
الفرص الملغومة... إعلانات مضللة تستهدف المتسوقين إلكترونيا في قطر
تنمو سوق التجارة الإلكترونية في قطر بوتيرة متسارعة، ومعها تتزايد حالات الوقوع في فخ الإعلانات المضللة التي تستهدف المتسوقين إلكترونياً بفرص مغرية، تضيع عبرها أموالهم، بعد تحويلها إلى محتالين يقيمون في الخارج.
أخفقت محاولة الشاب
القطري
علي المري في شراء هاتف Iphone 14 Promax بسعر يقل 1500 ريال قطري (400 دولار أميركي) عن ثمنه الرسمي، كما خسر 300 ريال (82 دولاراً) دفعها لحجز السلعة، على أن يسدد الباقي لدى استلامه من البائع الذي توصل إليه عبر إعلان على منصة Dubizzle Qatar
للتجارة الإلكترونية
، وزعم أنه ممثل لشركة أميركية.
بمجرد دفع المقدم اختفى المعلن، وفشلت كل محاولات المري لاسترداد أمواله، وبعدما حذره صديق من إمكانية تعرض هاتفه للاختراق، أسرع بحذف الرسائل المتبادلة وحظر رقم هاتف المحتال، ليدخل ضمن ضحايا الإعلانات المزيفة التي تنشر في منصات للتجارة الإلكترونية كـ Qatarliving وQatarsale وDubizzle Qatar، ورصد معد التحقيق فيها ما لا يقل عن 300 نموذج مشابه نشرت بين 1 يناير/كانون الثاني 2023 و31 مارس/آذار 2025 لمنتجات متنوعة مثل السيارات
والأجهزة الإلكترونية
ويجمعها نمط واحد، جميعها تباع بنصف أو أقل من نصف قيمتها السوقية، وكل المعلنين مسجلون بهواتف غير قطرية.
وتمثل الإعلانات الاحتيالية تحدياً كبيراً يفرضه تنامي سوق التجارة الإلكترونية في قطر والبالغ حجمه 13.86 مليار ريال (3.8 مليارات دولار) في 2024 ويتوقع وصوله إلى 36.83 مليار ريال (10.1 مليارات دولار) بحلول 2033 بحسب ما جاء في تقرير IMARC Group (مؤسسة هندية تعمل في مجال أبحاث السوق والفرص الاستثمارية في 100 دولة) الذي شدد على ضرورة تركيز الشركات العاملة في المجال على تنفيذ استراتيجيات تحسن الأداء، وتعزز ثقة المستهلكين، من خلال شهادات اعتماد تقدم للمتاجر الإلكترونية، وضمان أمان المعاملات المالية.
تحقيق
هوس تكبير العضلات [5/4]... استخدام غير آمن للمكملات الغذائية في قطر
مواصفات النمط الاحتيالي
من بين ضحايا الإعلانات الاحتيالية المصري المقيم في قطر محمد إبراهيم الذي حوّل 500 ريال قطري (137 دولاراً أميركياً) بنكياً عربوناً لمحتال نشر إعلاناً عبر منصة Qatar living زعم فيه بيعه سيارة "نيسان" مستعملة بـ 14 ألف ريال، أي أقل بـ 15 ألف ريال من قيمتها السوقية بعدما أكد المعلن عليه دفع جزء من السعر المغري حتى لا يقابل مشترين آخرين، ليقع إبراهيم في شراكه ومن بعدها توقف البائع عن الرد على هاتفه، فأدرك تعرضه للاحتيال، ومع ذلك لم يبلغ إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية التابعة لوزارة الداخلية، إذ حمّل نفسه المسؤولية، لأنه وثق في بائع يعرض سلعة بنصف ثمنها وحول المال له بإرادته.
يزعم المحتالون بيع السلعة بأقل من سعرها بمبلغ مغري (رصد العربي الجديد)
ولكشف الأنماط التي يتبعها المعلنون المزيفون عبر دعاياتهم في منصات التجارة الإلكترونية زعم معد التحقيق رغبته في شراء هاتف مستعمل، وتواصل مع خمسة منهم استخدموا أرقاماً غير قطرية للتسجيل في منصتي "دوبيزل قطر" و"قطر ليفينغ"، وتوصل إلى أنهم يزعمون بيع هواتف مستعملة بأسعار أقل من قيمتها بمبالغ تتراوح بين 1000 ريال و1500 ريال (274 - 400 دولار) مع طلب دفعات مسبقة عبر تحويل بنكي، أو بواسطة العملات الرقمية، ووعد بالتوصيل عبر الشحن الجوي خلال يومين أو ثلاثة، إلى جانب محاولة إضفاء مصداقية زائفة على عملية الاحتيال باستخدام عبارات دينية، كالذي رد على شكوك معد التحقيق قائلاً "إنه مسلم ويصلي خمس مرات يومياً".
