logo
بقيادة فيزيائي مصري.. علماء هارفارد يصنعون معالجات كمومية فائقة النحافة

بقيادة فيزيائي مصري.. علماء هارفارد يصنعون معالجات كمومية فائقة النحافة

الجزيرةمنذ 6 أيام
نجح فريق بحثي من جامعة هارفارد في تحقيق "تشابك كمومي" لفوتونات الضوء باستخدام مادة شفافة نانوية أرقّ بكثير من شعرة الإنسان، ولا يتجاوز سُمكها جزءًا من ألف من المليمتر.
نشر الفريق دراسته حديثا في دورية "ساينس"، ويرأس مؤلفيها الباحث المصري كيرلس موسي عجايبي يوسف، طالب الدكتوراه في الفيزياء التطبيقية بجامعة هارفارد، الذي يقول في تصريحات حصرية للجزيرة نت: "بهذه التقنية، يمكن استبدال رفوف من العدسات والمرايا ومقسّمات الشعاع والعديد من اللوحات الموجيّة وأجهزة الاستقطاب التقليديّة بشريحة واحدة متناهية الصغر، ممّا يُمهِّد لتكبير الأنظمة الكمومية الضوئية بسهولة وأمان".
ويضيف: "لقد قمنا بضغط مختبر بصريات كمومي كامل في طبقة فائقة النحافة، هذه الخطوة تضعنا على عتبة حواسيب وشبكات كمومية قابلة للتصنيع والتوسّع".
شريحة أصغر من طابع بريد
في الحواسيب التقليدية يحمل كل بِت، وهو أصغر وحدة قياس للمعلومات الممكن نقلها، قيمة واحدة إما 0 أو 1، لذلك يُعرف بالنظام الثنائي. يتحول كل شيء في حاسوبك إلى هذين القيمتين كي يتمكن من التعامل معها، فكل صورة أو فيديو أو نص كتابي، وكل برنامج معقد أو تطبيق أو موقع تواصل اجتماعي عبارة عن مجموعة من الأصفار والآحاد.
تحدث العمليات الحسابية عبر بوابات منطقية متتابعة تعتمد على هاتين القيمتين، بحيث تدخل بأشكال مختلفة إلى هذه البوابات وتخرج بقيمة محددة تعتمد حصرا وتتغير بحسب المُدخلات.
كما تختلف أنواع البوابات المنطقية بحسب العمليات المراد القيام بها، فعملية جمع رقمين تختلف في البوابات المنطقية المستخدمة عن عملية الضرب أو القسمة، كل منها يحتاج خريطة من البوابات المنطقية المتتالية تختلف بحسب نوع العملية. تلك البوابات هي اللبنات الأساسية التي تُبنى عليها جميع الأنظمة الرقمية كالحواسيب والهواتف الذكية وكل الأجهزة التي نستخدمها يوميا.
لا يحمل البت إلا قيمة واحدة، إما صفرا أو واحدا، أمّا في الحوسبة الكموميّة فيُستبدَل البِت بالبت الكمومي، أو ما يعرف اختصارا بالـ"كيوبت"، وبسبب خصائصه وتحديدا خاصية التراكب الكمومي، يمكن أن يكون في حالتَي الـ0 والـ1 معا.
ليس هذا فحسب، يضيف يوسف: "يمكن لكيوبِتات متعدّدة أن ترتبط عبر التشابك الكمومي بحيث يصبح قياس أحدها كافيا لتحديد حالة الآخرين فورا. هذه الظواهر تُمكّن الحواسيب الكمومية من تنفيذ حسابات هائلة السرعة، مثل محاكاة الجزيئات المعقّدة أو كسر الشفرات الطويلة، وهي مهامّ تتطلّب من الحواسيب الكلاسيكية سنوات أو قد تكون مستحيلة عمليّا".
