
كيف ضاعت فرصة بناء دولة الوحدة
يصادف يوم الخميس القادم الموافق 22 مايو 2025م اكتمال العام الخامس والثلاثين لإعادة تحقيق وحدة الشعب اليمني في العصر الحديث، وقيام الجمهورية اليمنية التي تم إعلانها في 22 مايو عام 1990م
ولأن هذا الإنجاز التاريخي كان عظيما فقد أعتقد كل أبناء الشعب اليمني في الشطرين سابقا شمالاً وجنوباً بأن مشاكلهم قد انتهت وانتهى معها عصر الحروب التي ظلت قائمة بدرجات متفاوتة طيلة فترة التجزئة، وأن عصراً جديداً قد حل لتبنى خلاله الدولة الوطنية الحديثة والتفرغ لاستخراج خيرات اليمن التي حباه الله بها، ولم تستغل بعد فينافس جيرانه من حيث البناء والتقدم والاعتماد على النفس ووضع حد لهجرة اليمنيين التي تتزايد عاما بعد آخر إلى الخارج بحثا عن لقمة العيش.
لكن هذا الأمل الكبير سرعان ما تلاشى مُنذ الأيام الأولى لإعادة توحيد الشطرين، والسبب أن الشعب اليمني لم يتوفق بقيادة سياسية حكيمة تكون عند مستوى المسؤولية، وعند مستوى تحقيق تطلعاته وطموحاته، وتتعامل مع هذا الإنجاز التاريخي بما يستحقه من الاحترام والتبجيل والمحافظة عليه كونه الإنجاز الأبرز الذي تشهده الأمة العربية من محيطها إلى خليجها، وحظي بتأييد كبير على كل المستويات محلياً وإقليمياً وعالمياً، فلم تمض سوى أسابيع قليلة حتى تبينت النيات الخاسرة لمن تحملوا المسؤولية الذين كان الشعب اليمني يثق بهم وينظر إليهم بأنهم بصنيعهم هذا المترجم للإرادة الشعبية قد دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه وفي المقدمة شريكا اتخاذ القرار علي سالم البيض وعلي عبدالله صالح حيث الأول كان هو الذي أصر على تحقيق الوحدة الاندماجية المقترنة بالحرية والديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية والصحافية، وقد وافقه الأخير الذي كان يحمل مشروعا كنفودراليا أو اتحاديا على مضض، وهو ما أعطى جرعة كبيرة من الحرية والديمقراطية فوق مستوى وعي الشعب ومسؤوليه في وقت كان الشعب فيه بشطريه مكمم الأفواه ولا يسمح له بالخروج عن رأي السلطة وإرادة الحاكم فتم استغلال هذه الجرعة الكبيرة من الحرية لتصفية الحسابات، وليس لخدمة قضايا الوطن، بينما انشغلت قيادة الوحدة بخلافاتها حيث كان كل طرف يضمر الشر للطرف الآخر منذ الشهر الأول لإعلان الوحدة.
