
معرض «معابر» في الرياض... بين التقاليد والمستقبل
في حي جاكس الفني بالعاصمة السعودية تنافست العروض الفنية مستغلة الجو العام المفعم بالإبداع الذي صاحب إطلاق «أسبوع فن الرياض»، في 5 من الشهر الحالي. وبين الاستوديوهات التي قدمت عروضاً جماعية لفنانين صاعدين والمعارض المتفرقة التي أقيمت في أنحاء مدينة الرياض برز معرض بعنوان «معابر: من تراث الماضي إلى آفاق المستقبل» أُقيم في «لفت غاليري»، بحي جاكس.
المعرض من تنسيق القيمة الفنية غيداء المقرن، وكما يدل اسمه، يدعو زواره للعبور بين مراحل زمنية مختلفة مستكشفاً الماضي والمستقبل، من خلال التطور الهائل الذي تشهده مدينة الرياض.
يشير البيان إلى أن المعرض يبلور مفهوم «العبور والمساحات الانتقالية، الحواف التي يتلاقى فيها الماضي والحاضر والمستقبل»، عبر أعمال 5 فنانين هم: فهد النعيمة، وناصر التركي، وسعد الهويدي، وحمود العطاوي، وبرادلي ثيودور.
ينقسم العرض إلى 3 مناطق مترابطة: «جذور في التقاليد»، «المملكة اليوم»، «رؤية للمستقبل».
ويربط بين الأقسام المختلفة رسومات برادلي ثيودور الجدارية المزخرفة كخلفية حية تدعو الزوار إلى الدخول إلى عالم يتعايش فيه التاريخ والمعاصر.
جانب من معرض "معابر: من تراث الماضي إلى آفاق المستقبل" (خاص)
ينقلنا القسم الأول (جذور في التقاليد) إلى المشهد التأسيسي للمملكة العربية السعودية. هنا نرى جداريات فهد النعيمة بضربات فرشته المميزة روح ثقافة البدو، بينما تعكس تركيبات سعد الهويدي المفاهيمية المجسدة على هيئة نوافذ نجدية ملفوفة بأقمشة تقليدية، طبيعة الذاكرة والتراث. تقدم لوحات ثيودور الحيوانات والرموز الثقافية السعودية، المصورة بأشكاله الهيكلية الشهيرة، عدسة معاصرة تتيح لنا رؤية هذه الجذور التاريخية من خلال منظور شخص خارجي عن هذه الثقافة.
يشكل فهد النعيمة رمزية الماضي بحروف التجريد في أعماله المستوحاة من رموز بيئية، ففي لوحاته التي تتأمل في الإبل، يقدم النعيمة رؤيته الجمالية لهذه الحيوانات التي تترسخ في الذاكرة الجمعية للمجتمع السعودي، ويعبر عن علاقة فكرية عميقة مع هذا الكائن الذي يشكل جزءاً جوهرياً من تراثه؛ فالإبل بالنسبة له ليست مجرد كائنات حية، بل رموز تكتنز العديد من الدلالات: الصمود، الصبر، العزيمة، العلاقة المتشابكة مع الأرض.
النعيمة في أعماله يتخطى القوالب التقليدية للرسم، ولا يكتفي بتوظيف التراث كما هو، بل يعيد تشكيله ليتلاءم مع لغة الفن الحديث، مما يخلق تجربة بصرية حافلة بالتحدي والتجديد.
أما الدكتور سعد الهويدي، فيقدم أعمالاً فنية تستدعي الذاكرة الثقافية للمجتمع السعودي عن طريق استخدامه لرموز بصرية مستوحاة من البيئات التقليدية، مثل النوافذ النجدية والأقمشة التي تعكس الروح المحلية. في تركيبته الفنية، يطرح الهويدي أسئلة حول مفهوم الحفظ والإعادة، حول كيف يمكننا إعادة تشكيل ذاكرتنا الثقافية في إطار معاصر يعكس التحديات والمتغيرات التي تواجهها المجتمعات.
جانب من المعرض (الغاليري)
«المملكة اليوم» يغمرنا في الحاضر الحيوي سريع الخطى. يسلط هذا القسم الضوء على التفاعل بين التقاليد والابتكار؛ حيث يلتقي صخب المدن الحديثة بالنسيج الثقافي الدائم. نرى هنا أعمال حمود العطاوي التي تستخدم مفردات مادية يستخدمها الناس للتسبيح ويخلق منها أعمالاً ملونة تتجاوز التراث لتدمجه بالتكنولوجيا الحديثة. تجسد مسابحه الإلكترونية رحلة الإنسان الذي يواصل الاتصال بالجذور الثقافية عبر الوسائل الحديثة.
