مصطفي بيومي .. الإنسان قبل الكاتب
فى مساء الأحد، 2 يناير، رحل عن عالمنا الكاتب الصحفى والأديب والناقد مصطفى بيومي، بعد صراع مع المرض، تاركًا وراءه إرثًا غنيًا من الكتابات التى أثرت الصحافة والأدب العربي. لم يكن مجرد كاتب يملأ الصفحات بالحروف، بل كان روحًا تحب الحياة، تتأملها، وتكتب عنها بصدق وحب وحنين.
تشرفتُ بالعمل معه لأكثر من عشر سنوات، عرفتُه فيها إنسانًا قبل أن يكون كاتبًا، كان حنونًا، حساسًا، ناصحًا، وصديقًا حقيقيًا لكل من عرفه. لم يبخل أبدًا بنصيحة أو كلمة طيبة، ولم يكن يومًا مجرد رئيس فى العمل، بل كان أبًا وأخًا قريبًا للقلب.كان للشتاء مكانة خاصة فى قلب مصطفى بيومي، كان يرى فيه دفئًا خاصًا رغم برودته، ربما لأنه فصل التأمل والهدوء، حيث يمكن للكاتب أن يختلى بأفكاره ويبوح بها على الورق. أما الموسيقى، فكانت السيدة أم كلثوم هى صوته المفضل، صوت يحمل عبق الماضى ورقى الفن، صوت يعبر عن مشاعره كما لو كانت كلماته.لم يكن يمر يوم دون أن يحتسى قهوته المفضلة، كانت رفيقته الدائمة، تمامًا كما كان القلم والورق رفيقيه فى كل لحظة. لم تكن الكتابة مجرد مهنة له، بل كانت حياة، وكان يجد فى كل صفحة بيضاء عالمًا جديدًا يسكنه بإبداعه وأفكاره.كان يعشق أدب نجيب محفوظ، كتب عنه كثيرًا، ناقش أعماله، وتعمق فى شخصياته، وكأنه كان يبحث فيها عن نفسه، عن فلسفته الخاصة، عن حبه للحياة رغم قسوتها. لم يكن مجرد ناقد لأعمال محفوظ، بل كان محبًا لها بكل تفاصيلها.حتى فى أصعب لحظات مرضه، لم يستسلم مصطفى بيومي، ظل ممسكًا بالقلم، يكتب رغم الألم، يواجه الحياة بالكلمات، كأن الكتابة كانت علاجه، أو ربما كانت طريقته فى مقاومة النهاية.كان إنسانًا نادرًا، صديقًا حقيقيًا لم يبخل يومًا بالنصيحة، حتى فى أدق تفاصيل حياتي. لم يكن يسأل عنى من باب المجاملة، بل كان اهتمامه صادقًا، نابعًا من قلب رقيق، كان دائم السؤال عن أحوالي، حاضرًا فى كل لحظة، يشاركنى الأفراح ويدعمنى فى الأوقات الصعبة.كان يملك قدرة نادرة على الاستماع، وعلى أن يمنح كلماته طاقة من الأمل والتفاؤل، حتى فى أشد اللحظات قسوة. لم يكن مجرد رئيس عمل، بل كان أخًا، سندًا، شخصًا تعرف أنه مهما أبعده الزمن سيظل هناك، يسأل، يهتم، يشاركك همومك وكأنه يحمل جزءًا منها عنك.رحيله ليس مجرد غياب، بل هو فراغ لن يُملأ، هو فقدان لصوت اعتدت سماعه، ولروح كانت دائمًا قريبة، تطمئن وتسأل وتمنح دون انتظار مقابل.كان دائمًا أول المهنئين لى بعيد ميلادي، لم ينسَ يومًا، كان صوته يأتى محمَّلًا بالدفء، وكلماته تسبقها مشاعر صادقة لا تزيفها المجاملات. لكنه هذا العام لم يستطع، كان المرض قد أنهكه، وعندما حاولت الاتصال به لتهنئته بعيد ميلاده يوم 11 ديسمبر، لم يكن قادرًا على الرد.ولكن ردت عليَّ ابنته "نهى"، بصوت هادئ يحمل بين طياته الكثير، قالت لي: "بابا صوته تعبان ومش قادر يتكلم"، شعرت حينها بوجع لا يمكن وصفه، لكنه لم يكن وجع الغياب بعد، بل وجع العجز، أن أكون معتادة على سماع صوته فى هذا اليوم ولا أسمعه، أن أقول له "كل سنة وأنت طيب" ولا يرد عليَّ بنفس الحماس المعتاد.لكننى لم أشأ أن أثقل عليه، كل ما استطعت قوله: "أنا بس بسأل عليه وعلى صحته، وبهنيه بعيد ميلاده.. ربنا يخليه لينا ويمد فى عمره وصحته." كنت أتمسك بأى أمل، بأى فرصة لأن يتجاوز المرض، لكنه كان أقوى هذه المرة، أقوى من كلماته، أقوى من صوته الذى أحببناه جميعًا.رحل مصطفى بيومي، لكن روحه الطيبة ستظل باقية، صوته سيبقى يتردد فى ذاكرتي، وذكراه ستظل تعيش معى فى كل لحظة كنت أنتظر فيها اتصاله. رحمك الله يا أستاذ مصطفى، لن يكون عيد ميلادى كما كان بدونك، ولن يكون يوم 11 ديسمبر مجرد تاريخ بعد الآن، بل يومٌ سيذكرنى دومًا بصديق كان يعنى لى الكثير، وستظل كلماتك وذكرياتك ونصائحك جزءًا لا يُمحى من حياتي.. رحمك الله يا أستاذ مصطفى، كنت كاتبًا عظيمًا، لكنك كنت إنسانًا أعظم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الفجر
منذ 2 ساعات
- بوابة الفجر
