
هاشم تايه: السرير حليف الظلام ومنصة عبور إلى الحلم
في أزقّة محلة القشلة في العشّار، قلب محافظة البصرة، ولد هاشم تايه في بيت صغير مكتظ بأصوات الحياة وصخبها، وفي بيئة غارقة بهموم العيش اليومي، بعيدة عن عوالم الفن والجمال.
الطفل الذي نشأ في زحمة التفاصيل القاسية للحياة، سيشقّ طريقه بعد سنوات طويلة وتجارب قاسية، ليصبح واحداً من أبرز الأسماء في مشهد التشكيل العراقي.
هاشم تايه، فنان وكاتب من العراق، اختار أن يمنح المهمل والمتروك حياة جديدة، استمدّ من الأشياء البسيطة المنسية على الأرصفة وفي الشوارع، لغة فنية خاصة، حوّلها إلى خامات غنية، كأنه يعيد تشكيل العالم من بقاياه. كما اندفع إلى فضاءات أخرى، منها الشعر والقصة والكتابة الصحفية.
هنا يتحدث عن مسيرته الإبداعية لـ"الشرق"، وعن آخر إصداراته "السرير... الجسد في خلوته".
في سيرتك نجد ألقاباً متعددة مثل الفنان والشاعر والناقد والقاص، أي منها يعبّر عنك؟
بين هذه الأشكال التعبيرية، ما يجذبني إليه بقوّة هو الرسم، لأنه هواي المبكّر، وما أنتجته فيه أوسع، وأشدّ إضاءة لمزاجي الفني. أما كيف أتعامل مع كل مجال، فذلك تفرضه الطبيعة الخاصة لهذا المجال الفني أو ذاك، بالاستجابة لشروطه لغة وخطاباً.
تركز في أعمالك على المهمل والمنسي، كيف تشرح توجهك في اختيار المواد مثل الورق والكرتون والمواد التالفة؟
هناك تعاطف يسكنني تجاه ما رثّ، وأبلاه الزمن من الأشياء المنفية في عالمنا، تعاطف يدفعني إلى محاولة إعادة هذه الأشياء إلى الحياة، وتجديد وجودها معنا في كيان آخر يجعلها جديرة بالبقاء.
الفن لغوياً كان أم بصرياً، هو الغرابة التي يمكننا أن نعدّها سمة مشتركة بين الفنون قاطبة، كما أن فاعلية أي فن، تكمن في تجريده الواقع من سماته المألوفة، ومن مظهره المعتاد، وجعله يستوي غريباً شكلاً ومحتوى.
الفن عموماً يحرّك الواقع دافعاً به من منطقة خاملة بلا احتمالات، إلى منطقة مرنة هي منطقة الاحتمالات المتنوّعة الحرّة. إن نزوعي نحو استثمار خامات غير تقليدية، ووقوعي تحت إغراء الرغبة في التجريب والاكتشاف، كان وراء اندفاعي للاهتمام بمواد الحياة المستهلكة، المنفيّة، التّالفة، وإعادتها إلى الحياة بطاقة الفن.
إنها مواد هشّة تماماً، ملائمة للتّعبير عن هشاشة الوجود الإنساني بصفة عامة، وهشاشة حياتنا نحن العراقيين، باضطرابها، وباحتمالات انقلاباتها المفتوحة في أي وقت.
إذن هو تعاطف مع المادة؟
المادة في هامش الحياة العارية تتعرّض في الفضاء العام، لضروب من التحولات، جرّاء فواعل متنوّعة، بينها فواعل البيئة. وتستقبل هذه المادة عادةً، آثاراً متباينة، يتغيّر معها شكلها، فتبدو وكأنها تختزن تعبيراً ما في مظهرها المتحوّل، الذي يمكن تطويره جمالياً ليصير أثراً فنياً مفارقاً.
هذا يمنح المادة فرصتها للمشاركة في إنتاج العمل الفني، بما تختزنه من ممكنات تعبير، بعيداً أو قريباً، من سلطة الفنان، وتحكّمه بمنتجه.
أقمت وشاركت في معارض كثيرة، لماذا النزوع إلى الكتابة الشعرية والنقدية والفنية؟
اضطراراً ذهبت إلى الأدب تحت تأثير إغراءات أدائه، ولي فيه كتابان شعريان هما "عربة النهار" (2007)، و"ضماد الأوقات" (2024)، وكتابان قصصيان هما "حياة هشّة" (2017)، و"العين والأثر" (2023).
