logo
عيد الأضحى في دمشق.. لقاءات تعيد الأمل وسط العادات المتوارثة

عيد الأضحى في دمشق.. لقاءات تعيد الأمل وسط العادات المتوارثة

العربي الجديدمنذ 19 ساعات

في صباح عيد الأضحى، تفتح دمشق أبوابها لفرحة طال انتظارها، وسط أجواء تنبض بالأمل بعد سنوات من الغياب والفقد. ومع الساعات الأولى من النهار، يتوافد الدمشقيون إلى المساجد لأداء
صلاة العيد
، فتمتلئ الساحات بالمصلين وتعلو التكبيرات، ثم تنطلق العائلات لزيارة
القبور
، في طقسٍ يحرصون عليه؛ وفاءً لأحبّتهم الذين رحلوا، وطلباً للرحمة لهم.
في قلب العاصمة، يجتمع الآلاف في باحات
الجامع الأموي
، أحد أقدم المساجد في العالم الإسلامي، ليستعيدوا في أجوائه روحانية العيد، قبل أن تبدأ الزيارات العائلية التي تشكل أحد أهم ملامح المناسبة، إذ تتوافد الأسر إلى منازل الأقارب والأصدقاء، وسط تبادل التهاني وذكريات الماضي التي تأبى أن تغيب.
أجواء مفعمة بالمحبة في دمشق (العربي الجديد)
عيد الأضحى...لقاء الأحبة
بالنسبة للبعض، لا يقتصر عيد الأضحى على أداء الطقوس المعتادة، بل يحمل معه لحظات استثنائية تعيد لمّ شمل العائلات بعد سنوات من الغياب القسري. في أحد أحياء دمشق القديمة، جلست منيرة الخالدي، البالغة من العمر 70 سنةً، أمام منزلها تنتظر اللقاء الذي حلمت به طويلاً، وحين دخل أحفادها من الباب، اختلطت ضحكاتهم بدموعها، وقالت بصوت مفعم بالحنين: "لم أصدق أن هذا اليوم سيأتي... العيد لا يكتمل دونكم".
تحاول الجدة، التي تقيم في حيّ المهاجرين الدمشقي، احتواء اللحظة؛ فتقدّم لأحفادها المعمول المحشو بالتمر الذي اعتادت تحضيره في ليالي العيد، ثم تبدأ بسرد قصص الطفولة كما اعتادت، كأنها تعيد إليهم ذكريات لم يعيشوها، لكنّهم سمعوا عنها مراراً عبر مكالمات الفيديو.
العيد فرصة للقاء الأحبة وتبادل الزيارات (العربي الجديد)
أما ابنتها يارا قدور، البالغة من العمر 38 سنةً، التي عادت إلى دمشق لقضاء العيد، فتقول لـ"العربي الجديد": "عندما رأيت أمي تحتضن أحفادها، شعرتُ أن العيد استعاد معناه الحقيقي... العودة ليست مجرد رحلة، بل استعادة لحياة افتقدناها طويلاً". بدورها، تعبر آية العبد الله، الطفلة ذات الثماني سنوات التي ولدت خارج سورية، عن فرحتها بزيارة دمشق لأول مرة، وتقول لـ"العربي الجديد": "كنت أتواصل مع جدتي عبر الفيديو، لكن الآن أنا هنا، أعيش اللحظات التي كانت تحكي لي عنها. دمشق مليئة بالمفاجآت، من الحلويات الدمشقية إلى الملابس الجديدة التي اخترتها مع جدتي".
تفاصيل صغيرة
