
«الثلث الجلي».. الحرف العربي يعزف للأخلاق
الشارقة: علاء الدين محمود
لعل من أجمل اللوحات الخطية التي يبدعها الفنانون تلك التي تتمثل القيم والأخلاق الرفيعة، وتدعو لها عبر الممارسات الإبداعية التي تعبر عن التوجه الفني للخطاط، وتجعل المشاهد في رحلة سفر روحي نحو عوالم غاية في الجمال.
ومن الأقلام التي ولع بها الخطاطون العرب والمسلمون «الثلث الجلي»، الذي يكاد يكون أكثر الخطوط توظيفاً وشهرة، وذلك لقدرته الفائقة على صنع أشكال ولوحات وتصميمات جمالية، لكونه يتسم بالعديد من السمات والخصائص مما يجعله متفرداً بين بقية الأقلام العربية الأخرى، وهناك الكثير من الفنانين الذين اشتهروا بهذا النوع من الخط، وصنعوا العديد من اللوحات الخطية بنصوص مختلفة تنتمي إلى الثقافة الإسلامية وتتمثل قيمها الرفيعة.
وينحدر هذا القلم من خط الثلث، وأَضيف إليه اسم «الجلي»، من المرونة والجلاء؛ أي الوضوح، حيث يتميز بأنه يُكتب بشكل أكثر وضوحاً، مما جعله المفضل ليس على مستوى اللوحات الخطية فقط، بل وكذلك في مجال الكتابة على الجدران والمباني المعمارية بمختلف أشكالها، فمن مميزاته الأساسية أن في حروفه سعة ويتيح للخطاط مساحة كبيرة من الإبداع، وذلك ما جعله يستخدم بشكل كبير في واجهة المساجد والقباب وغير ذلك من المعالم الإسلامية.
ويتميز الثلث الجلي بذات الخصائص التي يتمتع بها خط الثلث من حيث المرونة ومتانة التركيب وبراعة التأليف، ومن أبرز ما يعرف به أن جملته تركب بعدّة أشكال باختلاف تركيب الحروف، مما يتيح المجال واسعاً أمام الخطاط ليبدع أشكالاً مختلفة ويبتكر في هذا الخط، بشرط مراعاة القواعد الأساسية للخط العربي، وبصورة عامة فإن هذا القلم أتاح لكل فنان أن تكون له طريقته وبصمته التي يتميز بها عن بقية الخطاطين الآخرين من حيث التعامل مع الحروف، لكنه في ذات الوقت يتطلب إتقاناً كبيراً على مستوى الدقة والتعامل مع التشكيل وحركات الإعراب وتوزيعها بصورة صحيحة من دون أن يحدث أي تشوه في العمل الفني، وهناك مدارس مختلفة في هذا المجال بغدادية وتركية وغير ذلك من اتجاهات خطية.
ولذلك كان الاهتمام بالثلث، وخاصة الثلث الجلي كبيراً بين الفنانين لما يتسم به من انسيابية ورشاقة، وذلك، وكما يشير كثير من شيوخ الخط، يكتب بذات السرعة التي يكتب بها خط النسخ، حيث إن استخدامه في الأساس قد جرى لغايات إبداعية وفنية وليس للكتابة فقط، ولئن كان هذا الخط مفضلاً لدى الفنانين، فهو كذلك بالنسبة للمتلقين، حيث إن الناظر للأعمال واللوحات المنجزة بخط الثلث يشعر بأبعاد جمالية متنوعة خاصة في ما يتعلق بانتظام الحركة، لذلك جرت العادة أن يعنى بتعليمه للناشئين الجدد.
ومن الخطاطين الذين برعوا في مجال «الثلث الجلي»، الخطاط السوري نضال إبراهيم آغا، الذي استطاع أن يقدم تجربة خطية مميزة عبر توظيف العديد من الخطوط وبصفة خاصة قلم «الثلث الجلي»، ومن هذه الأعمال اخترنا له لوحة تحمل نصاً قرآنياً من الآية رقم 2 من سورة الطلاق والتي جاء فيها: «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ»، وهو نص يحمل الكثير من الدلالات العظيمة التي تشير إلى أهمية التقوى في حياة المؤمن؛ ومن يتق الله فيما أمره به.