مشكلات التشابك
التشابك الكمي باختصار هو ظاهرة في ميكانيكا الكم، فيها جسيمان (مثل فوتونين أو إلكترونين) يصبحان مرتبطين بطريقة تجعل حالة أحدهما مرتبطة مباشرة بحالة الآخر، حتى لو كانا على مسافات شاسعة.
والفكرة الأساسية تقوم على أن تقيس الجسيم الأول فتعرف فورا حالة الجسيم الثاني، هذا يحدث لحظيا، وكأن بينهما "اتصال فوري" يتجاوز حدود المسافة والوقت، حتى لو كان بين الجسيمين ملايين السنين الضوئية. هذه اللحظية هي ما دفع ألبرت أينشتاين لوصف الظاهرة بأنها "تأثير شبحي عن بُعد".
تحتاج الحواسيب الكمومية إلى درجات حرارة شديدة الانخفاض للحفاظ على تماسك الكيوبت، لكن عندما يُشفَّر الكيوبِت في فوتون ضوئي (أي أن نستعمل خواص الفوتون مثل اتجاه الاستقطاب أو الطور لتمثيل المعلومات الكمية) نحصل على حاسوب كمومي فوتوني قادر على العمل في درجة حرارة الغرفة مع حصانة طبيعية ضد الضوضاء الحرارية.
ورغم مميزات الحاسوب الكمومي الفوتوني عن الحاسوب الكمومي التقليدي، فإن هناك مشكلة، يقول يوسف: "اصطدم توسيع الأنظمة الفوتونيّة بعائقٍ مادّي واضح، كل فوتون إضافي كان يحتاج شبكة جديدة من العدسات والمرايا ومقسِّمات شعاع تمتد أمتارا على طاولة المختبر، مع ضبطٍ ميكانيكي شديد ودفع ثمن فاقد ضوئي متراكم".
ما هي الأسطح الفائقة ثنائية الأبعاد؟
ولحل تلك المشكلة استخدم الفريق البحثي "الأسطح الفائقة ثنائية الأبعاد" (كوانتم ميتاسرفسيز) وهي طبقة شفافة نانوية البنية، أقل سماكة من شعرة الإنسان، تمتلئ بنقوش مجهرية أصغر من الطول الموجي للضوء نفسه.
تقوم هذه النقوش بدور مهندس محترف يمتلك الأدوات والعدسات اللازمة ليعيد تشكيل خصائص الفوتونات الضوئية العابرة، مثل الاستقطاب والطور والاتجاه.
ويضيف يوسف: "هي طبقة تُعيد هندسة الضوء من الداخل، فتوفر وظائف بصرية كمومية معقدة مثل التداخل والتشابك داخل شريحة لا تُرى بالعين المجرَّدة، ومن دون أي أجزاء متحركة"، وبعيدا عن الكثير من التعقيد، فهذه القدرة على التحكم في حالة الفوتون تشبه تماما قدرة البوابات المنطقية على معالجة العمليات الحسابية المختلفة المكونة من الـ"0 و1".
وبعد نجاح الأسطح الفائقة ثنائية الأبعاد في تقليص الأنظمة البصرية التقليدية، تساءل يوسف ما إذا كان بالإمكان تطبيق هذا التقليص ليشمل مجال الحوسبة الكمومية، ويقول: "عبقرية تلك الأسطح الفائقة تكمن في قدرتها على ضغط كل البوابات الكمومية في طبقة ثابتة واحدة، لتنتهي بذلك مشكلة الحجم وضبط العناصر الدقيقة".
