معرض مميز جداً؛ لأنه يجمع 17 فناناً سعودياً، من خلفيات مختلفة، من أجيال وأعمار مختلفة، من ممارسات فنية مختلفة، يجتمعون هنا في SAMOCA المتحف السعودي للفن المعاصر؛ ليقدّموا أفكاراً جديدة ونظرة جديدة، وسرديات ثقافية جديدة حول تاريخ المملكة وتراثها الثقافي وذاكرتها الجماعية. تختلف الأعمال المعروضة ما بين تركيبات تم تصميمها في المتحف، و أعمال فيديو ، ولوحات زيتية، ولكن جميعها تقدّم رؤية مبتكرة للتراث الثقافي للمملكة". البحث أساس للإبداع الفنانة فلوة ناظر، فنانة مفاهيمية من مدينة جدة السعودية، تشارك في المعرض من خلال عملها الفني "تريد الأيدي أن تنظر وتريد العيون أن تلمس"، وعنه قالت لنا: "هذا العمل كان بتكليف من ستوديو «بريك لاب» لمعرض سعودي مودرن، في عام 2021، أعمالي عموماً تستكشف العلاقة بين الجسد والفضاء والمساحات التي نسكنها، وأخذ إلهامه من بيت باجنيد في جدة، وهو من المباني التي عملنا عليها أبحاثاً ودراسات ضمن دراساتنا عن العمارة الحديثة في جدة؛ لذا فهذه الأعمال مستوحاة من التفاصيل المتعلقة بالبيت وتاريخ صاحب البيت واهتماماته في بناء بيته، كذلك عندما زرت أنا البيت، ما المشاعر التي ولّدتها عندي هذه الزيارة، والطاقة التي شعرت بها وكيف تفاعلتُ معها". أما الفنانة لينا قزاز؛ فأوضحت لنا خلفية وتفاصيل عملها الفني "تتبع خطوط النموّ"؛ قائلة: "حاولتُ في العمل تتبع خطوات النموّ والخطوط في النخلة، التي تنمو من الأرض وتكبر وتتشكل حتى تصبح نخلة شامخة". وأضافت: "كلّ أعمالي يكون أساسها البحث؛ فبمجرد أن تكون لديّ فكرة لعمل أو موضوع معيّن، أبدأ بالبحث، ودائماً أرجع للقرآن الكريم الذي يعطيني المفتاح لأُكمل البحث، كقوله تعالى: {وما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة}، بمعنى أننا لو قطعنا النخلة فستموت ولن تنمو من جديد، أخذت هذا المفتاح وبدأت أبحث في خلية النخيل ، واكتشفت أن النخل يعيش بخلية واحدة مثل الإنسان، وهذا هو وجه الارتباط بين النخلة وبين الإنسان. ولذلك فالنخلة ارتبطت في الإسلام وفي الكتب السماوية كلها بالحضارات والإنسان والإنتاج والنصر والتكاثر، ونحن في النهاية فطرة الإنسان كالنخلة، يكبر من الأرض للسماء ويكون مقاوماً ومنتجاً. فبالنسبة لي، هذا كان الارتباط، وكنت أثناء عملي مع كلّ جذع من هذه الجذوع أو السعف، أشعر بأنني أتعامل مع شخصية مختلفة؛ لأن كلاً منها عنده ذاكرة جماعية للنخيل؛ فالنخلة عايشت الناس والحيوانات والسماء والأرض، وكلّ واحدة من هذه العناصر في العمل، تمثل جزءاً من هذه الذكريات". وأضافت: "لمستُ إعجاب الحضور بالعمل، والحمد لله، وهذا هو المطلوب، أن أستطيع إيصال فكرة معيّنة من هذا العمل الذي أنا فعلاً أشعر بارتباط معه على مستوى شخصي". معاذ العوفي، باحث وفنان