محادثة معد التحقيق مع أحد المعلنين المزيفين
لكن نمط الاحتيال يمكن كشفه في حالة انتباه المشترين، فأول المحتالين تواصل عبر رقم يحمل رمز الولايات المتحدة، مدعياً في الوقت نفسه أنه يعمل في شركة Trade Access المحدودة البريطانية، وهي شركة حُلت في فبراير/شباط 2021 حسبما تظهر قاعدة بيانات الشركات البريطانية، لكن المحتال أصرّ على أنها تعمل وتوصل الهواتف المستعملة لكل دول العالم، ومنها قطر خلال يومين لثلاثة أيام عمل، وعرض هاتف Iphone 16 pro Max بـ 2960 ريالاً قطرياً (814 دولاراً)، رغم أن سعره الرسمي 4360 ريالاً (1199 دولاراً)، وزعم البائع المزيف أن "جميع المنتجات أصلية، وجديدة، ومغلقة في علبها الأصلية مع جميع الملحقات، وهناك ضمان لمدة عام، وسياسة إرجاع لمدة 6 أشهر".
محادثة معد التحقيق مع المحتال الثاني
وبعد الاتفاق على الصفقة ظاهرياً يطلب المحتالون دفع مبالغ تحت بند "دفعة أولى ورسوم شحن مسبقة" تراوحت في التجارب الخمس بين (300 ريال و400 ريال) أي ما يعادل (82 دولاراً و110 دولارات)، طلب ثلاثة محتالين تحويلها بنكياً، في حين عرض الآخران خيارات دفع، مثل خدمات تحويل الأموال الفورية، أو عبر محافظ العملات الرقمية، على أن يدفع معد التحقيق الباقي عند الاستلام، كما طرح أحدهم خيار تقسيط الباقي شهرياً، بمبلغ يتراوح بين 100 ريال إلى 200 ريال قطري (27 دولاراً و55 دولاراً)، وعند إبداء معد التحقيق أي شك في العملية وتدني سعر المنتج ساقوا جميعهم حججاً غير منطقية، كتطبيق خصم أول عملية شراء، أو عروض "عيد الحب في فبراير"، محاولين صرف نظر الضحية عن الهدف الأصلي.
3.8 مليارات دولار حجم سوق التجارة الإلكترونية خلال عام 2024
هروب من العقاب
لا يمكن ملاحقة أصحاب الإعلانات الاحتيالية قانونياً، لكونهم يمارسون نشاطهم خارج البلاد، كما يقول الباحث حمد السليطي في رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الشريعة والقانون بجامعة قطر عام 2018 بعنوان "تجريم الاحتيال الإلكتروني في القانون القطري والمقارن"، مشيراً إلى صعوبة إثبات الجرائم والوصول للجاني لعدم وجود أدلة مادية تقليدية، بسبب إلغاء الإنترنت عائق الحدود الجغرافية أمام المحتالين، ما صعب ملاحقتهم على الأجهزة الأمنية، مضيفاً أن "هذه الجرائم تحتاج خبرة فنية متخصصة قد لا تتوافر لدى المحقق العادي"، وموصياً بوجوب "تحديث القوانين لمواكبة التطورات التقنية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة الجرائم العابرة للحدود، بجانب إنشاء محاكم ونيابات متخصصة في الجرائم الإلكترونية، وتعزيز أنظمة الأمن السيبراني".
وبالرغم من ذلك تحذر وزارة الداخلية بشكل دوري المستخدمين عبر حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي من الإعلانات الوهمية عبر الإنترنت، وتدعوهم للتحقق من مصداقية المعلن، والإبلاغ عن أية حالات احتيال مشتبه بها، والتواصل مع إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية والإلكترونية.
تحقيق
ترويج بدائل التبغ... سوق سوداء لأجهزة التدخين الإلكتروني في قطر
مواجهة عبر الذكاء الاصطناعي والتدخل البشري
تختلف طرق منصات التجارة الإلكترونية في صد الإعلانات الاحتيالية، بداية من التوعية، وحتى تخصيص فريق بشري مدعم بأدوات ذكاء اصطناعي لفحص الإعلانات وحذف الاحتيالية منها، ففي صفحة بعنوان بـ"سلامتك تهمنا" تحذر منصة Dubizzle Qatar المتسوقين من دفع أو تحويل أي أموال مقدماً قبل فحص المنتج والحصول عليه، على أن يجري الالتقاء بين البائع والمشتري في أماكن عامة في وجود أشخاص آخرين.
لكن الصفحات التحذيرية ليست كافية، كما يقول خالد نصيف مسؤول المبيعات في مزاد قطر لـ"العربي الجديد"، مشدداً على ضرورة ربط تفعيل حساب المعلن في المنصة، من خلال رسالة هاتفية برقم قطري، بالإضافة إلى المراجعة المستمرة للإعلانات المنشورة، وحذف أي إعلان مشكوك فيه، وهذه الخطوات "حدت بشكل كبير من ظهور الإعلانات الاحتيالية، ففي السابق كانت تصل الشركة يومياً عشرات الشكاوى، وهو ما تغير الآن، لتمر فترات متباعدة دون تسجيل واحدة، وإذا وجدت فهناك خط ساخن يعمل على مدار الساعة لاستقبال الشكاوى، وتوجيه العميل للمسار الصحيح بالاتصال بالمصرف، وإيقاف البطاقة، وإبلاغ إدارة الجرائم الإلكترونية".
