logo
عبد الهادي راجي المجالي : قبلاتي

عبد الهادي راجي المجالي : قبلاتي

أخبارنا٢٤-١١-٢٠٢٤

أخبارنا :
أمس وهم يبحثون بين الردم والركام، ظهر على الشاشة صوة (لصندل).. تذكرت طفولتي وتذكرت صنادل (باتا) كانت رفيقتنا في الصيف والشتاء.. صاحب الصندل استشهد ربما.
هل يعتبر من مخلفات الحرب؟.. لا هذا (الصندل) لا أظنه كذلك، هو ليس من مخلفات الحرب، هو من نتاجات الحرب.. وأجزم أن محاولة اقتنائه.. تعد أهم من محاولات الحصول على (الموناليزا).. الموناليزا مجرد لوحة رسمها (دافينشي).. وهو يدخن سيجارته، ويجلس في الريف الإيطالي.. لكن هذا (الصندل) خرج من الخدمة بعد (37) نزوحا.. مر من كل شوارع غزة، داس الرمل وبقايا القذائف.. ومر على حفرة صنعتها القنابل..
هذا (الصندل)، واجه حر الصيف ولهيب التراب وواجه برد تشرين..
شاهدته بين الركام، والكاميرا عشقته.. وأظنه أهم من جدار برلين، أصلا هذا الجدار قسم العالم، وأنتج صراعا استمر لأكثر من (40) عاما.. وكل من كان يعبره يتعرض للرصاص، الجدار وضع حواجز أيديولوجية بين العقل الألماني الشرقي والغربي.. لكن هذا الصندل لم يفعل شيئا، ظهر على الشاشة فقط كشاهد على العالم المجرم.. كانت خطيئته أنه حمى قدم طفل ربما لم يتجاوز الـ(5) سنوات من عمره وسار به من أقصى الشمال حتى رفح.. خطيئته أنه لم يسلم من القصف.. إسرائيل تغتال حتى (الصنادل)..! خطيئته أيضا أنه حمى قدم طفل تخلف العالم كله عن حمايته.. وسار به حين قرر العالم أن يسير في درب الجنون والذبح وأن يصمت عن قتل كل طفل وكل أم.. وكل صباح، إسرائيل حتى رغيف الخبز تغتاله.. تغتال خصلات الشعر على رؤوس الأطفال إن نبتت شقراء.. تغتال الحجر والشجر وتغتال الصوت.. والبلابل والنخل، هل يوجد شيء في غزة لم يتعرض للاغتيال؟
هذا الصندل باعتقادي.. أهم مما كتب (شكسبير).. كل القيم وكل أشكال الفضيلة وكل ما قدمه من صراع في مسرحياته، علقتها بريطانيا على الرفوف.. شكسبير لم يعد درسا للبشرية، صار درسا في اللغة فقط.. على الأقل هذا (الصندل) حتى وهو صامت وتعرض صورته على الشاشة، كان أبلغ من شكسبير.. لم يقم بروتوس بطعنه، من طعنه هي القيم التي لفظت وبصقت عند أول منعطف.. لم يشهد تواطئا مثل المؤامرة التي حدثت ضد يوليوس قيصر.. بل شهد جريمة أممية كل الشعوب في أوروبا حملت الخنجر وطعنته، كل القوانين التي أنتجتها البشرية وظفت ضده.. حتى القيم الإنسانية أصبحت لعنة عليه.. لو أن شكسبير عاش زمن الصندل، لكتب مسرحية على لسان النعل.. كي تعري هذا العالم.
هل مسّني الجنون بحيث أكتب لصندل في غزة، أم أنها لعنة اللغة التي تجاوزت الشعر والرواية والبلاغة.. حتى تختصر الحزن في صندل من غزة؟
لو أن غابرييل غارسيا ماركيز عاش ملحمة غزة، لكتب مئة عام من الصنادل ولم يكتب مئة عام من العزلة.. لو بيتهوفن عاش زمنك، لأنتج فيك ملحمة وليس مقطوعة موسيقية..
اعرف أنك من ضحايا الحرب، وأعرف أن القدم التي كنت تحميها من الحصى قد ماتت.. وصاحبها الآن تحت التراب، لكني وددت أن أرسل لك قبلاتي.. نعم قبلاتي وأدري أن القبل لا ترقى حد طرف نعلك أيها الصندل.. ــ الراي

