#أحدث الأخبار مع #وشوبنهاوربوابة الأهرام٠٥-٠٤-٢٠٢٥منوعاتبوابة الأهرامأوروبا.. القارة العجوز جدانشأنا وكبرنا على أننا إذا أردنا أن نرى العالم وطيباته فعلينا أن نتجه إلى باريس أو لندن أو مدريد أو بون أو جينيف، الخلاصة إلى اوروبا قارة قريبة منا لا يأخذ الطيران إليها أكثر من البضع القليل من الساعات فيها كل شيء بدءا من المتاحف إلى الأسواق الغنية والمتوسطة إلى الفقيرة، فيها المسرح والسينما والحدائق والعلم والتقنية.. الخلاصة فيها كل شيء. أوروبا كانت باستمرار الأقرب إلينا مكانا وعاطفة فلم تكن كالولايات المتحدة التى نحتاج إلى إحدى عشرة ساعة للوصول اليها أو إلى آسيا المتعددة الدول والثقافات والعادات والتى تحتاج زيارتها إلى مصاحبة مرشد سياحى للتفاهم مع مواطنيها. فالبلدان الأوروبية كانت ولا تزال الاقرب لنا لا يفصلها عنا محيط أو يابس ممتد. كما اننا كنا نستطيع التفاهم مع البشر فيها لاقترابنا من إحدى اللغتين فيها الانجليزية او الفرنسية. كانت قارة لطيفة وسهلة بالنسبة لنا بالرغم من ان بلدانها وعواصمها ليست أجمل البلدان او العواصم. كما انها القارة التى فجرت تطور العلم الحديث، عرفنا منا نيوتن وكانت وشوبنهاور ومن الفنانين عرفنا باخ ولامبرانت وغيرهم الكثيرون. كما ان العلاقات الاقتصادية بين شعوبنا وشعوبها استمرت لعقود قوية ومتينة لقربها منا وقربنا منها. فالقارة الأوروبية شريكة لحوض البحر المتوسط كشراكتنا له. وفى القديم كانت البواخر البحرية تحملنا الى هناك كما تحملهم الينا. وكنا دائما مهمين بالنسبة اليهم لأننا كنا طريقهم القديم الى مستعمراتهم عندما بدأوا مرحلة الاستعمار. وحتى عندما كنا ندرس تاريخنا وتاريخهم فى مدارسنا وجامعاتنا كنا نعرف انهم «البلدان التى استعمرتنا فرنسا وبريطانيا» بالرغم من أنهما لم يكونا اول المستعمرين تاريخيا سبقهم إلى الحالة الاستعمارية بلدان أوروبية أخرى كالبرتغال، أما تلك البلدان التى استعمرتنا فقد جاءت إلى بلداننا بعد ثورتين كبيرتين، الثورة الصناعية فى بريطانيا والثورة البرجوازية فى فرنسا ولكن وبعد ان ناضلنا وتخلصا من استعمارهما استطعنا ان نحكم بلادنا بحرية وبلا تدخلات منهما. وحتى عندما ارتكبوا الخطأ فى الاعتداء علينا عام 1956 استطعنا ان ننتصر عليهما سياسيا ونسقط امبراطورياتيهما وحكوماتيهما. والآن نتابع الأحداث الأوروبية بكل حسرة وخوف على تاريخها القديم فى القرنين التاسع عشر والعشرين. لقد بدأت القارة القديمة فى الانحدار منذ ان بدأت تتعارك مع بعضها البعض. أى منذ الحرب العالمية الاولى ثم ازداد انهيارها بعد الحرب العالمية الثانية. فى الحربين لم تستطع إنهاء الحرب بينها إلا بالتدخل غير الأوروبي. اى بالتدخل الأمريكى وهو التدخل الذى استمر الى الآن يحاول إخضاعها لوصايته بالسلاح وبالسياسة حتى باتت تحمل الاسم المعروف عنها الآن القارة العجوز. وتعيش الآن القارة الأوروبية فى حالة يمكن ان نطلق عليها «حالة محاولة إعادة الكيان القديم»، وهو كيف يمكن الاستقلال عن الولايات المتحدة أو كيف يمكن ان يكون لبلدانها