#أحدث الأخبار مع #وردوشوكالدستور٢١-٠٤-٢٠٢٥ترفيهالدستورمن ضياع المصحف إلى الوداع الأخير.. الرحلة الأخيرة لفريد الأطرشفي الرابع من نوفمبر 1974، طار الفنان فريد الأطرش إلى لندن في رحلة علاج جديدة، لكن شيئًا ما في قلبه كان يقول له إنها ليست كسابقاتها، فكان يشعر أن النهاية تقترب، وأن كل خطوة يخطوها قد تكون الأخيرة، وربما لم يكن المرض وحده ما أثقل كاهله، بل حادثة بسيطة في ظاهرها وقعت أثناء تصوير مشاهده الأخيرة في فيلم "نغم في حياتي"، كانت بمثابة نقطة التحول في الأيام الأخيرة من حياة فريد الأطرش، وهي ضياع "المصحف" الذي احتفظ به لأكثر من خمسة وعشرين عامًا. مشاعر خوف وإيمان وحزن غمرته في أيامه الأخيرة، كما رواها بنفسه لمجلة "الشبكة" في واحد من أكثر الأحاديث توثيقًا وإنسانية، ضمن باب "ورد وشوك" بقلم الكاتب الصحفي جورج إبراهيم الخوري، تحت عنوان: "ماذا قال فريد الأطرش قبل أن يموت؟"، وفي هذا التقرير، نستعرض تفاصيل تلك الرحلة الأخيرة إلى الليلة التي طلب فيها الوداع، وحتى العودة الأخيرة إلى تراب القاهرة. المصحف... رفيق الطريق قبل سفره بأسابيع، كان فريد الأطرش في القاهرة يصوّر آخر مشاهده في فيلمه "نغم في حياتي"، وأثناء التصوير، طُلب منه تغيير ملابسه، فخلع بنطاله ووضع ما فيه من أغراض على طاولة جانبية، كان من بين هذه الأغراض مصحف صغير، محفوظ في بيت ذهبي ثمين. لم يكن مجرد كتاب... بل "حرز"، كما وصفه بنفسه. ذلك المصحف كان هدية من سامية جمال، في ذروة حبهما، قبل 25 عامًا، حين قالت له: "لا أملك أغلى من هذا لأقدمه لك، احفظه يا فريد، فإنه يقيك من كل الشرور"، وكان فريد يحتفظ به في جيبه الأمامي دومًا، يقبّله، ويتضرع به في لحظات الخطر، ويشعر أنه حصن منيع يردّ عنه كل مكروه. ولكن الصدمة كانت اختفاء المصحف، وبعد دقائق، عاد فريد الأطرش إلى الطاولة، فصرخ فجأة: "طار المصحف!"، بحث عنه في كل زاوية، وسأل الجميع، لكن المصحف لم يُعثر عليه، وحين اقتربت منه دنيز جبور، صديقته ومديرة أعماله، قالت له محاولة التهوين: "لا تخف، يكفي أنك مؤمن بالله"، لكنه أجابها وعيناه تلمعان بالدمع: "كان هذا المصحف ضمانتي وحرزي... الآن أصبحت بلا سلاح مقدّس". في تلك اللحظة، شعر الأطرش بشيء يتكسر في داخله، شبّه نفسه بـ"شمشون الجبار" عندما قصّت دليلة شعره، ومنذ ذلك اليوم، أصبح أكثر صمتًا، أكثر انكسارًا، يهمس في سره كلما تذكّر المصحف: "يا ساتر يا رب...". ليلة الوداع قبل سفره إلى لندن، اتصل "الأطرش" بأصدقائه المقربين وقال لهم: "ألن تأتوا لتودعوني؟"، فاجأهم بطلبه، لأنه لم يكن من النوع الذي يلوّح بالوداع. في تلك الليلة، اجتمعوا في بيته، وسرد فريد الأطرش ذكرياته كأنه يكتب سيناريو النهاية. تحدث عن الحب، والمرض، والوحدة، والفن. كانت جلسة أشبه بمشهد الختام في فيلم طويل، حتى قال له الصحفي الكبير سعيد فريحه: "أنت أخطر سيناريست رأيته في حياتي". لم يطل المقام بفريد كثيرًا بعد تلك الليلة، فبعد أسابيع من سفره، عاد جثمانه إلى بيروت ثم إلى القاهرة، حيث دُفن كما أوصى.
