logo
#

أحدث الأخبار مع #ميشيلفوكو،

هيغل... ليس فيلسوفاً؟
هيغل... ليس فيلسوفاً؟

الشرق الأوسط

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الشرق الأوسط

هيغل... ليس فيلسوفاً؟

لم يحيّر عالمَ الفكر أحدٌ مثلما فعل هيغل. ما زلت ترى في أي معرض كتاب في العالم وبكل لغات الدنيا كتباً جديدةً عن هيغل بعد مائتي سنة من موته. كل التيارات الفكرية بعده تأثرت به وأخذت منه ما تريد، خصوصاً منهجه الديالكتيكي. كل فلسفات القرن العشرين حاولت التحرر من قبضته، حسب ميشيل فوكو، في قراءات متعددة من الماركسية إلى الوجودية، ومن الموالين إلى المخاصمين. وقع في يدي مؤخراً كتاب غريب ولافت للنظر اسمه «هيغل والتقليد الهرمسي» لأستاذ أكاديمي يُدعى غلين أليكساندر ماغي ذهب بهيغل إلى تفسير صادم ومختلف. من وجهة نظر ماغي، هيغل هرمسي وليس فيلسوفاً. لا يشكك في أن تأثير كانط وفيخته وشيلينغ على هيغل كان مهماً، لكنه لم يكن التأثير الوحيد. هيغل ليس باحثاً عقلانياً عن الحقيقة، ففي كتاب «ظاهريات الروح» زعم هيغل أنه وصل إلى المعرفة المطلقة. وهذا يخالف نهج الفلاسفة في تعريفها بحب الحكمة، ويتوافق تماماً مع طموحات الهرمسية، وقد كان هيغل مشغولاً بالفلسفة الهرمسية، وكان متأثراً بممثليها منذ صباه، ومتحالفاً مع الهرامسة طوال حياته. تقسيم حياته إلى مراحل مضلل. عادة ما يردّ أمر الهرمسية إلى فترة شباب هيغل فقط، وهذا أمر خاطئ، بل هم معه طوال حياته. هناك اشتراك في مبدأ العلاقات الداخلية بالنسبة لهرمس وهيغل. الكون ليس مجموعةً من التفاصيل المترابطة بصلات خارجية، ولا يمكن تفسير الطبيعة تفسيراً آلياً ميكانيكياً. بل إن كل شيء في الكون مترابط داخلياً، ومرتبط بكل شيء آخر. هذه القوى، مثل الطاقة أو النور تنتشر في كل مكان. يتجلى هذا المبدأ بوضوح فيما يسمى باللوح الزمردي لهرمس، الذي يبدأ بالسطور الشهيرة «كما في الأعلى، كذلك في الأسفل». لقد أصبحت هذه القاعدة المبدأ، لأنها وضعت الأساس لفكرة وحدة الوجود من خلال التعاطف والتوافق بين مستوياته المختلفة. وأهم ما تتضمنه هو فكرة أن الإنسان هو العالم الأصغر، الذي ينعكس فيه العالم الأكبر، كما في قصيدة ابن سينا، وأن معرفة الذات تؤدي بالضرورة إلى معرفة الكل. باختصار، يمكن حصر أفكار هرمس في أن المطلق يحتاج إلى الجزئي والفردي لكي يكون مطلقاً، بتأمل الإنسان فيه. ويستطيع الإنسان أن يكمل نفسه من خلال المعرفة، بحيث يعرف جوانب أو لحظات من المطلق. ويعتقد هيغل بالمفهوم الدائري للمطلق وللكون، وهذا يتضمن عودة المطلق إلى ذاته من خلال الإنسان الذي يرتفع فوق الطبيعة ويصبح سيدها من خلال المعرفة العميقة. بالنسبة لماغي، فإن هرمسية هيغل تَثبت بسبب اهتماماته التي تتوافق مع المزيج الغريب من اهتمامات الهرامسة، وتشمل الخيمياء وتعاليم القبالة والتنويم المغناطيسي والروحانية وعلم الآخرة ولاهوت بريسكا وتصوف إيكهارت وبوهمه، والأنظمة السرية