ومستكشف، يشارك بالمعرض من خلال عملين بعنوان: "التشهد الأخير"، و"أهل بانجيا"، وكان لنا حديث معه حول هذين العملين وأهمية جمع هذا العدد الكبير من الفنانين السعوديين المبدعين في معرض واحد، وقال العوفي: "العمل الأول اسمه التشهد الأخير وبدأ منذ عام 2024، كنت دائماً أحاول أن أوثّق المساجد أو المصليات المهجورة أو المتروكة على الطرقات لسبب أو لآخر. والعمل الثاني اسمه أهل بانجيا، وهو يتحدث بطريقة معيّنة تضع بعض الضوء على البيئة، وعلى المنشآت الحجرية التاريخية المنتشرة منذ القِدم في المملكة العربية السعودية ككلٍّ من شَمالها لجنوبها ومن شرقها إلى غربها". وعما إذا ما كانت الأعمال تحمل رسالة معيّنة، قال الفنان السعودي: "أحياناً أقول إنه لا توجد رسالة معيّنة من الأعمال، وأتمنى أن يستمتع الزوار بكلّ الأعمال التي يرَونها، وأن تكون مدخلاً للبحث والاطلاع أكثر. ولكن بالتأكيد، مثلاً من خلال عمل أهل بانجيا، يهمني أن يطلعوا على المملكة أكثر، وأن يتعرّفوا إلى كنوز المملكة العربية السعودية أكثر، وأن يعرفوا أن دولتنا أرضها معطاءة، وستفاجئنا دوماً بالكنوز، إن شاء الله. والأمر الثاني ممكن عن طريقة البناء المعماري وكيف يمكن أخذها إلى مرحلة مختلفة مستدامة بالنسبة لبناء المساجد والمصليات". وحول تسليط الضوء على الإبداع السعودي، قال: "كونه معرضاً دولياً متنقلاً ومستمراً؛ فهذا يعني مدّ المزيد من الجسور، ليس فقط محلياً، وإنما على الصعيد العالمي، وهذا يحفز المزيد من الفنانين السعوديين للمشاركة، ويفتح أمامهم آفاق تواصل وتعارُف واسعة". إليكم لقطات متنوّعة من بعض الأعمال المشاركة في المعرض، وتفاعل الحضور معها:


الشرق الأوسط
٢٣-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- الشرق الأوسط
الحديقة الإسلامية المعاصرة في بينالي جدة... ما بين أزهار غزة وعين عذارى
ربما لا تعكس المساحات الخارجية في صالة الحجاج الغربية، حيث يقام بينالي الفنون الإسلامية بجدة، سمة الحدائق بمفهومها العام، لكننا هنا أمام 20 تفسيراً لفنانين من حول العالم لما تعنيه الحديقة المعاصرة. مبدئياً تأخذ مِسَاحَة «المظلة»، حيث تقبع الحدائق الصغيرة، التصميم الرباعي المستوحى من حديقة شار باغ الإسلامية، حيث تعني كلمة «شار» أربعة، وتعني كلمة «باغ» حديقة، وتعني «أربع حدائق»، ويتميز هذا التصميم بتصميمه الرباعي، الذي تقسمه ممرات مائية لأجزاء أصغر. حاول كل فنان من المعروضة أعمالهم في قسم «المظلة» استكشاف علاقة الإنسان بالأرض والسماء، وهو استجابة لعنوان البينالي في هذه الدورة «وما بينهما». وخلال الأيام الأولى للبينالي وجد الزوار في المساحات الخارجية فرصاً للحديث والاستكشاف والحديث مع الفنانين حول أعمالهم المختلفة التي تنوعت في موضوعاتها، واتفقت على