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

10 أيام مفقودة في تقويم آيفون!.. خلل تقني أم لغز تاريخي؟
10 أيام مفقودة في تقويم آيفون!.. خلل تقني أم لغز تاريخي؟

سواليف احمد الزعبي

timeمنذ 4 أيام

  • سواليف احمد الزعبي

10 أيام مفقودة في تقويم آيفون!.. خلل تقني أم لغز تاريخي؟

#سواليف أثار اختفاء 10 أيام من #تقويم #أجهزة_آيفون دهشة #مستخدمي #وسائل #التواصل_الاجتماعي، بعد أن لاحظ أحد المستخدمين أن التقويم ينتقل مباشرة من 4 أكتوبر (تشرين الأول) إلى 15 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1582. وانتشر منشور عبر منصة إكس حقق أكثر من 49 مليون مشاهدة حتى الآن، تساءل فيه المستخدمون: 'ماذا حدث في أكتوبر (تشرين الأول) 1582؟'، مما أثار موجة من التعليقات الساخرة والمندهشة. وتباينت ردود الفعل بين من أبدى قلقه من أن يكون أكبر سناً بعشرة أيام، وآخرين اعتبروا الأمر مجرد خلل تقني أو خطأ في البرمجة، لكن المفاجأة كانت أن هذا الاختفاء ليس ناجماً عن خلل تقني في أجهزة آبل، بل يعود إلى حدث تاريخي. وبحسب صحيفة 'دايلي ميل'، فإن القصة بدأت في عام 45 قبل الميلاد، عندما اعتمد يوليوس قيصر 'التقويم اليولياني'، المستند إلى حركة الأرض حول الشمس، مع إضافة يوم كبيس كل أربع سنوات. ومع مرور القرون، لاحظ العلماء أن هذا التقويم يسبق المواسم الطبيعية تدريجياً، مما أثار قلق الكنيسة بسبب تأثيره على تحديد موعد عيد الفصح. وفي عام 1582، أصدر البابا غريغوري الثالث عشر مرسوماً بتصحيح التقويم، فيما عُرف لاحقاً بـ'التقويم الغريغوري'، ولإعادة الاعتدال الربيعي إلى موعده الأصلي في 21 مارس (أذار)، تم حذف الأيام من 5 إلى 14 أكتوبر (تشرين الأول) من ذلك العام. وهكذا، استيقظ الناس يوم 15 أكتوبر مباشرة بعد 4 أكتوبر، لكن تبني هذا التقويم لم يكن سريعاً في جميع أنحاء أوروبا، حيث تأخرت بعض الدول البروتستانتية والأرثوذكسية في اعتماده، مما أدى إلى اختلاف التواريخ بين البلدان لعدة قرون. وأعرب بعض المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي عن دهشتهم من أن تقويم آيفون لا يزال يعكس هذا الإصلاح التاريخي، بينما قال آخرون مازحين إنهم 'ناموا في 4 أكتوبر واستيقظوا في 15 أكتوبر'.

«ساعي البريد».. شِعرية التفاصيل اليومية واللغة البسيطة
«ساعي البريد».. شِعرية التفاصيل اليومية واللغة البسيطة

