logo
#

أحدث الأخبار مع #و»باركليز»

انخفاض أسعار النفط: نعمة مؤقتة أم تحول استراتيجي؟*هاشم عقل
انخفاض أسعار النفط: نعمة مؤقتة أم تحول استراتيجي؟*هاشم عقل

Amman Xchange

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • أعمال
  • Amman Xchange

انخفاض أسعار النفط: نعمة مؤقتة أم تحول استراتيجي؟*هاشم عقل

الدستور في مشهد متقلب تعوّد عليه العالم منذ أزمات الطاقة في السبعينيات، يعود النفط مجددًا إلى واجهة النقاش الاقتصادي العالمي، ليس بسبب الارتفاع هذه المرة، بل على العكس تمامًا: انخفاض لافت في الأسعار يتوقع أن يستمر خلال عامي 2025 و2026. فبين قرارات الإنتاج في أوبك+، وتباطؤ النمو في الاقتصادات الكبرى، واتساع دائرة الطاقة المتجددة، يبدو أن أسواق النفط تستعد لفصل جديد قد يُعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي. مؤشرات واضحة لانخفاض طويل الأم تشير التوقعات الصادرة عن مؤسسات مالية دولية وهيئات طاقة مستقلة إلى أن أسعار النفط قد تنخفض إلى مستويات لم تشهدها منذ أكثر من خمس سنوات. إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) خفّضت توقعاتها لسعر خام برنت إلى 65.85 دولارًا للبرميل في عام 2025، على أن ينخفض أكثر إلى 59.24 دولارًا في عام 2026. وتذهب بنوك استثمار كبرى مثل «غولدمان ساكس» و»باركليز» إلى توقعات أكثر تحفظًا، متحدثة عن متوسط يتراوح بين 56 و60 دولارًا للبرميل في العامين القادمين. هذه التوقعات لا تأتي من فراغ. فمن جهة، أعلنت منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك+» عن زيادات تدريجية في الإنتاج ابتداءً من منتصف عام 2025، بمقدار يصل إلى 411 ألف برميل يوميًا، ما يُرجّح حدوث تخمة في المعروض. ومن جهة أخرى، فإن الطلب العالمي على النفط لا ينمو بنفس الوتيرة السابقة، حيث تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يزداد الطلب بمقدار 730 ألف برميل يوميًا في 2025، و690 ألف برميل في 2026، وهو أبطأ من المعدلات التاريخية. محركات الانخفاض: الإنتاج والطلب والبدائل التحول الحاصل في أسواق النفط يعود لعدة أسباب متراكبة: عودة أوبك+ لسياسات الإنتاج المرتفع: في محاولة للحفاظ على حصص السوق، وتبنّى التحالف سياسة رفع الإنتاج تدريجيًا بعد سنوات من تقليصه لدعم الأسعار. التباطؤ الاقتصادي العالمي: الصين، المحرك التقليدي لطلب الطاقة، تعاني من تباطؤ في النمو