استكشاف قضايا متشابكة، خيوطها البيئة والطبيعة والمفاهيم الاجتماعية والروحانية التي تكمن في أهم عناصرها. مهند شونو (الشرق الأوسط) الفنان السعودي مهند شونو، وهو القيّم على الفن المعاصر في البينالي، يشرح أن «المظلة» هي حديقة مفاهيمية، ويقول في حوار مع «الشرق الأوسط»: «ننظر إلى تلك المساحة متعددة الطبقات، والحدود، والواسعة، بوصفها حديقة إسلامية معاصرة، حيث يجلب الفنانون المفاهيم السماوية، ويربطونها بقضايا الأرض البيئية والاجتماعية». بحسب شونو تمنح مفاهيم الفنانين، وأعمالهم، وأفكارهم، شكلاً لحدائق من الأفكار تروى عبر تدفق الزوار الذي يشبه تدفق المياه. البينالي هو التجربة الأولى لشونو كقيم فني، وهي تَجْرِبَة لم يخف منها، ولم يرفضها، بل قبلها فوراً حسب قوله، وأحس بأنها عملية طبيعية للغاية، «عندما طُرح عليّ الأمر، لم أتردد، وشعرت أن الأمر طبيعي، وفوراً انغمست في العمل». لم يكتف بدوره قيّماً للأعمال المعاصرة، بل اندمج في جوانب البينالي الأخرى، واستفاد من المعروضات التاريخية، موضحاً: «علينا أن نفهم الماضي حتى نتمكن من الاستجابة للأفكار المعاصرة». نعود لقسم «المظلة»، حيث اجتمع 20 عملاً معاصراً لفنانين أحياء، ليس فقط من المملكة العربية السعودية، لكن على المستويين الإقليمي والدولي، يشير إلى أن التدخلات المعاصرة هي الرابط بين الماضي والحاضر، وتحمل معها رؤية للمستقبل. على نحو أعم يرى أن البينالي تجسيد للتغيير الذي تشهده السعودية حالياً «بالنسبة إلي كان البينالي بمثابة شهادة حقيقية على التغيير لأنه عندما تجلب قطعاً إسلامية من العصور القديمة محملة بالقصص والتاريخ، وإلى جانب ذلك تجلب الفكر المعاصر، فإنك بذلك تكتسب قيمة أكبر. إنه أمر يدل على مدى التغير أيضاً أن تكون قادراً على التحدث عن الماضي بطرق جديدة للتعبير». قبل التجول في المظلة، يتحدث شونو عن الأعمال المعاصرة الموجودة داخل القاعات المغلقة، وهي «البداية» و«المدار»، المقتني، المكرمة، والمنورة، مشيراً إلى أن بعض تلك الأعمال تم التكليف بتنفيذها كاستجابة معاصرة للقطع التاريخية ضارباً المثل بعمل الفنان عبد القادر بن شامة الذي قدم عملاً جدارياً ضخماً في قاعة «البداية» بعنوان «بين كل سماء» احتضن بعض الأعمدة التاريخية من مكة المكرمة في حوار بصري ملهم. يشير أيضاً إلى عمل الفنان العراقي مهدي مطشر الذي يُعرض في قاعة «المدار» الذي استمد الإلهام من قطع الأسطرلاب التاريخية المعروضة في القاعة ليقدم عملاً بعنوان «عضادة» يستعير مقوماته الشكلية والفلسفية من الأسطرلاب، ويتيح للزوار تَجْرِبَة حسية لتحديد الاتجاهات. يحدث شيء آخر في الهواء الطلق، حيث تجلس الأعمال على نحو فضفاض، ولكنها تتداخل أيضاً. هذا يساعد الجمهور على السفر عبر ممراتها. تبدأ الرحلة بأعمال تمثل بوابات ومسارات تدخلها على نحو فردي. يقول شونو: «إنها تقلب منظورك للأشياء، وتمنحك وجهة نظر جديدة. تختبر أعمالاً تتعلق بالمعرفة والفهم. تجعلنا نتساءل كيف نتعلم من الطبيعة؟ كيف نعمل مع الأرض؟ بعد ذلك تأتي الأعمال التي تتعلق أكثر بالتجديد والشفاء. تدخل الحديقة مجازياً كفرد، وتنتهي بالمعرفة. تقوم بالترميم والشفاء، ثم تندمج في مشاركة جماعية مع الناس». هكذا اختصر لنا القيم الفني فلسفة قسم المظلة، وما يتبقى لنا هو أن ندخل التجربة الحسية بمعاينة الأعمال أمامنا. عمل الفنان الياباني تاكاشي كوريباياشي (تصوير ماركو كابيليتي-مؤسسة بينالي الدرعية) ننطلق من عمل الفنان الياباني تاكاشي كوريباياشي المكون من خمسمائة برميل أسود فارغ يجذب الأنظار أولاً بتنسيقه الجمالي اللافت، وثانياً بالتساؤلات التي يطرحها حول الطبيعة والإنسان. تقول إحدى القيمات على العرض إن الفنان «مهتم بالتعامل مع مفهوم الحدود والفروقات بين الإنساني والعالم الطبيعي». تحث الزوار على تسلق درجات خشبية تتوسط التركيب الأسود للحصول على نظرة من أعلى، هنا ومن أعلى نرى عبر المرايات المثبتة أعلى البراميل السماء والنباتات المختلفة المتناثرة حولنا في مشهد يبعث على التأمل في علاقة الإنسان بالبيئة، ويعيد النظر في مفهوم «الطبيعي». ترمز الصورة التي نراها عبر المرايات وانعكاسات الشجر والسماء إلى أن الغطاء النباتي الذي كان يغمر سطح الأرض بعد تحلله عبر الزمن أصبح نفطاً في أعماق الأرض، يستكشف الفنان هنا دور الطاقة والموارد الطبيعية. زهور الفنانة آلاء يونس في "المظلة" ببينالي الفنون الإسلامية بجدة (تصوير ماركو كابيليتي-مؤسسة بينالي الدرعية) في صوبة زجاجية تأخذنا الفنانة الفلسطينية لعالم من الزهور الرقيقة الهشة التي تحتمي بالصوبة الزجاجية لتنمو، وتزهر، تطلق على عملها اسم «زهور قطف»، وتروي من خلاله تاريخ زراعة الأقحوان والورود والقرنفل في غزة، حيث اعتمد المزارعون على تصديرها. تشير بطاقة التعريف بالعمل إلى أن صناعة الزهور في غزة كانت قوية جداً بين عامي 1991 و2008، حيث كانت غزة تنتج أكثر من 75 مليون زهرة سنوياً كانت تُصدَّر إلى سوق الزهور الهولندية. وبسبب الحصار والقيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على غزة توقفت التجارة، وبحلول عام 2008 لم يعد من المربح للمزارعين الاستمرار في زراعة هذه الزهور. تشير القيمة إلى أن عمل آلاء يونس وتقديمه في صوبة زجاجية هو «فعل من أفعال المرونة وتذكر صناعة الزهور التي كانت قوية جداً في وقت ما في غزة». الفنانة بشاير هوساوي وعملها "هديتي لكم: حديقة" (تصوير ماركو كابيليتي-مؤسسة بينالي الدرعية) يجذب عمل الفنانة السعودية بشائر هوساوي الذي يحمل عنوان «هديتي إليكم: حديقة» الزوار بألوانه القوية، لا