أحدث الأخبار مع #نظريةهيجل


مراكش الآن
منذ 15 ساعات
- سياسة
- مراكش الآن
الدكتور العياشي الفرفار يكتب: مجتمع الدوارة وصراع الادخنة
د. العياشي الفرفار – استاذ جامعي لا حديث الا عن الدوارة مهما بلغ ثمنها، مؤشر على تحولات عميقة مست النسق القيمي للمجتمع، حين يصبح العيد الكبير صغيرا ! هذا النقاش اليوم هو درس لمن لا يتوقف في انتقاد الدولة والحكومة دون ان يلتفت الى نقد المجتمع. الازمة اليوم هي ازمة قيم مجتمعية، الهوس بالدوارة لهذه الدرجة لا تعود اسبابه لشهية 'بولفلاف'، بقدر ماهي نتيجة صراعات اجتماعية صامتة، حيث تصبح الدوارة اداة لتصريف الصراع وتحقيق التفوق وبناء الوعي بالسيادة وفق نظرية هيجل وبعده كوجيف في مفهوم الغيرية السالبة حيث كل وعي بالسيادة هي وعي سالب لوعي اخر. بهذا تصبح الدوارة -في معنى من المعاني- اداة صراع من خلال الدخان المتصاعد منها. انها صراع ادخنة ومن سيكون دخان دوارته اعلى ويهيمن سماء الفضاء المشترك. اتذكر حكاية في قريتنا كنت اسمعها عن صراع طويل ودائم التجدد بين اسرتين حول قطعة ارض مشتركة تقع بين منزل الاسرتين، الاسرة الاولى ميسورة الحال والثانية فقيرة، كان دخان الدوارة هو اداة الصراع، هو صراع يتجدد كل يوم الاثنين اي يوم السوق الاسبوعي، حيث ينتشر دخان دوارة الاسرة الغنية ويملأ الفضاء وهو رسالة تفوف ان من يسيطر على الفضاء سيسيطر على الارض. وبالمقابل كان يلجأ اب الاسرة الفقيرة الى شراء الشحمة الرخيصة الثمن ويقوم بتدويرها على قطع من الخبر، المهم ان يتصاعد الدخان في اطار صراع الادخنة. اليوم، تتجدد هذه الواقعة وهو مؤشر على علاقات اجتماعية متوثرة تبحث عن ادوات لتصريف العنف والصراع الصامت، مما يجعلني اطمئن الى فرضية صراع الادخنة. لم يعد عيد الاضحى شعيرة دينية فقط، بل تحول الى اداة صراع سياسي في مواجهة الظلم والاستعمار، تاريخ المغرب الحديث يحفظ لنا وقائع كيف اصبح العيد فعلا سياسيا، حين رفض المغاربة اقامة عيد الاضحى احتجاجا على ازاحة الملك الشرعي محمد الخامس وتكليف محمد بن عرفة، الذي سماه الوطنيون بالسلطان الدمية، فكان قرار وطني مناضل بعرقلة إقامة صلاة عيد الأضحى وشعيرة الذبح. كما امتنع المغاربة عن نحر أضحية العيد، احتجاجا على قرار الإقامة العامة القاضي بنفي محمد الخامس إلى جزيرة كورسيكا سنة 1953 وكان الامتناع ولم يكن منعا، لان المغاربة رفضوا ان تكون فرحة العيد على حساب احزان الوطن. كما امتنع لمغاربة عن اقامة شعيرة العيد تضامنا مع المغاربة الذين طردهم النظام الجزائري في ليلة العيد، غضبا على نجاح المسيرة للخضراء فكان حدثا لا انسانيا لنظام الهواري بومدين حين طرد وشرد وسرق ممتلكات اسر مغربية وتركهم في العراء. يبدو ان تغييرات حادة مست نسق القيم المجتمعية، حيث تحول عيد الاضحى من شعيرة دينية بابعاد جهادية ونضالية ومواقف سياسية وطنية، الى اداة لتصريف خصومات صغيرة وتحقيق امتياز التباهي الاجتماعي.


