logo
علم الفيزياء يشرح القوة الهائلة للصواريخ الباليستية

علم الفيزياء يشرح القوة الهائلة للصواريخ الباليستية

الجزيرةمنذ 11 ساعات

تعد الصواريخ الباليستية من أخطر وأعقد الأسلحة التي صنعها الإنسان، إذ تستطيع أن تحمل رؤوسا حربية مدمرة وتسافر إلى مسافات شاسعة بسرعات خيالية قد تتجاوز سرعة الصوت بمرات عدة.
لكن ما السر وراء هذه القوة وهذه السرعة؟ وكيف تستطيع هذه القطعة المعدنية أن ترتفع في السماء وتخترق الفضاء، ثم تعود إلى الأرض وتصيب هدفها بدقة؟
الجواب يكمن في "الفيزياء"، ورغم أنه علم معقد فإننا سنحاول أن نوضح المبادئ الأساسية بطريقة مبسطة وسلسة دون الدخول في تعقيدات رياضية.
قانون نيوتن الثالث
الصاروخ الباليستي هو نوع من الصواريخ يطلق في البداية بواسطة محرك صاروخي قوي، ثم ينفصل عن محركه ويسير في صورة قوس ضخم في الغلاف الجوي أو حتى قد يخرج إلى الفضاء، ويعود ليسقط نحو هدفه بقوة الجاذبية كما تسقط كرة رميتها في الهواء إلى صديق يقف على مسافة أمتار عدة مثلا، ولكن على نطاق هائل.
ولفهم قوته نحتاج أن نفهم 3 مراحل رئيسية يمر بها، الأولى هي مرحلة الدفع (الإقلاع)، وينطلق فيها الصاروخ من الأرض باستخدام محركات قوية، والثانية هي مرحلة الطيران الباليستي (التحليق)، ويسافر فيها الصاروخ في قوس عال يشبه حركة القذيفة، وأخيرا مرحلة العودة (إعادة الدخول)، ويعود فيها الصاروخ نحو الأرض ويسرع بشدة ليسقط على الهدف.
في البداية، الصاروخ يحتاج إلى التغلب على الجاذبية الأرضية التي تسحبه إلى الأسفل، وللقيام بذلك يستخدم محركا صاروخيا يولد قوة دفع ضخمة، بسرعة قد تتجاوز 25 ألف كيلومتر في الساعة.
هذا المحرك يعمل من خلال مبدأ بسيط في الفيزياء يقول "لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه" (قانون نيوتن الثالث)، فعندما يحرق الصاروخ الوقود تندفع الغازات الساخنة من الأسفل بسرعة هائلة، ونتيجة لذلك يُدفع الصاروخ في الاتجاه المعاكس، أي إلى الأعلى.
تخيل أن تقف على لوح تزلج أو ترتدي حذاء بعجلات وتقذف كرة ثقيلة إلى الخلف ستلاحظ أنك تتحرك للأمام، هذا تماما ما يحدث للصاروخ، لكن بدل كرة هناك أطنان من الغازات المتفجرة تُدفع بسرعة خرافية.
القصور الذاتي
بعد أن يصل الصاروخ إلى ارتفاع معين وينفصل عن المحرك يدخل في مرحلة تشبه إلى حد كبير حركة القذيفة، ولهذا سمي "باليستي"، لأن كلمة "باليستي" مأخوذة من مصطلح قديم يشير إلى مسار السهام أو المقذوفات.
في هذه المرحلة لا يعمل أي محرك، لكن الصاروخ يطفو في مسار منحن بسبب الدفع الذي حصل عليه في البداية، وهو هنا يعمل عبر قانون القصور الذاتي الذي يقول إن الجسم المتحرك سيستمر في حركته ما لم تعترضه قوة خارجية تؤثر على حالته، فمثلا الكرة المتحركة لا تتوقف إلا إذا اصطدمت بشيء أو وُجد احتكاك، والسيارة لا تتوقف فجأة إلا إذا ضغطنا على الفرامل.
وفي الحالات بعيدة المدى يرتفع الصاروخ إلى آلاف الكيلومترات، بل قد يخرج إلى خارج الغلاف الجوي الأرضي، أي إلى الفضاء القريب، وعلى هذا الارتفاع لا توجد مقاومة هواء كبيرة ولا توجد قوة تبطئه، وبالتالي يظل الصاروخ يتحرك بسرعة عالية دون أن يحتاج إلى أي طاقة إضافية.
وأثناء تحليقه تؤثر قوة الجاذبية الأرضية على الصاروخ، فيرتفع تدريجيا حتى يصل إلى أعلى نقطة في القوس، ثم تنتصر الجاذبية، وتبدأ من جديد بسحبه إلى الأسفل، هذه العودة للأسفل تُستغل في المرحلة الثالثة.
الطاقة الحركية
حين يبدأ الصاروخ بالهبوط يدخل الغلاف الجوي بسرعة رهيبة، وقد تصل سرعته إلى 20 ضعف سرعة الصوت (نحو 24 ألف كيلومتر في الساعة)، هذه السرعة تولّد حرارة هائلة بسبب احتكاك الصاروخ بجزيئات الهواء، تماما كما تحترق النيازك عند دخولها الغلاف الجوي، لذلك يجب أن يكون رأس الصاروخ مغطى بمواد خاصة مقاومة للحرارة تسمى "الدروع الحرارية" لحمايته من الاحتراق.
