
الوجه الآخر لزلزال الرسوم الجمركية الأمريكية الركود أكبر المخاوف.. والمرونة الاقتصادية طوق النجاة
كتبت نوال عباس:
شهدت أسواقُ المال في جميع أنحاء العالم موجةً من التقلباتِ الحادة في أعقاب قرارِ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على عديدٍ من دول العالم، وامتدت تأثيراتُ هذه القرارات إلى البورصات الخليجية التي تعرضت لأسبوع من تراجع مختلف المؤشرات في ظل التخوفات من تباطؤ التجارة العالمية، على الرغم من أن منطقة الخليج ليست المستهدف المباشر من هذه الرسوم.
«أخبار الخليج» تواصلت مع عدد من الاقتصاديين للحديث عن التأثيرات الراهنة والمستقبلية لهذه الرسوم، إلى رصد توقعاتهم للتعاطي مع تداعيات التراجعات الحادة في أسواق المال العالمية، حيث عبر غالبيتهم عن أن وضع البورصة البحرينية مستقر، فيما كشفوا عن أن انخفاض أسعار الأسهم العالمية يشكل فرصة للصناديق السيادية الخليجية.
البحرين وضع مستقر
وقالت الخبيرة الاقتصادية نورة الفيحاني لـ(أخبار الخليج): «بالرغم من مواصلة الانخفاضات الجماعية في وول ستريت ومؤشر Dow Jones تراجع 0.84 % - مؤشر S & P 500 تراجع بنسبة 1.57 % ، وانخفاض الأسهم السعودية إلى أكثر من 1.5 % ، وانخفاض أسهم أرامكو بنسبة 0.6 % ، وتسجيل أدنى مستوى منذ 4 سنوات لنفط برنت ليصل إلى أدنى من 60 دولارا، إلا أن البحرين مازالت في وضع مستقر في بورصتها التي سجلت انخفاضا طفيفا في مؤشرها العام بنسبة 0.16 % ، والذي يعد الأقل تأثرا في المنطقة، منذ بداية حرب الرسوم الأمريكية، ولا يمكن تفسير ذلك إلا بكون البحرين سوقا ثانويا بعيدا عن مركز زلزال تلك الحرب، لكن يجب في المرحلة المقبلة العمل على إيجاد وسائل استقرار للسوق المحلي بعدة إجراءات منها فتح أسواق جديدة، وتنويع مصادر الدخل بصناعات مستحدثة، والموازنة بين المصروفات والإيرادات وإيجاد عوامل حماية للاستثمارات المحلية من تداعيات الأسواق الدولية».
وأضافت الفيحاني: «إن التأثيرات المباشرة للرسوم الجمركية الأمريكية في اقتصادات دول الخليج من المتوقع أن تكون محدودة، نظرًا إلى أن نسبة التبادل التجاري المباشر بين الولايات المتحدة ودول الخليج ليست كبيرة. ومع ذلك، الأثر الأكبر والأكثر أهمية يأتي من خلال القنوات غير المباشرة، وخصوصاً تأثير هذه الرسوم في أسعار النفط العالمية. نظرًا لاعتماد دول الخليج الكبير على إيرادات النفط، فإن أي انخفاض في أسعار النفط نتيجة للمخاوف من تباطؤ النمو العالمي يمكن أن يكون له تأثير سلبي في هذه الاقتصادات. ومع ذلك، نظرًا للتنوع الاقتصادي الجيد الذي تتمتع به دول الخليج، قد يكون هذا التأثير محدودًا».
وأشارت الفيحاني إلى أنه بالنسبة إلى البورصات المحلية والخليجية، فإنها تتأثر بشكل كبير بتقلبات الأسواق العالمية، وبالأخص السوق الأمريكية، ولكن المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، والتي تفاقمت بسبب الرسوم الجمركية، والتي تؤدي إلى تقلبات في التوقعات الاقتصادية وبالتالي تؤثر سلبًا في أداء مؤشرات البورصة في الخليج. وهذه التقلبات تؤكد أهمية الاستعداد والمرونة في السياسات الاقتصادية لدول الخليج للتعامل مع هذه الأوضاع المتغيرة.