وعمل الخطاط على تمثل المعاني والقيم الجليلة والنبيلة الواردة في النص القرآني من أجل صناعة لوحة خطية يقف أمامها الناظر متأملاً ومتدبراً، حيث وظف جميع السمات التي يتميز بها «الثلث الجلي»، مطوعاً الحروف وحركات المد في إنجاز عمل فني مميز كتب باللون الأحمر بدرجاته الفاتحة والغامقة، مع إبراز للتشكيل وحركات الإعراب، وتداخل بديع للحروف بحيث تصنع في اشتباكها هذا كتلة، وذلك يشير إلى براعة الفنان وقدرته على التعامل مع هذا الخط مما أضاف الكثير من الأبعاد الجمالية للوحة.
نضال إبراهيم آغا من مواليد حمص 1983، تعلم الخط العربي على يد عدنان الشيخ عثمان ومحمد فاروق الحداد، وحصل على الإجازة في فن الخط العربي سنة 2014، وحاصل على ليسانس لغة عربية من جامعة طرابلس - لبنان، يعمل في مجال تدريس الخط العربي وله مشاركات في العديد من المعارض المحلية والعربية والدولية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 2 ساعات
- صحيفة الخليج
أخت سعاد حسني تتهم أسرة عبد الحليم حافظ بتشويه سمعة «السندريلا»
«الخليج» - متابعات اتهمت جيهان عبد المنعم، الأخت غير الشقيقة للفنانة الراحلة سعاد حسني، أسرة الفنان عبد الحليم حافظ بتشويه سمعة «السندريلا» والترويج لأكاذيب حول علاقتها به وزواجهما السري. وأشارت جيهان عبد المنعم في تصريحات صحفية إلى أن ما تروجه أسرة عبد الحليم حافظ يهدف إلى إظهار سعاد حسني بصورة سيئة والتقليل من قيمتها الفنية والشخصية. الزواج السري يعود إلى الواجهة عاد موضوع الزواج السري بين السندريلا والعندليب الأسمر، ليطفو على السطح مجدداً بعد نشر أسرة عبد الحليم حافظ لخطاب منسوب إلى سعاد حسني تشكو فيه من تجاهل عبد الحليم حافظ لها، على الرغم من حبها له، وتفضيله إيصال صديقهما مفيد فوزي إلى منزله بالسيارة عن البقاء للحديث معها. تسريب تلك الرسالة أثار غضب أسرة سعاد حسني، وأعاد النقاش حول حقيقة زواجها من عبد الحليم حافظ، المعلومة التي فشل المقربون منهما في الاتفاق على صحتها. الاتهامات المتبادلة تشتعل شهدت الفترة الأخيرة اشتعالاً في الاتهامات المتبادلة بين عائلة سعاد حسني وأسرة عبد الحليم حافظ. فبينما تتهم جيهان عبد المنعم أسرة العندليب بتشويه سمعة أختها، تلتزم أسرة عبد الحليم حافظ الصمت في بعض الأحيان، أو تصدر بيانات مقتضبة تنفي فيها الاتهامات، مؤكدة تقديرها لتاريخ الفنانة الراحلة. حكاية الحب التي لم تنتهِ العلاقة بين سعاد حسني وعبد الحليم حافظ، ظلت تمثل «حكاية حب» أسطورية في وجدان الجمهور العربي، حيث ارتبط اسماهما سوياً في العديد من الأعمال الفنية، وظهرت بينهما كيمياء خاصة على الشاشة، لكنهما لم يؤديا دور الحبيبين أبداً. وقالت سعاد حسني في مقابلة قديمة مع المحاور مفيد فوزي إنها لم تتح لها الفرصة لتكون حبيبة عبد الحليم حافظ في أي عمل فني، لكنها ظهرت بدور شقيقته، وهو ما قد يعكس مشاعرها تجاهه، لكن عيون الممثلة الدامعة عززت فكرة وجود قصة حب حقيقية بينهما لم تنتهِ حتى بوفاتهما. صرحت جيهان عبد المنعم بأن أسرة عبد الحليم حافظ قامت بنشر رسالة مزيفة يُزعم أنها لسعاد حسني، بهدف الإساءة إليها وتشويه صورتها. وأكدت أن هذه الرسالة لا تمت للحقيقة بصلة وتهدف إلى تضليل الرأي العام وتجاهل الحقيقة الكاملة وراء العلاقة بين سعاد حسني وعبد الحليم حافظ، وطالبت بضرورة تحري الدقة والرجوع إلى المصادر الموثوقة قبل تداول أي معلومات تتعلق بأختها الراحلة.


