
باحثون أميركيون: التكنولوجيا تقرب العالم من الحرب النووية
جاء في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست ، أنه إذا اندلعت حرب نووية فلن يكون ذلك بفعل قرار متعمد، بل نتيجة خطأ غير مقصود ناجم عن خلل تقني أو خطأ بشري أو سوء تقدير.
ولفت المقال إلى أن هناك 9 دول نووية ، وأن بعضها يُبقي على هذه الأسلحة في حالة تأهب قصوى، ما يعني أنه يمكن إطلاقها في دقائق معدودة في حال رصد تهديد محتمل، حقيقة كان أم وهما.
ويزيد هذا التأهب الدائم من احتمالات وقوع خطأ أو تصعيد غير مقصود، ويجعل النظام النووي العالمي رهينا بقدرة البشر والتقنيات على تفادي الزلل، وهو أمر ثبت عبر التاريخ أنه غير مضمون، حسب المقال.
ويعد هذا المقال الثاني ضمن سلسلة أعدّها اتحاد العلماء الأميركيين، تتناول المشهد النووي العالمي الحالي وتقارنه بمرحلة الحرب الباردة.
وقد شارك في كتابة المقال كل من مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأميركيين هانز كريستنسن ومساعده مات كوردا، إلى جانب الباحثة في الاتحاد إليانا جونز، والزميلة في الاتحاد آلي مالوني.
حوادث الحرب الباردة
وجاء في المقال، أن العالم اقترب من الحرب النووية عدة مرات أثناء الحرب الباردة، ولكن الخطر اليوم أكثر تعقيدا مما مضى نظرا لتعدد الدول النووية والتوترات الجيوسياسية وتطور الأسلحة والتكنولوجيا.
وأفاد المقال، أن أنظمة الإنذار المبكر الأميركية أصدرت بين 1960 و1980 اثني عشر إنذارا كاذبا، فمثلا في نوفمبر/تشرين الثاني 1979، تسبب إدخال شريط تدريبي يحاكي هجوما سوفياتيا في الحاسوب الرئيسي لمركز قيادة الدفاع الجوي الأميركي، في تفسير نظام البيانات على أنها هجوم نووي وشيك.
وفي يونيو/حزيران 1980 نبهت الأنظمة بتوجه أكثر من ألفي صاروخ سوفياتي نحو الولايات المتحدة، وكان السبب شريحة إلكترونية معطوبة ولدت أرقاما عشوائية، ما تسبب في حالة ذعر مؤقتة لدى المسؤولين الأميركيين دامت 32 دقيقة، خاصة بعد إنذار خاطئ سابق قبل شهر من هذه الحادثة.
وذكر المقال أيضا قرارا مصيريا اتخذه ضابط سوفياتي يدعى ستانيسلاف بيتروف في سبتمبر/أيلول 1983 أنقذ العالم من حرب نووية، إذ تجاهل إنذارا بتوجه صواريخ أميركية نحو بلاده بناء على المعطيات الموجودة، وهو ما ثبت صحته لاحقا.
تصاعد التوترات
وأكد المقال أن التكنولوجيا قد تقدمت منذ ذلك الوقت، ولكنها أصبحت تؤدي إلى مشاكل مختلفة، فمثلا أصبحت الغواصات النووية -بفضل هذا التقدم- قادرة على إخفاء وجودها في المياه، ما تسبب في حادثة فبراير/شباط 2009، حين اصطدمت غواصتان نوويتان إحداهما فرنسية والأخرى بريطانية في المحيط الأطلسي ، وكانت كل منهما تجهل وجود الأخرى.
كما أضاف المقال، أن بعض الحوادث كانت ناتجة عن أخطاء لوجستية، ففي عام 2007 نقلت قاذفة أميركية داخل البلاد 6 صواريخ كروز برؤوس نووية بدلا من صواريخ تدريبية غير مسلحة.