يستكشف التلوين التجريدي لكتل الألوان في عمل «جبال طويق» للفنان ناصر التركي رسالةَ الأمير محمد بن سلمان بأن «همَّة شعب السعودية مثل جبال طويق لن تنكسر»، مما يعكس حاضرنا وما نعمل عليه لبناء مستقبل مشرق. هذا العمل يُجسِّد الإصرار والقوة، ويعكس روح العزيمة في تحقيق الأهداف.
من المعرض (غاليري لفت)
أما صور ثيودور النابضة بالحياة للأيقونات المعاصرة، التي تم وضعها على خلفيات تمزج بين الزخارف التقليدية والمواد الحديثة، فتبرز التفاعل الديناميكي بين التراث والحداثة، مما يخلق توازناً بين الماضي والحاضر في رؤية فنية معاصرة تثير الإعجاب وتفتح الأفق لتفسير جديد للأيقونات الثقافية.
في هذا الجزء، يتجاوز المعرض الملموس ليستكشف الإمكانات المتعددة لمستقبل المملكة العربية السعودية.
من خلال لوحاته التجريدية، يعبّر ناصر التركي عن إيقاع فريد يمتزج فيه الخيال بالواقع. وتصبح أعماله أدوات لفهم العالم وتقديمه بصورة جديدة، لا تجسد الأشكال فحسب، بل تصوغ موسيقى بصرية تنقل المشاهد. تكشف لوحات التركي، التي تمثل مزيجاً من التجريد والرؤية، الأبعاد الداخلية للأشياء؛ حيث تتشابك الألوان والخطوط للتعبير عن العالم الداخلي للجسد والروح. وهو يفتح حواراً بين الطبيعة والإنسانية، ويمثل فنه استكشافاً مستمراً للذات الإنسانية وتساؤلاتها الوجودية.
يقدم المعرض أعمال تدعو الزائر لعالم يتعايش فيه التاريخ والمعاصر (خاص)
واستكمالاً لذلك، يصور برادلي ثيودور، من خلال شخصياته المتميزة والجريئة، مستقبل المملكة العربية السعودية كقوة جامحة - «حصان بري» يجسد الجمال والقوة والطاقة. وتجسد لوحاته الديناميكية الزخم المبهج لأمة في صعود. ويتعزز هذه الرؤية القوية بنقوش جدارية تعلن أن «كل الأنظار تتجه نحو السعودية»، مما يعكس حضور المملكة المتزايد على مستوى العالم وترقب العالم لسردها المتكشف.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مجلة هي
٢٣-٠٤-٢٠٢٥
- مجلة هي
10 شخصيات ملهمة تقود التحول الرائد في المشهد الفني السعودي
تشهد المملكة نهضة شاملة وتحول نوعي على كافة الأصعدة، حيث رسخت مكانتها في الخارطة العالمية كوجهة رئيسية لأهم الفعاليات والأحداث الثقافية والفنية، وعندما نتحدث عن المشهد الفني السعودي فنحن ولا شك أمام نموذج عالمي إبداعي للابتكار الفني والممارسات الفنية المتجددة وتعزيز الأشكال الجديدة من التعبير الإبداعي ودعم الفنانين، بينما تقف الكثير من الشخصيات السعودية وراء هذا التحول الرائد، سواء من خلال مناصبهم التنفيذية أو مساهماتهم الفنية الداعمة لهذا الحراك الفني على مستوى عالمي.. ومن ذلك لنلقي الضوء على 10 شخصيات ملهمة تقود التحول الرائد في المشهد الفني السعودي. دينا أمين دينا أمين الرئيس التنفيذي لهيئة الفنون البصرية "دينا أمين" الرئيس التنفيذي لهيئة الفنون البصرية، والتي تتولى من خلال منصبها تنظيم قطاع الفنون البصرية وتطويره على ضوء رؤية وتوجهات وزارة الثقافة وعبر مهام متعددة، والتي تعد من الخبرات السعودية المتخصصة في الفنون البصرية أكاديمياً ومهنياً، وربما يعد الحدث الفني الأخير وهو "أسبوع فن الرياض" هو خير دليل على كونها إحدى الشخصيات التي تقود التحول الرائد في المشهد الفني السعودي، حيث أشارت إلى أن هذا الحدث مثل منصة تجمع مختلف مكونات المشهد الفني في المملكة، وعزز الحوارات الهادفة بين المجتمعات الفنية المحلية والعالمية، هذا بالإضافة إلى كونه قد دمج الأصوات الفنية والتاريخية