الرمزية. إنه يأخذ منهم حتى الرموز الهندسية، المثلثات والدوائر. وتعتبر قضية بوهمه بائع الأحذية الصوفي هي القضية الأكثر إثارة للدهشة، إذ يمنحه هيغل في محاضراته عن «تاريخ الفلسفة» مساحة أكبر من مساحة أكابر الفلاسفة. مع البحث، اتضح أن ما قرره ماغي ليس جديداً تماماً، فغالباً ما يتم وصف هيغل بأنه صوفي، واتهمه شيلينغ بأنه نقل الكثير عن بوهمه. وهيغل لا ينكر أنه صوفي. وقد سبق الباحث فوغلين ماغي بالقول إن فكر هيغل ينتمي إلى التاريخ المستمر للهرمسية الحديثة منذ القرن الخامس عشر، وذلك في كتابه «حول هيغل: دراسة في السحر»، مشيراً إلى «ظاهريات الروح» باعتباره كتاباً سحرياً يجب الاعتراف به كعمل سحري. من الخطأ أن نتعامل مع الهرمسية باعتبارها فكرية بحتة، إذ لا يحدث التنوير الهرمسي بمجرد تعلم مجموعة من العقائد. لا تكفي معرفة الأفكار فحسب، بل يجب أن يكون للفرد خبرة حياتية حقيقية بحقيقة الفكرة. ينبغي أن يوجه الإنسان إلى الاستنارة بعناية. يجب علينا استكشاف الأزقة العمياء التي تعد بالتنوير ولكنها لا تفي بوعدها. بهذه الطريقة فقط سيكون للفكرة المطلقة معنى. إنها طريقة ملتوية للغاية، للتخلي عما اعتاد عليه المرء وصار يتملكه الآن، والعودة نحو الأشياء البدائية القديمة. هيغل يحافظ على كل من اللحظات الفكرية والعاطفية لهذا المفهوم الهرمسي للبدء. التنوير، بالنسبة للهرامسة ولهيغل، ليس مجرد حدث فكري نتوقع أن يغير حياة المستنير، فالفلسفة، بالنسبة إلى هيغل، تتعلق بالعيش السعيد. باختصار، الرجل الذي يحقق الثقة بنفسه لم يعد إنساناً عادياً. إنه لا يحتاج إلى الهروب من العالم لإنقاذ نفسه، بل يريد اكتساب معرفة العالم لتوسيع ذاته على حساب الطبيعة، واستخدام هذه المعرفة لكي يرتقي إلى المطلق. ومعرفة كل شيء تعني بمعنى ما السيطرة على كل شيء. وختم ماغي كتابه قائلاً إن «فكرة استقلال العقل وتطوره التدريجي ذات جذور غير عقلانية عميقة». ستكون نتائج ماجي معقولة للقراء الذين يفترضون أن «التصوف» بشكل عام غير عقلاني، وهذا ما لا نوافق عليه وسنناقشه في مقالة قادمة. ماجي لم يقدم أي حجة لهذه الفرضية مع ما يرد عليه من أن الفلسفة الهرمسية وغيرها من الاتجاهات الصوفية قد أثرت على المفكرين العقلانيين من مثل بيكون وديكارت وسبينوزا ولايبنتز ونيوتن، ولعبت دوراً غير مقدّر حتى الآن في تشكيل الأفكار والطموحات المركزية للفلسفة والعلوم الحديثة. ومن المعروف أن هيغل كان مهتماً بشدة بأفلاطون وأرسطو وبلوتينوس وبروقلس، وكل منهم يمكن تفسيره، وقد تم تفسيره بالفعل، على أنه صوفي في جوانب مهمة. لكن هؤلاء الكتاب معروفون أيضاً، بالتزامهم بالعقل، لذا فإن مجرد تذكرهم من شأنه أن يثير الشك حول فرضية ماجي بأن التصوف في حد ذاته غير عقلاني، وهذا باختصار غير صحيح، فالتصوف الألماني - خصوصاً مع المايستر إيكهارت - هو أول شكل تجلت فيه المثالية الألمانية في تاريخ الفكر. * كاتب سعودي