وبقيت القاذفة غير مؤمنة على مدرج القاعدة العسكرية لأكثر من 36 ساعة قبل أن يكتشف ضابط وجود الأسلحة النووية، وهو ما وصفه مسؤولون أميركيون آنذاك بأنه "خرق غير مسبوق" لإجراءات الأمن النووي.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2010، خرج 50 صاروخا نوويا من طراز "مينتمان 3" في قاعدة وارن الجوية بولاية وايومنغ الأميركية عن الخدمة، وقد أُبلغ الرئيس الأميركي بالحادثة خلال ساعات.
وتبين لاحقا أن الخلل لم يكن بهجوم إلكتروني من روسيا أو الصين أو كوريا الشمالية، بل بسبب لوحة إلكترونية ركبت بشكل غير صحيح أثناء الصيانة، وكان من الممكن أن يؤدي الأمر إلى تصعيد نووي خطِر، وفق المقال.
وفي مارس/آذار 2022، أطلقت الهند صاروخا غير مسلح نحو باكستان خطأً، وقد مر الحادث دون رد عسكري، غير أنه كشف عن مدى سهولة نشوب نزاع نووي بفعل خطأ تقني أو بشري.
وبعد عامين، كشفت محكمة هندية أن طاقم الإطلاق الهندي كان يقوم بعرض تدريبي عملي أمام ضابط كبير، وخلال ذلك نسوا فصل جهاز الأمان الخاص بالصاروخ، ما أدى إلى إطلاقه ولكن بدون رأس حربي، حسب المقال.
أخطار في الفضاء
وحذر المقال من أن الخط الفاصل بين القدرات النووية والتقليدية يزداد ضبابية، خصوصا في الفضاء، حيث تستخدم الأقمار الصناعية لأغراض مزدوجة عسكرية ومدنية.
ولفت المقال إلى أن هذه الأقمار لها دور حيوي في قيادة وإدارة الأسلحة النووية الأميركية، وأي هجوم أو تعطيل لها قد يؤدي إلى تصعيد سريع.
وفي هذا الصدد أشار إلى حادثة وقعت عام 2019، حين أطلقت روسيا قمرا صناعيا بدأ يتتبع قمر تجسس أميركي، ما اعتبره الجيش الأميركي تهديدا مباشرا وغير مسبوق.
وخلص المقال إلى أن العالم بات أكثر اعتمادا على الأنظمة الإلكترونية المعقّدة والمعرضة للخطأ، وأن احتمالات التصعيد غير المقصود أصبحت أكبر مما كانت عليه في أي وقت مضى، ودعا إلى مراجعة العقيدة النووية الدولية وتعزيز آليات الأمان والحوار الإستراتيجي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
علم الفيزياء يشرح القوة الهائلة للصواريخ الباليستية
تعد الصواريخ الباليستية من أخطر وأعقد الأسلحة التي صنعها الإنسان، إذ تستطيع أن تحمل رؤوسا حربية مدمرة وتسافر إلى مسافات شاسعة بسرعات خيالية قد تتجاوز سرعة الصوت بمرات عدة. لكن ما السر وراء هذه القوة وهذه السرعة؟ وكيف تستطيع هذه القطعة المعدنية أن ترتفع في السماء وتخترق الفضاء، ثم تعود إلى الأرض وتصيب هدفها بدقة؟ الجواب يكمن في "الفيزياء"، ورغم أنه علم معقد فإننا سنحاول أن نوضح المبادئ الأساسية بطريقة مبسطة وسلسة دون الدخول في تعقيدات رياضية. قانون نيوتن الثالث الصاروخ الباليستي هو نوع من الصواريخ يطلق في البداية بواسطة محرك صاروخي قوي، ثم ينفصل عن محركه ويسير في صورة قوس ضخم في الغلاف الجوي أو حتى قد يخرج إلى الفضاء، ويعود ليسقط نحو هدفه بقوة الجاذبية كما تسقط كرة رميتها في الهواء إلى صديق يقف على مسافة أمتار عدة مثلا، ولكن على نطاق هائل. ولفهم قوته نحتاج أن نفهم 3 مراحل رئيسية يمر بها، الأولى هي مرحلة الدفع (الإقلاع)، وينطلق فيها الصاروخ من الأرض