logo
#

أحدث الأخبار مع #والاسكتلنديين

«مشروع خفرع».. ماذا وراء السعى لإعادة كتابة التاريخ!
«مشروع خفرع».. ماذا وراء السعى لإعادة كتابة التاريخ!

أخبار اليوم المصرية

time٠١-٠٤-٢٠٢٥

  • علوم
  • أخبار اليوم المصرية

«مشروع خفرع».. ماذا وراء السعى لإعادة كتابة التاريخ!

بخلاف الأسئلة التاريخية الكثيرة التى تحيط بالحضارات القديمة والمعلقة فوق رؤوسنا بلا إجابات فإن السؤال حول الأهرامات يبقى الأطول عمرًا والأبقى والأشد غموضًا. الأهرامات أقدم من كل ما نعرف على الأرض، وهى العمارة الأعظم لا جدال فى ذلك، وكيفية بنائها والغرض منها لغز عصى على الحل، وهو ما يجعل النظريات عنها لا تنتهى ومنها أحدث ما انشغل به العالم كله على مدار الأسبوعين الفائتين وما يبدو أنه سيكون محل جدل ونقاشات لفترة طويلة مقبلة. ما الذى تخفيه الأهرامات من أسرار؟ «مشروع خفرع» كما أصبحنا نعرفه قام عليه فريق من العلماء الإيطاليين والاسكتلنديين وكشفوا عن بعض نتائجه هذه الأيام بعد عمليات بحث بدأت فى 2022 تركزت تحديدًا على هرم خفرع باستخدام تقنية رادارية متطورة (SAR) باستخدام قمرين صناعيين فى الفضاء أتاحا البحث تحت الأرض من دون الحاجة إلى الحفر حيث يتم إرسال إشارات كهرومغناطيسية يتم ترجمتها إلى صور ثلاثية الأبعاد. بصورة واضحة خرجت آراء علمية ترفض نتائج المشروع ووصفته بأنه دجل علمى لكن وعلى الضد من وجهة النظر العلمية انساق الناس حول العالم خلف الاكتشاف مع تضخيم نتائجه بصورة خيالية ليصبح لدينا أسفل هرم خفرع، مدينة أسطورية. الخيال البشرى الذى أبدع على مدى تاريخه فى صياغة أساطير لا تصدق حول الأهرامات، اعتبر نتائج الكشف الدليل المنتظر على نظريات غاية فى الغموض والطلسمية تتمحور حول الأهرامات ليس باعتبارها مدفنًا ملكيًا بل كمحطات طاقة عملاقة، أو كواحدة من البوابات النجمية على الأرض، أو أنها خزانة سرية لعلم حقيقى تم اخفاؤه عمدًا. طوال الوقت كان لدينا العلم الذى يدرس الحضارة المصرية عبر فك شيفرة اللغة وترجمة النصوص سعيًا لتخيل شكل حضارة سبقت العالم فى مختلف الفنون والعلوم. غير أن ذلك ليس مقنعًا لأصحاب نظرية مغايرة، ففيما نصنفها باعتبارها خرافات وتفكير خارج قواعد العلم، يراها أصحابها النظريات الأحق بتعريف العلم واستخداماته.. يعتقدون بوجود مدرستين فى قراءة التاريخ البشري، وأن الأحداث الكبرى والمنجزات البشرية ساحة للصراع بينهما ومن أمثلة ذلك ما جرى فى نهاية القرن التاسع عشر من الصراع بين وجهتى نظر حول الطاقة بين نيقولا تسلا وتوماس إديسون، فإذا كان العلم يبحث الأمر باعتباره خلافًا علميًا بين اثنين من المخترعين حول التيارات الكهربائية وتطبيقاتها، أيهما أفضل التيار المتردد أم المستمر؟ إلا أنه عند أصحاب العلم الباطنى أو الأسطورى صراع كان فى جوهره معركة بين نوعين من العلم أحدهما مساند لوجهة النظر المادية الساعية للسيطرة ويمثلها إديسون فيما تسلا يعبر عن العلم المستند إلى الهندسة المقدسة، ويعتقد أصحاب هذا الاتجاه أن نهاية الصراع لم تكن انتصارًا لوجهة نظر علمية بل انتصار للقوى المادية وإخفاء لمشروعات تسلا بعد قتله وهذا على خلاف الواقع الذى يثبت أنه مات ميتة طبيعية بنوبة قلبية فى غرفة فندق. ما يدعيه «مشروع خفرع» من نتائج يعيد إلى الواجهة الجماهيرية ليس فقط تسلا وتاريخه بل وما هو أبعد من ذلك لأنه وكأنه يمنح مشروعية علمية للتاريخ غير الرسمى للأهرامات وما تمثله من معنى، ليضعها فى قلب منظومة فيها حشود من كائنات أخرى بعضها ملائكى والآخر شيطاني، وعمليات تواصل بينها وبين البشر تثبتها الكثير من الشواهد. بحسب التقارير الأجنبية فالاكتشاف يقول بوجود ما يلى وصفه تحت هرم خفرع: «ثمانية هياكل عمودية شاهقة تمتد بعمق حوالى 2100 قدم تحت مستوى سطح الأرض، وعرض يزيد عن 6500 قدم تحت الأهرامات، يُعتقد أنها آبار أو أعمدة. مسارات حلزونية تحيط بطول الأعمدة وتتصل بهيكلين مكعبين بطول 80 مترًا. خمسة هياكل متعددة المستويات فى وسط الهرم لم تكن معروفة من قبل». هل الاكتشاف حقيقي؟ علماء المصريات المصريون قالوا إن هذا كله كلام فارغ جملة وتفصيلًا وأنه لا يوجد أى دليل علمى عليه، وفوق ذلك فإنه أمر مستحيل لأن الأهرامات مقامة فوق صخرة صلبة، موقع تم اختياره بعناية فائقة ليناسب هذا البناء الإعجازي. موقع الأهرامات فى هذا المكان تحديدًا هو نفسه ما أحاط الأهرامات بقداسة وغموض يتزايدان مع كل اكتشاف جديد، حسابات رياضية وفيزيائية وجيولوجية معقدة تقف وراء اختيار هذا المكان دونًا عن غيره. من نصدق.. رجال المصريات أم أصحاب مشروع خفرع وأنصارهم؟ المؤكد أن الأدلة والبراهين العلمية تؤيد وجهات نظر الآثاريين المصريين الذين يعتبرون الإدعاء باطل تمامًا ولا برهان عليه، خاصة وأنه تساندهم وجهات نظر مؤيدة من علماء مصريات عالميين إما ساندوا الرأى الرافض أو قالوا بإن الاكتشاف فيه مبالغات، وأنها لا تعدو أن تكون حجرة واحدة تحت الهرم، فيما فضل آخرون الانتظار إلى حين تقديم أدلة علمية ملموسة بدلًا من الصور ثلاثية الأبعاد! لكن المسألة لم تعد محصورة فى نقاش علماء الآثار الذين ينقبون ويبحثون عمليًا فى الأرض وراء الأدلة، هذا النقاش فى واد وما يجريه مستخدمو السوشيال ميديا من توظيف للاكتشاف فى واد آخر، فبحسب شريحة واسعة من الناس فإنه قد جاء أخيرًا الإثبات المنتظر على صحة نظريات ظلت متهمة طوال الوقت بترويجها لخرافات وصناعة تاريخ زائف لا أدلة حقيقية عليه، نظريات كان يروج لها ويتبناها من هم موصومون بالانتماء إلى منظمات سرية كالماسونية والصليب الوردى وغيرها، يستخدم أصحابها علومًا قديمة منبوذة من ساحات العلم الأكاديمي. ثمة تاريخ آخر للأهرامات يكتسب جاذبيته من الغموض الذى يستقى منه فرضيته، يستند على تاريخ سرى نجد فى أعلاه اسم هرمس أو تحوت أو إدريس، أسماء