#أحدث الأخبار مع #وابنالهيثمالاتحاد٠٤-٠٢-٢٠٢٥علومالاتحادالشرق الأوسط الجديد.. بين أمجاد الماضي وتحديات المستقبلالشرق الأوسط الجديد.. بين أمجاد الماضي وتحديات المستقبل لطالما كان العالم العربي قلب الحضارة، ومركزاً للعلم والاكتشاف، حيث أسهم علماؤه في بناء المعرفة الإنسانية. ابن سينا في الطب، والخوارزمي في الرياضيات، وابن الهيثم في البصريات، والفرغاني والبتاني في الفلك، كلهم كانوا جزءاً من نهضة علمية جعلت من العواصم العربية منارات للعلم والابتكار. كانت بغداد، قرطبة، دمشق، والقاهرة وجهات يقصدها الباحثون من كل أنحاء العالم، ليس فقط لنقل المعرفة، بل للمساهمة في تطويرها، وتوسيع آفاقها. لكن أين نحن اليوم من ذلك المجد؟ لقد أصبح العالم العربي غارقاً في الصراعات السياسية والنزاعات الطائفية، بينما تسير بقية الأمم بخطى ثابتة نحو التقدم والابتكار. في الوقت الذي أصبحت فيه التكنولوجيا هي مفتاح النفوذ والقوة، ما زال العرب يعانون التبعية العلمية والاقتصادية. بعضهم استطاع أن يشق طريقه نحو المستقبل، بينما آخرون عالقون في مستنقع الخلافات القديمة التي لم تؤدِ سوى إلى مزيد من التراجع والتفكك. السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل يستطيع العرب إعادة بناء حضارتهم؟ أم أنهم سيظلون أسرى الماضي وصراعاته؟ التاريخ يعيد نفسه، فما حدث مع سقوط الخلافة العباسية لم يكن فقط بسبب قوة المغول، بل كان نتيجة الخيانة الداخلية، حيث تواطأ ابن العلقمي مع الغزاة، وسهّل دخولهم إلى بغداد عام 1258، ما أدى إلى مجزرة مروعة وسقوط واحدة من أعظم العواصم الإسلامية. الأمر ذاته تكرر مع الدولة العثمانية، حيث تحالفت الدولة الصفوية في إيران مع القوى الأوروبية لضرب العثمانيين، مما أدى إلى إنهاك الإمبراطورية واستنزافها في حروب طائفية داخلية. حتى الأندلس لم تسقط فقط بالقوة العسكرية الإسبانية، بل نتيجة الخلافات بين دويلات إسلامية آنذاك، حيث استنجد بعضها بالأعداء ضد البعض الآخر، ولم يدركوا أنهم جميعاً كانوا يسيرون نحو المصير ذاته. ما أشبه اليوم بالأمس، فما زالت بعض الدول العربية غارقة في النزاعات الداخلية، حيث يُستخدم الانقسام الطائفي والمذهبي كأداة لضرب استقرار المنطقة. ومع كل حرب جديدة، تخسر الأمة جزءاً من أراضيها واقتصادها واستقلالها السياسي، بينما القوى الكبرى تستفيد من هذا التشرذم. يبدو أن الدرس لم يُستوعب بعد، رغم أن التاريخ قدم أدلة كافية على أن التفرقة لم تكن يوماً طريقاً للنهوض، بل كانت دائماً سبباً في السقوط. ورغم ذلك، هناك دول عربية قررت ألا تكون جزءاً من هذه الدوامة، فاختارت الاستثمار في الإنسان والاقتصاد والمعرفة. الإمارات العربية المتحدة، التي كانت قبل خمسين عاماً مجرد صحراء، استطاعت أن تصبح أحد المراكز الاقتصادية والتكنولوجية الرائدة في العالم، حيث أطلقت مشاريع طموحة في الفضاء والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي. السعودية بدورها انطلقت برؤية 2030، وهي خطة اقتصادية طموحة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، والاستثمار في الصناعة والتكنولوجيا، وبناء مشاريع كبرى مثل نيوم، الذي يسعى ليكون مركزاً عالمياً للابتكار. قطر، التي ركزت على التعليم والتنمية البشرية، أصبحت قوة إعلامية وتعليمية مؤثرة، واستطاعت تقديم صورة مشرّفة للعالم من خلال استضافة كأس العالم 2022، الذي لم يكن مجرد حدث رياضي، بل رسالة مفادها أن الدول العربية قادرة على تحقيق إنجازات عالمية إذا توفرت الإرادة والرؤية الواضحة. في المقابل، هناك دول عربية أخرى لا تزال غارقة في الفوضى، ما يجعل الفجوة بينها وبين الدول التي اختارت طريق التقدم تتسع يوماً بعد يوم. العالم العربي يمتلك ثروات طبيعية ضخمة، وموارد بشرية هائلة، لكنه يفتقد إلى الرؤية الموحدة التي تضعه على خارطة الدول المتقدمة. لماذا لا يكون هناك مركز عربي موحد للبحث والتطوير، يضم نخبة العقول العربية في الداخل والخارج للعمل على مشاريع تقنية وصناعية تحقق الاستقلال الاقتصادي للمنطقة؟ لماذا لا تُنشأ جمعية للعلماء العرب، تماماً كما توجد جمعيات علمية في الدول المتقدمة، تكون مسؤولة عن توجيه الأبحاث نحو مجالات تحتاجها المنطقة؟ لماذا لا يكون هناك اتحاد عربي للابتكار والتكنولوجيا، يشرف على تطوير الصناعات العربية بدلاً من الاعتماد على استيراد كل شيء من الغرب؟ النهضة لن تأتي من الخطابات العاطفية ولا من الأمنيات، بل تحتاج إلى قرارات جريئة واستثمار حقيقي في التعليم، البحث العلمي، والتكنولوجيا. بدلاً من إنفاق المليارات على الصراعات، لماذا لا تُستثمر هذه الأموال في بناء جامعات ومراكز أبحاث قادرة على المنافسة عالمياً؟ لماذا لا يكون هناك اكتفاء ذاتي في الغذاء والتكنولوجيا والصناعة بدلاً من الاعتماد المستمر على الخارج؟ إن الدول العظمى لا تُحترم لأنها تمتلك جيوشاً قوية فقط، بل لأنها تملك اقتصادات متينة وبنية تحتية معرفية متقدمة. وبدلاً من أن يكون العرب مستهلكين، يجب أن يتحولوا إلى منتجين للمعرفة والصناعة، وإلا فسيبقون دائماً في موقع التابع، لا القائد. العالم لا ينتظر أحداً، ومن يقرر التمسك بالماضي سيظل متأخراً. الشرق الأوسط الجديد لن يكون واقعاً إلا إذا تحررت المنطقة من عقلية التبعية والخلافات الداخلية، وبدأت فعلياً في بناء مستقبلها من خلال التعليم، البحث العلمي، والاستثمار في الإنسان. لماذا لا يكون هناك مشروع عربي موحد للنهوض بالعلم والصناعة؟ لماذا لا تتبنى الدول العربية رؤية مشتركة للتحول إلى قوى اقتصادية وتكنولوجية؟ الجواب بسيط: النهضة ليست حلماً، لكنها قرار يحتاج إلى إرادة سياسية واستراتيجية واضحة. فإما أن ينهض العرب، أو أن يبقوا خارج حسابات المستقبل. *لواء ركن طيار متقاعد
الاتحاد٠٤-٠٢-٢٠٢٥علومالاتحادالشرق الأوسط الجديد.. بين أمجاد الماضي وتحديات المستقبلالشرق الأوسط الجديد.. بين أمجاد الماضي وتحديات المستقبل لطالما كان العالم العربي قلب الحضارة، ومركزاً للعلم والاكتشاف، حيث أسهم علماؤه في بناء المعرفة الإنسانية. ابن سينا في الطب، والخوارزمي في الرياضيات، وابن الهيثم في البصريات، والفرغاني والبتاني في الفلك، كلهم كانوا جزءاً من نهضة علمية جعلت من العواصم العربية منارات للعلم والابتكار. كانت بغداد، قرطبة، دمشق، والقاهرة وجهات يقصدها الباحثون من كل أنحاء العالم، ليس فقط لنقل المعرفة، بل للمساهمة في تطويرها، وتوسيع آفاقها. لكن أين نحن اليوم من ذلك المجد؟ لقد أصبح العالم العربي غارقاً في الصراعات السياسية والنزاعات الطائفية، بينما تسير بقية الأمم بخطى ثابتة نحو التقدم والابتكار. في الوقت الذي أصبحت فيه التكنولوجيا هي مفتاح النفوذ والقوة، ما زال العرب يعانون التبعية العلمية والاقتصادية. بعضهم استطاع أن يشق طريقه نحو المستقبل، بينما آخرون عالقون في مستنقع الخلافات القديمة التي لم تؤدِ سوى إلى مزيد من التراجع والتفكك. السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل يستطيع العرب إعادة بناء حضارتهم؟ أم أنهم سيظلون أسرى الماضي وصراعاته؟ التاريخ يعيد نفسه، فما حدث مع سقوط الخلافة العباسية لم يكن فقط بسبب قوة المغول، بل كان نتيجة الخيانة الداخلية، حيث تواطأ ابن العلقمي مع الغزاة، وسهّل دخولهم إلى بغداد عام 1258، ما أدى إلى مجزرة مروعة وسقوط واحدة من أعظم العواصم الإسلامية. الأمر ذاته تكرر مع الدولة العثمانية، حيث تحالفت الدولة الصفوية في إيران مع القوى الأوروبية لضرب العثمانيين، مما أدى إلى إنهاك الإمبراطورية واستنزافها في حروب طائفية داخلية. حتى الأندلس لم تسقط فقط بالقوة العسكرية الإسبانية، بل نتيجة الخلافات