بعد اختراق الغلاف الجوي يكون الصاروخ في مسار السقوط الحر نحو الهدف، وبسبب سرعته الهائلة يكون من الصعب اعتراضه، ولهذا يعد سلاحا مرعبا.
لكن، لماذا الصاروخ الباليستي سريع جدا أثناء السقوط؟ عند إطلاقه يُستخدم وقود عالي الطاقة يعطيه تسارعا كبيرا ليصل إلى ارتفاع هائل كما أسلفنا، ويتسبب هذا الارتفاع في حصول الصواريخ الباليستية على سرعة كبيرة، وهناك سبب علمي لذلك، حيث يسافر الصاروخ إلى أعلى ويكتسب ارتفاعا، محولا الطاقة الكيميائية من وقود الصاروخ إلى "طاقة حركية" تدفعه إلى أعلى، وكلما ارتفع حصل على "طاقة وضع أعلى" (تلك التي يكتسبها الجسم بتأثير الجاذبية عليه).
طاقة الوضع هي الطاقة التي يملكها الجسم بسبب موقعه أو ارتفاعه، ومثلا يمتلك حجر في يدك قبل أن ترميه طاقة وضع أعلى مقارنة بوجوده على الأرض، وكلما كان الجسم أعلى كانت طاقة وضعه أكبر، لأنه يمكن أن يسقط بقوة أكبر.
ولأن الصاروخ يصل إلى طبقات الجو العليا أو الفضاء الخارجي تكون لديه طاقة وضع كبيرة جدا بالنسبة للأرض، وأثناء دخوله الغلاف الجوي مرة أخرى تعمل الجاذبية على تسريع وصول الصاروخ إلى هدفه وتحويل هذه الطاقة المخزنة إلى طاقة حركية، مما يزيد سرعته أثناء هبوطه.
مدى متنوع
وفي هذا السياق، فإن للفيزياء دورا مهما في تصميم الصاروخ، حيث يدرس علماء الفيزياء بدقة قوة الدفع المطلوبة للوصول إلى مسافات عالية، وتأثير الجاذبية الأرضية على المسار، وشكل الرأس الأمامي ليكون أكثر مقاومة للحرارة والضغط، وزاوية الإطلاق المثالية للحصول على أقصى مدى، وكيف يمكن للصاروخ أن ينجو من الحرارة الشديدة عند العودة.
وما سبق يمكّن العلماء والمهندسين من تصنيع الصواريخ الباليستية في مدى متنوع جدا، فتبدأ من مدى قصير ينخفض عن ألف كيلومتر، لكنها ترتفع لتكون عابرة للقارات بحيث يبلغ مداها أكثر من 5500 كلم وقادرة على ضرب قارات بعيدة.
إعلان
تعلمنا قبل قليل أن الصاروخ الباليستي لا يطير في خط مستقيم، بل يطلَق بزاوية محددة تجعله يسير في مسار قوسي، هذه الزاوية مدروسة بحيث تحقق توازنا بين الارتفاع والمسافة.
وبالإضافة إلى قوة المحرك يمكن للعلماء والمهندسين ضبط هذين المعيارين للحصول على المدى المناسب، والذي يمكن أن يكون عابرا للقارات كما أسلفنا بسبب قوة الدفع الهائلة التي تتسبب في ارتفاع هائل، الأمر الذي يطيل مسافة المسار القوسي.
ولفهم الفكرة تخيل أنك تلقي بكرة إلى صديق يقف على مسافة عشرات الأمتار، ستقذفها بأكبر قوة لديك، لكن ليس في اتجاهه مباشرة، بل للأعلى في مسار قوسي، لكن ذلك الارتفاع إلى الأعلى يعطي الكرة فرصة للهبوط على مسافة أبعد مما لو كنت قد أطلقت الكرة مباشرة ناحية صديقك.
سلاح للردع
ولهذا التنوع في المسافة ما بين البعيد جدا والمتوسط والقريب أهمية إستراتيجية شديدة لكل دولة أو جهة تمتلك صواريخ باليستية، حيث تتمكن بالتبعية من تحديد مستوى الردع الذي تريده.
فإلى جانب ما سبق يمكن للصواريخ الباليستية أن تحمل أنواعا مختلفة من الرؤوس الحربية: التقليدية، والكيميائية أو البيولوجية، والنووية.
كما أن بعض الصواريخ الباليستية مجهزة بتقنية المركبات المتعددة الأهداف المستقلة، أي أن الصاروخ الباليستي لا يحمل رأسا حربيا واحدا فقط، بل عدة رؤوس حربية لضرب أهداف مختلفة تنطلق قبل وصول رأس الصاروخ إلى المنطقة الجغرافية محل الاستهداف.
ويفيد كل هذا في أمر مهم، وهو استخدام الصواريخ الباليستية بوصفها سلاح ردع، حيث تعمل القوة التدميرية الهائلة وسرعة الصواريخ الباليستية وتنوع المسافة كرادع قوي ضد الخصوم، مما يجعلها حجر الزاوية في إستراتيجيات الدفاع الحديثة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