تحدي الرسوم الجمركية
واعتبرت الفيحاني أن الرسوم الجمركية تظل تحديًا، إلا أن البحرين -بفضل قاعدتها الصلبة وبنيتها الضريبية الجاذبة وخطط التنويع الاقتصادي- قادرة ليس فقط على تجنب الآثار السلبية، بل أيضًا على تحويل التحديات إلى فرص لتعزيز حضورها في الأسواق العالمية، وخاصة مع تزايد توجه الشركات الدولية نحو مراكز الأعمال ذات التكاليف التنافسية مثل البحرين. على الرغم من أن صادرات البحرين من الألمنيوم -والتي تُعد من أهم منتجاتها الموجهة للسوق الأمريكي- كانت من بين السلع المتأثرة سابقًا بهذه الرسوم منذ عهد ترامب واستمرارها خلال إدارة بايدن، إلا أن المملكة حافظت على موقعها التنافسي، ويعود ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها: الامتيازات الضريبية حيث تتمتع البحرين بمعدلات ضرائب وتكاليف تشغيل أقل مقارنة بالعديد من المنافسين، مما يعزز قدرتها على استيعاب الصدمات التجارية. وتنويع الشركاء التجاريين عبر تعزيز التبادل مع أسواق آسيوية وأوروبية كبدائل عن الاعتماد المفرط على السوق الأمريكي.
كما تسعى دول الخليج، بما فيها البحرين، إلى تعزيز التعاون الإقليمي وتنويع الشراكات الاقتصادية لتخفيف الآثار السلبية المحتملة. كما أن التوجه نحو تعزيز الصناعات المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات قد يكون أحد الحلول الاستباقية.
ونوهت الفيحاني بأن يبقى الحوار والتفاوض الدوليان العاملين الأبرز في تخفيف حدة هذه الأزمة، بينما يترقب العالم الضغوط الداخلية في الولايات المتحدة والتي قد تؤدي إلى تعديل هذه السياسة. في الوقت الراهن، يتطلب الأمر تعاونًا دوليًا لضمان استقرار الأسواق العالمية وحماية الاقتصادات الناشئة من الصدمات المتتالية.
ركود كبير
ويقول الخبير الاقتصادي عدنان يوسف: «من الطبيعي أن تتأثر البورصات المحلية بسبب تأثرها من فرض الضرائب الجمركية الأمريكية، ولكن التخوف يكون من الركود الذي من المتوقع أن يكون بشكل أكبر مع استمرار فر ض الضرائب مع العلم أن دول أوروبا تعاني من الركود من فترة طويلة، ولكن فرض الضرائب سيكشفه بشكل أكبر، أما بالنسبة إلى الصادرات فإن دول الخليج ستتأثر كثيرا من صادراتها النفطية بسبب انخفاض الأسعار، ولكن من الممكن أن تستفيد الصناديق السيادية عن طريق شراء أسهم بعض الشركات العالمية بسبب انخفاضها بشكل حاد».
انخفاض أسعار الأسهم
ومن جانبها تقول الخبير المصرفي د. غنية الدرازي: «يمكن أن يكون تأثير التعريفات الجمركية الأمريكية الجديدة في بورصات دول مجلس التعاون الخليجي متعدد الجوانب، ويعتمد على عوامل مختلفة مثل طبيعة التعريفات، والقطاعات المتأثرة، والبيئة الاقتصادية العامة، ولكن التأثيرات الأكثر وضوحا في الوقت الحالي أن التعريفات الجمركية تُسبب حالة من عدم اليقين في الأسواق، مما يؤدي إلى انخفاض ثقة المستثمرين، ويؤدي هذا إلى انخفاض أسعار الأسهم في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي والعالم أجمع».
وأشارت إلى أنه إذا أدت التعريفات الجمركية الأمريكية إلى تباطؤ اقتصادي عالمي قد تشهد دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة تلك المعتمدة على صادرات النفط والغاز، تقلبات في الطلب على منتجاتها. وقد يؤثر هذا سلبًا في أسعار أسهم الشركات المدرجة عموما وبالأخص الشركات العامة في هذه القطاعات.
وأشارت إلى أنه يمكن ألا تكون كل ردود الفعل سلبية، وقد تؤدي زيادة الرسوم الجمركية إلى إعادة تقييم استراتيجيات الاستثمار الأجنبي العالمي، إذا رأى المستثمرون الأجانب مخاطر أعلى في السوق الأمريكية، فقد يسعون إلى اغتنام فرص في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي والتي نسبيا تدفع ضريبة أقل من غيرها من الدول، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأسهم في هذه الدول ، مشيرة إلى أنه ستعتمد الآثار المحددة على تفاصيل التعريفات الجمركية والظروف الاقتصادية الراهنة في كل من الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، وستوفر مراقبة ردود فعل المستثمرين وأداء القطاعات رؤى أوضح بمرور الوقت.