بين دويلات إسلامية آنذاك، حيث استنجد بعضها بالأعداء ضد البعض الآخر، ولم يدركوا أنهم جميعاً كانوا يسيرون نحو المصير ذاته. ما أشبه اليوم بالأمس، فما زالت بعض الدول العربية غارقة في النزاعات الداخلية، حيث يُستخدم الانقسام الطائفي والمذهبي كأداة لضرب استقرار المنطقة. ومع كل حرب جديدة، تخسر الأمة جزءاً من أراضيها واقتصادها واستقلالها السياسي، بينما القوى الكبرى تستفيد من هذا التشرذم. يبدو أن الدرس لم يُستوعب بعد، رغم أن التاريخ قدم أدلة كافية على أن التفرقة لم تكن يوماً طريقاً للنهوض، بل كانت دائماً سبباً في السقوط. ورغم ذلك، هناك دول عربية قررت ألا تكون جزءاً من هذه الدوامة، فاختارت الاستثمار في الإنسان والاقتصاد والمعرفة. الإمارات العربية المتحدة، التي كانت قبل خمسين عاماً مجرد صحراء، استطاعت أن تصبح أحد المراكز الاقتصادية والتكنولوجية الرائدة في العالم، حيث أطلقت مشاريع طموحة في الفضاء والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي. السعودية بدورها انطلقت برؤية 2030، وهي خطة اقتصادية طموحة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، والاستثمار في الصناعة والتكنولوجيا، وبناء مشاريع كبرى مثل نيوم، الذي يسعى ليكون مركزاً عالمياً للابتكار. قطر، التي ركزت على التعليم والتنمية البشرية، أصبحت قوة إعلامية وتعليمية مؤثرة، واستطاعت تقديم صورة مشرّفة للعالم من خلال استضافة كأس العالم 2022، الذي لم يكن مجرد حدث رياضي، بل رسالة مفادها أن الدول العربية قادرة على تحقيق إنجازات عالمية إذا توفرت الإرادة والرؤية الواضحة. في المقابل، هناك دول عربية أخرى لا تزال غارقة في الفوضى، ما يجعل الفجوة بينها وبين الدول التي اختارت طريق التقدم تتسع يوماً بعد يوم. العالم العربي يمتلك ثروات طبيعية ضخمة، وموارد بشرية هائلة، لكنه يفتقد إلى الرؤية الموحدة التي تضعه على خارطة الدول المتقدمة. لماذا لا يكون هناك مركز عربي موحد للبحث والتطوير، يضم نخبة العقول العربية في الداخل والخارج للعمل على مشاريع تقنية وصناعية تحقق الاستقلال الاقتصادي للمنطقة؟ لماذا لا تُنشأ جمعية للعلماء العرب، تماماً كما توجد جمعيات علمية في الدول المتقدمة، تكون مسؤولة عن توجيه الأبحاث نحو مجالات تحتاجها المنطقة؟ لماذا لا يكون هناك اتحاد عربي للابتكار والتكنولوجيا، يشرف على تطوير الصناعات العربية بدلاً من الاعتماد على استيراد كل شيء من الغرب؟ النهضة لن تأتي من الخطابات العاطفية ولا من الأمنيات، بل تحتاج إلى قرارات جريئة واستثمار حقيقي في التعليم، البحث العلمي، والتكنولوجيا. بدلاً من إنفاق المليارات على الصراعات، لماذا لا تُستثمر هذه الأموال في بناء جامعات ومراكز أبحاث قادرة على المنافسة عالمياً؟ لماذا لا يكون هناك اكتفاء ذاتي في الغذاء والتكنولوجيا والصناعة بدلاً من الاعتماد المستمر على الخارج؟ إن الدول العظمى لا تُحترم لأنها تمتلك جيوشاً قوية فقط، بل لأنها تملك اقتصادات متينة وبنية تحتية معرفية متقدمة. وبدلاً من أن يكون العرب مستهلكين، يجب أن يتحولوا إلى منتجين للمعرفة والصناعة، وإلا فسيبقون دائماً في موقع التابع، لا القائد. العالم لا ينتظر أحداً، ومن يقرر التمسك بالماضي سيظل متأخراً. الشرق الأوسط الجديد لن يكون واقعاً إلا إذا تحررت المنطقة من عقلية التبعية والخلافات الداخلية، وبدأت فعلياً في بناء مستقبلها من خلال التعليم، البحث العلمي، والاستثمار في الإنسان. لماذا لا يكون هناك مشروع عربي موحد للنهوض بالعلم والصناعة؟ لماذا لا تتبنى الدول العربية رؤية مشتركة للتحول إلى قوى اقتصادية وتكنولوجية؟ الجواب بسيط: النهضة ليست حلماً، لكنها قرار يحتاج إلى إرادة سياسية واستراتيجية واضحة. فإما أن ينهض العرب، أو أن يبقوا خارج حسابات المستقبل. *لواء ركن طيار متقاعد