logo
هل تحوّل الفن من «فعل حي» إلى «ملف صوتي» بلا روح؟!

هل تحوّل الفن من «فعل حي» إلى «ملف صوتي» بلا روح؟!

الأسبوعمنذ 7 ساعات

عبد الحليم حافظ
جيهان حسين
في زمن اختلطت فيه كل المفاهيم حتى باتت الحقيقة مجرد شيء نسبي، زمن تخطى فيه البشر فكرة الزمن نفسها، وتقاطعت التكنولوجيا مع الذاكرة، وتماهى الماضي مع الحاضر حتى بدا وكأنهما ذابا معاً في بوتقة "عالم افتراضي"، زمن أصبح فيه كل شيء ممكنًا حتى أن خبر إقامة "حفل أم كلثوم" أو "العندليب الأسمر"، أصبح أمراً عادياً، برغم مرور عشرات السنين على رحيلهما عن دنيانا، حيث استعانت إدارات مهرجانات وفعاليات موسيقية، بتقنية "الهولوجرام" لإحياء رموز التراث الفني، و"نفخ صورهم" على خشبة المسرح، إذا جاز التعبير، وتحريكهم يميناً ويساراً، و"استنطاق" شفاههم بأشهر الأغاني، بهدف إمتاع الجماهير، أو بمعنى أدق "إبهارهم"، والنتائج لا يصدقها عقل، ولا تخضع لمنطق واضح.
"إن وأخواتها" درسناها ونحن صغار في مبادئ النحو، ومنها "كأن"، هذا الحرف الناسخ الذي يفيد "التشبيه"، يبدو أن هذا الحرف "ملهم" تكنولوجيا ما بعد الحداثة، ذات الأبعاد المتعددة، والقادرة، بفضل معادلات فيزيائية معقدة، على "تجسيد" أو "تصوير" هيئات أشخاص من كافة زواياهم، ليبدوا "كأنهم هم"، برغم "كونهم" رحلوا منذ زمن بعيد، وهكذا صار "الحرف الناسخ" مبدأ أو قانون العصر الرقمي بشكل عام، وأصبحنا نتعاطى الواقع الافتراضي كأنه حقيقي، ونتعامل مع "شات جي بي تي" كأنه مساعد شخصي، يقوم عنا بالمهام، بل ويلجأ بعضنا إليه من أجل "الفضفضة"، ليقدم "الدعم النفسي" وكأنه "طبطبة حقيقية على قلب متعب".
وبدون السفر بعيداً عن حدود العقل، نعود لتقنية "الهولوجرام"، التي تعد "ثورة بصرية" تدغدغ ذاكرة الجماهير، وتبيع لهم "الوهم"، فيصدقون أنهم أمام "قمم الطرب في الزمن الجميل"، كأنهم عادوا إلى الوراء، لتثور آلاف الأسئلة حول جوهر التجربة الفنية، وهل الفن يعتبر "أداءً حيًّا" بتجلياته العفوية وانفعالات أصحابه، أم أنه في عصر الثورة الرقمية مجرد "ملف صوتي بلا روح"؟
في خلال أسبوع من الآن، سوف يقف العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، أو "كأنه سوف يقف" على خشبة مسرح مهرجان "موازين"، بالمغرب، وهو الأمر الذي فجّر أزمة في بلادنا، بسبب اعتراض ورثة حليم، أسرته، على انتهاك حقوق الملكية الفكرية واستخدام "هيئة" و"صوت" و"أغاني" الراحل، دون موافقتهم، في الوقت الذي أكد القائمون على إدارة المهرجان، أن ثمة تعاقد سارٍ مع الشركة المالكة لحقوق استغلال أغاني العندليب، وبعيداً عن "موازين"، وبين ترحيب بعض ورثة الفنانين، بهذه العروض "الهولوجرامية"، وبين اعتبارها "إحياءً للذكرى"، و"تكريماً للتاريخ"، وتحقيقاً لمكاسب مادية، تظل الفجوة التشريعية في القانون المصري، بشأن التعامل مع "إرث الفنان" الذي امتد من استخدام أغانيه وتسجيلاته الصوتية الأصلية، إلى توليد "صوته وصورته وهيئته بشكل رقمي"، فلا يوجد نص صريح في القانون المصري يمنع أو ينظّم إعادة تمثيل هيئة الفنان المتوفى، واستخدام صوته المولّد رقمياً، وتركيب وجهه أو حركاته على ممثل حي، ولا يوجد نص قانون يحمي "الهوية البصرية والصوتية" للفرد.