د. محمد العرب : هل الجنون حقيقة أم خرافة؟
د. محمد العرب : هل الجنون حقيقة أم خرافة؟

أخبارنا

time٢٣-٠٢-٢٠٢٥

  • صحة
  • أخبارنا

د. محمد العرب : هل الجنون حقيقة أم خرافة؟

أخبارنا : الجنون، تلك الكلمة التي تحمل في طياتها مزيجاً من الخوف، الفضول، والرفض، لا تُعد مجرد وصف لحالة نفسية أو خروج عن العقلانية، بل هي مفهوم متجذر في النظم الثقافية والاجتماعية التي صنعتها الإنسانية. عند النظر إلى الجنون من زاوية فلسفية، يتبدى سؤال محوري: هل الجنون حالة موضوعية يمكن قياسها، أم أنه مجرد بناء اجتماعي وُضع لتسمية ما لا نستطيع فهمه؟ منذ القدم، كان الجنون مرآة تعكس رؤية المجتمعات لما هو طبيعي وغير طبيعي. في العصور الوسطى، كان من يُظهر سلوكاً غير مألوف يُعتبر ممسوساً أو منبوذاً ، ويُعزل عن المجتمع. أما في عصر التنوير، فقد أصبح الجنون محصورا في نطاق المرض النفسي الذي يحتاج إلى تقويم أو علاج. ومع ذلك، فإن هذا التحول لم يلغِ الطبيعة النسبية للمفهوم. ما يُعتبر اليوم اضطراباً نفسياً قد يكون غداً تجربة إنسانية مشروعة، بل وربما مُلهمة. ميشيل فوكو، في كتابه (تاريخ الجنون) كشف عن أن الجنون لم يكن يوماً حالة بيولوجية بحتة، بل كان أداة تستخدمها السلطة لتصنيف الأفراد الذين يتحدّون النظام القائم. الجنون، وفقاً لفوكو، لم يكن إلا اختراعاً ثقافياً لحماية (العقلانية) التي تمثل النظام السائد. من هذه الزاوية، يصبح الجنون مرآةً تُظهر هشاشة النظم الاجتماعية التي تخشى ما يهدد استقرارها. لكن، ماذا لو كان الجنون مجرد زاوية أخرى من الإدراك؟ الفيلسوف نيتشه رأى في الجنون انفجاراً للإبداع. بالنسبة له، الجنون ليس مرضاً بل حالة من التحرر، تحطيماً للأطر العقلانية التي تُكبّل الروح الإنسانية. فالعقل التقليدي، الذي يقدس المنطق، قد لا يكون دائماً قادراً على استيعاب العمق الكامن في التجارب الإنسانية التي يصفها بالجنون. ربما يكون من نعتبرهم (مجانين) اليوم هم الذين يفتحون لنا أبواب الإدراك غداً..! وهنا يبرز السؤال: إذا كان الجنون نسبياً ، فهل هو موجود أصلاً؟ الفيلسوف لودفيغ فيتغنشتاين، من خلال فلسفته اللغوية، أشار إلى أن المعاني ليست مطلقة، بل تُبنى عبر السياق الاجتماعي. إذاً، الجنون ليس إلا كلمة تحمل دلالات متغيرة، تُستخدم لتسمية ما لا يتماشى مع المعايير السائدة. بمعنى آخر، الجنون قد يكون خرافة لغوية أكثر من كونه حقيقة. في العصر الحديث، بدأنا نشهد تحولات جذرية في كيفية فهمنا للجنون. علم النفس الحديث لا يركز فقط على العلاج، بل يسعى لفهم التجارب الإنسانية التي تُعتبر غير عادية. اضطرابات مثل الشيزوفرينيا أو الاضطراب الثنائي القطب لم تعد تُرى كأمراض فقط، بل كتجارب فريدة تنطوي على رؤى مختلفة للعالم. هذه النظرة الجديدة تجعل من الجنون حالة إنسانية معقدة، لا يمكن تقزيمها إلى مجرد خلل يحتاج إلى إصلاح. اعتقد أن الجنون بمفهومه السائد ليس حقيقة موضوعية يمكن قياسها أو حصرها، بل هو بناء ثقافي واجتماعي يعكس مخاوفنا ورغبتنا في الحفاظ على (النظام) ربما حان الوقت للتخلي عن سؤال هل الجنون موجود؟ لصالح سؤال أكثر عمقاً: ما الذي يجعلنا نعتبر شيئاً ما جنوناً؟ الإجابة على هذا السؤال تكشف الكثير عن طبيعتنا البشرية، عن حدود عقولنا، وعن حاجتنا الدائمة لتصنيف ما نخشى مواجهته. ــ الدستور

