
دبلوماسية سابقة: مصر كانت داعمة للسودان رغم تشتت اهتمام المجتمع الدولي
أكدت السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن مصر كانت دائمًا داعمة للشعب السوداني في مختلف المراحل، وذلك رغم قلة تركيز المجتمع الدولي على ما يحدث في السودان، مشيرةً إلى أن أبرز التطورات التي جرت كانت فرحة الشعب السوداني بسيطرة الجيش على مدينة الخرطوم، العاصمة الشرعية للبلاد، وهو ما يعكس حجم المعاناة التي مر بها السودانيون في ظل وجود قوات الدعم السريع وما ترتب على ذلك من مآسٍ.
وقالت " عمر" خلال مداخلة هاتفية مع النشرة الاخبارية التي تذاع عبر فضائية " أكسترا نيوز" اليوم الأربعاء، إن هذه الفرحة تعكس الأثر الكبير للانتهاكات التي تعرض لها الشعب السوداني على يد قوات الدعم السريع، مشيرة إلى أن مصر لعبت دورًا هامًا في دعم السودان من خلال استضافة السودانيين على أراضيها وتقديم المساعدات الإنسانية والاستشارية، مؤكدةً على أن مصر كانت ولا تزال من أبرز الداعمين من خلال عقد المؤتمرات في مصر لوضع حلول للأزمة السودانية.
وأوضحت مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الاتحاد الإفريقي، وبخاصة مصر، كان له دور بارز في تعزيز التواصل الثنائي ودعم جهود استقرار السودان، في الوقت نفسه، نوهت إلى أن المجتمع الدولي كان منشغلًا بالكثير من القضايا الأخرى مثل القضية الفلسطينية وما يجري في غزة، بالإضافة إلى الأزمة الروسية-الأوكرانية والصراع في الكونغو، مما أدى إلى تشتت الاهتمام الدولي عن السودان.
وأشارت إلى أن دور المجتمع الدولي مهم، لكن الدور الإقليمي يبقى أكثر تأثيرًا، مضيفةً أن الشعب السوداني بحاجة إلى عودة الحياة الطبيعية، بدءًا من توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء، وصولًا إلى استقرار سياسي يتمثل في تشكيل حكومة مؤقتة استثنائية وإجراء انتخابات ديمقراطية تضمن تمثيل جميع الفئات دون استثناء أو تمييز، مما يسهم في تحقيق الاستقرار على المدى الطويل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الصباح العربي
منذ 3 أيام
- الصباح العربي
زيادة الرواتب والمعاشات بدءًا من يوليو المقبل... وأجر القطاع الخاص يقفز إلى 7 آلاف جنيه
قال النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن الزيادة التي أقرتها الحكومة في الأجور تُعد مقبولة في ظل الإمكانات المتاحة حاليًّا، لكنها تظل غير كافية لتلبية التطلعات. وأوضح عمر أن التحول الرقمي في المؤسسات الحكومية سيعزز الرقابة على الموازنة، ويقلص من الفاقد، مما يتيح توجيه مزيد من الموارد نحو تحسين الأجور مستقبلاً. وأشار إلى أن العلاوة الدورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية تبلغ 10% من الأجر الوظيفي بحد أدنى 150 جنيهًا، بينما يحصل غير المخاطبين على علاوة 15% من الأجر الأساسي، مع زيادة الحافز الإضافي بقيمة مقطوعة تبلغ 700 جنيه شهريًّا، وتشمل الزيادة المعينين الجدد أيضًا. وأوضح أن العاملين في شركات القطاع العام وقطاع الأعمال سيحصلون على منحة شهرية تعادل الفرق بين علاوتهم الدورية ونسبة الـ15% المقررة، مع ضمان حد أدنى للأجر الشهري يبلغ 7000 جنيه. ومن المقرر بدء تطبيق الزيادات في يوليو 2025، وتشمل جميع الموظفين وفق درجاتهم، وذلك ضمن خطة الحكومة لرفع كفاءة الأداء وتحقيق العدالة في الأجور، حيث تم الإعلان