#أحدث الأخبار مع #والميغالومانياجريدة الايام١٢-٠٥-٢٠٢٥سياسةجريدة الايامحروب العشرية الثالثة (28)أثنى ترامب على المشادة الكلامية مع زيلينسكي، في البيت الأبيض، بوصفها مادة دعائية جيدة جداً للتلفزيون. وما لم نضع في الاعتبار أن التلفزيون (يعني سيما أونطه، بالتعبير المصري) مكوّن أساسي في السياسات الترامبية الداخلية والخارجية، على حد سواء، فلن نتمكن من فهمها. ومع ذلك، لا تكتمل الصورة دون التذكير بمكوّنات إضافية على رأسها المكسب الشخصي، بالمعنى المباشر، والضيّق جداً للكلمة، أي ما يدخل في رصيده المالي هو وأولاده، والمعنوي الذي لا يشكو النرجسية والميغالومانيا. وقد نضع مكوّن ترجمة ضيّقة الأفق للروح القومية الأميركية في المرتبة الثالثة. اللافت في المكوّنات المعنية أنها صورة متأخرة وباهتة لما كانت عليه في تمثيلات أصلية. فمكوّن التلفزيون في صيغته الترامبية طور متأخر ومُبتذل لمجتمع الفرجة الأصلي، الذي بنته الرأسمالية الأميركية بأدوات وتقنيات السينما والتلفزيون، وما اقترن بها، ونجم عنها، من استراتيجيات ومهارات الدعاية والتسويق. وقد صارت معطوفة على الإنترنت، والذكاء الاصطناعي، ووسائل التواصل الاجتماعي، والهواتف الذكية التي غيّرت العالم. أما سياسات الكسب الداخلية والخارجية، التي ذكرناها مشروطة بالمعنى الشخصي، والضيّق، فتبدو حالة متأخرة، ومتدهورة تماماً لمذهب المركنتيلية الاقتصادي، الذي وضع مبدأ الربح والتجارة فوق أي اعتبار آخر، وقد ساد على مدار قرون، وانتهى في أواسط القرن الثامن عشر. ومع ذلك، فلنقل إن لمبدأ الربح بالمعنى الشخصي، في الحالة الترامبية، أولوية على المعنى العام، الذي يعني زيادة الضرائب والرسوم الجمركية. وما يثير الانتباه أن حظوظ الأرباح الشخصية تبدو أفضل حالاً بكثير من الربح العام العائد على أميركا والأميركيين. (حتى الجولاني اقترح على ترامب بناء «برج ترامب» في دمشق، بناء على نصيحة سمعها من أحد مموليه الإبراهيميين، على الأرجح) بينما تبدو الرسوم الجمركية، التي أعلنها ترامب في يوم سماه يوم التحرير، رمية طائشة. وبقدر ما يتعلّق الأمر بالترجمة ضيّقة الأفق للروح القومية الأميركية، فمرجعها صراع رافق نشوء الإمبراطورية الأميركية نفسها بين دعاة العيش في الولايات الأميركية، التي يفصلها المحيطان الأطلسي والهادي عن بقية العالم، ودعاة الخروج إلى العالم. لذا، ورغم أن دعوة «أميركا أولاً» الترامبية تُشبع نزعة انعزالية أميركية أصلية وأصيلة، إلا أنها تصطدم بحقيقة أن بقاء الإمبراطورية مشروط بالبقاء في العالم لا بالخروج منه. وهذا ما يُظلل السياسات الترامبية بظلال دائمة ملتبسة ورمادية. ولنحتفظ بكل ما تقدّم من مكوّنات في الذهن، لأنها قد تلقي فرادى، ومجتمعة، بعض الضوء على قدوم ترامب إلى المنطقة، في زيارة رئاسية هي الخارجية الأولى في ولايته الثانية. ثمة الكثير من الظلال، والزوايا المُعتمة، في هذا الموضوع، ولكن ما يعنينا اليوم هو أمر الخلاف بين ترامب ونتنياهو. ولعل أوّل ما يرد إلى الذهن، في هذا الشأن، المساحة الكبيرة، التي أفردتها وسائل الدعاية والإعلام في العالم العربي، مقارنة بالمساحة المتواضعة التي أفردتها وسائل الدعاية والإعلام الأميركية والأوروبية. دون إغفال الموقف المتحفّظ لوسائل الدعاية والإعلام الإسرائيلية، بطبيعة الحال. ولنقل إن الفرق بين المساحات تعوزه البراءة. فمن الواضح أن الكثير من التحليلات العربية، ذات الصلة، لم تشك ندرة إسقاط الرغبات الذاتية على الواقع. بل وتجلى فيها، أحياناً، قدر واضح من التشفي بنتنياهو، الذي فقد الحظوة عند سيّد البيت الأبيض، والشرق الأوسط. ومع ذلك، لا ينبغي حصر الإفراط في الكلام عن «سقوط نتنياهو من عين ترامب» في التفكير الرغبي، فثمة دوافع سياسية أكثر أهمية، وأشد