logo
#

أحدث الأخبار مع #هديلرشاد

هولوكوست العصر في غزة!
هولوكوست العصر في غزة!

صحيفة الشرق

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • صحة
  • صحيفة الشرق

هولوكوست العصر في غزة!

225 هديل رشاد في مشهد تراجيدي يلخّص حجم الجريمة، لفظت الرضيعة جنان السكافي أنفاسها الأخيرة بين ذراعي والدتها، التي تمتمت بانكسار: 'ما قدرت أطعمي بنتي… ماتت وأنا بتفرّج عليها.' لم تمت جنان بسبب عارض صحي، بل ماتت — أو بالأحرى، استُشهدت — ثمنًا للعرق الذي تنتمي إليه. استُشهدت لتدفع ثمن وحشية الكيان المحتل الذي يستخدم سياسة التجويع والعقاب الجماعي على كل ما هو فلسطيني. فالغذاء بات جريمة، وحليب الأطفال أصبح ورقة ضغط يمارسها الاحتلال لكسر شوكة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. منذ السابع من أكتوبر 2023، تحوّل قطاع غزة إلى معسكر احتجاز جماعي، تحت حصار خانق يفرضه الكيان المحتل الذي يُدعى 'إسرائيل'، حيث تُمنع المساعدات الإنسانية، ويُستخدم التجويع بشكل ممنهج كسلاح حرب، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وسط صمت عالمي مريب. مجاعة ممهورة باسم الكيان المحتل، وموت معلن تُشاهَد تفاصيله على الشاشات، ثم يُطوى كما تُطوى أي صورة مأساوية في نشرات الأخبار، دون تحرّك جاد أو محاسبة. ووفق وزارة الصحة في غزة، استُشهد 57 شخصًا على الأقل حتى الآن بسبب الجوع، معظمهم من الأطفال والرضّع. في الوقت ذاته، يعاني أكثر من 66 ألف طفل من سوء تغذية حاد، بحسب وكالة 'الأونروا'. وتشير بيانات برنامج الغذاء العالمي إلى أن أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة — أي نصف السكان — على حافة مجاعة كارثية في ظل انعدام شبه كامل للأمن الغذائي. وفي هذا السياق، وصفت أولغا تشيرنيوك، المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ما يجري بأنه 'إغلاق وحشي'، قائلة: 'السلطات الإسرائيلية لا تسمح بدخول المساعدات بشكل كافٍ، والوضع يزداد كارثية… هذا استخدام للجوع كسلاح، وهذه جريمة حرب.' وأضافت: 'المجتمع الدولي فشل تمامًا في حماية المدنيين، وما يحدث في غزة يجب أن يحرّك ضمير العالم.' لكن العالم لم يتحرّك. كل ما قُدِّم كان مئات البيانات المكررة من شجب وإدانة واستنكار تثير الاشمئزاز. لا ضغط حقيقي على حكومة الكيان المحتل، فلا قرارات ملزِمة تُنفّذ، ولا عقوبات تُفرض على هذا الكيان الذي يعيث فسادًا بغطاء أمريكي وغربي، ليصنع هولوكوست العصر بوسائل حديثة، والمجتمع الدولي في حالة شلل إرادي، يُريد أن يبقى متفرجًا، ويكتب نفسه في خانة رمادية يلفّها عار لن يسقط بالتقادم. فبدلًا من كسر الحصار أو تأمين ممرات إنسانية دائمة، انشغل كثيرون بصبّ جام غضبهم على المقاومة، وتحميلها مسؤولية ما تكابده غزة منذ أكثر من 18 شهرًا، بل والضغط عليها لتسليم سلاحها الذي لم يكن ليكون لولا الاحتلال. وكأن حق الفلسطينيين في البقاء مشروط بطاعتهم وخضوعهم. يُطلب من الضحية أن تخلع درعها بينما السكين مسلّط على رقبتها! في مخيمات النزوح في رفح، حيث يعيش مئات الآلاف في خيام متهالكة، لا ماء صالح للشرب، لا طعام، لا كهرباء. الأهالي يطحنون علف الحيوانات لصنع خبز بالكاد يُؤكل، الأطفال يمصّون أصابعهم جوعًا، والأمهات يخفين دموع العجز تحت غطاء الصبر الإجباري. المشهد ليس مجرد أزمة إنسانية؛ بل هو جريمة موثقة، تنتهك المادة 14 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، التي تحظر تجويع المدنيين كسلاح حرب. والأدهى أن كل هذا يُمارَس أمام مرأى وسمع العالم، وكأن حياة الفلسطينيين رخيصة إلى درجة لا تستحق حتى جلسة طارئة فاعلة. المطلوب ليس بيانات جديدة، ولا صورًا مؤلمة إضافية؛ بل تحرّك فوري لفتح الممرات الإنسانية، وإنهاء الحصار، ومحاسبة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية، وتوفير الحماية الدولية للمدنيين، فما يحدث في غزة اليوم ليس كارثة طبيعية، بل جريمة متعمدة. هولوكوست جديد تصنعه إسرائيل بلا غرف غاز، ولكن بأدوات أشد بطئًا وفتكًا: التجويع، والتعطيش، وتدمير المنشآت الصحية، ومنع الدواء. ختاما... سأختم وقلبي يقطر دماً حيث يستحضرني هنا موقف بعض رجالات قريش في فك الحصار عن بني هاشم، ومنها ما قاله زهير بن أبي أمية: «يا أهل مكة أنأكل الطعام، ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى، لا يباعون ولا يبتاع منهم، والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة»، فإلى أي حد بلغ فينا الحال!، فإن لم يتحرك العالم الآن من مشارقه حتى مغاربه، فلن ينسى التاريخ… وسيسجّل أن هناك بقعة في هذا العالم ماتت جوعًا، وأخرى ماتت عارًا وهي تتفرج. مساحة إعلانية

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store