عن جدول الحد الأدنى للأجور للعام المالي الجديد بزيادات تصل إلى 1600 جنيه. أقرت الحكومة رفع الحد الأدنى للأجور ليصل إلى 7000 جنيه شهريًّا، مع زيادات للموظفين في الدولة والهيئات الاقتصادية تتراوح بين 1100 و1600 جنيه حسب الدرجة الوظيفية، وبلغت الزيادة لموظفي الدرجات العليا 13%، في حين حصل موظفو الدرجة السادسة على زيادة نسبتها 18%. وتفصيلًا، ارتفع أجر الدرجة الممتازة إلى 13.800 جنيه، والعالية إلى 11.800 جنيه، ومدير عام إلى 10.300 جنيه، والأولى إلى 9.800 جنيه، والثانية إلى 8.500 جنيه، والثالثة إلى 8000 جنيه، والرابعة إلى 7300 جنيه، والخامسة والسادسة إلى 7100 جنيه لكل منهما. في السياق نفسه، أعلن المجلس القومي للأجور رفع الحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص إلى 7000 جنيه بدءًا من مارس 2025، وتحديد العلاوة الدورية بنسبة لا تقل عن 3% من أجر الاشتراك التأميني، وبحد أدنى 250 جنيهًا شهريًّا، كما حدّد المجلس الأجر الأدنى للعمل المؤقت بـ28 جنيهًا صافٍ في الساعة، وفقًا لتعريف قانون العمل. وفيما يتعلق بالمعاشات، أقرت الحكومة زيادة بنسبة 15% من قيمة المعاش المستحق بدءًا من العام 2025، تُصرف تلقائيًا دون تقديم طلبات، مع التقيد بالحد الأقصى المنصوص عليه في القانون. وأكد مجلس الوزراء أن هذه الإجراءات تأتي تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية، بهدف دعم الموظفين والمتقاعدين، ومواجهة أعباء المعيشة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.


تحيا مصر
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- تحيا مصر
ما مدى صحة حديث «جند مصر خير أجناد الأرض».. دار الإفتاء تجيب
يشكك البعض في حديث «جند مصر خير أجناد الأرض»، وكأنهم يستكثرون على الجيش المصري أن تكون له هذه الرفعة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم. وورد إلى دار الإفتاء سؤال يقول صاحبه: ما مدى صحة ما جاء عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: حدثني عمر رضي الله عنه؛ أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إذا فتح الله عليكم مصر بعدي فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا؛ فذلك الجند خير أجناد الأرض». فقال له أبو بكر: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: «لأنهم في رباط إلى يوم القيامة». وأجاب على السائل الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية السابق عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء قائلا: هذا الحديث صحيح المعاني عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا مطعن على مضامينه بوجهٍ من الوجوه، وقد وردت بأكثر ألفاظه خطبةُ عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه، وهي خطبة ثابتة مقبولة صحيحة بشواهدها، رواها أهل مصر وقبلوها، ولم يتسلط عليها بالإنكار أو التضعيف أحد يُنسَب إلى العلم في قديم الدهر أو حديثه، ولا عبرة بمن يردُّها أو يطعن فيها عن هوًى أو جهل. وثيقة تاريخية ودينية عالية القيمة تمثل خطبة الصحابي الجليل عمرو بن العاص - رضي الله عنه - في فضائل مصر وجندها وثيقة تاريخية ودينية عالية القيمة، تجلت فيها البشارة النبوية بمكانة مصر وأهلها، حيث أورد فيها حديثين مرفوعين إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يؤكدان