أوروبا تضغط على إسرائيل لوقف مجازر غزة
شهد الأسبوع الماضي تطورات فارقة فى القضية الفلسطينية، فما يحدث فى غزة تداعياته الإنسانية والسياسية ستتجاوز زمن الحرب نفسها، مشاهد القتل والفتك بالأرواح التي سالت دماء أصحابها في غزة المنكوبة ستظل عالقة فى أذهان كل من هو حى على هذه الأرض، وكل من كان له قلب، أما التغييرات التى تثابر إسرائيل لإحداثها فتمثل مرحلة جديدة فى الصراع الأقدم فى المنطقة، ولن يمحوها تفاهمات سياسية أو اتفاقات تطبيع جديدة كما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال القمة العربية الأخيرة في العراق.
على الصعيد الإنساني، لم يتوقف القتل والفتك والتدمير والعدوانية والوحشية والحس الانتقامى الشيطانى، وكان السكرتير العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، قال إن الفلسطينيين يعيشون العدوان الأوحش على الإطلاق فى الوقت الحالي، والمشاهد التى تنقل لنا من القطاع أشبه بصخور جاثمة على صدور كل من يتابعها، راسخة فى الأذهان مهما انشغل الفرد فى تفاصيل الحياة.ما يزيد وطأة الآلام قصص تنتقل عبر زخم المآسي وآخرها قصة الطبيبة آلاء النجار التى كانت قد غادرت للتو منزلها فى خان يونس باتجاه مستشفى ناصر التى تعمل به طبيبة أطفال، تاركة عشرة من أبنائها فى المنزل، وما إن عاد إليهم الوالد بعد مرافقة زوجته فى الطريق للمستشفى، استهدف المنزل صاروخ، صناعة أمريكية مخصص للتدمير، فانفجر المنزل، وفى حين علق أصغر الأبناء (ستة أشهر) تحت الأنقاض، طالت ألسنة الحريق الأجساد الصغيرة الأخرى فحرقتها ومزقتها النيران، لتنتقل أرواحهم جميعا إلى السماء حيث معية أرحم الراحمين.◄ موقف أوروبيأضافت صرخات الفقد إلى صرخات الجوع الذى يعانيه الفلسطينيون صدى وصل أخيرًا إلى الجانب الآخر من البحر المتوسط، حيث ظهرت بوادر موقف سياسى يتشكل ضد إسرائيل، وبدون الخوض فى تفاصيل غير مسبوقة من حيث التصريحات المنددة والتهديدات الصريحة والمبطنة من القادة الأوروبيين بحق حكومة الاحتلال، إلا أن ثمة ملاحظتين أساسيتين، أولاهما أن هذه الهجمة المنسقة ربما تستهدف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو وائتلاف اليمين الذى يدعمه، وذلك حتى وإن كانت التهديدات تتحدث عن مراجعة الاتفاق التجارى بين أوروبا وإسرائيل كلها، ولا يمكن فصل التنسيق الذى تم بين الأوروبيين عن تنسيق آخر تم مع واشنطن، فلا يمكن تصور أن يقوم الأوروبيون بهذه الحملة من الضغوط القصوى على نتنياهو إلا بعد ضوء أخضر من أمريكا، والتاريخ يزخر بحالات أوعزت فيها واشنطن لحلفائها بالهجوم على إسرائيل، بينما تقف منهم جميعا موقف المتفرج، وذلك فى ظل أوقات الاحتقان السياسى بين تل أبيب وواشنطن، والوقت الحالى هو أحدث الأمثلة على ذلك، فلا يُعقل للحلفاء أن يهاجموا إسرائيل فى وقت سترد عليهم فيه واشنطن دفاعا عن تل أبيب، بل يجب أن يكون هذا الهجوم منسقا مع واشنطن لتأديب تل أبيب فى تمردها على البيت الأبيض.أما الملاحظة الثانية، فهى أن الاختبار الحقيقى لهذا الموقف الأوروبى «المشرف» هو عندما تتحول التهديدات إلى إجراءات فعلية وقرارات تؤلم الجانب الإسرائيلى، وهو ما يتوقع أن يخضع البت فيه أيضا للمشاورات عبر الأطلنطى.