علم الفيزياء يشرح القوة الهائلة للصواريخ الباليستية
علم الفيزياء يشرح القوة الهائلة للصواريخ الباليستية

الجزيرة

timeمنذ 11 ساعات

  • الجزيرة

علم الفيزياء يشرح القوة الهائلة للصواريخ الباليستية

تعد الصواريخ الباليستية من أخطر وأعقد الأسلحة التي صنعها الإنسان، إذ تستطيع أن تحمل رؤوسا حربية مدمرة وتسافر إلى مسافات شاسعة بسرعات خيالية قد تتجاوز سرعة الصوت بمرات عدة. لكن ما السر وراء هذه القوة وهذه السرعة؟ وكيف تستطيع هذه القطعة المعدنية أن ترتفع في السماء وتخترق الفضاء، ثم تعود إلى الأرض وتصيب هدفها بدقة؟ الجواب يكمن في "الفيزياء"، ورغم أنه علم معقد فإننا سنحاول أن نوضح المبادئ الأساسية بطريقة مبسطة وسلسة دون الدخول في تعقيدات رياضية. قانون نيوتن الثالث الصاروخ الباليستي هو نوع من الصواريخ يطلق في البداية بواسطة محرك صاروخي قوي، ثم ينفصل عن محركه ويسير في صورة قوس ضخم في الغلاف الجوي أو حتى قد يخرج إلى الفضاء، ويعود ليسقط نحو هدفه بقوة الجاذبية كما تسقط كرة رميتها في الهواء إلى صديق يقف على مسافة أمتار عدة مثلا، ولكن على نطاق هائل. ولفهم قوته نحتاج أن نفهم 3 مراحل رئيسية يمر بها، الأولى هي مرحلة الدفع (الإقلاع)، وينطلق فيها الصاروخ من الأرض باستخدام محركات قوية، والثانية هي مرحلة الطيران الباليستي (التحليق)، ويسافر فيها الصاروخ في قوس عال يشبه حركة القذيفة، وأخيرا مرحلة العودة (إعادة الدخول)، ويعود فيها الصاروخ نحو الأرض ويسرع بشدة ليسقط على الهدف. في البداية، الصاروخ يحتاج إلى التغلب على الجاذبية الأرضية التي تسحبه إلى الأسفل، وللقيام بذلك يستخدم محركا صاروخيا يولد قوة دفع ضخمة، بسرعة قد تتجاوز 25 ألف كيلومتر في الساعة. هذا المحرك يعمل من خلال مبدأ بسيط في الفيزياء يقول "لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه" (قانون نيوتن الثالث)، فعندما يحرق الصاروخ الوقود تندفع الغازات الساخنة من الأسفل بسرعة هائلة، ونتيجة لذلك يُدفع الصاروخ في الاتجاه المعاكس، أي إلى الأعلى. تخيل أن تقف على لوح تزلج أو ترتدي حذاء بعجلات وتقذف كرة ثقيلة إلى الخلف ستلاحظ أنك تتحرك للأمام، هذا تماما ما يحدث للصاروخ، لكن بدل كرة هناك أطنان من الغازات المتفجرة تُدفع بسرعة خرافية. القصور الذاتي بعد أن يصل الصاروخ إلى ارتفاع معين وينفصل عن المحرك يدخل في مرحلة تشبه إلى حد كبير حركة القذيفة، ولهذا سمي "باليستي"، لأن كلمة "باليستي" مأخوذة من مصطلح قديم يشير إلى