سيما الأحمر ثم بتكوينه البسيط، فهو قطعة مربعة نسقت عليها الفنانة مجموعة من المكانس التقليدية الحمراء على نحو جمالي لافت. تتحدث مع «الشرق الأوسط» عن عملها المستوحى من طفولتها: «في بيتنا القديم كانت لدينا حديقة صغيرة كانت والدتي تطلب منا دائماً أن نكنسها، اكتشفت أن لدي بالبيت كمية كبيرة من المكانس الملونة». العنصر الأساسي في عملها هو المكانس، وقد استخدمته من قبل «بدأت السلسة من 2019 كنت أريد أن أتعرف إلى نفسي أكثر، وأن أتعرف بشكل أكبر على الأشياء التي أحبها. كنت أريد أن (أنظف بشائر من الداخل)، ومع الوقت أخذت ورش عمل ساعدتني على بلورة المفهوم ليصبح التطهير من الخارج، ومن الداخل والأخص من الداخل، الأمر أيضاً له صلة بعائلتي التي تعمل في الطوافة، حيث نستقبل الحجاج من كل أنحاء العالم في البيت بما له من حميمة ودفء، وكانوا الأهل ينظفون البيت قبلها». من الأعمال التي تفاعل معها زوار البينالي إلى حد بعيد عمل الفنان عمران قريشي الذي يحاكي باستخدام شرائط النسيج مِسَاحَة تجمع تاريخية حول واحة، يحتفي بطريق الحج الكوفي «درب زبيدة» الذي يرجع تاريخه إلى أكثر من ألف عام، وأمرت بحفره زبيدة زوجة هارون الرشيد لخدمة لحجاج. عمل قريشي يستلهم المساحة الملونة المنسوجة من تخطيط «شارباغ» الذي ميز الحدائق الهندية الفارسية رباعية الأضلاع المقسمة بوساطة الممرات المائية التي يرمز لها بالألوان، ويحتفي العمل بالمحافظة على الحرف اليدوية المنسوجات التقليدية من الاندثار في ظل التقنيات الحديثة. ناصر الزياني "تسقي البعيد وتدع القريب" (تصوير ماركو كابيليتي-مؤسسة بينالي الدرعية) يناقش عمل الفنان البحريني ناصر الزياني قضية التغيير المستمر للمناظر الطبيعية والذكريات الشخصية المرتبطة بها، يطلق عنوان «تسقي البعيد وتدع القريب» على عمله الذي استوحاه من عين «عذارى» في البحرين، وهي من العيون التاريخية، وارتبطت ذكريات الفنان بها. يتعامل الزياني مع جفاف العين في العقود الأخيرة عبر كتابة أبيات من قصيدة للشاعر البحريني علي عبد الله خليفة يخاطب فيها الشاعر العين، ويشكو جفافها، على ألواح رملية مرتفعة تشبه نقوش الألواح المسمارية القديمة. "جعلك بالجنة" لفاطمة عبد الهادي (تصوير ماركو كابيليتي-مؤسسة بينالي الدرعية) عمل الفنانة السعودية فاطمة عبد الهادي بسيط جداً وعميق جداً، يجذب الزائر برائحة الرياحين عبر نباتات منتظمة على مسافة ممتدة أمامنا تحفنا في كل خطوة فيه غلالات بيضاء رقيقة مطبوع عليها نباتات الريحان. يثير العمل العواطف الكامنة والحنين للراحلين فهو يشير لرمزية الريحان في الإسلام كونه من نعيم الجنة الذي تبشر به أرواح المؤمنين، تستحضر الفنانة هنا مقولة لوالدتها «الريحان من ريحة الجنة» وتستعيد عادتها في تزيين الأماكن بالريحان.

