
رحيل الفنان أديب قدورة.. رائد الأداء الهادئ وصوت الدراما السورية
توفي مساء أمس الأربعاء، الفنان السوري أديب قدورة عن عمر ناهز 76 عامًا، بعد صراعه المرض، وفقا لما أعلنته نقابة الفنانين السوريين في دمشق.
وجاء في بيان النعي الذي نشره فرع دمشق للنقابة عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: "ينعى فرع دمشق لنقابة الفنانين إلى الوسطين الفني والثقافي وفاة الزميل الفنان القدير أديب قدورة… إنا لله وإنا إليه راجعون".
وكان قدورة قد تعرض في الأسابيع الأخيرة لأزمة صحية حادة ألزمته الفراش، قبل أن تتدهور حالته من جديد، لتعلن وفاته مساء أمس الأربعاء وكانت النقابة قد أشارت في وقت سابق، وتحديدًا في أبريل/نيسان الماضي، إلى معاناته من تدهور صحي أدى إلى نقله للعلاج، ثم عودته إلى منزله لفترة مؤقتة.
وُلد أديب قدورة عام 1948 لعائلة فلسطينية الجذور، استقرت لاحقا في مدينة حلب شمالي سوريا، حيث تلقى تعليمه الأساسي. في بداياته، لم يكن التمثيل خياره الأول، بل توجه إلى دراسة الفنون الجميلة مدفوعا بشغفه بالتصميم، ساعيًا للعمل في مجال هندسة الديكور المسرحي.
عمل في البداية مدرسا لمادة الفنون التشكيلية في مدارس حلب، قبل أن يتجه تدريجيا نحو العمل خلف الكواليس في العروض المسرحية، حيث تولى مهام الديكور وتصميم الأزياء والإضاءة والمكياج والإعلانات المسرحية، مما أتاح له الاطلاع العميق على تفاصيل الإنتاج المسرحي.
الحضور خلف الستار لم يدم طويلا، إذ سرعان ما لفتت موهبته أنظار عدد من المخرجين، الذين منحوه فرصا للوقوف على خشبة المسرح، حيث برز ممثلا يتمتع بحضور لافت وأداء متنوع. وقدم خلال مسيرته عددا من الأعمال المسرحية المهمة، منها: "الأيام التي ننساها"، "هبط الملاك في بابل"، "مأساة جيفارا"، "سمك عسير الهضم"، و"السيد بونتيلا وتابعه ماتي"، إلى جانب مشاركته في عروض مستوحاة من نصوص الكاتب الروسي أنطون تشيخوف.
البطل الشعبي الثائر
في بداية مشواره السينمائي، لفت أديب قدورة أنظار المخرج السوري نبيل المالح، الذي منحه فرصة ذهبية عام 1972 لأداء دور البطولة في فيلم "الفهد"، المقتبس عن رواية الكاتب حيدر حيدر. وقد شكّل هذا العمل نقطة تحول في مسيرته، حيث جسّد فيه شخصية "أبو علي شاهين"، البطل الشعبي الثائر، وهو الدور الذي ارتبط باسمه طويلا، واعتبر الفيلم من أبرز محطات السينما السورية لما حمله من دلالات سياسية واجتماعية، ولما حققه من حضور عربي ودولي بارز.
بعد هذه الانطلاقة القوية، واصل قدورة حضوره على الشاشة الكبيرة، فشارك في أكثر من 37 فيلما، تنوعت بين الإنتاجات المحلية والأعمال الدولية.
من أبرز مشاركاته في السينما العالمية ظهوره في الفيلم الإيطالي "وسائل ساول والقتلة في طرق دمشق" (E di Saul e dei sicari sulle vie di Damasco) للمخرج جياني توتي عام 1973، كما شارك في الفيلم الإيراني-اللبناني "الاجتياح" مع المخرج الإيراني كاوش، والذي تناول الغزو الإسرائيلي لبيروت، وظهر أيضًا في الفيلم الإيطالي "الطريق إلى دمشق" (La strada per Damasco)
كما تعاون مع مخرجين ومنتجين من خارج سوريا، منهم المخرج الفرنسي "والمان"، وشارك في عدد من الأفلام المشتركة، مثل "سحر الشرق"، و"عمر الخيام"، و"الانتقام حبا"، و"الحب المزيف"، و"بنت شرقية".
امتدت المسيرة التلفزيونية للفنان أديب قدورة عقودا، شارك خلالها في أكثر من 60 عملًا دراميًا تنوعت بين الأعمال التاريخية والاجتماعية والإنسانية، وترك فيها أثرًا لافتًا بفضل أدائه الهادئ وقدرته على تجسيد شخصيات متنوعة.
من أبرز المسلسلات التي شارك فيها "عز الدين القسام"، إذ جسّد شخصية وطنية مقاومة تركت أثرًا عميقًا في الوجدان العربي، إلى جانب أعمال أخرى مثل "حصاد السنين"، "سفر"، "امرأة لا تعرف اليأس"، "دموع الأصايل"، و"شجرة الدر".
ويُعد دوره في مسلسل "الحب والشتاء"، حيث أدى شخصية "عطاف" تحت إدارة المخرج صلاح أبو هنود، من أشهر أدواره، إذ حظي المسلسل بمتابعة واسعة في مختلف أنحاء العالم العربي آنذاك.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
"لا لقصف الأطفال".. مغنٍ كندي يتضامن مع غزة خلال حفل في دبلن
استغل المغني وكاتب الأغاني الكندي الشهير برايان آدامز حفله الموسيقي في العاصمة الأيرلندية دبلن يوم الأربعاء 22 مايو/أيار 2024، للتعبير عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني، وتسليط الضوء على ما يتعرض له من معاناة متواصلة في قطاع غزة. وتداولت حسابات مؤيدة للقضية الفلسطينية على منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر آدامز وهو يخاطب الجمهور: "لا لقصف الأطفال في غزة"، وهو تصريح لقي تفاعلاً كبيرًا من الحاضرين الذين استقبلوه بتصفيق حار. وفي السياق ذاته، أعلن آدامز عزمه على أداء أغنيته "ابن الأرض" (Native Son)، مشيرا إلى أن كلماتها تعكس الواقع المعيش حاليًا، حيث يُنتزع الناس من أراضيهم، في إشارة ضمنية إلى ممارسات الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. مواقف داعمة سابقة ولبرايان آدامز مواقف سابقة داعمة للسلام، ففي عام 2014، وخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وصف آدامز ما يحدث بأنه "جريمة ضد الإنسانية"، منتقدا الحصار المفروض على القطاع، ومشيرا إلى أنه أدى إلى حرمان السكان من أبسط مقومات الحياة. وأكد حينها، أنه لا يعادي أحدًا على أساس ديني، بل يدعم قيم "الحرية والعدالة". إعلان أما في عام 2023، فأصدر أغنية بعنوان "ماذا لو لم تكن هناك أي أطراف على الإطلاق" (What If There Were No Sides At All)، دعا فيها إلى إنهاء الصراعات المسلحة، مشددا على ضرورة التفاوض والحوار كسبيل لتحقيق السلام العالمي. وأوضح في تصريحات صحفية، أن الأغنية مستوحاة من الأزمات والنزاعات التي يشهدها العالم، ودعا الحكومات إلى تغليب صوت العقل على لغة السلاح.


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
أصغر مسارح العالم يستأنف عروضه بعمل ساخر.. المشهد الثقافي السوري يتجه للتعافي
"كيف بدي أقتلك وتقتلني؟.. شوف دمّك وتشوف دمّي، هون (هنا) بالمكان اللي أكلنا وفرحنا ورقصنا وغنّينا وضحكنا ونمنا وفقنا (استيقظنا) فيه.. شوف دمّك وتشوف دمّي بنفس المكان.. كيف؟". بهذا السؤال الاستنكاري يختتم الأخوان محمد وأحمد ملص مسرحيتهما "كل عارٍ وأنتم بخير"، التي بدأت أول عروضها في دمشق الثلاثاء الماضي، مُطلقيْن من خلالها صرخة وعي ممزوج بالفزع من سنوات القمع والقتل والدمار التي شهدتها سوريا، آمليْن ألا تتكرر تلك الفاجعة الإنسانية والوطنية مجددا. ومن خلال هذا العرض، يعود الأخوان ملص إلى منزل عائلتهما في حي العدوي بدمشق، والذي شهد في عام 2011 ولادة "مسرح الغرفة"، وهو أحد أصغر المسارح في العالم، قبل أن