باستخدام محركات قوية، والثانية هي مرحلة الطيران الباليستي (التحليق)، ويسافر فيها الصاروخ في قوس عال يشبه حركة القذيفة، وأخيرا مرحلة العودة (إعادة الدخول)، ويعود فيها الصاروخ نحو الأرض ويسرع بشدة ليسقط على الهدف. في البداية، الصاروخ يحتاج إلى التغلب على الجاذبية الأرضية التي تسحبه إلى الأسفل، وللقيام بذلك يستخدم محركا صاروخيا يولد قوة دفع ضخمة، بسرعة قد تتجاوز 25 ألف كيلومتر في الساعة. هذا المحرك يعمل من خلال مبدأ بسيط في الفيزياء يقول "لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه" (قانون نيوتن الثالث)، فعندما يحرق الصاروخ الوقود تندفع الغازات الساخنة من الأسفل بسرعة هائلة، ونتيجة لذلك يُدفع الصاروخ في الاتجاه المعاكس، أي إلى الأعلى. تخيل أن تقف على لوح تزلج أو ترتدي حذاء بعجلات وتقذف كرة ثقيلة إلى الخلف ستلاحظ أنك تتحرك للأمام، هذا تماما ما يحدث للصاروخ، لكن بدل كرة هناك أطنان من الغازات المتفجرة تُدفع بسرعة خرافية. القصور الذاتي بعد أن يصل الصاروخ إلى ارتفاع معين وينفصل عن المحرك يدخل في مرحلة تشبه إلى حد كبير حركة القذيفة، ولهذا سمي "باليستي"، لأن كلمة "باليستي" مأخوذة من مصطلح قديم يشير إلى مسار السهام أو المقذوفات. في هذه المرحلة لا يعمل أي محرك، لكن الصاروخ يطفو في مسار منحن بسبب الدفع الذي حصل عليه في البداية، وهو هنا يعمل عبر قانون القصور الذاتي الذي يقول إن الجسم المتحرك سيستمر في حركته ما لم تعترضه قوة خارجية تؤثر على حالته، فمثلا الكرة المتحركة لا تتوقف إلا إذا اصطدمت بشيء أو وُجد احتكاك، والسيارة لا تتوقف فجأة إلا إذا ضغطنا على الفرامل. وفي الحالات بعيدة المدى يرتفع الصاروخ إلى آلاف الكيلومترات، بل قد يخرج إلى خارج الغلاف الجوي الأرضي، أي إلى الفضاء القريب، وعلى هذا الارتفاع لا توجد مقاومة هواء كبيرة ولا توجد قوة تبطئه، وبالتالي يظل الصاروخ يتحرك بسرعة عالية دون أن يحتاج إلى أي طاقة إضافية. وأثناء تحليقه تؤثر قوة الجاذبية الأرضية على الصاروخ، فيرتفع تدريجيا حتى يصل إلى أعلى نقطة في القوس، ثم تنتصر الجاذبية، وتبدأ من جديد بسحبه إلى الأسفل، هذه العودة للأسفل تُستغل في المرحلة الثالثة. الطاقة الحركية حين يبدأ الصاروخ بالهبوط يدخل الغلاف الجوي بسرعة رهيبة، وقد تصل سرعته إلى 20 ضعف سرعة الصوت (نحو 24 ألف كيلومتر في الساعة)، هذه السرعة تولّد حرارة هائلة بسبب احتكاك الصاروخ بجزيئات الهواء، تماما كما تحترق النيازك عند دخولها الغلاف الجوي، لذلك يجب أن يكون رأس الصاروخ مغطى بمواد خاصة مقاومة للحرارة تسمى "الدروع الحرارية" لحمايته من الاحتراق. بعد اختراق الغلاف الجوي يكون الصاروخ في مسار السقوط الحر نحو الهدف، وبسبب سرعته الهائلة يكون من الصعب اعتراضه، ولهذا يعد سلاحا مرعبا. لكن، لماذا الصاروخ الباليستي سريع جدا أثناء السقوط؟ عند إطلاقه يُستخدم وقود عالي الطاقة يعطيه تسارعا كبيرا ليصل إلى ارتفاع هائل كما أسلفنا، ويتسبب هذا الارتفاع في حصول الصواريخ الباليستية على سرعة كبيرة، وهناك سبب علمي لذلك، حيث يسافر الصاروخ إلى أعلى ويكتسب ارتفاعا، محولا الطاقة الكيميائية من وقود الصاروخ إلى "طاقة حركية" تدفعه إلى أعلى، وكلما ارتفع حصل على "طاقة وضع أعلى" (تلك التي يكتسبها الجسم بتأثير الجاذبية عليه). طاقة الوضع هي الطاقة التي يملكها الجسم بسبب موقعه أو ارتفاعه، ومثلا يمتلك حجر في يدك قبل أن ترميه طاقة وضع أعلى مقارنة بوجوده على الأرض، وكلما كان الجسم أعلى كانت طاقة وضعه أكبر، لأنه يمكن أن يسقط بقوة أكبر. ولأن الصاروخ يصل إلى طبقات الجو العليا أو الفضاء الخارجي تكون لديه طاقة وضع كبيرة جدا بالنسبة للأرض، وأثناء دخوله الغلاف الجوي مرة أخرى تعمل الجاذبية على تسريع وصول الصاروخ إلى هدفه وتحويل هذه الطاقة المخزنة إلى طاقة حركية، مما يزيد سرعته أثناء هبوطه. مدى متنوع وفي هذا السياق، فإن للفيزياء دورا مهما في تصميم الصاروخ، حيث يدرس علماء الفيزياء بدقة قوة الدفع المطلوبة للوصول إلى مسافات عالية، وتأثير الجاذبية الأرضية على المسار، وشكل الرأس الأمامي ليكون أكثر مقاومة للحرارة والضغط، وزاوية الإطلاق المثالية للحصول على أقصى مدى، وكيف يمكن للصاروخ أن ينجو من الحرارة الشديدة عند العودة. وما سبق يمكّن العلماء والمهندسين من تصنيع الصواريخ الباليستية في مدى متنوع جدا، فتبدأ من مدى قصير ينخفض عن ألف كيلومتر، لكنها ترتفع لتكون عابرة للقارات بحيث يبلغ مداها أكثر من 5500 كلم وقادرة على ضرب قارات بعيدة. إعلان تعلمنا قبل قليل أن الصاروخ الباليستي لا يطير في خط مستقيم، بل يطلَق بزاوية محددة تجعله يسير في مسار قوسي، هذه الزاوية مدروسة بحيث تحقق توازنا بين الارتفاع والمسافة. وبالإضافة إلى قوة المحرك يمكن للعلماء والمهندسين ضبط هذين المعيارين للحصول على المدى المناسب، والذي يمكن أن يكون عابرا للقارات كما أسلفنا بسبب قوة الدفع الهائلة التي تتسبب في ارتفاع هائل، الأمر الذي يطيل مسافة المسار القوسي. ولفهم الفكرة تخيل أنك تلقي بكرة إلى صديق يقف على مسافة عشرات الأمتار، ستقذفها بأكبر قوة لديك، لكن ليس في اتجاهه مباشرة، بل للأعلى في مسار قوسي، لكن ذلك الارتفاع إلى الأعلى يعطي الكرة فرصة للهبوط على مسافة أبعد مما لو كنت قد أطلقت الكرة مباشرة ناحية صديقك. سلاح للردع ولهذا التنوع في المسافة ما بين البعيد جدا والمتوسط والقريب أهمية إستراتيجية شديدة لكل دولة أو جهة تمتلك صواريخ باليستية، حيث تتمكن بالتبعية من تحديد مستوى الردع الذي تريده. فإلى جانب ما سبق يمكن للصواريخ الباليستية أن تحمل أنواعا مختلفة من الرؤوس الحربية: التقليدية، والكيميائية أو البيولوجية، والنووية. كما أن بعض الصواريخ الباليستية مجهزة بتقنية المركبات المتعددة الأهداف المستقلة، أي أن الصاروخ الباليستي لا يحمل رأسا حربيا واحدا فقط، بل عدة رؤوس حربية لضرب أهداف مختلفة تنطلق قبل وصول رأس الصاروخ إلى المنطقة الجغرافية محل الاستهداف. ويفيد كل هذا في أمر مهم، وهو استخدام الصواريخ الباليستية بوصفها سلاح ردع، حيث تعمل القوة التدميرية الهائلة وسرعة الصواريخ الباليستية وتنوع المسافة كرادع قوي ضد الخصوم، مما يجعلها حجر الزاوية في إستراتيجيات الدفاع الحديثة.