وعليه نعتقد أن الوقت قد حان للإشارة لبعض هذه الخلافات على الأقل ليعرف الجيل الجديد كيف تم الالتفاف على منجز عظيم كان كفيل لو حسنت النيات لقياداته أن يجعلوا اليمن يستعيد مجده ويكون الأول في المنطقة ولا يقل في مسيرته عن جيرانه الأثرياء الذين ينظرون إليه باستعلاء خاصة السعودية وهو البلد صاحب التاريخ العريق بحضارته الموغلة في القدم والمشهود له من قبل النبي الأعظم محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام بالحكمة والإيمان، كانت أولى الأخطاء التي ساعدت على تفاقم الصراع بين شريكي إعادة تحقيق الوحدة تتمثل في أن علي سالم البيض كان يعتقد بأن نفوذ الحزب الاشتراكي اليمني في المحافظات الشمالية سيكون كفيلا عند إجراء أول انتخابات باكتساح الساحة اليمنية للحصول على الأغلبية فيتسنى بذلك للحزب حكم اليمن بنظريته الاشتراكية وهو ما أزعج شريكه علي عبدالله صالح الذي لجأ إلى اسلوب الاغتيالات لكوادر الحزب الاشتراكي ورغم ارتفاع عدد الكوادر التي تم اغتيالها إلى أرقام مخيفة إلا أنه لم يتم القبض على جاني واحد وكانت تسجل كل قضايا الاغتيالات ضد مجهول الأمر الذي جعل علي سالم البيض يلجأ إلى الاعتكاف في عدن بدلاً من الضغط على الأجهزة الأمنية لمعرفة الجناة والقبض عليهم وهنا وجد علي صالح في تصرف البيض نقطة ضعف فكان يختلق له قضايا يستفزه بها ليزداد الوضع تفاقماً وبدأ ينتقم لهزائمه في الثمانينيات من قبل الجبهة الوطنية المدعومة من قيادة الشطر الجنوبي آنذاك حيث وصل نفوذها إلى منطقة الرضمة وكادت تتسبب في إسقاط حكمه، وانتقاما أيضا من الجيش الجنوبي الذي هزم الجيش الشمالي مرتين عامي 1972م و1979م فتحول الصراع بين الشريكين إلى صراع شخصي سحب نفسه سلباً على ما كان يعول عليه الشعب اليمني من تحقيق منجزات عظيمة حُرم منها في ظل حكم الشطرين سابقاً فوصلت حدة الخلافات إلى أن أصبحت علنية حيث كان كل طرف يهاجم الطرف الآخر خاصة بعد خسارة الحزب الاشتراكي للانتخابات البرلمانية عام 1993م وهي أول انتخابات تجرى في ظل راية الجمهورية اليمنية ولم يحصل سوى على مقعد واحد في مأرب من المحافظات الشمالية وكذلك لم يحصل المؤتمر الشعبي العام على مقاعد في المحافظات الجنوبية مما يدل على أن الاندماج كان شكلياً وليس حقيقياً وأن كل طرف كان يحتفظ بمؤسساته كدولة داخل الدولة، وكانت المفاجأة أن حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون) الذي أسسه علي صالح كمنافس للحزب الاشتراكي احتل المركز الثاني في مجلس النواب بعد المؤتمر الشعبي العام، وهنا كانت الكارثة فلم تمض إلا أشهر قليلة على قيام مجلس النواب الجديد حتى تفاقمت الخلافات والانشقاقات وتسخير كل طرف وسائله الإعلامية لمهاجمة الطرف الآخر وبدأت القيادات الجنوبية تهجر صنعاء إلى عدن فتدخلت أطراف أخرى داخلية وخارجية للوساطة نتج عنها ما عُرف بوثيقة (العهد والاتفاق) التي تم التوقيع عليها في العاصمة الأردنية عمان تحت رعاية الملك الراحل حسين بن طلال، ومع أن بنود هذه الوثيقة كانت تخدم بالدرجة الأولى علي سالم البيض وحزبه وسببت إزعاجاً لعلي عبدالله صالح وحزبه ولحليفه حزب الإصلاح إلا أن غباء علي سالم البيض وتصرفه الأحمق قد خدم خصمه علي عبدالله صالح من حيث لا يحتسب فبدل من أن يعود إلى صنعاء بعد التوقيع على الوثيقة غادر الأردن إلى السعودية ثم العودة إلى عدن فتحول الرأي العام اليمني ضده ولم يرتاح لتصرفاته وبدأت بعض الأصوات ترتفع منادية بالانفصال وهو ما جعل علي عبدالله صالح يرفع شعار الوحدة أو الموت في خطاب له ألقاه في ميدان السبعين يوم 27 ابريل عام 1994م فاعتبره الحزب الاشتراكي خطاب حرب وفعلا ففي نفس اليوم انفجرت الأوضاع في عمران بين اللواءين المدرعين، وبعد أسبوع انفجرت الحرب بشكل رسمي حيث كل طرف كان محتفظا بقواته وكأن اليمن ما يزال يعيش الوضع التشطيري سابقاً وليس وضع الوحدة التي حلت محل الشطرين.