◄ نوايا تل أبيبوفي وسط هذه الضغوط، خرج نتنياهو بكلمة إلى الإسرائيليين يعلن فيها أن الحرب لن تتوقف إلا بخروج حماس من القطاع، أى أن عودة الأسرى لم تعد هى سبب الحرب أو شرط وقفها.والحقيقة، أن نتنياهو كالمعتاد لا يقول كل شيء، فثمة شرط آخر وأهم لإنهاء الحرب.. بل هو أمل وغاية أئمة اليمين المنفلت وهو إفراغ القطاع من أهله.. فحتى لو تنازلت حماس عن السلاح وتركت القطاع لن تتوقف إسرائيل عن دفع سكانه للخروج منه لكى تستولى على أراضيهم، فالتهجير هو وبحق معيار الهزيمة والانتصار بالنسبة لنتنياهو وحلفائه من اليمين وأشهرهم وزير الأمن القومى المتطرف إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش. ومما سبق، فإنه من شبه اليقين أن بقاء الفلسطينيين على أراضيهم هو الغاية التى يجب أن تعمل من أجلها كل الأطراف المخلصة للقضية. وهى القضية التى يمكن بموجبها أيضا فرز المواقف السياسية للدول.. فالتهجير هو أساس الصراع الحالى فى غزة.أما ما يعرقل الإسرائيليين عن إتمام التهجير فهو الحذر من الصدام مع مصر، فى حالة رغبتهم فى التهجير القسرى، أو إيجاد مكان آخر يستقبلهم من الأساس، وإسرائيل تعلم أنه لا يمكنها حل هذه المعضلة وحدها، ولا مفر من الاعتماد على الجانب الأمريكى واتصالاته وبريق دبلوماسيته، وابتزازه المحتمل للدول فى صراعاته التجارية إن لزم الأمر، وذلك فى إيجاد مكان لاستقبال الفلسطينيين.لكن الواقع أن أمريكا نفسها عاجزة عن إيجاد مكان لاستقبال من تهجرهم هى من أراضيها من طالبى اللجوء، بدأ الأمر بالإعلان عن الترحيل القسرى لدول الموطن الأصلى فى أمريكا اللاتينية واستتبعه خلافات كبيرة بين واشنطن وهذه الدول انتهت بتفاهمات مؤقتة، لكن مواطنى الدول الأخرى أين يمكن ترحيلهم إذا لم تقبلهم دولهم، وبدأت التقارير الإعلامية فى الكشف تباعا عن تفاهمات سرية بين واشنطن ودول لاستقبال هؤلاء، وآخر هذه الأمثلة هو اكتشاف اتفاق بين أمريكا وجنوب السودان لاستقبال المهجرين من أمريكا ولم يعرف به إلا عندما أصدر قاضٍ فى نيويورك أمرا يوقف إجراء الترحيل القسرى باعتبار جنوب السودان دولة غير آمنة، والخلاصة أن أمريكا نفسها عاجزة عن إيجاد مكان لاستقبال المرحلين قسريا منها وهو أحد وعود الرئيس دونالد ترامب الانتخابية، فما بالنا بعدم قدرتها على إيجاد مكان لاستقبال الفلسطينيين، وهو ما يفسر أحد الأسباب الواقعية لتراجع ترامب عن وصفته بإفراغ القطاع من أهله لإعادة بنائه.◄ اقرأ أيضًا | مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: أنقذوا غزة◄ مظلة زمنيةوقبل أيام، تحدث وزير الخارجية، ماركو روبيو، فى جلسة استماع بالكونجرس، وقال إن أمريكا لا تسعى فى التهجير القسرى للفلسطينيين، لكنها تساعد بالبحث عن دول لاستقبال «من يريد الخروج» من أهالى القطاع، رُبما تعمل إسرائيل بإصرار على جعل «من يريد الخروج» من القطاع هو كل الأهالى بالفعل، فإسرائيل لا تقتل الفلسطينيين فقط، بل تقتل الحياة، وتقتل الروح داخل الجسد، فتجعل من الباقين على قيد الحياة موتى بالفعل.مع كل الضغوط الأوروبية والأمريكية، فإن إسرائيل لا تتعجل إنهاء الحرب، ولماذا تنهيها بينما تتخذ منها مظلة زمنية لتغيير الأوضاع فى الضفة وكذلك الأوضاع في الشرق الأوسط والتحرش بإيران، لعل وعسى أن تنضم إليها أمريكا نهاية فى ضربة عسكرية ضد منشآتها النووية، وربما هذه السياسة بشكل محدد - ضد إيران - هى ما أشعلت، وأذكت غضب ترامب، فالرجل الذى عاد من جولة ناجحة له فى المنطقة، قرر فيها أخيرا الانفتاح السياسى على سوريا، بوصفه نهجا لحل المشكلات عبر التفاهمات السياسية والبراجماتية، لا يرغب فى أن يعكر صفو رؤيته للمنطقة أى صراع جديد.