
مقام النبي أيّوب في الشوف... أيقونة الصبر على سفوح الجبال
مقام النبي أيوب هو أحد أبرز المقامات والمواقع الدينية عند طائفة الموحدين الدروز في الشرق الأوسط، وهو مرقد النبي أيّوب، الذي اختبر الابتلاء وعُرف بالصبر.
يقع المقام في بلدة نيحا الشوفية، وهي بلدة مختلطة من الدروز والمسيحيين، على علو 1400 متر عن سطح البحر، ويزوره مؤمنون وسائحون من لبنان والعالم شرقاً وغرباً.
"النهار" زارت المقام المحاط بسفوح جبال وأشجار وأودية وتلال، وموقعه فريد لم تفسده العمارة وبقي على طبيعته. يطلّ شمالاً على قضاء الشوف وجنوباً على ساحل صيدا. مدخله واسع تتوسّطه قنطرة ضخمة ومن ثم باحة واسعة وغرف يميناً ويساراً كان المؤمنون يبيتون بها، جدرانها من الحجر الأبيض. ثم درج قصير يسلكه من يريد زيارة الحجرة، أي مرقد النبي أيوب، ومحيطه باحات كبيرة، منها ذات فضاء مفتوح، ومنها مظلل بالأشجار المعمّرة، والباحات تطل على الجهات الأربع.
أجواء المقام الديني هادئة دائماً لمنح المؤمنين تجربة الشعور بالخشوع، وأعلام البيارق، وهي أعلام الموحدين الدروز، منتشرة في المكان.
على المقلب الآخر من المقام مغارة صغيرة ينير داخلها المؤمنون الشموع، وعلى هذه المغارة لافتة معلقة كتب عليها باللغة البنغالية، وحينما يُسأل أحد المسؤولين عن المقام عن سبب هذه الكتابة، يشير إلى أن زوار المقام "ليسوا فقط لبنانيين أو عرباً، بل من كافة الجنسيات، وخصوصاً الهندية والبنغالية"، ويستقبل المقام دورياً مجموعات من دول آسيا الوسطى.
يمين المغارة نبعة مياه، يقال عنها مياه مباركة تفجّرت تحت قدمي النبي أيوب يشرب منها الزائرون والمؤمنون.
عاينت "النهار" هذا المعلم الديني – السياحي، وقد كان في الاستقبال رئيس مصلحة الشؤون التربوية والدينية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز فاضل سليم وعدد من المشايخ، الذين رووا بعض التفاصيل عن هذا المقام التاريخي والاستثنائي عند الموحدين الدروز والناس عموماً، وقالوا لـ"النهار" إن زوّار هذا المقام من كافة الأديان والمذاهب والجنسيات، يزورونه "ليستلهموا من قصة النبي أيوب وصبره على الابتلاء".
يدير المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز هذا الموقع ويهتم بشؤونه وعمليات ترميمه وفق ما يشير سليم، وقد أدرجه مجلس الوزراء على قائمة المواقع السياحية الدينية.
قصة النبي أيوب الملهمة تدفع بالمؤمنين إلى زيارة المقام، والعبرة منها تبث فيهم روح الصبر، يرويها سليم لـ"النهار" بجلسة عند الباحة الأولى بعد القنطرة، فيقول إن النبي أيوب كان من منطقة حوران السورية، يتمتع بحياة مليئة بالصحة والمال والرزق والأبناء والأصدقاء، ويقال إنّه عاش أكثر من 40 عاماً في هذه الحالة، لكنه كان يعتبر هذه الحياة اختباراً له، وحسب الرواية، فإنه كان يساعد الفقراء والمحتاجين.
المنعطف في حياة النبي أيوب كان ابتلاءه بالمرض الشديد وفقر الحال وهجر الأحباب، وقد انتقل إلى نيحا خلال فترة مرضه، وكانت زوجته تحاول مساعدته دون جدوى. صبر على الألم وعلى تبدّل الحال، وكانت عبارته الدائمة "رزقني الله 40 عاماً، أفلا أصبر على الألم 7 أعوام؟" وفق ما ينقل سليم، وحينما اشتدّ الابتلاء، خاطب ربّه، فقال له "إن مسّني الضرّ، وأنت أرحم الراحمين"، وهي المفارقة التي يتوقف عندها سليم، فيقول إن "الناس يطلبون من الله بصيغة الأمر، افعل هذا يا الله وحقق لي ذاك، فيما أيوب ناجى ربّه بصيغة طلب الرحمة".