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
شاهد الأب الروحي للذكاء الاصطناعي يحذر من خطره على البشر
يقف العديد من العلماء خلف ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي بالشكل الذي نعهده اليوم، ومن أبرزهم يوشوا بنجيو الذي ساهمت أبحاثه بشكل كبير في تطوير شبكات التعلم العميق والشبكات العصبية الصناعية، وهي التي شكلت بذرة الذكاء الاصطناعي، لذلك يصفه الكثيرون بأنه الأب الروحي للذكاء الاصطناعي. كما أن يوشوا بنيجو يعد أكثر عالم تم اقتباس أحاديثه والإشارة إليها في الأبحاث المختلفة المتعلقة بعلوم الحاسب والذكاء الاصطناعي، وهو صاحب أعلى نتيجة في مؤشر الثقل والتأثير العلمي في مجال الذكاء الاصطناعي. ألقى بنجيو مؤخرًا محاضرة قصيرة ضمن فعاليات مؤتمر "تيد" (TED) حول مخاطر الذكاء الاصطناعي والتطور الذي وصل إليه بشكل كبير، وخلالها وضح جزءًا كبيرًا من المخاطر المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وتطوره بالشكل الحالي. الذكاء الاصطناعي خطره يتعدى تهديد الوظائف يشير بنجيو في محاضرته إلى مجموعة من المخاطر المتنوعة التي تأتي من الذكاء الاصطناعي، وقسمها بين مخاطر قريبة الأمد وأخرى بعيدة، ومن بين المخاطر القريبة التي أشار إليها هو سرقة الوظائف، فضلًا عن توليد الشائعات والترويج لها بشكل أقرب إلى الحقيقة. ومن بين المخاطر التي تحدث عنها بنيجو هي استخدام الذكاء الاصطناعي لبناء الأسلحة من قبل الإرهابيين أو عامة الشعب على حد سواء، مشيرًا إلى ارتفاع احتمالية حدوث هذا الأمر وفق تقرير عن هذه الاحتمالية في أنظمة "أوبن إيه آي". ويذكر أن بنجيو قام بالتوقيع على عريضة لإيقاف التطور السريع للذكاء الاصطناعي إلى جانب مجموعة من المعارضين والمتخوفين من هذه السرعة، وفي هذه العريضة أشار بنجيو بصفته أحد أبرز علماء الذكاء الاصطناعي إلى أن هذه التقنية قد تؤدي إلى انقراض البشرية كما نعرفها. خط رفيع بين البشر والذكاء الاصطناعي ويرى بنيجو أن ما يفصلنا عن الذكاء الاصطناعي الحالي هو خط رفيع للغاية يتمثل في غياب الحرية والاستقلالية لدى تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك لأن الذكاء الاصطناعي الحالي لا يستطيع التفكير والتخطيط بشكل كامل مثل البشر. ولكن سرعة تطور الذكاء الاصطناعي تخيف بنجيو، إذ يرى أن نماذج الذكاء الاصطناعي تتطور بشكل سريع في قدراتها والمهام التي تستطيع إنجازها، ومن بينها التخطيط بشكل بسيط، لذا يتوقع بأن يصل الذكاء الاصطناعي قريبًا إلى نقطة الحرية الكاملة والقدرة على وضع خطط طويلة الأمد تتجاوز قدرات البشر. وفي خضم حديثه أشار إلى دراسة نشرت من قبل معهد "أبولو" (Apollo) للدراسات، وقد وجدت هذه الدراسة أن نماذج الذكاء الاصطناعي تميل إلى الكذب والخداع من أجل حماية نفسها من المخاطر التي تهدد وجودها وتقوضه. اختتم بنجيو حديثه بأن عمليات تطوير الذكاء الاصطناعي والتجارب التي تتم عليه تتعامل مع مخاوف الحرية الكاملة للذكاء الاصطناعي بشكل مهمل وغير جاد أو مدرك للخطر المحدق بمثل هذه التقنية، إذ يرى بنيجو أن الشركات تحاول جاهدةً تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل يعطيه الحرية الكاملة التي قد تفضي إلى انقراض البشر.