رغم الظروف التي تمرّ بها البلاد، يبقى العيد في دمشق محافظاً على طقوسه المتوارثة. في الأحياء القديمة، يتبادل الجيران أطباق الحلويات التقليدية، فيما تستمر عادة تقديم الأضاحي وتوزيعها على المحتاجين في مشهد يجسّد قيم التضامن الاجتماعي. أما الأطفال، فيرتدون ملابس العيد الجديدة، ويتجولون بين الحارات في مشاهد تعبر عن فرحة بريئة، رغم كل التحديات.
يحافظ الدمشقيون على عادات العيد رغم التحديات (العربي الجديد)
وتستعيد بعض العائلات الدمشقية لحظات اللقاء بعد سنوات من الفُرقة، إذ يقول سائر المحمود، البالغ من العمر 50 سنة وربّ أسرة، لـ"العربي الجديد": "العيد هو فرصة للتواصل، لإعادة اللحمة بين أفراد العائلة، حتى بين أولئك الذين تفرّقوا لسنوات. نجتمع صباح العيد حول مائدة الإفطار التقليدية، ونستعيد الطقوس القديمة مثل زيارة القبور وذبح الأضاحي، ثم توزيعها على المحتاجين، تماماً كما كان يفعل آباؤنا وأجدادنا".
يلمّ العيد شمل العائلات بعد سنوات الغياب (العربي الجديد)
عيد الأضحى في دمشق ليس مناسبة دينية فحسب، بل هو فسحة للفرح واستعادة العلاقات التي غيّبتها الظروف. ورغم كل التحديات، تبقى تفاصيله نابضة بالحياة، إذ القلوب تتشبّث بالأمل، وترفض أن تفقد تقاليدها التي تشكل جزءاً من هويتها الاجتماعية والثقافية.
لا تكتمل فرحة العيد في دمشق دون المشاهد الحيّة للساحات التي تتحوّل إلى مساحات مليئة بالألوان والضحكات، إذ تتوافد العائلات إلى المنتزهات والحدائق العامة لقضاء وقت ممتع. في ساحات باب توما والمزة وحديقة تشرين، يعلو صوت الأطفال وهم يتنقلون بين الألعاب المختلفة، من المراجيح التقليدية إلى عربات القطن الحلو التي تحمل نكهة الطفولة وذكريات الأعياد الماضية.
العيدُ، بالنسبة للأطفال، فرصة للانطلاق واللعب بحرية، فيملؤون الساحات بضحكاتهم، ويتسابقون في ركوب الدراجات الصغيرة، ويشاركون في العروض التي ينظمها الفنانون الشعبيون، من عروض الدمى إلى ألعاب الخفّة، ما يضفي على الأجواء مزيداً من البهجة والحيوية.
العيد بالنسبة للأطفال فرصة للانطلاق واللعب بحرية (العربي الجديد)
أما الكبار، فيفضّلون الجلوس في المقاهي المطلّة على الساحات، يتبادلون الأحاديث ويتأملون أطفالهم وهم يلهون، في مشهد يجسّد جوهر العيد بصفته فرصةً للفرح ولمّ الشمل العائلي، وسط أجواء بسيطة، لكنّها مفعمة بالحياة والدفء.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحجاج يبدؤون أوّل أيام التشريق في مناسك الحج
الحجاج يبدؤون أوّل أيام التشريق في مناسك الحج