ومع أن تعاطف الشعب كان إلى جانب علي سالم البيض لكنه ارتكب خطأ آخر لا يغتفر أخرجه من التاريخ من أوسع أبوابه بعد أن كان قد دخله من أوسع الأبواب بإصراره على تحقيق الوحدة الاندماجية مصدقا نصائح حُكام مصر والسعودية والخليج آنذاك فأعلن الانفصال يوم 21 مايو 1994م من محافظة حضرموت وهو ما أعطى فرصة لخصمه للانقضاض عليه وإنهاء مشروعه الانفصالي راكباً حصان الشرعية ليقف الشعب اليمني بأكمله إلى جانب الوحدة ماعدا المؤدلجين بشعارات جوفاء والذين لا يزالون يحملونها ومتمسكين بها إلى يومنا هذا فآلت الأمور بعد تلك الحرب المشؤومة لحكم الفرد الذي أصابه الغرور وظل يرقص حسب زعمه فوق رؤوس الثعابين فلا هو حافظ على الأرض اليمنية التي لم يفرط بها أي حاكم قبله لا ملكي ولا جمهوري وأدخل اليمن في متاهات ضاع فيها الشعب وضاع هو شخصياً لتكون نهايته مأساوية وضاعت منه الفرصة التي لم تتوافر لحاكم قبله لا في التاريخ القديم ولا الحديث لبناء دولة نظام وقانون ودخول التاريخ من أوسع أبوابه وإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 36 دقائق
- اليمن الآن
"عمار" إبن بائعة اللحوح الذي أصبح قاتلاً حوثياً
"عمار" إبن بائعة اللحوح الذي أصبح قاتلاً حوثياً قبل 19 دقيقة "عمّار" ابن امرأة عاثرة الحظ في صنعاء، مطلقة وهاربة من أسرتها الريفية، كانت حتى العام 2011 تعمل في بيع اللحوح مكتفية بإيرادها المحدود عن سؤال الناس، لكنها منذ تلك السنة العاصفة بأحداث2011، بدأت تشعر بثقل المعيشة، وبات ما تحصّله من كدها وشقائها بالكاد يفي بإيجار منزلها المتواضع في حي الصافية جنوب العاصمة . وجد عمّار(12 عاماً) نفسه مجبراً على ترك مدرسته والالتحاق بعمل ينقذه وأمه من الذل والهوان، ومن بيع المناديل في الجولات إلى بيع الماء إلى القات تنقل عمّار غير مدرك المسار الذي ستلقيه فيه الظروف السياسية المتغيرة .. في ساحة "التغيير" حط عمّار رحاله يبيع الماء المثلج للثوار الإفتراضيين، كان يدخل خيامهم، يستمع نقاشاتهم، وصراخهم الهيستيري، ويردد معهم "إرحل" بقلب مخلص لاعناً النظام وسنسفيل أبو النظام الذي قيل له أنه السبب في معاناته، وأنه إذا سقط سيأكل المندي والدجاج الحرازي كل يوم. الصدفة قادت "عمار" إلى خيام "أنصار الله" وهناك تشرب مع الجموع المسحورة بالشعارات والأهازيج الثورية القتالية حب "السيد" فهام به عشقا حتى أنه تمنى لو كان هو أباه وكل أهله. غسيل الدماغ استمر في حياة عمّار وتدرجت به الخطى حتى بلغ مرتبة لا بأس بها في الإطار التنظيمي لمليشيا الحوثيين ويوم اندلاع الحرب 2015م استخدمه واحد من مساعدي رئيس المليشيا الذين يطلق عليهم إسم "مشرف" يأتمر بأمره وينفذ المهام التي يمليها عليه. تلك المهام كانت تحمل خصوصية وسرية عالية تتراوح بين الإيذاء اللفظي لمعارضي "السيد" في الواقع وفي وسائل التواصل وبين استخدام العنف الجسدي المباشر لإرهابهم وأحياناً قتلهم. حياة عمّار لا تختلف كثيراً عن حياة مئات الشباب وصغار السن الذين قادتهم الأوضاع السياسية إلى تغييب عقولهم وعبادة صنم "السيد" واتباع أوامره ونواهيه حتى لو كانت منافية للمنطق وفيها ما يناقض الدين والقيم الاجتماعية والأخلاقية. عمّار أعرفه شخصيًا كان وديعًا حالمًا في طفولته لكنه الآن أحد الوحوش الآدمية التي تستخدمها الميليشيا لفرض إرادة "السيد" في أوساط المجتمع. ليس الفقر ولا المصالح ولا الأموال وحدها هي من صنعت أسطورة الحوثي، بل هو الجهل وغياب الوعي وقبل كل هذا وذاك الأحداث والمتغيرات السياسية والميديا الثورية التي أوجدت جيلًا فاقدًا للبوصلة تم استثماره من قبل المليشيا بأبشع صورة. اليوم في صنعاء