ولا يخفى على ترامب ما يفعله نتنياهو لاستدراج إيران فى جولة جديدة من المواجهة والتصعيد. فما بين تسريبات عن خطط إسرائيلية لضرب إيران من ناحية والتصعيد مع أطرافها، الحوثيين فى اليمن، وحزب الله فى لبنان، يسعى الاحتلال مرة أخرى للاشتباك مع إيران بأى طريقة مُمكنة.◄ الممكن.. لا العادلوفي مقابلة إذاعية له مع مُنتدى البدائل العربى للدراسات، قال الدكتور أحمد نبيل، المُحاضر بمركز دراسات السلام والصراع بجامعة وين ستيت الأمريكية، إن ترامب يبحث عن الحلول الجذرية والممكنة ولا تعنيه الحلول العادلة، وشرح نبيل فى مقابلته أن ترامب عندما قرر الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كانت لديه هذه الفكرة.. فالصراع حول القدس هو ما كان محور عقود من المفاوضات، ومن ثم فإنهاء القضية باعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل كان فى نظره الحل الجذرى لإنهاء هذا الأمر، والأمر كذلك مع الجولان السورى المحتل، وما سبق يثير بالفعل، من ناحية أخرى، مخاوف بشأن ضم أراضى الضفة لإسرائيل، بصفته أيضا أحد «الحلول الجذرية» للصراع فى نظر ترامب، ويمكن القول إن سياسة الاحتلال الجارية فى الضفة هى مقدمة لهذا الضم، يتم مع استمرار الأزمة فى غزة وتوجه الأنظار إليها. أما التهجير فيظل الحل الجذرى لكن المستحيل بالنسبة لترامب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة نيوز
منذ 24 دقائق
- وكالة نيوز
ترامب: سنقدم إعلانا بشأن وقف إطلاق النار في غزة خلال أيام
شفقنا – أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرب التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح أسرى بين حركة 'حماس' وإسرائيل في غزة. وقال ترامب من مكتبه بالبيت الأبيض اليوم الجمعة 'نقترب جدا من التوصل إلى اتفاق في غزة، وسنقدم إعلانا بشأنه اليوم أو غدا'. وفي وقت سابق اليوم، أعلنت حركة حماس أنها تجري مشاورات مع القوى والفصائل الفلسطينية بشأن مقترح المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف لوقف إطلاق النار في غزة. وقالت حماس في بيان 'نجري مشاورات مع القوى والفصائل الفلسطينية حول مقترح وقف إطلاق النار الذي تسلمناه مؤخرا من ويتكوف عبر الوسطاء (مصر وقطر)'. وأمس الخميس، أعلنت حماس تلقيها مقترحا من الوسطاء لإبرام صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق النار، وأنها تدرسه 'بمسؤولية' بما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني 'ويسهم بإغاثتهم ويحقق وقف إطلاق نار دائم'. ووافقت الحكومة الإسرائيلية أمس الخميس على مقترح ويتكوف حول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بغزة، ووصفته وسائل إعلام إسرائيلية بالأكثر انحيازا لإسرائيل من المقترحات السابقة. ونقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن رئيس الأركان إيال زامير اليوم الجمعة قوله إنه يمكن وقف إطلاق النار في غزة من أجل صفقة تبادل، وأضاف 'لن نسمح بأن تنجر الحرب إلى ما لا نهاية'. *مصادر خبرية انتهى.