ولا يمكن إنكار أن تقنية "الهولوجرام" تفتح آفاقًا جديدة للعرض الفني، واستخدامها كوسيلة لإحياء الذاكرة بوعي نقدي وجمالي يحترم الزمن والإنسان، ولكن يتساءل مراقبون، حول ذاك "الهولوجرام" الذي يعيد لنا الصورة، ويجرّنا "جرًّا" إلى الماضي الذي يتمنى البعض أن يُعاد ويُعاش من جديد، وما جدوى تلك التقنيات "فنيًّا"، حين يتم استخدام التراث كعروض ترفيهية، لملء "فراغ معاصر"، وفارق شاسع بين الحنين كحالة شعورية إنسانية، وبين استغلال عاطفة الحنين للنوستالجيا كأداة اقتصادية، ففي السنوات الأخيرة، لم يستطع أحد إخفاء دهشته حين جاءت أول إطلالة لكوكب الشرق بجسدٍ "من ضوء" ضمن فعاليات شتاء "طنطورة" بالسعودية، تغني "أمل حياتي"، و"إنت عمري"، أمام جمهور مذهول!
وكانت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة السابقة، قد دافعت عن تقنية "الهولوجرام"، ووصفته بمساعد ذكي لإحياء الفنون الراقية التي شكلت الهوية المصرية، مؤكدة أن مشروع تحديث مصر، التابع لوزارة الثقافة، يضم في جزء منه، استخدام تلك التقنية، المناسبة لجمهور الشباب، أما الكثيرون من "محبي" العندليب، أو "كوكب الشرق"، أو غيرهما من رموز الفن الخالد، فتتجدد تساؤلاتهم حول "نظرة صناع الفن" للفنان، وهل جرّدته من "جوهر إنسانيته"، وحوّلته التقنيات إلى مجرد "محتوى"، أو "وسيلة" لا أثر لها، ولا قيمة إنسانية، في عملية أشبه بـ"التحنيط"، و"فصل التراث عن صاحبه"، دون النظر لـ"روح الفنان" ومزاجه ومشاعره حين أدى هذه الأغنية، أو تلك، في لحظة درامية حقيقية عاشها بكل جوارحه، فالعندليب، أو غيره، كان يقف على خشبة المسرح، أمام الجمهور، يتفاعل، يبكي، يضحك، ينسى أحيانًا كوبليهات، إذا به الآن يتحول هذا الأداء الوجداني إلى "نسخة مكررة ملونة" يتم توليدها، ويعاد تشغيلها وقت الحاجة، أو بمعنى أدق إعادة إنتاج الفنان كـ"براند"، لتحقيق أهداف تجارية دون رسالة جمالية حقيقية، باختصار تحويل الذكريات إلى "سلعة رابحة"، وإخضاعها لمنطق العرض والطلب في أسواق "آلية" لا تعترف بكينونة الإنسان، حين يتحول الفن من "فعل حي" إلى "ملف قابل للتشغيل"!
فيزيائيًّا، ظهرت أول صورة هولوجرامية لطيور عام 1962، على يد عالمين بجامعة ميتشجان الأمريكية، ثم ظهر أول هولوجرام لصورة إنسان في 1967، واعتمدت على تجارب العالم البريطاني دنيس جابور، الذي حصد جائزة نوبل في الفيزياء، عام 1971، والطريف أن أول حفل غنائي بتقنية الهولوجرام، ابتدعته اليابان، 2007، لمغنية "رقمية" أطلقوا عليها هاتسوني ميكو، حصدت إعجاب الملايين ممن حفظوا أغانيها، رغم كونها مجرد "أفاتار"، شخصية افتراضية، والأطرف، أن عدداً من مطربي العالم، ممن لا زالوا على قيد الحياة، لجأوا لتقنية "الهولوجرام"، لإقامة حفلات غنائية لهم في عدد مختلف من دول العالم، في نفس الوقت، توفيرًا للمجهود، ورغبة في "تجديد شبابهم"، ومنهم ماريا كاري، وألتون جون، وفريق "آبا" السويدي، الذي اشتهر في السبعينيات، واختار بنفسه "وهم العودة للماضي البعيد"، وكانت حفلات مغني الراب الأمريكي "توباك"، وأسطورة البوب مايكل جاكسون، بين عامي 2012، و2014، بتقنية الهولوجرام، قد أثارتا زوبعة استغلال حقوق الملكية الفكرية، تشبه، إلى حد كبير، ما يحدث حاليًا، في مهرجان "موازين"!