الدستور

time١٥-٠٥-٢٠٢٥

  • الدستور

«ساعي البريد».. شِعرية التفاصيل اليومية واللغة البسيطة

مهدي نصير قرأتُ قبل أيامٍ قليلةٍ ديوان الدكتور كمال ميرزا «ساعي البريد» وهو الديوان الثاني للدكتور ميرزا بعد ديوانه الأول «شريعةُ الإسمنت» الصادر عام 2022 عن دار أزمنة للنشر والتوزيع، وأعترف أنني لأوَّلِ مرةٍ أقرأ شِعراً للدكتور كمال ميرزا، وأثارتني وأثَّرتْ بي هذه القصائد الطازجة والبسيطة والقريبة بتفاصيلها الظاهرية من مفردات وأشياء حياتنا اليومية التي يوظفُّها الشاعر لإزاحتها عن مدلولاتها المباشرة إلى مدلولاتٍ جديدةٍ تشتبك مع اليومي وترتقي وتنفصل عنه في جدليةٍ يتقنها الشاعر الذي يبحث عن شيءٍ غامضٍ يسكن خلف وتحت وبين هذه الأشياء والمفردات التي تتزاحم من حولنا وتحمل جينات حياتنا اليومية منبثَّةً فيها. قصيدة الدكتور ميرزا في هذا الديوان قصيدة نثر عاليةٌ بلغتها وبإيقاعاتها وبنثريتها التي تأخذ من الواقع الحياتي البسيط مادةً ومناخاً وحاملاً لقصيدته، هي قصائدُ بسيطةٌ تحمل في إيقاعاتها الخاصة هذا الاغتراب والتهميش والقلق اليومي الذي نعيشه ويعيشه ويعبر عنه الشاعر بلغةٍ تُخفي وتُظهر هذا القلق العارم الذي يجتاح كينونتنا ووجودنا وهويتنا، نقرأ بعض ذلك في هذا المقطع من قصيدةٍ قصيرةٍ بعنوان « الجرذان مرةً أخرى: «في المدنِ الكبيرةِ من الممكنِ أن تموتَ في مبنىً مهجورٍ أو زقاقٍ مُعتمٍ ولا يُعثَرُ عليكَ إلّا بعدَ يومينِ مع أنّ الجرذانَ قد استدلّتْ عليكَ منذُ اللحظةِ الأولى!» في هذه المجموعة رسائل كثيرةٌ تبحثُ عن «ساعي البريد» الذي سيحملها، وكلُّها رسائل حزنٍ وتعبٍ واغترابٍ وبحثٍ عن معنىً لحياتنا التي تفقد كثيراً من معانيها، نقرأ بعضاً من هذا الحزن في قصيدةٍ قصيرةٍ بعنوان «هروب « نقرأ فيها بعض هذا الغضب الهادئ في سطحه والعميق التوتر في جوفه : «اهربْ انتخبْ لنفسكَ مدينةً تصلحُ للغربةِ مدينةً لم تذرعْ شوارِعَهَا من قبلُ مدينةً لا تعرِفُكَ أرصفتُهَا مدينةً تربِطُ لسانَكَ وتسلِبُكَ فصاحتَكَ المأثورةَ وتجعلُكَ تبدو كالأبلهِ وأنتَ تسألُ المارّةَ عن أتفهِ الأشياء مدينةً ليسَ لكَ فيها تفاصيلُ في الأزقةِ وذكرياتٌ وراءَ الجدرانِ وأحبةٌ حبيسونَ في تلك الزنازينِ المُحْكَمَةِ التي نسمِّيها منازل! اهربْ سيحبُّكَ أبناءُ المدنِ البعيدةِ جداً فأنتَ «مِن ريحةِ» غربةٍ يشتهونَهَا أمّا هنا فالجميعُ يكرهونَكَ لأنّكَ تذكِّرُهُم بكلِّ ما يريدونَ نسيانَهُ!» في قصائد هذه المجموعة هناك احتجاجٌ عميقٌ ضدَّ تسطيحِنا وتحويل اللغة والثقافة لمحفزات حواس أحاديةٍ لا تأخذ من اللغةِ إلا ظاهرَها الذي تمَّ معالجته وأتمتته وتوجيهه، نقرأ بعضَ هذا الاحتجاج العميق على تحويلنا لكائنات بافلو- لغوية (أي إلى كائناتٍ لغويةٍ ضد شِعرية)، في قصيدة « بتهوفن « في هذه المجموعة تتحول موسيقى بتهوفن العظيمة لمُنبِّهٍ – فقط منبِّه - يرتبط بحضور بائع جرَّات الغاز !!