logo
#

أحدث الأخبار مع #وابنخلدون،

بالقلم الأحمر: مشهور مُشاهدات...
بالقلم الأحمر: مشهور مُشاهدات...

الجريدة

time٠٨-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الجريدة

بالقلم الأحمر: مشهور مُشاهدات...

وسواس المشاهدات أصبح إدماناً مجتمعياً شمل الأفراد والشركات والمُعلنين والمتابعين من الكبار والصغار. مشاهير، أو مدَّعو الشهرة، يخرجون لنا بـ «الچيلة»، لا نعلم ما يصنعون وما يبيعون وما هي نشاطاتهم التي شهرتهم، ولا محتواهم، أو حتى مدى تأثيرهم على المجتمع. «أنا مشهور» جملة اعتدنا سماعها في أوساط السوشيال ميديا وتطبيقات التواصل المختلفة، لكن في الواقع الاجتماعي هذا المشهور لا هو معروف، ولا يلتفت له أحد، ولا قيمة مجتمعية له تُذكر في الحياة الطبيعية، واتضح أنهم مشاهير مشاهدات فقط لا أكثر. وحقيقة، لا نعلم مدى مصداقية المشاهدات في هذا الوقت، حيث إن الكثير من التطبيقات توفر خدمة زيادة المشاهدات والتعليقات، بل وتعطي باقات بمبالغ معينة لكل منشور. لاحظت هوس العديد من مدَّعي الشهرة بعدد المشاهدات، لا جودة المحتوى، ولا بمدى تأثيرها على المجتمع أو ثقلها الثقافي والفكري. في المقابل، المشاهدات وحدها ليست معياراً مُطلقاً للقيمة، فالمحتوى الفارغ أو المثير للجدل قد يجلب أعداداً كبيرة من المشاهدات، لكنه لا يعكس بالضرورة قيمة ثقافية حقيقية. هناك نظرية تُعرف بـ «نظرية القيمة» (Theory of Value) تهدف إلى فهم كيف ولماذا نعطي أهمية أو أولوية لأشياء معينة ضد الأخرى، وقد تعمَّق فيها كبار الفلاسفة، مثل: أرسطو، وابن خلدون، وغيرهما، لكنها طرحت تساؤلاً عميقاً، هو: ما سبب تأرجح القيم في المجتمع؟ في الحقيقة هذا التأرجح ناتج عن صراع بين العُمق والسطحية، بين الفكر الذي يتطلَّب جهداً لفهمه، والتفاهة التي يسهل استهلاكها. المجتمع قد يميل إلى تفضيل التافهين، لأنهم يرسخون الواقع بدلاً من تغييره، فهم يمنحون التسلية بدلاً من إيقاظ الوعي، ويؤكدون المألوف بدلاً من تحديه. في المقابل، يتم إقصاء المثقفين، لأنهم يحملون مرآة قد تعكس قُبح المجتمع. في حادثة ليست بالمختلفة لمشاهير المشاهدات، في خمسينيات القرن الماضي كانت هناك مشادة أو اختلاف بين المونولوجست المصري محمود شكوكو وبين الأديب عباس محمود العقاد، حيث بدأت عندما طرح أحد الصحافيين على العقاد سؤالاً بدا سخيفاً: مَنْ منكما أكثر شهرة، أنت أم محمود ﺷﻜﻮﻛو؟ حينها رد الأديب العقاد بكل استغراب، قائلاً: «مين شكوكو؟»، وعندما سمع شكوكو الخبر، رد: «قول لصاحبك العقاد ينزل ويقف على أحد الأرصفة، وسأقف على رصيف مقابل، ونشوف الناس ستتجمع على مين»، ثم رد العقاد مرة أخرى على تصريح شكوكو، قائلاً: «قل لشكوكو ينزل ميدان التحرير ويقف على رصيف، ويخلي رقاصة تقف على الرصيف الآخر، ويشوف الناس هتتلم على مين أكثر». كان عميقاً رغم قسوته وحقيقته المُرَّة، بل وجدت سؤال الصحافي عميقاً وواقعياً، مَنْ أشهر: الفنان أم الأديب؟ ونجزم بأن الفنان أشهر، فيما لو سأل مَنْ أثقل: الفنان أم الأديب؟ لاختلف الرد. بالقلم الأحمر: القيمة الحقيقية للفرد تُقاس بوعيه، وتأثيره، وأثره في الآخرين، لا بعدد مشاهداته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store