logo
#

أحدث الأخبار مع #وهوميروس

الصعب المبتهج في رواية "لغة الأرض الأولى" لدريد عودة
الصعب المبتهج في رواية "لغة الأرض الأولى" لدريد عودة

النهار

time١١-٠٢-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • النهار

الصعب المبتهج في رواية "لغة الأرض الأولى" لدريد عودة

ما من رواية كلاسيكيّة إلّا وتحتوي على عقدة وحلّ، وما من قصّة خياليّة فلسفيّة إلّا وتضم حلم الأرواح ما بين السطور، لتهديها واقعاً جميلاً للقارىء؛ فكيف إذا تكلّمت عن لغة الحبّ كرواية "لغة الأرض الأولى" لدريد عودة؟ عندما قرأتك يا دريد في ديوان "يوم بكى الله" لم أتّهمك بالصعوبة، لأنّ الصعوبة سِمة المستوى. وقد أتيح لي قراءتك مجدّداً في رواية "لغة الأرض الأولى"، فوجدت في أدبك: الصعب المبتهج. لأنّك بفلسفتك الفريدة جعلتني أنتقل من التربّع في دواخلي، إلى التحليق مع أرواح شخوص الرواية. فكانت القراءة سهلة لأنّني قرأت بحبّ. وامتنع عنّي المطلق الذي حلّقتَ بالقارىء نحوه، عند قراءة كلّ صفحة شاركتها مع حديث زائر، أو في الإجابة عن سؤال أحدهم عن أمر حياتيّ نقلني من جو الرواية. والحقيقة تُقال، إنّ استيعاب معاني الرواية، يكون في مستواه الأعلى عند اندماج القارىء الكليّ مع روعة ما خلق الخالق، بعيداً عن الأمور الدنيويّة، كاندماج الحكمة مع الفلسفة. مئة وثلاث وثلاثون صفحة فقط، لكنّها تحوي على موهبة نبعٍ، فهي أدب حديث، يحفّزك على الخوض في ما أسبغه الله على الإنسان من مواهب الروح، فجاءت المعاني خليقة بالحكمة كونها ضمّت لغة الحبّ، وقد باح الكتاب بما فُتح على دفتيه، أي قلب القارىء. وكانت كلمة الهدف في الرواية هي الأزل وتلك مقابِلة لكلمة الأبد. فلم يلعب الكاتب لعبة الكلمات، بل أطلّ على الوجود محبّاً وليس واعظاً، ودمج الأبد مع الأزل في فضاء فكر القارىء. انطلق بطل الرواية "كاهن النور" برحلته من عتبات اللّون البهي، "وما قوس قزح غير جفنك الجميل الساهر على غفوة الأيّام" (صفحة 10)، ليصل إلى أزل جعله صاحب الجفن الجميل مدموجاً مع الموسيقى، في نهاية رحلة لم تنتهِ، "فجأةً انبعث صوتٌ من اللامكان، بل من كلّ مكان، تردّد صداه أغنية على شفاه الأثير" (صفحة 119). وكانت محطّات عديدة خلال الرحلة الطويلة مع راهب، وعاشقة حُرّم عليها حبيبها، ورسّام، وهوميروس شاعر بلاد الإغريق، وفلّاح، وراعٍ... وحاكم مستبد؛ وانتهى به المطاف في أفق لا حدود له، ليبدأ رحلة متجدّدة مع "ميريام" التي تسكن في الأزل، فاستَمَعَتْ إلى خلجات قلبه التي صُنعت في أوردة الحبّ، وهو لم يتصوّر أن يجد غادة هيفاء تراقص النور بملء حيائها، وتجعل ذرّات المكان طوعاً لقبلاتها التائهة بين شفاه الكون، وهي تحيك عبق الهواء بزبد الموج الخارج من بحر سراب داخل المدينة: "سمعْتُ أمنية قلبك، روحك، حوريّة أعماقك تنادي. أنا ميريام! تعال أيّها الحبيب" (صفحة 125). دمج دريد عودة فلسفة شخصيّات الرواية، بنصوص مسكوبة بأصالة الفلسفة الإشراقيّة بتعالٍ، مما جعل النفس المكلومة، تتعالى غاوية في شرودها نحو اللّذة المستحيلة. وإذ بها تحلّق على أجنحة الشوق للوصول إلى الحقيقة، وإلى حلم يلهو بين ألق العينين. فأنسن العناصر وشيّأ المتبجّحين، وكان للتراب حصّة من المعرفة، كشغف الإنسان لمعرفته بذاته: "والتراب يتضوّع بعطور الأرض الدفينة التي قدّمها له إله المطر في أعياد الفصول" (صفحة 70). عادني عند قراءة هذا المقطع، حديث جدّتي في مرحلة الولدنة عندما سألتها، لماذا تطمرين في التراب بزرتين من القِثاء في كلّ حفرة أعدّت للزرع؟ أتى جوابها الفلسفيّ البسيط: "يا ستّي يا حبيبي لأنن بيتوشوشوا مع بعضن، الوحدة قاتلة يا ستي".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store