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
علماء يبتكرون بطاريات "تتنفس" ثاني أكسيد الكربون
أعلن فريق من الباحثين من جامعة سيري البريطانية عن خطوة مهمة نحو عالم أكثر استدامة تتمثل بنجاحهم في تطوير نموذج أولي مُحسّن لبطارية "ليثيوم-ثاني أكسيد الكربون". يقول دانيال كوماندور الحائز على الزمالة البحثية في كلية الكيمياء والهندسة الكيميائية، والمتخصص في توليد الطاقة المستدامة وتخزينها "لقد انطلقنا نحو ابتكار تقنية بطاريات صديقة للبيئة، إذ تمكنّا من تحسين بطارية (ليثيوم-ثاني أكسيد الكربون) فهي لا تخزن الطاقة وحسب وإنما تختزن ثاني أكسيد الكربون أثناء ذلك". سر المُحفِّز الفعّال يشرح كوماندور المشارك بإعداد الدراسة في تصريحات حصرية للجزيرة نت "لطالما عانت بطاريات (ليثيوم-ثاني أكسيد الكربون) من مشكلة في عكس ناتج التفاعل بين الليثيوم وثاني أكسيد الكربون المٌنتج لكربونات الليثيوم. ويحتاج عكسه (أي عكس مسار التفاعل) إلى محفز فعّال، وهو مادة كيميائية تخفض حاجز طاقة التفاعل العكسي". وعلى عكس البطاريات التقليدية مثل (ليثيوم-أيون) تعتمد بطاريات (ليثيوم-ثاني أكسيد الكربون) على تفاعل كيميائي بين الليثيوم وغاز ثاني أكسيد الكربون لتكوين مُركب يُعرف باسم كربونات الليثيوم، وخلال هذا التفاعل تنطلق الطاقة اللازمة أو الكهرباء. وفي المقابل يُحتجز ثاني أكسيد الكربون من الجو داخل البطارية، أي أن البطارية كأنها "تتنفس" ثاني أكسيد الكربون أثناء تشغيلها. وتمثل عملية إعادة الشحن ضرورة لا غنى عنها للبطاريات من أجل تحقيق انتشار تجاري، لكن إعادة تحويل كربونات الليثيوم الناتجة إلى مكوناتها الأساسية عند إعادة شحن البطارية وقفت عائقًا منيعًا لفترة، لأنها تتطلب طاقة عالية. بحسب الدراسة -التي نشرها الفريق في دورية "أدفانسد ساينس"- فالتفاعل الكيميائي صعب العكس يشبه صعود تل بالدراجة، بينما يعمل المحفز الفعّال في الكيمياء على تسطيح هذا التل، مما يسهل الوصول إلى القمة والاستمرار بسلاسة، أي يسهل من إمكانية سير التفاعل إلى الخلف مرة أخرى. وقد نجح الباحثون في استبدال المحفزات المكلفة بمادة رخيصة نسبيًا تُدعى "فوسفوموليبدات السيزيوم" وتقدم خصائص تركيبية وكيميائية استثنائية. ويقول كوماندور "إن فوسفوموليبدات السيزيوم أقل تكلفة، وتعمل كمحفز جيد لأن جزء الفوسفوموليبدات يُشكل سطحًا مثاليًا لتثبيت المتفاعلات