هل الجنون حقيقة أم خرافة؟
هل الجنون حقيقة أم خرافة؟

الدستور

time٢٣-٠٢-٢٠٢٥

  • صحة
  • الدستور

هل الجنون حقيقة أم خرافة؟

الجنون، تلك الكلمة التي تحمل في طياتها مزيجاً من الخوف، الفضول، والرفض، لا تُعد مجرد وصف لحالة نفسية أو خروج عن العقلانية، بل هي مفهوم متجذر في النظم الثقافية والاجتماعية التي صنعتها الإنسانية. عند النظر إلى الجنون من زاوية فلسفية، يتبدى سؤال محوري: هل الجنون حالة موضوعية يمكن قياسها، أم أنه مجرد بناء اجتماعي وُضع لتسمية ما لا نستطيع فهمه؟ منذ القدم، كان الجنون مرآة تعكس رؤية المجتمعات لما هو طبيعي وغير طبيعي. في العصور الوسطى، كان من يُظهر سلوكاً غير مألوف يُعتبر ممسوساً أو منبوذاً ، ويُعزل عن المجتمع. أما في عصر التنوير، فقد أصبح الجنون محصورا في نطاق المرض النفسي الذي يحتاج إلى تقويم أو علاج. ومع ذلك، فإن هذا التحول لم يلغِ الطبيعة النسبية للمفهوم. ما يُعتبر اليوم اضطراباً نفسياً قد يكون غداً تجربة إنسانية مشروعة، بل وربما مُلهمة. ميشيل فوكو، في كتابه (تاريخ الجنون) كشف عن أن الجنون لم يكن يوماً حالة بيولوجية بحتة، بل كان أداة تستخدمها السلطة لتصنيف الأفراد الذين يتحدّون النظام القائم. الجنون، وفقاً لفوكو، لم يكن إلا اختراعاً ثقافياً لحماية (العقلانية) التي تمثل النظام السائد. من هذه الزاوية، يصبح الجنون مرآةً تُظهر هشاشة النظم الاجتماعية التي تخشى ما يهدد استقرارها. لكن، ماذا لو كان الجنون مجرد زاوية أخرى من الإدراك؟ الفيلسوف نيتشه رأى في الجنون انفجاراً للإبداع. بالنسبة له، الجنون ليس مرضاً بل حالة من التحرر، تحطيماً للأطر العقلانية التي تُكبّل الروح الإنسانية. فالعقل التقليدي، الذي يقدس المنطق، قد لا يكون دائماً قادراً على استيعاب العمق الكامن في التجارب الإنسانية التي يصفها بالجنون. ربما يكون من نعتبرهم (مجانين) اليوم هم الذين يفتحون لنا أبواب الإدراك غداً..! وهنا يبرز السؤال: إذا كان الجنون نسبياً ، فهل هو موجود أصلاً؟ الفيلسوف لودفيغ فيتغنشتاين، من خلال فلسفته اللغوية، أشار إلى أن المعاني ليست مطلقة، بل تُبنى عبر السياق الاجتماعي. إذاً، الجنون ليس إلا كلمة تحمل دلالات متغيرة، تُستخدم لتسمية ما لا يتماشى مع المعايير السائدة. بمعنى آخر، الجنون قد يكون خرافة لغوية أكثر من كونه حقيقة. في العصر الحديث، بدأنا نشهد تحولات جذرية في كيفية فهمنا للجنون. علم النفس الحديث لا يركز فقط على العلاج، بل يسعى لفهم التجارب الإنسانية التي تُعتبر غير عادية. اضطرابات مثل الشيزوفرينيا أو الاضطراب الثنائي القطب لم تعد تُرى كأمراض فقط، بل كتجارب فريدة تنطوي على رؤى مختلفة للعالم. هذه النظرة الجديدة تجعل من الجنون حالة إنسانية معقدة، لا يمكن تقزيمها إلى مجرد خلل يحتاج إلى إصلاح. اعتقد أن الجنون بمفهومه السائد ليس حقيقة موضوعية يمكن قياسها أو حصرها، بل هو بناء ثقافي واجتماعي يعكس مخاوفنا ورغبتنا في الحفاظ على (النظام) ربما حان الوقت للتخلي عن سؤال هل الجنون موجود؟ لصالح سؤال أكثر عمقاً: ما الذي يجعلنا نعتبر شيئاً ما جنوناً؟ الإجابة على هذا السؤال تكشف الكثير عن طبيعتنا البشرية، عن حدود عقولنا، وعن حاجتنا الدائمة لتصنيف ما نخشى مواجهته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store