، اقرأوا معي هذا المقطع من هذه القصيدة : «تتوقفُ موسيقى «بيتهوفن» فجأةً وشيئاً فشيئاً يصَّعَّدُ صوتُ المصعدِ الذي نجحَ السكانُ أخيراً في إصلاحِهِ بعدَ تسويةٍ مُجحفةٍ مع الجارِ في الطابقِ الأرضيِّ يفتحُ ويغلقُ بابُهُ الذي فقدَ لياقتَهُ منذُ الشهرِ الأولِّ يعلو صوتُ الخطواتِ و»قرقعةُ» الجِرارِ وهي تدنو بثقةٍ من شقةٍ لم نوفِ قرضَهَا بعدُ « يُصعِّدُ الشاعر احتجاجه بهدوءٍ ويطلب من ساعي البريد الغائب أن يُعيدَ اللغةَ الشعريةَ لتخاطب الحواس كلَّها بعيداً عن بقعِ الآخرين وبعيداً عن اللغة المؤتمتة والأحادية الجانب، اقرأوا معي هذا المقطع من قصيدةٍ قصيرةٍ بعنوان « ما وراء النص : «أنا أوراقٌ متى طُويَتْ لن تستطيعي قراءتَهَا كدفاترَ عتيقةٍ وحبرُنَا الذي لم يجفَّ بعدُ لا تطمسيهِ ببقعِ الآخرين! هم لا يعنيهُم من نصِّكِ سوى ظاهرِهُ ووحدي أغوصُ في ثنايا متنِكِ الذي أحفظُهُ غيبّاً لأتهجّى بحواسّيَ الخمسِ ما تخفينَ بين السطور!» في هذه المجموعة قرأتُ شاعراً أصيلاً ولغةً بسيطةً وعميقةً وإيقاعاتٍ حملت الكثير مما أرادت هذه الرسائل أن تقوله لنا . إيقاعياً قصيدة الدكتور ميرزا قصيدة نثرٍ تموج بإيقاعاتٍ داخليةٍ (شِعرية الموقف وشعرية المفارقة والجِدَّة واللاتوقع)، وتموجُ أيضاً بإيقاعاتٍ خارجيةٍ (نسيج تراكيب اللغة وإيقاعات نواها القصيرة وليس كتلَها الكبيرة الخليلية المكررة، هذه الإيقاعات مزيجٌ غيرُ مُنتظَمٍ من هذه التفاعيل مما أعطى للإيقاع الخارجي ظِلالاً قديمةً تنتسب لهذا النسيج الإيقاعي وتتمرَّد على صوته الواحد المكرر باتجاه تعدد الأصوات وتعدد التفاعيل - وبدون قصدٍ من الشاعر - وهذا سرُّ طزاجتها وخصوصيتها) سأقرأ ذلك الإيقاع في هذا النموذج من قصيدةٍ بعنوان « اعتذار « : «بخجلٍ شديدٍ (فعلتن فعولن) ونبرةٍ لا تخلو من إحساسٍ بالعارِ (مفاعلن فعلن فعلن فعلن فعلن فعلُ) وإقرارٍ فادحٍ بالذنبِ (فعولن مستفعلن مفعولن) قالت الجثّةُ المُثخنةُ للسكينِ الثَلِمَة: (فاعلن فاعلن فاعلُ فعولن فعلن فَعِلن) -عذراً (فعلن) لا يوجدُ فيَّ مساحةٌ ناصعةٌ لتزرعي فيها جرحاً طازجاً (فعلن فَعِلن متفاعلن متْفعلن مُتفْعلن فعلن فعلن فاعلن) لكن هلّا تعطّفتِ قليلاً (فعلن فعلن فعولن فاعلاتن) ودققتِ النظرَ (فعولن متْفعلن) ستجدينَ غالباً موضعاً أكثرَ التئاماً من غيرِهِ (فعلتن مفاعلن فاعلن فاعلن فعولن مستفعلن) تستطيعينَ غرزَ طعنَتَكِ الطائشةِ (صمت) هناك (فاعلن فاعلن فعولُ فاعلن فَعِلُ(ن) فعولُ) واعتذرُ مرّة أخرى (فعولُ فَعِلن فعو فعلن) أنّني لم أكنْ جثةً لائقةً بمقامِ نصلِكِ السامي! «(فاعلن فاعلن فاعلن متْفعلن فَعِلن مفاعلن فعلن) . انتَ وانتَ تقرأ هذه القصيدة لا يمكنك التنبوء بما يريد أن يقوله الشاعر ولا إلى أين يقود قصيدته فهو يفاجؤكَ في كلِّ سطرٍ من سطورها وهذا يمنحكَ كقاريء إيقاع الترقب والمتابعة والمفاجأة، وهذا إيقاعٌ يشارك القاريء والمتلقي بتشكيله عبر عقله وأذنه وعاطفته لا عبر أذنه فقط والتي تُستلب وتطرب لإيقاعاتٍ تعرفها وتعودت عليها ويمكنها أن تتنبأ بتتالياتها بكلِّ بساطة / وهذا يُخرج الشِّعر عن خصوصيته وعن اصالته وعن هويته، وهذا