أنظمة ذكاء اصطناعي لتتبّع الإعلانات الاحتيالية في قطر
وتستعين "قطر ليفينغ" بنموذج ذكاء اصطناعي بجانب تدخل فريق بشري لكشف الإعلانات الاحتيالية وحذفها بحسب رئيس قسم الإشراف والدعم بالمنصة محمد شفني الذي أكد لـ"العربي الجديد"، أن التدخل التقني والبشري قللا من ظهور الإعلانات الاحتيالية "فيجري حذفها في غضون 24 ساعة وأقل من ذلك"، قائلاً إن الإعلانات تُراجع مسبقاً قبل النشر، وبعضها يُراجع مرة أخرى بعد النشر، وإذا ما حدث شك في أي سلوك احتيالي تُحذف نهائياً.
الأرشيف
الانتحال الأدبي [7-7]...إعلانات الأبحاث الجاهزة تحاصر الطلاب في قطر
التوعية ناجحة لكنها ليست كافية
يرى شفني أن الإعلانات الاحتيالية أصبحت أقلية على منصته التي تتيح للأشخاص العاديين بيع وشراء منتجات ثمينة كالعقارات والمركبات، وبسيطة كالأدوات المنزلية والأجهزة الإلكترونية، بعد تطبيق أنظمة تحقق ومصادقة ثنائية لأرقام الهواتف والمواقع الجغرافية، بالإضافة إلى تحديد البائعين الموثوقين والمنتجات الأصلية، ورغم وصف هذه الأنظمة بالناجحة فإنها، بحسب قوله، لم تنجح في منع الإعلانات الاحتيالية بنسبة 100%.
يحاول المعلن صرف نظر معد التحقيق عن هدف الاحتيال الأساسي
وبسبب حملات التوعية تتحرك شكوك بعض المستخدمين تجاه أي تفاصيل غريبة تشوب الإعلانات كتدني السعر على غير المعتاد، أو طلب دفعات مقدمة، أو التهرب من المقابلة، أو السعي للاتصال عبر الرسائل القصيرة، عوضاً عن المكالمات الهاتفية، بحسب تأكيد ثلاثة ناجين من محاولات احتيال كانوا على وشك الوقوع فيها لولا شكهم في تفاصيل صغيرة، منهم أحمد (16 عاماً) نجل الخمسيني مهدي محمد الذي قال لـ"العربي الجديد" كاد ابني يقع ضحية أحد المعلنين المزيفين أثناء محاولته شراء هاتف Iphone 15 Pro Max عبر "دوبيزل قطر" لكن ولتدني سعره، وإصرار البائع على أنه أصلي، ساورتني الشكوك وطلبت مكالمة المحتال صوتياً إلا أنه تهرب مراراً بحجج غير مقنعة، وظل يطلب تحويل دفعة مسبقة رسوم شحن، ولإغرائنا زعم تخفيض السعر بنسبة 10%، ما دفعنا إلى حظر حسابه سريعاً عبر تطبيق "واتس آب".
تؤكد الواقعة السابقة أنه لا نجاة من الوقوع في فخ الإعلانات الاحتيالية سوى بحذر أكبر من قبل المستهلكين، يقول محمد شفني إن "هذا النمط من التجارة ليس كمنافذ البيع الرسمية التي يتسوق منها المستخدم، لذا عليه الحذر والتأكد من حقيقة البائع والمنتج قبل دفع أي أموال".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
يثقل أميركا بالديون... قانون ضرائب ترامب مرّ في مجلس النواب بفارق صوت واحد
بفارق صوت واحد، أقرّ مجلس النواب الأميركي، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، اليوم الخميس، مشروع قانون ضرائب وإنفاق شامل سينفذ معظم أجندة الرئيس دونالد ترامب الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968 السياسية ويثقل كاهل البلاد بديون تقدر بتريليونات الدولارات. وقال مكتب الموازنة في الكونغرس، وهو مكتب غير حزبي، إنّ مشروع القانون سيحقق الكثير من تعهدات ترامب الانتخابية الشعبوية وسيمنح إعفاءات ضريبية جديدة على الإكراميات وقروض السيارات وسيزيد الإنفاق على الجيش وحرس الحدود وسيرفع ديون الحكومة الفيدرالية البالغة 36.2 تريليون دولار بنحو 3.8 تريليونات دولار على مدى العقد المقبل. وكتب ترامب على منصته تروث سوشال: "يمكن القول إن هذا هو أهم تشريع يوقع في تاريخ بلادنا!"، وأضاف: "لقد حان الوقت الآن لأصدقائنا في مجلس الشيوخ لأن ينصرفوا إلى العمل ويرسلوا هذا القانون إلى مكتبي في أقرب وقت ممكن"، بعدما أقر المجلس مشروع القانون بموافقة 215 صوتاً مقابل 214 بعد أن صوت كل الديمقراطيين وجمهوريان في المجلس ضده وصوت جمهوري ثالث بأنه "حاضر"، أي لا مع مشروع القانون ولا ضده، على أن يُحال مشروع القانون على مجلس الشيوخ ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، ومن المرجح أن تجرى عليه تغييرات خلال مناقشات تستمر أسابيع. ويُمدد مشروع القانون الذي يتألف من 1100 صفحة التخفيضات الضريبية للشركات والأفراد التي أُقرت في 2017 خلال فترة