«الباشا» يُبهر جدة.. هنا الزاهد وكريم عبد العزيز يحتفلان بالنجاح ورسائل دعم من نجوم الفن
أسدلت مسرحية "الباشا" ستارها على خشبة مسرح سيتي ووك بمدينة جدة، وسط أجواء احتفالية بعد نجاح كبير حظي بإشادة واسعة من الجمهور والنقاد. وقد حرصت الفنانة هنا الزاهد على مشاركة متابعيها لحظات خاصة من كواليس العمل، بنشر مجموعة صور جمعتها بالنجم كريم عبد العزيز، بطل العرض المسرحي. وعلّقت الزاهد عبر حسابها الرسمي على إنستجرام: "من القراءة الأولى وحتى الختام، كانت تجربة لا تُنسى. شكرًا لكل من جعل هذه المسرحية ممكنة، من على الخشبة إلى خلف الكواليس، كنتم رائعين". من جانبه، عبّر الفنان كريم عبد العزيز عن امتنانه لحفاوة الجمهور السعودي، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب في برنامج "الحكاية"، قائلًا: "ردود الأفعال تفرح وتشرف، وسعيد بتجربة المسرح في السعودية للسنة الثانية على التوالي". كما وجّه كريم عبد العزيز شكره للمستشار تركي آل الشيخ، قائلًا: "الدعم الكبير اللي حصلنا عليه ساهم في نجاح المسرحية.. الإمكانيات كانت مبهرة فعلًا". ولم تمر لحظة النجاح مرور الكرام على الوسط الفني، إذ انهالت التهاني من زملائه الفنانين، أبرزهم ريهام عبد الغفور التي كتبت: "مبروك يا كيكو حبيبي"، والفنانة نيللي كريم بقولها: "مبروك يا حبيبي ألف مبروك"، إلى جانب النجم عمرو عبد العزيز الذي علّق: "بالنجاح إن شاء الله".


بوابة الفجر
منذ 2 ساعات
- بوابة الفجر
«الباشا» يُبهر جدة.. هنا الزاهد وكريم عبد العزيز يحتفلان بالنجاح ورسائل دعم من نجوم الفن
أسدلت مسرحية "الباشا" ستارها على خشبة مسرح سيتي ووك بمدينة جدة، وسط أجواء احتفالية بعد نجاح كبير حظي بإشادة واسعة من الجمهور والنقاد. وقد حرصت الفنانة هنا الزاهد على مشاركة متابعيها لحظات خاصة من كواليس العمل، بنشر مجموعة صور جمعتها بالنجم كريم عبد العزيز، بطل العرض المسرحي. وعلّقت الزاهد عبر حسابها الرسمي على إنستجرام: "من القراءة الأولى وحتى الختام، كانت تجربة لا تُنسى. شكرًا لكل من جعل هذه المسرحية ممكنة، من على الخشبة إلى خلف الكواليس، كنتم رائعين". من جانبه، عبّر الفنان كريم عبد العزيز عن امتنانه لحفاوة الجمهور السعودي، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب في برنامج "الحكاية"، قائلًا: "ردود الأفعال تفرح وتشرف، وسعيد بتجربة المسرح في السعودية للسنة الثانية على التوالي". كما وجّه كريم عبد العزيز شكره للمستشار تركي آل الشيخ، قائلًا: "الدعم الكبير اللي حصلنا عليه ساهم في نجاح المسرحية.. الإمكانيات كانت مبهرة فعلًا". ولم تمر لحظة النجاح مرور الكرام على الوسط الفني، إذ انهالت التهاني من زملائه الفنانين، أبرزهم ريهام عبد الغفور التي كتبت: "مبروك يا كيكو حبيبي"، والفنانة نيللي كريم بقولها: "مبروك يا حبيبي ألف مبروك"، إلى جانب النجم عمرو عبد العزيز الذي علّق: "بالنجاح إن شاء الله".

مستقبل وطن
منذ 5 ساعات
- مستقبل وطن
وائل الفشني يُحيي حفلًا غنائيًا في ساقية الصاوي 26 يونيو المقبل
يستعد المطرب وائل الفشني لإحياء حفل غنائي مميز في ساقية عبد المنعم الصاوي، وذلك مساء الأربعاء 26 يونيو 2025، حيث يقدم خلاله باقة من أبرز أعماله الغنائية والإنشادية التي لاقت استحسان الجمهور، إلى جانب مجموعة من القصائد الصوفية والروحية التي اشتهر بأدائها بأسلوبه الفريد. أبرز ما سيقدمه في الحفل: أكاد من فرط الجمال أدعوك في وحدتي صلوا على حضرته صلينا على مين الحشاشين سافر حبيبي وكنت فين يا وعد بيت الرفاعي مالي سواك حلم يوم بالنبي أشتاق يا الله عيني لغير جمالكم تصريحات فنية: وخلال استضافته في بودكاست "كلام في الفن" مع الكاتب محمد العسيري عبر قناة الوثائقية، تحدّث الفشني عن إعجابه بالمطرب الراحل محمد رشدي، قائلاً:"كانت خامته رائعة وطريقته في الإلقاء مميزة". كما أضاف أن جيل الزمن الجميل كان يتميز بالقوة في الأداء، مشيرًا إلى أن: "المطرب محمد العزبي كان أشطر من محمد رشدي في الإيقاع الغنائي".