ووفق الرواية، يقال إن الله أهدى النبي أيوب ليضرب بالأرض فيتفجّر ينبوع يشرب منه فيشفى، وتعود زوجته من سفر طويل فلا تعرفه بعد تبدّل حاله وعودة عافيته، ويقول سليم: "سألت الزوجة أيوب عن أيوب، لأنها لم تعرفه".
يروي المسؤولون عن هذا المقام الرواية والعبرة بعدها، ويقولون إن النعم اختبار والابتلاء اختبار، والصبر والتوكّل مفتاح كل اختبار وفرج، ولهذا السبب يزوره الكثير من المؤمنين الذين يشعرون بضيق أو يعانون من أزمة، فيلهمهم النبي أيوب بالصبر.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 5 ساعات
- صدى البلد
رئيس قطاع المعاهد: خطة متكاملة لرفع كفاءة مكاتب التحفيظ وتطوير المناهج
تفقد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، اليوم السبت، مجمع «أهل القرآن» لتحفيظ القرآن الكريم بقرية الشعراوي بمركز حوش عيسى بمحافظة البحيرة، ورافقه الشيخ أيمن عبد الغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، والدكتور عبد الكريم صالح، رئيس لجنة مراجعة المصحف الشريف، والشيخ حسن عبد النبي عراقي، وكيل لجنة مراجعة المصحف الشريف، والدكتور أبو اليزيد سلامة، مدير عام شؤون القرآن الكريم بالأزهر. وقال الشيخ أيمن عبدالغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، إن الأزهر الشريف يولي عناية خاصة بمكاتب ومجمعات تحفيظ القرآن الكريم، باعتبارها الحاضنة الأولى لغرس القيم القرآنية في نفوس أبنائنا، وتكوين جيلٍ يحمل كتاب الله قلبًا وعقلًا، ويتخلق بأخلاقه في حياته اليومية، وما نراه اليوم من براعم صغار يحفظون ويتقنون التلاوة بهذه الصورة المشرفة، هو ثمرة جهد المعلمين والمشرفين، ودليل على أن العناية بالقرآن تبدأ من النشء المبكر. وأضاف الشيخ"عبدالغني" أننا نسعى من خلال هذه الزيارات الميدانية إلى متابعة الأداء، وتوفير الدعم اللازم للمحفظين والطلاب، مع التأكيد على أن حفظ القرآن لا يكتمل إلا بترجمته إلى سلوك راقٍ، وخُلق قويم، وفكر وسطي منضبط، يواجه التحديات ويشارك في بناء الوطن، ليظل حَمَلة القرآن هم القدوة والنموذج في المجتمع. وأشار إلى أن قطاع المعاهد الأزهرية يعمل وفق خطة متكاملة لرفع كفاءة مكاتب التحفيظ، وتطوير مناهجها وأساليبها، وتزويدها بالكوادر المؤهلة، بما يضمن تخريج جيل قادر على الجمع بين الحفظ المتقن والفهم الواعي لمعاني كتاب الله، ليكون مؤهلًا لخدمة دينه ووطنه بوعي وإخلاص. واختتم رئيس قطاع المعاهد الأزهرية بأن دعم الحفظة ورعاية المواهب القرآنية هو استثمار في الإنسان قبل كل شيء، وواجب ديني ووطني، سنواصل القيام به حتى يظل الأزهر منارةً للقرآن وأهله في كل مكان.