لإثبات كفاءة هذه الطبقة في تنفيذ عمليات كمومية حقيقية، استخدم الفريق ظاهرة معروفة في البصريات الكمومية تُسمى تأثير "هونغ-أو-ماندل". تخيّل بابا له مخرجان، وفوتونين متطابقين يقتربان من الباب في اللحظة نفسها، كل منهما من جهة مختلفة.
في العالم الكلاسيكي الذي نعرفه (عالم فيزياء الأشياء الكبيرة مثل الطائرات والسيارات وأجسامنا الحية)، نتوقع أن يخرج فوتون واحد من كل مخرج. لكن في العالم الكمّي، تحدث مفاجأة، فإذا كان الفوتونان متطابقين تماما، فإنهما يتشابكان ويفضّلان الخروج معا كرفيقين من المَخرج نفسه!
ويُعد انخفاض احتمال خروجه هذين الفوتونين من مَخرجين مختلفين وارتفاع احتمال خروجهما من المَخرج نفسه دليلا مباشرا على التداخل الكمومي وتشابك الفوتونات.
ويوضح يوسف: "أجرينا أول تجربة بفوتونين كموميين متزامنين، ورصدنا تداخلا كموميا داخل طبقة واحدة فقط، بلا أي بصريات إضافية، وكانت النتائج متوافقة تماما مع حساباتنا النظرية".
ثم تابع: "الهبوط الحاد في احتمالات الكشف عن الفوتونات في مسارات مختلفة أكد لنا أن الشريحة قادرة على تنفيذ التداخل والتشابك داخل هذا السُمك متناهي الصغر، والذي لا يتجاوز 0.0008 ملم".
شبكة كمّومية!
ولجعل الظاهرة قابلة للاستخدام على مستويات أعلى، اعتمد الفريق نهجا مبتكرا باستخدام نظرية تُعرف باسم نظرية "الرسوم البيانية". هذا النهج سمح بتصميم شريحة كمومية متعددة المخارج تحقق تشابكات كمومية متنوعة، ليس فقط من النوع "هونغ-أو-ماندل" بل أيضا المضاد له، أي خروج الفوتونين المتطابقين من مخارج مختلفة، مما يتيح تحكما مرنا في توزيع الفوتونات على المخارج.
نتائج هذه الدراسة لا تقتصر على المعالجة الكمومية فقط، بل تفتح آفاقا واسعة أمام تطبيقات مستقبلية، مثل إنشاء شبكات كمومية موزعة لتبادل مفاتيح التشفير الآمن، وتصنيع معالِجات ضوئية كمومية في أقمار صناعية صغيرة، وتطوير مجسّات كمومية فائقة الحساسية يمكن تثبيتها في بيئات قاسية لقياس الحقول الكهرومغناطيسية أو الكيميائية.
ويقول يوسف بتطلّع: "نأمل أن تُمكّننا هذه التقنية من تصغير أنظمة الحوسبة الكمومية إلى شريحة يمكن تركيبها في ساعة يد، مما سيحدث نقلة نوعية في تكنولوجيا الكمّ".
رغم النجاح الكبير الذي حققته هذه الدراسة، يرى يوسف أن الطريق لا يزال طويلا نحو التطبيقات التجارية، ويقول: "التحدي الحقيقي الآن هو تقليل الفاقد البصري وتحسين أداء الشريحة في بيئات غير مثالية. لكننا واثقون أن بنية السطوح الفائقة ثنائية الأبعاد تفتح الباب أمام مستوى جديد من التكامل الكمومي لا يمكن تحقيقه بالأنظمة التقليدية".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

آباء الذكاء الاصطناعي يحذرون من خطر انقلاب التقنية على البشر
آباء الذكاء الاصطناعي يحذرون من خطر انقلاب التقنية على البشر

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

آباء الذكاء الاصطناعي يحذرون من خطر انقلاب التقنية على البشر

أكد جيفري هينتون المعروف بكونه الأب الروحي لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن القيود الموضوعة على التقنية حاليا لن تحمي البشر من انقلاب الذكاء الاصطناعي عليهم وفق تقرير نشره موقع "تيك سبوت" التقني. وأضاف هينتون قائلا في مؤتمر الذكاء الاصطناعي في لاس فيغاس: 'هذا لن ينجح. سيكونون أذكى منا بكثير. ستكون لديهم كل الطرق للالتفاف حول القيود التي نضعها" مؤكدا أننا يجب أن نفكر في طرق أخرى لمنع الذكاء الاصطناعي من الانقلاب على البشر قبل وصوله إلى مستوى الذكاء الاصطناعي العام. ويتمثل الحل من وجهة هينتون في بناء مجموعة مركبة من المشاعر داخل روبوتات الذكاء الاصطناعي المتطورة تعرف باسم غرائز الأمومة، وهي التي تمنع الروبوتات في المستقبل من إيذاء البشر حتى إن وصلت لمستوى ذكاء يتخطاها. ووضح هينتون في مقابلة سابقة أجراها مع "سي إن إن" أن أحد أنجح الأمثلة لسيطرة الكائنات الأقل ذكاء وقدرة هو سيطرة الطفل على الأم، وذلك بفضل غرائز الأمومة المزروعة بها، وأضاف بأن الشركات يجب أن تركز على هذا الأمر بدلا من محاولة جعل الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاء. ويتفق يان لو كان أحد الآباء الروحيين للذكاء الاصطناعي ورئيس علماء قطاع الذكاء الاصطناعي في " ميتا" مع ما يقوله جيفري هينتون، وذلك وفق منشور على حسابه الرسمي في "لينكدإن". ويؤكد أن المستقبل هو في بناء أنظمة الذكاء الاصطناعي بطريقة تجعلها تتبع تعليمات البشر للوصول إلى الأهداف التي تسعى إليها مع مراعاة الحواجز الوقائية الموضوعة عليها، وهو ما يطلق عليه كان "الذكاء الاصطناعي الموجه نحو الأهداف". ويضيف كان بان هذه القيود يجب أن تتضمن الانصياع التام لأوامر البشر والتعاطف معهم، وذلك حتى لا يتطور الذكاء الاصطناعي بشكل يقدم نصائح ومعلومات مغلوطة بهدف أذية البشر.

كائن بطول 4 سنتيمترات يغير فهم العلماء لتاريخ الحياة على الأرض
كائن بطول 4 سنتيمترات يغير فهم العلماء لتاريخ الحياة على الأرض