على فضل جند مصر ورباطهم إلى يوم القيامة. ما ذكره سيدُنا عمرو بن العاص رضي الله عنه، وما أورده من أحاديث مرفوعة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خُطبته الشهيرة التي خطب بها أهلَ مصر المحروسة على أعواد منبر مسجده العتيق بفسطاط مصر القديمة، وكان ذلك في أواخر فصل الشتاء، بعد أيام قليلة من (حميم النصارى) وهو خميس العهد عند المسيحيين؛ حيث كان يحض الناس في أواخر شهر مارس أو أوائل شهر أبريل على الخروج للربيع، وكان يخطب بذلك في كل سنة. وقد سمعها منه المصريون وحفظوها، وتداولوها جيلًا بعد جيلٍ، ودونوها في كتبهم ومصنفاتهم، وصدَّروا بها فضائل بلدهم، وذكروا رواتَها في تواريخِ المصريين ورجالِهم كابرًا عن كابرٍ، وأطبقوا على قبولها والاحتجاج بها في فضائل أهل مصر وجندها عبر القرون؛ لا ينكر ذلك منهم مُنكِرٌ، ولا يتسلط على القدح فيها أحدٌ يُنسَبُ إلى علمٍ بحديثٍ أو فقهٍ، بل عدُّوها من مآثر خُطَب سيدنا عمرو رضي الله عنه ونفيس حديثه، ولم يطعن فيها طاعن في قديم الدهر أو حديثه. وقد أسند عمرو بن العاص رضي الله عنه، في هذه الخطبة، الحديثَ المرفوع في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأهل مصر خيرًا، عن عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يقول: «إِنَّ اللهَ سَيَفْتَحُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي مِصْرَ، فَاسْتَوْصُوا بِقِبْطِهَا خَيْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مِنْهُمْ صِهْرًا وَذِمَّةً». وقد روى هذه الخطبةَ قاضي مصر الإمامُ الحافظ عبد الله بن لهيعة، ورواها عنه الإمامان الحافظان: أبو نُعيم إسحاق بن الفرات التُّجِيبيُّ، وأبو زكريا يحيى بن عبد الله بن بُكَير المخزومي. فأخرجها مستوفاةً من طريق إسحاقَ بن الفرات عن ابن لهيعة: الإمامُ الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم [ت257هـ] في "فتوح مصر والمغرب" (ص: 166-167، ط. مكتبة الثقافة الدينية) فقال: [حدثنا سعيد بن ميسرة، عن إسحاق بن الفرات، عن ابن لهيعة، عن الأسود بن مالك الحميرى، عن بحير بن ذاخر المعافري، قال: رحت أنا ووالدي إلى صلاة الجمعة تهجيرًا، وذلك آخر الشتاء، أظنه بعد حميم النَّصارى بأيام يسيرة، فأطلنا الركوع إذْ أقبل رجال بأيديهم السياط، يزجرون الناس، فذعرت، فقلت: يا أبت، من هؤلاء؟ قال: يا بنيَّ هؤلاء الشُّرَطُ. فأقام المؤذّنون الصلاة، فقام عمرو بن العاص رضي الله عنه على المنبر، فرأيت رجلًا ربعة قصد القامة وافر الهامة، أدعج أبلج، عليه ثياب مَوْشِيَّةٌ كأنَّ به العِقْيَان تأتلق عليه حلَّة وعمامة وجبَّة، فحمد الله وأثنى عليه حمدًا موجزًا وصلَّى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ووعظ الناس، وأمرهم ونهاهم، فسمعته يحضُّ على الزكاة، وصلة الأرحام، ويأمر بالاقتصاد، وينهى عن الفضول وكثرة العيال. وقال في ذلك: يا معشر الناس، إيَّاي وخلالًا أربعًا، فإنها تدعو إلى النصب بعد الراحة، وإلى الضيق بعد السعة، وإلى المذلَّة بعد العزَّة؛ إيَّايَ وكثرةَ العيال، وإخفاضَ الحال، وتضييعَ المال، والقيلَ بعد القال، في غير درك ولا نوال، ثم إنه لا بدَّ من فراغ يئول إليه المرء في توديع جسمه، والتدبير لشأنه، وتخليته بين نفسه وبين شهواتها، ومن صار إلى ذلك فليأخذ بالقصد والنصيب الأقل، ولا يضيع المرء في فراغه