العربي الجديد

timeمنذ 16 ساعات

  • العربي الجديد

الحجاج يبدؤون أوّل أيام التشريق في مناسك الحج

بدأ حجاج بيت الله الحرام، اليوم السبت، أوّل أيام التشريق الثلاثة في مناسك الحج التي يرمون في خلالها الجمرات ب مشعر مِنى غربي السعودية، ثمّ يختتمون حجّهم بطواف الوداع في مكّة المكرّمة، وأفادت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) بأنّ ذلك أتى وسط منظومة خدمية وأمنية متكاملة وإجراءات تنظيمية دقيقة سهّلت انسيابية حركة الحشود داخل منشأة الجمرات. وأوضحت الوكالة، اليوم السبت، أنّ عملية الرمي جاءت "وفق خطة تفويج محكمة، نُفّذت بتعاون وتنسيق بين مختلف الجهات المعنية، وبمتابعة ميدانية فورية، أسهمت في تحقيق أعلى درجات السلامة والأمان للحجاج، وتمكينهم من أداء نسكهم في أجواء تسودها الطمأنينة والسكينة". ويواصل الحجاج إقامتهم في مشعر مِنى في خلال أيام التشريق من أجل إكمال نسكهم، مع جواز التعجّل في ثاني تلك الأيام لمن أراد، وقد دعت وزارة الداخلية السعودية، في بيان اليوم السبت، " الحجاج إلى اتّباع المسارات المحدّدة عند الذهاب والعودة للجمرات والطواف والسعي، وعدم حمل الأمتعة إلى منشأة الجمرات والمسجد الحرام"، وشدّدت على ضرورة "التزام الحجاج بجداول التفويج، ومواصلة التزامهم بالتعليمات التي تنظّم تحركاتهم في خلال أيام التشريق والتحلّي بالهدوء والنظام في التنقل". #الهيئة_العامة_للإحصاء بلغ إجمالي أعداد الحجاج لموسم حج 1446هـ (1,673,230) حاجًّا وحاجَّة. #يسر_وطمأنينة #حج_1446 — الهيئة العامة للإحصاء (@Stats_Saudi) June 5, 2025 وفي مشعر مِنى، يرمى الحجاج الجمرات (21 حصاة) بدءاً من الصغرى بعدها الوسطى ثمّ العقبة الكبرى، وذلك بواقع سبع حصيات لكلّ جمرة، ويكبّرون مع كلّ واحدة منها، ويدعون بما شاؤوا بعد الصغرى والوسطى فقط مستقبلين القبلة رافعين أيديهم. أمّا أيام التشريق فهي الأيام الثلاثة التي تأتي عقب أوّل يوم من أيام عيد الأضحى، والتي يقضيها الحجاج في مشعر مِنى، وتُعرَف كذلك بـ"الأيام المعدودات". تجدر الإشارة إلى أنّ رمي الجمرات بدأ، أمس الجمعة في مِنى، تبعه نحر الهدي وطواف الإفاضة في مكّة. ومن اليوم السبت إلى بعد غدٍ الاثنين، تُرمى جمرات في مِنى ثمّ يكون الختام بطواف الوداع في مكّة. وكان موسم الحج لعام 1446 للهجرة، الذي يستمرّ لمدّة ستّة أيام، قد انطلق يوم الأربعاء الماضي، في الرابع من يونيو/ حزيران 2025، في يوم التروية في مِنى، ليشهد الخميس الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة. قضايا وناس التحديثات الحية الحجاج يرمون الجمرات في أول أيام عيد الأضحى السعودية تعلن نجاح موسم الحج وأعلنت السعودية، مساء أمس الجمعة، نجاح موسم الحج لهذا العام، معيدةً عدم التكدّس في أثناء أداء الحجاج المناسك إلى جهود عديدة بُذكت في مجال إدارة الحشود، أبرزها الأمنية والإعلامية المتعلّق بتنفيذ حملة "لا حج بلا تصريح". وكشف مدير الأمن العام الفريق محمد البسامي، رئيس اللجنة الأمنية في الحج، أنّ عدد المشاركين في تنفيذ خطط أمن الحج لهذا العام يبلغ 213 ألفاً و323 مشاركاً من مختلف القطاعات الأمنية والعسكرية. وأوضح المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية السعودية العقيد طلال بن شلهوب، في مؤتمر صحافي، أنّ عدم التكدّس في حج هذا العام يعود إلى "النجاح في إدارة الحشود"، أضاف أنّ النجاح في إدارة الحشود أتى بـ"التكامل مع الجهات كافة، وهذا يعكس التزام الحجاج بالتعليمات والضوابط". يُذكر أنّ موسم الحج الماضي كان قد شهد تكدّساً لافتاً بين الحجاج في أثناء أداء المناسك، فيما أكّدت السلطات تسجيل مخالفات لحجاج أقرّوا بأنّهم يؤدّون الحج بلا تصريح، قبل أن يشهد حج هذا العام حملات مبكرة بخصوص هذا الأمر. يُذكر أنّ الهيئة العامة للإحصاء في السعودية أعلنت، في بيان أصدرته أوّل من أمس الخميس، أنّ عدد الحجاج هذا العام بلغ مليوناً و673 ألفاً و230 حاجّاً من خارج البلاد وداخلها. ويأتي هذا العدد ليسجّل تراجعاً عن موسم العام الماضي الذي بلغ عدد حجاجه مليوناً و833 ألفاً و164 حاجّاً، من بينهم 221 ألفاً و854 من داخل السعودية، بحسب ما أعلنه حينها وزير الحج والعمرة السعودي توفيق الربيعة. (الأناضول، أسوشييتد برس، العربي الجديد)

غزة بلا أضحى... العدوان الإسرائيلي يقضي على مظاهر العيد
غزة بلا أضحى... العدوان الإسرائيلي يقضي على مظاهر العيد