وغيرها من الحواضر التابعة لسلطة الحوثي نجد تفاوتاً هائلاً في الوعي بين جيل 2011م وما قبله .. فبينما من تفتحت مداركهم في جنة الاستقرار قبل ذلك التاريخ الأسود وترسخت لديهم أسس التفكير المنطق السليم القادر على اكتشاف الزائف وتمييزه عن الحقائق الدامغة ظلوا على ثباتهم في مواجهة غسيل الدماغ الاجتماعي الذي مارسته جماعة الحوثي على مدى عشر سنوات .. إلا أن قسمًا كبيرًا من جيل "عمّار" باتوا أدوات صماء بكماء بيد الجماعة وأصبحنا نسمع عن أبناء يذبحون آباءهم .. وآباء يرمون أولادهم في جبهات الجحيم من أجل لا هدف فقط من أجل إرضاء سادتهم وإلههم "عبد الملك الحوثي" الذي لا ترضيه إلا صرخات الموت والانتحار الجماعي . عمّار اليوم كما سمعت أصبحت له كنية "أبو حسن" وشأن وسطوة لكنه حين يمر ببائعات اللحوح في أي سوق شعبي يتذكر أمه التي تنكر لها وقسا عليها لأنها لم تستسلم مثله لغسيل الدماغ ولم تقبل أن يكون بشرًا مثلها سيدا عليها تعبده من دون الله.


وكالة الأنباء اليمنية
منذ ساعة واحدة
- وكالة الأنباء اليمنية
البيضاء.. مسيرات حاشدة رفضا لجريمة الإبادة والتجويع بحق الأشقاء الفلسطينيين
البيضاء - سبأ : شهدت محافظة البيضاء اليوم مسيرات جماهيرية في مركز المحافظة والمديريات إسنادا للشعب الفلسطيني تحت شعار "ثباتاً مع غزة.. سنصعد في مواجهة جريمة الإبادة والتجويع". ورفعت الحشود في المسيرات التي تقدّمتها القيادات المحلية والتنفيذية ومسؤولو التعبئة والعلماء والشخصيات الاجتماعية، العلمين اليمني والفلسطيني، ورددت الشعارات المنددة باستمرار العدو الصهيوني في ارتكاب الجرائم المروعة في غزة. وأكدت الاستمرار في الموقف الثابت والمبدئي في مساندة الأشقاء الفلسطينيين، ومواصلة التحشيد والتعبئة وتعزيز الجاهزية للتصدي للعدو الصهيوني. وجددت التأكيد على مواصلة التعبئة والتحشيد والاستعداد لتنفيذ خيارات قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي لنصرة الشعب الفلسطيني. وأكد بيان صادر عن المسيرات الثبات على الموقف المشرف المساند للشعب الفلسطيني والتفويض للقيادة، والتأييد لكل القرارات والخيارات والعمليات العسكرية ضد كيان العدو الصهيوني. ولفت إلى أنه وأمام أبشع جرائم الإبادة الجماعية في العصر الحديث، يؤكد الشعب اليمني أنه لن يقبل بأن يكون جزءاً من هذا العار، بل يسجل موقفه أمام الله، وخلقه ودينه وكتابه الكريم، بأنه لم يقبل، ولن يقبل، ولن يسكت، ولن يتراجع، بل سيواصل بكل ثبات، ويقين، ووفاء، حتى يكتب الله النصر والفرج لغزة، ويتحقق وعد الله. ودعا شعوب الأمة إلى التحرك والخروج من هذا العار، وتسجيل موقف عملي تجاه هذه الجرائم التي تنفطر لها القلوب والأكباد، وإلا فإن عذاب الله في الدنيا والآخرة، هو النتيجة المحتومة لكل متآمر أو متخاذل. وعبر عن الفخر والاعتزاز بالعمليات العسكرية لقواتنا المسلحة ضد كيان العدو الصهيوني، والتي ألحقت به الضرر الكبير.. سائلا الله سبحانه وتعالى التوفيق للقوات المسلحة لتطوير القدرات، والارتقاء بها، لفعل ما هو أكبر وأشد بهذا العدو المجرم الظالم الكافر، وصولاً إلى ردعه ودفعه لوقف العدوان ورفع الحصار عن غزة. كما عبر عن الاعتزاز بالصمود التاريخي والصبر العظيم والملاحم البطولية التي يسطرها أبناء غزة مقاومة وشعباً.. داعيا الأمة لاستلهام دروس الثبات والصبر والعطاء منهم، وأن يعلموا بأن غزة اليوم - وهي في أصعب وأقسى الظروف - ترفض الاستسلام وتُفشل وتُحبط العدو من تحقيق أي هدف. وتساءل البيان "فما هو مبرر من يتخاذل ويستسلم بحجة العجز وهو يمتلك الإمكانات الكبيرة والمقومات الهائلة للمواجهة بما لا يقارن مع غزة".


