أحدث الأخبار مع #هاشم_النمر

العربية

النمر لـ"العربية.نت: بدأت فكرتها من نقاش بين شبان وأصبحت كيان مؤسسي

من قلب جدة التاريخية، ومن بين أزقتها العتيقة التي تختزن ذاكرة المكان والإنسان، انطلقت فكرة بين أبناء المدينة، تحولت مع الوقت، من دردشات إلى كيان مؤسسي نابض بالحياة. سمي ذلك الكيان "جمعية المشورة الاجتماعية"، وهي ليست مجرد مبادرة تطوعية، بل تجسيد حيّ لروح الانتماء والوعي المجتمعي، وحملت على عاتقها إعادة الهوية الجداوية، لتكون منصّة تحتضن الثقافة، وتحفّز التكافل، وتزرع أثرًا عميقًا في حياة الناس. — Mishwarah social society (@MishwarahS) April 20, 2025 الدكتور هاشم النمر، رئيس مجلس إدارة الجمعية، يروي قصة ولادتها، معتبراً أن الحاجة كانت أساس إطلاقها، إلى أن باتت نموذجًا يُحتذى في العمل المؤسسي ذي البعد الثقافي والاجتماعي، ففي حديث مع "العربية.نت"، يكشف النمر، عن أن فكرة تأسيس الجمعية الاجتماعية انطلقت من بعض الشباب من أبناء جدة، وهم يشكلون مجموعة على تطبيق واتساب، تضم نخبة من أبناء العائلات العريقة التي تقطن منطقة جدة التاريخية. من 2 والفكرة كما يؤكد النمر، نتيجة نقاشات متواصلة بين الأعضاء حول أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية لمدينة جدة، وضرورة وجود كيان مؤسسي يُعنى بالتراث المحلي والتكافل المجتمعي. وفي 6 مارس 2017، عُقد الاجتماع التأسيسي الأول في أحد مطاعم المنطقة التاريخية، بحضور 23 عضوًا مؤسسًا، وخلصوا إلى إنشاء جمعية غير ربحية تنطلق من عمق الهوية الجداوية. وتمخض الاجتماع في حينها عن إعداد وثيقة التأسيس الرسمية، ورفعها إلى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للحصول على الاعتماد الرسمي. رؤية اجتماعية تستند إلى هوية ثقافية منذ تأسيسها، سعت الجمعية إلى سد عدد من الفجوات المجتمعية، وأبرزها ضعف المبادرات المنظمة المعنية بالثقافة الجداوية، وغياب الحاضنة المؤسسية للمبادرات الفردية والتطوعية، فضلًا عن حاجة بعض الفئات المجتمعية إلى دعم اجتماعي وتنموي يتكامل مع البعد الثقافي والتراثي. وطبقاً للنمر، فإن الجمعية تركز على استهداف الفئات الأكثر احتياجًا من مختلف الشرائح الاجتماعية، مثل النساء والفتيات، من خلال برامج التمكين المهاري والثقافي، والأيتام وكبار السن عبر مبادرات ترفيهية وروحانية، والأسر ذات الدخل المحدود عبر دعم موسمي ومجتمعي، إضافة إلى المهتمين بالتراث الثقافي من مختلف الأعمار. وتضمن الجمعية وصول خدماتها من خلال قواعد بيانات محدثة بالتعاون مع شركاء محليين، وآليات تقييم دقيقة لمستوى الحاجة والاستجابة، إلى جانب حملات تعريفية وتوعوية ميدانية ورقمية، واستقطاب متطوعين من نفس الأحياء لتعزيز الأثر المحلي. مرونة في البرامج واحترافية في الأداء وتعتمد الجمعية على آلية رصد احتياج مجتمعي محدثة باستمرار، مع مرونة في تصميم وتحديث البرامج حسب المتغيرات، فيما تلتزم بمعايير جودة تشمل السرية التامة والاحترافية في تقديم الخدمة، ومراعاة الفروقات الثقافية والاجتماعية، وأثبتت جاهزيتها في الأزمات، مثل جائحة كورونا، حيث أطلقت حملات توعية رقمية وبرامج دعم نفسي مجتمعي عززت من مكانتها كمصدر موثوق للمشورة والدعم. وأطلقت الجمعية حزمة من المبادرات التي تعكس رؤيتها في تعزيز الثقافة المحلية وربط المجتمع بموروثه. ومن أبرز هذه المبادرات منها برنامج المشورة الثقافي – جدة التاريخية: منصة لإبراز البعد التاريخي والحضاري عبر فعاليات حوارية ومعارض تفاعلية. وبرنامج تدريب الحرف اليدوية: يشمل دورات في الطبخ الحجازي، والتطريز، والخياطة؛ لتمكين النساء ثقافيًا واقتصاديًا، وبرنامج لافتات الإرشاد المكاني وهو مشروع توعوي لإنتاج لافتات مستوحاة من الثقافة الحجازية، متكامل مع توثيق التاريخ الشفهي من روايات كبار السن، ومبادرة "كلنا لهم عزوة"، لدعم الأسر المتعففة بطريقة تحفظ الكرامة وتعزز التكافل ورحلات ثقافية وترفيهية للأيتام: تهدف إلى تعليمهم موروث المدينة في قالب ترفيهي وتفاعلي. قياس الأثر.. لغة الأرقام والانطباعات وحول تقييم خدمات المشورة التي تقدمها الجمعية، أكد النمر أن الجمعية تعتمد على مؤشرات تقييم واضحة، تشمل الجوانب الكمية مثل عدد المستفيدين وتكرار الاستفادة، والجوانب النوعية مثل تحوّل السلوكيات، ونسب الرضا ومن أبرز النتائج، وجود أكثر من 3000 مستفيد في الأعوام الأخيرة، وارتفاع مؤشرات الرضا المجتمعي، إلى جانب تعزيز الشراكات، ووجود مراجعة داخلية دورية، بالإضافة إلى تقارير أثر نوعية تُعد بالشراكة مع الجهات المانحة. شبكة شراكات تعزز التكامل وتوسّع التأثير وتتبنى الجمعية مبدأ "التكامل لا التكرار"، وقد أنشأت شبكة شراكات متنوعة شملت القطاع الثقافي، مثل نادي جدة الأدبي، والمقعد الثقافي الحجازي والقطاع الحكومي، كأمانة جدة، وبنك التنمية الاجتماعيةوالقطاع غير الربحي، مع جمعيات تعنى بالأسر، الصحة، والحرف والقطاع الخاص، عبر شركات دعم مجتمعي، ومكاتب استشارية، كما تستعد لتوقيع عدد من مذكرات التفاهم في عام 2026 مع جهات تعليمية وثقافية لتوسيع دائرة الأثر. نحو مرجعية وطنية في الثقافة المجتمعية ويوضح النمر أن الجمعية تسعى إلى أن تكون مرجعًا وطنيًا في المجال الثقافي المجتمعي، عبر محاور استراتيجية تشمل التوسع الجغرافي: بنقل التجربة إلى مناطق أخرى بالمملكة والتخصص الثقافي: من خلال تأسيس مركز توثيق للتراث الثقافي (المادي وغير المادي) لمدينة جدة والاستدامة المالية: بتنمية الأوقاف والمشاريع المدرة للدخل لدعم البرامج، وتطمح "جمعية المشورة" لأن تكون نموذجًا رائدًا في تحويل الثقافة إلى قوة تمكين مجتمعي.