العربي الجديد

timeمنذ 19 ساعات

  • العربي الجديد

غزة بلا أضحى... العدوان الإسرائيلي يقضي على مظاهر العيد

لن يمرّ عيد الأضحى في قطاع غزة هذا العام، الذي يشهد تفاقماً للمأساة الممتدة منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث تغيب كل مظاهر الفرح من ذبح ا لأضاحي وارتداء ملابس جديدة وتبادل الزيارات وغيرها تغيب مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى عن قطاع غزة للعام الثاني على التوالي، ويُخيّم الصمت على أزقة القطاع وشوارعه المدمّرة. لا هدايا وزّعت ولا أضاحي ذبحت ولا أطفال ارتدوا ثياباً جديدة. كل ما تبقى هو الدمار والخوف الذي يُسيطر على العائلات الفلسطينية، التي عانت جميعها الجوع والنزوح والتشرد، في ظل استمرار العمليات العسكرية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي في مناطق متفرقة من قطاع غزة. تحوّل العيد إلى مناسبة لتذكّر الأوجاع والشهداء بدلاً من تبادل التهاني والزيارات، خصوصاً مع استمرار الحصار الإسرائيلي المُطبق على القطاع. ويعيش سكان غزة ظروفاً إنسانية كارثية، وسط نقص حاد في المياه والكهرباء والأدوية والغذاء، في وقت تحذر فيه منظمات إنسانية من تفاقم الأوضاع مع استمرار التصعيد، وتدعو إلى فتح ممرات إنسانية فورية. يعيش جهاد عبد العزيز أبو رواع (53 عاماً) داخل خيمة مع أسرته النازحة من مخيم جباليا شمالي القطاع، في أحد مراكز النزوح غربي مدينة غزة، وسط ظروف حياتية صعبة. يقول: "في ظل استمرار الحرب، دمّر بيتنا وغابت عنا كل أجواء العيد من تناول الحلوى واستقبال الأقارب وغيرها من الطقوس الجميلة التي اعتدنا عليها". يضيف لـ "العربي الجديد": "الاحتلال دمّر بيوتنا وأحلامنا، وأصبح حلمنا في قطاع غزة الحصول على قارورة مياه أو طعام من تكيّة خيرية نسد بها رمق العائلة. منذ أكثر من شهرين ونحن نتضور جوعاً، وكأننا صيام ولا نتلقى سوى وجبة واحدة في اليوم، إما العدس أو المعكرونة". يتابع: "غزة هي المنطقة الوحيدة في الشرق الأوسط التي لا تعيش عيد الأضحى، فلا لحوم ولا حلويات، عدا عن النزوح الذي يرافقنا طوال الحرب. أطفالنا لا يرتدون ملابس جديدة على غرار أطفال آخرين. نناشد العالم وقف حمام الدم. نريد أن نعيش بكرامة كبقية الشعوب". يمر عيد الأضحى هذا العام قاسياً على أسماء عزام حجازي، بعدما استشهد زوجها إبراهيم عزام حجازي في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ودمر منزلها واضطرت إلى النزوح قسراً إلى إحدى مدارس الإيواء غرب مدينة غزة. تقول: "كان زوجي يشتري الملابس الجديدة لأطفالي الثلاثة في كل عيد ويُحضر الحلوى، لكن تبدّلت أوضاعنا هذا العيد وغابت الفرحة". تضيف لـ "العربي الجديد": "في ظل غياب زوجي، أحاول تعويض أولادي بأي شيء حتى لا يشعروا بالنقص، وأوفر لهم كل ما يطلبونه. العيد صعب في ظل غياب الزوج. أشعر كأنني فقدت عمري". من جهتها، تعيش أم هيثم أحمد واقعاً مريراً في مدرسة حمامة في حي الشيخ رضوان شمال غربي غزة، التي نزحت إليها منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2024، في ظل المجاعة التي تزداد حدتها يوماً بعد آخر. كما تعيش قلقاً مستمراً جراء اشتداد وتيرة القصف الإسرائيلي على مناطق مختلفة من القطاع. تقول لـ "العربي الجديد": "العيد فرحة للأطفال والنساء وكبار السن، لكن هذا العيد يأتي في ظروف مختلفة؛ فالأطفال يعانون آثاراً نفسية صعبة، وقد أنهك الجوع أجسادهم وأجساد الكبار. لم أستطع شراء ملابس جديدة لأطفالي على غير العادة. وأصبح الهم الأكبر الحصول على مياه الشرب والطعام". وتوضح أنّها نزحت مرّات عدة منذ بداية الحرب، ولم ينتهِ مسلسل النزوح بعد، مضيفةً: "بيتنا مُدمر بشكل كامل وليس لدينا مأوى، فكيف سنحتفل بالعيد ونحن خارج منزلنا؟ لن نستقبل الأقارب ولن نوزع الحلوى هذا العيد. نتمنى أن تمر هذه الأزمة على خير ونفرح بقدوم العيد كما كنا قبل الحرب". أخبار التحديثات الحية مجزرة بحق طالبي المساعدات في رفح بأول أيام عيد الأضحى أما الشاب مؤمن جبر، فقد خسر طفلته الوحيدة سيلا التي لم تتجاوز العام ونصف العام من العمر في ديسمبر/ كانون الأول 2024. ومنذ ذلك اليوم، لم يشعر بأي فرحة. يحكي بحزن: "من بعد سيلا، لم أشعر بأي عيد. مات الفرح في قلبي". وفي وقت لاحق من الشهر نفسه، دمر الاحتلال المنزل حيث كان يسكن وعائلته الصغيرة. ويسأل في حديثه لـ "العربي الجديد": "كيف يدخل الفرح قلبي في العيد بعدما فقدت طفلتي ومنزلي؟ ما زلت أعيش حالة من الخوف والقلق جراء القصف المستمر والنزوح من منطقة إلى أخرى". ويغيب عن هذا العيد ذبح الأضاحي، وهو أحد أبرز الطقوس الدينية في الأضحى، الذي يحرص عليه المسلمون حول العالم. ويقول صاحب مزرعة ومسلخ للماشية في غزة، أحمد سعيد العبسي: "في الأيام الأخيرة التي تسبق عيد الأضحى، كنا نُجهز الأضاحي ونوزعها على أصحابها، كما نجهز المسلخ الخاص بالذبح". يضيف لـ "العربي الجديد": "أجواء الذبح صبيحة العيد رائعة جداً. يتجمع الناس في المسلخ بمن فيهم الأطفال والسعادة ترتسم على وجوههم. لكن تغيب هذه المظاهر اليوم بعدما دمرت المزارع. لم يعد الخروف موجوداً ولا اللمة ولا الفرحة. نقضي أيامنا في طوابير المياه والطعام، بدلاً من ذبح الأضاحي". بعد الانتهاء من صلاة العيد، مدينة غزة، 6 يونيو 2025 (بشار طالب/ فرانس برس) يتابع حديثه بحسرة: "حتى المسلخ الذي نذبح فيه الأضاحي تضرر ولم يعد صالحاً كما قبل الحرب. اختفت كل ملامح الفرح، والأطفال لم يرتدوا الملابس الجديدة التي غابت أصلاً عن القطاع بسبب منع إدخالها بفعل إغلاق المعابر. نتمنى أن تنتهي هذه الحرب ونعود للأيام الجميلة التي كانت قبلها". حاله حال غالبية أهالي قطاع غزة، حرم الشاب خالد الرفاعي، للسنة الثانية على التوالي، من ذبح الأضحية. يقول لـ "العربي الجديد": "ذبح الأضحية يعد من أجمل اللحظات التي نعيشها في العيد. لكن هذا العام لا توجد أضاح، ولا نملك المال لشراء الأضحية. كيف نضحي؟ العيد يُقلّب علينا المواجع والذكريات الجميلة". أما الشاب أحمد أبو عيطة الذي يعمل في مجال الحلاقة، فيقول: "خلال الأسبوع الذي يسبق العيد، يكون المحل مليئاً بالشبان والأطفال الذين يستعدون لاستقبال العيد من خلال قص الشعر للظهور بأبهى حلة. أذكر أنني كنت أبقى في المحل حتى الظهر خلال اليوم الأول من العيد". يضيف أبو عيطة لـ "العربي الجديد": "في هذا العيد، لم أعد أملك صالون حلاقة، وأمارس عملي في خيمة. ولا يأتي الناس للحلاقة، خصوصاً أنهم يعيشون حالة من البؤس، بعدما شهدوا مرارة الحرب التي سرقت الفرحة من عقولنا وقلوبنا. لا أكاد أوفر متطلبات أطفالي من غذاء وملابس وغيرها". قضايا وناس التحديثات الحية عيد الأضحى في الضفة الغربية... العدوان الإسرائيلي يقصي الفرحة أما فاطمة محمد عايش، فتقول لـ "العربي الجديد": "حلّ العيد في ظل مجاعة وعدم توفر أدنى مقومات الحياة في قطاع غزة. غابت الفرحة عن جميع العائلات بمن فيهم عائلتي وأطفالي. لم نستطع إعداد الحلوى والكعك كما اعتدنا في كل عيد قبل الحرب. صار العيد مجرد ذكرى موجعة". تضيف لـ "العربي الجديد": "أصبحنا ننام ونستيقظ على أصوات القصف. مشاهد الدمار في شوارع القطاع تدمي القلوب، وتبعث حالة من اليأس في قلوبنا. حتى زيارة الأقارب أصبحت صعبة في العيد، فالخوف يسيطر علينا بسبب كثرة القصف الذي يطاول كل المناطق. بعض الأقارب موجودون في شمال القطاع والآخرون في جنوبه". أما الطفلة راما محمد صالح (13 عاماً)، فتتذكر أيام العيد قبل الحرب بشوقٍ قائلة: "كنا نؤدي صلاة العيد ونرتدي ملابس جديدة. ولا ننسى تناول الحلويات. أما في الوقت الحالي، فلا يوجد شيء. دمر الإسرائيليون كل الأماكن. العيد صار عبارة عن دمار وحزن. أتمنى أن تنتهي الحرب ونعود كما كنا". ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تواصل إسرائيل سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المكدسة على الحدود، ما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين. وكان المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، ينس لاركه، قد أكد أنّ "غزة هي المكان الأكثر جوعاً في العالم"، حيث 100% من السكان معرّضون لخطر المجاعة. وقال إنها "المنطقة المحددة الوحيدة، البلد أو القطاع المحدد الوحيد داخل بلد، حيث كل السكان معرّضون لخطر المجاعة. 100% من السكان معرّضون لخطر المجاعة".