يغادر بعد ذلك الشقيقان البلاد هربا من ملاحقة الأجهزة الأمنية ليُغْلِق المسرح أبوابه طوال 14 عاما. وتأتي هذه المسرحية في سياق التعافي التدريجي للمشهد الثقافي في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد المخلوع في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، وعودة العديد من المثقفين والفنانين إلى البلاد عقب زوال مقصلة الرقابة وقبضة الأجهزة الأمنية التي ظلت تضيّق على الأنشطة الثقافية والفنية لعقود. صخرة الواقع تدور أحداث المسرحية في سوريا في زمن غير محدد، مما يمنح الفضاء الزمني طابعا مفتوحا يسمح بإسقاط تلك الأحداث على مراحل متعددة من التاريخ السوري؛ سواء في فترة ما بعد الاستقلال، أو خلال عهد حزب البعث (1963-2024)، أو حتى في سياق ما بعد سقوط النظام، كما يوحي الشريط الصوتي المسجّل الذي يفتتح به الأخوان العرض. وتنفردُ بأداء هذا العرض شخصيتان محوريتان هما "المثقف" و"المجند"، ونشاهد مسار حياتهما من الشباب إلى الكهولة، في محاولة لرصد التحولات والانكسارات التي لحقت بهما تحت وطأة تعقيدات سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية متعددة. ويخوض الرجلان، في ظل الملل والفراغ والوحدة التي تجمعهما، حوارات عديدة حول أحلامهما في الشباب، لكن انتهاء الحوارات بخلاصات ساخرة حينا ومأساوية أحيانا تكشف للجمهور ما مدى هشاشة هذه الأحلام أمام صخرة الواقع التي لا تلبث أن تتكسَّر فوقها كل الطموحات. يجسّد أحمد ملص شخصية الشاعر الذي حمل في شبابه طموحات كبيرة لنيل الشهرة والمكانة الاجتماعية، وكان من الحالمين والداعين إلى الإصلاح السياسي والاقتصادي في البلاد، لكنه سرعان ما اصطدم بجدار القمع الأمني والاعتقال، وحُرم من محبوبته "ميس"، لنراه لاحقا رجلا مسنا يعاني من العجز والفقر والوحدة. أما محمد ملص فيجسّد شخصية المجند، الذي ظهر في بداية العرض شابا متحمسا، يؤمن بأنه جزء من منظومة تحمي الوطن وتضمن استقراره، غير أن العرض يكشف لاحقا عن واقع مؤلم مديد قد عايشه هذا الشاب خلال عقود، إذ يظهر في كهولته مصابا في قدمه، وقد أُحيل إلى التقاعد دون أي تعويضات تُذكر. جرس إنذار تجمع الرجلين غرفة مستأجرة متواضعة في مكان ما من سوريا، وبات واضحا أنها تضمّ مثقفا حُطِّمت آماله في الحرية داخل أقبية السجون، ومجندا يعيش على الوعود والآمال الزائفة، لا يملك سوى طعام بالكاد يسد رمقه، وجسد أنهكه الإهمال. في أحد أيام العيد، تنشب بينهما مشادة كلامية تفضي إلى انكشاف هشاشة كل منهما؛ فالمجند، الذي لا يتقن سوى لغة السلاح، يرى في المؤسسة العسكرية طريقا للخلاص، لكنه يُظهر جانبا إنسانيا حين يُجبر الشاعر على الاتصال بحبيبته والاعتراف بمشاعره لها. في حين يبدو الشاعر مثقلا بالخذلان والشكوك حيال موهبته، لكنه يُظهر بدوره رقة إنسانية صادقة عندما يتأثر بكلمات المجند لحبيبته التي حرم هو الآخر من الزواج منها. يتصالح الرجلان لاحقا بعد اكتشاف أنهما ضحية واقع عام تشهده البلاد بأسرها، ويبدآن بالرقص على أنغام موسيقية احتفالا بالعيد، ويرددان معا بسخرية مرة وبمرارة في أخرى عبارة "كل عارٍ وأنتم بخير" تعبيرا عن خيبتهما. ورغم التناقض الظاهري بين رجل مسلح وشاعر لا يملك إلا قلمه سلاحا؛ فإن كلا منهما يشيخ أمامنا في وحدة، محروما من الأمان والحرية، حالما بوطن لا يخذل أبناءه وبناته. وتبلغ الحبكة ذروتها مع نهاية المسرحية حين يتفق الاثنان على صفقة مفادها أن يقتل أحدهما الآخر. إلا