نصيب العلم من نفسه فيحور من الخير عاطلًا، وعن حلال الله وحرامه غافلًا. يا معشر الناس، إنه قد تدلت الجوزاء، وذَكَت الشِّعْرَى، وأقلعت السَّماء، وارتفع الوباء، وقلَّ الندى، وطاب المرعى، ووضعت الحوامل، ودرَّجت السخائل، وعلى الراعي بحسن رعيَّته حسن النظر، فحيَّ لكم على بركة الله إلى ريفكم؛ فنالوا من خيره ولبنه، وخرافه وصيده، وأربعوا خيلكم وأسمنوها وصونوها وأكرموها، فإنَّها جُنَّتكم من عدوكم، وبها مغانمكم وأثقالكم، واستوصوا بمن جاورتموه من القبط خيرًا، وإيَّاي والمشمومات والمعسولات، فإنهنَّ يفسدن الدِّين ويقصِّرن الهمم. حدثني عمر أمير المؤمنين رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ اللهَ سَيَفْتَحُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي مِصْرَ، فَاسْتَوْصُوا بِقِبْطِهَا خَيْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مِنْهُمْ صِهْرًا وَذِمَّةً»، فعفُّوا أيديكم وفروجكم، وغضُّوا أبصاركم، ولا أعلمنَّ ما أتى رجل قد أسمن جسمه، وأهزل فرسه، واعلموا أني معترض الخيل كاعتراض الرجال، فمن أهزل فرسه من غير علَّة حططتُّ من فريضته قدر ذلك، واعلموا أنكم في رباط إلى يوم القيامة، لكثرة الأعداء حوالكم وتشوُّق قلوبهم إليكم وإلى داركم، معدن الزرع والمال والخير الواسع والبركة النامية. وحدثني عمر أمير المؤمنين رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِذَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ مِصْرَ، فَاتَّخِذُوا فِيهَا جُنْدًا كَثِيفًا؛ فَذَلِكَ الْجُنْدُ خَيْرُ أَجْنَادِ الْأَرْضِ» فقال له أبو بكر: ولم يا رسول الله؟ قال: «لِأَنَّهُمْ وَأَزْوَاجَهُمْ فِي رِبَاطٍ إِلَى يَوْمٍ الْقِيَامَةِ». فاحمدوا الله معشر الناس على ما أولاكم، فتمتَّعوا في ريفكم ما طاب لكم؛ فإذا يبس العود، وسخن العمود، وكثر الذباب، وحمض اللبن، وصوَّح البقل، وانقطع الورد من الشجر، فحيَّ على فسطاطكم، على بركة الله، ولا يقدَمَنَّ أحد منكم ذو عيال على عياله إلا ومعه تحفة لعياله على ما أطاق من سعته أو عسرته، أقول قولي هذا وأستحفظ الله عليكم. قال: فحفظت ذلك عنه، فقال والدي بعد انصرافنا إلى المنزل لمَّا حكيتُ له خطبته: إنه يا بنيَّ يحدو الناس إذا انصرفوا إليه على الرباط، كما حداهم على الريف والدَّعة] اهـ. وأخرجها مستوفاةً أيضًا: حافظُ عصره الإمامُ أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني [ت385هـ] في "المؤتلف والمختلف" (2/ 1003-1004، ط. دار الغرب الإسلامي). وأخرجها مختصرةً: الإمام الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي الأزدي الحنفي [ت321هـ] في "شرح مشكل الآثار" (8/ 228، ط. مؤسسة الرسالة). وأخرجها مستوفاةً من طريق يحيى بن بُكَير عن ابن لهيعة: الإمامُ المؤرخ أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن زولاق الليثي الفقيه [ت387هـ] في "فضائل مصر وأخبارها" (ص: 83، ط. مكتبة الخانجي). وأخرجها الإمام الحافظ المؤرخ أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصَّدَفي [ت347هـ] في "تاريخ مصر"؛ حيث عزا إليه العلامة المقريزي في "إمتاع الأسماع" (14/ 185، ط. دار الكتب العلمية) تخريج الحديث المرفوع في فضل جندها، وعزا إليه الحافظ السخاوي في "المقاصد الحسنة" (ص: 610، ط. دار الكتاب العربي) تخريج الحديث المرفوع