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

كائن بطول 4 سنتيمترات يغير فهم العلماء لتاريخ الحياة على الأرض

في مفاجأة علمية مدهشة، تحوّلت حفرية قديمة كانت تُعدّ مجرد "يرقة غريبة" إلى أحد أندر الاكتشافات في تاريخ الحياة على الأرض. الكائن الذي ظل حبيس أدراج متحف علم الحيوان المقارن بجامعة هارفارد منذ 150 عاما، تبين أنه أول مثال معروف على كائن بدائي عاش في بيئة غير بحرية، ليفتح بابا جديدا لفهم كيف خرجت الحياة من البحار إلى اليابسة. واعتقد العلماء في البداية أن هذا الكائن المعروف باسم" باليوكامبا أنثراكس" كان "يرقة فراشة"، ثم تم تعديل تصنيفه إلى دودة أو حشرة بحرية، لكن تبيّن الآن في الدراسة المنشورة في دورية"كوميونيكيشنز بايولوجي" أنه أقدم كائن معروف من مجموعة منقرضة تُسمى "اللوبوبوديات"، عاش في بيئة غير بحرية. من أعماق البحار إلى المستنقعات و"اللوبوبوديات" كائنات قديمة ناعمة الجسم، ومعظم ما نعرفه عنها جاء من رواسب بحرية في كندا تعود للعصر الكمبري، مثل كائن "هالوسيجينيا" الشهير. لكن المفاجأة أن الكائن "باليوكامبا أنثراكس" لم يعش في البحر، بل في مستنقعات المياه العذبة أو البيئات شبه البرية، وهذا يشبه أن تكتشف أن نوعا من أسماك القرش القديمة عاش في نهر بدلاً من المحيط، وهو أمر يغيّر المفهوم البيئي والتكيفي لتلك الكائنات، كما يقول الباحث الرئيسي في الدراسة ريتشارد كنيشت في بيان أصدرته جامعة هارفارد. وتعود قصة هذا الاكتشاف عندما كان كنيشت يدرس الحفرية، فظن في البداية أنها "ملي-بيد"، وهي حشرة ذات أرجل كثيرة، لكنه لاحظ أن لها أرجلا على كل جزء من جسمها، وهي سمة مميزة لـ"اللوبوبوديات." لم يتوقف كنيشت عند هذا الحد، بل استعان بفريق لفحص 43 عينة من مواقع أحفورية مشهورة في أميركا وفرنسا باستخدام تقنيات حديثة مثل المجهر الإلكتروني والتحليل الطيفي بالأشعة تحت الحمراء، ليقود ذلك إلى التأكيد أننا أمام نوع من "اللوبوبوديات". سمات فريدة الحفرية المكتشفة لا يزيد طولها عن 4 سنتيمترات، لكن ما يميزها هو أنها مغطاة بنحو 1000 شوكة دقيقة تشبه الشعيرات، والتحليل الكيميائي لتلك الشوكات كشف أنها كانت تفرز مواد سامة لحماية نفسها، مما يوحي بأنها كانت تتعرض للافتراس في بيئتها شبه البرية. وهذا الاكتشاف لم يؤكد فقط أن هذا النوع من الكائنات عاش في بيئة غير بحرية، بل غير تصنيف موقع "مونتسو ليه مين" الفرنسي، حيث عثر على تلك الحفرية قديما. وكان يتم تصنيف هذا الموقع على أنه موقع بحري، لكن وجود كائن غير بحري فيه يعني أنه كان نظاما بيئيا للمياه العذبة، على بعد مئات الكيلومترات من البحر. وكانت هذه الحفرية موجودة في درج في متحف هارفارد على بعد خطوات من مكتب العالم الشهير ستيفن جاي جولد دون أن يلاحظها أحد. وهذا يؤكد أهمية إعادة فحص المجموعات القديمة في المتاحف، فربما يكون الاكتشاف العلمي القادم مختبئا منذ قرن في درج ما.

دراسة: زيادة انبعاثات غازات الدفيئة والاحتباس الحراري بوتيرة متسارعة
دراسة: زيادة انبعاثات غازات الدفيئة والاحتباس الحراري بوتيرة متسارعة