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عرض خاص لفيلم أحمد وأحمد بمشاركة السقا وأحمد فهمي في 1 يوليو المقبل
عرض خاص لفيلم أحمد وأحمد بمشاركة السقا وأحمد فهمي في 1 يوليو المقبل

خبر صح

timeمنذ 3 ساعات

  • خبر صح

عرض خاص لفيلم أحمد وأحمد بمشاركة السقا وأحمد فهمي في 1 يوليو المقبل

يستعد صناع فيلم 'أحمد وأحمد' للاحتفال بالعرض الخاص للفيلم يوم 1 يوليو المقبل، حيث يتوقع أن يجذب هذا الحدث الكثير من الأنظار، ويأتي طرح الفيلم في دور السينما يوم 2 يوليو، ومن المرجح أن يحقق نجاحًا كبيرًا نظرًا لبطولته نجمين بارزين في عالم السينما. عرض خاص لفيلم أحمد وأحمد بمشاركة السقا وأحمد فهمي في 1 يوليو المقبل شوف كمان: وزير الشباب يبحث مع مدحت العدل التعاون في مسرحية غنائية عن أم كلثوم ينتمي فيلم 'أحمد وأحمد' إلى فئة الأكشن مع لمسات كوميدية، حيث يجسد أحمد فهمي شخصية مهندس ديكور، بينما يلعب أحمد السقا دور خال فهمي، ويعيشان معًا مجموعة من المواقف الكوميدية والأزمات، كما يدير السقا خلال الأحداث إمبراطورية إجرامية، وتمر عليه حادثة تفقده الذاكرة. تشارك في بطولة الفيلم بجانب السقا وفهمي كل من جيهان الشماشرجي، محمد لطفي، رشدي الشامي، وحاتم صلاح، بالإضافة إلى عدد من ضيوف الشرف مثل إبراهيم حجاج وطارق لطفي، ويستند العمل إلى فكرة وسيناريو وحوار أحمد درويش ومحمد عبدالله، تحت إخراج أحمد نادر جلال. على صعيد آخر، يعيش الفنان أحمد السقا فترة انتعاش فني حيث ينتظر طرح عدة أعمال جديدة، من بينها فيلم 'هيروشيما' من إخراج أحمد نادر جلال، وفيلم آخر يحمل اسم 'الديب' من تأليف هاني سرحان وإخراج محمد سلامة، وإنتاج شركة سينرجي. ممكن يعجبك: 'نيوز رووم' يكرم هاجر الشرنوبي لتفوقها في 'حكيم باشا' آخر أعمال أحمد السقا يُذكر أن فيلم 'السرب' يعد آخر أفلام أحمد السقا، والذي تم عرضه في مايو 2024، وقد حقق إيرادات مرتفعة تجاوزت 41 مليون جنيه في أقل من 7 أسابيع في دور العرض السينمائي، كما نال الفيلم نجاحًا كبيرًا عند عرضه على منصة WATCH IT في سبتمبر الماضي.

«موازين» يرد على نجل شقيق عبد الحليم ويوضح حقيقة حفل «الهولوجرام»
«موازين» يرد على نجل شقيق عبد الحليم ويوضح حقيقة حفل «الهولوجرام»

أخبار اليوم المصرية

timeمنذ 4 ساعات

  • أخبار اليوم المصرية

«موازين» يرد على نجل شقيق عبد الحليم ويوضح حقيقة حفل «الهولوجرام»

قامت إدارة مهرجان موازين بالرد على الفيديو الذي نشره محمد شبانة، نجل شقيق الفنان الراحل عبد الحليم حافظ ، والذي وجه فيه رسالة إلى الملك محمد السادس ملك المغرب، يعترض خلالها على إقامة حفل "هولوجرام للعندليب" ضمن فعاليات الدورة العشرين للمهرجان. وأكدت إدارة المهرجان أن الحفل لا يتضمن استخدام صورة حقيقية أو مقاطع أرشيفية أصلية للفنان الراحل، بل يعتمد على تجسيد فني باستخدام شخص شبيه للعندليب وهو ما لا يستدعي قانونيًا موافقة الورثة. جدير بالذكر أن جمعية "مغرب الثقافات"، الجهة المنظمة للمهرجان، أوضحت في بيان رسمي سابق، أن جميع الإجراءات القانونية المتعلقة باستخدام صورة وصوت الفنان الراحل قد تم احترامها بشكل كامل ومسبق، موضحة أن العرض المبرمج بتقنية الهولوغرام تم التحضير له وفقًا لأعلى معايير الالتزام القانوني، بعد الحصول على التراخيص الرسمية من المنتج محسن جابر، المالك الحصري لحقوق استغلال أعمال عبد الحليم حافظ. وشددت الجمعية على أن احترام حقوق المبدعين يُعد من الثوابت الأساسية للمهرجان، وأن استخدام التكنولوجيا الحديثة، مثل تقنية الهولوغرام، يتم دائمًا في إطار قانوني وأخلاقي يحترم الرمزية الثقافية للأعمال الفنية، ويصون كرامة رموزها. من جانبها، أوضحت الشركة المنفذة للحفل أيضًا في بيان سابق أنها سبق وقدمت 25 عرضًا مماثلًا للعندليب، من بينها 4 عروض في مصر، حضر بعضها أفراد من أسرة عبد الحليم، مؤكدة أن جميع تلك العروض تمت بتصاريح وموافقات رسمية من المنتج محسن جابر، باعتباره الجهة الوحيدة المخولة بمنح حقوق استغلال التراث الفني للعندليب.