الزلزال الاقتصادي
وأضافت الدرازي: «تتأثر دول الخليج بالزلزال الاقتصادي الذي تسببت به الضرائب الأمريكية الجديدة بطريقة مباشرة وغير مباشرة، إذ تصدر دول الخليج ومنها البحرين الألمنيوم وغيرها من السلع إلى الولايات المتحدة وبالتالي سوف تكون هذه الصادرات عرضة إلى ضريبة الـ10 بالمئة المفروضة على الخليج، الأمر الذي سوف يقلل من أرباح الشركات الخليجية المصدرة إلى أمريكا ومن السيولة النقدية التي تضخها هذه الشركات في اقتصادات دول الخليج».
وتقول: «كذلك ترفع الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة احتمالية زيادة التضخم، فعندما تُفرض رسوم جمركية على السلع المستوردة، فإنها ترفع تكلفة هذه السلع، بالإضافة إلى ذلك، تُعطل الرسوم الجمركية سلاسل التوريد وتُقلل من المنافسة، مما قد يُفاقم ارتفاع الأسعار، إذا رفع المنتجون أسعارهم استجابةً لارتفاع تكاليف المواد المستوردة، فقد يُحدث ذلك تأثيرًا تضخميًا أوسع نطاقًا، وقد تستجيب البنوك المركزية، مثل الاحتياطي الفيدرالي، لارتفاع التضخم برفع أسعار الفائدة، ويؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى إبطاء النمو الاقتصادي، مما قد يؤدي إلى ركود اقتصادي في دول الخليج وجميع دول العالم إذا كانت الضغوط التضخمية كبيرا»، لافتة إلى أنه التباطؤ الاقتصادي سوف يلحق الضرر باقتصادات دول الخليج حيث ينزل الطلب على النفط الأمر الذي يؤثر سلبا في ميزانيات دول الخليج جميعا.
تأثيرات محدودة
ويقول الخبير الاقتصادي إسماعيل الصراف: «فيما يتعلق بالرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب، من المهم أن ندرك أن تأثيرها المباشر في البحرين ودول الخليج قد يبدو محدودًا في البداية، من حيث الصادرات، حيث يشكل نسبة صغيرة فقط من إجمالي حجم صادراتنا، ولكن القلق الأكبر في التأثيرات غير المباشرة لهذه الرسوم، خاصة بالنسبة إلى البحرين التي تمتلك أعلى سعر تعادل مالي للنفط في المنطقة ( fiscal breakeven ). لقد أدت هذه الرسوم إلى خلق حالة من عدم اليقين الاقتصادي العالمي، مما أثر سلبًا في التوقعات الخاصة بنمو الطلب ووضع ضغوط نزولية على أسعار النفط. نظرًا لاعتماد اقتصادنا بشكل كبير على إيرادات النفط، فإن انخفاض أسعار النفط الناجم عن مثل هذه المخاوف التجارية الدولية يمكن أن يكون له تأثير سلبي كبير، وربما يكون أكثر خطورة من أي حواجز تجارية مباشرة مع الولايات المتحدة، وذلك يطرح ذلك تحديات، يجب أن يحفزنا أيضًا على مواصلة تنويع قاعدتنا الاقتصادية وتعزيز قدرتنا على التحمل ضد الصدمات الاقتصادية العالمية، ومن الضروري أن نظل يقظين ونشطين في التخفيف من هذه المخاطر، لضمان استمرارية ازدهار البحرين في المشهد الاقتصادي العالمي المتغير بسرعة.
وأضاف: «التأثيرات المباشرة للرسوم الجمركية الأمريكية على اقتصادات دول الخليج من المتوقع أن تكون محدودة، نظرًا إلى أن نسبة التبادل التجاري المباشر بين الولايات المتحدة ودول الخليج ليست كبيرة ومع ذلك، الأثر الأكبر والأكثر أهمية يأتي من خلال القنوات غير المباشرة، وخصوصاً تأثير هذه الرسوم على أسعار النفط العالمية. نظرًا إلى اعتماد دول الخليج الكبير على إيرادات النفط، فإن أي انخفاض في أسعار النفط نتيجة للمخاوف من تباطؤ النمو العالمي يمكن أن يكون له تأثير سلبي في هذه الاقتصادات ومع ذلك نظرًا إلى التنوع الاقتصادي الجيد الذي تتمتع به دول الخليج، قد يكون هذا التأثير محدودًا».