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

دراسة: زيادة انبعاثات غازات الدفيئة والاحتباس الحراري بوتيرة متسارعة

استمر تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري الذي بدأ في عام 2023، وفقا لأحدث تقييم سنوي للمناخ أجرته الجمعية الأميركية للأرصاد الجوية، حيث تتكثف تركيزات غازات الدفيئة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي بوتيرة متسارعة، وتسبب كثيرا من مظاهر الطقس المتطرف. وحسب التقييم السنوي للمناخ الصادر عن الجمعية الأميركية للأرصاد الجوية، ارتفعت تركيزات ثاني أكسيد الكربون، وهو الغاز الأكثر تسببا في الاحتباس الحراري، بمعدل قياسي في عام 2024، لتتطابق مع عام 2015، باعتباره أكبر زيادة سنوية منذ بدء التسجيل في عام 1960. وتأتي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المقام الأول من حرق الوقود الأحفوري، والذي يستمر أيضا في الزيادة في جميع أنحاء العالم، على الرغم من عقود من الاتفاقيات العالمية لإبطاء الانبعاثات. وذكر التقرير أن درجة الحرارة العالمية السنوية على اليابسة والمحيطات كانت الأعلى المسجلة في سجلات الرصد، مشيرا إلى أن عام 2024 شهد ارتفاعا غير طبيعي في درجات الحرارة في معظم أنحاء العالم، وأسهم في العديد من التغيرات المستمرة في مؤشرات المناخ الرئيسية. كما أشار إلى أن ارتفاع درجات الحرارة في عامي 2023 و2024 نتج على الأرجح عن تضافر النشاط البشري والتقلبات الطبيعية، كما أن ارتفاع تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، والتي تُسبب ارتفاع درجة حرارة المناخ لم يُظهر أي تباطؤ في زياداتها. وحطم عام 2024 الأرقام القياسية القاتمة لدرجات الحرارة العالمية وتركيزات الغازات الدفيئة التي سُجّلت قبل عام واحد فقط. وأسهمت الحرارة الزائدة في تكثيف دورة المياه، حيث ذكر التقرير أن إجمالي هطول الأمطار ليوم واحد في جميع أنحاء العالم بلغ مستويات قياسية، مما يشير إلى زيادة في شدتها. كما زادت معدلات ذوبان الأنهار الجليدية بشكل متسارع. وفقدت فنزويلا آخر أنهارها الجليدية في عام 2024، وشهدت كولومبيا المجاورة أيضا ذوبان نهر جليدي. وفي جميع أنحاء العالم، فقدت جميع الأنهار الجليدية الـ58 التي ترصدها الجمعية الأميركية للأرصاد الجوية كتلتها خلال عام 2024. وقال تشارلز ماكونيل، مساعد وزير الطاقة السابق، ومدير مركز إدارة الكربون في مجال الطاقة بجامعة هيوستن: "لقد أنفقنا تريليونات الدولارات لمعالجة تغير المناخ، وكان ذلك غير فعال نسبيا، لكن إذا كان كل ما نفعله هو الاستمرار في دعوة السياسيين إلى الفنادق الفاخرة في أنحاء العالم للتحدث، فلن نصل إلى أي مكان". وحسب التقرير، يُعتبر سجل تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي الدليل الأبرز على تأثير الأنشطة البشرية على الغلاف الجوي. وأظهر التقرير أيضا ارتفاع تركيزات غاز الميثان، وهو غاز يزيد من درجة حرارة المناخ بشكل أسرع بكثير من ثاني أكسيد الكربون، ويمثل حوالي 30% من الارتفاع العالمي في درجات الحرارة. ويُنظر إلى تقليل انبعاثات غاز الميثان، والذي يأتي من مجموعة واسعة من المصادر، على أنه وسيلة سريعة للحد من الاحتباس الحراري على المدى القريب. وبدأ ارتفاع تركيزات غاز الميثان في التسارع حوالي عام 2014، وزادت انبعاثاته بشكل أكبر منذ عام 2020، وفقا للتقرير. وقال ديفيد ليون، كبير علماء الميثان في صندوق الدفاع البيئي: "هناك غموض كبير حول مصدر غاز الميثان. ويدور جدل واسع حول هذا الموضوع بين العلماء". وتأتي بعض انبعاثات الميثان من استخراج الوقود الأحفوري، لكن النظريات السائدة تشير إلى انبعاث كميات كبيرة من الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية المشبعة بالمياه نتيجة لتغيرات المناخ والاستخدام المكثف للأراضي. كما تُطلق الماشية ومكبات النفايات كميات كبيرة من الميثان. وقال روبرت دان، كبير خبراء الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية في المملكة المتحدة، والمحرر الرئيسي للتقرير، إن الانبعاثات من المصادر الميكروبية (التي تشمل الماشية والأراضي الرطبة الطبيعية والبحيرات) زادت بشكل كبير منذ عام 2008، وهناك أيضا زيادات طفيفة بسبب انبعاثات الوقود الأحفوري منذ ذلك الحين تقريبا. واستند تقرير الجمعية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي في إصداره الـ35 إلى عمل 590 باحثا ومحررا أكاديميا من 58 دولة. وحلل 6 مجموعات بيانات لدرجات الحرارة العالمية، بالإضافة إلى عشرات المجموعات الأخرى من المراصد في العالم، بما في ذلك مرصد الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، الذي يقيس ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي منذ عام 1958.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store