صدى البلد
منذ 5 ساعات
- صدى البلد
أمين الفتوى يوضح حكم الصلاة أو الصيام عن المتوفى غير الملتزم
أوضح الشيخ إبراهيم عبد السلام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، ردًّا على سؤال حول وفاة جدة السائل — ولم تكن محافظة على الصلاة — أن المرجو من الله تعالى أن يعفو عنها ويرحمها، مبينًا أن الفقهاء اتفقوا على أن الحقوق المتعلقة بالله تعالى مبناها المسامحة، بخلاف حقوق العباد التي مبناها المشاحة. وأضاف عبد السلام، خلال تصريح تليفزيوني، أن من كان مقصرًا في الصلاة أو الصيام أو الزكاة، فإن الأمر بينه وبين الله، ونرجو أن يغفر له سبحانه وتعالى وأن يتجاوز عنه، مؤكدًا أنه لا يجوز أداء الصلاة الفائتة عن الميت، لكن يجوز الإكثار من الدعاء له والقيام بأعمال خيرية بنية إهداء ثوابها له، خاصة الصدقة الجارية، لقول النبي: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". وبيّن أمين الفتوى أن من أمثلة الصدقة الجارية: حفر بئر، إنشاء مجرى ماء، غرس النخل أو الأشجار، طباعة المصحف، نشر العلم، بناء مسجد، بناء بيت لابن السبيل، أو المساهمة في إنشاء مستشفى، مؤكدًا أن هذه الأعمال يصل ثوابها للميت. كما أوضح أنه يمكن للإنسان أن يؤدي أعمالًا صالحة كالصيام، أو العمرة، أو قراءة القرآن، ثم يهب ثوابها للميت، لكن أداء الفرائض التي قصّر فيها الميت — كالصلاة المفروضة — لا يجوز أن تُؤدى عنه. وعن حكم كفالة اليتيم، أكد عبد السلام أنها من أعظم القربات ولها أجر كبير، لكنها لا تعتبر من الصدقة الجارية بالمعنى الفقهي، إذ يشترط في الصدقة الجارية أن تكون منفعتها عامة ودائمة، مثل بناء المستشفيات أو المدارس أو المساجد أو توفير المياه أو غرس الأشجار.


صدى البلد
منذ 5 ساعات
- صدى البلد
كيفية صيام سيدنا داود عليه السلام.. تعرف عليه
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (سمعت أنَّ من أحب الصيام إلى الله تعالى صيام سيدنا داود عليه الصلاة والسلام. فنرجو منكم بيان كيفية هذا الصيام. وقالت دار الإفتاء إن صيام سيدنا داود عليه السلام هو نوع من صيام التطوع، وهو من أفضله، وهو: صوم يوم، وفطر يوم، وهو أفضل من صوم الدهر كله، وقد حثَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليه، وأخبر بأنه من أجلِّ وأحبِّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ؛ فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ، صِيَامُ دَاوُدَ، وَأَحَبَّ الصَّلَاةِ إِلَى اللهِ، صَلَاةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا» متفقٌ عليه، وفي لفظ آخر: «أَفْضَلُ الصَّوْمِ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا» أخرجه الترمذي في "سننه". قال القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (4/ 127، ط. دار الوفاء): [ومعنى قوله: "أحب الصيام": أي أكثر ثوابًا وأعظمه أجرًا] اهـ. وقد نص الفقهاء على أن أفضل الصيام صيام سيدنا داود عليه السلام. قال العلامة الشلبي الحنفي في "حاشيته على تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (1/ 332، ط. الأميرية): [وأفضل الصيام: صيام داود صُمْ يومًا وأفطِرْ يومًا] اهـ. وقال العلامة الشرنبلالي الحنفي في "مراقي الفلاح" (ص: 236، ط. المكتبة العصرية): [(و) منه -أي: الصيام المندوب- (كل صوم ثبت طلبه والوعد عليه بالسُّنَّة) الشريفة؛ (كصوم داود عليه) الصلاة و(السلام.. وهو أفضل الصيام وأحبه إلى الله تعالى)؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أحب الصيام إلى الله صيام داود»] اهـ. وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 432، ط. دار الكتاب الإسلامي): [فصوم يوم وإفطار يوم أفضل منه -أي: من صوم الدهر-؛ لخبر "الصحيحين"] اهـ. وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المقنع" (ص: 105، ط. مكتبة السوادي): [وأفضله -أي: صوم التطوع- صيام داود عليه السلام، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا] اهـ.