أما بالنسبة إلى البورصات المحلية والخليجية، فإنها تتأثر بشكل كبير بتقلبات الأسواق العالمية، وبالأخص السوق الأمريكية، ولكن المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، والتي تفاقمت بسبب الرسوم الجمركية، التي تؤدي إلى تقلبات في التوقعات الاقتصادية وبالتالي تؤثر سلبًا في أداء المؤشرات البورصية في الخليج، والتي تؤكد أهمية الاستعداد والمرونة في السياسات الاقتصادية لدول الخليج للتعامل مع هذه الأوضاع المتغيرة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار الخليج
منذ 3 أيام
- أخبار الخليج
فرص اقتصادية جديدة في الخليج بعد زيارة الرئيس ترامب
بقلم: رجل الأعمال المهندس إسماعيل الصراف شكّلت زيارة الرئيس دونالد ترامب للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ودولة قطر محطة مهمة في تعزيز الحوار الاقتصادي بين الخليج والولايات المتحدة. الزيارة لها آثار اقتصادية عميقة، حيث فتحت الأبواب واسعة أمام شراكات استراتيجية واستثمارات مستقبلية، يمكن لدول الخليج أن تستفيد منها لتعزيز الاستقرار والتنمية المستدامة. وتأتي هذه الزيارة في وقت تتسارع فيه وتيرة التنمية في دول مجلس التعاون، من خلال مشاريع عمرانية ضخمة، وقطاعات خدمية مبتكرة، وتوسع متزايد في الأنشطة غير النفطية. وهنا تبرز فرصة تاريخية للاستفادة من الانفتاح التجاري وتنامي الثقة الدولية في اقتصادات الخليج، عبر جذب رؤوس الأموال الأمريكية، والاستفادة من القوة المالية العالمية التي تُدار عبر مؤسسات الولايات المتحدة، والتي تتجاوز أصولها 100 تريليون دولار حول العالم. وتُعد البحرين وبقية دول الخليج بيئة جاذبة لهذا النوع من الشراكات، لا سيما في ظل وجود استراتيجيات واضحة لتنويع الاقتصاد وتطوير قطاعات مثل السياحة، التكنولوجيا، اللوجستيات، والصناعات التحويلية. ويمكن تحويل الزخم الناتج عن هذه الزيارة إلى برامج استثمار مباشرة، يتم تسويقها في الولايات المتحدة كفرص نمو مستقر في منطقة ذات موقع استراتيجي وبيئة قانونية متقدمة. ومن جهة التبادل التجاري، فإن أرقام التجارة بين الخليج وأمريكا تتجاوز مئات المليارات من الدولارات سنويًا، وتشمل الطاقة، الطيران، الدفاع، والخدمات. ولكن التركيز في المرحلة القادمة يمكن أن يتحول نحو التجارة النوعية ذات القيمة المضافة، من خلال توسيع قاعدة التصنيع المشترك، وربط سلاسل التوريد الخليجية بالأسواق الأمريكية. في المقابل، يمكن أن تسهم هذه المرحلة في تعزيز قطاع السياحة الخليجية، من خلال الترويج المدروس للمنطقة كوجهة فاخرة ومتنوعة، خاصة مع اكتمال عدد من المشاريع السياحية العملاقة في البحرين والإمارات والسعودية. وتحمل هذه التحركات إمكانات كبيرة في استقطاب السائح الأمريكي عالي الإنفاق، ورفع إسهام السياحة في الناتج المحلي الإجمالي. لضمان استدامة هذه التحولات، تبرز أهمية تفعيل أدوات رقابية ومؤسساتية تضمن حسن إدارة الموارد، وتوجيه الاستثمارات نحو قطاعات استراتيجية، إلى جانب تطوير الكفاءات الوطنية واستدامة التوظيف المحلي في مشاريع ذات طابع عالم. في المحصلة، فإن زيارة ترامب شكلت دافعًا مهمًا نحو مرحلة اقتصادية جديدة في المنطقة، قائمة على الشراكة، والربح المشترك، والاستفادة من الزخم العالمي، لتأكيد موقع الخليج كمحور للاستثمار والإنتاج والخدمات في العالم. * ماجستير تنفيذي بالإدارة من المملكة المتحدة (EMBA). عضو بمعهد المهندسين والتكنولوجيا البريطانية العالمية (MIET).