الشرقية والغربية السبعة والعشرين» رأيها المستقل فى إدارة الأزمات الإقليمية والعالمية. وهى قضية ليست سهلة فى الأوضاع الاقتصادية التى تمر بها الآن غالبية بلدان الاتحاد الأوروبي. لأنها تسعى للاستقلال عسكريا وسياسيا. والذى أثار البلدان الأوروبية وجعلها تتحرك من اجل كيانها المستقل هو موضوع «أوكرانيا» ومحاولة الولايات المتحدة حله دون مشاركة البلدان الأوروبية التى دفعها البيت الأبيض الى الانخراط فى الحرب الروسية الاوكرانية «بالسلاح والمال والتدريب» وانسحاب كل من فرنسا وألمانيا من اتفاق مينسك الذى شاركتا فى توقيعه كضمان عدم دخول حلف الأطلنطى الى الحدود الروسية الاوكرانية. فالإدارة السياسية فى الحكومات الاوروبية تختلف كثيرا عن الإدارة السياسية فى الولايات المتحدة من حيث المحاسبة الشعبية للحكومات وتحديدا فى الانتخابات. وتزداد المشكلة تعقيدا فى الحالة الأوروبية مع وجود جانب من تلك الدول السبع والعشرين ذات تقاليد ديمقراطية أكثر رسوخا من مجموعة البلدان الشرقية التى التحقت حديثا بالاتحاد الأوروبى والتى تحمل معها التقاليد الموروثة من الاتحاد السوفيتي. لقد اشتاقت تلك الدول الأوروبية الشرقية للحاق بالاتحاد الأوروبى وبلدانه فور سقوط الاتحاد السوفيتى فى بداية تسعينيات القرن الماضى. وكانت اوكرانيا منهم إلا فيما يخص حلف الناتو الذى لم تسمح موسكو بوجوده على حدودها الغربية فى اوكرانيا. الخلاصة أن أوروبا تحاول الآن لملمة «حالها السبع والعشرين» لتنشئ اتحادا مستقلا سياسيا بجانب ناتو مستقل عسكرى. فهل تستطيع؟ وإذا استطاعت فكم من الوقت تحتاج؟ تريد استقلالا سياسيا وعسكريا عن الولايات المتحدة الأمريكية. وهل تستطيع اقتصاديا ثم ثقافيا وهى تحمل معها تراثا ثقافيا مختلفا بين شرقها وغربها. الواضح أن أوروبا الموحدة التى فرحت بنفسها منذ سقوط الاتحاد السوفيتى لم تفق بعد من غيبوبتها وفرحتها من هذا السقوط. لقد استمرت تعتمد على البيت الأبيض فى خطواتها وفى سياساتها الخارجية حتى غرقت فى سياسات لاتؤمن بها شعوبها ويتضح ذلك بكل وضوح فى الموقف الأوروبى المخالف الذى ظهر لنا يوم الهجوم الأخير على غزة. يومها قال رئيس الوزراء الإسرائيلى ان الهجوم تم بمعرفة البيت الأبيض فى حين صدر بيان «خافت وضعيف» يدينه من الاتحاد الأوروبي. نعم «خافت وضعيف» لأنه لا يحمل فى طياته تلك النبرة الحادة التى كانت تصدر من اى دولة أوروبية منفردة. كما يتضح فى يوم الواحد والعشرين من مارس الماضى يوم الإعلان عن البيان المشترك الصادر من البلدان الثلاثة فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والخاص بالمطالبة بوقف الحرب بهجماتها الجديدة على غزة وفتح المعابر لتوصيل مستلزمات الحياة للشعب الغزاوي. وهو المشروع الذى ترفضه إسرائيل ولا يوافق عليه البيت الأبيض «حسب تصريحات ترامب المعلنة فى خطاب نيتانياهو». إنها مرحلة سياسية جديدة ليست بين دول تسعى إلى تحررها وبين الولايات المتحدة. إنما بين قارة «من 27 بلدا» تسعى لتحررها من سيطرة الدولار وقيود مشروع مارشال لإعادة بناء أوروبا. هل نتذكره؟.