مسار السهام أو المقذوفات. في هذه المرحلة لا يعمل أي محرك، لكن الصاروخ يطفو في مسار منحن بسبب الدفع الذي حصل عليه في البداية، وهو هنا يعمل عبر قانون القصور الذاتي الذي يقول إن الجسم المتحرك سيستمر في حركته ما لم تعترضه قوة خارجية تؤثر على حالته، فمثلا الكرة المتحركة لا تتوقف إلا إذا اصطدمت بشيء أو وُجد احتكاك، والسيارة لا تتوقف فجأة إلا إذا ضغطنا على الفرامل. وفي الحالات بعيدة المدى يرتفع الصاروخ إلى آلاف الكيلومترات، بل قد يخرج إلى خارج الغلاف الجوي الأرضي، أي إلى الفضاء القريب، وعلى هذا الارتفاع لا توجد مقاومة هواء كبيرة ولا توجد قوة تبطئه، وبالتالي يظل الصاروخ يتحرك بسرعة عالية دون أن يحتاج إلى أي طاقة إضافية. وأثناء تحليقه تؤثر قوة الجاذبية الأرضية على الصاروخ، فيرتفع تدريجيا حتى يصل إلى أعلى نقطة في القوس، ثم تنتصر الجاذبية، وتبدأ من جديد بسحبه إلى الأسفل، هذه العودة للأسفل تُستغل في المرحلة الثالثة. الطاقة الحركية حين يبدأ الصاروخ بالهبوط يدخل الغلاف الجوي بسرعة رهيبة، وقد تصل سرعته إلى 20 ضعف سرعة الصوت (نحو 24 ألف كيلومتر في الساعة)، هذه السرعة تولّد حرارة هائلة بسبب احتكاك الصاروخ بجزيئات الهواء، تماما كما تحترق النيازك عند دخولها الغلاف الجوي، لذلك يجب أن يكون رأس الصاروخ مغطى بمواد خاصة مقاومة للحرارة تسمى "الدروع الحرارية" لحمايته من الاحتراق. بعد اختراق الغلاف الجوي يكون الصاروخ في مسار السقوط الحر نحو الهدف، وبسبب سرعته الهائلة يكون من الصعب اعتراضه، ولهذا يعد سلاحا مرعبا. لكن، لماذا الصاروخ الباليستي سريع جدا أثناء السقوط؟ عند إطلاقه يُستخدم وقود عالي الطاقة يعطيه تسارعا كبيرا ليصل إلى ارتفاع هائل كما أسلفنا، ويتسبب هذا الارتفاع في حصول الصواريخ الباليستية على سرعة كبيرة، وهناك سبب علمي لذلك، حيث يسافر الصاروخ إلى أعلى ويكتسب ارتفاعا، محولا الطاقة الكيميائية من وقود الصاروخ إلى "طاقة حركية" تدفعه إلى أعلى، وكلما ارتفع حصل على "طاقة وضع أعلى" (تلك التي يكتسبها الجسم بتأثير الجاذبية عليه). طاقة الوضع هي الطاقة التي يملكها الجسم بسبب موقعه أو ارتفاعه، ومثلا يمتلك حجر في يدك قبل أن ترميه طاقة وضع أعلى مقارنة بوجوده على الأرض، وكلما كان الجسم أعلى كانت طاقة وضعه أكبر، لأنه يمكن أن يسقط بقوة أكبر. ولأن الصاروخ يصل إلى طبقات الجو العليا أو الفضاء الخارجي تكون لديه طاقة وضع كبيرة جدا بالنسبة للأرض، وأثناء دخوله الغلاف الجوي مرة أخرى تعمل