أنهما يعجزان عن تنفيذ المهمّة، ويختاران بدلا من تنفيذها الجلوس جنبا إلى جنب على الكنبة الوحيدة في المسرح، بينما يصدح في الخلفية من المذياع مقطع من شارة برنامج أطفال "ما أحلى أن نعيش في حب وسلام" لتنسدل على أنغامه الستارة معلنة النهاية. وهي نهاية صارخة الوضوح في دلالتها، إذ إن الرجلين قد واجهَا في النهاية مصيرا مشتركا تعمه الخيبة رغم تناقض شخصيتيهما والتباين في طريقة التفكير، ليبدو أن العطب الذي حلّ بهما ودفعهما إلى هذا المصير المشترك لا علاقة له بخصالهما الشخصية أو صفاتهما الفردية، وإنما نتيجة لممارسات نظام أجهض أحلام الشباب وحرمهم من المساندة والدعم، وزرع فيما بينهم الكراهية بدلا من الحب؛ فكان الحصاد حقدا وتفرقة. وحول الدلالة العامة لهذه المسرحية، يقول المخرج والممثل محمد ملص "كان الغرض من "كل عارٍ وأنتم بخير" هو دقّ جرس الإنذار، فنحن اليوم أمام فرصة ذهبية في سوريا لنستعيد عافيتنا، شرط ألّا يأخذ الواقع منحى طائفيا أو مناطقيا، أو نسلك مجددا مسلك الفساد وتقديس الشخصيات. وبالتالي المسرحية جرس إنذار لكي لا تنزلق سوريا مجددا إلى المهاوي، ونتمنى أن يسمعه الناس وتسمعه الحكومة الجديدة". عودة "مسرح الغرفة" وبهذا العرض أعاد الأخوان ملص افتتاح "مسرح الغرفة" في منزلهما في حي العدوي بدمشق بعد مضي 14 عاما على إغلاقه، الحدث الذي يصفه المخرج والممثل أحمد ملص بـ"الغريب والجميل". وأضاف، في حديث للجزيرة نت، "مسرح الغرفة هو مسرح كائن ضمن منزلنا (منزل العائلة) المليء بالذكريات، وبذلك نكون قد عدنا (أنا وأخي) إلى مكان كنا نشعر أن الحياة تنبض في كل ركن منه، فوجدناه منزلا للأشباح وكان يبدو مرهقا وكذلك كانت أيضا حال "مسرح الغرفة"، ونحن نحاول الآن إعادة إحياء هذا المكان، ولا أعرف كيف يمكن أن أصف هذه العودة بكلمات، كنت أشاهدها بالأفلام وأقرأ عنها في الأدب، لكن اختبارها على أرض الواقع أمر مختلف جدا، فهي عبارة عن ذكريات متراكمة تشعِر المرء بالألم والأمل معا". ويشير أحمد ملص إلى تعرُّض "مسرح الغرفة" لتهميش واضح في عهد النظام المخلوع، رغم إنجازه البارز بترشحه في عام 2010 لدخول موسوعة غينيس كأصغر مسرح في العالم، حيث رفضت مديرية المسارح آنذاك دعمه، في الوقت الذي كانت تروّج فيه الدولة لمنافسات سطحية مثل تحضير أكبر طبق "بقلاوة" أو "نمورة". ووفقا لأحمد، فقد تجلى هذا التهميش بشكل صارخ عندما فاز عرضهما "ميلودراما" بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان المسرح الحر عام 2011، دون أن يحظى بأي ذكر في التغطية الإعلامية الرسمية وشبه الرسمية. ويصف أحمد هذا التهميش للأعمال الثقافية الجادة بـ"التعتيم"، الذي كان نوعا من "القمع بقفازات ملونة"، وهو ما عايشه مؤسسو المسرح في سوريا. أما اليوم، وبعد إعادة افتتاح المسرح، فتلقى الأخوان ملص وعودا من وزارة الثقافة بدعم عروضهما، وتوسيع النشاط المسرحي إلى المحافظات المهمَّشة. View this post on Instagram A post shared by Malas Twins الأخوين ملص🎬🇫🇷🎭 (@twinsmalas) تعافي المشهد الثقافي وكان لقاء سابق جمع وزير الثقافة السوري محمد صالح والأخوين ملص، ويقول محمد ملص عن هذا اللقاء "لأول مرة منذ 20 عاما تتم دعوتنا من قبل جهة رسمية اعترافا بمجهودنا. لقد كان اللقاء جيدا ونتمنى أن يتم العمل في المستقبل على المشاريع التي ناقشناها مع السيد الوزير". وخلال لقائهما بالوزير صالح، استعرض الأخوان ملص خطتهما لإعادة إحياء