وكالة الأنباء اليمنية
منذ ساعة واحدة
- وكالة الأنباء اليمنية
الردع اليمني يهزم النووي الأمريكي: كيف أفحَمت المسيرة القرآنية جنرالات الهروب الكبير؟
صنعاء- سباء: مركز البحوث والمعلومات: بشير القاز في زمنٍ تهاوت فيه جيوش وأنظمة أمام آلة الدعاية الصهيوأمريكية وسطوة الدولار والحاملات والصواريخ والطائرات، وقف اليمن وحده ليعلن أن الهيبة الأمريكية يمكن كسرها، وأن "الصرخة" لم تكن مجرد شعار، بل مشروع حياة ورؤية نصر. هذه الدراسة ليست مجرد رصد لعملياتٍ عسكرية، بل شهادة معرفيّة على معادلة ردع ٍ من خارج قواعد الاشتباك التقليدية، ردعٌ يمانيٌّ لا يُفاوض على الكرامةِ ولا يساوم على السيادة من خطابات السيد القائد إلى صواريخ الردع، ومن الحصار إلى الصعود، ومن المُدن والقُرى المُستَهدَفة إلى البحار المسجورة، ليكتب اليمن قصته الاستثنائية، قصة لا تصنعها المصانع، بل العقيدة، ولا تحويها التحليلات النظرية، بل البصيرة والدم. تنطلق الدراسة من الإطار المرجعي الذي أسّسه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، وكرّسه عملياً السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله، لتكشف عن عَظَمَة المشروع القرآنيّ وهو يحوّل جمود العقيدة الإيمانية إلى خطابٍ تعبويٍّ فاعل، ثم إلى بُنيةٍ عسكريةٍ ردعيةٍ متماسكة. وهي دراسة مُقنعة لمن أراد أن يفهم لماذا ارتجفت حاملات الطائرات الأمريكية وولّت هاربةً أمام شعب لا يملك إلا يقينه بالله؟، ولماذا فشلت كل أقمار التجسّس أمام رجالٍ تربّوا على سورة "الأنفال"! عنى الباحث من خلال هذه الدراسة بتقديم تحليلٍ عميق لجذور هذا الردع، ومفاهيمه، وتطبيقاته الواقعية، وتحليل استراتيجيات الردع "اللامتماثل" التي وظّفها اليمن في ظل العدوان والحصار، كما استعرض الوقائع والمواقف التي كشفت عن مدى هشاشة الوهم الأمريكي بشأن الهيمنة والتفرّد بالقرار السياسي والاستراتيجي في المنطقة. وكما سعى الباحث إلى تقديم قراءة شاملة للتجربة اليمنية، باعتبارها نموذجاً حديثاً لصناعة الردع من خارج المعايير الغربية التقليدية، فقد استنتج واستخلص منها وعنها دروساً وتوصيات لصانعي القرار وللباحثين وغيرهم، بدلالاتٍ استراتيجيةٍ قابلة للتوظيف في بناء وعيٍ مقاومٍ جديد، يواجه مشاريع الإخضاع بعقلية التحرر. لقراءة التفاصيل على الرابط التالي: