الذكاء الاصطناعي التوليدي: هل يُوسّع الإدراك أم يُضعف التفكير؟
أصبحت أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل شات جيبيتي (ChatGPT) وجيميناي (Gemini) وكلود (Claude) وغيرها، منتشرة بشكل كبير وتُستخدم في مختلف المجالات. وفي قطاع التعليم تحديدا، أثارت هذه الأدوات جدلًا واسعًا حول دورها: هل تُعزّز التعلم أم تُعيق التفكير النقدي؟ ولا شك أن هذه التكنولوجيا تُوفّر إمكانات هائلة، لكنها تظل وسيلة، وقيمتها الحقيقية لا تتحقق إلا بتكاملها مع المبادئ التربوية الأساسية وأصول التدريس.
ويمنح الذكاء الاصطناعي إمكانيات فريدة للتعلم الشخصي، إذ أن لديه القُدرة على التكيّف مع الاحتياجات الفردية لكل متعلم وتزويده بملاحظات وموارد تعليمية مُصمّمة خصيصًا له. كما أنه يشجع الفضول الفكري ويتيح التعليم عالي الجودة لشريحة أوسع من المتعلمين. ويستطيع رفع الكفاءة من خلال أتمتة المهام الروتينية، مما يمنح المعلمين والطلاب فرصة للتركيز على التحليل والأنشطة الفكرية العميقة.
ورغم هذه الفوائد، فقد يؤدي الاعتماد المُفرط على الذكاء الاصطناعي إلى تآكل مهارات التفكير النقدي لدى المتعلمين، وتُظهر الدراسات أن الاعتماد على محتوى الذكاء الاصطناعي دون مراجعة نقدية يُقلّل من مستوى التفاعل العقلي لدى المستخدمين. كذلك تبرز تحديات أخلاقية عديدة مثل خطر السرقة الأدبية، والتحيّز في مخرجات الذكاء الاصطناعي، والتأثير المحتمل على الأصالة الفكرية. ولا يخلو الذكاء الاصطناعي من الأخطاء، إذ قد يُولّد معلومات غير دقيقة أو مُضلّلة، مما يتطلب من المستخدمين فحصًا دقيقًا قبل اعتماد مخرجاته.
ولضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة تعليمية فعالة وليس عائقًا، يجب أن تُبنى استراتيجيات استخدامه على مبادئ تربوية سليمة، وهذا يشمل المعلمين، المتعلمين، والمطورين.
وفيما يتعلق بالمعلمين، فيجب عليهم توظيف الذكاء الاصطناعي كأداة تُحفّز التفكير والنقاش، وليس كبديل للمهارات الأساسية. فعلى سبيل المثال، بدلًا من السماح للطلاب باستخدامه في صياغة المقالات مباشرة، يمكن تدريب الطلاب على تحليل المحتوى المُولّد وتنقيحه لتطوير مهاراتهم النقدية. ومن الضروري أيضًا التركيز على مراحل العملية التعليمية كالبحث والتقييم والتأمل، وليس على النتائج النهائية فحسب. كما أن تطبيق قواعد مثل التصريح باستخدام الذكاء الاصطناعي يُسهم في تعزيز الوعي والمسؤولية عند استخدامه.
أما المتعلمين، فعليهم الحذر من قبول المحتوى الذي يقدمه الذكاء الاصطناعي دون تقييم نقدي. ويجب عليهم طرح الأسئلة باستمرار، والتحقق من دقة معلوماته باستخدام أدوات أخرى، وبذل جهد للتعرف على أي تناقضات أو فجوات منطقية. وكلما كانت الخلفية المعرفية للطالب أقوى، ازدادت قدرته على تحديد نقاط القوة والضعف في محتوى الذكاء الاصطناعي.
ولا تقتصر مسؤولية المطورين على بناء أنظمة ذكية، بل تمتد إلى ضمان أنها تعزز التفكير النقدي لدى المستخدمين ولا تحل محله. ومن المهم تصميم أدوات تشجع على تحليل المحتوى المولد من الذكاء الاصطناعي بدلًا من قبوله بشكل آلي. كما أن الشفافية في بيان مصادر البيانات ومدى الدقة واحتمالات التحيز تعد عنصرًا جوهريًا في تعزيز ثقة المستخدمين.
ختاما، فمن أجل تحقيق مستقبل تعليمي أفضل، من الضروري إنشاء بيئات تعليمية تضع الذكاء الاصطناعي في سياق مُحفّز للتفكير النقدي ولتوسيع آفاق العقل، وليس استبداله. فالهدف الأسمى لا يكمن في المفاضلة بين الإنسان والتكنولوجيا، بل في تكامل ذكي ومتوازن يجمع بين القدرات البشرية والإمكانات التقنية.
