logo
الحكومة الألمانية الجديدة تواجه إرثاً من الصعوبات الاقتصادية

الحكومة الألمانية الجديدة تواجه إرثاً من الصعوبات الاقتصادية

تورس١٠-٠٥-٢٠٢٥

وقد تشكل الإدارة الجديدة بقيادة المستشار فريدريش ميرتس نقطة تحول في السياسة والأداء الاقتصاديين. فلعقود من الزمن، ظلت ألمانيا ملتزمة بالانضباط المالي والتقشف. في المقابل، أعلنت الحكومة الجديدة حزمة توسع مالي ضخمة قد تصل قيمتها إلى تريليون يورو، وتشمل البنية التحتية والدفاع، إلى جانب خطط لإصلاح النظام الضريبي وسوق العمل.
وتمثل هذه الحزمة الاقتصادية تحولاً جذرياً عن التوجه المالي المحافظ التقليدي في ألمانيا ، وسوف تعمل على تحفيز النمو في الأمد المتوسط. ومع ذلك، فإن الإدارة الجديدة تواجه إرثاً من التحديات الكبيرة التي تتطلب إصلاحات جريئة لتعزيز الاقتصاد الألماني الذي يُعتبر في حالة ركود. نناقش في هذا المقال ثلاثة عوامل رئيسية تصف التحديات التي تواجهها الحكومة وتدعم توقعاتنا.
أولاً، لا تزال التحديات الهيكلية الكبيرة تُضعف القدرة التنافسية والإنتاجية في ألمانيا. ويقدم تقرير القدرة التنافسية العالمية تقييماً مفيداً لهذا الجانب عبر عدة بلدان. قبل عقد من الزمن فقط، كانت ألمانيا تحتل المرتبة السادسة في العالم. ومع ذلك، تراجعت البلاد بشكل ملحوظ إلى المركز الرابع والعشرين، مما يعكس تأثير الأعباء التنظيمية، والسياسات الضريبية المرهقة، وقوانين التوظيف الصارمة، والتعقيد الإداري.
تكلف البيروقراطية المفرطة ألمانيا ما يصل إلى 146 مليار يورو سنوياً. وينعكس فقدان القدرة التنافسية بشكل لافت في إحصاءات الإنتاجية، فمنذ عام 2017، انخفضت إنتاجية العامل الواحد بنسبة 2.5%. ويلقي قادة الأعمال باللوم على البيروقراطية المفرطة والوتيرة البطيئة في التحرك نحو عصر الرقمنة. وهذا الأمر له تأثير سلبي كبير على الشركات الناشئة بشكل خاص، حيث يُمكِن للتأخير البيروقراطي أن يُحدث فرقاً بين نجاح المشروع أو فشله. ولهذا السبب، تقوم الشركات بشكل متزايد بنقل أعمالها إلى دول أوروبية أخرى، مثل هولندا أو السويد أو البرتغال أو بولندا. ولذلك، فإن المشاكل الهيكلية سوف تستمر في التأثير على النمو الاقتصادي، ويتعين على الإدارة الجديدة معالجتها من خلال تدابير تتجاوز التحفيز المالي.
ثانياً، يُعد تحديث البنية التحتية القديمة أمراً بالغ الأهمية إذا كانت ألمانيا تهدف إلى تحقيق مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي. وقد أدت السياسة المالية المحافظة للغاية في ألمانيا إلى نقص التمويل في مجالات البنية التحتية الرئيسية. وبلغ متوسط الاستثمار العام 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2023-2024، مقارنة ب 4.3% في فرنسا ، على سبيل المثال. ونتيجة لانخفاض الاستثمار العام، فإن تقادم البنية التحتية للنقل والطاقة وتأخر التكنولوجيا الرقمية يعيقان النمو الاقتصادي طويل الأجل، مما يؤكد على أهمية إجراء تطويرات جوهرية.
خلال التجارب السابقة، استغرقت عمليات الشراء والتخطيط وقتاً أطول من البناء الفعلي، وهناك أمثلة كثيرة لحالات لم يتم فيها استخدام الأموال المخصصة للإنفاق. في عام 2023، لم يُستخدم 76 مليار يورو من الموارد المالية بسبب العقبات البيروقراطية والتنظيمية. وبالتالي، ينبغي أن يكون تحديث البنية التحتية إحدى أولويات الحكومة الجديدة. علاوة على ذلك، سيتم تنفيذ خطة خفض ضرائب الشركات بشكل تدريجي فقط بدءاً من عام 2028.
ثالثاً، يواصل قطاع التصنيع، وهو قطاع رئيسي في الاقتصاد الألماني، فترة تراجع متواصلة تعيق النمو الإجمالي. ففي الفترة بين عام 2000 وذروته في عام 2017، نما مكون التصنيع في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل سنوي قدره 1.9%. إلا أن هذه الوتيرة القوية تراجعت بشكل كبير بعد ذلك، حيث واجه القطاع سلسلة متتالية من الصدمات السلبية، بما في ذلك التوترات التجارية العالمية، وتباطؤ الاقتصاد العالمي، وجائحة كوفيد، وأزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، وتراجع قطاع صناعة السيارات. ومنذ ذروته في عام 2017، شهد الإنتاج الصناعي في ألمانيا انكماشاً بنسبة 18%.
في العام الحالي، ستلقي الحروب التجارية الجديدة التي بدأتها إدارة الرئيس ترامب، إلى جانب المستويات العالية من عدم اليقين الجيوسياسي، بمزيد من الضغوط على الصناعات الألمانية الموجهة نحو التصدير. وعلى الرغم من أن قطاع التصنيع سيستفيد من زيادة الاستثمار في البنية التحتية والإنفاق في مجال الدفاع، إلا أن الإدارة الجديدة ستحتاج إلى تأمين بيئة أكثر استقراراً لمواجهة التحديات الرئيسية ودعم النمو.
بشكل عام، لدى الحكومة الجديدة إرث ثقيل يشكل تحديات كبيرة للنمو. وسيسهم التحول الجذري في السياسة المالية في تنفيذ التطوير اللازم للبنية التحتية، ومن المرجح أن يحفز الانتعاش الاقتصادي، مما يعطي دفعة للنمو على المدى المتوسط، ولكن لا تزال هناك حاجة إلى إصلاحات أعمق.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لابورتا يبشر جماهير برشلونة بميزانية كبيرة
لابورتا يبشر جماهير برشلونة بميزانية كبيرة