الوطن
٢١-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- الوطن
يوم التأسيس وفلسفة التاريخ
لن أتحدث عن يوم التأسيس من زاوية (التأريخ/بهمزة على الألف) كسردية منتقاة تأخذ هذه وتترك تلك، ولا من زاوية (التأريخ) كأحداث تحصل خبط عشواء يدونها المؤرخون يوماً بيوم كأخبار جريدة صباحية، ولن أتحدث عن (التاريخ بلا همزة) كما يراه كارليل ممثلاً في (الأبطال وعبادة البطولة)، ليصبح الفرد هو صانع التاريخ المطلق (السوبرمان)، ولا كما يراه جورجي بليخانوف في (دور الفرد في التاريخ)، حيث يصبح الفرد مجرد أداة لعوامل اجتماعية واقتصادية أكبر، بل سأكون وسطاً في ذلك، محاولاً مقاربة المسألة وفق نظرية هيجل في التاريخ ـ كما أفهمها ـ والتي ترتكز على ركنين (العقل والحرية)، والحرية في أعلى تجلياتها لا تكون في نظر هيجل دون وجود (الدولة)، فالدولة أعلى تجليات الحرية، فالإنسان العاقل لا يكون حراً بلا دولة، فبدون الدولة يكون أقرب للوحشية والبربرية؛ لأنه بلا قوانين، وبدونها يعيش الإنسان وفق ضرورات الغريزة في البقاء كسائر الثدييات مهما حاول التماسك بالأعراف والتقاليد التي تقيم له أود حاجته كفرد في قبيلة، دون أن ترفع له عمود حضارته كمواطن في دولة، وعندما ندرك ذلك نرتبط بمشهد الدولة السعودية الأولى عام 1727م متسائلين عن موقع (العقل) المرتبط بالحرية وفق نظرية هيجل، وهنا يظهر دور الإمام محمد بن سعود كتجلٍ لإرادة العقل المطلق في التاريخ، وكتجسيد حي لفاعليتين لا تنفكان عن بعضهما: الفاعلية الأولى خاصة بالفرد (ذاتية)، وتتمثل في إرادة البطولة في الإمام محمد بن سعود وفي عقبه من بعده لثلاثة قرون متتالية، وإرادة البطولة ثمنها غالٍ ومكلف جداً، (لولا المشقة لساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال)، وقد دفعت هذه السلالة العريقة أكلاف البطولة (سجناً ومنفىً ودماً) مرِّات ومرَّات قرناً إثر قرن، كتعبير عن الفاعلية الثانية الخاصة بالظرف التاريخي خلال ثلاثة قرون، تتكرر فيها استجابة المكونات الداخلية لهذه البطولة بالقبول والولاء والطاعة، ولهذا من حق المنصفين أن يروا في الملك عبدالعزيز وذريته وصولاً إلى ذرى أرومتهم الخالصة النبيلة في 1727م أكثر مما قاله هيجل في وصف نابليون عندما رآه: (إنه التاريخ يركب حصاناً). قد يستغرب البعض هذا الربط بين الحرية والعقل وفق الشرط الهيجلي وبين الإمام محمد بن سعود، والسبب يعود إلى مفهوم الحرية القلق عند هؤلاء البعض، بينما التزامنا بالشرط الهيجلي يفسر لماذا كان حرص الإمام محمد بن سعود على إقامة الدين ونبذ البدع مكوناً مهما في (حركة التاريخ)؟ لأن فيها تحقيقاً للحرية بالمعنى الديني في (لا إله معبود بحق إلا الله)، وهذا الشرط في الحرية هو ما كانت تتعطش له جزيرة العرب أمام الخرافات التي يغذيها العثمانيون أكثر وأكثر، ليأتي الإمام محمد بن سعود فيمنح أبناء جزيرة العرب ما تحتاجه قلوبهم من (تحرر روحي/عقائدي)، ينعكس على واقعهم التاريخي طلباً للحرية ورفعاً للضيم بالمعنى الهيجلي، فإن تفاخرت العراق والشام بعروبتها التي استحلبتها من مدارس استعمارية لترجمات غربية عن القومية، فإن لنا الفخر بأننا قوميون عروبيون على السليقة منذ أسلافنا على هذه الأرض، فكانت جيلاً إثر جيل حتى تجلت المملكة العربية السعودية حامية شوكتنا ومعنى وجودنا السياسي، بكل ما في العروبة من سليقة وصفاء وما في الدين من فطرة ونقاء، دون حاجة إلى أيديولوجيا قومية عفلقية أو ناصرية، أو دينية إخوانية (قطبية أو سرورية)، بل سعودية شعارها سيفان ونخلة عربية كريمة، رايتها سيف تحت رمز حريتها في (نفي العبودية لغير الله) مع خلفية خضراء كإشارة للرخاء والنماء بإذن ربها، ويبقى لنا الفخر بالعاصمة (الرياض) كقلب جزيرة العرب، ومنها كانت العروبة بالفطرة والسليقة لا بالأيديولوجيا، وعلى أرضنا الحرمين، مكي يستقبله مليار ونصف مسلم، ومدني نجاور فيه نبي هذه الأمة وآله الطيبين الطاهرين وصحابته الكرام، فهل عرفنا الفرق بين فخرنا العربي والديني وتفاخر غيرنا، وشتان ما بين الفخر بيوم التأسيس قبل ثلاثة قرون والتفاخر بيوم الجلاء قبل أمس.