خطورة، وفي القلب منها محاولة الإيهام بأن ما طرأ، وقد يطرأ، على السياسات الترامبية في الشرق الأوسط، مرجعه العلاقة الاستثنائية للمذكور بالإبراهيميين. وهذه لا تنقصها الشواهد، ولا الطبول (لدينا الكثير من الوقت في معالجات لاحقة للكلام عن العلاقة المعنية وجوانبها المالية والسياسية). بيد أن الذهاب بالعلاقة الاستثنائية إلى حد جعلها مرجعية لتحوّلات السياسة الترامبية، والأميركية عموماً، منذ اندلاع الحرب، تجاه إسرائيل، والفلسطينيين، ومستقبلات الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، أمر تعوزه الشواهد، بل ويمكن الذهاب بمرافعة مغايرة في الاتجاه المعاكس، فعلاً، لطرح فرضية من نوع أن خصوصية وملابسات العلاقة الاستثنائية بالإبراهيميين، وحلفاء آخرين في الإقليم، سوّغت لترامب، كما لسلفه بايدن، الانحياز لإسرائيل، في حرب لم تتوقف بعد، بطريقة غير مسبوقة وفضائحية تماماً، حتى بالمقاييس الأميركية. على أي حال، هذا ليس كل شيء. فمن الملاحظ أن وسائل الدعاية والإعلام القريبة من جماعة الإخوان، إضافة إلى الأذرع الإعلامية للإبراهيمية القطرية، تسعى للاستثمار السياسي والدعائي في سقوط نتنياهو من عين ترامب، وفتح قناة مباشرة بين حماس والإدارة الترامبية أدت إلى إطلاق رهينة مزدوج الجنسية، للحفاظ على حماس طافية على السطح، وتمكينها من البقاء، بعدما تضررت مكانتها بين الناس في غزة على نحو خاص. وإذا كان ثمة من خلاصة فلنقل: إن من السابق لأوانه تفسير العودة إلى التفاوض مع إيران، والتفاوض مع الحوثيين، وفتح قناة لإطلاق رهينة مزدوج الجنسية، وعدم زيارة إسرائيل، بوصفها شواهد كافية وشافية على سقوط نتنياهو من عين ترامب، وعلى تحوّلات طرأت على السياسات الترامبية في الشرق الأوسط. وعلى مقلب آخر، ليس من السابق لأوانه تقصي دوافع القائلين بتحوّلات كهذه. ثمة الكثير من التلفزيون، والأونطة. فاصل ونواصل.
جريدة الايام١٢-٠٥-٢٠٢٥سياسةجريدة الايامحروب العشرية الثالثة (28)أثنى ترامب على المشادة الكلامية مع زيلينسكي، في البيت الأبيض، بوصفها مادة دعائية جيدة جداً للتلفزيون. وما لم نضع في الاعتبار أن التلفزيون (يعني سيما أونطه، بالتعبير المصري) مكوّن أساسي في السياسات الترامبية الداخلية والخارجية، على حد سواء، فلن نتمكن من فهمها. ومع ذلك، لا تكتمل الصورة دون التذكير بمكوّنات إضافية على رأسها المكسب الشخصي، بالمعنى المباشر، والضيّق جداً للكلمة، أي ما يدخل في رصيده المالي هو وأولاده، والمعنوي الذي لا يشكو النرجسية والميغالومانيا. وقد نضع مكوّن ترجمة ضيّقة الأفق للروح القومية الأميركية في المرتبة الثالثة. اللافت في المكوّنات المعنية أنها صورة متأخرة وباهتة لما كانت عليه في تمثيلات أصلية. فمكوّن التلفزيون في صيغته الترامبية طور متأخر ومُبتذل لمجتمع الفرجة الأصلي، الذي بنته الرأسمالية الأميركية بأدوات وتقنيات السينما والتلفزيون، وما اقترن بها، ونجم عنها، من استراتيجيات ومهارات الدعاية والتسويق. وقد صارت معطوفة على الإنترنت، والذكاء الاصطناعي، ووسائل التواصل الاجتماعي، والهواتف الذكية التي غيّرت العالم. أما سياسات الكسب الداخلية والخارجية، التي ذكرناها مشروطة بالمعنى الشخصي، والضيّق، فتبدو حالة متأخرة، ومتدهورة تماماً لمذهب المركنتيلية الاقتصادي، الذي وضع مبدأ الربح والتجارة فوق أي اعتبار آخر، وقد ساد على مدار قرون، وانتهى في أواسط القرن الثامن عشر. ومع ذلك، فلنقل إن لمبدأ الربح بالمعنى الشخصي، في الحالة الترامبية، أولوية على المعنى العام، الذي يعني زيادة الضرائب والرسوم الجمركية. وما يثير الانتباه أن حظوظ الأرباح الشخصية تبدو أفضل حالاً بكثير من الربح العام العائد على أميركا والأميركيين. (حتى الجولاني اقترح على ترامب بناء «برج ترامب» في