المختلفة، مما يسهم في رسم ملامح مستقبل الفن في المنطقة. الأميرة أضواء بنت يزيد بن عبدالله الأميرة أضواء بنت يزيد بن عبدالله الأميرة "أضواء بنت يزيد آل سعود" المستشارة بوزارة الثقافة، والتي أسست مؤسسة الفن النقي للثقافة والفنون L'Art Pur والتي تعد إحدى الشخصيات البارزة في دعم الحركة الفنية في السعودية، ونموذج مبدع بإسهاماتها الاستثنائية في عالم الفن وتأثيرها العميق على المشهد الثقافي السعودي على مستوى عالمي، وكان من أحدث إسهاماتها كونها قائد مبادرة "أسبوع فن الرياض"، مؤكدة بأن هذه المبادرة تعكس الإيمان العميق بدور الفن في الإلهام والتحدي والتواصل، ومشيرةً إلى أن الحدث لا يقتصر على عرض أعمال فنية استثنائية، بل يسعى إلى خلق مساحة تتقاطع فيها الأفكار والرؤى الإبداعية، بما يعكس ديناميكية مدينة الرياض وتطورها المستمر. آية البكري آية البكري الرئيس التنفيذي لمؤسسة بينالي الدرعية الصورة من موقع Sotheby's تتولى آية البكري منصب الرئيس التنفيذي لمؤسسة بينالي الدرعية، وقائدتها نحو نقلة نوعية لمنظومة الفن في المملكة، والتي تنظم حدثين عالميين في المملكة العربية السعودية بالتناوب هما: بينالي الدرعية للفن المعاصر وبينالي الفنون الإسلامية، كأحداث ثقافية عالمية تعكس رؤية المملكة الطموحة في تعزيز مكانتها الحضارية والثقافية، حيث جاء تولي البكري المتخصصة في الثقافة المعاصرة لهذا المنصب القيادي نظير امتلاكها لخبرات تتجاوز العشر سنوات في قطاع الفنون في أوروبا والمملكة العربية السعودية، وسعيها لأن تصبح معلمة ووسيطة بين عالم الفن السعودي والمجتمع الثقافي الدولي، هذا بالإضافة إلى سعيها إلى تعزيز فرص التواجد الفني السعودي في المنصات الدولية، عبر التعاون مع الفنانين السعوديين والمعارض وجامعة الأعمال الفنية لتمثيل المملكة العربية السعودية على المستوى الدولي. د. عفت فدعق الدكتورة عفت فدعق الفنانة والقيم الفني الدكتورة "عفت عبدالله فدعق" عضو مجلس إدارة هيئة الفنون البصرية، أكاديمية مرموقة تدور أعمالها حول الفنون والثقافة والتراث في المملكة العربية السعودية، ومهتمة بالتقاطع ما بين الفن والعلم والتقنية، وتمتلك خبرات فنية متنوعة، وتتميز بمشاركاتها وأعمالها المميزة في عدة معارض فنية، واكتسابها لخبرات متنوعة كمستشارة في الفنون الجميلة والتصميم وكمقيمة ومنسقة فنية للعديد من المعارض والمحافل الفنية المتنوعة، ومن أبرزها اختيارها ضمن أعضاء لجنة تحكيم "طويق للنحت 2023"، والقيمة الفنية السعودية لاحتفال نور الرياض 2024، كما أنها مؤسسة استوديو "نقش للفنون" في مدينة جدة، وهو عبارة عن منصة للطلاب والأكاديميين والفنانين لممارسة أعمالهم، ومناقشة واستكشاف ممارسات الفن المعاصر. ليلى الفداغ ليلى الفداغ الصورة من موقع theartgorgeous تعد "ليلى الفداغ" من الكفاءات الوطنية المتميزة والمساهمة في مواكبة التطور الثقافي الشامل الذي تعيشه المملكة بفضل رؤية المملكة 2030، وكإحدى الشخصيات التي تقود التحول الرائد في المشهد الفني السعودي في مجال المتاحف، نظير خبراتها المتنوعة في هذا المجال، فهي تشغل حاليا منصب مديرة متحف "القدية" وكانت قد شغلت قبل هذا المنصب منصب مدير عام المتحف الوطني لأكثر من عامين ونصف خلال عامي 2021 و 2023 ، وعملت خلال هذه الفترة على تنفيذ خطط تطوير المتحف الوطني والارتقاء بتجربة الزائر من حيث تطور الخدمات والمحتوى المتحفي، كما تتضمن خبراتها العمل أميناً لمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء" حيث أسهمت في إقامة أول معارض المركز وأشرفت على افتتاح المتحف ثم رئيساً له، إضافة لمشاركتها في تأسيس جائزة إثراء للفنون التي تعد أكبر جائزة معاصرة على مستوى الوطن العربي. أحمد ماطر أحمد ماطر الصورة من موقع دار كريستيز "أحمد ماطر" الفنان السعودي المبُدع الذي يأتي في طليعة القطاع الثقافي في الشرق الأوسط، يعد صوتاً هامّاً في توثيق الحياة المعاصرة في المملكة العربية السعودية وموقعها ضمن السياق العالمي، فلقد كان أول فنان سعودي معاصر تُعرَض أعماله من قِبل المتاحف الغربية الكبرى، بما فيها متحف بروكلين في نيويورك، ومؤسسة سميثسونيان في واشنطن العاصمة، ويعد الفنان أحمد ماطر إحدى الشخصيات الملهمة التي تقود التحول الرائد في المشهد الفني السعودي، نظرا لإسهاماته الكبيرة في عالم الفن والتأثير الواضح لمشاركاته الفنية على المشهد الفني الثقافي السعودي، فهو عضو مجلس إدارة معهد مسك للفنون المعهد الرائد لدعم المواهب الفنية السعودية، كما يفتح أبواب معمله الفني في حي جاكس بالدرعية، أمام المواهب الشغوفة بالفنون والثقافة لتطوير إبداعاتهم الفنية. مها الملوح مها الملوح الصورة من موقع sculpturesofjeddah تعد الفنانة السعودية المتميزة "مها الملوح" إحدى الفنانات السعوديات اللواتي ساهمن في إحداث تحول في المشهد الفني السعودي المعاصر، حيث تعرض من خلال أعمالها رؤى جديدة تعكس تأثيرات الثقافة العربية التقليدية مع الإبداع الفني الحديث، وتتميز أعمالها بالأسلوب المعاصر الذي يمزج بين التجريد والرمزية، مما يعكس أفكارًا ومفاهيم عميقة حول الهوية، الثقافة، والمجتمع، ويزخر مشوارها بتحقيقها للعديد من النجاحات في العديد من المحافل الفنية المحلية والدولية، هذا بالإضافة إلى مشروعها المسمى "شملات" في الدرعية والذي يعد تجربة فنية رائدة، ترتبط بالتراث والهوية الثقافية السعودية، كمساحة ثقافية أسستها الفنانة السعودية مها الملوح، تضم معرضًا ومساحة لإقامة الفنانين وورش عمل، وتقع داخل بيت طيني قديم قامت الملوح بترميمه بالتعاون مع مكتب "سين" للهندسة المعمارية. مهند شونو مهند شونو الصورة من موقع saudipavilion "مهند شونو" فنان تشكيلي متعدّد التخصصات حاصل على درجة في الهندسة المعمارية، والذي نجح من خلال الجمع بين رقة الأعمال الحبرية على الورق والأعمال التركيبية التكنولوجية الضخمة في ترسيخ مكانته كواحد من الوجوه الفنية الأكثر أصالة وإبداعاً في المملكة العربية السعودية، فيما يستوحي أعماله التأملية السردية من مواضيع علم الأساطير، ورمزية الخطوط، والضوء، والفراغ، وبالإضافة إلى امتلاك الفنان شونو مسيرة فنية متميزة مثل خلالها المملكة في الكثير من المعارض والمحافل الفنية العالمية، فهو يعد إحدى الشخصيات الملهمة التي تقود التحول الرائد في المشهد الفني السعودي، ومن أحدث مجهوداته الداعمة للفنون كونه قيّم لأعمال الفن المعاصر في بينالي الفنون الإسلامية 2025 المقام حاليا في جدة، والذي يعد أكبر معرض للفنون الإسلامية في العالم. راشد الشعشعي راشد الشعشعي من تصوير fujifilmme "راشد الشعشعي" فنان سعودي معاصر، تميز برؤيته الفنية وفلسفته الإنسانية التي تنبع من التأمل والإبداع وبحثه في محيطه وتراثه وتاريخه، حيث مثلت رؤيته المبتكرة عن الحياة والمجتمع محط أنظار واهتمام الفن المحلي والعالمي، فيما عززت أعماله الفنية الإبداعية التفرد والتنوع الثقافي في المملكة، ويعد