على مدى مسيرتي الفنية حصل هذا التجاور بألفَته الشيّقة بين الرسم والشعر والقصّة، بتأثير عوامل عدّة، بينها مزاج الشخصي، إلى جانب التأثير الموضوعي لدراستي الأدبية، فضلاً عن فواعل الحياة بتقلباتها.
بالنسبة لي كان الشعر والقصّة احتمالين آخرين للرسم، الذي كان هو الآخر، احتمالاً فيهما. هذه الفنون عاشت على مدى تاريخها في تجاور، وتنافذ، واختراقات لبعضها على مستويات الأداء والتعبير.
لا ضير في أن تتنوّع وسائل التعبير الفني، وفي الحياة المعاصرة كسرت الحدود، ومعها اتسعت الآفاق، وتجدّدت الرؤى، وصار بالوسع الطيران بأكثر من جناح في فضاءات التعدّد والتنوّع.
يبدو نصّك النقدي وكأنه يخلق نصّاً جديداً يمكن قراءته بمعزل عن إطار النقد التقليدي.
ذلك لأني لست ناقداً مختصاً يمتلك منهجاً نقدياً محدّداً، ويستند إلى تنظير معرفي بعينه. النقد ليس وجهتي في حدوده الخطابية المرسومة، ولن يكون. من المهم، بل الحيوي أن يكون الفنان ناقداً يمارس النقد أم لا يمارسه؛ لأن النقد يجعله يعيش في جدل حيّ مع تجربته، ويضيء خطواته على مساره.
خلال مسيرتي الفنية اقتربت من تكوين مجموعة تصوّرات وأفكار في الفن التشكيلي، بصفة خاصة، هي خلاصة تأملاتي، وهي مبثوثة بلا انتظام أكاديمي مدرسي في كتابين في النقد التشكيلي هما "ترجمان البياض. العمل الفني تصوّراً ومزاجاً" الصادر هذا العام عن (دار خطوط وظلال)، و"الرسم والشعر. مشتركات الحياة والفعل"، الذي سيصدر قريباً عن (دار الشؤون الثقافية) في بغداد.
صدر لك كتاب "السرير الجسد في خلوته" الذي يتناول موضوع السرير بلغة تجمع بين الشعر والفن والتأمل البصري، لماذا اخترت السرير تحديداً؟
جاءت كتابتي "السرير الجسد في خلوته" استجابة لعرض قدّمه الصديق الفنان حسن عائد، ممثل (دار خطوط وظلال) في بغداد. قال لي إن الدار مهتمّة بإصدار سلسة كتب تحت عنوان "أشياء"، تتناول المهمّل، اللا مفكّر فيه، المنفي عن دائرة اهتمام الكُتّاب، وأغراني باختيار شيء منها مادة لكتاب.
فوراً أجبته بأني سأكتب عن السرير، وجاء اختياري لأسباب عدّة، بينها علاقتي التي ليست على ما يرام به؛ فأنا أصبحت منذ بضعة عقود، أخشى فعلَ النوم، وتُفزعني فكرة تسليمي جسدي لما يُشبه موتاً على منصّة محتجبة في غرفة مغلقة، تكون فيها حياتي رهينة قوى لا أعرف عنها شيئاً، وغالباً ما أوقعتني في الأرق.
السرير علامة على رمزية كبرى؛ فهو حليف الظلام، ومستوطنة غريزة، وقنطرة عبور إلى الحلم، وموقع فصلٍ وعزلٍ وغياب، وهو أوّل ما نقع عليه، وآخر ما نُحمَل منه. ولأني أخيراً معني بالمهمل والمنبوذ في ما أنجزت من أعمال فنية، لم يكن غريباً أن أكون مع السرير في كتاب تقاسَمَته اللغة والتخطيطات.
أما عن الكتاب، فضّلت كتابته بآلية الحياة المنوَّمة التي تحدث على منصّة السرير؛ فكتبته بتدفّق وتداعٍ وتخاطر.