في الوصية النبوية بأهلها. وأخرجها مختصرةً: الإمام الحافظُ أبو القاسم بن عساكر في "تاريخ دمشق" (46/ 161). ومدار إسناد هذه الخطبة على الإمام الكبير؛ قاضي مصر وعالمها، ومحدثها وفقيهها، العلامة أبي عبد الرحمن عبد الله بن لَهِيعة بن عقبة الحضرمي [ت174هـ]، وكان من أوعية العلم وبحوره، وهو مقدَّمُ أهل مصر في الحديث والفقه والفتوى مع الإمام الليث بن سعد [ت175هـ] رحمهما الله تعالى، وكانا في الحديث كفرسَيْ رِهانٍ، بل إن ابن لهيعة فاق الليث في كثرة من أدركهم من التابعين؛ فقد كان طَلَّابًا للحديث جمَّاعةً له، وهو صاحبُ حديث المصريين وأعلمُ الناس به، وقد وثَّقه أهل مصر وهم أدرى الناس به، وكان كبار المحدِّثين يتمنَّوْنَ الأخذَ عنه، وروَى عنه جماعةٌ من كبار الأئمة؛ كالإمام الأوزاعي، وسفيان الثوري، وأمير المؤمنين في الحديث شعبة بن الحجاج، وإمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه، والليث بن سعد، وعبد الله بن المبارك، وعمرو بن الحارث، وراوي "الموطأ" يحيى بن يحيى النيسابوري وغيرهم، ومنهم من لم يكن يروي إلا عن ثقة؛ كشعبة ومالك رحمهما الله تعالى، وروى عنه إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل بواسطةٍ، وروى له الشيخان البخاري ومسلم في "صحيحيهما" مقرونًا بغيره، ووثَّقه كثير من المحدِّثين، وضعَّفه بعضهم. والذي عليه التحقيق: أن رواياته مقبولة وأن حديثه حسنٌ أو صحيحٌ، وأن الضعف في بعض رواياته إنما أتى مِن جهة مَن روى عنه لا مِن قِبَله هو، ولو ادُّعِيَ أن بعض المحدثين أطلق القول بتضعيفه فهذا معارَضٌ بتوثيق كبار الأئمة له وروايتهم عنه: فكان ابن لهيعة مشتغلًا بحديث المصريين وكل من ورد على مصر؛ حتى كان يقول: كانت لي خريطة أضع فيها القراطيس والدواة والحبر، وأدور على القبائل والمساجد؛ أسأل رجلًا رجلًا: ممن سمعتَ؟ ومَن لَقِيتَ؟ اهـ. أسنده المنتجالي في "تاريخه" عن قتيبة بن سعيد عن ابن لهيعة، ونقله الحافظ مغلطاي في "إكمال تهذيب الكمال" (8/ 148، ط. الفاروق الحديثة). وقال رَوْحُ بن صلاح: لقي ابن لهيعة اثنين وسبعين تابعيًّا، ولقي الليث بن سعد اثني عشر تابعيًّا خرَّجه الحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (32/ 141). وقيل لأحمد بن صالح: أيما أحب إليك: حديث ابن لهيعة الذي رواه الثقات، أو حديث يحيى بن أيوب؟ فقال: كان يحيى حافظًا وفي بعض أحاديثه شيء، وحديث ابن لهيعة أصح. فقيل له: فحديث الليث وابن لهيعة؟ فقال: ابن لهيعة رَاوِيةُ المصريين، وأي شيء عند الليث من حديث مصر؟ كان ابن لهيعة من الثقات، إذا لقن شيئًا يحدثه. اهـ. نقلًا عن "إكمال تهذيب الكمال" (8/ 144). وعن قتيبة بن سعيد قال: حضرتُ موتَ ابنِ لهيعة فسمعت الليثَ يقول: ما خلَّف مثلَه، خرَّجه ابن حبان في "المجروحين" (2/ 12، ط. دار الوعي). وروى الإمام النسائيُّ، عن الإمام أبي داود، عن الإمام أحمد بن حنبل قال: مَن كان بمصر يشبه ابنَ لهيعة في ضبط الحديث وكثرته وإتقانه! ما كان محدثُ مصرَ إلا ابنَ لَهِيعة. خرَّجه الحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (32/ 145)، وروى نحوَه أبو عُبيد الآجريُّ في "سؤالاته" عن الإمام أبي داود (2/ 175، ط. مؤسسة الريان)، وزاد: وحدَّث عنه أحمد بحديث كثير. اهـ. وقال الحافظُ البيهقي -كما في "النفح الشذي" للحافظ العراقي (2/ 853، ط. دار العاصمة)-: [كان