في جوهره هوَ الفارق العميق بين قصيدة النثر ذات الإيقاع المتحرك والمتعدد (والقائم جوهراً على إيقاع الجملة أو السطر الشِّعري فقط بعيداً عن التكرار الوزني للتفاعيل الخليلية الكبيرة في الأسطر التالية) والذي يشارك المتلقي بتشكيله وبين القصيدة الكلاسيكية ذات الإيقاع الثابت والمكرَّر، في قصيدة النثر الحقيقية يفاجؤكَ الإيقاعُ كما تفاجؤكَ اللغةُ، وفي القصيدة الكلاسيكية العمودية خصوصاً منها لا تفاجؤكَ القصيدة – في الأغلب - لا بلغتها ولا بإيقاعها، أما في الإيقاع اللغوي الخارجي لقصيدة النثر في هذه المجموعة الشعرية فكما هو مبين في التقطيع العروضي المبين أعلاه والذي يبين انتماء نسيج هذه القصائد لحركة النوى الإيقاعية التأسيسية للشعر العربي : (الوتد علن، والسبب الخفيف فا، والسبب الثقيل فَعَ، وفونيم الصمت أو ما يسميه اللسانيون العرب فونيم المفصل وهو صمتٌ في القراءة عند تتالي أكثر من متحركاتٍ أربع في السطر الشعري / أي أن النسيج الإيقاعيَّ الخارجي لقصيدة النثر يُبنى على تتاليات النُّوى الإيقاعية التأسيسية المشار إليها أعلاه وبحيث لا يتتالى أكثر من متحركاتٍ أربعة في النصِّ الشِّعري) . ملاحظةٌ أخيرةٌ : لم تكن كلُّ قصائد المجموعة بسويةٍ فنيةٍ واحدةٍ، فبعضُها أو معظمُها كان عالياً كالقصائد التي استخدمتها في التحليل وأشرتُ لها في هذه الورقة، وبعضها القليل كان رتيباً ومباشراً خصوصاً في بعض الرسائل في المجموعة وأظنها كانت أنويةً لقصائد استعجل بكتابتها الشاعر تحت ضغط اللحظة التي نعيشُها، نقرأ بعض ذلك في قصيدة « رسالةٌ إليَّ « وهي اقرب قصائد المجموعة لشعر الجملة المكررة والإيقاعات المكرَّرة في قصيدة التفعيلة (الجملة الشعاراتية المباشرة) : «أنا شواهدُ القبور أنا تأريخُ العصور أنا الأممُ الفانياتُ أنا الثواني والدهور أنا سهولٌ مشرعاتٌ على فضاءاتٍ ونور أنا زِقاقٌ معتماتٌ أنا مداميكٌ ودور أنا قِفارٌ مجدباتٌ أنا جنّاتُ الزهور أنا اليأسُ قانطاً أنا بركانٌ يثور أنا النصُّ ظاهرُ النصِّ أنا ما بينَ السطور أنا الحقُّ والباطلُ والجوهرُ والقشور!» ختاماً أبارك للدكتور الشاعر كمال ميرزا إصداره الجديد المميز والذي يحمل عنواناً أيضاً دالاً ويؤشر لحاجة الشِّعر لساعي بريدٍ معاصرٍ لإيصال مضامينه التي ما عاد هناكَ ساعٍ يحملها، وهذه مفارقةٌ خفيةٌ في عنوان هذه المجموعة الناقصِ قصداً فعبارة ساعي البريد لوحدها لا تشكِّل جملةً مكتملةً بل هي نصفُ جملة، وكأن هذا الإبهام في عنوان المجموعة يعطي للقارئ الفرصة للمشاركة بإكمال الجملة الناقصة كأن يقولَ مثلاً : البحثُ عن « ساعي البريد «أو أوراقُ أو رسائلُ « ساعي البريد « ، هذه المجموعة يمكننا أيضاً أن نقرأها كرثاءٍ بعيدٍ لساعي البريد التاريخي الذي ضاع وتمَّ تدميره أمام الفردانية المطلقة للذات المتوحشة والمُستلَبة والمهمَّشةِ والمُهشَّمة والتي لا تسمع إلا صوتها وأنانيتها وغرائزها والتي يغذيها هذا التسطيح للعالم الذي يفقد آلهته القادرة على إنقاذه، والشعرُ العميق هو بعضُ هذه الآلهة.