هل يستكشف الكتاب التحوّلات المرتبطة بجسد الإنسانعبر السرير، أم الربط بين الإنسان وابتكاراته لفهم تطوّره بشكل أعمق؟
ما من أداة ابتكرها الإنسان على مدى تاريخه لتحسين شروط وجوده، إلا وهي تحوّل عميق في حياته، جسداً ووعياً، مهما تكن بساطة تلك الأداة.
وكوسيلة لتحسين شروط النوم، كان للسرير أثر كبير ليس في حدث النوم فحسب، بل في نظرة مصمّم أوّل الأسرّة إلى نفسه، ككائن أعلى يقف ندّاً للطبيعة، مستقلاً عنها، قادراً على خلق الوسائط، والبدائل والعيش فيها، ولهذا، يُعدّ السرير أسوة بغيره من الوسائل، لحظة تحوّل عميقة في تاريخ الجسد.
هذا الكتاب ليس كتاب باحث محايد يعمل بمنهجية موضوعية، وصرامة علمية، إنه كتاب فنان يعمل ويُفكّر ويصل إلى ما يريد بطاقة الحدس، وفي ضوء أحاسيسه.
وبالنظر إلى ما أنتجه الإنسان من أدوات ووسائل وآثار، بوسعنا أن نفهم هذا الكائن- الإنسان- باستبصار آثاري، فنتعرّف على اللحظة التاريخية التي عاش فيها، وطراز الثقافة لأشكال معيشه، وطبيعة وعيه، وأسلوبه في النظر إلى ما حوله، وإلى ذاته.
ماذا يعني أن ننتبه ونتأمّل ونكتب عن الأشياء الهامشية في الحياة كالسرير؟
يعكس الهامشي جانباً من حياتنا، وثقافتنا، ونظرتنا إلى ما حولنا. الانتباه إلى الأشياء المهملة وتأمّلها، والكتابة عنها، يعني اعترافاً بأن لا شيء في الوجود دون أهمية مهما تكن درجتها.
تُظهر الحياة مع الهامشي ألفة تعبّر عن رحابة الروح، واتساع النظرة، وقوّة القرابة الدافئة التي تعمّ أشياء العالم، وتصل الشيء بالشيء في وثاق الحياة، وتحالفها مع بعضها. شخصياً يسكنني تعاطف حميم مع المهمل، المستبعد من الأشياء، تعاطف طالما دفعني إلى الاستضاءة بقواها في أعمال أنجزتها في أوقات متفرّقة.
إذا أردنا أن ننظر الآن، إلى السرير الأوّل الذي ابتكره الإنسان، ونقارنه مع أسرّة اللحظة، كيف يمكن الفصل بينهما فنياً؟
أُنتِج السرير في البدائية المبكّرة، في ظل فقر الحياة الإنسانية وتخلّفها على عجلٍ، لتلبية مطالب الجسد، مكتفٍ بإنجاز النوم، وتأمين الحاجة إليه، دونما اهتمام أو احتفاء، أو تقدير لشكله.
على مدى تاريخه، شرع السرير يحصل على تلطيفات لمظهره، وتزيينات لشكله كي يتلاءم مع مكانة الفرد في وسطه الاجتماعي، فظهر سرير الكاهن، وسرير الزعيم، وسرير المحارب، بتنويعات تميّزها عمّا سواها من الأسرّة، وكان ذلك علامة على دخول السرير في خيال الإنسان الذي يهوى إسباغ الجمال على أدواته ووسائله، لتكون جاذبة إلى جانب كونها مفيدة عمليّاً.
يمكننا القول إن السمات الجمالية المُضافة التي تطال أشكال الأسرّة، بوعي وقصد وإدراك، خارج وظائفها العملية، هي ما يفصل فنياً سريراً عن سرير. وقد غدت معارض الأثاث البيتي، اليوم، متاحف لأشكال لا حصر لها من الأسرّة الفريدة التي تعكس أنواع الثقافات الإنسانية المعاصرة.
في علاقة السرير بالنوم تقول في الكتاب إن النوم يمتثل ويستجيب للفن، كيف ذلك؟
يحرّرنا السرير مؤقتاً من الواقع. تلك هي فاعليته الكبرى، وإحدى مزاياه الجاذبة، وسحره الذي لا يُقاوَم. إن السرير منصّة عروض تمثيلية تُعاد فيها وقائع الحياة مقلوبة رأساً على عقب، عابثة على أعرافنا، وتحفّظاتنا. وهذا كله فعل النّم على الأسرّة، وهو أقرب إلى فعل الفن.