* مساعد الأمين العام للشؤون العلمية والتكنولوجية
المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ 12 ساعات
- سرايا الإخبارية
غوغل تطلق خصائص جديدة لمحركها البحثي تعمل بالذكاء الاصطناعي المعزز
سرايا - أعلن الرئيس التنفيذي لمجموعة غوغل سوندار بيتشاي الثلاثاء أن الشركة تعتزم إطلاق وضع جديد لمحرك البحث التابع لها مزود بالذكاء الاصطناعي المعزز، في ظل الطفرة في أدوات المساعدة المنافسة القائمة على الذكاء الاصطناعي بينها تشات جي بي تي. وهذه مرحلة جديدة في دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في محرك البحث الشهير، بعد عام على إطلاق "إيه آي أوفرفيوز" AI Overviews، وهو مربع يظهر في أعلى النتائج قبل الروابط التقليدية للمواقع الإلكترونية. تعتمد AI Overviews على واجهة الذكاء الاصطناعي التوليدية "جيميناي" Gemini التي أطلقتها غوغل في كانون الأول/ديسمبر 2023 بعد الانتشار الكبير لـ"تشات جي بي تي". ومن المتوقع أن يتمتع "AI Mode" ("وضع الذكاء الاصطناعي") الذي سيكون متاحا في البداية فقط في الولايات المتحدة، بميزات أقوى، من خلال توفير تقارير أو رسوم بيانية مفصلة لتوضيح البيانات عند الطلب باللغة اليومية. كذلك، توفر الأداة المرتقبة استجابات مخصصة بناء على ملف تعريف المستخدم وسجل نشاطه على الإنترنت واتصالاته، وما إذا كان قد أعطى حق الوصول إلى سجل البحث الخاص به أو صندوق الوارد في بريده الإلكتروني. وقالت ليز ريد، رئيسة قسم البحث في المجموعة التي تتخذ مقرا في ماونتن فيو بولاية كاليفورنيا، خلال عرض تقديمي في مؤتمر Google I/O (غوغل آي أو) للمطورين "هذا مستقبل البحث على غوغل"، "إنها ميزة تتجاوز المعلومات إلى الذكاء". وسيبدو محرك البحث تاليا أشبه بخدمة تشات جي بي تي المطورة من شركة أوبن إيه آي، والتي اكتسبت أخيرا وظائف جديدة لا سيما مع إضافة خاصية التسوق. وبحسب غوغل، فإن أكثر من 1,5 مليار مستخدم يستعينون بخاصية AI Overviews. تواجه غوغل التي تهيمن منذ سنوات طويلة على سوق محركات البحث، تهديدات من الشركات الناشئة المنافسة، ولكن أيضا من القضاء الأميركي. تطالب الحكومة الأميركية غوغل ببيع متصفحها "كروم" بعدما ثبّتت إدانة الشركة العملاقة بالحفاظ على احتكارها من خلال ممارسات تجارية غير عادلة. في أوائل أيار/مايو، أثناء محاكمة أمام القضاء الأميركي، كشف أحد المديرين التنفيذيين في شركة أبل أن عدد الاستخدامات لمحرك بحث غوغل المثبت تلقائيا على أجهزة آي فون انخفض الشهر الماضي للمرة الأولى منذ عشرين عاما. ويُظهر الإعلان الذي تسبب في انخفاض أسهم "ألفابت"، الشركة الأم لغوغل، بأكثر من 7% في جلسة تداول واحدة، أن المنافسة آخذة في الازدياد. وتعمد تشات جي بي تي وأدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى إلى تصفح الإنترنت لتقديم إجابات مباشرة لمستخدميهم، من دون إعلانات. وتسعى "بربليكسيتي إيه آي" Perplexity AI، وهي شركة ناشئة أخرى في سان فرانسيسكو، إلى أن تصبح المنافس الرئيسي لشركة غوغل في مجال عملها الرئيسي.


صراحة نيوز
منذ 13 ساعات
- صراحة نيوز
جوجل تضيف ميزة الدبلجة الصوتية الفورية إلى Meet
صراحة نيوز ـ أعلنت جوجل خلال مؤتمرها السنوي I/O 2025 ميزة جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تتيح لمستخدمي خدمة الاجتماعات والمكالمات عبر الإنترنت Google Meet الحصول على ترجمة صوتية فورية، مما يسهل التواصل بين المستخدمين ذوي اللغات المختلفة في الاجتماعات والمكالمات. وتعتمد الميزة الجديدة على نموذج Gemini لتقديم ترجمة صوتية تحاكي صوت المتحدث الأصلي ونبرته وتعبيراته، لتبدو كأنها صادرة عنه مباشرة. وفي العرض التوضيحي الذي قدمته جوجل، ظهر مستخدم يتحدث الإنجليزية في أثناء مكالمة مع مستخدم آخر يتحدث الإسبانية، وبمجرد تفعيل ميزة الترجمة، بدأت خدمة Meet دبلجة الحديث تلقائيًا إلى الإنجليزية مع الحفاظ على تفاصيل الصوت الأصلية. وتُعد هذه الخطوة منافسة مباشرة لميزة مماثلة أعلنتها مايكروسوفت في وقت سابق من هذا العام لمنصة Teams، مما يعكس السباق المتزايد بين الشركتين في مجال