
جلجامش الأردني .. الإستقلال الذي يُمارس ويُحتفل به
وطنا اليوم_الدكتور منذر جرادات
المختص في الإعلام والفكر السياسي
في الذكرى التاسعة والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية ،لا يبدو تمر هذه الذكرى مجرد لحظة احتفالية تعود إلى عام 1946، بل أننا نتوقف عند هذا اليوم كمسار متجدد يفرض نفسه لصياغة الذات الوطنية، ويدفعنا للشعور بالمسؤولية المتواصلة لاختبار معنى السيادة في زمن التحولات السريعة؛ فالاستقلال ليس الخروج من عباءة الانتداب فقط وإنما يمثل قدرة الدولة على صيانة قرارها الحر وتحصين هويتها من التآكل ، والتأكيد على ممارسة سياستها وفق معايير ذاتية متجذرة في الوعي لا استجابة لأي ضغوط.
لقد وُلد الأردن في بيئة جيوسياسية مضطربة في عين العاصفة وفي ظروف لا ترجح بقاء الدول فيها، لكنه شق طريقه بتوازن نادر بفضل الله وحكمة من قاد الدولة من ملوك ورجال الوطن الأوفياء وضلوعهم في السياسة العقلانية والجغرافيا المليئة بالتحديات .
ومنذ تأسيسه الاردن بقي متمسكا بثوابته الواضحه وواعٍ لدوره الحقيقي ، بعيدًا كل البعد عن الانفعال، ورفضه الاصطفاف الأعمى أو المغامرات غير المحسوبة وهو ما يعكس جوهر مدرسة سياسية فريدة من نوعها حافظت على بوصلة الموقف وسط متغيرات قاسية.
وحين نُسقط عدسة الفكر السياسي الرمزي على هذه التجربة نستحضر جلجامش هذا الملك السومري الذي لم ينل خلوده من البطولات القتالية ،بل من رحلته نحو الحكمة حين أدرك أن المجد الحقيقي يبنى على وعي الإنسان وحدود السلطة وعلى ما يتركه من أثر في مدينته التي تستمر بالحكمة و بالعقل، لا بالقوة.
وهكذا بدا الأردن في رحلته السياسية؛ إذ لم يستند في بقائه على ثقل مادي بل إلى إرادة واعية تدير التوازن وتحمي الثوابت وتبني الجسور لا الجدران في مقاربة مستقرة بين الواقعية والمبدأ بين الاستقلال السياسي والاستقلال الأخلاقي.
فمنذ الملك المؤسس إلى جلالة الملك عبدالله الثاني تم الحفاظ على خيط ناظم في فلسفة الحكم يقوم على حماية الدولة من الداخل والتموضع الذكي في الخارج ، وعلى أن الكرامة هي جزء لا يتجزأ من الاستقلال، ولا عن القدرة على قول 'لا' في اللحظة التي يكون فيها الصمت شكلا من أشكال التفريط ولنا شواهد في كل المحطات التي مر بها الاردن كان يتصرف بوصفه دولة لها شخصيتها وليست مجرد تابع في معادلات إقليمية مضطربة.
ولأن كل دولة تُعرف بثوابتها، فإن الأردن لم يتخلى يومًا عن قناعته بأن القضية الفلسطينية ليست قضية مجاورة بل قضية وطنية ومن ثوابت الدولة الأردنية، التي لا تخضع لإعادة التقييم أو المقايضة بل ركن من أركان التوازن الداخلي والسيادة وجزء أصيل من فلسفة الموقف لا من ضرورات الخطاب السياسي الموسمي.
هذه المدرسة السياسية التي صنعها الأردن ليست وصفة جاهزة لكنها تشبه الرحلة التي خاضها جلجامش نحو إدراك المعنى حيث يصبح الاستقلال الحقيقي فعلًا يمارس، لا شعارات في زمن يغيب فيه الخط الفاصل بين الهوية والمصالح العابرة،إذ يثبت الأردن مرة تلو الأخرى لاختياره الطريق الأصعب؛ طريق الدولة الأخلاقية المتزنة التي تحافظ على نفسها دون أن تفقد معناها، والتي تعرف أن السيادة ليست في اليافطات ولا في الكلمات الكبيرة بين الحان الأغاني، بل في المواقف المتزنة وفي الشجاعة الهادئة وفي البقاء الكريم وفي وجدان كل وطني حر، ولهذا فإن الاستقلال الأردني هو أحد القلائل الذين يُحتفل به… ويُمارَس في آنٍ واحد.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الدستور
منذ 29 دقائق
- الدستور
المومني ينعى الزميل عبدالله الطراونة
عمان - نعى وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني، الصحفي السابق في وكالة الأنباء الأردنية (بترا) الزميل عبدالله الطراونة، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى اليوم الخميس. واستذكر المومني، مناقب الفقيد وإسهاماته الثرية في الإعلام المحلي، إذ عمل في وكالة الأنباء الأردنية لثلاثين عاماً. وأعرب المومني، عن أصدق التعازي والمواساة لعائلة الفقيد ولعموم الأسرة الصحفية والإعلاميّة الأردنية، سائلاً المولى أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته. كما نعت مدير عام وكالة الأنباء الأردنية (بترا) الزميلة فيروز مبيضين وأسرة الوكالة، المرحوم الطراونة، مستذكرة مناقب الفقيد وجهوده في تطوير العمل الصحفي بالوكالة والمواقع التي شغلها، متقدمة من ذوي الفقيد والأسرة الصحفية بأحر التعازي، داعية المولى تعالى أن يتغمده بواسع رحمته وغفرانه. والمرحوم الطراونة ولد في الكرك بتاريخ 1958/6/14، حاصل على بكالويوس آداب تخصص صحافة وإعلام من جامعة اليرموك، والتحق بالعمل في وكالة الأنباء الأردنية في العام 1987 بمحافظة الطفيلة وفي العام 2012 أصبح مندوبا لمحافظة الكرك، وتمت إحالته على التقاعد في العام 2018 لبلوغه السن القانونية. -- (بترا)