الصناعي، وأوروبا تشهد ركودًا جزئيًا، فيما تشير التوقعات إلى تباطؤ في النمو الأمريكي عام 2026. الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية: التحول المتسارع نحو الطاقة النظيفة وزيادة الاعتماد على السيارات الكهربائية يؤدي إلى انخفاض تدريجي في الطلب على النفط، خصوصًا في قطاع النقل. التوترات الجيوسياسية والبدائل اللوجستية: تراجع الاعتماد على النفط كمصدر طاقة إستراتيجي في بعض المناطق، وزيادة قدرات التخزين والتحول إلى بدائل مثل الغاز المسال، يؤثر على قوة النفط التفاوضية في الأسواق. انعكاسات محتملة على الدول المنتجة والمستوردة بالنسبة للدول المصدّرة للنفط، خصوصًا تلك التي تعتمد على العائدات النفطية بشكل رئيس، فإن هذا الانخفاض يعني عجزًا أكبر في الميزانيات، وتحديات في تمويل خطط التنمية. دول مثل العراق، فنزويلا، ستكون مضطرة إلى إعادة النظر في سياساتها المالية وربما خصخصة بعض أصولها لتعويض النقص في الإيرادات. أما الدول المستوردة مثل الأردن، فقد يشكل تراجع الأسعار فرصة لتخفيف الأعباء على ميزان المدفوعات، وتقليل تكلفة دعم الطاقة، خاصة ان الحكومات تعمل على تمرير هذا التراجع إلى المستهلكين. ومع ذلك، قد يترتب على انخفاض أسعار النفط تراجع في الإيرادات الضريبية المفروضة على المحروقات، ما يشكل تحديًا للموازنات العامة. أسئلة المرحلة المقبلة رغم الطمأنينة النسبية التي توفرها الأسعار المنخفضة للمستهلكين والدول غير النفطية، إلا أن هناك مجموعة من الأسئلة الكبرى التي تطرح نفسها في أفق 2026: هل ستتمكن أوبك+ من تعديل سياساتها سريعًا في حال تدهورت الأسعار دون العتبة المقبولة اقتصاديًا؟ هل سيكون لانخفاض الأسعار أثر تحفيزي على الطلب، أم أن التحول للطاقة المتجددة سيستمر في تقليص الاعتماد على النفط؟ كيف ستتأثر استثمارات الطاقة في ظل تراجع العوائد النفطية؟ هل نشهد تباطؤًا في تمويل مشاريع التنقيب الجديدة؟ النفط، الذي لطالما كان سلعة استراتيجية تحكمها قواعد العرض والطلب، دخل اليوم مرحلة جديدة من عدم اليقين. فبين ارتفاع الإنتاج، وتباطؤ الطلب، وتقدم التكنولوجيا، يبدو أن العالم متجه نحو توازنات جديدة. وعلى الدول، سواء المنتجة أو المستوردة، أن تعيد حساباتها الاقتصادية وفق هذه المتغيرات، وأن تهيئ نفسها لواقع لم يعد فيه النفط «ملك الأسواق» كما كان سابقًا، بل جزءًا من منظومة طاقة عالمية أكثر تنوعًا وتقلبًا.