ديوان

timeمنذ 11 ساعات

  • ديوان

لابورتا يبشر جماهير برشلونة بميزانية كبيرة

وفي مقابلة مع قناة "TV3" ضمن برنامج "ليلة الأبطال"، قال لابورتا: "سننهي السنة المالية بمداخيل تقترب من 950 مليون يورو. نتوقع أن تتجاوز ميزانيتنا المليار يورو الموسم المقبل. هذه الأرقام ستتيح لنا العمل وفق قاعدة 1-1، مما يسهل على المدير الرياضي ديكو إتمام الصفقات". وأضاف: "في الموسم الماضي، حققنا نتائج إيجابية ساعدتنا كثيرا. العمل بقاعدة 1-1 أسهل بكثير من قاعدة 1-4، وهو ما يدعم خططنا لتعزيز الفريق". يأتي إعلان لابورتا في وقت يسعى فيه برشلونة لاستعادة مكانته التنافسية بعد سنوات من التحديات المالية. وتتيح قاعدة 1-1 للنادي إنفاق يورو واحد على الرواتب أو الانتقالات مقابل كل يورو يتم توفيره أو تحقيقه كإيرادات، مما يمنح النادي مرونة أكبر في سوق الانتقالات. وتعكس هذه الأرقام تحسنا ملحوظا في الوضع المالي لبرشلونة، الذي يهدف لتعزيز الفريق الأول بقيادة المدرب هانزي فليك، مع الحفاظ على الاستدامة المالية للمنافسة على الألقاب المحلية والأوروبية.

بنك الاستثمار الأوروبي : اطلاق مشروع بقيمة 70 مليار دولار في مجال الذكاء الاصطناعي
بنك الاستثمار الأوروبي : اطلاق مشروع بقيمة 70 مليار دولار في مجال الذكاء الاصطناعي

الإذاعة الوطنية

timeمنذ 3 أيام

  • الإذاعة الوطنية

بنك الاستثمار الأوروبي : اطلاق مشروع بقيمة 70 مليار دولار في مجال الذكاء الاصطناعي

أكد بنك الاستثمار الأوروبي أنه يعمل حاليا على اطلاق مشروع لتعزيز القدرات الأوروبية في مجال الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات وذلك في اطار خطة جديدة تستهدف استثمار 70 مليار يورو في هذا القطاع بحلول 2027. وبحسب بيان للبنك يعد هذا المخطط جزءا من جهود الاتحاد الأوروبي لزيادة قدرته التنافسية لمواجهة الاقتصادات الكبرى على غرار الولايات المتحدة و الصين في هذا المجال. وتهدف الخطة الجديدة التي تحمل اسم "الاتحاد الأوروبي للتكنولوجيا" إلى جذب استثمارات بقيمة 250 مليار يورو على المدى الطويل، حسبما كشفت عنه رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي, نادية كالفينو للصحافة الإيطالية.

Tunisie Telegraph في الأسواق العالمية : أسعار الكولزا تتجاوز أسعار القمح اللين بضعفين
Tunisie Telegraph في الأسواق العالمية : أسعار الكولزا تتجاوز أسعار القمح اللين بضعفين

تونس تليغراف

timeمنذ 4 أيام

  • تونس تليغراف

Tunisie Telegraph في الأسواق العالمية : أسعار الكولزا تتجاوز أسعار القمح اللين بضعفين

شهد مؤخرا الفارق في الأسعار بين عقود القمح اللين وعقود بذور اللفت – الكولزا – الآجلة لحصاد عام 2025 إلى نسبة 1 إلى 2.4، مما يجعل زراعة بذور اللفت لحصاد عام 2026 أكثر جاذبية. في بداية شهر ماي 2025، حصل منتجو بذور اللفت الألمان على متوسط ​​443 يورو للطن من المزرعة لعقود الآجلة، وهو أكثر من ضعف المبلغ المدفوع مقابل القمح اللين والذي بلغ 186 يورو للطن. ويقارن هذا الرقم بـ 441 يورو للطن من بذور اللفت في ماي 2024 وفق تقرير لموقع * UkrAgroConsult. وحظيت أسعار بذور اللفت بدعم من عدة عوامل. ساهم سوق العقود الآجلة في دعم ارتفاع الأسعار مؤقتًا، في حين أدى انخفاض المخزونات الكندية بسبب ارتفاع الصادرات إلى تقييد العرض، مما أثر على الأسعار في باريس. وعلاوة على ذلك، أدى ضعف اليورو إلى تعزيز القدرة التنافسية لبذور اللفت الأوروبية في السوق العالمية. وفي أوكرانيا، أثار الجفاف والصقيع في أفريل المخاوف بشأن انخفاض العائدات المحتملة بحلول عام 2025، مما أدى إلى الحد من العرض بشكل أكبر. في ألمانيا، هناك حاجة إلى هطول المزيد من الأمطار لتعظيم إمكانات إنتاج بذور اللفت. إذا استمر نقص الأمطار، فقد ترتفع الأسعار بشكل كبير في الأسابيع المقبلة، مما يشجع المزارعين على زراعة بذور اللفت الشتوية في عام 2025. في الوقت نفسه، انخفضت أسعار القمح اللين لحصاد عام 2025 إلى 186 يورو للطن، أي أقل بمقدار 22 يورو عن مايو 2024، مما يجعله أقل جاذبية للمنتجين. ونتيجة لانخفاض أسعار القمح، ركز المزارعون على تطهير المستودعات وتنفيذ العقود الآجلة المحلية، ولم يولوا اهتماما كبيرا للمعاملات الجديدة. وعلى العكس من ذلك، تعمل أسعار بذور اللفت المرتفعة وإمكانية زيادتها بشكل أكبر على تعزيز مكانتها كبديل قابل للتطبيق اقتصاديًا، وخاصة في ظل المناخ غير المستقر والمخزونات العالمية المتناقصة. تونس على الخط من جهتها تعمل تونس على اللحاق بالركب لدخول هذا الميدان من بابه الواسع بهدف تحقيق الأمن الغذائي ففي فيفري الماضي وقعت جمعية الزراعة المستدامة (APAD) وجمعية التعاون في قطاع الزيوت والبروتينات النباتية الفرنسي (AGROPOL) والوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) اتفاقية شراكة. في الواقع، يهدف هذا المشروع إلى دعم تطوير قطاع بذور اللفت (الكولزا) في تونس. بالإضافة إلى ذلك، يندرج في إطار اتفاقية الشراكة الفرنسية التونسية الموقعة في جوان 2021، والتي تعزز الزراعة والأمن الغذائي في تونس. يهدف هذا المشروع إلى تعزيز السيادة الغذائية لتونس. كما أنه يعزز الزراعة الأكثر مرونة في مواجهة التحديات المناخية والاقتصادية. على سبيل المثال، يعتبر اللفت، الذي يُزرع منذ أقل من 10 سنوات في تونس، بمثابة إنتاج سنوي يبلغ 20,000 طن. وبالتالي، يلعب دورًا رئيسيًا في تنويع المحاصيل والتكيف مع التغيرات المناخية. *على مدى ما يقرب من 30 عامًا من الخبرة في الأسواق الزراعية، جمعت شركة UkrAgroConsult قاعدة بيانات واسعة النطاق، والتي أصبحت أساس منصة AgriSupp. إنها منصة متعددة الوظائف عبر الإنترنت توفر معلومات عن سوق الحبوب والبذور الزيتية وتوفر الوصول إلى المعلومات التشغيلية اليومية حول أسواق البحر الأسود والدانوب والتقارير التحليلية والبيانات التاريخية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store