#أحدث الأخبار مع #والجبهةالوطنيةساحة التحريرمنذ 3 أيامسياسةساحة التحريرعلى قيد الإفراج!ميسر السرديةعلى قيد الإفراج! ميسر السردية من حسن حظ هذا البلد أن وُجد فيه مناضل مثل الدكتور محمد صبحي أبو غنيمة، الذي درس في ألمانيا في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وعاش هناك تجربة قاسية، ذاق فيها مرارة الجوع والتشريد والاغتراب، وتكوّنت لديه شخصية سياسية قومية فذّة. وخلال إقامته في ألمانيا، عمل على التعريف بالعرب وقضيتهم، وأصدر مجلة أنيقة الطباعة اسمها 'الحمامة'، تسللت بعض أعدادها إلى الأردن، وبخاصة إلى إربد، بلدته، كما وصلت أعداد منها إلى السلط. كنا نحفظ أشعار الدكتور أبو غنيمة، التي كانت تحث على الاستقلال، وتُلهب مشاعر التحرر والوطنية. عاد إلى عمّان، وافتتح فيها عيادة طبية، وجلب معه أدوات حديثة آنذاك، مثل أجهزة الأشعة، التي كانت نادرة في البلاد. والتف حوله أحرار أردنيون، كانوا يرون في استئثار بعض العناصر غير الموثوقة بالسلطة انتقاصًا من حقوقهم ومن واجبهم الوطني؛ فقد كانت السلطة المنتدبة تستقدم شخصيات هزيلة من فلسطين وسوريا، وتُسند إليهم المناصب والحكم. هؤلاء الشباب، رغم بساطة تعليمهم، التفوا حول الدكتور أبو غنيمة، فكان لا بد أن تحاربه السلطة وتسعى لإخراجه من المشهد. حتى إن مريضًا إذا دخل عيادته، لحقه شرطي ليقتاده إلى السجن، ما جعل الناس يعزفون عن زيارته خوفًا من الملاحقة. وأمام هذا الضغط الشديد، اضطر الدكتور أبو غنيمة إلى مغادرة الأردن متوجهًا إلى دمشق عام 1929. عندها، بدأ ما سُمّي بـ'التكتل الإقليمي'، وهو وصف أطلقه خصومه للتقليل من شأنه ومن شأن الوطنيين الأحرار، بهدف إثارة النقمة ضده من قِبل دعاة الوحدة. والحقيقة أن هذا 'التكتل' لم يكن سوى محاولة لإعادة التوازن الوطني في وجه من أرادوا احتكار الحكم والوظائف وخيرات البلاد. شعرت، وأنا أشرع في قراءة مذكرات الزعيم الوطني المرحوم سليمان النابلسي – تلك المذكرات التي سجّلها عنه أستاذنا الجليل الدكتور علي محافظة، وخرجت إلى النور عام 2023 – أن ما جرى مع الدكتور أبو غنيمة لم يكن استثناء، بل هو صورة مكرّرة لما يحدث في الوقت الراهن، وإن اختلفت الأدوات والوسائل. فمحاصرة كل من يعبّر عن رأيه ويرفض واقعًا لا يراه مناسبًا، ما زالت تتكرر، بل وتُسند إليه أحيانًا تُهَمٌ ما أنزل الله بها من سلطان. في الأيام المقبلة، إن كنا من أهلها إن شاء الله، لعلّي أستطيع نشر ما أمكن من هذه السيرة، الشاهدة على عصر مهم من تاريخ الأردن الحديث، والتي توثّق لمسيرة رجل كابد ما كابد من صعوبات وتحديات في ذاك الزمن المضطرب. وكما أشار الدكتور علي محافظة، فإن هذه المذكرات بقيت حبيسة أدراج مكتبه مدة سبعٍ وأربعين سنة، حيث انتهى من تسجيل آخرها عام 1976، وهو عام وفاة أول رئيس وزراء أفرزته التجربة الديمقراطية الحزبية اليتيمة – وحتى اليوم – إذ شكّل الحكومة بعد فوز الحزب الوطني الاشتراكي، الذي كان يرأسه، بأربعة عشر مقعدًا في انتخابات المجلس النيابي الثالث عام 1956، بتحالف ضم أيضًا حزب البعث الاشتراكي والجبهة الوطنية. 2025-06-01 The post على قيد الإفراج!ميسر السردية first appeared on ساحة التحرير.