واحدا من الشخصيات الداعمة للمشهد الفني في المملكة، حيث يعد استديو شعشعي في حي جاكس ملاذا للباحثين عن التجارب الفنية الملهمة التي تعكس عمق وجمال الثقافة السعودية، هذا بالإضافة إلى دوره الداعم للفن من خلال شغله لمنصب مشرف مركز المدينة للفنون، الذي يمثل أيقونة فنيّة لدعم الحراك الفني والثقافي في المنطقة، والذي يعد من أوائل المراكز الفنية في المملكة، التي تسهم في خلق بيئة مناسبة لفناني المنطقة من الشباب والشابات، حيث يحتضن المواهب ويطورها، ويتبنى الأسلوب المعاصر لإثراء الحراك الفني والمجتمعي. د. زهرة الغامدي الفنانة الدكتورة زهرة الغامدي تم استلام الصورة الفنانة الدكتورة "زهرة الغامدي" الحاصلة على درجة الدكتوراه في التصميم والفنون البصرية، إحدى الفنانات السعوديات المتميزات بأسلوبها الفني الفريد من نوعه، وإحدى الشخصيات الفنية الداعمة للمشهد الفني السعودي، وخاصة من خلال كونها إحدى أعضاء مجلس إدارة جمعية الفنون البصرية القائمة على رؤية مفادها دعم وتمكين قطاع الفنون البصرية والجهود القائمة على تطويره ليكون محركاً أساسياً لنمو وازدهار القطاع على المستوى المحلي والعالمي، ولقد برزت الدكتورة الغامدي من خلال أعمالها المتميزة بالأسلوب الحديث والتجريدي الذي يعكس جوانب من التراث العربي والهوية الثقافية السعودية، بالإضافة إلى استخدامها المبتكر للألوان والتقنيات المتنوعة، ولقد عُرضت أعمالها في عدة محافل محلية وعالمية هامة. الصور من مواقع وحسابات الشخصيات المذكورة والجهات التابعة لها.


الشرق الأوسط
١٧-٠٤-٢٠٢٥
- الشرق الأوسط
معرض «معابر» في الرياض... بين التقاليد والمستقبل
في حي جاكس الفني بالعاصمة السعودية تنافست العروض الفنية مستغلة الجو العام المفعم بالإبداع الذي صاحب إطلاق «أسبوع فن الرياض»، في 5 من الشهر الحالي. وبين الاستوديوهات التي قدمت عروضاً جماعية لفنانين صاعدين والمعارض المتفرقة التي أقيمت في أنحاء مدينة الرياض برز معرض بعنوان «معابر: من تراث الماضي إلى آفاق المستقبل» أُقيم في «لفت غاليري»، بحي جاكس. المعرض من تنسيق القيمة الفنية غيداء المقرن، وكما يدل اسمه، يدعو زواره للعبور بين مراحل زمنية مختلفة مستكشفاً الماضي والمستقبل، من خلال التطور الهائل الذي تشهده مدينة الرياض. يشير البيان إلى أن المعرض يبلور مفهوم «العبور والمساحات الانتقالية، الحواف التي يتلاقى فيها الماضي والحاضر والمستقبل»، عبر أعمال 5 فنانين هم: فهد النعيمة، وناصر التركي، وسعد الهويدي، وحمود العطاوي، وبرادلي ثيودور. ينقسم العرض إلى 3 مناطق مترابطة: «جذور في التقاليد»، «المملكة اليوم»، «رؤية للمستقبل». ويربط بين الأقسام المختلفة رسومات برادلي ثيودور الجدارية المزخرفة كخلفية حية تدعو الزوار إلى الدخول إلى عالم يتعايش فيه التاريخ والمعاصر. جانب من معرض "معابر: من تراث الماضي إلى آفاق المستقبل" (خاص) ينقلنا القسم الأول (جذور في التقاليد) إلى المشهد التأسيسي للمملكة العربية السعودية. هنا نرى جداريات فهد النعيمة بضربات فرشته المميزة روح ثقافة البدو، بينما تعكس تركيبات سعد الهويدي المفاهيمية المجسدة على هيئة نوافذ نجدية ملفوفة بأقمشة تقليدية، طبيعة الذاكرة والتراث. تقدم لوحات ثيودور الحيوانات والرموز الثقافية السعودية، المصورة بأشكاله الهيكلية الشهيرة، عدسة معاصرة تتيح لنا رؤية هذه الجذور التاريخية من خلال منظور شخص خارجي عن هذه الثقافة. يشكل فهد النعيمة رمزية الماضي بحروف