LBCI
١٣-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- LBCI
تحت عنوان "وما بينهما"... بينالي جدة يعرض الفن المعاصر الى جانب الأعمال الدينية الإسلامية
تحت ظل مظلة من الخيام في مدينة جدة، تُعرض أعمال فنية دينية إلى جانب أعمال معاصرة، في خطوة يدرجها منظمّو معرض بينالي جدة للفنون الإسلامية، في إطار تجسيد التغيير الذي تمرّ به السعودية. وفي التفاصيل، يضم بينالي جدة الذي ينظم تحت عنوان "وما بينهما"، 500 قطعة أثرية إسلامية، من بينها أجزاء من "كسوة الكعبة"، القماش الأسود المطرز بالذهب والفضة الذي يغطي الكعبة، وحوالي 30 عملا معاصرا، ويمتد على مساحة 100 ألف متر مربع في الصالة الغربية بمطار الملك عبد العزيز الدولي في مدينة جدة الساحلية. وتتضمن هذه القطع الأثرية عناصر قيّمة مستعارة من الفاتيكان، مثل الترجمات القديمة للقرآن الكريم وخريطة لنهر النيل تعود إلى القرن السابع عشر. ويقول أمين المعرض الفنان السعودي مهند شونو "الجمع بين الفن المعاصر والماضي يؤكد حقًا التغيير الذي تمر به المملكة العربية السعودية". (...) ويتميز معرض بينالي جدة أيضا بزخارف فارسية من العصور الوسطى، بما في ذلك صور ملكية، بالإضافة إلى نافورة صممها الفنان اليمني الإندونيسي أنهار سالم، وتتكوّن بلاطاته الفسيفسائية التي تم تجميعها بالألوان، باستخدام الذكاء الاصطناعي، انطلاقا من صور رمزية تم الحصول عليها عبر الإنترنت. - "مفاهيم تقليدية" - ويقول عبد الإله قطب، وهو مهندس معماري يبلغ من العمر 31 عاما وجاء خصيصا من مكة، "لدينا مفاهيم تقليدية عن الإسلام وتاريخه، وقد حان الوقت لإعادة النظر فيها من زاوية جديدة". ومن خلال "قلب المنادير"، وهو تركيب نحاسي يمكن من خلاله للزوار مشاهدة البينالي رأساً على عقب، تتساءل الفنانة الفرنسية اللبنانية تمارا كالو، "ما يعنيه أن نرى وأن نكون شهوداً" وتستكشف ثنائية الشرق والغرب، والضوء والظلام، وترديد صدى الفلسفة الإسلامية، وخاصة إرث ابن الهيثم، أبو البصريات. ويتفاجأ الزوار بأعمال أخرى جريئة، من بينها القرص الضخم الذي يدور بلا هوادة ويبلغ قطره أمتارا عدة، وهو مغطى بطبقة سميكة ولزجة من النفط الذي تعد السعودية المصدّر الأول له في العالم. وتحت تأثير الدوران، يتدفق السائل، الذي "لا يتخذ الشكل نفسه أبدا"، من دون أن يختفي تماما، في "رمزية للوقت"، كما يشرح مصممه الفنان الإيطالي أركانجلو ساسولينو، على بعد أمتار قليلة من ألواح "كسوة الكعبة". - "تقاسم المساحة" - تهدف خطة الإصلاح الطموحة "رؤية 2030"، بقيادة ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للبلاد محمد بن سلمان، إلى وقف ارتهان اقتصاد المملكة بالنفط عبر الاستثمارات الضخمة في الرياضة والفن والثقافة. ويقول جيمس دورسي من جامعة سنغافورة الوطنية "منذ اليوم الأول، أدرك محمد بن سلمان أهمية الفنون وأهمية صناعة الترفيه. البينالي هو جزء من هذه الاستراتيجية التي تهدف إلى إبراز صورة الانفتاح، وهو أمر ضروري لنجاح رؤية 2030". ويضيف دورسي أنّ المملكة الخليجية الثرية، التي كان يُنظر إليها منذ فترة طويلة على أنها "سرية ومحافظة للغاية"، عانت من "عجز في السمعة" ويتابع "كان الانفتاح ضروريا لكي تصبح المملكة اقتصادا رائدا وتجتذب الاستثمارات الأجنبية". وتشمل التحولات تطورات اجتماعية كبرى، مثل زيادة مشاركة المرأة في الحياة العامة. ويجذب البينالي، الذي يقع في محطة بجوار المحطة المخصصة للحجاج في طريقهم إلى مكة، "على بعد 93 كيلومترا من العاصمة المقدسة للمسلمين"، جمهورا فريدا من محبي الفن والمؤمنين العابرين. (...)