أخبار الخليج
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- أخبار الخليج
ترامب يتوقع التحدث إلى الرئيس الصيني بعد الاتفاق على خفض الرسوم الجمركية
واشنطن - (أ ف ب): أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الاثنين أن العلاقات بين بلاده والصين خضعت لـ«إعادة ضبط» كاملة، مشيرا الى أنه قد يتحدث هاتفيا الى نظيره شي جينبينغ في نهاية الأسبوع الحالي. وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض: «في الأمس قمنا بإعادة ضبط كاملة بعد مباحثات إيجابية مع الصين في جنيف»، في إشارة الى توصل البلدين الى اتفاق بشأن خفض كبير للتعرفات الجمركية المتبادلة مدة 90 يوما. وأضاف: «العلاقة جيدة للغاية. سأتحدث الى الرئيس شي ربما في نهاية الأسبوع». فقد أعلنت الولايات المتحدة والصين أمس الاثنين اتفاقا لخفض كبير في الرسوم الجمركية المتبادلة مدة 90 يوما ما ينزع فتيل حرب تجارية هزت أسواق المال وأثارت مخاوف من حدوث تباطؤ اقتصادي عالمي. وعقب أول محادثات بينهما منذ أن شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حربه التجارية، اتفق أكبر اقتصادين في العالم كذلك على مواصلة المفاوضات، بحسب ما جاء في بيان مشترك. وقال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت إن المحادثات التي جرت نهاية الأسبوع الماضي مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني هي ليفينغ وممثل التجارة الدولية لي تشنغانغ «مثمرة» و«حازمة». وأكد بيسنت للصحفيين أن الجانبين أبديا قدرا كبيرا من الاحترام. وكان ترامب قد أعلن الشهر الماضي فرض رسوم جمركية بنسبة 145 % على السلع المستوردة من الصين مقارنة برسوم نسبتها 10 % على دول أخرى وردت الصين بفرض رسوم بنسبة 125 % على السلع الأمريكية. وأعلن بيسنت أن الجانبين اتفقا على خفض تلك الرسوم بمقدار 115 نقطة مئوية، لتصل الرسوم الأمريكية إلى 30 % والصينية إلى 10 % . وقال بيسنت لشبكة «سي ان بي سي» أمس الاثنين: إنه يتوقع أن يجتمع ممثلو الولايات المتحدة والصين مرة أخرى في الأسابيع المقبلة للتوصل إلى «اتفاق أكثر شمولا». وبينما لا ترغب واشنطن بوقف التعامل مع الصين، قال بيسنت: «ما نريده هو عدم الاعتماد على الصين في السلع الحيوية» التي واجهت البلاد صعوبة في الحصول عليها خلال جائحة كوفيد-19. وأضاف أن الهدف من خفض الرسوم الجمركية المتبادلة مدة 90 يوما هو أيضا معرفة ما يمكن للولايات المتحدة فعله بشأن الحواجز غير الجمركية التي تُثقل كاهل الشركات الأمريكية. ورحبت الصين بـ«التقدم الكبير» الذي أُحرز في المحادثات. وقالت وزارة التجارة الصينية: إن «هذه الخطوة ... تصب في مصلحة البلدين والمصلحة المشتركة للعالم» مضيفة أنها تأمل في أن تواصل واشنطن العمل مع الصين «لتصحيح الممارسة الخاطئة المتمثلة في رفع الرسوم الجمركية من جانب واحد». وسجل الدولار الذي تراجع بعد إطلاق ترامب حربه التجارية في أبريل، ارتفاعا ملحوظا مدفوعا بهذه الأنباء، كما ارتفعت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية. وبدورها ارتفعت أسهم الأسواق الأوروبية والآسيوية التي اهتزت جراء الحرب التجارية مثيرة مخاوف من أن تؤدي الرسوم الجمركية إلى تفاقم التضخم والتسبب في تباطؤ اقتصادي عالمي. وأكد الممثل التجاري الأمريكي، جيميسون غرير للصحفيين أن نسبة الرسوم الجمركية الأمريكية ما زالت أعلى من الصينية إذ تشمل ضريبة بنسبة 20 % فُرضت على خلفية شكاوى أمريكية بشأن صادرات الصين من المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة الفنتانيل. وأضاف «هذه الرسوم لم تشهد تغييرا حاليا»، مضيفا أن «الصين والولايات المتحدة اتفقتا على العمل معا بشكل بنّاء بشأن الفنتانيل، وهناك مسار إيجابي للتقدم في هذا المجال أيضا». وفي بيانهما المشترك اتفق الجانبان على «وضع آلية لمواصلة المباحثات حول العلاقات الاقتصادية والتجارية».