ساحة التحريرمنذ 3 أيامسياسةساحة التحريرعلى قيد الإفراج!ميسر السرديةعلى قيد الإفراج! ميسر السردية من حسن حظ هذا البلد أن وُجد فيه مناضل مثل الدكتور محمد صبحي أبو غنيمة، الذي درس في ألمانيا في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وعاش هناك تجربة قاسية، ذاق فيها مرارة الجوع والتشريد والاغتراب، وتكوّنت لديه شخصية سياسية قومية فذّة. وخلال إقامته في ألمانيا، عمل على التعريف بالعرب وقضيتهم، وأصدر مجلة أنيقة الطباعة اسمها 'الحمامة'، تسللت بعض أعدادها إلى الأردن، وبخاصة إلى إربد، بلدته، كما وصلت أعداد منها إلى السلط. كنا نحفظ أشعار الدكتور أبو غنيمة، التي كانت تحث على الاستقلال، وتُلهب مشاعر التحرر والوطنية. عاد إلى عمّان، وافتتح فيها عيادة طبية، وجلب معه أدوات حديثة آنذاك، مثل أجهزة الأشعة، التي كانت نادرة في البلاد. والتف حوله أحرار أردنيون، كانوا يرون في استئثار بعض العناصر غير الموثوقة بالسلطة انتقاصًا من حقوقهم ومن واجبهم الوطني؛ فقد كانت السلطة المنتدبة تستقدم شخصيات هزيلة من فلسطين وسوريا، وتُسند إليهم المناصب والحكم. هؤلاء الشباب، رغم بساطة تعليمهم، التفوا حول الدكتور أبو غنيمة، فكان لا بد أن تحاربه السلطة وتسعى لإخراجه من المشهد. حتى إن مريضًا إذا دخل عيادته، لحقه شرطي ليقتاده إلى السجن، ما جعل الناس يعزفون عن زيارته خوفًا من الملاحقة. وأمام هذا الضغط الشديد، اضطر الدكتور أبو غنيمة إلى مغادرة الأردن متوجهًا إلى دمشق عام 1929. عندها، بدأ ما سُمّي بـ'التكتل الإقليمي'، وهو وصف أطلقه خصومه للتقليل من شأنه ومن شأن الوطنيين الأحرار، بهدف إثارة النقمة ضده من قِبل دعاة الوحدة. والحقيقة أن هذا 'التكتل' لم يكن سوى محاولة لإعادة التوازن الوطني في وجه من أرادوا احتكار الحكم والوظائف وخيرات البلاد. شعرت، وأنا أشرع في قراءة مذكرات الزعيم الوطني المرحوم سليمان النابلسي – تلك المذكرات التي سجّلها عنه أستاذنا الجليل الدكتور علي محافظة، وخرجت إلى النور عام 2023 – أن ما جرى مع الدكتور أبو غنيمة لم يكن استثناء، بل هو صورة مكرّرة لما يحدث في الوقت الراهن، وإن اختلفت الأدوات والوسائل. فمحاصرة كل من يعبّر عن رأيه ويرفض واقعًا لا يراه مناسبًا، ما زالت تتكرر، بل وتُسند إليه أحيانًا تُهَمٌ ما أنزل الله بها من سلطان. في الأيام المقبلة، إن كنا من أهلها إن شاء الله، لعلّي أستطيع نشر ما أمكن من هذه السيرة، الشاهدة على عصر مهم من تاريخ الأردن الحديث، والتي توثّق لمسيرة رجل كابد ما كابد من صعوبات وتحديات في ذاك الزمن المضطرب. وكما أشار الدكتور علي محافظة، فإن هذه المذكرات بقيت حبيسة أدراج مكتبه مدة سبعٍ وأربعين سنة، حيث انتهى من تسجيل آخرها عام 1976، وهو عام وفاة أول رئيس وزراء أفرزته التجربة الديمقراطية الحزبية اليتيمة – وحتى اليوم – إذ شكّل الحكومة بعد فوز الحزب الوطني الاشتراكي، الذي كان يرأسه، بأربعة عشر مقعدًا في انتخابات المجلس النيابي الثالث عام 1956، بتحالف ضم أيضًا حزب البعث الاشتراكي والجبهة الوطنية. 2025-06-01 The post على قيد الإفراج!ميسر السردية first appeared on ساحة التحرير.