تحسين أدوات العمل التعاوني. وفي المرحلة الحالية، تدعم الميزة الترجمة بين الإنجليزية والإسبانية فقط، لكن جوجل تخطط لإضافة دعم كلٍ من الإيطالية والألمانية والبرتغالية خلال الأسابيع المقبلة، وفقًا لما أعلنته خلال المؤتمر. وبدأ طرح الميزة تدريجيًا لمشتركي الخدمة، ومن المنتظر وصولها إلى المؤسسات والشركات في وقت لاحق من العام الجاري. ومن المتوقع أن تُحدث هذه الميزة الجديدة تأثيرًا كبيرًا في طريقة عمل الفرق المتعددة الجنسيات والشركات ذات الانتشار العالمي، إذ ستسهم في إزالة أحد أكبر العوائق أمام التواصل الفعّال، وهو اختلاف اللغة، كما ستسمح للجميع من مختلف الخلفيات اللغوية بالمشاركة بثقة أكبر في النقاشات واتخاذ القرارات


رؤيا نيوز
منذ يوم واحد
- رؤيا نيوز
جوجل تعلن مزايا ذكاء اصطناعي جديدة في Gmail و Docs
كشفت جوجل، خلال فعاليات مؤتمر المطورين السنوي Google I/O 2025، عن مجموعة كبيرة من المزايا الذكية الجديدة التي ستصل إلى تطبيقات Workspace، مثل البريد الإلكتروني Gmail والمستندات Google Docs ومنصة إنشاء الفيديو Google Vids، مدعومة بإمكانات نماذج Gemini. مزايا Gmail: ردود ذكية مخصصة وتنظيف البريد الوارد ومن أبرز التحديثات في Gmail الردود الذكية المخصصة، التي تساعد المستخدمين في كتابة رسائل بريد إلكتروني تتماشى مع السياق ونبرة الحديث، سواء كانت رسمية أو ودية. وتعتمد الميزة على محتوى الرسائل السابقة والمستندات الموجودة في Google Drive لتقديم اقتراحات دقيقة وشخصية، مما يُغني عن البحث اليدوي في البريد والمرفقات. وأضافت جوجل ميزة جديدة إلى خاصية 'تنظيف البريد الوارد'، إذ يمكن لـ Gemini حذف الرسائل غير المهمة أو أرشفتها بناءً على أوامر مخصصة، مثل: 'احذف كافة الرسائل غير المقروءة من (جهة محددة) من العام الماضي'. ومن المنتظر أيضًا وصول ميزة أخرى تسهّل جدولة المواعيد مع جهات خارجية، إذ يساعد Gemini المستخدمين في اقتراح أوقات متاحة لحجز الاجتماعات مع العملاء، مما يُقلل الوقت المستهلك في تنسيق الجداول الزمنية. وتُخطط جوجل لإطلاق كافة هذه المزايا في Gmail خلال الأشهر القليلة المقبلة. Google Docs: كتابة دقيقة بالسياق الصحيح وأما في خدمة المستندات Google Docs، فقد أصبح بالإمكان ربط عروض تقديمية وبيانات وتقارير داخل المستندات، ليعتمد Gemini على هذه المصادر فقط عند تقديم اقتراحات كتابية. وتؤكد جوجل أن هذه الميزة تحافظ على تركيز المساعد في محتوى موثوق وذي صلة بالمستخدم، سواء في ملخصات الأبحاث أو خطط العمل. وقد أصبحت هذه الميزة متاحة ابتداءً من اليوم. Google Vids: تحويل العروض إلى مقاطع فيديو وفي ما يخص خدمة إنشاء الفيديو Google Vids، فقد أعلنت جوجل مجموعة من المزايا الجديدة، منها إمكانية تحويل العروض التقديمية من خدمة Google Slides إلى مقاطع فيديو احترافية. ويمكن للمستخدمين كتابة سيناريو، وترك Gemini يتولى توليد الصوت، والمؤثرات، والرسوم المتحركة. كما قدمت جوجل ميزة 'الأفاتار الرقمي'، وهي ميزة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تقدّم شخصيات افتراضية لتمثيل الشركات التي لا تمتلك فريق تصوير أو متحدثًا رسميًا، إذ يمكن استخدام هذه التقنية لإنتاج مقاطع فيديو تعريفية أو إرشادية بسهولة، وستتوفر هذه الميزة ضمن Google Labs اعتبارًا من الشهر المقبل. وستحصل Google Vids كذلك على أداة 'تحرير النصوص' التي تزيل تلقائيًا الكلمات الزائدة في الكلام المنطوق، بالإضافة إلى ميزة 'توازن الصوت' التي تضبط مستويات الصوت تلقائيًا في كامل الفيديو. وستتوفر ميزة توازن الصوت الشهر المقبل، في حين ستُطرح أداة تحرير النصوص لاحقًا. مزايا بصرية مدعومة بـ Imagen 4 وستتمكن أدوات Google Workspace من الاستفادة من نموذج الصور الجديد Imagen 4، مما يُتيح للمستخدمين إنشاء صور أكثر تفصيلًا داخل Slides و Vids و Docs، وغيرها. وتسعى جوجل من خلال هذه التحديثات إلى تعزيز تجربة المستخدم وتسهيل مهامه الإبداعية والعملية على حد سواء، في ظل منافسة محتدمة مع شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة والكبرى.