نافذة على العالم
منذ ساعة واحدة
- نافذة على العالم
إقتصاد : الأسهم الأوروبية تغلق على ارتفاع ومكاسب أسبوعية مع ترقب تطورات الحرب التجارية
السبت 31 مايو 2025 04:00 صباحاً نافذة على العالم - مباشر: أنهت الأسهم الأوروبية تعاملات اليوم الجمعة، على ارتفاع بشكل جماعي، مع هيمنة الحذر بعد أن أعادت محكمة أمريكية فرض الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب. وأغلق مؤشر ستوكس 600 الأوروبي على ارتفاع بنسبة 0.1%، عند مستوى 548 نقطة، بمكاسب أسبوعية 0.5%. وزاد مؤشر "داكس" الألماني بنسبة 0.3%، بمكاسب 64 نقطة، إلى مستوى 23997 نقطة، مسجلاً مكاسب أسبوعية 1.5% . وهبط مؤشر "كاك 40" الفرنسي منفردًا بنسبة 0.4%، بخسائر 27 نقطة، عند مستوى 7751 نقطة، ولكن بمكاسب على مدار الأسبوع 0.2%. وارتفع مؤشر "فوتسي 100" البريطاني عند الإغلاق بنحو 0.6%، بمكاسب 55 نقطة، إلى مستوى 8772 نقطة، بمكاسب على مدار جلسات الأسبوع 0.6%. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم: "سنتوصل إلى اتفاق بشأن غزة قريباً.. وسنعلن ذلك لاحقاً.. وسنعلن تفاصيل اتفاق غزة اليوم أو غداً". وأكد الرئيس الأمريكي في تصريحات اليوم: "هدفنا تحقيق السلام عبر القوة". وأعلنت حركة "حماس"، اليوم، أنها تُجري مشاورات مع القوى والفصائل الفلسطينية حول مقترحٍ لوقف إطلاق النار، تسلمته مؤخراً من المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف عبر وسطاء. وأكدت الحركة، في بيان مقتضب أنها تدرس المقترح بعناية، بالتنسيق مع باقي القوى الوطنية، دون الكشف عن تفاصيله. في المقابل، أفادت إذاعة جيش الاحتلال بأن هيئة الأركان العامة تناقش خطة لشنّ عملية عسكرية إضافية، في حال فشلت عملية "عربات جدعون" في تحقيق هدفها المعلن بالقضاء على حماس وحسم الحرب في قطاع غزة. وأضافت الإذاعة أن أهداف العملية خلال الشهرين المقبلين تشمل السيطرة على نحو 75% من مساحة القطاع؛ تمهيداً لمحاصرة السكان الفلسطينيين في نحو ربع أراضيهم. وتأتي هذه التطورات وسط تصاعد التوترات العسكرية، في وقت تتكثف فيه الجهود الدبلوماسية لوقف إطلاق النار. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر.. اضغط هنا ترشيحات ترامب: إيلون ماسك لن يترك منصبه وأمامنا فرصة للتوصل إلى اتفاق مع إيران


نافذة على العالم
منذ ساعة واحدة
- نافذة على العالم
إقتصاد : وزير الدفاع الأمريكي: قلقون من أنشطة الصين وملتزمون بدعم حلفائنا في بحر الصين
السبت 31 مايو 2025 04:00 صباحاً نافذة على العالم - مباشر: أعرب وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيجسيث، عن قلق بلاده إزاء الأنشطة التي تقوم بها الصين ضد الدول التي لديها مطالب سيادية في بحر الصين الجنوبي. وأكد هيجسيث أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب حلفائها وشركائها في المنطقة، وتدعم حقوقهم السيادية في مواجهة أي محاولات للتهديد أو التصعيد، وفقاً لقناة "القاهرة الإخبارية"، اليوم الجمعة. وشدد الوزير على التزام واشنطن الراسخ بأمن واستقرار المنطقة. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر.. اضغط هنا ترشيحات حماس: مشاورات بشأن مقترح وقف إطلاق النار.. وجيش الاحتلال يلوّح بعملية إضافية