الجاذبية على تسريع وصول الصاروخ إلى هدفه وتحويل هذه الطاقة المخزنة إلى طاقة حركية، مما يزيد سرعته أثناء هبوطه. مدى متنوع وفي هذا السياق، فإن للفيزياء دورا مهما في تصميم الصاروخ، حيث يدرس علماء الفيزياء بدقة قوة الدفع المطلوبة للوصول إلى مسافات عالية، وتأثير الجاذبية الأرضية على المسار، وشكل الرأس الأمامي ليكون أكثر مقاومة للحرارة والضغط، وزاوية الإطلاق المثالية للحصول على أقصى مدى، وكيف يمكن للصاروخ أن ينجو من الحرارة الشديدة عند العودة. وما سبق يمكّن العلماء والمهندسين من تصنيع الصواريخ الباليستية في مدى متنوع جدا، فتبدأ من مدى قصير ينخفض عن ألف كيلومتر، لكنها ترتفع لتكون عابرة للقارات بحيث يبلغ مداها أكثر من 5500 كلم وقادرة على ضرب قارات بعيدة. إعلان تعلمنا قبل قليل أن الصاروخ الباليستي لا يطير في خط مستقيم، بل يطلَق بزاوية محددة تجعله يسير في مسار قوسي، هذه الزاوية مدروسة بحيث تحقق توازنا بين الارتفاع والمسافة. وبالإضافة إلى قوة المحرك يمكن للعلماء والمهندسين ضبط هذين المعيارين للحصول على المدى المناسب، والذي يمكن أن يكون عابرا للقارات كما أسلفنا بسبب قوة الدفع الهائلة التي تتسبب في ارتفاع هائل، الأمر الذي يطيل مسافة المسار القوسي. ولفهم الفكرة تخيل أنك تلقي بكرة إلى صديق يقف على مسافة عشرات الأمتار، ستقذفها بأكبر قوة لديك، لكن ليس في اتجاهه مباشرة، بل للأعلى في مسار قوسي، لكن ذلك الارتفاع إلى الأعلى يعطي الكرة فرصة للهبوط على مسافة أبعد مما لو كنت قد أطلقت الكرة مباشرة ناحية صديقك. سلاح للردع ولهذا التنوع في المسافة ما بين البعيد جدا والمتوسط والقريب أهمية إستراتيجية شديدة لكل دولة أو جهة تمتلك صواريخ باليستية، حيث تتمكن بالتبعية من تحديد مستوى الردع الذي تريده. فإلى جانب ما سبق يمكن للصواريخ الباليستية أن تحمل أنواعا مختلفة من الرؤوس الحربية: التقليدية، والكيميائية أو البيولوجية، والنووية. كما أن بعض الصواريخ الباليستية مجهزة بتقنية المركبات المتعددة الأهداف المستقلة، أي أن الصاروخ الباليستي لا يحمل رأسا حربيا واحدا فقط، بل عدة رؤوس حربية لضرب أهداف مختلفة تنطلق قبل وصول رأس الصاروخ إلى المنطقة الجغرافية محل الاستهداف. ويفيد كل هذا في أمر مهم، وهو استخدام الصواريخ الباليستية بوصفها سلاح ردع، حيث تعمل القوة التدميرية الهائلة وسرعة الصواريخ الباليستية وتنوع المسافة كرادع قوي ضد الخصوم، مما يجعلها حجر الزاوية في إستراتيجيات الدفاع الحديثة.