بوابة الأهرام٠٥-٠٤-٢٠٢٥منوعاتبوابة الأهرامأوروبا.. القارة العجوز جدانشأنا وكبرنا على أننا إذا أردنا أن نرى العالم وطيباته فعلينا أن نتجه إلى باريس أو لندن أو مدريد أو بون أو جينيف، الخلاصة إلى اوروبا قارة قريبة منا لا يأخذ الطيران إليها أكثر من البضع القليل من الساعات فيها كل شيء بدءا من المتاحف إلى الأسواق الغنية والمتوسطة إلى الفقيرة، فيها المسرح والسينما والحدائق والعلم والتقنية.. الخلاصة فيها كل شيء. أوروبا كانت باستمرار الأقرب إلينا مكانا وعاطفة فلم تكن كالولايات المتحدة التى نحتاج إلى إحدى عشرة ساعة للوصول اليها أو إلى آسيا المتعددة الدول والثقافات والعادات والتى تحتاج زيارتها إلى مصاحبة مرشد سياحى للتفاهم مع مواطنيها. فالبلدان الأوروبية كانت ولا تزال الاقرب لنا لا يفصلها عنا محيط أو يابس ممتد. كما اننا كنا نستطيع التفاهم مع البشر فيها لاقترابنا من إحدى اللغتين فيها الانجليزية او الفرنسية. كانت قارة لطيفة وسهلة بالنسبة لنا بالرغم من ان بلدانها وعواصمها ليست أجمل البلدان او العواصم. كما انها القارة التى فجرت تطور العلم الحديث، عرفنا منا نيوتن وكانت وشوبنهاور ومن الفنانين عرفنا باخ ولامبرانت وغيرهم الكثيرون. كما ان العلاقات الاقتصادية بين شعوبنا وشعوبها استمرت لعقود قوية ومتينة لقربها منا وقربنا منها. فالقارة الأوروبية شريكة لحوض البحر المتوسط كشراكتنا له. وفى القديم كانت البواخر البحرية تحملنا الى هناك كما تحملهم الينا. وكنا دائما مهمين بالنسبة اليهم لأننا كنا طريقهم القديم الى مستعمراتهم عندما بدأوا مرحلة الاستعمار. وحتى عندما كنا ندرس تاريخنا وتاريخهم فى مدارسنا وجامعاتنا كنا نعرف انهم «البلدان التى استعمرتنا فرنسا وبريطانيا» بالرغم من أنهما لم يكونا اول المستعمرين تاريخيا سبقهم إلى الحالة الاستعمارية بلدان أوروبية أخرى كالبرتغال، أما تلك البلدان التى استعمرتنا فقد جاءت إلى بلداننا بعد ثورتين كبيرتين، الثورة الصناعية فى بريطانيا والثورة البرجوازية فى فرنسا ولكن وبعد ان ناضلنا وتخلصا من استعمارهما استطعنا ان نحكم بلادنا بحرية وبلا تدخلات منهما. وحتى عندما ارتكبوا الخطأ فى الاعتداء علينا عام 1956 استطعنا ان ننتصر عليهما سياسيا ونسقط امبراطورياتيهما وحكوماتيهما. والآن نتابع الأحداث الأوروبية بكل حسرة وخوف على تاريخها القديم فى القرنين التاسع عشر والعشرين. لقد بدأت القارة القديمة فى الانحدار منذ ان بدأت تتعارك مع بعضها البعض. أى منذ الحرب العالمية الاولى ثم ازداد انهيارها بعد الحرب العالمية الثانية. فى الحربين لم تستطع إنهاء الحرب بينها إلا بالتدخل غير الأوروبي. اى بالتدخل الأمريكى وهو التدخل الذى استمر الى الآن يحاول إخضاعها لوصايته بالسلاح وبالسياسة حتى باتت تحمل الاسم المعروف عنها الآن القارة العجوز. وتعيش الآن القارة الأوروبية فى حالة يمكن ان نطلق عليها «حالة محاولة إعادة الكيان القديم»، وهو كيف يمكن الاستقلال عن الولايات المتحدة أو كيف يمكن ان يكون لبلدانها الشرقية والغربية