التجريد في أعماله المستوحاة من رموز بيئية، ففي لوحاته التي تتأمل في الإبل، يقدم النعيمة رؤيته الجمالية لهذه الحيوانات التي تترسخ في الذاكرة الجمعية للمجتمع السعودي، ويعبر عن علاقة فكرية عميقة مع هذا الكائن الذي يشكل جزءاً جوهرياً من تراثه؛ فالإبل بالنسبة له ليست مجرد كائنات حية، بل رموز تكتنز العديد من الدلالات: الصمود، الصبر، العزيمة، العلاقة المتشابكة مع الأرض. النعيمة في أعماله يتخطى القوالب التقليدية للرسم، ولا يكتفي بتوظيف التراث كما هو، بل يعيد تشكيله ليتلاءم مع لغة الفن الحديث، مما يخلق تجربة بصرية حافلة بالتحدي والتجديد. أما الدكتور سعد الهويدي، فيقدم أعمالاً فنية تستدعي الذاكرة الثقافية للمجتمع السعودي عن طريق استخدامه لرموز بصرية مستوحاة من البيئات التقليدية، مثل النوافذ النجدية والأقمشة التي تعكس الروح المحلية. في تركيبته الفنية، يطرح الهويدي أسئلة حول مفهوم الحفظ والإعادة، حول كيف يمكننا إعادة تشكيل ذاكرتنا الثقافية في إطار معاصر يعكس التحديات والمتغيرات التي تواجهها المجتمعات. جانب من المعرض (الغاليري) «المملكة اليوم» يغمرنا في الحاضر الحيوي سريع الخطى. يسلط هذا القسم الضوء على التفاعل بين التقاليد والابتكار؛ حيث يلتقي صخب المدن الحديثة بالنسيج الثقافي الدائم. نرى هنا أعمال حمود العطاوي التي تستخدم مفردات مادية يستخدمها الناس للتسبيح ويخلق منها أعمالاً ملونة تتجاوز التراث لتدمجه بالتكنولوجيا الحديثة. تجسد مسابحه الإلكترونية رحلة الإنسان الذي يواصل الاتصال بالجذور الثقافية عبر الوسائل الحديثة. يستكشف التلوين التجريدي لكتل الألوان في عمل «جبال طويق» للفنان ناصر التركي رسالةَ الأمير محمد بن سلمان بأن «همَّة شعب السعودية مثل جبال طويق لن تنكسر»، مما يعكس حاضرنا وما نعمل عليه لبناء مستقبل مشرق. هذا العمل يُجسِّد الإصرار والقوة، ويعكس روح العزيمة في تحقيق الأهداف. من المعرض (غاليري لفت) أما صور ثيودور النابضة بالحياة للأيقونات المعاصرة، التي تم وضعها على خلفيات تمزج بين الزخارف التقليدية والمواد الحديثة، فتبرز التفاعل الديناميكي بين التراث والحداثة، مما يخلق توازناً بين الماضي والحاضر في رؤية فنية معاصرة تثير الإعجاب وتفتح الأفق لتفسير جديد للأيقونات الثقافية. في هذا الجزء، يتجاوز المعرض الملموس ليستكشف الإمكانات المتعددة لمستقبل المملكة العربية السعودية. من خلال لوحاته التجريدية، يعبّر ناصر التركي عن إيقاع فريد يمتزج فيه الخيال بالواقع. وتصبح أعماله أدوات لفهم العالم وتقديمه بصورة جديدة، لا تجسد الأشكال فحسب، بل تصوغ موسيقى بصرية تنقل المشاهد. تكشف لوحات التركي، التي تمثل مزيجاً من التجريد والرؤية، الأبعاد الداخلية للأشياء؛ حيث تتشابك الألوان والخطوط للتعبير عن العالم الداخلي للجسد والروح. وهو يفتح حواراً بين الطبيعة والإنسانية، ويمثل فنه استكشافاً مستمراً للذات الإنسانية وتساؤلاتها الوجودية. يقدم المعرض أعمال تدعو الزائر لعالم يتعايش فيه التاريخ والمعاصر (خاص) واستكمالاً لذلك، يصور برادلي ثيودور، من خلال شخصياته المتميزة والجريئة، مستقبل المملكة العربية السعودية كقوة جامحة - «حصان بري» يجسد الجمال والقوة والطاقة. وتجسد لوحاته الديناميكية الزخم المبهج لأمة في صعود. ويتعزز هذه الرؤية القوية بنقوش جدارية تعلن أن «كل الأنظار تتجه نحو السعودية»، مما يعكس حضور المملكة المتزايد على مستوى العالم وترقب العالم لسردها المتكشف.