تشير إلى نبى أو حكيم يُنسب إليه عملية نقل الحكمة من السماء إلى الأرض، العلوم الإلهية، الهندسة المقدسة، القوانين الكونية، التواصل مع الكائنات العليا. تكمن عظمة الأهرامات ليس فقط فى البناء بل أنها تمثل الفكرة الجوهرية المعبرة عن أبعد نقطة نعرفها عن الحضارة البشرية، اللحظة الغامضة التى تم فيها إغلاق أبواب غرفة السجلات الملكية داخل الأهرامات على متون الحكمة، ومع أنه زمن موغل فى القدم فإنه متصل بزمننا الحالى بهوس السوشيال ميديا المتزايد بفعل جنون الذكاء الاصطناعى لإحياء قصص عن الأهرامات لا علاقة لها بالتفكير العلمى المعتاد بل أقرب لروايات الخيال العلمي. وكثيرون يعتقدون أن روايات الخيال العلمى تدوين فنى لواقع مخفي. يبدو النظر إلى الأهرامات من خلال تلك النظريات المختلفة، سواء العلمي منها أم الخرافي، جذابًا، بل ويذهب البعض أبعد من ذلك بالقول بأنه سيكون مفيدًا فى الترويج السياحى لمصر، لكن من الضروري، ووسط ما يجرى فى العالم، النظر إلى خطورة ادعاءات كتلك وكشف دوافعها.. على سبيل المثال فقد عبر إيلون ماسك مؤخرًا عن اعتقاده بأن الأهرامات بناها فضائيون، ورغم ما فى التصريح من خفة فإنه واستنادًا إلى مكانته وبما يملك من أدوات تأثير منح بكلماته مصداقية لنظريات خرافية تعتقد أيضًا فى أن الأهرامات بوابة اتصال نجمية للتنقل بين الأبعاد، أو على الأقل لاستقبال وبث الإشارات الكونية. هذه واحدة من الأمور التى لا بد من رصدها فى التحولات الجارية حولنا، فالفرضيات التى كانت مصنفة قبلًا باعتبارها تفكيرًا خياليًا أصبحت تجتذب جمهورًا أكبر ربما بسبب جاذبية الفرضيات ذاتها وقدرتها على وضع إجابات لأسئلة تتعلق بالأمور الروحانية، أو لانفلات السيطرة على انتشار الأخبار المضللة. خلال الأسبوعين الماضيين بنى الناس تصورات عن مدينة بعظمة واتساع لا يمكن تصديقهما، مدينة تقع أسفل هرم خفرع وتمتد وتقود مباشرة إلى مملكة أجارثيا فى القطب الجنوبى وهى واحدة من أهم الممالك الخيالية فى التاريخ البشرى بأكمله استمتعنا بها كفكرة فى أعمال فنية وأدبية، لكن هناك من يؤمن بوجودها فى الأرض المجوفة، مملكة هى مصدر للروحانية والتنوير والقوى الخفية. سابقًا كنا نقرأ عن الاكتشافات العلمية فى الكتب موثقة بالأدلة العلمية والنقاشات وكان علينا البحث بعناية وراء الكلمات لترتسم فى أذهاننا صور أقرب لواقع ما نقرأ، أما الآن فنحن نرى الاكتشافات مجسدة أمام ناظرينا بأشكال وألوان تناسب قصص الأطفال. يدخل الذكاء الاصطناعى ليدعم الخيال البشرى لإنتاج طوفان من القصص والفيديوهات والصور حول الهرم وكأنه بذلك يمنح العامة غير المتخصصين فى المصريات أدلة على صحة ادعاءاتهم لنبدو إزاء حالة غرائبية لا يمكن فيها التفرقة بين العلم الحقيقى والعلم الزائف، حالة تسعى لإعادة كتابة التاريخ على الهواء مباشرة!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store