السبعة والعشرين» رأيها المستقل فى إدارة الأزمات الإقليمية والعالمية. وهى قضية ليست سهلة فى الأوضاع الاقتصادية التى تمر بها الآن غالبية بلدان الاتحاد الأوروبي. لأنها تسعى للاستقلال عسكريا وسياسيا. والذى أثار البلدان الأوروبية وجعلها تتحرك من اجل كيانها المستقل هو موضوع «أوكرانيا» ومحاولة الولايات المتحدة حله دون مشاركة البلدان الأوروبية التى دفعها البيت الأبيض الى الانخراط فى الحرب الروسية الاوكرانية «بالسلاح والمال والتدريب» وانسحاب كل من فرنسا وألمانيا من اتفاق مينسك الذى شاركتا فى توقيعه كضمان عدم دخول حلف الأطلنطى الى الحدود الروسية الاوكرانية. فالإدارة السياسية فى الحكومات الاوروبية تختلف كثيرا عن الإدارة السياسية فى الولايات المتحدة من حيث المحاسبة الشعبية للحكومات وتحديدا فى الانتخابات. وتزداد المشكلة تعقيدا فى الحالة الأوروبية مع وجود جانب من تلك الدول السبع والعشرين ذات تقاليد ديمقراطية أكثر رسوخا من مجموعة البلدان الشرقية التى التحقت حديثا بالاتحاد الأوروبى والتى تحمل معها التقاليد الموروثة من الاتحاد السوفيتي. لقد اشتاقت تلك الدول الأوروبية الشرقية للحاق بالاتحاد الأوروبى وبلدانه فور سقوط الاتحاد السوفيتى فى بداية تسعينيات القرن الماضى. وكانت اوكرانيا منهم إلا فيما يخص حلف الناتو الذى لم تسمح موسكو بوجوده على حدودها الغربية فى اوكرانيا. الخلاصة أن أوروبا تحاول الآن لملمة «حالها السبع والعشرين» لتنشئ اتحادا مستقلا سياسيا بجانب ناتو مستقل عسكرى. فهل تستطيع؟ وإذا استطاعت فكم من الوقت تحتاج؟ تريد استقلالا سياسيا وعسكريا عن الولايات المتحدة الأمريكية. وهل تستطيع اقتصاديا ثم ثقافيا وهى تحمل معها تراثا ثقافيا مختلفا بين شرقها وغربها. الواضح أن أوروبا الموحدة التى فرحت بنفسها منذ سقوط الاتحاد السوفيتى لم تفق بعد من غيبوبتها وفرحتها من هذا السقوط. لقد استمرت تعتمد على البيت الأبيض فى خطواتها وفى سياساتها الخارجية حتى غرقت فى سياسات لاتؤمن بها شعوبها ويتضح ذلك بكل وضوح فى الموقف الأوروبى المخالف الذى ظهر لنا يوم الهجوم الأخير على غزة. يومها قال رئيس الوزراء الإسرائيلى ان الهجوم تم بمعرفة البيت الأبيض فى حين صدر بيان «خافت وضعيف» يدينه من الاتحاد الأوروبي. نعم «خافت وضعيف» لأنه لا يحمل فى طياته تلك النبرة الحادة التى كانت تصدر من اى دولة أوروبية منفردة. كما يتضح فى يوم الواحد والعشرين من مارس الماضى يوم الإعلان عن البيان المشترك الصادر من البلدان الثلاثة فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والخاص بالمطالبة بوقف الحرب بهجماتها الجديدة على غزة وفتح المعابر لتوصيل مستلزمات الحياة للشعب الغزاوي. وهو المشروع الذى ترفضه إسرائيل ولا يوافق عليه البيت الأبيض «حسب تصريحات ترامب المعلنة فى خطاب نيتانياهو». إنها مرحلة سياسية جديدة ليست بين دول تسعى إلى تحررها وبين الولايات المتحدة. إنما بين قارة «من 27 بلدا» تسعى لتحررها من سيطرة الدولار وقيود مشروع مارشال لإعادة بناء أوروبا. هل نتذكره؟.