ولاية ترامب الأولى، ويلغي العديد من حوافز الطاقة الخضراء التي أقرها الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن، ويشدد شروط الانضمام إلى برامج الصحة والغذاء للفقراء. ويمول كذلك حملة ترامب على الهجرة بإضافة عشرات الآلاف من حرس الحدود ويتيح إمكانية ترحيل ما يصل إلى مليون شخص سنوياً. وأُقر مشروع القانون على الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن الدين الأميركي الذي وصل إلى 124% من الناتج المحلي الإجمالي، ما دفع وكالة موديز إلى خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأسبوع الماضي. وبات ينبغي الآن طرح النصّ على مجلس الشيوخ حيث سبق للأعضاء الجمهوريين أن أعلنوا نيّتهم إجراء تعديلات كبيرة عليه. ومن المتوقع أن تتواصل السجالات البرلمانية بشأن مشروع القانون هذا الذي يكتسي أهمية خاصة للرئيس الأميركي. وكان رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون يدفع لاعتماد هذا القانون في أقرب مهلة، في ظل سعيه لتقديم نصر تشريعي للرئيس. واعتمد مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون مشروع القانون صباح الخميس مع 215 صوتاً مؤيداً و214 معارضاً، اثنان منها لجمهوريين. وقبل بدء التصويت، قال رئيس مجلس النواب الذي واجه معارضة شديدة لهذه المبادرة في معسكره إن "هذا القانون الكبير والجميل هو أهمّ تشريع يعتمده حزب في تاريخه". وبالنسبة إلى ترامب، يقضي الرهان الرئيسي بتمديد التخفيضات الضريبية الكبيرة التي أقرّت في ولايته الرئاسية الأولى والتي تنتهي صلاحيتها في نهاية العام. وبحسب عدد من الخبراء المستقلين، من شأن هذه التخفيضات أن تزيد عجز الدولة الفدرالية من ألفي مليار إلى أربعة آلاف مليار في العقد المقبل. وينصّ مشروع القانون أيضاً على إلغاء ضرائب مفروضة على الإكراميات، وهو ما تعهّد به ترامب خلال حملته الانتخابية في بلد يعوّل الكثير من العمّال على هذه العطيّات مصدرَ دخل أساسياً. اقتصاد دولي التحديثات الحية لماذا يضخّم ترامب أرقام الدعم الخليجي وتكاليف القبة الذهبية؟ وبغية تعويض ازدياد العجز بجزء منه، ينوي الجمهوريون الاقتطاع من بعض النفقات العامة، مثل التأمين الصحي "ميدك إيد" (Medicaid) الذي يعتمد عليه أكثر من 70 مليون أميركي من ذوي الدخل المحدود. وبحسب تحليل أجراه مكتب الموازنة في الكونغرس (CBO)، فإن التخفيضات المخطط لها حالياً لهذا البرنامج العام تهدد بحرمان أكثر من 7.6 ملايين شخص من التأمين الصحي بحلول عام 2034. ومن المتوقع أيضاً أن يتأثر بشدة من هذه الاقتطاعات برنامج المساعدات الغذائية العامة الأكبر، "سناب" (Snap). ويتوقع مكتب الموازنة في الكونغرس أن يؤدي مشروع القانون إلى زيادة الدخل لدى أغنى 10% من الأسر، فيما ستشهد أفقر 10% من الأسر انخفاضاً في مداخيلها. ويدعو مشروع القانون أيضاً إلى إلغاء العديد من الحوافز الضريبية للطاقة المتجددة، التي اعتُمِدَت في عهد جو بايدن. ديمقراطيون وجمهوريون في مجلس النواب يعارضون المشروع وعارض الديمقراطيون النص جملة وتفصيلاً. إذ قال زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جفريز بعد التصويت إنّ "عملية الاحتيال الضريبي للحزب الجمهوري تعمل على حرمان ملايين الأشخاص الرعاية الصحية والمساعدات الغذائية من أجل منح التخفيضات الضريبية للأثرياء". ويخشى بعض أعضاء الكونغرس الجمهوريين المعتدلين أيضاً من أن تشكل التخفيضات المفرطة في البرامج العامة المحببة لدى الناخبين خطراً انتخابياً كبيراً، قبل عام ونصف عام من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس. لكنّ النواب المحافظين للغاية المؤيدين لخفض الدين العام، هم الذين بدوا منزعجين من الأرقام الضخمة التي تضمنها "القانون الكبير والجميل" وهددوا بالتصويت ضده. ولم يكن هؤلاء وحدهم الذين أثار مشروع الموازنة قلقهم، فقد وصل العائد لفترة عشر سنوات على سندات الخزانة الأميركية الأربعاء إلى أعلى مستوى له منذ فبراير/ شباط، وسط مخاوف المستثمرين من نمو العجز الفدرالي بشكل كبير. وبعد الحصول على بعض التنازلات، قرر النواب المترددون في