أخبار الخليج
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- أخبار الخليج
مفاوضات تجارية بين الولايات المتحدة والصين هدفها التهدئة
جنيف – (أ ف ب): بدأ مسؤولون اقتصاديون صينيون وأمريكيون كبار محادثات في جنيف أمس السبت، في محاولة لتهدئة الأوضاع في ظل الحرب التجارية التي أطلقها دونالد ترامب وبدأت ترخي بثقلها على أكبر اقتصادين في العالم. وقالت قناة «سي سي تي في» الصينية، «في صباح العاشر (من مايو)، بدأت المحادثات الاقتصادية والتجارية رفيعة المستوى بين الصين والولايات المتحدة في جنيف في سويسرا». وتُعقد المفاوضات التي تعدّ الأولى من نوعها بين البلدين منذ فرض ترامب رسوما جمركية واسعة النطاق، السبت والأحد في المدينة السويسرية الواقعة على بحيرة ليمان، بين وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت والممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير ونائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ. وأُحيط مكان اللقاء بسرية تامّة. والجمعة، أبدى ترامب نيّته خفض التصعيد، باقتراحه خفض الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الصينية، من 145 في المئة إلى 80 في المئة. وقال وزير التجارة هاوورد لوتنيك لشبكة «فوكس نيوز»، إنّ «الرئيس يرغب في حل المشكلة مع الصين. وكما قال، فهو يرغب في تهدئة الوضع». مع ذلك، لا تزال هذه الإيماءة رمزية، لأن الرسوم الجمركية لا تزال مرتفعة للغاية على معظم الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة. ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير، استخدم دونالد ترامب الرسوم الجمركية كأداة سياسية. وفرض رسوما وصلت إلى 145 في المئة على السلع القادمة من الصين، إضافة إلى الرسوم المفروضة في الأساس. وردّت بكين، التي تعهّدت محاربة الرسوم الجمركية التي فرضها دونالد ترامب «حتى النهاية»، من خلال فرض رسوم بنسبة 125 في المئة على المنتجات الأمريكية. ونتيجة لذلك، توقفت التجارة الثنائية عمليا كما شهدت الأسواق اضطرابات قوية. وعشية المحادثات، قالت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونغو أيويالا، إنّ المفاوضات المقرّر عقدها في جنيف تشكّل «خطوة إيجابية وبنّاءة نحو خفض التصعيد». من جانبه، اعتبر وزير اقتصاد الدولة المستضيفة غاي بارميلان، أنّ «تحدّث الطرفين مع بعضهما البعض يعدّ نجاحا بحد ذاته». ويبدو أن نائب رئيس الحكومة الصينية وصل إلى طاولة المفاوضات حاملا ورقة رابحة. فقد أعلنت بكين الجمعة ارتفاع صادراتها بنسبة 8, 1 في المئة في أبريل، وهو رقم أعلى بأربع مرات من توقعات المحللين، وذلك بينما تراجعت صادراتها إلى الولايات المتحدة بحوالي 18 في المئة. وبحسب الصينيين، فإنّ الأمريكيين هم الذين طلبوا إجراء هذه المحادثات. ولكن المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت حذرت من أنّ الرئيس دونالد ترامب «لن يخفض الرسوم الجمركية على الصين من جانب واحد. يجب أن نرى تنازلات من قبلهم أيضا». من جانبه، قال وزير التجارة الأمريكي هاوورد لوتنيك عبر شبكة «سي ان بي سي»، «أعتقد أن هذه هي النتيجة التي أمل الرئيس في الحصول عليها، عالم خال من التصعيد حيث نبدأ من جديد بالتجارة مع بعضنا البعض، وحيث نعمل معا على اتفاق كبير». وقالت بوني غلايزر التي تدير برنامج المحيطَين الهندي والهادئ في صندوق مارشال الألماني، وهو مركز أبحاث مقرّه واشنطن، لوكالة فرانس برس، إنّ «النتيجة المحتملة للمحادثات في سويسرا قد تكون الاتفاق على تعليق معظم – إن لم يكن كل – الرسوم الجمركية المفروضة هذه السنة، طوال مدة المفاوضات الثنائية». أمّا ليزي لي المتخصّصة في الاقتصاد الصيني في معهد سياسات جمعية آسيا ومقرّه الولايات المتحدة، فتوقّعت «لفترة رمزية ومؤقتة»، يمكن أن «تخفّف التوترات، لكنّها لن تحلّ الخلافات الجوهرية».