مالكٌ يُحَسِّنُ القولَ في ابن لهيعة] اهـ. وكذا قال الإمامُ السهيلي في "الروض الأنف" (2/ 286، ط. دار إحياء التراث العربي). وقال الإمام البيهقي في "السنن الكبرى" (5/ 559، ط. دار الكتب العلمية): [ويقال: إن مالكًا سمع هذا الحديث من ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب. والحديث عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب مشهور] اهـ. والإمام ابن لهيعة قد وثَّقه المصريون وحمِدوا روايته، ودفعوا دعوى اختلاطه، وصرَّحوا بأن الضعف إنما هو ممن روى عنه لا منه؛ كابن وهب، ويحيى بن حسان، والنضر بن عبد الجبار، وعثمان بن صالح، وسعيد بن أبي مريم، وأحمد بن صالح، وهم من كبار محدِّثي مصر وثقاتهم. وهؤلاء هم أهل بلده، وقد تقرر عند المحدثين والمؤرخين أن أهل بلد الراوي أعلمُ الناس به، قال حماد بن زيد: بلَدِيُّ الرجل أعرف بالرجل، أخرجه الخطيب في "الكفاية" (1/ 275، ط. دار ابن الجوزي). فأخرج ابن عدي في "الكامل" (5/ 239) عن أبي الطاهر أحمد بن السَّرح قال: سَمعتُ ابن وهب (وهو الإمام عبد الله بن وهب [ت197هـ] تلميذ الإمام مالك) يقول، وسأله رجل عن حديث فحدثه به، فقال له الرجل: من حدثك بهذا يا أبا محمد؟ قال: حدثني به والله الصادق البار عبد الله بن لهيعة، زاد المزي في "تهذيب الكمال" (15/ 495، ط. مؤسسة الرسالة): [قال أبو الطاهر: وما سمعتُه يحلف بمثل هذا قط] اهـ. وقال أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [ت219هـ]: كنا نرى أنه لم يَفُتْهُ من حديث مصرَ كبيرُ شيء، أخرجه ابن عدي في "الكامل" (5/ 237). وقال ابن معين في "تاريخه" -رواية ابن محرز- (1/ 101، ط. مجمع اللغة العربية): [قال أبو الأسود النضر بن عبد الجبار المصري وكان ثقة: ما اختلط ابن لهيعة قط حتى مات] اهـ. وفي "تاريخ يحيى بن معين" (ص: 97، ط. دار المأمون) أنه سُئِل عن ابن لهيعة؛ فقيل له: [فهذا الذي يحكي الناسُ أنه احترقت كتبه؟ قال: ليس لهذا أصلٌ؛ سألت عنها بمصر] اهـ. وأخرج ابن عساكر (32/ 147) [عن أبي أمية، عن أبيه، قال: قال أبو زكريا: أنكر أهل مصر احتراق كتب ابن لهيعة، والسماع منه واحد القديم والحديث زاد الدورقي: إلى آخره] اهـ. وقال الإمام ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (7/ 516، ط. دار صادر): [وأما أهل مصر فيذكرون أنه لم يختلط، ولم يزل أول أمره وآخره واحدًا] اهـ. وأخرج ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (32/ 144) [عن خالد بن خِداش قال: قال لي ابن وهب، ورآني لا أكتب حديث ابن لهيعة: إني لست كغيري في ابن لهيعة فاكتبها] اهـ. ومما يدل على صحة رواية ابن لهيعة وأن الضعف إنما هو من جهة الرواة عنه: ما أخرجه ابن عساكر (32/ 147) عن إبراهيم بن الجنيد قال: قال لي يحيى بن معين: قال لي أهل مصر: ما احترق لابن لهيعة كتاب قط، وما زال ابن وهب يكتب عنه حتى مات. اهـ. وهذا يدل على استواء أمره طيلة حياته وأن المعوَّل في قبول روايته على صحة الرواية عنه؛ فإنه لا نزاع بين المحدِّثين في قبول رواية عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة، وابن وهب لم يزل يكتب عن ابن لهيعة حتى مات، ولم يَرِدْ أنه ترك الرواية عنه في وقت من الأوقات، وهذا ما قرره الحافظ ابن عدي في "الكامل" (5/ 253)؛ حيث قال فيه: [حديثه حسن؛ كأنه يسْتَبان عمَّن روى عنه، وهو ممن يُكتب حديثُه] اهـ.