الإمارات اليوم
منذ 2 ساعات
- الإمارات اليوم
33 مليون كوب شاي على متن رحلات «طيران الإمارات» سنوياً
بشكل خاص تحتفي «طيران الإمارات» باليوم العالمي للشاي، الذي يصادف 21 مايو، إذ أعلنت أنها ستقدم علبة شاي فاخرة مجاناً لجميع العملاء على متن رحلاتها بهذه المناسبة. كما ستُقدّم صالات «طيران الإمارات» في مختلف أنحاء العالم مشروبات شاي مبتكرة من «ديلما»، إلى جانب الشاي التقليدي مع حلويات مختارة. وتحضّر «طيران الإمارات» أكثر من 33 مليون كوب من الشاي سنوياً لعملائها على متن الرحلات، إلى جانب تقديم مجموعة متنوعة من أنواع الشاي في صالاتها بالمطارات حول العالم. ويتلقى طاقم «طيران الإمارات» تدريباً خاصاً لكيفية المزج بين الشاي والطعام، لتقديم أفضل التوصيات للعملاء من خلال مدرسة ديلما المتخصصة للتدريب على الشاي، إذ يكتشفون أيضاً الأصول المستدامة لهذا الشاي، ويتذوقون النكهات الفريدة، ويتعلمون كيفية تحضير كوب الشاي المثالي، وتعزيز النكهة بمجموعة من الإضافات من النعناع الطازج إلى العسل والليمون.


الإمارات اليوم
منذ 2 ساعات
- الإمارات اليوم
«بيت الحكمة» يحتفي بمسيرة 13 قرناً من رسم الخرائط
يعيد «بيت الحكمة» في الشارقة إلى الواجهة تراثاً معرفياً من خلال معرض «فصول من الفن الإسلامي: أدب الرحلات»، الذي يستعرض مسيرة 13 قرناً من الاكتشافات والتدوين، ويأخذ الزوار في رحلة لتتبّع مراحل تطور علم الجغرافيا ورسم الخرائط، بدءاً من الرقاع اليدوية إلى الوسائل الرقمية الحديثة. ويفتح المعرض نافذة على عوالم وثّقها الرحالة المسلمون في مخطوطاتهم وكتبهم، مدفوعين بشغف الاكتشاف والفضول المعرفي، متنقلين بين الصحارى على ظهور الإبل أو عبر البحار، ومن خلال مخطوطات نادرة، وخرائط يدوية، ومشاهد دوّنها الرحالة بخط أيديهم، يتيح المعرض للزوار فرصة التعرّف إلى رحلات ابن بطوطة التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، ويوميات ابن جبير التي وثّق فيها مشاهداته في القدس ومصر والحجاز ونجد والعراق، كما يتتبّع التصورات الجغرافية لدى اليعقوبي، ويسلّط الضوء على إسهامات ابن ماجد في علم الملاحة، الذي اعتمد على النجوم كوسيلة لتحديد الاتجاهات في أعالي البحار. ويستمر معرض «فصول من الفن الإسلامي: أدب الرحلات» في بيت الحكمة، حتى الخامس من يوليو المقبل، ليسلّط الضوء على إبداعات أشهر الرحالة والجغرافيين ورسامي الخرائط في العصر الذهبي للعلوم وغيره من العصور، من خلال أربعة أقسام تركز على علم المسالك والممالك، وخرائط الإدريسي الشهيرة، والأدوات الملاحية القديمة، وأدب الرحلات في العصر الحديث.