نهاية المطاف دعم النص. اقتصاد دولي التحديثات الحية فقاعة الديون تهدد أميركا... دول عظمى اندثرت بسبب استهتارها المالي وكان ترامب قد بذل جهوداً شخصية لإقناعهم، إذ ذهب إلى مبنى الكابيتول للقائهم واستقبل بعضهم الأربعاء في البيت الأبيض. ويبدو أن الرئيس ترامب ورئيس مجلس النواب مايك جونسون قد نجحاً أخيراً في تحقيق رهانهما، قبل اختبار مجلس الشيوخ. ومن المفترض أن يعود النص إلى مجلس النواب بصيغة جديدة تماماً. وفي سوق الأسهم، فتحت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت على تباين بعد أن أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون تخفيض ضرائب سارية المفعول، إذ هبط المؤشر داو جونز الصناعي 0.23% إلى 41763.68 نقطة، ومؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 0.06% إلى 5841.26 نقطة. غير أن المؤشر ناسداك المجمع ارتفع 0.08% إلى 18888.048 نقطة. (فرانس برس، رويترز)


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
صفقات سعودية مع كل من أميركا والصين... سياسة التوازنات
في ظل توقيع السعودية والصين في 13 مايو/أيار الحالي 57 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة 3.7 مليارات دولار، تبرز دلالات اقتصادية استراتيجية تتجاوز الأرقام، خاصة مع تزامن هذه الاتفاقيات مع أخرى ضخمة مع الولايات المتحدة ، وصلت قيمتها إلى مئات المليارات من الدولارات، ما يسلط الضوء على سياسة "موازنة" تتبعها المملكة في علاقاتها مع قطبي المنافسة العالمية، واشنطن وبكين. وتركز الاتفاقيات السعودية-الصينية الأخيرة بشكل أساسي على قطاعات الزراعة والأمن الغذائي والمياه، مع مشاريع إنشاء مدينة ذكية للأمن الغذائي في المملكة، وتطوير تقنيات الزراعة الرأسية والاستزراع البحري، بالإضافة إلى تعزيز صادرات المنتجات الزراعية السعودية إلى السوق الصينية، وذلك ضمن إطار رؤية 2030 السعودية ومبادرة الحزام والطريق الصينية، بحسب ما أوردته مصادر صينية بينها صحيفة "ساوث تشاينا". الصين الشريك التجاري الأكبر وبينما لا تزال أميركا الشريك التجاري الأكبر للسعودية، إذ تمثل 18% من حجم التجارة الخارجية للمملكة، ما يعكس عمق التشابك الاقتصادي بين الرياض وبكين، وفقا لما أورده تقدير نشره "ميدل إيست بريفنج"، تؤكد تقديرات "ساوث تشاينا" الصينية أن العلاقات السعودية-الأميركية شهدت دفعة غير مسبوقة مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، خاصة بعد الإعلان عن التزامات استثمارية سعودية في الولايات المتحدة بقيمة 600 مليار دولار على مدى أربع سنوات. طاقة التحديثات الحية السعودية تستعد لزيادة استخدام النفط لتوليد الكهرباء خلال الصيف ويعزو تحليل هذه المفارقة السعودية من منظور غربي إلى أن السعودية باتت تتقن لعبة التوازن بين القوى الكبرى، حيث تستثمر المملكة علاقاتها مع الصين والولايات المتحدة لتعزيز مكانتها الدولية، مستفيدة من التحولات الجيوسياسية وتنافس القوتين على النفوذ في الخليج، وفقا لما أورده تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ". وحسب التقرير ذاته، فإن المملكة تملك مقومات الموازنة بين واشنطن وبكين، بفضل ثقلها الاقتصادي ومواردها النفطية وسياستها الخارجية البراغماتية، بالإضافة إلى رؤية 2030 التي تركز على تنويع الاقتصاد وجذب الاستثمارات من الشرق والغرب على حد سواء، ما يجعل السعودية أبرز الرابحين من تنافس القوى الكبرى على نفوذ منطقة الخليج. خطة استراتيجية وفي هذا الإطار، يشير أستاذ الاقتصاد في جامعة نيس الفرنسية، آلان صفا، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الاتفاقيات الاقتصادية التي أبرمتها المملكة العربية السعودية أخيرا، والتي تمتد على مدى عدة سنوات، تعتبر جزءا من خطة استراتيجية طويلة الأمد، لا يمكن تقييمها بمعايير قصيرة المدى، إذ إن هكذا التزامات ليست مجرد تعهدات لمرة واحدة، بل تدخل ضمن سياسة استثمارية مدروسة، تتوزع على عقد من الزمن، ما يتيح للسعودية فرصة تنفيذها بفعالية وبما يتوافق مع إمكاناتها المالية الكبيرة. ويرى صفا أن المملكة، باعتبارها أحد أكبر مصدري النفط في العالم، تمتلك القوة المالية اللازمة لتلبية متطلبات الشراكات مع الولايات المتحدة والصين معا، لافتا إلى أن الهدف من هذه الصفقات ليس تأمين احتياجات السوق المحلية فقط، بل دعم المشاريع التنموية الكبرى التي تعيد تشكيل مستقبل المملكة وفق رؤية 2030 أيضا. ويشير صفا إلى أن السؤال المركزي في هذا الإطار هو: ما هي التوجهات المستقبلية للسعودية، وما الذي تطمح إليه في ظل موقعها الجغرافي والاقتصادي؟ ويجيب بأن المملكة، بوصفها قوة نفطية محورية، تمتلك اليوم علاقات متينة مع الولايات المتحدة الأميركية، سواء عبر التعاون العسكري أو البنية التحتية أو الاستثمار المشترك، كما أنها شريك اقتصادي استراتيجي للصين، باعتبارها أكبر مستورد للنفط في العالم، ما يعني أن السعودية اختارت نهجا متوازنا في التعامل مع القوى العظمى، وهو ما ساعد في تعزيز دورها لاعباً مركزياً في منطقة الشرق الأوسط. تعظيم المكاسب الاقتصادية تؤكد البيانات الرسمية وآراء الخبراء الغربيين أن السعودية تمارس توازنا مدروسا بين الصين والولايات المتحدة، مستفيدة من تنافسهما لتعظيم مكاسبها الاقتصادية، دون أن تغامر بعلاقتها الاستراتيجية مع أي طرف. ففي يوم 13 مايو/أيار الجاري تزامن بيانين، أميركي وسعودي، قدما تطبيقا عمليا للعبة التوازن التي تديرها الرياض، الأول صدر عن الإدارة الأميركية عقب زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى المملكة، حيث وصف البيت الأبيض الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين بأنها "تاريخية" وتمثل "حقبة ذهبية" في العلاقات بين البلدين، وذلك بعد إعلان اعتزام السعودية استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، تشمل صفقات دفاعية كبرى وتعاونا في مجالات الطاقة، التكنولوجيا، البنية التحتية، والصناعات العسكرية. وعلى التوازي أصدرت وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية بيانا عن إبرام 57 اتفاقية ومذكرة تفاهم مع الصين بقيمة 3.7 مليارات دولار تشمل تصدير منتجات الألبان والاستزراع المائي إلى السوق الصينية، وتعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا الزراعية، وتشييد مدينة ذكية للأمن الغذائي داخل المملكة، وذلك ضمن إطار رؤية السعودية 2030، والتكامل مع مبادرة الحزام والطريق الصينية. أسواق التحديثات الحية سابك السعودية تدرس طرح أسهمها في وحدة الغاز للاكتتاب العام وإزاء ذلك، يرى رئيس قسم الجغرافيا السياسية في مركز "Energy Aspects" ريتشارد برونز، أن استراتيجية التنويع السعودية لا تقتصر على الصين، بل تشمل استمرار الاستثمارات في الأسواق الأميركية والأوروبية، بهدف تأمين أسواق لصادرات النفط السعودي، مشددا على أن "بكين أصبحت أكبر زبون للنفط السعودي، إلا أن الرياض لا تزال ترى أن علاقتها الأمنية مع الولايات المتحدة أساسية"، وفقا لما أورده تقدير نشرته وكالة الأناضول في نسختها الإنكليزية. ونقل التقرير ذاته عن المتخصص في سوق النفط بالشرق الأوسط لدى شركة "فاكتس غلوبال إنرجي" الاستشارية ومقرها لندن، بالاش جين، أن ضعف النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط - إلى جانب الوجود الصيني المتنامي - قد تكون له تداعيات استراتيجية طويلة المدى على المصالح الجيوسياسية الأميركية ونفوذها العالمي"، ولذا فإن زيارة ترامب الأخيرة إلى السعودية ليست "دبلوماسية رمزية" فحسب، بل حيوية أيضا من الناحية الاستراتيجية للمصالح الاقتصادية الأميركية، خاصة في مجال الطاقة". وفي الإطار ذاته، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة زايد وزميل المجلس الأطلسي، جوناثان فولتون، أن تعاظم الدور الصيني في الخليج يسلط الضوء على تراجع نسبي في القيادة الأميركية بالمنطقة، لكنه يشير إلى أن بكين لا تزال تواجه حدودا في قدرتها على منافسة واشنطن في الملفات الأمنية، إذ تبقى الأخيرة "الضامن الرئيسي للأمن في الخليج، فيما تركز الصين على النفوذ الاقتصادي والدبلوماسي"، لذا فإن لعبة التوازن السعودية في علاقاتها الاقتصادية مع بكين وواشنطن تبقى قائمة.