إن الفن الذي هو نتاج حلم بصيرورة مبتكرة، مغرية، مدهشة، تشبه تلك الواقعة على سرير، هو إلى آخر ثانية من الليل، حلم لا يودّ أن يستيقظ، كالفن تماماً.
في الجزء الأخير من الكتاب، تتناول حكايات قصيرة عن تجارب إنسانية مع السرير والنوم.
هذا الأسلوب من المعالجات أراه انعكاساً لطبيعة موضوع الكتاب، السرير الذي يستقبل جسداً، وسرعان ما يضعه تحت طائلة فعل النوم. وهذا الفعل يتصرّف حراً، فيجرّ إلى منصّته وقائع شتى، ويتحدث بأكثر من لغةٍ واحدة، ويعرض صوراً بلا كوابح. في هذا الخليط الفوضوي تنفتح الفرص أمام اللغة فتتناثر شعراً، وتتدفّق سرداً، وتسترخي تأمّلاً دون أدنى حرج.
ربما يتوافق هذا مع مزاجي، ونزوعي في إنشاء تكويناتي. أنا ابن تشرّدي بين النصوص المتضاربة، ابن اختلاطاتي، وتيهي حولها وفيها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 10 ساعات
- العربية
برج الفنون.. منارة إبداعية تمنح المسار الرياضي في العاصمة السعودية أبعاداً جمالية
ما إن تسر في بعض طرقات العاصمة السعودية الرياض، فإنك تلحظ أعمدة كهرباء ذات ارتفاع شاهق، ليتوارد في ذهنك للوهلة الأولى أنها تتحول إلى مَعلم فني يضيف إلى العاصمة التي باتت مترامية الأطراف وهجا جماليا، وهذا الأمر يتجسد في "برج الفنون"، الذي بات يشكل مكاناً لافتاً ضمن مشروع المسار الرياضي في وجهة البرومينيد. لبرج الفنون حكاية مختلفة، إذ منحت تلك الأعمدة الشاهقة فرصة التحول من مشهد يعتقد كثيرون أنه بمثابة " تشوه بصري" إلى منارة فنية مستلهمة من وحي إحدى الأعمدة المزودة لمصادر الطاقة، ليصبح موقفاً للدراجات، ليس مجرد مشهد مكتنز بالإبداع الفني، بفعل تحويل الفنان السعودي عبدالناصر غارم أبراج الكهرباء التي كانت أزيلت ضمن خطط تطويرية للمدينة إلى مشهد مكتنز بالإبداع الفني، تشكل في صورة برج الفنون في المسار الرياضي بالرياض. "ثلاثية جمالية" "لم يكن الأمر سهلاً".. هكذا روى الفنان عبد المجيد غارم قصة تصميم البرج الجمالي الذي أصبح وجهة نابضة بالحياة تمنح الزائر التأمل في جماليات المشهد عبر طبقات متعددة تمتزج فيها عناصر الضوء مع اللون، والظل بثلاثية تأسر الزوار بدهشتها، إذ يقول: أعدنا التفكير في عدد الشرائح، وتوزيعها، ليس لسلامة الهيكل، بل كي يتنفس. "التواضع أمام الطبيعة" يضيف: التصميم لا يكون حياً إذا لم يكن قادراً على التأقلم مع بيئته ومحيطه، علمتني الرياح أن أي مشروع لا يُقاوم الطبيعة، بل يتعلمّ التواضع أمامها. ولذلك، لم يكن عدد الشرائح قراراً تقنياً فقط، بل كان حواراً مع الهواء، مع الحياة، مع حدودنا نحن البشر. وأصبحت الرياح شريكاً في التصميم، وتعلمّت منها كيف أترك فراغاً بين الشرائح، ليبقى البرج متغيّراً، غير مُحكم". يكمل في سياق حديثه: "كل شريحة في البرج تشبه قطعة موسيقية. مع الضوء، تتفاعل الألوان بعضها مألوف، وبعضها مختلف، لا تراه إلا عند اختلاط لونين في لحظة معينة من اليوم. هنا، يصبح الضوء مهندساً، واللون راوياً يحكي قصة عن التنوع عن الاختلاف، وعن جمال أن نكون غير متشابهين. فالتنوع ليس مجرد حالة نعيشها، بل قيمة إنسانية تُسهم في توحيد المجتمعات وتعزيز انسجامها". يهدف الفنان غارم إلى أن يشعر الآخرون بأن البرج ينتمي لهم، ليس لأنه يشبه ما يعرفونه، بل لأنه يشُعرهم بأنهم مرئيّون داخله، كما يحب أن يقول، ويبلغ ارتفاع البرج المستلهمة فكرته من أعمدة الكهرباء نحو 83.5 متر، فيما شهد تركيب691 لوحة ملوّنة تُشكّل واجهته التي تستقر في المسار الرياضي.