قاعدة بيانات جديدة لأحجام 85 ألف نوع بحري
قاعدة بيانات جديدة لأحجام 85 ألف نوع بحري

الجزيرة

timeمنذ 14 ساعات

  • الجزيرة

قاعدة بيانات جديدة لأحجام 85 ألف نوع بحري

أطلق باحثون من عدة جامعات عالمية قاعدة بيانات تتتبّع أكثر من 85 ألف نوع من الحيوانات البحرية بناء على الحد الأقصى لحجم الجسم، وتغطي كائنات بحرية متنوعة، من العوالق المجهرية إلى الحيتان العملاقة. وتحتوي قاعدة البيانات التي وردت في دراسة في مجلة (Global Ecology and Biogeography) على بيانات 85 ألفا و204 أنواع من أنواع الكائنات البحرية المُعتمدة في قاعدة بيانات "موب" (MOBS)، وهو ما يمثل نسبة 40.4% منها، مع 7 شعب من الأنواع تتجاوز تغطيتها 75%. كما تم إدخال 181 ألفا من قياسات الأحجام، وتتضمن بعض السجلات ملاحظات متعددة لمراعاة الاختلافات داخل النوع، وهي بيانات مفتوحة ومتاحة على منصة "غيت هاب" (GitHub). وركّز علماء الأحياء تقليديا على الكائنات البحرية الأكبر حجما، مما جعل فهم شبكات الغذاء والنظم البيئية يعتمد بدرجة كبيرة على هذه الأنواع، وفقًا للدكتور توم ويب، المؤلف المشارك في الدراسة من جامعة شيفيلد. وبدأ الاهتمام يتّجه مؤخرا نحو الأنواع الأصغر التي تُشكّل معظم التنوع البيولوجي البحري، وتلعب دورا محوريا في النظام البيئي، ويؤثر حجم الجسم على نمط معيشة الكائن البحري، من مواقع التغذية إلى الحركة، وحتى القدرة على التكيّف مع التغيرات البيئية. وتشير الأبحاث إلى أن الأنظمة البيئية البحرية تُبنى وفق ترتيب حجمي، حيث تتغذى الكائنات الأكبر على الأصغر. وبشكل عام، أعاق نقص البيانات حول الحجم نماذج المناخ وجهود الحفظ. ومع تغطية موب لنحو 40% من الأنواع البحرية، أصبح بالإمكان بناء نماذج أكثر دقة، مع توقعات بوصول التغطية إلى 75% خلال عامين. وقال كريغ. آر. ماكلاين من جامعة لويزيانا والذي قاد الدراسة إن "حجم الجسم ليس مجرد رقم، بل مفتاح لفهم الحياة، تسد هذه القاعدة فجوة معرفية كبيرة، وتمنحنا منظورا جديدا للتنوع في المحيطات'. اعتمد إنشاء قاعدة بيانات "موب" على أدوات استخراج بيانات آلية، استخلصت مقاييس الأنواع من آلاف المنشورات وسجلات المتاحف والبيانات الإلكترونية، كذلك ساعد التعلم الآلي في توحيد التنسيقات وتقليل الوقت المطلوب للإدخال اليدوي. كما تم استخدام أنظمة تصنيف معترف بها عالميا للتحقق من صحة أسماء الأنواع، مما يضمن تكامل البيانات وربطها بموارد أخرى. شراء الفيتامينات والمكملات الغذائية تتيح هذه البيانات للعلماء تحليل تطور الحجم عبر السلالات المختلفة، واختبار نظريات بيئية قديمة حول تأثير العوامل البيئية كعمق المحيط ودرجة حرارته على حجم الكائنات. وتوفر القاعدة كذلك إمكانيات لمقارنة الأنواع الحية والمنقرضة، وتتبع التغيرات عبر الزمن، ودراسة أنماط الانقراض المرتبطة بالحجم. تُستخدم بيانات MOBS لتحليل التحيز في توثيق الأنواع، حيث تُهمل غالبًا الكائنات الأصغر حجمًا في المسوحات البيئية، رغم أهميتها، كما يدرس العلماء كيفية تغيّر الحجم استجابة لتغيّرات المناخ، بما أن الحجم يؤثر على معدلات الأيض ومدى التأثر بالضغوط البيئية. وتُظهر الدراسة أن صيد الأنواع الكبيرة يُزعزع التوازن الغذائي، وله آثار تمتد إلى الكائنات الأصغر. وستمكّن النماذج الجديدة من فهم هذه التفاعلات بدقة، كما تشير دراسات الطيور إلى أن الأنواع الكبيرة أكثر عرضة للانقراض، وهو ما ينطبق أيضا على الكائنات البحرية. يهدف المشروع إلى التكامل مع منصات مثل " أوبيس" (OBIS)، مما يسمح بإجراء تحليلات بيئية أدق، بدعم من مجتمع علمي عالمي يمكنه المساهمة في تحديث البيانات وتطويرها. وفي ظل الضغوط التي تواجهها المحيطات من تغيّر مناخي أدى إلى زيادة حرارة المياه، والصيد الجائر وتدهور الموائل البحرية، توفر قاعدة البيانات الجديدة بيانات دقيقة وشاملة تشكل أداة قوية لحماية الحياة البحرية.