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
عودة الامتيازات الأجنبية في قناة السويس
زاد اهتمام الحكومة الصينية بتوسيع استثماراتها في المنطقة الاقتصادية حول مجرى قناة السويس فجأة، عقب إعلان شركة إدارة الأصول الأميركية العملاقة، بلاك روك، الاستحواذ على حصص شركة سي كيه هاتشيسون الصينية في 43 ميناء في 23 دولة، في قارة أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، باستثناء البر الرئيسي للصين وهونغ كونغ، في مقابل 23 مليار دولار، متضمنة استثمارات هاتشيسون حول مجرى قناة السويس وبعض موانئ مصر، منها محطة حاويات ميناء العين السخنة على مرمى حجر من مدخل قناة السويس الجنوبي ولمدة 30 عاماً، ومحطتا الحاويات الرئيسة في ميناءي الإسكندرية والدخيلة، وهما من أكبر الموانئ البحرية في مصر على البحر المتوسط، ومحطة الحاويات الدولية العملاقة بميناء الإسكندرية، ومحطة حاويات بي 100 في الميناء نفسه. الامتيازات الصينية تركيز الصين على توسيع الاستثمار في محور قناة السويس تجلى باستقبال رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وليد جمال الدين، يوم 18 من هذا الشهر وفداً صينياً رسمياً رفيع المستوى من مقاطعة "غواندونغ" الصينية، برئاسة حاكم المقاطعة، وانغ ويغونغ، وحضور الوزير المفوض، جياو ليوشينغ، مستشار السفارة الصينية في القاهرة، وعدد من مسؤولي المقاطعة وممثلي شركات صينية كبرى لبحث الاستثمار في المجالات الصناعية واللوجستية والخدمية والموانئ الواقعة ضمن محور قناة السويس. ومن الغريب في هذه الزيارة، أن رئيس الوفد الصيني أعلن في بيان أن حكومة الصين حريصة على الوجود في المنطقة الاقتصادية للقناة والتوسع فيها من خلال الشركات الصينية. وبعد يومين من الزيارة، تمخضت الجهود الصينية عن إعلان جمال الدين أن شركة تيدا الصينية طلبت من الحكومة المصرية الحصول على توسعات جديدة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بقيمة عشرة ملايين متر مربع لتلبية الطلبات الاستثمارية الصينية المتدفقة على المنطقة، لترتفع بذلك محفظة الشركة من الأراضي في المنطقة إلى 20 مليون متر مربع، وبذلك تستحوذ الصين وحدها على 50% من الاستثمارات الأجنبية داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بقيمة أربعة مليارات دولار. اقتصاد عربي التحديثات الحية صعوبة عودة الحاويات الكبرى إلى قناة السويس... فما هي الأسباب؟ الامتيازات الروسية في نفس التوقيت، وقع وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، حسن الخطيب، ووزير الصناعة والتجارة الروسي أنطون أليخانوف عقد حق الانتفاع للمنطقة الصناعية الروسية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس في شرق بورسعيد للصناعات اللوجستية لمدة 50 عاماً وتجدد تلقائياً كل خمس سنوات. وتبلغ مساحة المشروع 5.2 ملايين متر مربع باستثمارات متوقعة تصل إلى سبعة مليارات دولار. توسيع الاستثمارات الصينية والروسية في محور قناة السويس جرى الاتفاق عليه أثناء زيارة عبد الفتاح السيسي روسيا والاجتماع بالرئيس فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينغ على هامش مراسم احتفالات عيد النصر الـ80 في موسكو، وفق "سي أن أن"، وهي الزيارة التي تزامنت مع استبعاد السيسي من حضور القمة الأميركية الخليجية في الرياض وحضور الرئيس السوري أحمد الشرع. الامتيازات الإماراتية في مطلع هذا الشهر، وقعت مجموعة موانئ أبوظبى الإماراتية، اتفاقية امتياز مع الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لتطوير منطقة صناعية ولوجستية وتشغيلها على مساحة 20 مليون متر مربع، لمدة 50 سنة قابلة للتجديد، وكشف وليد جمال الدين، رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس عن مكانها والعائد منها بقوله إنها جزء من المنطقة الصناعية لشرق بورسعيد التابعة للمنطقة الاقتصادية للقناة والقريبة من ميناء شرق بورسعيد في مقابل 15% من الإيرادات السنوية. وفي يونيو/ حزيران الماضي أيضاً، استحوذت المجموعة على امتياز لمدة 15 عاماً لتطوير ثلاث محطات للسفن السياحية للرحلات البحرية في مدخل قناة السويس الجنوبي في موانئ الغردقة وسفاجا وشرم الشيخ وتشغيلها. وفي 