آداب جرش تحتفي بيوم الأدب العالمي بعروض أدبية مميزة
آداب جرش تحتفي بيوم الأدب العالمي بعروض أدبية مميزة

الدستور

time٢٩-٠٤-٢٠٢٥

  • الدستور

آداب جرش تحتفي بيوم الأدب العالمي بعروض أدبية مميزة

جرش- الدستور- هداية حافظ في أجواء أدبية ووسط حضور طلابي وأكاديمي مميز، نظّم قسم اللغة الإنجليزية والترجمة في كلية الآداب في جامعة جرش فعالية "يوم الأدب العالمي" واشتملت على سلسلة من العروض الثقافية والقراءات الأدبية التي سلّطت الضوء على الإرث الأدبي العالمي، وخصوصًا أعمال الأديب العالمي ويليام شكسبير. و ألقى رئيس قسم اللغة الإنجليزية والترجمة الدكتور هيثم العمري كلمة ترحيبية نوّه فيها إلى أهمية الأدب كوسيلة للحوار الحضاري وتعزيز الهوية الثقافية. وجاءت العروض التقديمية موزعة على محاور متنوعة تناولت جوانب مختلفة من أدب شكسبير، حيث قدّمت الطالبة أسيل الشربيني عرضًا افتتاحيًا حول "ويليام شكسبير: الأثر والخلود"، تلاها الطالب عارف حسين في عرض بعنوان "غموض شخصية شكسبير"، والذي ناقش النظريات المختلفة حول هويته الحقيقية. ثم استعرضت مجموعة من الطلبة مختارات من أعمال شكسبير، حيث قدم مجـد أبو زيد قراءات في سونيتات شكسبير، وناقشت هبة أبو طحيمر البنية النثرية في كتاباته، بينما سلّطت علا الكرنز الضوء على مفاهيم السحر والشعوة في أعماله، وتطرّقت رنيم أبو زنيمة إلى التعابير الاصطلاحية التي أوجدها شكسبير وما زالت مستخدمة حتى اليوم. واختتمت العروض بتقديم حلا عثمان لعرض بعنوان "علم الفلك وشكسبير"، والذي أبرز العلاقة بين علم الفلك والأدب في نصوصه المسرحية. وفي نهاية الفعالية، تم توزيع الشهادات التقديرية على جميع المشاركين من الطلبة، تعبيرًا عن امتنان الكلية لجهودهم في إنجاح هذه المحاضرة .

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store