الدستور
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- الدستور
على جمعة: آداب المجلس من مهمات الدين وتنشر روح والألفة في المجتمع
قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، عبر صفحته الرسمية، إنه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: حُلبت لرسول الله ﷺ شاة داجن "أي الشاة السمينة التي لا تخرج للمرعى"،وهي في دار أنس بن مالك وشيب "أي خلط" لبنها بماء من البئر التي في دار أنس، فأعطي رسول الله ﷺ القدح فشرب منه حتى إذا نزع القدح من فيه وعلى يساره أبو بكر وعن يمينه أعرابي، فقال عمر وخاف أن يعطيه الأعرابي: أعط أبا بكر يا رسول الله عندك،فأعطاه الأعرابي الذي على يمينه ثم قال: «الأيمن فالأيمن» (صحيح البخاري). وتابع " جمعة" عبر صفحته الرسمية قائلا: وفي هذا الحديث تدريب على احترام القيمة والإخلاص للمنهج الأخلاقي، فالأعرابي لم يكن ينكر لو أعطى رسول الله ﷺ أبا بكر فهو صاحبه المقرب ويستحق التكريم والتقديم لما قدمه من تضحية وفداء للدعوة والمسلمين، وقد حاول عمر أن يشير على رسول الله بتقديم أبي بكر، ولكن سيدنا رسول الله ﷺ لم يستجب له فأعطى الأعرابي وقدمه لأنه كان على يمين الرسول ﷺ والسنة أنه يعطي الأيمن فالأيمن ومن يعط احتراما ينل احتراما. وأضاف: وفي هذا الأمر منه ﷺ نوع من التنظيم الاجتماعي ومثله الآداب التي شرعت لتنظيم الاجتماع على الطعام والشراب، فكلها آداب تحقق قيم العدل والاحترام بين الناس؛ فالطعام يسير من يد رئيس الحلقة إلى من على يمينه سواء كانت رغبته في ذلك أم لا، وسواء كانت رغبة الحاضرين في ذلك أم لا، وسواء كان قدر الجالس في اليمين أشرف أم لا، وهذا أدب يبعث على الشعور بالرضا والإيمان بالعدالة والمساواة في هذا الدين. وأكمل: عن الصعب بن جثامة الليثي: أنَّهُ أهْدَى لِرَسولِ اللَّهِ ﷺ حِمَارًا وحْشِيًّا، وهو بالأبْوَاءِ، أوْ بوَدَّانَ، فَرَدَّهُ عليه، فَلَمَّا رَأَى ما في وجْهِهِ قالَ: «إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلَّا أنَّا حُرُم»ٌ.أي محرومون (البخاري) وفيه أن النبي ﷺ لاحظ تغير وجه الصحابي بمجرد النظر إليه فعلم ﷺ أنه حزن لشعوره أن النبي ﷺ لم يقدر هديته فيقبلها، فوضح له النبي ﷺ سبب رده الهدية وأن ذلك لم يكن استهانة بها أو احتقارا لصاحبها ؛ بل لأنه محرم والمحرم لا يحل له أن يقبل الصيد كما نص الله تعالى في كتابه الكريم. وأردف: ومن آداب المجلس المهمة "الاهتمام بالنظافة الشخصية". فعن جابر بن عبد الله قال: أتانا رسول الله ﷺ فرأى رجلا شعثا قد تفرق شعره فقال: «أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره» ورأى رجلا آخر وعليه ثياب وسخة فقال: «أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه» (سنن أبي داود) وفيه وجوب احترام المسلم ذاته ومظهره بين الخلق، يحترم شعره فيسرحه، ويحترم ثوبه فيغسله، وجعل الإسلام ذلك من آداب المجلس وهو يندرج تحت قوله تعالى: (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف:31] وهي أمور يسيرة ليس فيها تكلف ولكنها تعبر عن احترام الإنسان لنفسه،وتعكس شعوره بالعزة والكرامة وتلك أولى خطوات احترامه للآخرين. وأشار إلى أن آداب المجلس من مهمات الدين التي تساعد على نشر روح الإخاء والألفة بين أفراد المجتمع، فيشيد بنيانه على الوحدة والقوة والتناغم والانسجام.