عيد الأضحى في دمشق.. لقاءات تعيد الأمل وسط العادات المتوارثة
عيد الأضحى في دمشق.. لقاءات تعيد الأمل وسط العادات المتوارثة

العربي الجديد

timeمنذ 19 ساعات

  • العربي الجديد

عيد الأضحى في دمشق.. لقاءات تعيد الأمل وسط العادات المتوارثة

في صباح عيد الأضحى، تفتح دمشق أبوابها لفرحة طال انتظارها، وسط أجواء تنبض بالأمل بعد سنوات من الغياب والفقد. ومع الساعات الأولى من النهار، يتوافد الدمشقيون إلى المساجد لأداء صلاة العيد ، فتمتلئ الساحات بالمصلين وتعلو التكبيرات، ثم تنطلق العائلات لزيارة القبور ، في طقسٍ يحرصون عليه؛ وفاءً لأحبّتهم الذين رحلوا، وطلباً للرحمة لهم. في قلب العاصمة، يجتمع الآلاف في باحات الجامع الأموي ، أحد أقدم المساجد في العالم الإسلامي، ليستعيدوا في أجوائه روحانية العيد، قبل أن تبدأ الزيارات العائلية التي تشكل أحد أهم ملامح المناسبة، إذ تتوافد الأسر إلى منازل الأقارب والأصدقاء، وسط تبادل التهاني وذكريات الماضي التي تأبى أن تغيب. أجواء مفعمة بالمحبة في دمشق (العربي الجديد) عيد الأضحى...لقاء الأحبة بالنسبة للبعض، لا يقتصر عيد الأضحى على أداء الطقوس المعتادة، بل يحمل معه لحظات استثنائية تعيد لمّ شمل العائلات بعد سنوات من الغياب القسري. في أحد أحياء دمشق القديمة، جلست منيرة الخالدي، البالغة من العمر 70 سنةً، أمام منزلها تنتظر اللقاء الذي حلمت به طويلاً، وحين دخل أحفادها من الباب، اختلطت ضحكاتهم بدموعها، وقالت بصوت مفعم بالحنين: "لم أصدق أن هذا اليوم سيأتي... العيد لا يكتمل دونكم". تحاول الجدة، التي تقيم في حيّ المهاجرين الدمشقي، احتواء اللحظة؛ فتقدّم لأحفادها المعمول المحشو بالتمر الذي اعتادت تحضيره في ليالي العيد، ثم تبدأ بسرد قصص الطفولة كما اعتادت، كأنها تعيد إليهم ذكريات لم يعيشوها، لكنّهم سمعوا عنها مراراً عبر مكالمات الفيديو. العيد فرصة للقاء الأحبة وتبادل الزيارات (العربي الجديد) أما ابنتها يارا قدور، البالغة من العمر 38 سنةً، التي عادت إلى دمشق لقضاء العيد، فتقول لـ"العربي الجديد": "عندما رأيت أمي تحتضن أحفادها، شعرتُ أن العيد استعاد معناه الحقيقي... العودة ليست مجرد رحلة، بل استعادة لحياة افتقدناها طويلاً". بدورها، تعبر آية العبد الله، الطفلة ذات الثماني سنوات التي ولدت خارج سورية، عن فرحتها بزيارة دمشق لأول مرة، وتقول لـ"العربي الجديد": "كنت أتواصل مع جدتي عبر الفيديو، لكن الآن أنا هنا، أعيش اللحظات التي كانت تحكي لي عنها. دمشق مليئة بالمفاجآت، من