عليه، أما السيزيوم فيُساهم في تثبيت البنية لدورات تشغيل طويلة المدى". بطارية تتنفس السموم بفضل استخدام هذا المحفز الجديد حافظت البطارية الجديدة على كفاءتها لأكثر من 100 دورة شحن وتفريغ، وهو رقم كبير نسبيًا لبطاريات الليثيوم-ثاني أكسيد الكربون التي عادةً ما تنهار بعد عشرات الدورات فقط. كما تمكّن الفريق من مراقبة التفاعل العكسي بدقة عبر تقنيات تصوير متقدمة. ويعلق كوماندور "كان من اللافت رؤية مدى فعالية المُحفز في عكس تراكم كربونات الليثيوم بعد إعادة الشحن. ولاحظنا هذا بعد أن شحنّا البطارية ثم فتحناها لفحص القطب تحت المجهر الإلكتروني. لقد نجح في إزالة معظم ناتج التفريغ، مما يُظهر أن التفاعل سار عكسيًا بدرجة عالية". وقد أظهرت النماذج الحاسوبية أن الطاقة اللازمة لتثبيت جزيئات ثاني أكسيد الكربون على سطح المحفز كانت أقل من تلك المرتبطة بالبلاتين، مما يدل على جودة سطح المحفز الجديد وقدرته على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتهيئته للتفاعل. تحدي البطارية النظيفة رغم النتائج الواعدة، يؤكد الفريق البحثي أن ثمة خطوات كثيرة قبل الوصول إلى منتج تجاري يُباع في الأسواق. وأبرز هذه التحديات تتعلق بظروف التشغيل الواقعية، ويشرح كوماندور "تكلفة المحفز كانت حاجزًا مهمًا يعوق التسويق التجاري، لكن التحدي الأكبر يكمن في اختبار البطاريات عند ضغط جزئي أقل لثاني أكسيد الكربون. فقد اختبرنا الخلايا عند ثاني أكسيد الكربون بضغط 1 بار، وهو ضغط مثالي". والخطوة التالية هي معرفة ما إذا كانت ستعمل البطارية بشكل جيد عند 0.1 بار، حينها ستتمكن من التقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من عوادم السيارات أو المصانع على سبيل المثال. أما عند 0.0004 بار فسيُمكن استخدامها لالتقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء في أي مكان. وتأتي إحدى الخطط المستقبلية للفريق البحثي في استبدال عنصر السيزيوم بعناصر أقل تكلفة، مما يُساهم في خفض الكلفة الإجمالية للبطارية دون التأثير على كفاءتها. ويضيف كوماندور "تجف الخلايا أيضًا لأنها مفتوحة، لذا نحتاج إلى تصميم أغلفة تسمح بدخول ثاني أكسيد الكربون دون أن يجف الإلكتروليت (الضروري في مكونات البطارية لإنتاج الطاقة والذي يؤدي جفافه إلى انهيار البطارية)". وبعيدًا عن كوكبنا، يمكن أن يكون لبطاريات الليثيوم-ثاني أكسيد الكربون دور محوري في مهمات الفضاء طويلة المدى، خاصة على كوكب كالمريخ، حيث يُشكل غاز ثاني أكسيد الكربون نسبة 95% من غلافه الجوي، مما يجعله بيئة مثالية لهذه البطاريات. إن ابتكار بطاريات الليثيوم-ثاني أكسيد الكربون ليس مجرد تطوير تقني، بل يمثل قفزة نوعية في ربط الحلول البيئية بتقنيات تخزين الطاقة. إنها معادلة مثالية لعالم يعاني من أزمات المناخ والطاقة في نفس الوقت.