الشرق الأوسط
منذ 13 ساعات
- الشرق الأوسط
سميحة أيوب: أرفض الاعتزال... وحنان مطاوع الأنسب لتقديم سيرتي
أبدت الفنانة المصرية سميحة أيوب، الملقبة بـ«سيدة المسرح العربي»، استياءها من انتشار شائعات عن مرضها خلال الأيام الأخيرة، ووصفتها بـ«المغرضة»، نظراً لاستدعاء مروِّجي الشائعات إصابتها بمرض السرطان قبل 25 عاماً. وأكدت أيوب في حوارها مع «الشرق الأوسط» أنها تتمتع بصحة جيدة، ولم تتعرَّض لأي إصابات، وتعيش حياتها في هدوء. وعن إصابتها قبل 25 عاماً بالمرض نفسه، قالت: «حتى إن كنتُ أُصِبتُ بالمرض سابقاً، فما الذي جعلهم يربطون هذا بذاك؟ وما المبرر للنبش في حياة الناس والحديث عن أمور خاصة لن تعود بالنفع على أحد؟». وتصف الفنانة المصرية مروِّجي شائعة إصابتها بالسرطان، بأنهم «مغرضون يحملون بداخلهم كثيراً من الشَّر والكره والحقد»، وتساءلت: «ما الذي عاد عليهم نتيجة هذه الشائعة السخيفة التي تؤلم الروح وتُرهق النفس؟». وأشارت إلى أن محترفي ترويج الشائعات والمعلومات الخاطئة يتعمدون «التلطيش» في أسماء فنية عريقة أثْرت الساحة الفنية بأعمال لا تزال راسخة في أذهان الناس وشكَّلت وجدانهم، وهذا أمر مرفوض ولا يمكن تقبُّله. ونفت سميحة أيوب ما أُشيع عن اعتزالها الفن، موضحة أن «ذلك لم ولن يحدث مهما حصل، فأنا عاشقة للفن ورسالته التنويرية التي تُضيف لحياة الناس بكل الطرق والأساليب الممكنة، لكنني في مرحلة عمرية لا يمكنني خلالها تجسيد شخصيات فنية بشكل عشوائي»، لافتةً إلى أنه لا بد من اختيار أدوار بعينها مكتوبة بحرص، تلائم شخصيتها وتاريخها الطويل واسمها الفني. وقالت: «في هذه المرحلة العمرية، أحتاج إلى تقديم أعمال ذات قيمة فنية عميقة، لكن مسألة الوجود بشكل دائم لا تعنيني، فقد قدَّمت شخصيات متنوعة خلال مشواري الفني، وشاركت في كثير من الأعمال التي تُمثِّل علامات مميزة في المجال الفني». وعن الوسيط الفني الأسهل والأفضل في مشوارها، قالت: «لا يوجد وسيط فني سهل؛ فالعمل في السينما والمسرح والدراما، وحتى التعبير الصوتي في الإذاعة، ليس سهلاً، بيد أن حب المهنة من شأنه التغلب على أي صعاب، وحينها يزول التعب، ويتمكن الفنان من إبراز طاقات هائلة كامنة في داخله، حتى يتمكن من التأثير في الجمهور». سميحة أيوب تحدثت عن حال الدراما المصرية (صفحتها على «فيسبوك») وعن عودتها إلى المسرح مجدداً، أضافت: «المسرح حياتي، وخشبة المسرح بيتي، وإذا وجدتُ شخصية تليق بعمري، فلن أتردَّد لحظة؛ بل سأرحِّب بتقديمها بحب وشغف». وعن رأيها في الأعمال الدرامية التي تُقدَّم حالياً، قالت: «بصراحة شديدة، حال الدراما (بعافية) - أي ليس جيداً - من واقع بعض الأعمال التي شاهدتها»، وأضافت: «من طبيعتي أنني لا أُقيِّم عملاً من دون متابعته بشكل كامل، وبعيداً عن التقييم، أرى أن الفن رسالة قوية ومباشرة، ولا بدَّ من الحرص على تقديمه بشكل جيد