الحلويات الدمشقية إلى الملابس الجديدة التي اخترتها مع جدتي". تفاصيل صغيرة رغم الظروف التي تمرّ بها البلاد، يبقى العيد في دمشق محافظاً على طقوسه المتوارثة. في الأحياء القديمة، يتبادل الجيران أطباق الحلويات التقليدية، فيما تستمر عادة تقديم الأضاحي وتوزيعها على المحتاجين في مشهد يجسّد قيم التضامن الاجتماعي. أما الأطفال، فيرتدون ملابس العيد الجديدة، ويتجولون بين الحارات في مشاهد تعبر عن فرحة بريئة، رغم كل التحديات. يحافظ الدمشقيون على عادات العيد رغم التحديات (العربي الجديد) وتستعيد بعض العائلات الدمشقية لحظات اللقاء بعد سنوات من الفُرقة، إذ يقول سائر المحمود، البالغ من العمر 50 سنة وربّ أسرة، لـ"العربي الجديد": "العيد هو فرصة للتواصل، لإعادة اللحمة بين أفراد العائلة، حتى بين أولئك الذين تفرّقوا لسنوات. نجتمع صباح العيد حول مائدة الإفطار التقليدية، ونستعيد الطقوس القديمة مثل زيارة القبور وذبح الأضاحي، ثم توزيعها على المحتاجين، تماماً كما كان يفعل آباؤنا وأجدادنا". يلمّ العيد شمل العائلات بعد سنوات الغياب (العربي الجديد) عيد الأضحى في دمشق ليس مناسبة دينية فحسب، بل هو فسحة للفرح واستعادة العلاقات التي غيّبتها الظروف. ورغم كل التحديات، تبقى تفاصيله نابضة بالحياة، إذ القلوب تتشبّث بالأمل، وترفض أن تفقد تقاليدها التي تشكل جزءاً من هويتها الاجتماعية والثقافية. لا تكتمل فرحة العيد في دمشق دون المشاهد الحيّة للساحات التي تتحوّل إلى مساحات مليئة بالألوان والضحكات، إذ تتوافد العائلات إلى المنتزهات والحدائق العامة لقضاء وقت ممتع. في ساحات باب توما والمزة وحديقة تشرين، يعلو صوت الأطفال وهم يتنقلون بين الألعاب المختلفة، من المراجيح التقليدية إلى عربات القطن الحلو التي تحمل نكهة الطفولة وذكريات الأعياد الماضية. العيدُ، بالنسبة للأطفال، فرصة للانطلاق واللعب بحرية، فيملؤون الساحات بضحكاتهم، ويتسابقون في ركوب الدراجات الصغيرة، ويشاركون في العروض التي ينظمها الفنانون الشعبيون، من عروض الدمى إلى ألعاب الخفّة، ما يضفي على الأجواء مزيداً من البهجة والحيوية. العيد بالنسبة للأطفال فرصة للانطلاق واللعب بحرية (العربي الجديد) أما الكبار، فيفضّلون الجلوس في المقاهي المطلّة على الساحات، يتبادلون الأحاديث ويتأملون أطفالهم وهم يلهون، في مشهد يجسّد جوهر العيد بصفته فرصةً للفرح ولمّ الشمل العائلي، وسط أجواء بسيطة، لكنّها مفعمة بالحياة والدفء.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store