المشهد المسرحي في كافة المحافظات السورية للوصول إلى أكبر شريحة من الجمهور، ومنح أبناء المحافظات "المهمشة مسرحيا" فرصة لإنتاج الأعمال المسرحية ومشاهدتها، وتنظيم ورشات تدريب مسرحي للمهتمين من أبناء هذه المحافظات. وتشهد البلاد منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024 عودة تدريجية للحياة الثقافية والفنية وسط تسهيلات تقدمها وزارة الثقافة السورية للمثقفين والفنانين عبر إتاحة المنابر والمسارح ودور العرض لإقامة مختلف الفعاليات والأنشطة التي تهدف إلى إعادة إحياء المشهد الثقافي في البلاد. وفي سياق متصل، شهدت العاصمة دمشق انطلاق عدد من الفعاليات الثقافية والفنية خلال الأشهر القليلة الماضية، كان من بينها تأسيس "صالون دمشق السينمائي" لعرض الأفلام ومناقشتها، وإحياء كورال "غاردينيا" النسائي، الذي قدم عددا من الأمسيات الموسيقية الثورية في دمشق ، في حين تمكنت دور النشر السورية من طباعة الكتب الدينية والسياسية والأدبية وتوزيعها على المكتبات وإتاحتها للقراء بعد عقود من حجبها من قبل الأجهزة الأمنية. وقد أنجز مسرحيون سوريون عددا من العروض، كان أبرزها عرض "اللاجئان" للأخوين ملص، وهو أول عرض مسرحي بعد سقوط نظام بشار الأسد ، وعرض "انتصار وطن" الذي احتفى بانتصار الثورة السورية بعد 14 عاما على انطلاقتها.


الجزيرة
منذ 13 ساعات
- الجزيرة
فندق الجيروسالم.. قصر عثماني بأثاث مصري في قلب القدس
"بأرض ما اشتهيتَ رأيتَ فيها فليس يفوتها إلا الكرامُ" ببيت الشعر هذا المحفور يدويا على باب خشبي والذي يعود للشاعر أبي الطيّب المتنبي، يستقبل فندق "جيروسالم" الذي يبعد بضع خطوات عن باب العمود نزلاءه وزوّاره. شُيّد الفندق إبّان العهد العثماني وبالتحديد في عام 1890 كقصر لعائلة شرف المقدسية، وفي عام 1960 وأثناء تقليب إحدى الصحف عثر المقدسي سامي سعادة على إعلان عن بيع هذا القصر-الذي تبلغ مساحة بنائه 200 متر مربع وحديقته 100 متر مربع، بالإضافة لتسوية صغيرة- فاشتراه، وكان يستخدم حينها كفندق. كان هذا البناء الأثري يستخدم خلال الحكم العثماني مقرا للجيش بهدف تعبئة الشباب للحرب العالمية الأولى، ولاحقا استخدم مدرسة إبّان الاحتلال البريطاني، ثم تحول إلى فندق إبّان الحكم الأردني وبقي كذلك حتى يومنا هذا. ورغم أن إصابات مباشرة بالقذائف أحدثت أضرارا في الجانب الشرقي من الفندق خلال حرب النكسة عام 1967، فإن البناء الأثري ظلّ صامدا حتى اليوم، وحرصت عائلة سعادة المقدسية على صيانته ورعايته بشكل يخطف أبصار النزلاء والزوّار الراغبين بالاستمتاع بأجواء تاريخية وتراثية استثنائية. يضم الفندق 14 غرفة ويحتوي على الكثير من المقتنيات الأثرية الفلسطينية من أثواب وأوان حجرية وفخارية ونحاسية، بالإضافة للمقاعد الخشبية العتيقة المزخرفة يدويا وأخرى مصنوعة من الخيزران. ويقع هذا الفندق الأثري في شارع "عنترة بن شداد"، وفي داخل كل غرفة يوجد شعر لهذا الشاعر، وخارج كل غرفة شعر لأبي الطيب المتنبي، أما أثاث الغرف فتمّ تصميمه وتفصيله خصيصا لصالح الفندق في مدينة دمياط المصرية، وعندما وصل إلى القدس قبل عقود كانت لدى صاحب الفندق المقدسي رائد سامي سعادة بعض الملاحظات والتعديلات فأُعيد الأثاث إلى مصر وأدُخلت عليه التعديلات قبل أن يُعاد مجددا إلى القدس. وبالخروج من الفندق يودّع هذا المقدسي النزلاء ببيت شعر آخر للمتنبي محفور على الباب وهو "يا من يعز علينا أن نفارقهم وجداننا كل شيء بعدكم عدمُ".