2023، استحوذت على امتياز بناء محطة سفاجا متعددة الأغراض بقيمة 200 مليون دولار وتشغيلها، وقبلها في مارس/ آذار 2022، استحوذت المجموعة الإماراتية نفسها على امتياز تطوير وإدارة ميناء العينة السخنة، بالبحر الأحمر في مدخل قناة السويس الجنوبي، وهي امتيازات جميعها بالأمر المباشر ولمدد زمنية طويلة وعوائد زهيدة، ودون التزام بتشغيل الشباب المصري العاطل من العمل وانعدام اتفاقيات نقل الخبرات للمؤسسات الوطنية لإدارة هذه الموانئ في مستقبل غير منظور. تاريخ الامتيازات الأجنبية تخصيص الحكومة المصرية لمساحات واسعة من الأراضي داخل المنطقة الاقتصادية للقناة ومنح امتيازات للشركات والحكومات الأجنبية، هو انقلاب على سياسة تأميم القناة وتمصير خدمات شحن وتفريغ السفن المارة بها، والتي اتخذها الرئيس جمال عبد الناصر ضد الإدارة البريطانية الفرنسية للقناة، ودفعت مصر ثمناً للقرار بتعرضها لعدوان ثلاثي من الدولتين وإسرائيل. أما منح الامتيازات وحق الانتفاع لشركات ودول دون أن تثمر استثماراً حقيقياً وعوائد مجدية منذ أكثر من عشر سنوات، في مقابل مبالغ مالية زهيدة ولمدد زمنية طويلة، وصلت إلى 38 سنة في مناطق و50 سنة في أخرى أكثر حيوية واستراتيجية في المدخل الشمالي للقناة شرق مدينة بورسعيد دون قواعد قانونية ومبادئ محاسبية هو إهدار للمال العام، وتضييع لفرص نهوض الاقتصاد المصري من جديد، وهو وأد لبادرة الخروج من كهف الفقر المظلم وعهد البطالة الذي دخلته مصر بعد 2013. موقف التحديثات الحية قناة السويس في خطر من ناحية أخرى، فإن تحصين عقود التخصيص للشركات الأجنبية بعدم جواز الطعن عليها أمام المحاكم المصرية وفق قوانين إذعان غير عقلانية، تفتقد الشفافية والنزاهة والمراجعة والمحاسبة، أصدرها رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور في عام 2014، وهي قوانين دُفع ببطلانها أمام نفس المحكمة، لمخالفتها مواد الدستور، وتذكر بنظام الامتيازات والمحاكم القنصلية التي غزت مصر في القرن التاسع عشر، تحت ضغوط مارستها حكومات الدول الأجنبية على الدولة المصرية لضمان أملاك رعاياهم وحماية مصالحهم في مصر وفي قناة السويس. وكان من مساوئ هذه الامتيازات، تغلغل النفوذ الأجنبي في الوزارات والمصالح العمومية، والتحكم في إدارة شؤون مصر، وانتهت بالاحتلال البريطاني العسكري لمصر سنة 1882، والذي استمر لمدة 74 سنة وحتى عام 1936، بعد مفاوضات مضنية بدأت بتسوية لإلغاء نظام الامتياز للأجانب في مصر، باعتباره أم الكبائر، ووضع الأجانب تحت سلطة القضاء المصري تدريجياً خلال 12 سنة ونفذ في 15 أكتوبر/ تشرين الأول سنة 1949. مرسي لم يمنح امتيازات روجت بعض القنوات الإعلامية، في فترة الرئيس محمد مرسي وبعد عزله، أن مشروع مرسي لتنمية محور قناة السويس بيع لدولة بعينها، وأن حكومته قامت بتخصيص حصص من المشروع لدول وشركات بعينها، على نحو ما يقوم بتنفيذه حقيقة نظام السيسي الآن، ورد الرئيس مرسي في حوار على قناة الجزيرة في إبريل/ نيسان سنة 2013، بأن شائعات بيع قناة السويس لقطر هي من النكات التي تثير السخرية والضحك، وأنه لا مجال لاتفاقيات غير قانونية، وأن أرض مصر حرام على غير المصريين. وكذلك بثت قنوات إعلامية تسجيلاً للدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء في عهد الرئيس مرسي، بعد إلقاء القبض عليه في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2013 بأسبوعين، وكان قد طلب إذاعته في حال اعتقاله، وأكد فيه أنه لم تخصص حصص من مشروع تنمية محور قناة السويس لأي دولة. وفي 2014، ادعت صحيفة المصري اليوم، أن مشروع السيسي لتنمية محور قناة السويس مصري خالص بعكس مشروع مرسي، وهو ما تنفيه اتفاقيات وعقود الامتياز التي يمنحها السيسي حول قناة السويس للشركات والحكومات الأجنبية وفق عقود محصنة بامتيازات سيادية لا يجوز الطعن على مشروعيتها القانونية والدستورية أو مراجعة قيمتها المالية وتقييم مردودها على الاقتصاد المصري وشفافيتها ونزاهتها عن شبه التواطؤ والتربح وإهدار المال العام، والمدد الطويلة التي يتضمنها امتياز حق الانتفاع، وهي الامتيازات والقوانين التي لم يمنح مرسي أو يشرع واحداً منها على الإطلاق خلال سنة حكمه اليتيمة.