دمشق، بناء على نصيحة سمعها من أحد مموليه الإبراهيميين، على الأرجح) بينما تبدو الرسوم الجمركية، التي أعلنها ترامب في يوم سماه يوم التحرير، رمية طائشة. وبقدر ما يتعلّق الأمر بالترجمة ضيّقة الأفق للروح القومية الأميركية، فمرجعها صراع رافق نشوء الإمبراطورية الأميركية نفسها بين دعاة العيش في الولايات الأميركية، التي يفصلها المحيطان الأطلسي والهادي عن بقية العالم، ودعاة الخروج إلى العالم. لذا، ورغم أن دعوة «أميركا أولاً» الترامبية تُشبع نزعة انعزالية أميركية أصلية وأصيلة، إلا أنها تصطدم بحقيقة أن بقاء الإمبراطورية مشروط بالبقاء في العالم لا بالخروج منه. وهذا ما يُظلل السياسات الترامبية بظلال دائمة ملتبسة ورمادية. ولنحتفظ بكل ما تقدّم من مكوّنات في الذهن، لأنها قد تلقي فرادى، ومجتمعة، بعض الضوء على قدوم ترامب إلى المنطقة، في زيارة رئاسية هي الخارجية الأولى في ولايته الثانية. ثمة الكثير من الظلال، والزوايا المُعتمة، في هذا الموضوع، ولكن ما يعنينا اليوم هو أمر الخلاف بين ترامب ونتنياهو. ولعل أوّل ما يرد إلى الذهن، في هذا الشأن، المساحة الكبيرة، التي أفردتها وسائل الدعاية والإعلام في العالم العربي، مقارنة بالمساحة المتواضعة التي أفردتها وسائل الدعاية والإعلام الأميركية والأوروبية. دون إغفال الموقف المتحفّظ لوسائل الدعاية والإعلام الإسرائيلية، بطبيعة الحال. ولنقل إن الفرق بين المساحات تعوزه البراءة. فمن الواضح أن الكثير من التحليلات العربية، ذات الصلة، لم تشك ندرة إسقاط الرغبات الذاتية على الواقع. بل وتجلى فيها، أحياناً، قدر واضح من التشفي بنتنياهو، الذي فقد الحظوة عند سيّد البيت الأبيض، والشرق الأوسط. ومع ذلك، لا ينبغي حصر الإفراط في الكلام عن «سقوط نتنياهو من عين ترامب» في التفكير الرغبي، فثمة دوافع سياسية أكثر أهمية، وأشد خطورة، وفي القلب منها محاولة الإيهام بأن ما طرأ، وقد يطرأ، على السياسات الترامبية في الشرق الأوسط، مرجعه العلاقة الاستثنائية للمذكور بالإبراهيميين. وهذه لا تنقصها الشواهد، ولا الطبول (لدينا الكثير من الوقت في معالجات لاحقة للكلام عن العلاقة المعنية وجوانبها المالية والسياسية). بيد أن الذهاب بالعلاقة الاستثنائية إلى حد جعلها مرجعية لتحوّلات السياسة الترامبية، والأميركية عموماً، منذ اندلاع الحرب، تجاه إسرائيل، والفلسطينيين، ومستقبلات الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، أمر تعوزه الشواهد، بل ويمكن الذهاب بمرافعة مغايرة في الاتجاه المعاكس، فعلاً، لطرح فرضية من نوع أن خصوصية وملابسات العلاقة الاستثنائية بالإبراهيميين، وحلفاء آخرين في الإقليم، سوّغت لترامب، كما لسلفه بايدن، الانحياز لإسرائيل، في حرب لم تتوقف بعد، بطريقة غير مسبوقة وفضائحية تماماً، حتى بالمقاييس الأميركية. على أي حال، هذا ليس كل شيء. فمن الملاحظ أن وسائل الدعاية والإعلام القريبة من جماعة الإخوان، إضافة إلى الأذرع الإعلامية للإبراهيمية القطرية، تسعى للاستثمار السياسي والدعائي في سقوط نتنياهو من عين ترامب، وفتح قناة مباشرة بين حماس والإدارة الترامبية أدت إلى إطلاق رهينة مزدوج الجنسية، للحفاظ على حماس طافية على السطح، وتمكينها من البقاء، بعدما تضررت مكانتها بين الناس في غزة على نحو خاص. وإذا كان ثمة من خلاصة فلنقل: إن من السابق لأوانه تفسير العودة إلى التفاوض مع إيران، والتفاوض مع الحوثيين، وفتح قناة لإطلاق رهينة مزدوج الجنسية، وعدم زيارة إسرائيل، بوصفها شواهد كافية وشافية على سقوط نتنياهو من عين ترامب، وعلى تحوّلات طرأت على السياسات الترامبية في الشرق الأوسط. وعلى مقلب آخر، ليس من السابق لأوانه تقصي دوافع القائلين بتحوّلات كهذه. ثمة الكثير من التلفزيون، والأونطة. فاصل ونواصل.