الدستور
منذ 29 دقائق
- الدستور
محافظ عجلون يرعى الاحتفال الوطني لمديرية التربية والتعليم بمناسبة عيد الاستقلال
عجلون - علي القضاة رعى محافظ عجلون نايف الهدايات الاحتفال الوطني الكبير لمديرية التربية والتعليم لمحافظة عجلون بمناسبة عيد استقلال المملكة الأردنية الهاشمية التاسع والسبعين في المركز الثقافي بحضور النائب الدكتور عبد الحليم العنانبه ونائب مدير الشرطة العقيد عبد الرحمن خريسات ومدير التربية والتعليم خلدون جويعد ومديري الدوائر الرسمية ومدير الشؤون التعليمية الدكتور أويس الصمادي ومدير الشؤون الإدارية والمالية صبحه المومني والمشرفين التربويين ورؤساء الأقسام ورئيس وأعضاء مجلس التطوير التربوي ومديري ومديرات المدارس وفاعليات مجتمعية محلية وبمشاركة واسعة من الطلبة والمعلمين على مستوى مدارس المحافظة. ورحب مدير التربية والتعليم بالحضور خلال كلمة ألقاها في الاحتفال الذي بدأ بالسلام الملكي وآيات كريمة من الذكر الحكيم تلاها الطالب سفيان عنانزة من مدرسة حي نمر الأساسية للبنين. حيث هنأ جويعد الجميع بهذه المناسبة العطرة والعزيزة على جميع أبناء الوطن رافعا أسمى آيات التهنئة والتبريك لجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه وولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين بن عبدالله والأسرة الهاشمية. وقال جويعد : في الخامس والعشرين من أيار من كل عام يزدهي الأردن بثوب مزركش تزينه عبارات الحب والولاء والانتماء للوطن والقيادة الهاشمية، فعيد الاستقلال ليس فرحة للأردنيين وحسب بل فرحة لكل العرب الأحرار ؛ ذلك أنه شكل انعطافا في تاريخ المنطقة بصورة عامة. وأضاف، في يوم الاستقلال نعلي هاماتنا ونشرف الرؤوس بإلباسها تاج العز والفخار ونبعث في النفس أرقى وأجمل مشاعر الكبرياء ونسطر على أرضه الطهور عبارات الفداء ، في ذكرى الاستقلال نفاخر الدنيا فهنيئا لك يا وطني بأبنائك أصحاب الهامات العالية التي ما انحنت إلا لبارئها وما وهنت وما ذلت لأي حادثة ألمت بها. وقال جويعد في الاستقلال علا البنيان وارتفع حتى طاول السماء وكان بحجم همة أبناء الوطن وعزمهم فحقَّ لنا أن نفرح ونحتفل في هذا اليوم البهي ونفاخر الدنيا، حمى الله الأردن وحفظه عزيزا منيعا في ظل حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني بن الحسين وولي عهده الأمين. وتخلل الاحتفال الذي اداره الطلبة لما ابو عناب ونور الصمادي وميرا شقاح فقرات فنية وأناشيد وأغان وطنية ودبكات شعبية تعبر عن معاني الفخر والانتماء وتجديد الولاء والانتماء للوطن والقيادة الهاشمية و تم تقديم فيديو توضيحي يستعرض إنجازات الهاشميين في مجال التعليم وتطوراته، إضافة إلى فيديو تعريفي ببرنامج التعليم المهني والتقني BTEC وأهميته و الإنجازات التي تمت لتطويره ، حيث قدم هذه الفقرات مدارس مدرسة عين جنا الثانوية للبنات وعجلون الأساسية المختلطة وحطين الأساسية المختلطة ورماح الإسلام النموذجية وعثمان بن عفان الثانوية للبنين وخولة بنت الأزور الأساسية المختلطة وعنجرة الثانوية للبنات ، كما شاركت مديرية التربية والتعليم للواء الكورة بوصلة غنائية قدمها محمود النعيمي. وفي نهاية الاحتفال كرم راعي الحفل المشاركين والقائمين والمساهمين والداعمين في تنظيم الاحتفال .


الوكيل
منذ 32 دقائق
- الوكيل
المومني ينعى الزميل عبدالله الطراونة
الوكيل الإخباري- نعى وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني، الصحفي السابق في وكالة الأنباء الأردنية (بترا) الزميل عبدالله الطراونة، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى اليوم الخميس. اضافة اعلان واستذكر المومني، مناقب الفقيد وإسهاماته الثرية في الإعلام المحلي، إذ عمل في وكالة الأنباء الأردنية لثلاثين عاماً.