ومتكامل». وعن اعتماد بعض المسلسلات على ألفاظ عدّها بعضهم خارجة ولا تليق، عدّت «سيدة المسرح العربي» أن «المؤلف هو المنوط بكتابة تفاصيل العمل، لكنني أرفض بشكل خاص تقديم ذلك، ولا يمكنني الموافقة على إطلاق ألفاظ خارجة يسمعها الناس ويعتادون عليها ويردِّدونها فيما بعد في حياتهم؛ لذلك فالأمر هنا يُقيَّم بمقياس الفنان المثقف الواعي، الذي يتمتع بشخصية قوية تُمكِّنه من الإحجام عن ذلك ورفضه بشكل صريح». وكشفت سميحة أيوب أنها كتبت سيرتها الذاتية بنفسها، وسردت كل تفاصيل حياتها الشخصية والمهنية، موضحة: «تعمدتُ التَّطرق إلى كل شيء واجهني في الحياة، لأن كتابة السيرة تتطلَّب الصراحة والوضوح، وإلا فلا داعي لها من الأساس؛ فالفنان إنسان، وله حياته ونجاحاته ومعوقاته وغيرها من التقلبات الحياتية». وأكدت أن سيرتها التي كتبتها عبر حكايات، تحدَّثت خلالها عن شخصيات أثّرَت في حياتها، مثل زكي طليمات، وجورج أبيض، لافتة إلى أن الفنانة حنان مطاوع، التي تحدّثت عن وعيها وموهبتها، هي الأجدر بتقديم شخصيتها في عمل درامي. وشاركت سميحة أيوب على مدار مسيرتها في أعمال فنية كثيرة في السينما، والمسرح، والتلفزيون، والإذاعة، وأحدثها كان مسلسل «حضرة العمدة»، وفيلم «ليلة العيد».


الشرق الأوسط
منذ 13 ساعات
- الشرق الأوسط
سلوى خطاب لـ«الشرق الأوسط»: أنحاز لتجسيد المرأة القوية
قالت الفنانة المصرية سلوى خطاب إنها تنحاز للعب دور بنت البلد، والمرأة القوية، موضحة أن هذه الأدوار بالنسبة لها تعبر عن شخصية المرأة المصرية، وأضافت في حديث لها مع «الشرق الأوسط» أنها جسدت هذه الأدوار في كل الوسائط تقريباً بالسينما، والدراما، والمسرح. وقدمت سلوى خطاب الكثير من الأعمال الدرامية، منذ مشاركتها البارزة في مسلسل «هند والدكتور نعمان» عام 1984، وتوالت أعمالها البارزة في أفلام «الساحر» و«عفاريت الأسفلت» و«كونشرتو في درب سعادة»، و«دماغ شيطان» ومسرحيات «تتجوزيني يا عسل» و«دقة زار» و«البنك سرقوه». وعن طريقة اختيارها للأدوار التي تعرض عليها، ومدى حرصها على تلك المرتبطة بالمرأة القوية تقول: «أنظر إلى الموضوع بشكل شامل، هل الشخصية الدرامية تقدم مضموناً مفيداً للمشاهدين، وأفضل أن يتضمن الدور تكاملاً بين القوة والضعف، لأنني أفضل النماذج القوية والفعّالة اجتماعياً، ولا أحب دور السيدة الضعيفة، إلا إذا كانت هناك قصة درامية تستحق إبراز هذا النموذج». وأضافت: «أرى أن المرأة المصرية قوية ولديها طموح ورغبة في بناء بيتها، وأتمنى أن أعبر عنها بالشكل المناسب، كما أنني أحب أدوار بنت البلد الشعبية، وأراها تجسد المرأة الحقيقية التي تمتلك القدرة على التعبير أكثر من المرأة المثقفة التي تعمل في صمت، في حين أن المرأة الشعبية الأكثر كفاحاً وحضوراً في المجتمع، وأستمتع بتجسيد هذه النماذج، كما أن الجمهور يحبني في هذه الأدوار، وقد قدمتها بطرق مختلفة: كوميدي، وتراجيدي، وغيرهما». سلوى خطاب شاركت في مسلسل «حكيم باشا» (الشركة المنتجة) ولفتت إلى أنها تفصل نفسها عن الشخصية الدرامية التي تقدمها، وقالت: «النص المكتوب هو الأهم عندي، إضافة إلى جودة العمل، سواء كان هذا في الدراما، أو المسرح، أو السينما»، وأشارت إلى أن موسم الدراما الرمضانية يتطلب جهداً مضاعفاً، خصوصاً مع الإنتاج الغزير، والتنوع في الفترة الأخيرة، فالموسم الرمضاني الماضي كان به على الأقل 10 مسلسلات مصرية قوية جداً. وشاركت سلوى خطاب في الكثير من الأعمال الدرامية، كان آخرها خلال الموسم الدرامي في رمضان الماضي بدور «جلالة» في مسلسل «حكيم باشا»، كما قدمت دور «عادلة» في مسلسل «فاشينستا»، كما شاركت من قبل في مسلسلات «رأفت الهجان» و«حديث الصباح والمساء» و«النساء قادمون» و«جبل الحلال». وعن رؤيتها لصناعة السينما في مصر في الوقت الراهن، تقول الفنانة المصرية: «السينما تعاني حالياً من أزمة، ولطالما عرفت السينما المصرية بكثافة الإنتاج، والحضور، وكانت ثرية بالموضوعات، نعم يتم إنتاج بعض الأفلام الآن، ولكنها ليست بالكم والتنوع اللذين كانا موجودين في السابق، وأعتقد أنها تحتاج إلى وقفة حتى تستعيد بريقها». وأكدت سلوى حرصها على حضور المهرجانات السينمائية، ومن بينها مهرجان أسوان السينمائي الدولي لأفلام المرأة، موضحة أن هذه المهرجانات تعطينا فكرة، وتفتح لنا آفاقاً جديدة عن صناعة السينما في الدول الأخرى، وفي العالم من حولنا، كما أن بعضها يدعم حضور المرأة في السينما، سواء كانت المرأة موضوعاً للأفلام، أو صانعة لها. سلوى خطاب تحدثت عن تجسيدها أدوار المرأة الشعبية (الشرق الأوسط) وعن رؤيتها للمسرح في الوقت الحالي، قالت سلوى خطاب: «المسرح المصري على مدى تاريخه مزدهر، وفي الوقت الحالي ليس بنفس قوته السابقة، هذا ليس هو المسرح الذي قدم (زهرة الصبار) و(عائلة الدوغري) و(سكة السلامة)، وغيرها من الأعمال الرائعة»، وأشارت إلى أن أحدث ما قدمته في المسرح كانت مسرحية «كيد النسا» لزكريا الحجاوي. وحول مشاركتها في أعمال مسرحية بموسم الرياض تقول: «شاركت في موسم الرياض، وأرى أنه من المهم أن يحدث هذا التكامل بين الدول العربية، لأن رسالتنا في الفن واحدة»، وأضافت: «في أوقات ازدهار المسرح المصري كانت الفرق تقوم بجولات في بلاد الشام، وغيرها، والآن هناك أسواق جديدة تفتح أبوابها للفن، وهو ما يظهر في موسم الرياض، وأرى أنه يمكن أن يعود المسرح لفترات ازدهاره كما كان في السابق». يشار إلى أن مهرجان العلمين 2024 شهد عرض مجموعة من الأعمال المسرحية بالتعاون مع «موسم الرياض»، من بينها مسرحية «البنك سرقوه»، وذلك بمشاركة عدد من نجوم الكوميديا، بينهم أشرف عبد الباقي، وكريم محمود عبد العزيز، وميرنا نور الدين، وسلوى خطاب، وسليمان عيد، وتدور حول هروب أحد المجرمين الخطرين من السجن، وتخطيطه لسرقة أحد البنوك.