في عيد ميلاده.. بيومي فؤاد 'جوكر الدراما' وصاحب البصمة الذهبية في الكوميديا المصرية (بروفايل)
في عيد ميلاده.. بيومي فؤاد 'جوكر الدراما' وصاحب البصمة الذهبية في الكوميديا المصرية (بروفايل)

بوابة الفجر

timeمنذ 6 ساعات

  • بوابة الفجر

في عيد ميلاده.. بيومي فؤاد 'جوكر الدراما' وصاحب البصمة الذهبية في الكوميديا المصرية (بروفايل)

يحتفل اليوم، الإثنين 16 يونيو، الفنان بيومي فؤاد بعيد ميلاده، حيث وُلد في مثل هذا اليوم عام 1965، ليصبح خلال سنوات قليلة أحد أكثر الوجوه حضورًا وتأثيرًا في الدراما والسينما المصرية، بفضل أدائه المتفرد، وروحه الكوميدية الفطرية التي أحبها الجمهور من مختلف الأعمار. الفنان بيومي فؤاد من الفنون الجميلة إلى الكوميديا الراقية تخرج بيومي فؤاد من كلية الفنون الجميلة – جامعة حلوان، وشارك أثناء دراسته في فرقة 'أتيليه المسرح'، قبل أن يخطو خطوة أكثر احترافية بالانضمام إلى الدفعة الأولى من مركز الإبداع الفني، قسم الإخراج، ما منحه خلفية مسرحية وثقافية أثّرت على اختياراته لاحقًا. بدأ مشواره الفني من بوابة الإعلانات، ثم ظهر كـ كومبارس صامت في مسلسل 'أم كلثوم' عام 1999، لتتوالى بعد ذلك مشاركاته الصغيرة في السينما، ومنها أفلام: • بدل فاقد (2009) • احكي يا شهرزاد (2009) • فيلم 678 (2010) • أسماء (2011) انطلاقة درامية لافتة ولقب 'جوكر الدراما' بدأت ملامح شهرته تتشكل من خلال أدوار مميزة في مسلسلات مثل: • أبواب الخوف (2011) • رقم مجهول (2012) • اسم مؤقت (2013) لكن الانطلاقة الكبرى جاءت مع مشاركته في مسلسل 'الكبير أوي'، الذي قدم فيه شخصية الطبيب النفسي ببراعة لاقت إعجاب الجمهور. وواصل بعدها حضوره اللافت في أعمال مثل: • موجة حارة (2013) • دهشة (2014) • الميزان (2016) • نيللي وشريهان (2016) • الخروج (2016) • واحة الغروب (2017) • خلصانة بشياكة (2017) • كفر دلهاب (2017) • الوصية (2018) • بـ100 وش (2020) • موضوع عائلي (2021–2023) وساهم هذا التنوع في منحه لقب 'جوكر الدراما المصرية'، نظرًا لقدرته على التلون بين الكوميديا، والتراجيديا، والدراما الاجتماعية. نجاحات سينمائية وجماهيرية على شاشة السينما، شارك بيومي فؤاد في عشرات الأفلام، بينها أعمال بارزة نذكر منها: • هيبتا: المحاضرة الأخيرة • جحيم في الهند • كلب بلدي • نادي الرجال السري • يوم مالوش لازمة • البعض لا يذهب للمأذون مرتين • خيال مآتة • تسليم أهالي • الإنس والنمس • العارف • وقفة رجالة • ماما حامل ويُعد عام 2021 علامة فارقة في مسيرته، حيث حقق في السعودية فقط بفيلمي 'وقفة رجالة' و'ماما حامل'إيرادات قاربت 21.7 مليون دولار (340 مليون جنيه مصري)، ما جعله أحد أكثر الممثلين طلبًا في العالم العربي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store