الدستور٢١-٠٤-٢٠٢٥ترفيهالدستورمن ضياع المصحف إلى الوداع الأخير.. الرحلة الأخيرة لفريد الأطرشفي الرابع من نوفمبر 1974، طار الفنان فريد الأطرش إلى لندن في رحلة علاج جديدة، لكن شيئًا ما في قلبه كان يقول له إنها ليست كسابقاتها، فكان يشعر أن النهاية تقترب، وأن كل خطوة يخطوها قد تكون الأخيرة، وربما لم يكن المرض وحده ما أثقل كاهله، بل حادثة بسيطة في ظاهرها وقعت أثناء تصوير مشاهده الأخيرة في فيلم "نغم في حياتي"، كانت بمثابة نقطة التحول في الأيام الأخيرة من حياة فريد الأطرش، وهي ضياع "المصحف" الذي احتفظ به لأكثر من خمسة وعشرين عامًا. مشاعر خوف وإيمان وحزن غمرته في أيامه الأخيرة، كما رواها بنفسه لمجلة "الشبكة" في واحد من أكثر الأحاديث توثيقًا وإنسانية، ضمن باب "ورد وشوك" بقلم الكاتب الصحفي جورج إبراهيم الخوري، تحت عنوان: "ماذا قال فريد الأطرش قبل أن يموت؟"، وفي هذا التقرير، نستعرض تفاصيل تلك الرحلة الأخيرة إلى الليلة التي طلب فيها الوداع، وحتى العودة الأخيرة إلى تراب القاهرة. المصحف... رفيق الطريق قبل سفره بأسابيع، كان فريد الأطرش في القاهرة يصوّر آخر مشاهده في فيلمه "نغم في حياتي"، وأثناء التصوير، طُلب منه تغيير ملابسه، فخلع بنطاله ووضع ما فيه من أغراض على طاولة جانبية، كان من بين هذه الأغراض مصحف صغير، محفوظ في بيت ذهبي ثمين. لم يكن مجرد كتاب... بل "حرز"، كما وصفه بنفسه. ذلك المصحف كان هدية من سامية جمال، في ذروة حبهما، قبل 25 عامًا، حين قالت له: "لا أملك أغلى من هذا لأقدمه لك، احفظه يا فريد، فإنه يقيك من كل الشرور"، وكان فريد يحتفظ به في جيبه الأمامي دومًا، يقبّله، ويتضرع به في لحظات الخطر، ويشعر أنه حصن منيع يردّ عنه كل مكروه. ولكن الصدمة كانت اختفاء المصحف، وبعد دقائق، عاد فريد الأطرش إلى الطاولة، فصرخ فجأة: "طار المصحف!"، بحث عنه في كل زاوية، وسأل الجميع، لكن المصحف لم يُعثر عليه، وحين اقتربت منه دنيز جبور، صديقته ومديرة أعماله، قالت له محاولة التهوين: "لا تخف، يكفي أنك مؤمن بالله"، لكنه أجابها وعيناه تلمعان بالدمع: "كان هذا المصحف ضمانتي وحرزي... الآن أصبحت بلا سلاح مقدّس". في تلك اللحظة، شعر الأطرش بشيء يتكسر في داخله، شبّه نفسه بـ"شمشون الجبار" عندما قصّت دليلة شعره، ومنذ ذلك اليوم، أصبح أكثر صمتًا، أكثر انكسارًا، يهمس في سره كلما تذكّر المصحف: "يا ساتر يا رب...". ليلة الوداع قبل سفره إلى لندن، اتصل "الأطرش" بأصدقائه المقربين وقال لهم: "ألن تأتوا لتودعوني؟"، فاجأهم بطلبه، لأنه لم يكن من النوع الذي يلوّح بالوداع. في تلك الليلة، اجتمعوا في بيته، وسرد فريد الأطرش ذكرياته كأنه يكتب سيناريو النهاية. تحدث عن الحب، والمرض، والوحدة، والفن. كانت جلسة أشبه بمشهد الختام في فيلم طويل، حتى قال له الصحفي الكبير سعيد فريحه: "أنت أخطر سيناريست رأيته في حياتي". لم يطل المقام بفريد كثيرًا بعد تلك الليلة، فبعد أسابيع من سفره، عاد جثمانه إلى بيروت ثم إلى القاهرة، حيث دُفن كما أوصى.