عكاظ
١٦-٠٤-٢٠٢٥
- عكاظ
«أسبوع الفن».. منصة حوار عالمية
حين أتيحت لي الفرصة كفنانة تشكيلية للمشاركة في قلب «حي جاكس» بالدرعية في مبادرة «كوليكت» (Collect) ضمن فعاليات «أسبوع فن الرياض» بشعار «على مشارف الأفق»؛ كانت فرصة نادرة لي لعرض رؤيتي الفنية أمام جمهور متنوع ومحترف، ومثّلت لي محطة مهمة، ليس فقط كفنانة، بل كمواطنة ترى كيف يتحوّل الفن السعودي إلى لغة حوار عالمي. لم تكن مشاركتي مجرد عرض لوحات؛ إنما كان حواراً مفتوحاً مع جمهور متعطّش للفن، وفنانين يشاركون ذات الشغف، ضمن مساحة تحترم التنوّع وتحتفي بالتجربة الفردية، فقدمت مجموعة من الأعمال المستوحاة من الأزياء التراثية لنساء الطائف بأسلوبي الخاص الذي يمزج بين الهوية والتجريد، مع التركيز على حضور المرأة كرمز ثقافي وروحي، فمثلاً: اللون الأحمر الذي يشكّل جوهر أعمالي؛ حمل دلالات القوة والانتماء والحنين، إذ لامس إحساس الزائرين، لذلك اعتبرت هذه المشاركة بمثابة دفعة قوية لي للاستمرار في مشروع فني أحاول من خلاله توثيق الهوية، وإعادة تقديم التراث برؤية معاصرة تلامس روح اليوم. والحقيقة أن «منطقة جاكس» بتصميمها الصناعي وروحها الفنية؛ أضافت بعداً بصرياً رائعاً للتجربة، فالمباني، والإضاءة، والحركة بين المساحات المفتوحة؛ كلها ساهمت في تعزيز حضور الأعمال ومنحها طابعاً معاصراً في قلب مشهد فني متجدد. لقد شعرت في هذه المشاركة بقيمة الأعمال الفنية عندما تتحول إلى لغز بصري مشوق، بحضور مختلف مكونات المشهد الفني السعودي بوجود الحوارات بين المجتمعات الفنية المحلية والعالمية، فبرز دور الفن في الإلهام والتحدي والتواصل، وظهرت مساحة تتقاطع فيها الأفكار والرؤى الإبداعية، فأصبح الأسبوع وجهة فنية نابضة بالحياة، ومنصة حقيقية للحوار الفني والتفاعل الثقافي، بوجود فنانين ونقاد ومهتمين، وجامعي الفنون من مختلف الخلفيات. والأبرز: فكرة المعرض في اختيار عمل فني دون كشف اسم الفنان صاحب العمل (فنان ناشئ أو متمرس) إلا بعد الشراء، وحدس المشتري وحبه للعمل الفني هو من شجعه على الشراء، فأصبحت تجربة الاقتناء أكثر سهولة ومتعة. شكراً لكل من ساهم في تنظيم معرض «كولِكت» وإثراء فعاليته، الذين حرصوا على الاهتمام بالأعمال الفنية والمواهب المحلية، فأتيح للجمهور خوض تجربة فنية فريدة تجمع بين الاكتشاف والدعم والإلهام. أخبار ذات صلة