شاهد الأب الروحي للذكاء الاصطناعي يحذر من خطره على البشر
شاهد الأب الروحي للذكاء الاصطناعي يحذر من خطره على البشر

الجزيرة

timeمنذ 16 ساعات

  • الجزيرة

شاهد الأب الروحي للذكاء الاصطناعي يحذر من خطره على البشر

يقف العديد من العلماء خلف ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي بالشكل الذي نعهده اليوم، ومن أبرزهم يوشوا بنجيو الذي ساهمت أبحاثه بشكل كبير في تطوير شبكات التعلم العميق والشبكات العصبية الصناعية، وهي التي شكلت بذرة الذكاء الاصطناعي، لذلك يصفه الكثيرون بأنه الأب الروحي للذكاء الاصطناعي. كما أن يوشوا بنيجو يعد أكثر عالم تم اقتباس أحاديثه والإشارة إليها في الأبحاث المختلفة المتعلقة بعلوم الحاسب والذكاء الاصطناعي، وهو صاحب أعلى نتيجة في مؤشر الثقل والتأثير العلمي في مجال الذكاء الاصطناعي. ألقى بنجيو مؤخرًا محاضرة قصيرة ضمن فعاليات مؤتمر "تيد" (TED) حول مخاطر الذكاء الاصطناعي والتطور الذي وصل إليه بشكل كبير، وخلالها وضح جزءًا كبيرًا من المخاطر المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وتطوره بالشكل الحالي. الذكاء الاصطناعي خطره يتعدى تهديد الوظائف يشير بنجيو في محاضرته إلى مجموعة من المخاطر المتنوعة التي تأتي من الذكاء الاصطناعي، وقسمها بين مخاطر قريبة الأمد وأخرى بعيدة، ومن بين المخاطر القريبة التي أشار إليها هو سرقة الوظائف، فضلًا عن توليد الشائعات والترويج لها بشكل أقرب إلى الحقيقة. ومن بين المخاطر التي تحدث عنها بنيجو هي استخدام الذكاء الاصطناعي لبناء الأسلحة من قبل الإرهابيين أو عامة الشعب على حد سواء، مشيرًا إلى ارتفاع احتمالية حدوث هذا الأمر وفق تقرير عن هذه الاحتمالية في أنظمة "أوبن إيه آي". ويذكر أن بنجيو قام بالتوقيع على عريضة لإيقاف التطور السريع للذكاء الاصطناعي إلى جانب مجموعة من المعارضين والمتخوفين من هذه السرعة، وفي هذه العريضة أشار بنجيو بصفته أحد أبرز علماء الذكاء الاصطناعي إلى أن هذه التقنية قد تؤدي إلى انقراض البشرية كما نعرفها. خط رفيع بين البشر والذكاء الاصطناعي ويرى بنيجو أن ما يفصلنا عن الذكاء الاصطناعي الحالي هو خط رفيع للغاية يتمثل في غياب الحرية والاستقلالية لدى تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك لأن الذكاء الاصطناعي الحالي لا يستطيع التفكير والتخطيط بشكل كامل مثل البشر. ولكن سرعة تطور الذكاء الاصطناعي تخيف بنجيو، إذ يرى أن نماذج الذكاء الاصطناعي تتطور بشكل سريع في قدراتها والمهام التي تستطيع إنجازها، ومن بينها التخطيط بشكل بسيط، لذا يتوقع بأن يصل الذكاء الاصطناعي قريبًا إلى نقطة الحرية الكاملة والقدرة على وضع خطط طويلة الأمد تتجاوز قدرات البشر. وفي خضم حديثه أشار إلى دراسة نشرت من قبل معهد "أبولو" (Apollo) للدراسات، وقد وجدت هذه الدراسة أن نماذج الذكاء الاصطناعي تميل إلى الكذب والخداع من أجل حماية نفسها من المخاطر التي تهدد وجودها وتقوضه. اختتم بنجيو حديثه بأن عمليات تطوير الذكاء الاصطناعي والتجارب التي تتم عليه تتعامل مع مخاوف الحرية الكاملة للذكاء الاصطناعي بشكل مهمل وغير جاد أو مدرك للخطر المحدق بمثل هذه التقنية، إذ يرى بنيجو أن الشركات تحاول جاهدةً تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل يعطيه الحرية الكاملة التي قد تفضي إلى انقراض البشر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store