انخفاض أسعار النفط: نعمة مؤقتة أم تحول استراتيجي؟
انخفاض أسعار النفط: نعمة مؤقتة أم تحول استراتيجي؟

الدستور

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • أعمال
  • الدستور

انخفاض أسعار النفط: نعمة مؤقتة أم تحول استراتيجي؟

قراءة في مستقبل النفط عالميًا بين 2025 و2026 في مشهد متقلب تعوّد عليه العالم منذ أزمات الطاقة في السبعينيات، يعود النفط مجددًا إلى واجهة النقاش الاقتصادي العالمي، ليس بسبب الارتفاع هذه المرة، بل على العكس تمامًا: انخفاض لافت في الأسعار يتوقع أن يستمر خلال عامي 2025 و2026. فبين قرارات الإنتاج في أوبك+، وتباطؤ النمو في الاقتصادات الكبرى، واتساع دائرة الطاقة المتجددة، يبدو أن أسواق النفط تستعد لفصل جديد قد يُعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي. مؤشرات واضحة لانخفاض طويل الأم تشير التوقعات الصادرة عن مؤسسات مالية دولية وهيئات طاقة مستقلة إلى أن أسعار النفط قد تنخفض إلى مستويات لم تشهدها منذ أكثر من خمس سنوات. إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) خفّضت توقعاتها لسعر خام برنت إلى 65.85 دولارًا للبرميل في عام 2025، على أن ينخفض أكثر إلى 59.24 دولارًا في عام 2026. وتذهب بنوك استثمار كبرى مثل «غولدمان ساكس» و»باركليز» إلى توقعات أكثر تحفظًا، متحدثة عن متوسط يتراوح بين 56 و60 دولارًا للبرميل في العامين القادمين. هذه التوقعات لا تأتي من فراغ. فمن جهة، أعلنت منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك+» عن زيادات تدريجية في الإنتاج ابتداءً من منتصف عام 2025، بمقدار يصل إلى 411 ألف برميل يوميًا، ما يُرجّح حدوث تخمة في المعروض. ومن جهة أخرى، فإن الطلب العالمي على النفط لا ينمو بنفس الوتيرة السابقة، حيث تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يزداد الطلب بمقدار 730 ألف برميل يوميًا في 2025، و690 ألف برميل في 2026، وهو أبطأ من المعدلات التاريخية. محركات الانخفاض: الإنتاج والطلب والبدائل التحول الحاصل في أسواق النفط يعود لعدة أسباب متراكبة: عودة أوبك+ لسياسات الإنتاج المرتفع: في محاولة للحفاظ على حصص السوق، وتبنّى التحالف سياسة رفع الإنتاج تدريجيًا بعد سنوات من تقليصه لدعم الأسعار. التباطؤ الاقتصادي العالمي: الصين، المحرك التقليدي لطلب الطاقة، تعاني من تباطؤ في النمو الصناعي، وأوروبا تشهد ركودًا جزئيًا، فيما تشير التوقعات إلى تباطؤ في النمو الأمريكي عام 2026. الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية: التحول المتسارع نحو الطاقة النظيفة وزيادة الاعتماد على السيارات الكهربائية يؤدي إلى انخفاض تدريجي في الطلب على النفط، خصوصًا في قطاع النقل. التوترات الجيوسياسية والبدائل اللوجستية: تراجع الاعتماد على النفط كمصدر طاقة إستراتيجي في بعض المناطق، وزيادة قدرات التخزين والتحول إلى بدائل مثل الغاز المسال، يؤثر على قوة النفط التفاوضية في الأسواق. انعكاسات محتملة على الدول المنتجة والمستوردة بالنسبة للدول المصدّرة للنفط، خصوصًا تلك التي تعتمد على العائدات النفطية بشكل رئيس، فإن هذا الانخفاض يعني عجزًا أكبر في الميزانيات، وتحديات في تمويل خطط التنمية. دول مثل العراق، فنزويلا، ستكون مضطرة إلى إعادة النظر في سياساتها المالية وربما خصخصة بعض أصولها لتعويض النقص في الإيرادات. أما الدول المستوردة مثل الأردن، فقد يشكل تراجع الأسعار فرصة لتخفيف الأعباء على ميزان المدفوعات، وتقليل تكلفة دعم الطاقة، خاصة ان الحكومات تعمل على تمرير هذا التراجع إلى المستهلكين. ومع ذلك، قد يترتب على انخفاض أسعار النفط تراجع في الإيرادات الضريبية المفروضة على المحروقات، ما يشكل تحديًا للموازنات العامة. أسئلة المرحلة المقبلة رغم الطمأنينة النسبية التي توفرها الأسعار المنخفضة للمستهلكين والدول غير النفطية، إلا أن هناك مجموعة من الأسئلة الكبرى التي تطرح نفسها في أفق 2026: هل ستتمكن أوبك+ من تعديل سياساتها سريعًا في حال تدهورت الأسعار دون العتبة المقبولة اقتصاديًا؟ هل سيكون لانخفاض الأسعار أثر تحفيزي على الطلب، أم أن التحول للطاقة المتجددة سيستمر في تقليص الاعتماد على النفط؟ كيف ستتأثر استثمارات الطاقة في ظل تراجع العوائد النفطية؟ هل نشهد تباطؤًا في تمويل مشاريع التنقيب الجديدة؟ النفط، الذي لطالما كان سلعة استراتيجية تحكمها قواعد العرض والطلب، دخل اليوم مرحلة جديدة من عدم اليقين. فبين ارتفاع الإنتاج، وتباطؤ الطلب، وتقدم التكنولوجيا، يبدو أن العالم متجه نحو توازنات جديدة. وعلى الدول، سواء المنتجة أو المستوردة، أن تعيد حساباتها الاقتصادية وفق هذه المتغيرات، وأن تهيئ نفسها لواقع لم يعد فيه النفط «ملك الأسواق» كما كان سابقًا، بل جزءًا من منظومة طاقة عالمية أكثر تنوعًا وتقلبًا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store